كورونا في العالم: أحدث ما تريد معرفته عن القاتل الحر
عبد الامير رويح
2020-03-16 04:20
يواصل فيروس كورونا المستجد والذي يعرف ايضاً (كوفيد-19)، حصد الرواح وشل الحياة اليومية في اغلب دول العالم، فمع تزايد الاصابات وارتفاع عدد الوفيات سعت بعض الحكومات الى إعلان حالة الطوارئ، وحسب بيانات جامعة "جونز هوبكنز"، ومقرها في الولايات المتحدة، فقد بلغ عدد المصابين بكورونا على مستوى العالم حتى الآن 156400 شخص على الأقل، مع تسجيل 5833 حالة وفاة بسبب الوباء الذي بدأ انتشاره أواخر ديسمبر من مدينة ووهان الصينية، وقد تعافى 73968 شخصا في العالم، وأعلنت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق ، ان فيروس كورونا المستجد الذي يتفشى حول العالم اصبح اليوم "وباء عالميا"، لكنها أكدت أنه لا يزال من الممكن "السيطرة عليه". وبحسب المنظمة، فقد تضاعف الإصابات بالفيروس خارج الصين 13 مرة، كما تضاعف عدد البلدان التي وصل إليها الوباء ثلاث مرات.
ولا تزال الصين أكبر بؤرة للفيروس في العالم، مع 80995 حالة إصابة و3203 حالات وفاة مسجلة، تليها إيطاليا (21157 إصابة و1441 وفاة) وإيران (12729 إصابة و611 وفاة) وكوريا الجنوبية (8086 إصابة و72 وفاة) وإسبانيا (6391 إصابة و196 وفاة). وتحل في المراتب بين السادسة والعاشرة في قائمة الدول الأكثر تضررا بالفيروس في الكرة الأرضية كل من ألمانيا (4585 إصابة وتسع وفيات) وفرنسا (4481 إصابة و91 وفاة) والولايات المتحدة (2952 إصابة و57 وفاة) وسويسرا (1359 إصابة و13 وفاة) والمملكة المتحدة (1143 إصابة و21 وفاة). وفي العالم العربي لا تزال قطر أكبر بؤرة للفيروس مع 337 حالة إصابة مؤكدة، دون تسجيل وفيات. وفي روسيا، سجلت حتى الآن 59 حالة إصابة بالفيروس دون تسجيل حالات وفاة.
ومع تزايد اعداد المصابين بفيروس كورونا لاتزال الشركات الكبرى للأدوية ومؤسسات البحوث والتطوير تسابق الزمن من اجل ايجاد تطوير لقاح جديد والتصدي لانتشار الفيروس، وهو امر قد تطول مدته ووفقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأمريكي (CDC)، يمر تطوير اللقاح بعددٍ من المراحل، يأتي في مقدمتها فهم خصائص الفيروس وسلوكه في المضيف (وهو الأمر المتعذر على صعيد فيروس "كورونا" لصعوبة معرفة نمط انتشاره بين الحالات والدول)، ثم اختبارها على الحيوانات، ثم يتم إجراؤها على البشر لاختبار الاستجابات المناعية في أعدادٍ صغيرةٍ من المتطوعين غير المعرضين لخطر المرض. فإذا وجد أن اللقاح آمن وفعال، فلا بد من اجتياز الموافقات التنظيمية اللازمة. ويلزم أيضًا توفير طريقةٍ فعالةٍ لتصنيعه قبل أن يصبح جاهزًا للتسليم. وبشكلٍ عام، يتطلب تطوير لقاحاتٍ جديدةٍ أمدًا طويلًا يتراوح بين عامٍ واحدٍ وأعوامٍ عدة. وطبقًا لمنظمة الصحة العالمية، قد تمر مدة طويلة قبل أن يتاح لقاح لفيروس "كورونا".
وباء عالمي
وفي هذا الشأن قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس إن المنظمة تصنف تفشي فيروس كورونا الجديد على أنه وباء. وأضاف خلال مؤتمر صحفي ”قلقون للغاية من مستويات الانتشار وشدته ومن مستويات عدم اتخاذ الإجراءات (اللازمة). لذلك وصلنا إلى تقييم مفاده أن كوفيد-19 (فيروس كورونا) يمكن تصنيفه بأنه وباء“. وتفشى فيروس كورونا، الذي ظهر في الصين في ديسمبر كانون الأول، في أنحاء العالم ليتسبب في تعطيل الصناعة ووقف رحلات جوية وإغلاق مدارس وإجبار المسؤولين على تأجيل أحداث رياضية وحفلات.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية تفشي كورونا حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا يوم 30 يناير كانون الثاني عندما كان عدد الحالات التي تأكدت إصابتها بفيروس كوفيد-19 (كورونا) والتي رُصدت خارج الصين أقل من 100 حالة إضافة إلى حدوث ثماني حالات عدوى بالمرض بين البشر. وأضاف المدير العام أنّ عدد الإصابات والوفيات والدول المتأثرة سيزداد "في الأيام والأسابيع المقبلة"، مجدّداً دعوته إلى البلدان للتحرك من أجل "احتواء" الوباء.
وأكّد المدير العام على "ضرورة اعتماد مقاربة أكثر تشدّداً"، مؤكّداً أنّ "دولاً عدّة برهنت أنّه يمكن القضاء على الفيروس أو السيطرة عليه". وأضاف أنّه وعلى غرار الأيام الأخيرة، واصلت المنظّمة دعوة المجتمع الدولي إلى "احتواء" الوباء وعدم الاكتفاء بـ"تخفيف" حدة تداعياته. وفيروس كورونا المستجدّ الذي ظهر في كانون الأول/ديسمبر في الصين انتشر في كل قارات العالم باستثناء أنتاركتيكا (القارة القطبية الجنوبية)، وهو يعرقل الحياة اليومية والدورة الاقتصادية في عدد متزايد من الدول. بحسب فرانس برس.
من جهته قال المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية مايكل راين إنّ إيران وإيطاليا هما في الواجهة و"تعانيان"، محذّراً من أنّ دولاً أخرى ستصبح في وضع مماثل لوضعهما. وأوضح أنّه "حالياً في إيران هناك نقص في أجهزة المساعدة على التنفّس والأوكسجين". ودعا المجتمع الدولي إلى تعزيز نظام المراقبة، وتعزيز حماية مراكز الاستشفاء وعدم التوقّف عن رصد حالات الإصابة وتعقّب المخالطين للمصابين بهدف وقف تفشي الفيروس. وقال راين إنّ "هناك دولاً لا تتواصل جيّداً مع أبنائها"، ودولاً تواجه صعوبات في تنظيم الاستجابة وتنسيقها.
بؤرة جديدة
وفي هذا الشأن أعلنت منظمة الصحة العالمية ا أن أوروبا باتت "بؤرة" فيروس كورونا المستجد، محذرة في الوقت ذاته أنه من "المستحيل" معرفة توقيت بلوغ ذروة الفيروس على المستوى العالمي. وتسارعت الإجراءات الوقائية عبر العالم إذ انتشرت فرق الطوارئ في إسبانيا لدعوة الناس إلى البقاء في منازلهم. وقررت بلجيكا إغلاق كل المقاهي والمطاعم وإلغاء النشاطات الثقافية، كما تم إغلاق برج إيفل ومتحف اللوفر في باريس إلى أجل غير مسمى.
وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس في مؤتمر صحفي بجنيف إن "أوروبا حاليا هي بؤرة وباء كوفيد 19 العالمي"، مشيرا إلى أن عدد الحالات التي تسجل يوميا يفوق عدد الحالات اليومية التي سجلت في الصين خلال ذروة انتشار المرض. وفي وقت تكثف فيه الدول التدابير الاستثنائية لمواجهة الجائحة، اعترفت منظمة الصحة العالمية بأنه لا يزال من "المستحيل" تحديد المرحلة التي يبلغ فيها الفيروس ذروته.
ومن جانبها، قالت ماريا فان كيركوف، وهي إحدى المسؤولات في المنظمة عن التعامل مع فيروس كوفيد-19، "نأمل أن يحصل ذلك عاجلا وليس آجلا" لكن "ذلك يعتمد على رد فعل الدول عند تسجيلها أول إصابة" وإن كانت "مقاربتها صارمة" أم لا. ودعا المدير العام العالم مرة أخرى إلى تتبع فيروس كورونا المستجد قائلا "لا يمكننا مكافحة فيروس إن لم نكن نعلم مكان وجوده. اكتشفوا، اعزلوا، افحصوا وعالجوا كل حالة لكسر سلاسل انتقال كوفيد-19".
وطالب غيبرييسوس أيضا بألا تكون تدابير التصدي التي حددتها الدول مبنية على "الفصل الاجتماعي" بل على مقاربة شاملة تقوم على فحص جميع حاملي الفيروس والبحث عمن اختلطوا بهم ووضعهم في الحجر. وأشار إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة تشمل سياسة رصد "صارمة" للحالات بفضل الفحوص وتتبع المخالطين للمصابين والفصل الاجتماعي وتعبئة السكان، ما سمح بتجنب العدوى وإنقاذ الأرواح.
وأعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إقامة صندوق استجابة تضامني لتلقي مساهمات الشركات، وهو ما قامت به شركتا غوغل وفيس بوك مثلا، وجمعيات خيرية ومؤسسات وأفراد. وطالبت المنظمة بداية شباط/فبراير بتمكينها من جمع 675 مليون دولار لمكافحة الفيروس حتى شهر نيسان/أبريل.
وجاءت تصريحات غيبريسوس بعد إعلان العديد من الدول الأوربية ارتفاعا حادا في عدد الإصابات الجديدة بفيروس كورونا وفي عدد الوفيات. وأصبحت إسبانيا الأكثر تضررا بعد إيطاليا، فقد أعلنت ارتفاعا بنسبة 50 في المئة في الوفيات ليصل العدد الإجمالي إلى 120، وعدد الإصابات إلى 4200. وتجري عمليات المراقبة على الحدود بين الدول الأوروبية ردا على الانتشار السريع للفيروس. وأعلنت إيطاليا، وهي أكثر الدول الأوروبية تضررا، أكثر من 15100 إصابة وألف وفاة. وسجلت فرنسا 2860 حالة وفي ألمانيا سجلت 2369 إصابة، وبلغ عدد الإصابات في بريطانيا 798.
من جانبها أعلنت الولايات المتحدة أن الحظر على المسافرين القادمين من الدول الأوروبية إليها سيشمل بريطانيا اعتباراً من يوم الاثنين. وقد دخل حظر السفر، الذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المسافرين القادمين من 26 دولة أوروبية، حيز التنفيذ في إطار خطة الطوارئ لمواجهة أزمة فيروس كورونا. ويسري الحظر على غير الأمريكيين، الذين كانوا في دول منطقة شينغن خلال 14 يوماً قبل السفر إلى الولايات المتحدة. ووصل عدد الإصابات في الولايات المتحدة إلى ألفين و488 إصابة وعدد الوفيات بالفيروس إلى 51 حالة وفاة. وكان ترامب قد أعلن حالة طوارئ وطنية، مما يسمح له بتخصيص نحو 50 مليار دولار من أموال الإغاثة لمكافحة الفيروس.
ويمنح قانون ستافورد لعام 1988 الرئيس وحده سلطة إصدار أوامر للوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ (Fema) بتنسيق الاستجابة الوطنية "للكوارث الطبيعية" داخل الولايات المتحدة. وقال دونالد ترامب إن "الطوارئ الوطنية" كلمتان كبيرتان للغاية، لكن الإعلان يبدو أكثر إثارة مما هو عليه. وتوجد حاليا أكثر من 30 حالة طوارئ وطنية سارية المفعول. وأعلن ترامب العديد من حالات الطوارئ الوطنية خلال رئاسته، بما في ذلك واحدة العام الماضي، لإعادة توجيه الأموال المخصصة لوزارة الدفاع لبناء جدار، على الحدود الجنوبية مع المكسيك لمنع الهجرة غير الشرعية. وهذه هي المرة الأولى تستخدم فيها حالة الطوارئ الوطنية لمحاربة وباء، منذ أن أصدر الرئيس السابق باراك أوباما أمرا مماثلا لمكافحة فيروس إنفلونزا الخنازير، وذلك في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2009.
احتواء كورونا
من جانب اخر أفادت صحيفة نيويورك تايمزو كما نقلت بعض المصادر، بأن بعض الدول الآسيوية تمكنت على ما يبدو من السيطرة على فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، في وقت يتفشى فيه الوباء سريعا في أوروبا والولايات المتحدة ومناطق أخرى من العالم. وذكرت الصحيفة في تقرير أن سرعة انتشار الوباء في الصين بدأت تخف بعد ارتفاع حاد في حالات الإصابة به أعقبه فرض تدابير صارمة للسيطرة عليه. غير أن مناطق أخرى في قارة آسيا استطاعت تفادي نوبات انتشار كبيرة للفيروس الفتاك باتباع إجراءات أقل صرامة من تلك التي انتهجتها الصين.
وجاء في التقرير الذي أعده عالما الأوبئة بنجامين كولينغ ووي لين ليم، أن هونغ كونغ وسنغافورة وتايوان حققت بعض التقدم في السيطرة على الفيروس بتطبيقها حزمة متباينة من الإجراءات. تقول الصحيفة الأميركية في تقريرها إن الحكومة الصينية اتخذت في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي تدابير غير مسبوقة لاحتواء الفيروس، من بينها المباعدة الاجتماعية.
كما أغلقت السلطات في البر الصيني مدنا كبرى -على رأسها ووهان التي تعتبر مهد الوباء- وفرضت عدة قيود على السفر في عموم البلاد. كما أودعت كلا من كان على اتصال بأي مصاب بالعدوى في فنادق أو بيوت بعد تحويلها إلى محاجر صحية. وأجبرت السلطات الصينية أيضا كل سكان مدينة ووهان تقريبا ومدنا أخرى موبوءة على البقاء في منازلهم. كما أغلقت المدارس ومقار العمل. ووصف الخبيران في مجال الأوبئة في تقريرهما تلك الإجراءات بأنها استثنائية، حيث وُضع زهاء 60 مليون شخص تحت الحجز الصحي في مقاطعة هوبي وسط البلاد، بينما يتوقع أن تظل معظم المصانع هناك مغلقة حتى 20 مارس/آذار الجاري.
ويشير التقرير إلى أن الصين ستتكبد خسائر اقتصادية فادحة ناجمة عن انتشار وباء كورونا. فقد كشفت ثلث المؤسسات الصغيرة والمتوسطة -البالغ إجماليها قرابة ألف مؤسسة والتي استطلع مسح آراءها- أنها لا تملك سوى قليل من المال يكفيها للبقاء على قيد الحياة لمدة شهر واحد فقط. ووفقا للصحيفة، فإن كل تلك القيود آتت أكلها على ما يبدو، ونجحت الصين من خلالها في السيطرة على انتشار "كوفيد-19". على أن تدابير بذلك الحجم وتلك الصرامة لا يمكن نسخها في دول أخرى، لا سيما الديمقراطية منها التي يتمتع مواطنوها بحقوق تحميها دساتيرها.
ومن ثم فإن سنغافورة وتايوان وهونغ كونغ تصلح أمثلة مفيدة في هذا الجانب. فقد كانت المناطق الثلاث خاصة عرضة لتفشي العدوى فيها نظرا لارتباطها الوثيق بالبر الرئيسي لجمهورية الصين الشعبية. ولأن تلك المناطق الثلاث ظلت قبلة السياح الصنيين، فقد انتقل الفيروس إليها حيث سُجلت الجمعة 187 حالة إصابة به في سنغافورة، و50 في تايوان، و131 في هونغ كونغ، منها أربع وفيات.
ومنذ اكتشاف أولى حالات الإصابة بالعدوى في أراضيها، اتخذت حكومات تايوان وهونغ كونغ وسنغافورة عددا من الإجراءات للحد من انتقال حالات جديدة إليها مثل القيود على السفر، وفرض حجر صحي للحؤول دون انتقال محتمل للعدوى من أشخاص مصابين إلى السكان المحليين، وكبح جماح الانتقال الصامت للمرض في مجتمعاتها من خلال تقليل التواصل بين الأفراد بتبني تدابير مثل العزل الذاتي والمباعدة الاجتماعية والحرص على النظافة.
وقد سارعت دولة سنغافورة، وهي جزيرة صغيرة تقع في جنوبي شرقي آسيا، باتخاذ تدابير جريئة لمنع العدوى من دخول أراضيها من الصين. فبعد ثلاثة أيام فقط من كشف الصين عن ظهور كورونا في ووهان، شرعت سنغافورة في إخضاع المسافرين القادمين إليها من تلك المدينة الصينية ممن بدت عليهم أعراض الحمى وصعوبات في التنفس، لمزيد من الفحوص الطبية وفرضت عليهم عزلا صحيا. وكانت سنغافورة من أول الدول التي بادرت بإلغاء كل الرحلات الجوية المتجهة إليها من ووهان بعد اكتشاف أول حالة إصابة بالمرض قادمة من الخارج.
وقد وضعت السلطات في تلك الدولة المسافرين القادمين من مناطق موبوءة قيد الحجر الصحي الإجباري بعد أن حولت ثلاث داخليات جامعية إلى مرافق صحية لاستضافتهم. وعوضت الحكومة الأفراد وأصحاب الأعمال عن الأيام التي توقفوا فيها عن العمل. وبذلت السلطات هناك جهودا مكثفة لتعقب المصابين بالعدوى وتحديد الأشخاص الذين كانوا على اتصال بهم. وذهبت الطواقم الطبية إلى أبعد من ذلك فأجروا مقابلات مع المرضى لمعرفة آخر الأماكن التي زاروها. وفي حال تعذر الوصول للمعلومات أو عدم وضوحها، اضطرت وزارة الصحة إلى استخلاص بيانات إضافية من شركات النقل والفنادق، بما في ذلك مراجعة صور التقطتها كاميرات المراقبة.
أما تايوان -وهي جزيرة أيضا- فقد اتبعت مسارا مختلفا بعض الشيء عن سنغافورة. فبدلا من فرض حظر فوري على الرحلات القادمة من الصين، لجأت إلى فحص القادمين الجدد من المناطق المشتبه بتفشي فيروس كوفيد-19 فيها. ومع مطلع يناير/كانون الثاني الماضي -أي بعد أيام قليلة من ظهور الفيروس في ووهان- درجت السلطات الصحية التايوانية على الصعود إلى الطائرات القادمة من ووهان لتفتيش وفحص الركاب.
ولم تلجأ السلطات إلى تعليق الرحلات التي تنظمها شركات الطيران التايوانية الأربع من وإلى ووهان إلا بعد اكتشاف أول إصابة بالمرض قادمة من المدينة الصينية. كما انتهجت تايوان أسلوبا اتسم بمزيج من التدابير في مسعى منها للحد من انتقال العدوى إلى مجتمعها. فقد استغلت بعض المرافق المملوكة للدولة كمحاجر صحية، ومع ذلك كان العزل المنزلي هو الإجراء الغالب.
ولضمان امتثال الجميع بتلك التدابير، فرضت الحكومة غرامات صارمة تصل إلى 33200 دولار أميركي على كل من ينتهك نظام العزل الصحي. أما مدينة هونغ كونغ فقد اتبعت هي الأخرى طريقة مختلفة في التعامل مع تفشي الفيروس القاتل، لكونها تتاخم بر الصين الرئيسي، علما أنها تعد رسميا جزءاً من الصين. وبحسب تقرير نيويورك تايمز، لم تركز هونغ كونغ كثيرا على منع دخول المشتبه بإصابتهم بالمرض كليا إلى أراضيها، بل أولت اهتماما أكبر بالحؤول دون انتقال العدوى بين سكان المدينة.
ولقد استطاعت كل من سنغافورة وتايوان وهونغ -على اختلاف سماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية- إيقاف انتقال العدوى إليها دون الاضطرار إلى تطبيق إجراءات مشددة كالتي اتخذتها الصين. ويختم العالمان كولينغ وليم تقريرهما بالتأكيد على أن نجاح سنغافورة وتايوان وهونغ كونغ في احتواء تفشي "كوفيد-19" يشي بقدرة حكومات الدول الأخرى كذلك على إحراز تقدم في محاولتها للسيطرة على هذا الفيروس.