كيف نكسب قلوب الآخرين؟

فهيمة رضا

2017-12-11 05:20

الإنسان موجود اجتماعي يرغب أن يتعارف على الآخرين، ولكي يتواصل معهم بأفضل طريقة عليه أن يعرف نقاط ضعف الآخرين وقوتهم وما يثير اهتمامهم وما ينزعجون منه.

هناك مقولة يرددها الأكثرية وهي أيضا تعد من الأمثال الشعبية التي يؤمنون بها: (جنة بلا ناس متنداس)، لذلك من أسوأ العقوبات التي تُفرض على الإنسان هو الابتعاد عن الآخرين كما هو المتعارف في السجون "السجن الانفرادي "في هذه الحالة ترتفع بين السجناء المعزولين نسبة الإصابة بالاكتئاب والقلق، والصعوبة في التركيز، ويعاني نصفهم اضطرابات نفسية.

كما نشر على موقع شيكاغوفرانس برس:

ندد أطباء أميركيون بالآثار الخطرة عقلياً ونفسياً على أكثر من 80 ألف سجين أميركي يقبعون في السجن الانفرادي، من بينهم أشخاص سجناء معزولون منذ سنوات طويلة.

وأجرى هذا الطبيب دراسته بناء على 500 مقابلة مع سجناء معزولين، وأضاف في المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية للتقدم والعلوم أن هناك عدداً غير قليل من السجناء يعيشون في زنزانة منفردة لمدة قد تصل إلى 10 سنوات وربما أكثر. ويعيش هؤلاء السجناء ظروفاً شديدة القسوة، حيث يمضون كل وقتهم في زنزانة مساحتها 7,5 متر مربع، لا توجد فيها نافذة، وهم لا يخرجون منها سوى لوقت قصير يومياً، حين يقومون بالتمارين الرياضية في قاعة مقفلة أيضاً، وليس في ملعب مفتوح.

وفي معظم الحالات، يحظر على هؤلاء السجناء أن يتلقوا زيارات أو اتصالات هاتفية، وبالتالي سرعان ما يفقدون ارتباطهم بالعالم الخارجي، وتنشأ لديهم اضطرابات في الهوية وفقدان الشعور بالاتجاه، وأحيانا رهاب اللقاء بأشخاص آخرين. والاكتئاب والقلق والصعوبة في التركيز وتستمر الاضطرابات مع هؤلاء الأشخاص حتى بعد خروجهم من السجن. إذن التعامل والتواصل مع الآخرين من الأمور الحياتية لأجل بقاء الانسان والحفاظ على سلامته.

ما هي أدوات التواصل؟

هناك أدوات تجعل التواصل أفضل وتساعد الانسان بالتأثير على الآخرين وجذبهم كأسلوب الحوار المقنع، والمعرفة والثقافة واللغة والثقة بالنفس.

طرق التأثير على الآخرين

من هذه الطرق المهمة، هي زرع الثقة في نفوس الاخرين، فالانسان الذي يرغب في التأثير على بيئة معينة، يماشيهم ويجاريهم بحسب تقاليدهم وعاداتهم ويتبع نفس الطريقة التي يتبعونها في الملبس والمشرب بقدر الإمكان كي يمتلك قلوبهم.

لذلك كلما كان الشخص اكثر اقترابا من الناس يكون اكثر تأثيراً بهم ويصل أسرع إلى ما يرغب إليه ويفكر به وكلما كان الشخص أبعد من الوسط الشعبي، كان الناس اكثر تنافراً منه لهذا عندما نتصفح صفحات التاريخ نجد البسطاء الذين كانوا هم من الوسط الشعبي، هم الأكثر تأثيراً على الناس والحكماء الذين كانوا يهتمون بأمور الناس هم انجح من غيرهم.

من هنا يتضح سبب تأثير شخصية النبي صلى الله عليه واله على النفوس ومدى عظمته لأنه كان يلبس كما يلبس ضعاف أمته، ويأكل مع الفقراء ويجالسهم ولم يبتعد عن الناس بحجة القيادة أو العظمة، بل كان يعمل ويعامل الناس بتواضع ويساعد الآخرين وكان (صلى الله عليه وآله) يجالس الفقراء ويواكل المساكين ويناولهم الطعام وسواه بيده.

الابتعاد عن استخدام القوة

من الأمور المهمة في تحقيق التواصل الجيد مع الآخرين الابتعاد عن استخدام القوة، لأن بعض الناس طريقتهم في التعامل هي القوة وقول الزور والخداع وما أشبه بذلك.

يجب ان ينتبه الانسان ان استخدام القوة دليل الضعف، وكلما استخدم الانسان اسلوب القوة والعنف كلما ابتعد اكثر عن جذب قلوب الناس، والتأثير عليهم وفقد حبهم، لذلك ابتعد الرسول اشد الابتعاد عن استخدام القوة والعنف في معاملة الاخرين، بل اختار الطريق المختصر وهو الأخلاق الحسنة واللين (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)

المعرفة عن مدى ثقافة الطرف المقابل

من الأمور الأساسية في التواصل الجيد مع الآخرين معرفة مدى ثقافة الأشخاص ودائرة اهتماماتهم كي يصل الانسان بسرعة اكبر ومجهود أقل إلى ما يريد ويرغب به.

الكلام حول احتياجات وابتلاءات المجتمع

يجب أن تكون دائرة الكلام عن ابتلاءات المجتمع لذلك عندما يتكلم الشخص عن استخدام الماء الصحي واضرار الماء الملوث للبيئة الريفية التي لا تمتلك إسالة الماء المعقم للشرب ولا شبكة المجاري، سوف يهتمون بكلامه، أما إذا كان لا يعنيهم بشيء فسوف يسخرون منه وهذا ما "يزيد الطين بلة".

وعلى المتكلم الجيد والشخص الذي يبحث عن محبة الناس وودهم ويود النفوذ الى قلوبهم أن يعطي حلولا للقضاء على هذه الإعاقات والابتلاءات، كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه واله، حيث كان يعرف نفسيات الناس في ذلك المجتمع القاسي وكان يعرف كيف يتعامل معهم بأسلوب سليم وملك قلوبهم وأثر فيهم أكبر التأثير.

المهارات من أهم العوامل المساعدة

من العوامل الأساسية في التأثير على الآخرين استخدام المهارات مثلا تعابير الوجه ولغة الجسد لأن لغة الجسد تترك رسائل غير مرئية في نفوس الآخرين، فالشخص السيئ سيكون تأثيره سيئا على الآخرين، عكس الذي تفوح من جوفه رائحة الصدق والإخلاص، فالشخص الذي يحمل في نفسه الطمأنينة والتفاؤل بلا شك يترك من عطر تفاؤله رائحة طيبة في كل مكان، لذلك يقول الباري عز وجل عن أحوال النبي في كتابه الحكيم:

(رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ....).

لذلك يعدّ التواصل من أهم الأهداف البشرية كما نجد الأنبياء هم أكثر من استخدموا هذا الأسلوب لأجل إيصال رسالة الرب في الأرض بين الناس، ومن هنا حققوا نجاحا باهرا ووصلوا إلى ما وصلوا بطريقة غير مباشرة، وهكذا الحال مع كل شخص يحمل رسالة نبيلة، عليه أن يهتم بكسب القلوب ويتقن مهارات التواصل ويتقن نصوص التأثير كي يصل إلى ما يريد، ويحقق نجاحا كبيراً بدايته الود والمؤاخاة مع الآخرين.

يا ترى أنت تسلك أي طريق كي تصل إلى قلوب الآخرين؟.

ذات صلة

التقية المداراتيّةأثر التعداد السكاني على حقوق المواطنينبناء النظرية الدينية النقديةأهمية التعداد العام للسكان في داخل وخارج العراقالأيديولوجية الجندرية في عقيدة فرويد