البلاد الإسلامية بين الحاجة والاستعمار

المرجع الراحل الامام السيد محمد الشيرازي

2018-06-13 05:40

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

الحاجة أساس الفقر

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (احتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأفضل على من شئت تكن أميره)(2).

إن مفهوم الحاجة(3) إذا سيطر على اللاشعور عند الإنسان فإنه يفقد صاحبه إرادته؛ حيث يصبح السؤال والطلب من الآخرين سجية في الإنسان وعادة، وهذه الصفة تحجم وتضعف الإرادة الإنسانية. وأحياناً الحاجة تذل الإنسان وترهقه، وتفقده كرامته وموقعه، وبالتالي سوف يفقد الإنسان نفسه، ويضيع عليه كثير من الفرص، إما بسبب عدم قدرته على اتخاذ الموقف المطلوب في الوقت المناسب، أو بسبب سوء اختياره.

ولو أردنا أن نوسع دائرة الكلام لقلنا: إن فقدان الإنسان لإرادته سوف يزرع في داخله الخضوع والذل؛ فإنه دائماً ينتظر ماذا يحدّد لـه الآخرون، وماذا يقدمون لـه، وهكذا إلى أن يصبح شبيهاً بـ(الإنسان الآلي) أو (الإنسان المسيّر).

وهذه القابلية المذمومة، هي قابلية إتباع الغير إتباعاً أعمى، ونستطيع أن نسميها: قابلية إخضاع الإنسان واستسلامه، أو قابلية العبودية للآخرين، قد ورد في ذمها العديد من الآيات القرآنية والروايات الشريفة. وكم هو رائع تعبير الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال: (احتج إلى من شئت تكن أسيره) وعادة يكون الأسير فاقداً لإرادته واختياره، بل يتصرف حسب ما يملون عليه من الأوامر.

والأمة عندما تصبح بهذه الصورة سوف تكون جسراً لمرور الاستعمار.

عليك بالسوق

في الرواية: إن رجلاً جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ما طعمت طعاماً منذ يومين؟

فقال (صلى الله عليه وآله): (عليك بالسوق).

فلما كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله، أتيت السوق أمس فلم أصب شيئاً فبت بغير عشاء؟.

قال (صلى الله عليه وآله): (فعليك بالسوق).

فأتى بعد ذلك أيضاً فقال (صلى الله عليه وآله): (عليك بالسوق).

فانطلق إليها، فإذا عير قد جاءت وعليها متاع فباعوه بفضل دينار، فأخذه الرجل وجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: ما أصبت شيئاً؟

قال (صلى الله عليه وآله): (هل أصبت من عير آل فلان شيئاً؟).

قال: لا.

قال (صلى الله عليه وآله): (بلى ضرب لك فيها بسهم وخرجت منها بدينار).

قال: نعم.

قال (صلى الله عليه وآله): (فما حملك على أن تكذب؟).

قال: أشهد أنك صادق، ودعاني إلى ذلك إرادة أن أعلم أتعلم ما يعمل الناس، وأن أزداد خيراً إلى خير.

فقال لـه النبي (صلى الله عليه وآله): (صدقت، من استغنى أغناه الله، ومن فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه سبعين باباً من الفقر، لا يسد أدناها شي‏ء).

فما رئي سائل بعد ذلك اليوم.

ثم قال (صلى الله عليه وآله): (إن الصدقة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي)(4).

من استغنى أغناه الله

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (اشتدت حال رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت لـه امرأته: لو أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسألته، فجاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فلما رآه النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله.

فقال الرجل: ما يعني غيري.

فرجع إلى امرأته فأعلمها.

فقالت: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشر فأعلمه.

فأتاه، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله.

حتى فعل الرجل ذلك ثلاثاً.

ثم ذهب الرجل فاستعار معولاً ثم أتى الجبل فصعده فقطع حطباً، ثم جاء به فباعه بنصف مد من دقيق، فرجع به فأكله، ثم ذهب من الغد فجاء بأكثر من ذلك فباعه، فلم يزل يعمل ويجمع حتى اشترى معولاً، ثم جمع حتى اشترى بكرين وغلاماً، ثم أثرى حتى أيسر، فجاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فأعلمه كيف جاء يسأله وكيف سمع النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): قلت لك: من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله)(5).

كيف تغلغل الاستعمار في بلادنا؟

إن أكثر الشعوب الإسلامية كانت قد فقدت إرادتها تحت ظلم حكامها ووطأة الحروب وقمع الطواغيت لها، وهذا ما حصل بالفعل في مختلف البلاد الإسلامية، ونتيجة للحالة الاقتصادية الرديئة، والحالة الاجتماعية المتخلفة، ناهيك عن الجانب الثقافي والسياسي وغيرها، تعرضت الأمة الإسلامية لأبشع صور الظلم والاستعمار، وبالتالي تكوّن في داخلها بعض الأفراد الذين لديهم قابلية لأن يُستعمَروا، فوجد الاستعمار ضالته فيهم، واستطاع الدخول إلى البلاد الاسلامية عبرهم.

وهؤلاء الأفراد على اختلاف مستوياتهم، تارة يكونون أفراداً مثقفين ـ نسبياً ـ إلا أن تقبّل فكرة الاستعمار تعيش في اللاشعور عندهم ولا يملكون أدنى مقدار من إرادتهم.

وتارة يكونون من الأفراد العاديين المضطهدين الذين أرهقتهم الأحداث والسلطات والفقر والحاجة والأجواء الاجتماعية المريضة.

وتارة ثالثة يكونون من الأشخاص الذين يعبدون الجاه والسلطة والجلوس على الكرسي، فيضحون بكل شيء من أجل الحصول على منصب، فيتعاونون مع الظالمين والطغاة والمستعمرين من أجل الوصول إلى مآربهم.

روي عن علي بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتاب بني أمية فقال لي: استأذن لي عن أبي عبد الله (عليه السلام) فاستأذنت لـه عليه، فأذن له، فلما أن دخل سلم وجلس ثم قال: جعلت فداك، إني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالاً كثيراً وأغمضت في مطالبه.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): (لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم ويجبي لهم الفيء ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم، لما سلبونا حقنا ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئاً إلا ما وقع في أيديهم).

قال: فقال الفتى: جعلت فداك، فهل لي مخرج منه؟

قال: (إن قلت لك تفعل؟).

قال: أفعل.

قال لـه: (فاخرج من جميع ما اكتسبت في ديوانهم، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم تعرف تصدقت به، وأنا أضمن لك على الله عز وجل الجنة).

قال: فأطرق الفتى رأسه طويلاً ثم قال: قد فعلت جعلت فداك.

قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة، فما ترك شيئاً على وجه الأرض إلا خرج منه حتى ثيابه التي كانت على بدنه، قال: فقسمت لـه قسمة واشترينا لـه ثياباً وبعثنا إليه بنفقة.

قال: فما أتى عليه إلا أشهر قلائل حتى مرض، فكنا نعوده، قال: فدخلت عليه يوماً وهو في السوق(6) قال: ففتح عينيه، ثم قال لي: يا علي، وفى لي والله صاحبك.

قال: ثم مات فتولينا أمره، فخرجت حتى دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فلما نظر إليَّ قال: (يا علي، وفينا والله لصاحبك).

قال: فقلت: صدقت جعلت فداك، هكذا والله قال لي عند موته(7).

أعوان الظلمة

ثم إن بعض هؤلاء وأولئك من أعوان الظلمة يكونون وليدي الأجواء العامة الرهيبة التي أفرزت لنا أمثالهم.

ومما ساعد على إفراز هذه الحالة أيضاً:

1ـ التخلف الثقافي.

2ـ غياب الوعي السياسي.

3ـ الابتعاد عن الدين الإسلامي.

4ـ التنازل عن الأخلاق الإسلامية العظيمة، التي كان الاسلام دائماً يدعو إلى التحلي بها، والتخلي عن كل مظاهر الانحلال التي تذل الإنسان وتجعله أسير غيره. حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)(8).

وسُئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل: يا رسول الله، ما أفضل ما أعطي المرء المسلم؟

قال (صلى الله عليه وآله): (الخلق الحسن).(9)

وبدخول الاستعمار تراكمت حالات التخلف وإبتعاد الدين عن الحياة، وساءت الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأمة الإسلامية.

ثم أصبح شيئاً فشيئاً همُّ الشعوب الأول هو التخلص من الاستعمار، واتخذت عملية التخلّص منه عدة أشكال:

تارة: بالمواجهة الدامية.

وأخرى: بإنشاء أحزاب، أو تأسيس حركات ثقافية تدعو إلى توعية الناس وتنمية إحساسهم بالمسؤولية، وإعادة الثقة إليهم.

وثالثة: بإنشاء حركات مسلحة سرية، إلى أن تم إخراجه بصورة ظاهرة.

وما تزال الكثير الشعوب تعاني من ارتباط حكوماتها بالاستعمار، أو ما يعرف بالاحتلال من الباطن، علماً أن الطريقة الصحيحة لمواجهة الاستعمار هي طريقة توعية الأمة واتخاذ سياسة السلم واللاعنف بعيداً عن كل مظاهر الخشونة واللاعنف.

مخلفات الاستعمار

كثير من الأمور السلبية تسربت إلى بلادنا الإسلامية عبر الحاجة والاستعمار، فمثلاً الروح القومية(10) التي شتتت الأمة الإسلامية، وإن قيل بأنها لعبت دوراً نسبيا في أوروبا في القرن التاسع عشر ـ بناء على صحة ذلك ـ، فقد سربها الاستعمار إلى بلادنا.

ففي قبال جمعية الاتحاد والترقي(11) التي أرادت تتريك العناصر العربية، نهض البعض من العرب وشكلوا الجمعيات، مثل جمعية الإخاء العربي العثماني(12)، والمنتدى العربي(13) وغيرها، وساعد الاستعمار على إنشاء القومية وترسيخها في بعض بلاد المسلمين. ثم لم يكتف بذلك، بل حاول الاستعمار تحت ذريعة الثقافة والعلم تأسيس الإرساليات الدينية الأجنبية وبعث المؤسسات التبشيرية، من أمريكية وإنجليزية وفرنسية وإيطالية(14).. فإن المبعوثين كانوا يمتزجون بأهل البلاد، ويتخلقون بأخلاقهم، فيبثون فيهم مبادئ مدنية الغرب، عبر المدارس التبشيرية(15)، كالجامعة الأمريكية، والكلية اليسوعية وما أشبه، فكانت هذه المدارس وسيلة لتحقيق مطامع الاستعمار، وحادت عن الغرض العلمي(16).

الاستعمار الاقتصادي

أما مخلفات الاستعمار على المستوى الاقتصادي فإنه عمل على أن تبقى الدول المستعمَرة ـ بالفتح ـ متأخرة صناعياً، كأن يجعل منها سوقاً خصبة لتصريف السلع الغربية من خلال أساليب اقتصادية معينة، حيث يقل الطلب على المنتوج المحلي داخل هذه البلاد، فتتسع دائرة البطالة، ويكون اعتماد السوق والمستهلك المحلي على البضائع الأجنبية، والتي تصل بالعملة الصعبة(17).

ومن جانب آخر عمل الاستعمار على زرع روح الخمول والكسل والاتكالية في الشعوب المسلمة، وأعظم أمر قام به المستعمرون هو ربط الحكم ونظام الحكم بشكل كلي بهذه الدول الاستعمارية، اقتصادياً وسياسياً وأمنياً وغير ذلك. ففي الجانب الاقتصادي يؤدي هذا الارتباط إلى فرض اسلوب اقتصادي يخدم مصالح الاستعمار ويضر بمصلحة البلد الإسلامي، كأن يفرض تسويق نوع خاص من الصادرات أو تحديد نوعية الواردات، أو تحجيم الصادرات أو التحكم في نوعية الصناعات والاستثمارات في البلاد الإسلامية، وبالتالي تظل هذه الدول في حاجة دائمة ومقيدة بمشيئة الدول الاستعمارية، حتى في حال تغيير صورة الحكم.

ولا يخفى أن الاستعمار عندما يعشعش في بلد ما، فإنه يطّلع ويتسلل إلى كل زوايا هذا البلد وكل خفاياه، وعندما يطرد منه فإنه يكون قد امتلك تقارير ومعلومات كاملة حول نقاط الضعف والقوة فيه. فيعمل بعد ذلك على إبقاء نقاط الضعف، واستغلال نقاط القوة لصالحه أو إضعافها، ليتمكن من التلاعب به، فمتى شاء الدخول إليه أو التأثير فيه أو إرباك وضعه قام بذلك، ونقاط القوة متمثلة في الثروات الطبيعية والمصادر الثانوية (التصنيع) وغيرها، ونقاط الضعف عكس تلك، مع بيان ثغرات الحاجة.

الحكومات الإسلامية أدوات الاستعمار

ومن أهم أدوات الاستعمار في بلادنا هؤلاء الحكام الذين لايريدون إلا الشر لشعوبهم مثل أكثر حكوماتنا اليوم إن لم نقل بكلها، فإنها على اختلاف ألوانها وأسمائها هي كمثل ما كان يفعله بعض الكسبة في العراق من قبل؛ حيث كانوا يصنعون من المثلجات أشكالاً وألواناً ويضعون فيها أعواداً من الخشب بمثابة المقبض، وكانت تباع أيام الصيف للأطفال، والأمر الذي كان يجذب الأطفال إليها هو ألوانها المتعددة، ولكنها مع تعدد الألوان يبقى لها طعم واحد.

وكذلك الأمر في كثير من الحكومات التي تحكم بلادنا الإسلامية، تارة تكون الحكومة فيها ملكية أو جمهورية، وكذا الأنظمة في داخلها تارة تعمل بالنظام الشيوعي(18)، وأخرى بالرأسمالي(19)، وثالثة تجري على عدة أنظمة، وهي كلها عبارة عن ألوان مختلفة، ولكن يبقى الأصل واحداً وهو التبعية للاستعمار، وهو الذي يهيئ أجواء الانقلابات العسكرية والمدنية، ويحدد رؤوس الحكم وشكل النظام وأسلوب التطبيق وكلها تعمل لبقاء الحاجة والفقر في البلاد الإسلامية.

قانون الإصلاح الزراعي

في عام (1958م) حدث انقلاب عسكري في العراق أدى إلى تسلم عبد الكريم قاسم(20) ومجموعة من الضباط الحكم. فصدر ما سمي في حينه بقانون (الإصلاح الزراعي)(21)، فأخذوا بعض الأراضي من شيوخ العشائر وملاكها، وقاموا بتوزيعها على الفلاحين، وشجعت الحكومة المزارعين، وهيأت أموراً أخرى لهذه المسألة، إلا أنها كلها باءت بالفشل، إضافة إلى حدوث الفوضى في البلد.

وصادف في ذلك الحين مجيء خبير اقتصادي من أحد البلدان الغربية، فلما سمع بالأمر واطلع على إجراءات التطبيق التي قامت بها الحكومة القاسمية حينها، دار حديث بينه وبين أحد المختصين بذلك، فقال الخبير: هل تملكون أراضي واسعة صالحة للزارعة، لكي تجري فيها عمليات الإصلاح الزراعي؟ ثم هل لديكم لوازمها من مياه وأيد عاملة وأسمدة ومضادات؟

فقال له: نعم نمتلك كل ذلك.

فاستغرب هذا الخبير من الأمر؛ لأنه إذا كانت كل لوازم الإصلاح الزراعي متوفرة، فلماذا الفشل؟!

عندها سأله سؤالاً آخر، فقال له: هل تملكون ثروات طبيعية؟

فقال له: نعم، نحن نمتلك النفط.

عندها قال الخبير: نعم، هنا يكمن السر؛ حيث إنكم تملكون النفط، فإن الإستعمار يعمد إلى تجهيل وصرف الناس عن الاشتراك والعمل في مجالات كثيرة، ويزرع فيهم روح الإتكال على ثروة النفط، كما هو الحال في بعض دول الخليج، فتبقى هذه الدول على حد ثابت من القدرة الاقتصادية(22).

والاستعمار هو الذي يرسم الخطوط العامة للسياسة الخارجية، فمثلاً يقرر بأن كوبا يجب أن تصدر السكر فقط، وأن العراق يصدر النفط فقط، وعلى هذا المنوال. والاستراتيجية التي يعمل وفقها، تارة تكون بصورة مباشرة، وأخرى بواسطة العملاء. فمثلاً عبد الكريم قاسم كان لـه سبعة عشر رفيقاً قبل أن يصل إلى الحكم، ولكن ما إن وصل إلى الحكم وصارت بيده السلطة، حتى اتهم رفاقه بالتخطيط لخيانته، فحكم عليهم بالاعدام، فأعدموا شنقاً حتى الموت، في ساحة أم الطبول في بغداد، كل ذلك بسبب عدم خضوعهم لما يريد أو خوفه من ذلك(23).

كتاب الإصلاح الزراعي

عندما كنا في العراق، صدر كتاب لأحد العلماء عن الإصلاح الزراعي(24)، يتضمن بياناً موجزاً عن رأي الإسلام في النظام الزراعي والعمراني، وبياناً لأحدث الآراء العالمية فيه. وعقد مقارنة بين الزراعة في ظل الإسلام والزراعة في ظل الحكومات التابعة للقوانين الغربية، وغيرها من القوانين الدخيلة، رغم توفر المواد الأولية وغيرها مما يحتاجه المزارع، وقد صودرت الطبعة الأولى من الكتاب من قبل الحكومة العراقية، وسجن صاحب المطبعة وغرم بغرامة ثقيلة، وكان تأليف هذا الكتاب أحد أسباب مطاردة ومضايقة مؤلفه حتى آل الأمر إلى هجرته نتيجة لنشاطه الإسلامي، وقد ذكر وزير الزراعة العراقي آنذاك(25) بأنه يرفض عرض الكتاب في الأسواق؟! فطلبت من أحد الأصدقاء أن يذهب إلى الوزير ويعطيه نسخة من الكتاب، ويطلب رأيه فيه بعد قراءته، وبعد أسبوع اتصل صاحبنا بالوزير وسأله عن الكتاب؟

فأجاب الوزير ضاحكاً: إن كل الذي دون في هذا الكتاب صحيح، ولا يرد عليه أي إشكال(26). ولكن مسألة الإصلاح الزراعي في البلد ليست كل قنواتها بيدي، بل هناك أمور خارجة عن يد الحكومة نفسها، أحدها التأثيرات الدولية على الحكومة ومقرراتها وخططها؛ إذ أن من مصلحة كثير من الدول الغربية أن تبقى مشكلة التخلف الزراعي والإرباك والاضطراب الاقتصادي قائمة في بلادنا.

تبعية البلاد الإسلامية للاستعمار

عندما حدث الانقلاب العسكري ضد عبد الكريم قاسم في (الثامن من شباط سنة 1963م)، وجاء محله (عبد السلام عارف)(27) للحكم، طلبوا من أحد وزراء الحكومة العراقية الجديدة أن يعطي توضيحات عن سوء الأعمال التي يمارسها الرئيس، ثم يقترح عليه لو أنه يعدل إلى غيرها.

فأجاب الوزير: هل تتصورون أن عبد السلام عارف يمتلك الحرية الكافية التي بها يتم إدارة البلاد بشكل أفضل؟!

إن العراق كان ملغوماً بشكل كبير بشبكات التجسس الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية وغيرها، وعبر هذه الشبكات تتدخل تلك الدول، وتستغل الجو القلق والمضطرب دائماً.

فعندما تطلب بريطانيا ـ مثلاً ـ من عبد السلام عارف أن يكون النظام العراقي قائماً على أساس معين، فلا يملك عارف أي رأي أمام رغبة بريطانيا وإرادتها..

وهكذا الأمر في مصر، وفي البلاد التابعة الأخرى.

إذن، فكل ادعاءات التحرر والاستقلال التي تتبجح بها أغلب الحكومات الإسلامية عبر أبواقها وإعلامها، ما هي إلا أكاذيب وخدع وأباطيل لتضليل الرأي العام والشعوب المغلوبة على أمرها.

حوار حول الإصلاح الزراعي المزعوم

ذكر لي أحد الأشخاص ـ أيام المد الشيوعي في العراق: أن هنالك أحد الشيوعيين من الحلة يريد مقابلتك، وبعد أن حذرني ـ الشخص ـ من أن أتكلم بشيء لأن الرجل الشيوعي سيخبر السلطة برأيي حول ما يسمى بالإصلاح الزراعي. (وكان الزمان إبان طغيان عبد الكريم قاسم).

جاء الرجل الشيوعي وكان يظهر أنه مثقف، ومعه الشخص الذي أخبرني عنه.

وبعد مقدمة، قال: المعروف عنك أنك مخالف للإصلاح الزراعي؟

قلت: هل تريد أن نتكلم حول الموضوع من الوجهة السياسية، أو من الوجهة الدينية، أو من الوجهة الاجتماعية؟

قال: وهل يختلف الأمر من الوجهات المختلفة؟

قلت: نعم.

قال: إذن نتكلم من الوجهة الاجتماعية؟

قلت: تفضل.

قال: ألا تعترف بأن الملاكين الكبار والإقطاعيين قد ظلموا الناس الفلاحين المساكين، وامتصوا دماءهم، ولعبوا بمقدراتهم؟

قلت: لنفرض كل ذلك؟

قال: فلابد من إزالتهم، وتوزيع الأرض للفلاحين!

قلت: ولماذا هذا الحل؟

قال: فماذا تصنع؟

قلت: نقول كما قال الإسلام..

قال: وماذا قال الإسلام؟

قلت: نوقف الملاك عند حده، والفلاح عند حده، فلا يظلم الملاك الفلاح ولا يظلم الفلاح الملاك.

قال: وكيف؟

قلت: نجعل أرض الملاك في يده، ونمنعه من ظلم الفلاح. قال: وهل الأرض للملاك؟

قلت: فلمن إذاً؟!

قال: للدولة.

قلت: ولماذا للدولة؟ إن الملاك تعب حتى حصل على الأرض، فلماذا تهدر أتعابه؟!

قال: وهل الإسلام يقر أن يلعب الملاك بملايين الدنانير والفلاح لا قوت له؟

قلت: الإسلام يقول: لكل تعبه وعمله. ويقول: إن الفلاح يجب أن يكون لـه قوت، إما من تعبه، وإن لم يحصل من تعبه فعلى الدولة أن تقوم بالإنفاق عليه.

قال: ولماذا الفرق بين الفلاح والملاك؟

قلت: ولماذا الفرق بين المهندس والعامل، ولماذا الفرق بين السلطة والشعب، ولماذا الفرق بين الطبيب والشخص العادي؟!

قال: لأن أولئك تعبوا ودرسوا، فما يحصلونه من العيش السعيد إنما هو إزاء تعبهم.

قلت: والملاك تعب وجهد، فما حصله إنما هو إزاء تعبه.

قال: إن الملاك حصل على الأرض من جراء النهب والظلم والسلب.

قلت: أي ملاك كان كذلك، كان اللازم على الدولة بعد التحقيق أن ترد الأرض إلى المنهوب منه، أما أن نقول: كل المالكين كذلك، فهذا إدعاء فارغ.

قال: من يميز بين الملاك الظالم والملاك غير الظالم؟

قلت: المحكمة والحاكم والشهود.

قال: لماذا تفاوت الطبقات؟

قلت: هذا شيء طبيعي.

قال: وكيف؟!

قلت: لماذا تقدم الذكي على الغبي، والنشيط على الكسول، والمفكر على العادي؟

قال: جزاءً لتفوقهم الطبيعي.

قلت: وفي الملاك والفلاح، ما المانع من أن يكون التفاوت جزاءً لتفوق الملاكين؟

قال: أليس الأحسن أن نسوي كل الطبقات؟

قلت: الشيوعيون لا يقبلون ذلك.

قال: بل العكس؛ فإن في الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية، كل الناس متساوون.

قلت: فلماذا طبقة تحكم على طبقة؟ ولماذا طبقة لها خصائص دون طبقة؟

قلت: ثم إنكم أيها الشيوعيون عندكم الملاك والفلاح.

قال: وكيف؟

قلت: إنكم تجعلون الملاك الدولة، والفلاح هو الفلاح، وحاله عندكم أسوء من الفلاح عند الملاك.

قال: وكيف؟

قلت: لأن الفلاح عند الملاك، إذا ظلمه الملاك اشتكاه عند الدولة، أما الفلاح عند الدولة إذا ظلمته الدولة، فليس هناك من يشتكي عنده، وكذلك حدث في زمن ستالين(28)، حيث قتل وشرد ملايين الفلاحين، في تطبيق نظام المزارع الجماعية، فهل حدث مثل ذلك تحت ظل القوانين الإسلامية المعترفة بالملاك والفلاح؟

قال: إذاً أنت لا تعترف بظلم الملاك للفلاح.

قلت: نعم لا اعترف بهذا، كما لا اعترف بظلم الفلاح للملاك.

قال: لا نظلم الملاك وإنما نوزع أراضيه بين الفلاحين!

قلت: أليس هذا ظلماً، ثم ولماذا نفعل ذلك؟!

قال: ليكثر الزرع.

قلت: وهل الاتحاد السوفييتي أكثر زراعة أم أمريكا الرأسمالية، إني لا أعترف برأسمالية أمريكا، لكن أريد نقض كلامك، ثم أليس من الأفضل أن نوزع الأراضي البائرة بين الفلاحين ونسعفهم باللوازم، ليكونوا هم (ملاكين) بدون أن نظلم الملاك، وبذلك قد عمرنا كل الأرض، كما كان الإسلام يفعل كذلك؟!

قال: إذا أنت إقطاعي؟

قلت: الإقطاع بهذا المعنى الذي ذكرت ـ أنا ـ نعم، أما بالمعنى الذي أنت تذكر، فلا.

ثم أردفت: فالأفضل أن تترك أنت الشيوعية، وتقبل الإسلام.

قال: إني من المستحيل أن أترك الشيوعية.

قلت: لكنك تهدم بلدك وتظلم الناس.

قال: وكيف؟

قلت: لأنك الآن اعترفت بأن الإسلام خير من الشيوعية، ومع ذلك تقف بعيداً عن الإسلام، وتعتنق المبدأ الذي فيه ظلم الناس، وتقليل للزرع.

قال: وعلى كل.

قلت: يكفيني أن أُثبت لك أنك تهدم البلد وتظلم الناس.

وهنا توسط الشخص الذي جلبه ليقنعه بقبول كلامي، لكنه لم يقبل، وقاما وذهبا، وبعد زمان جاء الصديق، وقال: إني أتعجب من هذا الإنسان! كنت أحسبه مثقفاً وتبين أنه جاهل عنود؛ ولذا الأفضل أن أتركه.

قلت: بل الأفضل أن تصادقه لتنقذه.

الاختلاس وعدم الإخلاص

قبل ما يقارب أربعين سنة زار أحد نواب المجلس الوطني الإيراني صديقاً لـه، وكان أيضاً وكيلاً لمجلس البرلمان، وكانت الزيارة في بيته، فلما دخل بيت صديقه ـ الذي هو وكيل في المجلس مثله ـ تعجب من حاله ووضعه المعيشي الضعيف، حيث كانت حالة بيته والأثاث الموجودة فيه بسيطة وعادية؟! فقال له: لماذا وضعك هكذا، وأنت نائب في المجلس؟

فقال صاحبه: إن وضعي المادي لا يساعدني لأن أكون أفضل من هذه الصورة.

فقال له: أعلمك طريقة تحصل من خلالها على أموال كثيرة، وبها تستطيع أن تحسن حالك المعاشي! والطريقة هي: أن تقوم غداً وعندما يعلنون عن الاجتماع المقبل لوكلاء المجلس، تقوم وتسأل رئيس الوزراء: أين صرفت أموال النفط لهذه السنة؟ وما هي الموارد التي صرفت فيها؟ وأين هي السجلات والاعتمادات في ذلك؟ ثم التزم الصمت ولا تتكلم أبداً، وسترى كيف تأتيك الأموال ليلاً؟ فإذا جاءتك الأموال لا تتسلمها وأخبرني بما يحدث.

وفعلاً قام صاحبه بهذا الأمر، فقال لـه رئيس الوزراء: سوف أتحدث لك بشكل مفصّل في وقت آخر إذا عقدت الجلسة فالوقت لا يسمح بذلك، وفي الليل طرق عليه الباب بعض الأفراد وقدموا لـه مقدار من المال فرفض استلامه.

ثم أخبر صاحبه بالأمر. وفي اليوم التالي قال لـه صاحبه: اليوم أيضاً اعترض في المجلس، وقل نفس الكلام السابق، وفعلاً تم ذلك، وأوصاه بأن لا يقبل المال هذا اليوم أيضاً.

وفي اليوم الثالث قال لـه صاحبه: في هذا اليوم قدم اعتراضك أيضاً، ولكن بصورة أخرى. وإذا جاءوا إليك بالأموال ليلاً فخذها، فإنها أكثر بكثير من الأموال التي جاءوا بها في اليوم الأول والثاني، وإذا لم تستلمها فسيحكم عليك إما بالسجن أو الإعدام أو التبعيد، بعد أن يلقوا عليك تهمة كبيرة، وفعلاً في الليلة الثالثة أخذ الأموال التي جاءوا بها إليه، وقالوا له: خذ هذه الأموال هدية لك من رئيس الوزراء، فأخذها وحسّن بها وضعه المادي!1

هذا نموذج من الحكومات التي تدير البلاد الإسلامية، وهو مثال بسيط لما يتم من حالات الاختلاس وأخذ الرشوة، على حساب الشعب المسلوب المنهوب.

كيف نعالج الوضع؟

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا علي، لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل)(29).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (دعامة الإنسان العقل، والعقل منه الفطنة والفهم والحفظ والعلم، وبالعقل يكمل، وهو دليله ومبصره ومفتاح أمره، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالماً حافظاً ذاكراً فطناً فهماً، فعلم بذلك كيف ولم وحيث، وعرف من نصحه ومن غشه، فإذا عرف ذلك عرف مجراه وموصوله ومفصوله وأخلص الوحدانية لله والإقرار بالطاعة، فإذا فعل ذلك كان مستدركاً لما فات ووارداً على ما هو آت، يعرف ما هو فيه ولأي شي‏ء هو هاهنا ومن أين يأتيه وإلى ما هو صائر، وذلك كله من تأييد العقل)(30).

نحن أمام مشكلتين:

الأولى: أزمة التخلف التي تمر بها شعوبنا الإسلامية.

الثانية: مشكلة وجود هؤلاء الحكام العملاء والدكتاتوريين.

ويمكن أن نعالج كلتا الحالتين معاً؛ وذلك عبر تثقيف الناس وبث الوعي العام بين صفوف الأمة الإسلامية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى عبر تربية أفراد المجتمع الإسلامي وكوادرها على الإخلاص في العمل، وإشعارهم بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عواتقهم. ورويداً رويداً سوف تنتج لنا هذه الشعوب جيلاً يحمل الصفات الإنسانية الرفيعة، والمثل العليا، ويطبق القيم على أرض الواقع، فقد حثت أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) على الإخلاص واعتبرته أفضل العبادة، روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: (أفضل العبادة الإخلاص)(31).

كما جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: (يقول الله: أنا خير شريك، ومن أشرك معي غيري في عمله لم أقبله إلا ما كان لي خالصاً)(32).

أما التثقيف وبث روح الوعي والمعرفة؛ فذلك يتم بأمور منها السعي وراء تأسيس المدارس والمعاهد العلمية والحوزوية، وإنشاء المكتبات العامة، وطباعة المزيد من الكتب والمجلات والجرائد الهادفة، كما نحتاج إلى زيادة عدد المبلغين ونشرهم في كل القرى والأرياف، وذلك في كل منطقة يتواجد فيها مسلم، كما نحتاج إلى تأسيس إذاعات مرئية وصوتية تبين أحكام الإسلام إلى جانب المبادئ الإسلامية والقيم العظيمة، وإرشاد الناس إلى مسألة الاكتفاء الذاتي، وشرح أبعاده وفوائده بصورة مبسطة، ولو بتشجيعهم على ترك الأمور الكمالية التي نحتاج بها إلى الغرب. ولو عمل المسلمون بهذه الخطوات لتقدموا إلى الأمام، مهما قلّت نسبة التقدم.

من برامج التنمية والاكتفاء الذاتي

بطبيعة الحال إن ما ذكرناه آنفاً في (كيفية علاج الوضع) يقف جنباً إلى جنب مع برامج التنمية والاكتفاء الذاتي، حيث هو جزء منها ولا يستهان به مطلقاً، إن الأصل هو إيجاد حالة الوعي ـ الاقتصادي ـ التي تفقدها الأمة، ومن ثم محاولة البناء على هذه الأرضية الخصبة.

ولعل برامج الاكتفاء الذاتي(33) تبدأ أولاً من خلق فرص العمل للمواطنين، وتسهيل أمور العمل وتوفير لوازمه، وفق الحريات الإسلامية الاقتصادية، بلا ضريبة ولا رسوم ولا ما أشبه، فيتم القضاء على حالة البطالة التي تهدم الأمة، وهذه البرامج هي من واجبات الدولة قبل الآخرين، وذلك عبر السعي في تشغيل أكبر قدر ممكن من الشعب، وفتح المعاهد والجامعات التي تهتم بتدريس وتخريج الكوادر الأساسية، التي يقع على عاتقها وضع البرامج للدولة والأمة. ثم محاولة إعطاء أكبر قدر ممكن من الحرية الفكرية لأبناء الشعب، لتحريضهم على الابداع، وتوفير المواد الأولية لذلك، لتتم مراحل الاكتشاف والاختراع والتقدم.

وكذلك وضع الأكفاء المؤهلين في مناصبهم الحقيقية التي بها يتمكنون من إظهار قدراتهم وطاقاتهم في سبيل بناء وخدمة الأمة الإسلامية، وعدم إهدار قوى المجتمع، وإحراق طاقاته، وذلك بجعل المهندس الكيميائي ـ مثلاً ـ معلماً في المدارس الابتدائية، وتنصيب المعلم رئيساً لنقابة المهندسين، بل لابد من توزيع الأدوار بصورة صحيحة وعادلة، ليكون الناتج مثمراً.

وأيضاً إلغاء الضرائب غير المشروعة والعالية، بل فتح متنفس للشعب من خلاله يستطيع أن يبدع.

ثم لابد من إعطاء فرص إنشاء شركات أهلية، تحاول أن تستفيد من المواد الأولية المحلية واستثمارها، وكذلك الشركات الحكومية بشرط عدم الإجحاف بالآخرين، من خلال استخراج المعادن واستكشاف موارد الثروات الطبيعة غير المكتشفة والمستغلة. وتنظيم أمور الناس وغيرها من البرامج، التي تصب في مجال التنمية والتقدم، والحث على الاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتي. وعندها سوف تصبح هذه البرامج تطبيقاً لقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (واستغن عمن شئت تكن نظيره)(34).

نسأل الله عزوجل أن ينعم علينا بالاكتفاء الذاتي والتقدم الاقتصادي للتخلص من التبعية والاستعمار.

(اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة، تعز بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة، بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين).

من هدي القرآن الحكيم

الخسران في العبودية لغير الله تعالى:

قال الله تعالى: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (35).

وقال سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ (36).

وقال عز وجل: قالَ أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ & أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَ فَلا تَعْقِلُون (37).

وقال جل وعلا: ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ(38).

وقال سبحانه: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لـه إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ (39).

الابتعاد عن الإسلام وعاقبته

قال الله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ (40).

وقال سبحانه: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (41).

وقال عزوجل: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لـه مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى(42).

وقال جل وعلا: وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً(43).

وقال عز اسمه: وَأَلَّوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً(44).

العبادة المطلوبة هي الإخلاص

قال الله تعالى: إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ للهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً(45).

وقال سبحانه: وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لـه الدِّينَ(46).

وقال عز وجل: فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لـه الدِّين(47).

وقال جل وعلا: هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لـه الدِّينَ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمِينَ(48).

وقال عز اسمه: وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لـه الدِّينَ حُنَفاءَ(49).

فضيلة العلم والمعرفة

قال الله تعالى: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الأَلْبابِ(50).

وقال سبحانه: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ(51).

وقال عزوجل: أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ(52).

من هدي السنة المطهرة

الإنسان وكرامته في الاستغناء

قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (ويكون استغناؤك عنهم ـ عن الناس ـ في نزاهة عرضك وبقاء عزك»(53).

وقال (عليه السلام): (من أتحف العفة والقناعة حالفه العز)(54).

وقال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس)(55).

العبودية فقط لله عزوجل

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ الَّذِي ابْتَدَأَ خَلْقَكُمْ، وإِلَيْهِ يَكُونُ مَعَادُكُمْ، وبِهِ نَجَاحُ طَلِبَتِكُمْ، وإِلَيْهِ مُنْتَهَى رَغْبَتِكُمْ، ونَحْوَهُ قَصْدُ سَبِيلِكُمْ، وإِلَيْهِ مَرَامِي مَفْزَعِكُمْ؛ فَإِنَّ تَقْوَى اللهِ دَوَاءُ دَاءِ قُلُوبِكُمْ، وبَصَرُ عَمَى أَفْئِدَتِكُمْ، وشِفَاءُ مَرَضِ أَجْسَادِكُمْ, وصَلاحُ فَسَادِ صُدُورِكُمْ، وطُهُورُ دَنَسِ أَنْفُسِكُمْ، وجِلاءُ عَشَا أَبْصَارِكُمْ، وأَمْنُ فَزَعِ جَأْشِكُمْ، وضِيَاءُ سَوَادِ ظُلْمَتِكُمْ، فَاجْعَلُوا طَاعَةَ اللهِ شِعَاراً دُونَ دِثَارِكُمْ، ودَخِيلاً دُونَ شِعَارِكُمْ، ولَطِيفاً بَيْنَ أَضْلاعِكُمْ، وأَمِيراً فَوْقَ أُمُورِكُمْ، وَمَنْهَلاً لِحِينِ وُرُودِكُمْ، وشَفِيعاً لِدَرَكِ طَلِبَتِكُمْ، وجُنَّةً لِيَوْمِ فَزَعِكُمْ، ومَصَابِيحَ لِبُطُونِ قُبُورِكُمْ، وسَكَناً لِطُولِ وَحْشَتِكُمْ، ونَفَساً لِكَرْبِ مَوَاطِنِكُمْ، فَإِنَّ طَاعَةَ اللهِ حِرْزٌ مِنْ مَتَالفَ مُكْتَنِفَةٍ، ومَخَاوِفَ مُتَوَقَّعَةٍ، وَأُوَارِ نِيرَانٍ مُوقَدَةٍ، فَمَنْ أَخَذَ بِالتَّقْوَى عَزَبَتْ عَنْهُ الشَّدَائِدُ بَعْدَ دُنُوِّهَا، واحْلَوْلَتْ لـه الأُمُورُ بَعْدَ مَرَارَتِهَا، وانْفَرَجَتْ عَنْهُ الأَمْوَاجُ بَعْدَ تَرَاكُمِهَا، وأَسْهَلَتْ لـه الصِّعَابُ بَعْدَ إِنْصَابِهَا، وهَطَلَتْ عَلَيْهِ الْكَرَامَةُ بَعْدَ قُحُوطِهَا، وتَحَدَّبَتْ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ بَعْدَ نُفُورِهَا، وتَفَجَّرَتْ عَلَيْهِ النِّعَمُ بَعْدَ نُضُوبِهَا، ووَبَلَتْ عَلَيْهِ الْبَرَكَةُ بَعْدَ إِرْذَاذِهَا، فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي نَفَعَكُمْ بِمَوْعِظَتِهِ، وَوَعَظَكُمْ بِرِسَالَتِهِ، وامْتَنَّ عَلَيْكُمْ بِنِعْمَتِهِ، فَعَبِّدُوا أَنْفُسَكُمْ لِعِبَادَتِهِ، واخْرُجُوا إِلَيْهِ مِنْ حَقِّ طَاعَتِهِ)(56).

وقال (عليه السلام): (قال الله تعالى من فوق عرشه: يا عبادي، اعبدوني فيما أمرتكم ولا تعلّموني ما يصلحكم؛ فإني أعلم به ولا أبخل عليكم بمصالحكم)(57).

وقالت الصديقة فاطمة (عليه السلام): (من أصعد إلى الله خالص عبادته أهبط الله إليه أفضل مصلحته)(58).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (خرج الحسين بن علي(صلوات الله عليهما) ذات يوم على أصحابه فقال بعد الحمد لله جل وعز، والصلاة على محمد رسوله (صلى الله عليه وآله): يا أيها الناس، إن الله ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه..)(59).

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): (في التوراة مكتوب: يا ابن آدم، تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، ولا أكلك إلى طلبك، وعليَّ أن أسد فاقتك، وأملأ قلبك خوفاً مني، وإن لا تفرغ لعبادتي أملأ قلبك شغلاً بالدنيا، ثم لا أسد فاقتك وأكلك إلى طلبك)(60).

ما هو الإخلاص؟

سُئل سيد الأولون والآخرون نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) عن الإخلاص؟

فقال: (سألته عن جبرئيل، فقال: سألته عن الله تعالى، فقال: الإخلاص سر من سري أودعه في قلب من أحببته)(61).

وعن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن لكل حق حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يحمد على شيء من عمل)(62).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (ومن لم يختلف سره وعلانيته وفعله ومقالته فقد أدى الأمانة وأخلص العبادة..)(63).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (والعمل الخالص: الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عزوجل)(64).

فضيلة العلم والمعرفة

قال الرسول الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله): (بالعلم يطاع الله ويُعبد، وبالعلم يُعرف الله ويوحد، وبه توصل الأرحام،ويعرف الحلال والحرام، والعلم إمام العقل)(65).

وقال (صلى الله عليه وآله): (أفضلكم إيماناً أفضلكم معرفة)(66).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (المعرفة نور القلب)(67).

وعن أبي الصلت الهروي قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) لما دخل نيسابور وهو راكب بغلة شهباء وقد خرج علماء نيسابور في استقباله، فلما صار إلى المربعة تعلقوا بلجام بغلته، وقالوا: يا ابن رسول الله، حدثنا بحق آبائك الطاهرين، حديثا عن آبائك صلوات الله عليهم أجمعين.

فأخرج رأسه من الهودج وعليه مطرف خز فقال: (حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين سيد شباب أهل الجنة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أخبرني جبرئيل الروح الأمين عن الله تقدست أسماؤه وجل وجهه، قال: إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، عبادي فاعبدوني، وليعلم من لقيني منكم بشهادة: أن لا إله إلا الله مخلصا بها أنه قد دخل حصني، و من دخل حصني أمن عذابي)

قالوا: يا ابن رسول الله، وما إخلاص الشهادة لله؟

قال (عليه السلام): (طاعة الله و رسوله وولاية أهل بيته (عليهم السلام)(68).

........................................
الهوامش: تهميش: مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر-بيروت لبنان
(1) غوالي اللآلي: ج1 ص40 ف4 ح41.
(2) الإرشاد: ج1 ص303 باب طرف من أخبار أمير المؤمنين (عليه السلام)، من كلامه في وصف الإنسان.
(3) حوج: الحاجَةُ والحائِجَةُ: المَأْرَبَة، معروفة. وجمع الحائِجَة حوائجُ. قال الأَزهري: الحاجُ جمعُ الحاجَةِ، وكذلك الحوائج والحاجات. والحاجَةُ في كلام العرب، الأَصل فيها حائجَةٌ، حذفوا منها الياء، فلما جمعوها ردوا إِليها ما حذفوا منها فقالوا: حاجةٌ وحوائجُ، فدل جمعهم إِياها على حوائج أَن الياء محذوفة منها. وحاجةٌ حائجةٌ، على المبالغة. وقالوا: حاجةٌ حَوْجاءُ. واحْتَجْتُ وأَحْوَجْتُ كَحُجْتُ. والحُوجُ: الفَقْرُ؛ وأَحْوَجَه الله. والمُحْوِجُ: المُعْدِمُ من قوم مَحاويجَ. وتَحَوَّجَ إِلى الشي‏ء: احتاج إِليه وأَراده. انظر لسان العرب: ج2 ص242 مادة (حوج).
(4) الخرائج والجرائح: ج1 ص90 ب1 فصل من روايات الخاصة.
(5) الكافي: ج2 ص139 باب القناعة ح7.
(6) السوق: النزع، وساق بنفسه سياقاً: نزع بها عند الموت. تقول: رأيت فلاناً يسوق سووقاً أي ينزع نزعاً عند الموت، وقيل: هو يسوق نفسه ويفيظ نفسه وقد فاظت نفسه وأفاظه الله نفسه. ويقال: فلان في السياق، أي في النزع. ويقال: رأيت فلاناً بالسوق أي بالموت يساق سوقاً، وإنه نفسه لتساق. والسياق: نزع الروح. وروي: دخل سعيد على عثمان وهو في السوق، أي: النزع كأن روحه تساق لتخرج من بدنه، ويقال لـه: السياق أيضاً، وأصله سواق، فقلبت الواو ياء لكسرة السين، وهما مصدران من ساق يسوق. انظر لسان العرب: ج10 ص166 مادة (سوق).
(7) الكافي: ج5 ص106 باب عمل السلطان وجوائزهم ح4.
(8) مستدرك الوسائل: ج11 ص187 ب6 ح12701.
(9) وسائل الشيعة: ج12 ص154 ب104 ح15931.
(10) القومية: في الاصطلاح السياسي يقصد بها جملة العوامل المعنوية التي تربط جماعة إنسانية وتضمها في إطار وحدة تعرف بالوحدة القومية، وتعرف هذه الجماعة باسم: الأمة، فمن ثم كانت العلاقة بين القومية والأمة، وبين الأمة والدولة، التي هي تنظيم سياسي يمثل شعباً ذا وحدة قومية يعيش في إقليم معين.
وقد اجتاحت العالم، منذ أوائل القرن التاسع عشر لاسيما في أوروبا تحت تأثير الثورة الفرنسية والثورة الصناعية، حركات قومية كانت تهدف إلى استثارة الروح الوطنية عند عدد من الشعوب، التي كانت إما طامحة في الاستقلال، مثل دول البلقان، أو طامحة في الوحدة السياسية مثل ألمانيا وإيطاليا، باعتبار أن هذا الهدف السياسي لا يتحقق إلا بعد تثبيت أسس الوحدة القومية؛ لهذا كان من وسائلها نشر اللغة القومية وتراثها الفكري، فنشأ حينذاك ما عرف باسم حرب الثقافات وإحياء التقاليد الموروثة والفنون الشعبية، والإشادة بأحداث التاريخ حلوها ومرها، ورفع الشعارات والتغني بالأمجاد الوطنية، وقد مر العالم العربي بهذه المراحل في طريق الدعوة إلى الوحدة القومية بعد أن تحقق لأكثر هذه الدول استقلالها السياسي. انظر القاموس السياسي: ص942 «القومية».
أما القومية العربية فهي حركة سياسية فكرية متعصبة، تدعو إلى إقامة دولة موحدة للعرب، على أساس رابطة الدم والقربى واللغة والتاريخ، في مقابل رابطة الدين التي تجمع بين المسلمين كافة، وقد تولدت هذه الحركة من خلال دعاة الفكر القومي الذين ظهروا في أوروبا. ولا يخفى أن أكثر رعاة القومية هم من المستشرقين وتلاميذهم، أمثال ميشيل عفلق وأضرابه. وكانت بدايات الفكر القومي في الوطن العربي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تمثلت ببعض الحركات السرية أنشأت من أجلها الجمعيات والخلايا في استانبول عاصمة الخلافة العثمانية، ثم أصبحت حركات علنية عبر جمعيات أدبية اتخذت دمشق وبيروت مقراً لها، ثم ظهرت في المؤتمر العربي الأول الذي عُقد في باريس سنة (1912م) كحركة سياسية واضحة الأهداف والمعالم.
وكانت دعوة القومية العربية محصورة في بداياتها في نطاق الأقليات الدينية غير المسلمة، وعدد محدود من المسلمين الذين تأثروا بها، تبنى الدعوة إليها ميشيل عفلق وجمال عبد الناصر وغيرهم، حيث سخروا لها أجهزة الإعلام الواسعة، وإمكانيات الدولة. كما يعد (ساطع الحصري المتوفى 1968م) داعية القومية العربية وأهم مفكريها وأشهر دعاتها، وله مؤلفات عديدة تعد الأساس الذي تقوم عليه فكرة القومية العربية، ويأتي بعده في الأهمية النصراني (ميشيل عفلق) أحد مؤسسي (حزب البعث). ومن أهم مقومات القومية العربية هي: اللغة العربية، والدم، والتاريخ المشترك، والأرض، والآلام والآمال المشتركة، أما الدين فإنه مستبعد من مقومات القومية العربية، وربما يُحارب بشراسة؛ لأنه بزعمهم يُفرّق العرب ولا يوحدهم، وفي هذا يقول شاعرهم:
وسيروا بجثماني على دين بَرهم
هبوني عيداً يجعل العرب أمة
وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم
سلامٌ على كفر يوحد بيننا
ومن المعروف عن القوميين وأهدافهم ودعواتهم أن غرض الكثير منهم الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة، وإقصاء أحكام الإسلام عن المجتمع، والاستعاضة عنها بقوانين وضعية ملفقة من قوانين غربية وشرقية، ولا يخفى أن الاستعمار يساعد على وجود هذه الدعوات وذلك لإبعاد المسلمين والعرب منهم خاصة عن دينهم، وتشجيعاً لهم على الاشتغال بقوميتهم، والدعوة إليها.
(11) الاتحاد والترقي: جمعية عثمانية نشأت في أوروبا كحركة مناوئة للإستبداد ومنادية بالتجديد والتحديث في الدولة العثمانية. كانت في تركيا في بدء أمرها وتسمت باسم جمعية تركيا الفتاة، وقد ركزت على النشاط الفكري. وكان مركزهم الآستانة، طاردهم رجال الدولة العثمانية (في زمن السلطان عبد الحميد) فنقلوا نشاطهم السياسي إلى باريس وسالونيك، حيث انضم إلى صفوفهم العديد من يهود الدونما، وأصبحوا من قيادات الحركة. قاموا بالانقلاب على الحكم العثماني عام (1908م)، وما لبثوا أن أعلنوا الدستور بعد أن عزلوا السلطاني العثماني عبد الحميد عن العرش. أشهر قادة هذه الحركة: طلعت باشا، وجاويد، ثم انضم اليهم بعض العرب مثل: هادي العمري، وحقي العظم، وياسين الهاشمي، وطالب النقيب، وعزيز علي المصري، وسليم الجزائري، وغيرهم، إلا انهم سرعان ما خابت آمالهم نتيجة تبني القادة الأتراك مبدأ الطورانية والتتريك ومعاداة العرب. الموسوعة السياسية: ج2 ص81 حرف الجيم.
نعم، قامت بعض الجمعيات بحركات ضد السلطان عبدالحميد، تحت أسماء مختلفة أهمها حركة تركيا الفتاة، وحركة حزب الاتحاد والترقي، فقد تكونت جمعية سرية في كلية الطب العسكري في اسطنبول، وعرفت باسم جمعية الاتحاد والترقي، واكتسبت هذه الجمعية السرية كثيرًا من الأنصار، وانضم إليها أعضاء جمعية تركيا الفتاة، واتخذوا من جنيف مركزاً لقيادة الجمعية، وانشئوا في باريس جريدة تمثل آراء الجمعية أسموها: الميزان. وهذا الحزب ـ الاتحاد والترقي ـ الذي شمل بعض اليهود في عضويته فقد ورط البلاد في حروب ونزاعات، كانخراط الدولة في الحرب العالمية الأولى، بعد أن قضوا على حكم عبد الحميد، وتبنوا الأفكار التي فرقت بين أبناء الدولة المسلمين، وكانت الماسونية من وراء تلك الجمعيات السّرية تحيك الدسائس والمؤامرات وتقيل عثراتها وتدعم قادتها. فقد نقل في كتاب (أسرار الماسونية) للجنرال جواد رفعت آتلخان: ص22: وفي الواقع أن جمعية الاتحاد والترقي التي خلعت السلطان عبد الحميد عن عرشه هي التي أقامت الاستبداد بعد ذلك، وشهدت البلاد من المآسي ما لم تشهده خلال ثلاث وثلاثين سنة من حكم السلطان...
(12) جمعية الإخاء العربي ـ العثماني: أولى الجمعيات العربية التي تأسست بعد الانقلاب العثماني عام (1908م)، وذلك على يد عدد من الشباب العربي من المشرق العربي، وكان هدفها الحفاظ على الدستور الجديد وتحسين أوضاع المقاطعات العربية في الدولة العثمانية، على أساس المساواة الحقيقية مع الأجناس الأخرى في الدولة، وإقرار التعليم باللغة العربية ونشرها وحفظ التراث العربي، وقد اشترطت الجمعية عروبة المولد والوطن في أعضائها، ومارست نشاطاً علنياً وأسست فروعاً لها، وتلقت تبرعات من المغتربين العرب في أمريكا، وأصدرت صحيفة الإخاء، ومارست تأثيراً على صحف المهجر. انظر موسوعة السياسة: ج2 ص82 حرف الجيم.
(13) المنتدى الأدبي العربي: جمعية سياسية أدبية أسسها بعض رجال العرب من الأدباء والشباب ورجال السياسة، هدفها المعلن إنماء الحياة الثقافية بين العرب، وترقية الصلات بين الأوساط الثقافية في الولايات العربية، التي منها الدولة العثمانية. كان لهذه الجمعية فروع كثيرة، وسرعان ما اتجهت نشاطات المنتدى إلى تنظيم الأعمال السياسية السرية التي تهدف إلى الخلاص من الحكم العثماني. فقامت السلطات التركية عام (1915م) بملاحقة واعتقال المنتسبين لهذا المنتدى والقضاء عليه، وحكم على رئيسه عبد الكريم الخليل بالإعدام في بيروت بتهمة الخيانة العظمى. انظر الموسوعة العربية الميسرة: ج7 ص3327 حرف الجيم.
(14) الإرساليات الأجنبية: إن مصطلح (إرسالية) مأخوذ في الأصل من القاموس الديني المسيحي، ويعني قيام طائفة دينية بإرسال ممثلين أو مندوبين عنها لنشر معتقداتهم، وإنشاء المؤسسات بين أناس يجهلون حقيقة مقاصدهم، والإرساليات الأجنبية مصطلح آخر يدل على البعثات التبشيرية والتعليمية التي انطلقت من أوروبا منذ ما قبل الاكتشافات البحرية باتجاه مناطق آسيا وأفريقيا، ثم تزايدت بعد الاكتشافات وشملت القارة الأمريكية. لقد نالت هذه الإرساليات تشجيع الدول الأوربية، لأنها مهدت نزول الأساطيل الاستعمارية في تلك المناطق، وهي تقسم إلى ثلاثة أقسام: كاثوليكية، وبروتستانتية، وأرثوذكسية. انظر موسوعة السياسة: ج1 ص142 حرف الألف.
(15) المدارس التبشيرية، هي الأيديولوجية التي أقامتها الكنيسة المسيحية في العالم، الهدف منها تعليم الدين المسيحي ونشره في جميع دول العالم، وبالتالي في السيطرة على مراكز القوى في العالم، وبذلك قامت الكنيسة بنشر المسيحية في أوروبا وآسيا الصغرى، وقد وظفت لها الغرض إمكانيات مادية هائلة وأموال طائلة، مجندين لذلك مئات الآلاف من البشر الاختصاصيين في مجال التبشير للمسيحية. انظر الموسوعة العربية الميسرة: ج1 ص347 حرف الميم.
(16) انظر تاريخ الحضارة الأوربية الحديثة، علي حيدر سليمان: ص428-430.
(17) العملة الصعبة: اصطلاح مالي شاع استخدامه بعد الحرب العالمية الثانية، للدلالة على العملات القوية التي يكون الطلب العالمي عليها وحاجته إليها أكبر من المعروض منها. وأشهر ما انطبق هذا المصطلح بعد الحرب العالمية الثانية على الدولار الأمريكي، فقد كانت جميع الدول تقريباً بحاجة إلى الاستيراد من الولايات المتحدة الأمريكية، فزاد الطلب على الدولار لسد قيمة هذا الاستيراد زيادة كبيرة، وقد أدى ذلك أن أصبح اصطلاح العملة الصعبة يطلق على الدولار الأمريكي بصفة أساسية. انظر موسوعة السياسة: ج4 ص244 حرف العين.
(18) وهو نظام قائم على أفكار وعقائد ورؤى اشتراكية تنادي بضرورة وحتمية الإطاحة بالنظام الرأسمالي، وتدعي بأنها تسعى نحو إقامة مجتمع العدل والمساواة في إطار أممي مرتكز على الملكية العامة لوسائل الإنتاج، وخال من التمييز الطبقي والاجتماعي، مع اختفاء الفروق بين الريف والمدينة، والمرأة والرجل. انظر موسوعة السياسة: ج3 ص534 حرف الشين.
(19) نظام اقتصادي يتميز بنمط من الإنتاج يرتكز على تقسيم المجتمع إلى طبقتين أساسيتين:
1ـ طبقة مالكي وسائل الإنتاج (الأرض، المواد الأولية، الآلات والأدوات، والعمل) سواء كانت مكونة من أفراد أو شركات أو مؤسسات، وهم الذين يشترون قوة العمل لتشغيل مشروعاتهم.
2ـ طبقة البروليتاريا، وهي الطبقة المجبرة على بيع قوة عملها؛ لأن ليس لأفرادها وسائل الإنتاج،ولا رأس المال الذي يتيح لهم العمل لحسابهم الخاص. وليس بوسع النظام الرأسمالي البقاء والازدهار إلا بوجود العناصر المهمة من أجل بقائه وهما: احتكار وسائل الإنتاج لمصلحة طبقة من المالكين ووجود طبقة محرومة من وسائل العيش والثروة، وهي مضطرة لبيع قوة عملها. انظر الموسوعة السياسية: ج2 ص788 حرف الراء.
(20) عبد الكريم قاسم محمد بكر الزبيدي من مواليد (1914م) في بغداد، التحق بالكلية العسكرية عام (1932م). شارك في حرب فلسطين عام (1948م) في جبهة الأردن، انتمى لتنظيم الضباط الأحرار عام (1956م). قام بانقلاب عسكري عام (1377ه‍ ـ 1958م)، أطاح بالحكم الملكي، فقُتل أغلب أفراد العائلة الملكية بما فيهم الملك فيصل الثاني. أعلن الحكم الجمهوري، وألغى المظاهر الديمقراطية في البلاد كالبرلمان والتعددية الحزبية، باستثناء الحزب الشيوعي الذي أضحى الحزب المحبب للسلطة، وألغى الحكم المدني. استمر حكمه قرابة أربع سنوات ونصف تقريباً، تعرض خلالها لعدة محاولات انقلاب واغتيال آخرها في عام (1963م) حيث أطيح به في انقلاب عسكري دبره عبدالسلام عارف مع مجموعة من الضبّـاط البعثيين، أمثال: أحمـد حسن البكر وعبد الكريم فرحان وصالح مهدي عمّاش وغيرهم، أعدم رمياً بالرصاص مع بعض رفاقه في دار الإذاعة في التاسع من شباط (1963م).
(21) هو تقييد الملكية الزراعية، بحيث لا تتجاوز حداً معيناً، ونزع ملكية ما تجاوز عن ذلك الحد بقصد توزيعه في ملكيات صغيرة، وقد يصاحب ذلك تنظيم العلاقات الاقتصادية الأخرى في القطاع الزراعي، وقد بدأت حركة ما يسمى الإصلاح الزراعي في عهد عبد الكريم قاسم بعد عام (1958م).
(22) تبلغ نسبة الاحتياطي الخليجي من النفط إلى احتياطي دول العالم حوالي (3ر65%)، حيث يقدر احتياطي النفط في العام (5ر896 مليار برميل) منها (660 مليار برميل) نفط احتياطي دول الخليج. منها (255 مليار برميل) نفط احتياطي السعودية فقط. (مجلة العربي: العدد 358 ـ سبتمبر 1988م).
ويبلغ احتياطي العراق النفطي (112 مليار برميل) وهو يضع العراق في المرتبة الثانية عالمياً بعد السعودية.
يقول رعد القادري المتخصص في الشؤون العراقية في مؤسسة (بتروليوم فاينانس): النفط العراقي كنز القرن الميلادي الحادي والعشرين. ويمثل زهاء (12%) من الاحتياطي العالمي المعروف، وسترتفع هذه النسبة وإن لم يتم اكتشاف المزيد من الحقول النفطية العراقية؛ ذلك أن الاحتياطي الموجود حالياً في مناطق أخرى غير منطقة الخليج آخذ في النضوب تدريجياً.
(23) حيث تطبيق شعار: (الثورة تأكل رجالها)، كما هو حال كل الانقلابات العسكرية والثورات الدموية التي تغير أنظمة الحكم بطريقة عنيفة غير سلمية، فقبل أن تنقضي سبعة أسابيع على قيام ثورة عبد الكريم بدأت مرحلة الإعداد للتفرد الكامل بالسلطة، حيث صدر قانون (معاقبة المتآمرين على سلامة الوطن ومفسدي نظام الحكم)، وشكلت لتنفيذه محكمة عسكرية باسم (المحكمة العسكرية العليا الخاصة) أنيطت رئاستها للعقيد (فاضل عباس المهداوي) ابن خالة عبد الكريم قاسم، وكانت تبث وقائعها تلفزيونياً مباشرة، وأطلق عليها أسماء من قبيل (محكمة الشعب) و(محكمة المهداوي) و(محكمة الشغب)، والمحاكمة السرية التي لم تذاع كانت محاكمة عبد السلام عارف، الذي كان الرجل الثاني في الثورة وقد حدثت في شهري تشرين الثاني وكانون الأول لعام (1958م)، وقد ثبتت وقائعها في الجزء الخامس من كتب المحكمة المذكورة التي غطت أربعة وعشرين مجلداً. وفي (آذار 1959م)، وقع تذمر عسكري في الموصل، بقيادة عبد الوهاب الشواف، بمؤازرة بعض الدول العربية، وتمكن عبد الكريم قاسم من قمعه، والتنكيل بالمؤيدين لحركة الشواف. وقام عبدالكريم قاسم بعد اندلاع ثورة الشواف في الموصل بإشاعة أجواء الإرهاب التي سمحت للشيوعيين ارتكاب المجازر في الموصل وكركوك وغيرها من مدن العراق، فاستغل عبد الكريم قاسم هذه الظروف وانقض على العديد من رفاقه في تنظيم الضباط الأحرار من الذين لا يتفقون معه فاعدم منهم نحو (21) ضابطاً في آذار (1959م) ثم أعدم بعد ذلك في (آب وأيلول 1959م) اثنين وعشرين ضابطاً آخر بالإضافة إلى الحكم على سبعة وعشرين ضابطاً بالأشغال المؤبدة، ومن أشهر هؤلاء المعدومين العقيد رفعت الحاج سري الذي كان مديراً للاستخبارات العسكرية بعد الثورة، وناظم الطبقجلي.
وكانت قد أثيرت شبهات كثيرة حول علاقة عبد الكريم قاسم بالشرق والغرب، فقد قال بعض رفاقه أنه منذ عام (1956م) اعتنق الشيوعية، بل أكد نيكيتا خروشوف، رئيس الاتحاد السوفيتي، أن عبد الكريم قاسم كان منتسباً إلى الحزب الشيوعي العراقي قبل أحداث ثورة 1958 بأربعة أعوام. وقيل إن عبد الكريم قاسم كان على صلة وثيقة بجار لـه في السكن، كان أجنبياً من أصل بولندي وجاء للعراق أثناء الحرب العالمية الثانية وعاش في بغداد، وكان هذا البولندي جاسوساً لبريطانيا. ويروي المهداوي ابن خالة عبد الكريم أحد رجاله المخلصين، أنه كان يتعجب بينه وبين نفسه كيف تقوم مثل هذه الصداقة بين عبد الكريم قاسم المنتمي لتنظيم الضباط الأحرار وبين أحد جواسيس الإنجليز المشبوهين. بل الغريب والذي اعتبر حجة أثارت الشبهات حول عبدالكريم قاسم، هو أن اعتراف بريطانيا لم يكن فقط بالنظام الجمهوري وإنما بحكومة عبد الكريم قاسم وهو شيء غريب في العرف الديبلوماسي في ما يتعلق باعتراف الدول بالأنظمة السياسية. ونقل أن السفير البريطاني كان قد عَبَر يوم (4 آذار 1959م) نهر دجلة بقارب بخاري من مرسى سفارته مقابل وزارة الدفاع وقابل عبد الكريم قاسم الساعة التاسعة مساءً ودامت المقابلة نصف ساعة أخبر خلالها السفير رئيس الوزراء أن لديه معلومات حول ثورة ضد حكمه يقوم بها الجيش، وبالفعل قامت ثورة الشواف في الموصل يوم (8 آذار). وبالطبع اعتبر تحذير السفير البريطاني لعبد الكريم قاسم تعزيزاً للشبهات. كما اعتبر موقف عبد الكريم قاسم من الماسونية والعناصر المنتمية إليها تعزيزاً آخر لهذه الشبهات. فقد رفض عبد الكريم طلب عبد السلام عارف ملاحقة العناصر الماسونية، بعدما أصدرت الحكومة قراراً بغلق المحافل الماسونية، بل أكثر من ذلك قام عبد الكريم بتعيين بعض العناصر الماسونية السابقة في مناصب عليا، حتى أنه عين اثنين منهم وزراء. ونقل عن الدكتور جابر عمر، وزير التربية في الوزارة الأولى للثورة تأكيده: إن عبد الكريم قاسم كان على علاقة وطيدة بالإنجليز، ولا يقبل مطلقاً المساس بمصالحهم في العراق. وأنه كان حريصاً على ولائه لهم، وتجلى ذلك في حضوره الحفل الذي أقيم في السفارة البريطانية، في وداع السير مايكل رايت، الذي عقد حلف بغداد مع الحكومة الملكية السابقة، والمخطط لسياسة العراق مع نوري السعيد. ويقول أحد الضباط: كان عبد الكريم قاسم عندما يجتمع بالسفير البريطاني، في مقرّه بوزارة الدفاع، يطلب من الجميع مغادرة الغرفة؛ ليظل بمفرده مع السفير البريطاني.
(24) كتاب (الإصلاح الزراعي في الإسلام) من منشورات مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام) في كربلاء المقدسة عام (1383هـ)، وطبع في قم من قبل دار القرآن الكريم عام (1400هـ) وترجم إلى الفارسية، بعنوان (اصلاحات ارضي در إسلام) طبعته مكتبة الإمام المهدي (عليه السلام) ومؤسسة (انتشارات قرآن) في قم المقدسة، من عناوين الكتاب: مستند النظام العمراني الإسلامي، نتائج العمران في نظامي الإسلام والغرب، تدهور العمران في القانون الوضعي، تنظيم إنساني للعمارة والزراعة في الإسلام. الكتاب من تأليفات سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي شقيق الإمام المجدد السيد محمد الشيرازي (أعلى الله درجاته). ولد سماحته في (20 ذي الحجة عام 1360هـ) في كربلاء المقدسة، وتلقى العلوم الدينية على يد كبار العلماء والمراجع في الحوزات العلمية حتى بلغ درجة سامية من الاجتهاد. عرفه الفقهاء العظام والعلماء الأعلام في قم المقدسة، ومن قبلها في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف، بالفقاهة المتقنة، والأصول والفروع، والمعقول والمنقول، والورع والتقوى، وشهدت لـه كذلك الحوزات العلمية سواء في العراق أم في إيران أم غيرهما. نشأ في بيت عريق في العلم، أصيل في النسب، قديم في الفقه والاجتهاد، والتضحية والجهاد، ألا وهو بيت آل المجدد الشيرازي الكبير، وترعرع في أجواء مفعمة بعبير الورع والتقوى، وشذى المباحثة والمدارسة، وتفاعل معها بكل وجوده، وأفنى في اقتنائها دقائق وقته، ولحظات عمره حتى أتقن فن الاستنباط وأحكم مبانيه. حاز على نفس سليمة تواقة للعلم، متسمة بالتقوى والعمل الصالح، دؤوبة على خدمة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) والدفاع عن شريعتهم المقدسة. كتب للفقهاء والمجتهدين بحوثاً استدلالية علمية دقيقة، وقد طبع منها: (بيان الفقه: الاجتهاد والتقليد) و(بيان الأصول: قاعدة لا ضرر ولا ضرار) و (الاستصحاب 3 ج) وتطرق فيها إلى مباحث لم يتطرق غيره لها في هذه الأبواب بالأسلوب الجميل والتحقيق العميق. وكتب مؤلفات عديدة لمختلف المستويات، كشرح الروضة في شرح اللمعة، وشرح الشرائع، وشرح التبصرة، وشرح السيوطي، وشرح الصمدية، والموجز في المنطق، وغيرها.
أتحف الحوزات العلمية ببحثه الخارج في الفقه والأصول منذ أكثر من عشرين سنة، ويحضره الكثير من العلماء الأفاضل وبعض المجتهدين للاستفادة من محضره الشريف. كما تخرّج على يديه جمع من الأعلام المجتهدين، وهناك بعض حلقات درسه مسجلة بالصوت والصورة يمكن للعلماء الأفاضل الرجوع إليها والاستفادة منها.
(25) وهو الدكتور عبد الصاحب علوان.
(26) راجع كلمة الناشر لكتاب (الإصلاح الزراعي في الإسلام): الطبعة الثانية وقد ذكر فيها إن الدكتور عبد الصاحب علوان قال: إن الكتاب صحيح مائة في مائة، ولكنا مأمورون بتطبيق الإصلاح الزراعي المستورد، لا الإسلامي!
(27) عبد السلام محمد عارف، من مواليد عام (1339ه‍ ـ 1921م) في مدينة الرمادي، كان مـن أعضـاء تنظيم الضباط الأحرار، اشتـرك مع عبد الكريم قاسم عام (1377هـ ـ ‍1958م) فـي الإطاحة بالنظام الملكي، وبعد اختلافه مع قاسم أقصي من مناصبه، فعيّن سفيراً فـي العاصمـة الألمانية، ثم ألقي القبض عليه وأودع السجن وصـدر حكم الإعدام عليه وعفي عنه بعد أن قضـى أكثـر مـن سنتين في السجن. أصبح رئيساً للجمهورية بعد الإطاحة بنظام قاسم في 14 رمضان 1382ه‍ ـ 8 شباط عام 1963م) بعدما تحالف مع البعثيين، منح نفسه رتبة مشير. اتّسم حكمه بـالكبت والإرهاب والعصبية القبلية، فاهتم بتعيين الأقارب وأبناء العشيرة والبلدة في إسناد المناصب، بغض النظر عن المؤهـلات والقابليات والكفاءات. اشتهر بالتعصب المذهبي، يقول الدكتور سعيد السامرائي عن عبد السلام ما نصه: كان هذا الرجل لا يحتمل رؤية الشيعي، حتى أنه قطع زيارته لشركة التأمين الوطنية يوماً لأنه وجد أن مدراءها ورؤساء أقسامها وشعبها هم إما من الشيعة أو من المسيحيين، الذين تبوءوا هذه المناصب بكفاءتهم في هذه المهنة التي لا تحتمل وضع غير الكفء فيها. إنقلب على رفاقه البعثيين عام (1963م) وأقصاهم من وزارته وأصدر كتاباً ضدّهم أسماه: المنحرفون، وصم فيه البعثيين بكلّ قبيح من قبيل الشذوذ الجنسي والسرقة وما إلى ذلك. قُتل مع عددٍ من الوزراء في عام (1385ه‍ ــ 1966م) إثر سقوط طائرته قرب البصرة، ويرى البعض أنّ موته كان عملية مدبّرة نتيجة وضع قنبلة في الطائرة.
(28) جوزيف ستالين: رئيس شيوعي بارز، ورجل دولة، حكم الاتحاد السوفيتي حكماً مطلقاً بالظلم والاستبداد من عام (1928 إلى عام 1953م).
نشأ في ظل لينين مفكر الاتحاد السوفيتي، واستلم قيادة الحزب والدولة من بعده ففتك بمعارضيه، ودعم أسس الدولة السوفيتية وفق نظرية (الاشتراكية في بلد واحد) وقاد بلاده نحو الانتصار في الحرب العالمية الثانية، وتقاسم مناطق النفوذ في العالم مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال (مؤتمر يالطا) محولاً الاتحاد السوفيتي إلى إحدى أقوى دولتين في العالم.
ولد يوسف فيساريو، والذي اشتهر باسمه المستعار جوزيف ستالين في مدينة غوري بجمهورية جورجيا من أسرة فقيرة، إذ كان والده إسكافياً سكيراً في حين كانت أمه امرأة متدينة تعمل منظفة للثياب، كانت أمنيتها أن يصبح ولدها كاهناً، فألحقته بمعهد تفليس الديني، ولكنه سرعان ما طرد منه عام (1899م) بسبب آرائه ونشاطاته الثورية.
قاد الاضطرابات العمالية في القوقاز وشارك في نشاط (الولاية القتالية) التي استولت على بعض الملكيات لصالح الحزب الذي كان يعمل فيه وهو (حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي). وبعد انشقاق الحزب إلى مناشفة وبلاشفة، وقف ستالين إلى جانب البلاشفة. تعرض ستالين إلى الاعتقال والنفي مراراً، وفي عام (1906م) نشر ستالين أول دراسة نظرية لـه تحت عنوان الفوضوية والاشتراكية، وفي عام (1912م) عين ستالين بدعم من لينين عضواً في قيادة الحزب الشيوعي البلشفي، اعتقلته السلطات القيصرية ونفته إلى سيبيريا، حيث بقي حتى سقوط النظام القيصري عام (1917م).
تنبه لينين بعد فوات الأوان لخطر تركيز كل السلطة في يد ستالين وخطر ذلك على سياسة الحزب، فكتب في وصيته يقول فيها: (إن الرفيق ستالين قد ركز في يديه قوة هائلة عندما أصبح أميناً عاماً، ولست متأكداً من أنه يعرف كيف يستعمل هذه القوة بالحذر الكافي) بل نصح في ملحق وصيته بإزاحته عن الأمانة العامة إلا أن موازين القوى في داخل الحزب وما يتمتع به من مناورات سياسية، وطموحه الجارف للسلطة كل هذا جعله يتغلب على معارضيه ويفرض نفسه زعيماً أوحداً للحزب والدولة.
أقام دكتاتورية حمراء لا تعرف الشفقة ولا التساهل، فنظم ما بين عام (1934 إلى 1938م) سلسلة محاكمات شهيرة وقام بحركة تطهير تخلص بها من الزعماء الكبار في الحزب الروسي الاشتراكي البلشفي، أمثال تروتسكي، وريكوف. حول ستالين الأراضي الزراعية المستقلة إلى أراضي جماعية أو حكومية. مات ستالين عام (1953م) لخلفه مالتكوف ثم خروشتشيف. راجع الموسوعة السياسية: ج3 ص137 ــ 138، حرف السين.
(29) الكافي: ج1 ص25 كتاب العقل والجهل ح25.
(30) الكافي: ج1 ص25 كتاب العقل والجهل ح23.
(31) بحار الأنوار: ج 67 ص245 ب54 ح19.
(32) المحاسن: ص252 باب الإخلاص ح270.
(33) لقد تحول وحش الاستهلاك إلى مرض عضال تنتشر من خلاله كل أنواع الأوبئة والآلام والعذابات. فمع الأيام تحول الإنسان المسلم من الاكتفاء الذاتي والقناعة بالموجود والمتاح إلى التهافت على الاستهلاك والإنفاق العشوائي بلا حساب، وبدأت تتضح خفايا خطة مدروسة لتوجيه العقول إلى البطون والدخول في متاهة الركض وراء لقمة العيش وتأمين متطلبات الحياة التي لاتنتهي. وكان من أبرز معالم الخطة تخريب وسائل الإنتاج بأي شكل من الأشكال وضرب الزراعة، وفرض حظر على بعض الزراعات ولا سيما زراعة القمح؛ لضمان بقاء يد الشعوب ممدودة للخارج تتسول حيناً وتشتري بدم قلبها لقمة عيشها اليومية أحياناً أخرى. وأسهمت التحولات الاجتماعية والقوانين والأنظمة الجائرة والممارسات المغلوطة ومصادرة الأراضي وتأميم المصانع والهجرة من الريف إلى المدن وتشجيع هجرة الأدمغة والخبرات والعمال المهرة إلى الخارج في تدمير البنيان الاقتصادي والاجتماعي وضرب الكيانات الوطنية من جذورها. كما أسهمت سيطرة وحش الاستهلاك على الشعوب في إكمال عملية التدمير، فأصبحنا نأكل ما لا نزرع، ونلبس ما لا نحيك، ونستخدم ما لا نصنع. وزاد في حدة الأزمة أن الأمر لم يعد يقتصر على الحاجيات الضرورية، بل امتد بشكل شره إلى الكماليات والسلع المغرية، مما أدى إلى تسريع خطوات الانهيار والوصول إلى حالة الإفلاس الاقتصادي. والمؤسف أن الوقوع في هذا الفخ المحكم حدث رغم التجارب السابقة والدروس التي كان يجب تعلمها، فكم من شعوب نالت استقلالها وتغلبت على الاستعمار بسبب اعتمادها على نفسها ونجاحها في تحقيق الاكتفاء الذاتي، بعد أن تحملت الحرمان ورفضت الاستسلام لوحش الاستهلاك لتمد يديها بعد ذلك للتسول وطلب المساعدة. وكم من شعوب أخرى قامت من بين الركام، وقاست الأمرين وقست على نفسها ورضيت بالقليل، لتبني اقتصاداً قوياً متيناً يفرض وجوده على العالم كله وينتقم للهزيمة التي تعرض لها. وجاءت الفورة المصطنعة في العقد الماضي لتزيد من حدة الأزمة وتخلق حالة من الشراهة والتسابق على الإنفاق الاستهلاكي دون التنبه للمخاطر أو الموازنة بإنفاق على مشروعات إنتاجية تمنع اتساع الفجوة وتسد بعض العجز. وكانت النتيجة السقوط في فخ آخر هو فخ الاقتراض والانجرار وراء المغريات التي قدمت لتسهيل عملية سوق الضحية إلى المذبح! مما خلق واقعاً مراً وأليماً نتيجة للاستسلام لوحش الاستهلاك وإغراءات التوسع في طلب القروض، حتى جاء يوم لم تعد فيه غالبية دول العالم الثالث، قادرة على سداد فوائد الديون ـ وعلى رأسها الدول العربية والإسلامية الغنية بالثروات ـ. مما جعلها أسيرة الدائنين وشروطهم ومطالبهم، وكأن الاستعمار العسكري خرج من الباب ليدخل الاستعمار الاقتصادي من النافذة. واكتشفنا بعد فوات الأوان، أن الاستقلال الحقيقي ليس مجرد علم ونشيد وطني وجيش، بل هو عمل وعلم وإنتاج وجهد وعرق واكتفاء ذاتي من الإبرة إلى المدفع، ومن الرغيف إلى الصاروخ.
وأحد أسرار عظمة الشعبين الألماني والياباني هو قدرتهما على بناء أسس متينة لصناعة جبارة وتطوير وسائل الإنتاج لتحقق الاكتفاء الذاتي، وغزو الأسواق العالمية. فقد خرج البلدان من الحرب العالمية الثانية بحالة إفلاس ودمار شامل طال البنى التحتية والمرافق العامة. ولكنهم لم يستسلموا للهزيمة، وشمروا عن السواعد للبناء والتحدي وأقبلوا على العلم وكبتوا شهواتهم ونزعاتهم الإنسانية واكتفوا بالحد الأدنى من مقومات الحياة وحرموا أنفسهم من مختلف أنواع الكماليات إلى أن حققوا المعجزة الاقتصادية التي حولت ألمانيا واليابان إلى اثنتين من أقوى الدول اقتصادياً. وهذه هي المعضلة التي نعاني منها فبدلاً من أن نحد من الإنفاق ونخفض الاستهلاك، نتبارى في الهدر والتبذير ونعطل حركة الإنتاج... وأمامنا مئات الأمثلة الحية التي تبدأ من التماثيل والصور واللافتات التمجيدية إلى السيارات الفارهة والمظاهر الفارغة والدعايات الممجوجة لأفراد وسياسات، والمآدب السخية التي تقام لأفراد قلائل بينما هي تكفي لإطعام المئات. ولا مفر من إعادة النظر في السلوكيات والممارسات الحالية وتجنب الهدر ووضع خطة واضحة لتحويل الانفاق إلى المشاريع المنتجة التي تفتح فرص العمل وتخفف من الاستيراد والاعتماد على المنتجات الأجنبية التي نستخدمها اليوم، فتسيطر علينا كل يوم. وقد تم تغليب المادة على الأخلاق والمثاليات، وهو مرض منتشر في العالم كله، ولكنه محكوم بضوابط وقوانين صارمة على عكس دول العالم الثالث، والدول العربية في مقدمها. فقبل عصر المادة المشؤوم كانت القاعدة هي النزاهة ونظافة اليد والسمعة والذمة، والصدق والامانة، وفي هذه الأيام صارت القاعدة استثناء وبيعت الضمائر والذمم في سوق نخاسة المصالح والمطامع ونزوات الجشع. وكان المال العام شأناً مقدساً لا يجرؤ أحد على مسه أو التعرض لـه أو التصرف به. أما في أيامنا هذه فقد أصبح هذا المال مشاعاً يتناوب على سرقته رؤوس الفساد الذين شكلوا طبقة طفيلية من النصابين والسماسرة واللصوص من أصحاب الضلالة، ومعدومي الضمير والأخلاق الذين أفسدوا المجتمع وكرسوا ظواهر الانحلال والتفكك الاجتماعي وتشجيع عبادة المال وسيادة الطمع والجشع.وقد سمعنا خلال السنوات الأخيرة عن فضائح كثيرة وقصص المآسي التي خلفها الفساد وآثار الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عنه، وما الكشف عن الثروة الخارجية لصدام إلا صورة واقعية واحدة من صور كثيرة لهذه الازدواجية والقدوة السيئة. فبعد أن كان يتحدث عن توزيع الثروة، والذين يملكون والذين لا يملكون، تبين أنه يملك البلايين في مصارف الغرب وشركاته.
ولهذا فإن أي حديث عن إعادة البناء، وإصلاح الأوضاع، وانقاذ الاقتصاد، يظل قاصراً. كما سيفشل إي إجراء لا يمثل حلولاً جذرية تقطع دابر الفساد من جذوره. والحزم مطلوب، ولكنه من دون أخلاق وسيف ونظام محاسبة ورقابة صارم لن يجدي، لأن المال السايب يعلم الناس الحرام. (الناشر)
(34) الإرشاد: ص303 من كلامه (عليه السلام) في وصف الإنسان.
(35) سورة الأعراف: 197.
(36) سورة النحل: 73.
(37) سورة الأنبياء: 66- 67.
(38) سورة الحج: 62.
(39) سورة الأحقاف: 5.
(40) سورة البقرة: 257.
(41) سورة هود: 113.
(42) سورة طه: 124.
(43) سورة نوح: 21.
(44) سورة الجن: 16.
(45) سورة النساء: 146.
(46) سورة الأعراف: 29.
(47) سورة غافر: 14.
(48) سورة غافر: 65.
(49) سورة البينة: 5.
(50) سورة البقرة: 269.
(51) سورة الرعد: 16.
(52) سورة الرعد: 19.
(53) الكافي: ج2 ص149 كتاب الإيمان والكفر باب الاستغناء عن الناس ح7.
(54) غرر الحكم ودرر الكلم: ص392 ق5 ب4 ف3 ح9025.
(55) أعلام الدين: ص262 فصل في قيام الليل.
(56) نهج البلاغة، الخطب: 198 من خطبة لـه (عليه السلام) ينبه على إحاطة علم الله ويحث على التقوى.
(57) بحار الأنوار: ج 68 ص184 ب64 ضمن ح44.
(58) بحار الأنوار: ج 68 ص184 ب64 ضمن ح44.
(59) كنز الفوائد: ج1 ص328 فصل من الحديث.
(60) الكافي: ج2 ص83 باب العبادة ح1.
(61) مستدرك الوسائل: ج1 ص101 ب8 ح92.
(62) مستدرك الوسائل: ج1 ص101 ب8 ح93.
(63) نهج البلاغة، الكتب: 26 من عهد لـه (عليه السلام) إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة.
(64) وسائل الشيعة: ج1 ص60 ب8 ح126.
(65) تحف العقول: ص28 باب ذكره (صلى الله عليه وآله) العلم والعقل والجهل.
(66) بحار الأنوار: ج3 ص14ب1 ح37.
(67) غرر الحكم ودرر الكلم: ص41 ق1 ب1 ف1 ح1.
(68) بحار الأنوار: ج3 ص14 ب1 ح39

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي