لا يوجد كوفيد-20

منظمة الصحة العالمية ترد على أسئلتكم حول فعالية وأمان اللقاحات وطبيعة الفيروس المتغير

وكالات

2020-12-26 04:00

أي اللقاحات أكثر أمانا، وهل أخذه يكون إجباريا؟ وكم مدة فعالية اللقاح، ما المتغيّر الجديد في فيروس كورونا وماذا تعني سرعة انتشاره؟ هذه بعض الأسئلة التي تلقيناها من القراء والمتابعين، على مدارس الأسبوع، استجابة لدعوتنا للمشاركة في فقرة: اسألوا منظمة الصحة العالمية، في مساعينا للبحث عن المعلومة الصحيحة والموثوقة المتعلقة بجائحة كوفيد-19.

د. أمجد الخولي، استشاري الأوبئة في منظمة الصحة العالمية أجاب على أسئلة متابعي أخبار الأمم المتحدة، في حوار مطول ننشره على جزئين. ويتطرق الجزء الأول إلى اللقاحات والمناعة والفيروس المتغيّر، وغيرها من الأسئلة.

أخبار الأمم المتحدة: أهلا بك د. أمجد. نبدأ بسؤال من المتابعين عن أي اللقاحات أكثر أمانا خصوصا مع تعددها وتعدد التكنولوجيا المستخدمة لكل لقاح؟

د. أمجد الخولي: في البداية أشكركم على هذه المبادرة للإجابة عن أسئلة الناس وخاصة أن ثمّة معلومات مغلوطة يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه فرصة لتوضيح بعض الحقائق، ودائما منظمة الصحة العالمية تتحدث عن حقائق مبنية على المعلومات والأدلة.

فيما يتعلق باللقاحات، كما أشار السائل، فهناك الكثير من اللقاحات يتم الحديث عنها، ولا بدّ من الإشارة إلى أن اللقاح كي يتم اعتماده، يجب أن يمرّ بثلاث مراحل أساسية، وهي المراحل الإكلينيكية أو السريرية، وقياس فعاليته ومأمونيته. حتى الآن، عدد قليل جدا أنهى المرحلة الثالثة، رسميا هناك ثلاثة لقاحات أنهت المرحلة الثالثة تماما، وهناك لقاح رابع يُقال إنه في الطور الأخير من إنهاء المرحلة الثالثة. ما يهمّ الآن هو دراسة مأمونية وفاعلية هذا اللقاح من قبل منظمة الصحة العالمية.

من الصعب جدا القول أيّهما أفضل، لأن المأمونية والفاعلية تختلف من لقاح إلى آخر، ولكن من المهم أن ندرك أن المأمونية تُعتبر مرتفعة جدا في كل اللقاحات التي أنهت المرحلة الثالثة، والاختلاف يكون في الفاعلية، وبالطبع اختيار الدولة للقاح الذي ستستخدمه سيكون مبنيا على فاعلية هذا اللقاح بالإضافة إلى توافر البنية الأساسية اللوجستية ودرجة التبريد وسبل نقل اللقاح. إذا هناك أربعة لقاحات، أحدها أرسل كافة البيانات للاعتماد وتم اعتماده من قبل أكثر من جهة علمية، وبدأ بشكل علمي وفعلي استخدامه في عدد من دول العالم، باقي اللقاحات لا تزال تجري بعض التجارب، وفي انتظار إرسال كافة التفاصيل للإعلان عن فعاليتها ومأمونيتها.

أحد القراء يتساءل هل سيكون أخذ اللقاح إجباريا؟

د. أمجد الخولي: من الصعب جدا إجبار أحد على أخذ اللقاح. ولكن بالطبع لكل دولة التشريعات والقوانين الخاصة بها، ولكننا لا نحبّذ فكرة الإجبار، ولكن قد تقوم بعض الدول بفرض شرط لممارسي بعض المهن خاصة المهن الطبية، أن يقوم الفرد بالحصول على هذا اللقاح. قد تقوم بعض الدول بعد ذلك في اشتراط السفر إليها بأخذ اللقاح. هناك فرق بين الفرضية والإجبارية التي سوف تلزمها الدول على مواطنيها وبين بعض الاشتراطات وخاصة المتعلقة ببعض المهن والسفر والمشاركة في بعض الفعاليات، هذا قد يكون أمرا وارد التطبيق ومقبولا علميا لتقليل فرص انتشار المرض.

ماذا تقول لمن يعبّر عن خوفه من الأعراض الجانبية لتلقي اللقاح؟

د. أمجد الخولي: في الحقيقة هذا تخوّف مفهوم ومقبول، ولكن لا بد من القول إن هذا التخوّف ظهر مع كل لقاح. ولقاح كوفيد-19 ليس هو اللقاح الأول في تاريخ البشرية، هناك كمّ كبير، عشرات اللقاحات ظهرت وأثبتت فعاليتها بالرغم من خوف الناس في البداية. التخوّف الذي نواجهه اليوم تم إظهاره من قبل في اللقاح الخاص بشلل الأطفال والدفتيريا والحصبة وغيرها. هذا تخوّف إنساني مقبول، ولكن لا يمكن اعتماد لقاح من قبل منظمة الصحة العالمية أو الجهات العلمية المعتبرة بدون التأكد بشكل كامل من مأمونيته. إذا تم اعتماده من قبل هذه الهيئات، فأؤكد للسائل الاطمئنان تماما، فلا يمكن التهاون في مسألة مأمونية اللقاح أو فعاليته، نحن نواجه طفرة بشرية وعلمية كبرى استطاعت أن تنجز هذا اللقاح في فترة زمنية بسيطة، ولكن لن يكون على حساب فعالية ومأمونية اللقاح.

بعض الأسئلة وردت عن الفيروس المتغير الجديد، هل اللقاح فعّال لمكافحته؟

د. أمجد الخولي: الإجابة القصيرة "نعم". لا يوجد حتى الآن أي دليل علمي أن الطفرة الجديدة أثّرت على فاعلية اللقاح أو فرصة استجابة الفيروس للقاح. وبالتالي الإجابة، نعم حتى الآن لا يوجد ما ينفي هذه الحقيقة.

يُقال إن الفيروس المتغيّر ينتقل بسرعة - أسرع من سابقه، ماذا يعني ذلك؟

د. أمجد الخولي: أشكركم على هذا السؤال. خلال الأيام القليلة الماضية تم الإعلان عن هذا التطور الجديد في المملكة المتحدة وجنوب أفريقيا، وأنه يؤثر على سرعة انتشار الفيروس. من المهم أن نعرف أن الفيروس هو عبارة عن حامض نووي أو تركيبة جينية تحمل الصفات الوراثية للفيروس ومغلفة بغلاف بروتيني، هذا الغلاف يحتوي على عدد من النتوءات أو البروزات البروتينية، وما يحدث هو تغيير في شكل هذه النتوءات، يجعلها تدخل الخلايا البشرية بشكل أكثر سهولة، وبالتالي إذا التقط شخص ما الفيروس، والفيروس لم يكن قادرا على اختراق الخلايا، فهو لن يمرض، ولن تظهر عليه أعراض ولن يكون إيجابيا حتى بالمسحة، وسيموت الفيروس إذا لم يخترق الخلايا البشرية.

ما حدث من هذا التغيّر، جعل الفيروس أكثر سهولة لاختراق هذه الخلايا، وبالتالي لو كنا نتحدث بالسابق على سبيل المثال عن 10% من الأشخاص الذين يتعرّضون للفيروس ويستطيع الفيروس دخول خلاياهم، فهذه النسبة ارتفعت بنسبة 70%، أي بدلا من 10% أصبحت نسبة الأشخاص الذين يمكن أن يُصابوا 17%. هذا رقم كبير بشكل مؤثر ويحتاج المزيد من الإجراءات. ولكن هذه التغييرات تؤثر فقط على دخول الفيروس للخلية حتى الآن، ولكن لم تؤثر بعد على حدّة وقوة المرض، لا تزال نفس المضاعفات ومعدلات الوفيات كما هي، ولكنه ينتشر بشكل أسرع ويصيب الأشخاص بشكل أعلى.

ثمّة من يسأل هل هناك فعلا سلالة جديدة باسم كوفيد-20 COVID-20؟

د. أمجد الخولي: لا يوجد ما يُسمّى بكوفيد-20. هو كوفيد-19 اختصارا لعام 2019 عندما ظهر فيروس جديد، لم يظهر فيروس جديد في عام 2020، كل ما ظهر هو سلالة أو نمط جديد من نفس الفيروس ونفس العائلة، وله نفس الخصائص الجينية، يستطيع الجسم التعرّف عليه من خلال الأجسام المضادة لو سبقت الإصابة أو حصل الشخص على اللقاح. هو نفس الفيروس ولكن حصل عليه بعض التعديلات من الشكل الخارجي أتاحت له فرصة انتشار أكبر ولكن لا يزال نفس الفيروس، لا يوجد ما يُسمّى بكوفيد-20.

ما مدة مفعول اللقاح في جسم الإنسان؟

د. أمجد الخولي: في الحقيقة هذا سؤال لم تتم الإجابة عنه حتى الآن، لا تزال المدة القصوى لفاعلية اللقاح تحت الاختبار. من المهم جدا أن نعلم أن الاختبارات الإكلينيكية لا تزال في طورها الأول منذ عدّة شهور، وبالتالي من الصعب جدا الحكم على المدة التي سوف يعطيها اللقاح من مناعة، ولكن ما نستطيع أن نقوله الآن إنها في حدود ستة أشهر على الأقل، غالبا ستكون أطول من ذلك، لكن حتى الآن لم تستمر الأبحاث مدة أطول، وبالتالي من الصعب التكهن بالفترة النهائية التي ستستمر فيها هذه المناعة، ونتوقع أن تتعدى العام، ولكن ما نقوله يقوم على الأدلة حتى الآن، وهي ستة أشهر.

يتساءل بعض المتابعين عما إذا كان الحصول على التطعيم الموسمي للإنفلونزا قد يضرّ أخذ لقاح الكورونا بعدها؟

د. أمجد الخولي: لا يوجد تضارب بين الاثنين، نحن ننصح بأخذ لقاح الإنفلونزا للفئات الأكثر عرضة لخطر ومضاعفات الإصابة، أي الكوادر الطبية وكبار السن والحوامل والأشخاص ذوي الأمراض المزمنة. وننصح بأخذ لقاح كوفيد-19، ولكن توجد أولويات تم تفصيلها لأن الإنتاج العالمي لا يكفي الاحتياج العالمي، الأولوية هي لكبار السن والكوادر الطبية. لا يوجد أي مانع أو تداخل لأخذ اللقاحين ولكن من المهم معرفة أن لقاح كوفيد-19 لا يعطي حماية من الإنفلونزا، ولقاح الإنفلونزا لا يعطي حماية من كوفيد-19.

لقاح الإنفلونزا يؤخذ في فصل الخريف.. هل لقاح كورونا يجب أن يؤخذ أيضا في وقت معيّن حتى تكون فعاليته أفضل؟

د. أمجد الخولي: لا. الإنفلونزا لها وضع خاص، لأن بها موسمية واضحة. كل عام توجد مجموعة من الفيروسات تكون أكثر انتشارا، الإنفلونزا ليست فيروسا وحيدا، هي مثل عائلة كبيرة فيها مئات الأفراد ويتم اختيار اللقاح الخاص بالإنفلونزا كل عام بناء على الأنواع الأكثر انتشارا ليحتويه هذا اللقاح، وبالتالي يُنصح أخذه بالتحديد في فصل الخريف قبل بدء فصل الشتاء وهو موسم انتشار الإنفلونزا. ما نراه في كوفيد-19 أنه انتشر في فصل الصيف ولم يتأثر بدرجات الحرارة، وبالتالي يُنصح بأخذ اللقاح وقتما يتوفر وعندما يكون الشخص مؤهلا ويقع ضمن الفئات التي لها أولوية لأخذ اللقاح.

هل يجب أن يتأكد المرء من خلوّ الشخص من مرض كورونا عندما يتلقى اللقاح؟

د. أمجد الخولي: لا. من المفترض أن يكون الشخص الذي تمت إصابته من قبل لديه مناعة، ولكن أخذ اللقاح لن يضرّه. من الصعب جدا اختبار كل شخص قبل أخذ اللقاح، ربما لا يوجد أي ضرر بل على العكس قد تكون النتيجة فعّالة أكثر.

هناك من يسأل إذا أخذتُ اللقاح، فمتى يبدأ مفعوله؟ ولماذا يجب أن أستمر بارتداء الكمامة واتباع إجراءات السلامة حتى بعد أخذ اللقاح؟

د. أمجد الخولي: هذا من الأسئلة المهمّة. من المتوقع أن يبدأ مفعول اللقاح بعد أسبوعين من الحصول عليه. الجسم يحتاج لفترة زمنية تتراوح بين أسبوع وأسبوعين، هي تختلف بحسب جسم الإنسان وقوة جهاز المناعة في إنتاج الأجسام المضادة.

هذا سبب المطالبة بالالتزام بالإجراءات الاحترازية واستخدام الكمامة والتباعد البدني. والأمر الآخر هو أن اللقاح لن يكون حلا سحريا ولن يكون بديلا فوريا عن الإجراءات الاحترازية لأنه كما نعلم جميعا لا يوجد لقاح أو علاج بفعالية 100%، دائما ثمّة أشخاص، ربما لأسباب صحية أو وراثية أو أسباب غير معلومة، لن يكونوا قادرين على إنتاج أجسام مضادة. وبالتالي لا نعلم جيدا إذا كنت أنا من هذه المجموعة أم لا. طالما أنه يوجد أشخاص لم يُطعّموا بعد ونسبة المطعمين ومن لديهم المناعة قليلة، فرصة انتقال المرض لا تزال عالية. ننصح دائما بالاستمرار في هذه الإجراءات إلى أن نصل إلى درجة تمنيع مجتمعية عالية جدا وسوف يكون الجميع في أمان، يمكن ساعتها التقليل من الإجراءات الاحترازية.

كم ثمن اللقاح وهل سيُتاح للجميع؟

د. أمجد الخولي: يوجد لقاح تنتجه الشركات يكون له سعر محدد. حتى الآن من يقوم بشراء اللقاح هي الدول وليس الأفراد، وهنا ننظر على مستوى الدول، حتى الآن لم يتم تداوله في الأسواق ليشتريه المواطن العادي، يتم استخدامه بشكل مجتمعي، تقوم الدول بإعطاء اللقاح لمواطنيها بناء على أولوية وخطة. لا أعتقد أنه سيكون عنصرا تجاريا على الأقل في المرحلة الأولى، لأن معظم الإنتاج سيكون إنتاجا إنسانيا، وبخصوص التخوّف من عدم حصول الدول الأكثر احتياجا أو الأقل دخلا على حصتها كاملة من اللقاح، هذا شغل المنظمة الشاغل والمؤسسات الدولية المسؤولة عن توفير اللقاحات منذ شهر نيسان/أبريل، بعد عدّة أشهر من بروز الجائحة، وتم إنشاء "كوفاكس" وهي منصة خاصة لضمان وصول اللقاح بشكل عادل لجميع السكان. وتهدف المنصة لتوفير اللقاح لملياري شخص في كافة دول العالم، خلال عام 2021، وتم توفير جزء كبير منها وسيتم البدء بتوزيعها بمجرد اعتمادها من منظمة الصحة العالمية. الجميع في خطر طالما أن أي شخص في خطر.

ما النطاق الزمني لتوفير اللقاح لأكبر عدد من سكان الأرض؟

د. أمجد الخولي: نستهدف في المرحلة الأولى 20% من السكان. منظمة الصحة العالمية بالإضافة إلى تحالف غافي للقاحات وغيرها من المؤسسات الدولية تستهدف بشكل أساسي دعم الدول الأقل دخلا التي لن تستطيع الشراء المباشر. خلال النصف الأول من 2021 نستهدف حوالي 20% من السكان لتغطية كافة الكوادر الطبية المتعاملة مع المرضى وهم خط الدفاع الأول، بالإضافة إلى كبار السن.

هل فعلا إجراءات تخزين اللقاح وتبريده قد تعيق سرعة وتنظيم توزيع اللقاح؟

د. أمجد الخولي: هذا أحد التحديات الكبرى. بعض اللقاحات تتطلب درجات حرارة شديدة الانخفاض، ولكن المبشّر أن بعض اللقاحات الأخرى لا تتطلب مثل هذه الإجراءات الشديدة، وبالتالي توزيع اللقاحات على الدول سيعتمد على البنية الأساسية لكل الدولة والطبيعة اللوجستية وتوافر اللوجستيات الرئيسية لكل دولة، هي تحديات لكنها لن تمثل عائقا بشكل كبير، خلال الفترة السابقة كانت هناك عشرات اللقاحات قيد التجربة وهذا سيعطي بعض الخيارات للدول لاختيار اللقاح المناسب لكل دولة.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي