رحل الجواد...
مروة حسن الجبوري
2016-01-12 10:21
جفت ينابيع دموعي، وانحسرت كلماتي في وادي الآهات والزفرات، تحجر الحبر، وعجز لساني عن النطق. مازالت الغصة في القلب، والجرح لم يندمل بعد، اهوال الفاجعة مازالت فينا لم يمضي على فقد الشيخ النمر سوى ايام قلائل، حتى عاد الجرح من جديد، فهل هي صدفة أم أنهما تواعدا على الرحيل من هذه الدنيا وملاقاة العظماء الذين سبقوهم إلى العالم الآخر، تاركين في هذا العالم الفاني علما نافعا، وفكرا خالدا، فجعنا بخبر وفاة نجل السيد مرتضى الشيرازي يوم الجمعة ليلا بأثر حادث مؤسف.
فكانت وجوه الناس مغبرة تكسوها الكآبة والحزن والصبر على قضاء الله وقدره.
لقد كان الخبر مؤلماً ومحزنا، مات محمد الجواد لكنه مات كما يموت العظماء شامخاً كريماً عظيماً، وقد أثر خبر موته في نفوس الأمة صغاراً وكبارا رجالا ونساءً وشيباً وشباباً.
فجع الجميع بهذا الخبر، وحق لهم ان يفجعوا، ففي كل بيت عزاء وفي كل نفس بكاء طويل.
انتشر الخبر في اركان العالم وقنوات الفضاء ومواقع التواصل الاجتماعي في كل ناحية وكل مكان، رحل وفي أعماله وسجلاته الكثير من الخدمات والاعمال الحسينية، أسأل نفسي، أحقاً هذا الخبر؟ ريحانة الشباب أحقاً رحل؟
يا لقسوة الخبر، يا لقسوة الخبر..
ثكلت يوم امس الحوزات أحقاً محمد الجواد قد رحل؟ ما هذا التوقيت العجيب؟ وما السر في ذلك؟ موت لا يفرق! أجل لا يتأخر وقدر لا يخطيء.
آه يا جواد، أنعاك أم أنعى على نفسي. ترى الزهد والجد في محياك تطمئن لعلمك، فيا للعلم كيف يرفع أهله، كيف يخلد ذكرهم، كيف يزرع في القلوب محبتهم، ألوف تشيع، عيون تذرف، ألسنة تدعو لهم بالرحمة وبالطيب، خلود بعد ممات، كولادة من جديد نور يبقى يضيء للسائرين، منارا للحائرين، (علم ينتفع به).
رحلتَ كما رحل رضا، علمكم باق، نجوم هوت ولم يزل نورها يسطع وذكرها يضيء الوجود، يا آل الشيرازي!! العلم والمحبة والمجد والرفعة والعلو وخلود الاسم بعد الرحيل، ليس ملكاً لأحد، لا لكم فقد ملكتموها من اخلاقكم، نتأمل بداياتكم ايها السادة النجباء والأعلام الفضلاء.
كفاكم من عظيم الشأن انكم في جوار المولى رثاكم، سلسلة اقمار ختمت بجواد قمرا، تبكيك المنابر والاقلام، صدى صوتك مازلنا نسمعه، وقع خطاك فينا يتقدم، قراءتك دروسك في كل زاوية.. كل ذلك اليوم يبدو موحشاً، كئيبا..
آه يا جواد، يا لوحشة الطريق بعد رحيلك... ويا حزن أمتي عليك..
يا لجرحي العميق، رحلت وجمرة فراقك فينا، كنت مسرعا في رحيلك، هل كان أحد ينتظرك؟ زيارتك الاخيرة الى الحسين واخيه العباس عليهما السلام في ليلة الجمعة، فيها اسرار حتى رحلت في يومها ولم تنتظر... ماذا قلت لجدك الحسين.. ماذا كان جوابه!! هل رأيت سيد محمد رضا. ابلغه عنا السلام وقل له اننا مشتاقون له ونعلم أنك في امان، انا لله وانا اليه راجعون.
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا جواد لمحزنون، اللهم ارحم نجوم الهدى الذين ماتوا، واحفظ نجوم الهدى ما بقوا:
يا راحلا اني اراك في دمعتي
ابكي عليك والبكاء يطول
ويفتَّ الحزنُ في أحشائي
متجرعة غصصَ الفراق يا ولدي
ولكن أمرُ السماءِ يا قمري
سئمتُ نفسي بعد موت أحبتي
ولَمَا استطعت بأن أعيشُ حياتي