روائع عصر الظهور

فهيمة رضا

2018-05-01 07:09

جميعنا نتألم، لا أقول كلنا منتظرون، ولأجل فراقه نتوجع، ولكن كل شخص يتوجع بطريقة مختلفة عن الآخر، مهما كان يكون وأي دين يسلك أو ينتمي...

في حياة كل منا أحزان وهموم لا تعد ولا تحصى، وعندما نتخلص من هم يظهر لنا هم آخر، وهكذا أصبحنا تائهين في دوامة المشاكل والعقد، لسنا وحيدين بل جميع من يعيش فوق هذه المعمورة يحمل في قلبه الهموم والأحزان، ولكن تختلف درجات الوجع والحزن حسب منطقة العيش وقناعة الفرد، فمن يتحمل أزمات الحروب بالتأكيد يكون أكثر معاناة ممن يعيش في بلد آمن، ومن يتضور من الجوع هو أكثر معاناة ممن يتخدر جسده من كثرة الأكل، وينام في سريره الوثير مطمئنا بعد وجبة فاخرة...

ولكن يبقى الألم موجودا مع كل المحاولات التي تسعى لإدخال السرور في قلب هذا الإنسان الذي لا يشعر بالراحة أبداً مهما علا شأنه، وكثرت أمواله ونجح في حياته، فهو يبقى يطمع في المزيد المزيد... لذلك مع جميع المحاولات التي باءت بالفشل يبقى الفرد يعاني على الدوام، لأن الأموال ليس باستطاعتها ان تقضي على المرض والكآبة وبعض الحالات النفسية، لكن سيبقى الحزن ينخر في تلابيب مخ الإنسان ويفقده صوابه، على أننا نؤمن بأن كل هذه الآلام والأحزان والأوجاع ستنتهي في زمن ظهور الإمام عجل الله فرجه الشريف.

فما أجمل ذلك الزمان حيث تصبح الحياة مثالية لا أثر للأمراض والأوجاع، لا أثر للقتل والدمار، لا أثر للحرص المغالى به أوالجشع، لا أثر للطمع حيث الجمال والسعادة تملأ الدنيا ويعيش الجميع بسلام. ومن روائع عصر ظهوره المبارك.

لا يبقى معبود غير الله

من الأمور المزعجة تعدد الديانات والاختلافات الموجودة بين البشر، ولكن عندما توحَّد المعتقدات تختفي كثير من المشاكل، وهذا ما سيحدث في زمن ظهوره عجل الله فرجه الشريف، فإذا خرج اسند ظهره الى الكعبة واجتمع اليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، فاول ما ينطق به هذه الآية: بقية اللّه خير لكم ان كنتم مؤمنين. ثم يقول: انا بقية اللّه وحجته وخليفته عليكم، فلا يسلم عليه مسلم، الا قال السلام عليك يا بقية اللّه في ارضه، فاذا اجتمع اليه العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج فلا يبقى في الأرض معبود دون اللّه، عز وجل، من صنم ووثن وغيره إلا وقعت فيه نار فاحترق، وذلك بعد غيبة طويلة ليعلم اللّه من يطيعه بالغيب ويؤمن به.*1

الأمن والأمان يعم البلاد

الأمن يسود العالم بعد أن يعاني الأكثرية من الفتن والغدر ويعيش الجميع بأمان ليس فقط الانس بل وحتى الحيوانات يعيشون بسلام.

عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، حيث قال: (يملك المهدي مشارق الأرض ومغاربها، وترعى الشاة والذئب في مكان واحد، ويلعب الصبيان بالحيّات والعقارب ولا تضـرّهم شيء، ويذهب الشرُّ ويبقى الخير)*2 وقد ورد عن الإمام الحسن عليه السلام: (تصطلح في ملكه السباع، وتخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء بركتها، وتظهر له الكنوز، يملك مابين الخافقين، فطوبى لمن أدرك أيّامه وسمع كلامه)*3

يعتنق الجميع الإسلام

يصبح الإسلام دين الجميع وكلمة الله هي العليا، فقد ورد عن ابن عباس: لا يبقى صاحب ملة إلا صار إلى الإسلام حتى تأمن الشاة من الذئب والبقر من الغنم والانسان من الحية وحتى لا تقرض الفارة جراباً وذلك عند قيام المهدي*4

وأيضا ورد تفسير العياشي: عن أبي المقدام، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله " ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " يكون أن لا يبقى أحد إلا أقر بمحمد صلى الله عليه وآله.*5

إحياء الأموات ورجوع بعض المؤمنين

حيث يرجع بعض المؤمنين إلى هذه الحياة مرة أخرى ليتنعموا بالعيش الرغيد مع مهدي الموعود عجل الله فرجه الشريف، وقد ورد في تفسير العياشي: عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قام قائم آل محمد استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلا خمسة وعشرين من قوم موسى الذين يقضون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أصحاب الكهف ويوشع وصي موسى ومؤمن آل فرعون وسلمان الفارسي وأبا دجانة الأنصاري ومالك الأشتر.*6

تُخرج الأرض كنوزها

لطالما حدثت اختلافات ومآسي بين البشر لقلة أموالهم ولأنهم كانوا يعانون من الفقر ولكن في زمن الحجة تختفي هذه المعاناة والفقر لأن الأرض تخرج الذهب والفضة من جوفها.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله: "تَقِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَتَلْتُ، وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي، وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي، ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا " *7

ويخاطب الامام الحجة عجل الله فرجه الشريف: تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم في الدماء وركبتم فيه محارم الله فيعطي شيئا لم يعطه أحد كان قبله *8

زمن نزول البركات

تنزل البركات من كل جانب ويعيش الفرد في الرفاهية وفي احسن حال.

ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله قال: (تنعم أمتي في زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط. ترسل السماء عليهم مدراراً ، ولاتدع الأرض شيئاً من النبات إلا أخرجته )*9

إكتمال العقول

يبحث الإنسان عن كل جديد ويسعى ليتعلم أكثر وأكثر يجتهد كي لا يبقى غافلاً ومتأخراً عن مواكبة العصر ولكن كل هذه المحاولات تكتمل في زمن الظهور ويصبح الانسان عبقرياً لأنه يكتمل عقله وفي هذه الحالة بالتأكيد لا يوجد أي حرب أو غدر أو خيانة لأن الانسان يلجأ إلى هذه الأمور بسبب نقص يجده في نفسه وعندما يكتمل العقل يدرك مدى تفاهة هذه الأمور.

روي جابر عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : إذا قام قائم آل محمد ضرب فساطيط ويعلم الناس القرآن على ما أنزل الله عزّ وجلّ.

وروى الشيخ الكليني: عن ابن أبي يعفور، عن مولى لبني شيبان، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم, وكملت بها أحلامهم*10

تشرق الأرض بنور ربها ويعمر الانسان

قضية الشمس وإخمادها قضية مرعبة في أيامنا هذه والجميع في خوف منها ماذا لو خمدت الشمس ودمرّ هذا العالم؟ولكن هناك خطة بديلة تفوق خيال البشرية ولكن مثلها كمثل معاجز آدم وعيسى وموسى و...

وروى المفضل بن عمر قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: (ان قائمنا اذا قام اشرقت الارض بنور ربها واستغنى الناس عن ضوء الشمس وذهبت الظلمة، ويعمر الرجل في ملكه حتى يولد له الف ذكر لا يولد فيهم اُنثى، وتظهر الارض كنوزها حتى يراها الناس على وجهها، ويطلب الرجل منكم من يصله بماله ويأخذ منه زكاته فلا يجد احداً يقبل منه ذلك، استغنى الناس بما رزقهم الله من فضله).*11

يملأ الأرض قسطا وعدلا

بالتأكيد السبب الذي يجعل الانسان يعيش بصعوبة ويقع عليه المصائب ويعاني عدم وجود العدل فعندما يختفي الظلم يعيش الانسان بسلام وفي سعادة ومن خصائص دولة الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف الحكم بالعدل حيث ينام كل فرد مرتاح البال و يعرف بأن حقه محفوظ.

‏قال رسول الله‏ (ص): ‏أبشركم‏ ‏بالمهدي‏ ‏يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت‏ ‏جورا‏ ‏وظلما‏ ‏يرضي عنه ساكن السماء وساكن الأرض يقسم المال صحاحا، فقال له رجل: ما صحاحا، قال: بالسوية بين الناس، قال: ويملأ الله قلوب أمة ‏محمد ‏ (ص)‏ ‏غنى ويسعهم عدله حتى يأمر مناديا فينادي، فيقول: من له في مال حاجة فما يقوم من الناس إلا رجل، فيقول: ائت‏ ‏السدان ‏ ‏يعني الخازن،‏ ‏فقل له: إن‏ ‏المهدي ‏ ‏يأمرك أن تعطيني مالا، فيقول له‏: ‏إحث‏ ‏حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم، فيقول: كنت أجشع أمة‏ ‏محمد‏ ‏نفسا‏ ‏أو عجز‏ ‏عني ما ‏ ‏وسعهم ‏، ‏قال : فيرده فلا يقبل منه ، فيقال له : أنا لا نأخذ شيئا أعطيناه *12.

عندما يقرأ القارئ عن عصر الظهور يبتسم بهدوء و يأخذ زفيراً ليستنشق ذلك العبق الطاهر ويتشوق ليرى تلك الدولة الكريمة يفكر ويفكر، ماذا عليه أن يعمل ليرى تلك الدولة يرجع إلى الروايات ويرى أفضل أعمال الأمة، إنتظار الفرج كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ويكثر الدعاء لتعجيل الفرج، لأن في ذلك فرجه كما قال المهدي الموعود، فيردد بأعلى صوته متى نعتقع من عذب ماءك فقد طال الصدى متى نغاديك ونراوحك ونقر عينا متى ترانا ونراك...

--------------------
المصادر
‎1-بحار الأنوار ج52:191
‎2-يوم الخلاص: ٣١٧.
‎3-�(٢٩) بحار الأنوار ٥٢: ٢٨٠.
‎4-بشارة الاسلام 297
‎5-براءة: ٣٣. راجع تفسير العياشي ج ٢ ص ٨٧ وهكذا الحديث الآتي.
‎6-إشارة إلى قوله تعالى في الأعراف: ١٥٨ " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " والحديث في العياشي ج ٢ ص ٣٢.
‎7-صحيح مسلم
‎8-منتخب الأثر 430
‎9-. ابن حماد ص98.كشف الغمة ج3:236
‎10-أصول الكافي ج1:25
‎11-غيبة الطوسي: 467/ 484، ونقله العلامة المجلسي في البحار 52: 337، ذيل الحديث 77).
‎12-أحمد بن حنبل - مسند الإمام أحمد بن حنبل - باقي مسند المكثرين - مسند أبي سعيد الخدري

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي