تغير المناخ يقف وراء الآثار الكارثية لإعصار هيلين في أميركا
موقع الطاقة
2024-10-15 05:36
يقف تغير المناخ وراء الآثار الكارثية لإعصار هيلين في الولايات المتحدة، الذي ازدادت شدة رياحه وغزارة أمطاره إلى مستويات استثنائية، في وقت متأخر من يوم الثلاثاء 26 سبتمبر/أيلول الماضي، ضرب إعصار هيلين من الفئة الرابعة على مقياس "سفير-سيمبسون" منطقة بانهاندل بولاية فلوريدا، وجلب معه رياحًا شديدة وأمطارًا غزيرة وعواصف قوية إلى المناطق الساحلية، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وعلى مدار اليومين التاليين، ضرب الإعصار المناطق الداخلية في اتجاه الشمال الشرقي، وعمّت الأمطار مساحات كبيرة شملت معظم أراضي ولايات جورجيا وغرب كارولينا الشمالية والجنوبية وشرق تينيسي وجنوب فرجينيا، وقد أدى هذا إلى فيضانات مفاجئة واسعة النطاق وغير مسبوقة في العديد من هذه المناطق، ولقي ما لا يقل عن 227 شخصًا حتفهم، وانقطعت الكهرباء عن نحو مليوني شخص.
علاقة تغير المناخ
تسبّب تغير المناخ في زيادة قوة إعصار هيلين واحتمالية تكرار حدوثه وغزارة أمطاره، وبالنظر إلى استمرار ارتفاع درجات الحرارة، يمكن للولايات المتحدة أن تتوقّع المزيد من العواصف مثل هيلين في المستقبل، جاء ذلك في دراسة أصدرها يوم الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، باحثون في مؤسسة وورلد ويذر أتريبيوشن World Weather Attributio ، وهي شبكة دولية من العلماء الذين يجرون دراسات سريعة لتقييم تأثير تغير المناخ في الأحداث الجوية الكبرى.
يقطع الكهرباء.. ويرفع أسعار الغاز في أميركا
وتوصلت الدراسة إلى أن هطول الأمطار في أثناء إعصار هيلين كان أغزر بنحو 10% بسبب تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ويمثّل هذا كمية هائلة من الأمطار الإضافية، ومماثلة للأعاصير المدمرة الأخرى التي غذّتها التغيرات المناخية في العقد الماضي، مثل إعصارَي هارفي وإيان.
في المقابل، أدى تغير المناخ إلى زيادة احتمالية هطول أمطار غزيرة بنسبة تصل إلى 70% في وسط وجنوب منطقة أبالاتشيا شرق الولايات المتحدة، حيث جرفت الفيضانات الكارثية الطرق ودمرت المنازل والشركات، وتركت الآلاف من السكان دون كهرباء بعد أسبوعين.
وحتى الآن، لقي 230 شخصًا مصرعهم بسبب العاصفة، على الرغم من أن الخسائر البشرية الحقيقية ستستغرق سنوات لتحديدها بالكامل.
وقال باحث حالات الطقس المتطرفة لدى إمبريال كوليدج في لندن مؤلف الدراسة، بن كلارك: "لقد وجدنا أن جميع جوانب هذا الحدث تفاقمت بدرجات مختلفة بسبب تغير المناخ".
دور درجات حرارة المحيطات في شدة إعصار هيلين
كان ارتفاع درجات حرارة المياه الاستثنائي في خليج المكسيك العامل المهم في شدة إعصار هيلين، ووصلت درجات حرارة سطح البحر إلى نحو 85 درجة فهرنهايت (29.44 درجة مئوية) في أثناء تشكل الإعصار، ووجدت الدراسة أن مثل درجات الحرارة هذه كانت أكثر احتمالًا بنحو 200 إلى 500 مرة بسبب تغير المناخ.
وقال عالم المناخ في مختبر لورانس بيركلي الوطني، مايكل وينر، الذي لم يشارك في دراسة مؤسسة وورلد ويذر أتريبيوشن، إن "ارتفاع درجات حرارة المحيطات ربما يكون المحرّك الأكثر أهمية للعواصف الأكثر قوة"، وعمل وينر مع فريق على تحليل مماثل لتحديد تأثير تغير المناخ في العاصفة، باستعمال تقنيات إحصائية مختلفة، ووجد فريقه أن تغير المناخ ربما أدى إلى زيادة هطول الأمطار في أثناء إعصار هيلين بنسبة تصل إلى 50% على طول أجزاء من مساره.
تجدر الإشارة إلى أنه عندما تزداد حرارة مياه المحيط، يمكن للعواصف أن تمتص الرطوبة الإضافية؛ وهذا يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة، الذي يصبح مصدر طاقة للعاصفة، وعندما يتحول الماء من بخار إلى سائل تُطلق الطاقة، وأطلق إعصار هيلين أكثر من قدمين من الأمطار في بعض بلدات ولاية كارولينا الشمالية، ووجد تحليل مؤسسة وورلد ويذر أتريبيوشن أن مثل هذا الحدث كان من غير المحتمل جدًا دون ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.3 درجة مئوية، بسبب تغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان.
ضرورة الاستعداد لعواصف أكثر شدة
وجد تحليل مؤسسة وورلد ويذر أتريبيوشن أنه مع استمرار ارتفاع درجة الحرارة فستصبح العواصف مثل هيلين أكثر شيوعًا، وقالت إحدى مؤلفي الدراسة مديرة البرامج في مركز المناخ التابع لجمعية الصليب الأحمر والهلال الأحمر، جولي أريغي: "إن المجتمعات بحاجة إلى الاستعداد لعواصف أكثر شدة في المستقبل، حتى المجتمعات خارج مناطق الأعاصير التاريخية"، وأضافت أريغي: "نحن بحاجة حقًا إلى التكيف والاستعداد لهذه الأحداث غير المسبوقة والمتطرفة للغاية".
وقالت كبيرة خبراء الأرصاد الجوية في كلايمت سنترال، برناديت وودز بلاكي، التي شاركت في تحليل مؤسسة وورلد ويذر أتريبيوشن، إن "الطريقة الوحيدة لتجنّب المزيد من العواصف مثل هيلين هي الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي".