هل ستصبح الكمامات جزءا رئيسيا من حياتنا في المستقبل؟
عبد الامير رويح
2020-06-28 07:33
في ظل الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد ومع غياب وجود أي علاج او لقاح خاص لهذا المرض الفتاك، الذي اصاب ما يقرب من 10 مليون انسان واودى بحياة نصف مليون مصاب في مختلف دول العالم، ماتزال جميع الدول والحكومات والمؤسسات الصحية، تركز على تدابير الوقاية الأساسية والحماية الشخصية، المتمثلة بالنظافة المستمرة وغسل اليدين والابتعاد عن التجمعات وخاصة لبس الكمامات، التي تعد اليوم وبحسب بعض الدارسات من اهم سبل الوقاية، حيث نشرت منظمة الصحة العالمية وكما نقلت بعض المصادر، تحديثا لإرشاداتها شمل توصية للحكومات بمطالبة الناس بارتداء كمامات الوجه في الأماكن العامة للمساعدة في الحد من انتشار وباء كوفيد-19.
وشددت المنظمة في التوجيهات الجديدة المدعومة بنتائج دراسات أجريت خلال الأسابيع الأخيرة على أن كمامات الوجه ما هي إلا واحدة من مجموعة من الأدوات التي تقلل خطر انتشار الفيروس. وقالت ماريا فان كيركوف الخبيرة بالمنظمة ”ننصح الحكومات بتشجيع الناس على ارتداء الكمامات. وأضافت ”توصلنا إلى نتائج أبحاث جديدة. لدينا الآن أدلة تفيد بأنه في حال تنفيذ ذلك بالشكل الملائم فإنها (الكمامات) يمكن أن تشكل حاجزا ... أمام الرذاذ الذي يحتمل أن يحمل العدوى“.
وكانت منظمة الصحة قد قالت في السابق إنه لا يوجد دليل يدعم أو يدحض استخدام الأصحاء للكمامات، وكانت توصي دوما بقصر استخدامها على الأشخاص المصابين ومن يقدمون لهم الرعاية. ويرى بعض المراقبين ان الكثير من الدول ومع البدء بتخفيف الاجراءات، قد سعت الى اصدار قرارات جديدة تلزم بضرورة ارتداء الكمامات في الاماكن العامة ومعاقبة من يخالف تلك القرارات.
دراسات مهمة
وفي هذا الشأن تشير دراسة جديدة إلى أن فرض استخدام الكمامة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد في مناطق اعتبرت بؤرا للجائحة ربما حال دون إصابة عشرات الآلاف بالعدوى. بل إن الباحثين في الدراسة التي نشرت في دورية بي.إن.إيه.إس (الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة) قالوا إن استخدام الكمامة أهم من قواعد التباعد الاجتماعي والبقاء في المنزل.
وخلصت الدراسة إلى أن منحنى انتشار العدوى تغير جذريا عندما فُرضت قواعد استخدام الكمامات في السادس من أبريل نيسان في شمال إيطاليا وفي 17 أبريل نيسان في مدينة نيويورك الأمريكية في وقت كانت فيه المنطقتان من أكثر الأماكن تضررا من الجائحة. ورأى الباحثون أن ”هذا الإجراء الوقائي وحده قلل عدد الإصابات بشدة، وذلك بأكثر من 78 ألفا في إيطاليا في الفترة من 6 أبريل وحتى 9 مايو وبأكثر من 66 ألفا في مدينة نيويورك بين 17 أبريل و9 مايو“.
وأضافوا أنه عند سريان القواعد التي تلزم باستخدام الكمامة في نيويورك انخفض معدل الإصابات الجديدة اليومي بحوالي ثلاثة في المئة بينما استمر تزايد عدد حالات الإصابة الجديدة في باقي البلاد. وأشار الباحثون إلى أن الاحتياطات الأخرى المتعلقة بتجنب المخالطة المباشرة، مثل التباعد الاجتماعي والحجر الصحي والعزل وتطهير اليدين، كانت كلها مطبقة قبل فرض استخدام الكمامة في إيطاليا ومدينة نيويورك. وقالوا إن تلك الإجراءات تساعد فحسب في تقليل انتقال الفيروس عبر الاتصال المباشر، بينما تغطية الوجه تساعد في منع انتقال العدوى عبر الهواء. وقالوا ”الوظيفة التي تنفرد بها تغطية الوجه من منع للرذاذ واستنشاق الجسيمات التي تحمل الفيروس في الجو هي سبب الانخفاض الكبير في حالات العدوى“.
من جانب اخر قال ريتشارد ستوت الذي شارك في قيادة الدراسة في جامعة كمبردج ”تدعم تحليلاتنا ضرورة التزام الناس الفوري والشامل بوضع الكمامات“. وأضاف أن النتائج تشير إلى أن استخدام الكمامات على نطاق واسع مقرونا بالتباعد الاجتماعي وبعض إجراءات العزل قد يكون ”وسيلة مقبولة للتعامل مع الوباء وإعادة فتح الأنشطة الاقتصادية“ قبل فترة طويلة من توافر لقاح فعال. ونشرت نتائج الدراسة مجلة ”أعمال الجمعية الملكية أ“ العلمية.
وبحسب الدراسة، فإن التأثير الأكبر يتحقق عندما يرتدي 100% من السكان، أقنعة الوجه، حيث يمكن السيطرة على الوباء ومنع انتشاره بدرجة كبيرة، بل والوقاية من الموجة الثانية والثالثة من المرض، وذلك بافتراض أن أقنعة الوجه فعالة بنسبة 50% فقط في إيقاف انتشار الفيروس.
واختبر الباحثون في الدراسة نماذج مختلفة تتعلق بارتداء قناع الوجه، حيث وجدوا أن ارتداء 25% من السكان لقناع الوجه قادر على تسوية ذروة المرض الأولى، بينما إذا ارتدى 50% من السكان أقنعة الوجه، فإنه سيتم تسوية ذروة أو موجة المرض الثانية والثالثة.
وأكد الباحثون أنه كلما أسرع الأشخاص في ارتداء أقنعة الوجه، انخفضت أعداد المصابين بفيروس كورونا. وبحسب النماذج التي أعدها باحثو الجامعتين البريطانيتين، فإن ارتداء أقنعة الوجه في الأماكن العامة على نطاق واسع، يعجل بالقضاء على الوباء من خلال خفض معدلات انتشار وتكاثر الفيروس، مع الأخذ في الاعتبار الآثار السلبية لارتداء الأقنعة مثل لمس الوجه أو الشعور الزائف بالأمان. بحسب CNN.
وأوضحت الدراسة أن أقنعة الوجه الرخيصة "غير المكلفة" والمصنوعة محليًا، يمكن أن تساعد في منع خسائر كبيرة في الأرواح، كما يمكن أن تقلل من الآثار الاقتصادية لانتشار الفيروس، حيث تمنع أنسجة الأقنعة، قطرات الرذاذ التي ينتقل من خلالها فيروس كورونا. وطالب الباحثون المشاركون في الدراسة، الحكومات بحث المواطنين على ارتداء أقنعة الوجه للوقاية من فيروس كورونا المستجد. وكانت منظمة الصحة العالمية، عدلت من إرشاداتها، ودعت، في وقت سابق، إلى ارتداء الأقنعة القماشية للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا، على الرغم من تعليمات سابقة بعد ضرورة ذلك سوى للمصابين بالمرض.
امريكا
على صعيد متصل اتخذت مسألة وضع الكمامات في الولايات المتحدة بعدا سياسيا حساسا إلى حد تجد شركات الطيران صعوبة في فرضها على الركاب الرافضين استخدامها داخل الطائرات. واختبر يوهانس أيسيلي المصور في وكالة فرانس برس هذا الأمر بنفسه حين استقل رحلة تابعة لشركة أميريكان إيرلاينز للتوجه من مطار "لا غوارديا" في نيويورك إلى مطار "شارلوت دوغلاس" في كارولاينا الشمالية، فجلس محشورا بين راكبين أحدهما لم يكن يضع كمامة. ويروي المصور "سألته إن لم يكن لديه كمامة، فرد أنه يحمل واحدة (...) لكنه مرتاح أكثر بدونها". وتابع "أجبته أنني سأكون أكثر ارتياحا إن وضعها، لكنه رد قائلا: احتفظ بمخاوفك لنفسك!". ولم يتمكن يوهانس من تبديل مقعده لعدم توافر مقاعد فارغة.
وحصل ذلك قبل أن يصبح وضع الكمامات إلزاميا في جميع الرحلات الجوية في الولايات المتحدة الإثنين تفاديا لانتشار فيروس كورونا المستجد. ولا يعفى من وضع الكمامات بحسب التعليمات الرسمية سوى الركاب الذين لديهم أسباب طبية والأطفال الصغار. وأكدت شركتا أميريكان إيرلاينز ويونايتد إيرلاينز أن التعليمات واضحة، وإذا حضر راكب بدون كمامة، لا يمكنه الصعود في الطائرة.
لكن المشكلة تطرح بعد إقلاع الطائرة، ويبدو أن شركات الطيران قررت في نهاية المطاف أن بإمكان الركاب إزالة كماماتهم إن أرادوا. وأوضحت متحدثة باسم يونايتد إيرلاينز "إذا كانت هذه التنظيمات تعرقل رحلة لسبب من الأسباب، ننصح طواقمنا باستخدام مهاراتهم في خفض التصعيد". وتابعت "بإمكانها أيضا تبديل مقاعد ركاب في الطائرة إذا اقتضى الأمر"، غير أن هذا الحل غير ممكن إلا في حال وجود مقاعد شاغرة.
وقال متحدث باسم ساوثويست إيرلاينز "لا نتوقع من موظفينا أن يضبطوا سلوك زبائننا". والواقع أن الطواقم الجوية لا تملك القدرة على إلزام الركاب بالامتثال. وقال مصدر قريب من شركة دلتا إيرلاينز إنه لن يكون هناك شرطي في انتظار الراكب المتمنع عند هبوط الطائرة. وعرضت شركة أميريكان إيرلاينز لطواقمها التدابير الواجب اتخاذها في مذكرة داخلية. وإذا اختار أحد الركاب عدم الالتزام بوضع الكمامة لسبب غير طبي أو ديني، فإن المذكرة تدعو أفراد الطواقم إلى "تشجيعه على الالتزام بدون تصعيد" الحادث.
والتوجيهات ذاتها تنطبق في حال أبدى أحد الركاب "استياء" لعدم التزام ركاب بجانبه، فعلى الطواقم الجوية إبداء بصيرة "لتسوية الوضع". وقال متحدث باسم ساوثويست إيرلاينز "خلال الوباء، علينا أن نعول إلى حد ما على المنطق وحس المسؤولية" لدى الركاب، ملمحا إلى أنه من غير الممكن فرض الالتزام بالتعليمات. ففي مواجهة هذا الموضوع الذي يثير انقساما كبيرا، اختارت الشركات نهج التوفيق، ولو أدى ذلك إلى وجود ركاب لا يضعون كمامات.
وقال أستاذ علم الاجتماع والطب النفسي في جامعة فاندربيلت في ناشفيل جوناثان ميتزل "أعتقد أن هذا غير مسؤول إطلاقا. إذا كان شخص لا يضع كمامة، يجب توقيفه". وشدد على أن عدم وضع شخص كمامة في سيارته أمر، وامتناعه عن ذلك في وسيلة نقل عام ولا سيما طائرة مغلقة أمر آخر. ووجه أصابع الاتهام إلى الرئيس دونالد ترامب قائلا "نجح الرئيس ترامب والجمهوريون في تحويل الكمامة إلى رمز سياسي على ارتباط وثيق بالعداء للأجانب والعنصرية وعوامل أخرى". وهم برأيه يحفزون قاعدتهم "بشكل أساسي" حول فكرة أن وضع الكمامة "إشارة رضوخ" أو أن الذين يضعون كمامات "ضعفاء".
وتقوم بيث ريدبيرد من جامعة نورث وسترن منذ مطلع آذار/مارس بدراسة حول سلوك الأميركيين في ظل وباء كوفيد-19. وتقول إن "الذين يشككون في جدارة دونالد ترامب يؤيدون التباعد الاجتماعي" ومن ضمنه وضع كمامات، في حين أن "المستقلين المؤيدين لترامب يشككون في هذه التدابير". ودعا رئيس لجنة النقل في مجلس النواب الديموقراطي بيتر ديفازيو شركات الطيران إلى مضاعفة جهودهم على صعيد التباعد الاجتماعي، وحضها تحديدا على إبقاء "مسافة مقعد بين الركاب".
اسبانيا
في السياق ذاته جعلت إسبانيا وضع الكمامات في الأماكن العامة إلزاميا على جميع مواطنيها بما في ذلك الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن ست سنوات في إطار التخفيف التدريجي لإجراءات العزل العام المفروضة في البلاد والتي تعد من أكثر الإجراءات صرامة في أوروبا. جاء هذا في أمر أصدرته وزارة الصحة يقضي بضرورة وضع الكمامات في الأماكن العامة المغلقة والمفتوحة إذا استحال على المواطنين الحفاظ على مسافة مترين بين بعضهم بعضا.
ووتيرة الوفيات الجديدة تباطأت إلى أقل من مئة يوميا، ويسعى الائتلاف اليساري بقيادة رئيس الوزراء بيدرو سانتشيث إلى رفع معظم إجراءات العزل العام بحلول نهاية يونيو حزيران إذا لم تتعرض البلاد لموجة ثانية من التفشي. وتطالب الحكومة بتمديد أجل حالة الطوارئ لمدة أسبوعين لتواصل السيطرة على الرفع التدريجي للقيود التي تختلف من منطقة لأخرى.
وسئم البعض من القيود، ويحتشد بضع مئات من المتظاهرين يوميا في التاسعة صباحا لقرع الأوعية والأواني والدعوة لاستقالة الحكومة. وغالبا ما يتجاهل المحتجون، الذين يخرجون بالأساس في أحياء ثرية محافظة، قواعد التباعد الاجتماعي. وخففت مدريد القيود للسماح للأطفال بالخروج وبإعادة فتح المتاجر والشواطئ. لكنها تُبقي على الحجر الصحي المفروض على القادمين من خارج البلاد لأسبوعين آخرين. بحسب رويترز.
وقال سانتشيث لمجلس النواب بينما تواجه حكومة الأقلية التي يرأسها المهمة العسيرة المتمثلة في الحصول على دعم باقي الأحزاب لتمديد حالة الطوارئ ”لم نصل إلى هذا الحد بالكسل وإنما بجهود الفرق الطبية. غيّر المواطنون اتجاه المنحنى. لا يحق لأي أحد إضاعة ما حققناه معا“.
مصر والجزائر
من جانب اخر أصدر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قرارا يلزم العاملين والمترددين على الأسواق والمنشآت الحكومية والبنوك باستخدام الكمامة الواقية، مع فرض غرامة تصل إلى 4000 جنيه (254 دولارا) على المخالفين. وجاء في بيان للحكومة أن قرار رئيس الوزراء يلزم ”العاملين والمترددين على جميع الأسواق أو المحلات أو المنشآت الحكومية أو المنشآت الخاصة أو البنوك أو أثناء التواجد بجميع وسائل النقل الجماعية سواء العامة أو الخاصة بارتداء الكمامات الواقية“ ويُعاقب المخالف ”بغرامة لا تتجاوز أربعة آلاف جنيه“. وكان المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري قال إن الحكومة تعمل على إنتاج كمامات من القماش بسعر خمسة جنيهات للقطعة الواحدة وتصلح للاستخدام لمدة شهر كامل.
في السياق ذاته قررت الحكومة الجزائرية فرض ارتداء الكمامات الواقية في جميع أنحاء البلاد، للحيلولة دون تفشي فيروس كورنا. وأوضح البيان الذي أصدرته وزارة الصحة الجزائرية "يمنع منعا باتا دخول الأماكن العمومية كالأسواق المغطاة وغير المغطاة، والمحال التجارية والمقابر والمرائب وغيرها دون ارتداء كمامة، إضافة إلى احترام مبدأ التباعد المكاني والمسافات".
وجاء هذا القرار الذي فجع نوعا ما الجزائريين كونهم غير متعودين على ارتداء الكمامات، بعد اللقاء الذي جمع الرئيس عبد المجيد تبون بأعضاء اللجنة الوطنية العلمية لرصد وتفشي فيروس كورونا في البلاد. وهذه اللجنة أوصت بفرض ارتداء الكمامات الواقية على الجميع لأنها "لا تقل فعاليتها عن الحجر الصحي".
وبهدف فرض احترام الإجراءات الجديدة، حذرت السلطات الجزائرية من أنها ستنشر عددا من قوات الأمن في المدن والطرق الرئيسية وأنها ستقوم بـ" تغريم المخالفين" مع العلم أن العقوبة يمكن أن تصل إلى السجن النافذ. وفي بيان حذرت الحكومة من أن "كل شخص لا يحترم إجراءات الحجر الصحي، كعدم ارتداء الكمامة الواقية أو عدم احترام مسافة التباعد الاجتماعي بإمكانه أن يعاقب جنائيا". إلى ذلك، كشف رياض محياوي، وهو عضو في اللجنة العلمية لرصد وانتشار فيروس كورونا أن سعر الكمامة الواحدة لن يتجاوز 40 دينارا أي حوالي 0,30 يورو.
وفي حوار مع الإذاعة الجزائرية، أكد أن "الكمامات ستكون متوفرة بشكل كاف في جميع الأماكن"، مضيفا "لا ندري ماذا سيحدث مستقبلا، لكن ارتداء الكمامة عامل مهم. إذا ارتدى الجميع الكمامة نستطيع تجاوز الوباء". من ناحيته، أعلن وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد أن "عملية توزيع 5 ملايين كمامة واقية بشكل مجاني قد بدأت في الجزائر العاصمة ومدينة البليدة"، وهما المدينتان اللتان عرفتا أعلى معدل إصابات بفيروس كورونا. بحسب فرانس برس.
لكن وزير الصحة الجزائري أوضح أن "التوزيع المجاني للأقنعة لن يستمر لفترة طويلة" داعيا الجزائريين "إلى اقتناءها بسرعة في الصيدليات والأماكن المخصصة لذلك". وتابع "أحذر كل الجزائريين بأننا قد نواجه خطرا أكبر. لذا ارتداء الكمامة الواقية لا يجب أن ينظر إليه على أنه مشكلة بل حل لوقف تفشي وباء كورونا والتغلب عليه".
كمامات من نوع اخر
على صعيد متصل وبتصميمات دقيقة لزهور الأوركيد والكاميليا وشخصيات صينية ترمز للحظ الحسن، أصبحت كمامات الحرير الأنيقة التي تصنعها مصممة الأزياء الصينية تشو لي سلعة مرغوبة في ظل تفشي فيروس كورونا. وتقوم تشو، التي شاركت علامتها التجارية للأزياء ديجين، بتصنيع كمامات حريرية مطرزة ومجهزة بفلاتر هواء من طراز إن95 ذي المواصفات العالية منذ فبراير شباط، حتى توفر للحريصين على الموضة خيارات لحماية أنفسهم.
وقالت تشو وهي توضح كيف أتتها فكرة الكمامات التي يمكن إعادة استخدامها والمصنوعة من الحرير الصيني الملون ”عندما أصبح الوضع خطيرا جدا، رأينا أن الكثير من الناس بحاجة إلى تغيير كماماتهم كل أربع ساعات“. وتتوقع تشو أن تكون الكمامات ضرورية في المستقبل القريب. وقامت بتعديل التصميم لتصلح الكمامات للاستخدام خلال فصل الصيف، فصنعتها من قماش حريري أقل سمكا مما يسمح بالتنفس على نحو أفضل في أجواء الطقس الأكثر دفئا.
وتستمتع مصممة الأزياء البالغة من العمر 55 عاما، وهي مديرة التصميم في شركة شاندونغ صنبيرد جارمنت، بإضافة الزخارف الصينية التقليدية إلى عملها. وتصنع تشو أيضا بذلات وقائية ذات تصميمات تغلب عليها الورود وذلك بعدما طلب منها أصدقاؤها تصميم ملابس أنيقة تضمن لهم الحماية أثناء السفر عبر الجو.
ويمكن للشركة أن تصنع نحو 600 كمامة يوميا وتبيعها عبر الإنترنت بسعر 118 يوانا (16 دولارا) للقطعة. وتخطط تشو لتسويقها من خلال دعوة مستخدمين مؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي للمشاركة في بث مباشر على منصات التجارة الإلكترونية، وتأمل في توسيع المبيعات في إنجلترا وإيطاليا. وقالت ”أتمنى أن يضع الناس كماماتي التي تحميهم وتجعل شكلهم جميلا وتجلب لهم الأمان وحسن الطالع“.
من جانب اخر تتخصص مجموعة بقجة ومقرها بيروت في صنع الأثاث بقماش ممتاز، لكن العمال يكرسون وقتهم الآن لخياطة وصنع كمامات الوجه الحريرية الملونة للمساعدة في الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد. وتذهب أرباح الكمامات، التي تبلغ تكلفتها حوالي 35 دولارا، إلى الممرضات على خط المواجهة في الحرب ضد المرض، الذي ضاعف المشاكل ببلد يصارع للنجاة من الانهيار الاقتصادي. ومجموعة بقجة من ضمن عدد من المشاريع التجارية التي تحولت من تصنيع منتجات مثل الأثاث والملابس إلى إنتاج الكمامات. وقالت بارودي إنه حتى الممرضات طلبن بعضا من هذه الكمامات. بحسب رويترز.
وقالت ماريا هبري، وهي من مؤسسي بقجة، ”الكمامات شي حزين، (لكن) لما عطينا هال الطراز (بالانجليزية) هي وكل واحد بيختلف عن التاني رجعنا لفلسفة بقجة إنه الابتسامة دايماً وأن نضل نحاول نشوف الحلو، بالبشع، (نحاول أن نرى الجمال حتى في القبح) هيدي هي“. كما بدأت شركات أخرى في صنع الكمامات، وهي فرصة نادرة في الوقت الذي يضغط فيه الوباء على الاقتصاد المنهار. وزادت الجائحة مشكلات لبنان الذي يعاني بالفعل من أزمة مالية تسببت في خفض قيمة العملة المحلية وزيادة البطالة والتضخم والفقر منذ العام الماضي.