تهديد الامن المائي وارتفاع وتيرة الكوارث

شبكة النبأ

2023-10-25 05:14

يتسبب الجفاف وهطول الأمطار الغزيرة في خسائر فادحة في الأرواح والاقتصادات. وقد أدى ذوبان الثلوج والجليد والأنهار الجليدية إلى زيادة أخطار مثل الفيضانات وتهديد الأمن المائي على المدى الطويل لملايين عديدة من الأشخاص.

وقد يكون الذوبان السريع للأرفف الجليدية غرب القارة القطبية الجنوبية أمرًا لا مفر منه الآن مع تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري التي يسببها البشر، إضافةً إلى ما يترتب على ذلك من آثار مدمرة محتملة على ارتفاع مستوى سطح البحر.

ويظهر تقرير خسارة ما تُقدر قيمته بنحو 3.8 تريليونات دولار أمريكي من إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية خلال السنوات الثلاثين الماضية، وازداد تواتر الأحداث الكارثية من 100 حدث سنويًا في سبعينات القرن الماضي إلى نحو 400 حدث سنويًا في جميع أنحاء العالم خلال السنوات العشرين الماضية. وإنّ الأحداث الكارثية لا تزداد من حيث وتيرتها وشدّتها وتعقيده بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية.

تحسين مراقبة دورة الماء غير المنتظمة

تخرج الدورة الهيدرولوجية عن التوازن نتيجة لتغير المناخ والأنشطة البشرية، وفقاً لتقرير جديد صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يقدم تقييماً شاملاً لموارد المياه العالمية.

ويتسبب الجفاف وهطول الأمطار الغزيرة في خسائر فادحة في الأرواح والاقتصادات. وقد أدى ذوبان الثلوج والجليد والأنهار الجليدية إلى زيادة أخطار مثل الفيضانات وتهديد الأمن المائي على المدى الطويل لملايين عديدة من الأشخاص.

ومع ذلك، فإن الحالة الحقيقية لموارد المياه العذبة في العالم لا يُعرف عنها سوى القليل جداً. ولا نستطيع إدارة ما لا نقيسه، كما يقول تقرير المنظمة (WMO) عن حالة الموارد المائية العالمية لعام 2022، داعياً إلى إحداث تغيير أساسي في السياسات.

ويجب أن يكون هناك تحسين للمراقبة وتبادل البيانات والتعاون عبر الحدود، وإجراء تقييمات للموارد المائية - وما يصاحب ذلك من زيادة في الاستثمارات لتيسير ذلك. ولهذا الأمر أهمية بالغة لمساعدة المجتمع على التعامل مع زيادة ظواهر المياه المتطرفة سواء الفيضانات أو الجفاف، كما ورد في التقرير.

ويستند تقرير المنظمة (WMO) عن حالة الموارد المائية العالمية لعام 2022 إلى مشروع تجريبي صدر العام الماضي. ويحتوي هذا التقرير على معلومات أكثر توسعاً عن المتغيرات الهيدرولوجية المهمة مثل المياه الجوفية، والتبخر، وتدفق المجاري المائية، وتخزين المياه الأرضية، ورطوبة التربة، والغلاف الجليدي (المياه المجمدة)، والتدفقات الداخلة إلى الخزانات، والكوارث الهيدرولوجية. ويدمج التقرير الرصدات الميدانية وبيانات الاستشعار عن بعد بواسطة السواتل وعمليات محاكاة النمذجة العددية لتقييم موارد المياه على الصعيد العالمي.

ويقول الأمين العام للمنظمة (WMO) البروفيسور بيتيري تالاس: "يقدم تقرير المنظمة (WMO) هذا نظرة عامة شاملة ومتسقة على موارد المياه في جميع أنحاء العالم، ويسلط الضوء على تأثير التغيرات المناخية والبيئية والمجتمعية".

ويتابع: "الأنهار الجليدية والغطاء الجليدي يتراجعان أمام أعيننا. وقد أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى تسريع دورة الماء وكذلك تعطيلها. فالجو الأكثر دفئاً يحمل المزيد من الرطوبة. ونحن نشهد نوبات هطول وفيضانات أكثر شدة. وعلى النقيض من ذلك، فالمزيد من التبخر ينطوي على تربة جافة وجفاف شديد".

ويضيف البروفيسور تالاس: "ترتبط الغالبية العظمى من الكوارث بالمياه، وبالتالي فإن إدارة المياه ومراقبتها تقع في صميم المبادرة العالمية للإنذار المبكر للجميع. وقد عانى العديد من البلدان المستهدفة لاتخاذ إجراءات ذات أولوية في الإنذار المبكر للجميع من فيضانات أو حالات جفاف كبيرة في عام 2022. ولم تتوافر لدى أي بلد بيانات هيدرولوجية دقيقة وفي الوقت المناسب لدعم اتخاذ القرارات القائمة على الأدلة والعمل المبكر".

ويقول: "هذا التقرير هو دعوة إلى العمل من أجل المزيد من تبادل البيانات للتمكين من إعداد إنذارات مبكرة هادفة وسياسات إدارة مياه أكثر تنسيقاً وتكاملاً تعد جزءاً لا يتجزأ من العمل المناخي".

ويجمع التقرير بين مدخلات من عشرات الخبراء، ويكمل التقرير الرئيسي للمنظمة (WMO) عن حالة المناخ العالمي من أجل توفير معلومات متكاملة وشاملة لواضعي السياسات.

وحالياً، يواجه 3.6 مليار شخص عدم كفاية فرص الحصول على المياه لمدة شهر على الأقل في السنة، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى أكثر من 5 مليارات شخص بحلول عام 2050، وفقاً لهيئة الأمم المتحدة المعنية بموارد المياه.

المتغيرات الهيدرولوجية

يقدم التقرير تقييماً كمياً مستقلاً ومتسقاً ذا نطاق عالمي للموارد المائية في أحواض الأنهار الكبيرة مقارنة بالمتوسط الطويل الأمد لمتغيرات مختلفة مثل تصريف الأنهار والمياه الجوفية والتبخر ورطوبة التربة والتدفق إلى الخزانات وما إلى ذلك.

وفي عام 2022، شهد أكثر من 50 في المائة من مناطق مستجمعات المياه العالمية انحرافات عن ظروف تصريف الأنهار العادية. وكان معظم هذه المناطق أكثر جفافاً من المعتاد، في حين أن نسبة أقل من الأحواض ظهرت أعلى أو أعلى بكثير من الظروف العادية. وكان ذلك مماثلاً للوضع في عام 2021. وشهد أكثر من 60 في المائة من خزانات المياه الرئيسية تدفقاً أقل أو طبيعياً، وهو ما يمثل تحدياً لتوفير المياه لجميع المستخدمين في مناخ متغير بشكل متزايد.

وطوال عام 2022، كانت الحالات الشاذة في رطوبة التربة والتبخر مشابهة للحالات في ظروف تصريف الأنهار. وعلى هذا النحو، فقد شهدت أوروبا مثلاً زيادة في التبخر وانخفاضاً في رطوبة التربة وتدفقات الأنهار خلال فصل الصيف بسبب موجة حر شديدة وجفاف شديد. ولم يؤد ذلك إلى تحديات في الزراعة فحسب، بل أدى أيضاً إلى إغلاق نظم الطاقة بسبب نقص مياه التبريد.

ومن المرجح أن يكون للتحول من ظاهرة النينيا في عام 2022 إلى ظروف النينيو في عام 2023 أثر كبير على الدورة الهيدرولوجية التي ستُحلل في تقرير العام المقبل.

الغلاف الجليدي

يعد القطب الثالث، الذي يشمل هضبة التبت وجبال الهيمالايا وكاراكوروم وهندو كوش وبامير وجبال تيان شان، مصدراً حيوياً لإمدادات المياه لما يقرب من ملياري شخص. وفي الفترة من عام 2000 إلى عام 2018، انخفض إجمالي توازن كتلة الأنهار الجليدية بأكثر من 4 في المائة. وكان هناك انخفاض ملحوظ في الغطاء الثلجي، وزيادة كبيرة في حجم البحيرات الجليدية.

وأثّر ذلك على جريان الأنهار في أحواض نهر السند وآمو داريا واليانغتسي والنهر الأصفر، وهو ما يشير إلى التأثير المتطور لتغير المناخ على المنطقة.

وفي عام 2022، ظل الغطاء الثلجي في جبال الألب، وهو عنصر بالغ الأهمية لتغذية أنهار رئيسية مثل نهر الراين والدانوب والرون وبو، أقل بكثير من المتوسط. وشهدت جبال الألب الأوروبية مستويات غير مسبوقة من فقدان الكتلة الجليدية.

وشهدت جبال الأنديز شبه الاستوائية انخفاضاً مستمراً في تراكم الثلوج في فصل الشتاء منذ عام 2009، وهو ما أثّر على إمدادات المياه للمدن في جميع أنحاء شيلي وغرب الأرجنتين. وبالرغم من أن عام 2022 شهد ثلوجاً أعلى بقليل من المتوسط في بعض المناطق، لا تزال مستجمعات المياه الرئيسية تسجل ظروفاً أقل من المتوسط، خاصة على الجانب الأرجنتيني، وهو ما أدى إلى استمرار القيود على المياه في المراكز الحضرية المكتظة بالسكان.

الكوارث المرتبطة بالمياه

أثرت موجات الجفاف الشديدة على أجزاء كثيرة من أوروبا في صيف عام 2022، وهو ما شكل تحديات تتعلق بالنقل في أنهار مثل نهر الدانوب والراين، وتعطيل إنتاج الكهرباء النووية في فرنسا بسبب نقص مياه التبريد.

وتأثرت الملاحة على نهر المسيسيبي في الولايات المتحدة الأمريكية بمستويات المياه المنخفضة للغاية، نتيجة للجفاف المستمر في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي أمريكا الجنوبية، عانى حوض نهر لا بلاتا من استمرار ظروف الجفاف التي بدأت في عام 2020. وتسبب ذلك في انخفاض كبير في إنتاج الطاقة الكهرومائية في عام 2022، نتيجة لانخفاض تدفقات الأنهار. وكانت هناك عدة حالات لعدم وجود إمدادات مياه في باراغواي خلال عام 2022.

وأدى الجفاف الشديد في حوض نهر اليانغتسي في الصين إلى تصريف أنهار أقل بكثير من المتوسط، وتدفقات داخلة إلى الخزانات، ورطوبة التربة.

وأدى الجفاف الذي طال أمده إلى أزمة إنسانية كبرى في القرن الأفريقي. وعلى النقيض من ذلك، سجل حوض النيجر وجزء كبير من جنوب أفريقيا تصريفاً نهرياً أعلى من المتوسط، ارتبط بظواهر الفيضانات الكبرى التي شهدها عام 2022.

وضرب فيضان ضخم حوض نهر السند في باكستان، وهو ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1700 شخص، وأثر على 33 مليون شخص، وتسبب في خسائر اقتصادية تقدر بأكثر من 30 مليار دولار أمريكي. وأدت موجة الحر في وقت مبكر من العام إلى زيادة المياه الذائبة من الأنهار الجليدية، وهو ما أدى إلى زيادة مستويات الأنهار التي تضخمت بعد ذلك بسبب هطول الأمطار الموسمية الغزيرة التي كانت أكثر من ضعف المتوسط في شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس.

الذوبان السريع للجليد عواقبه وخيمة

وفي هذا السياق قد يكون الذوبان السريع للأرفف الجليدية غرب القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) أمرًا لا مفر منه الآن مع تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري التي يسببها البشر، إضافةً إلى ما يترتب على ذلك من آثار مدمرة محتملة على ارتفاع مستوى سطح البحر في جميع أنحاء العالم، بحسب ما وجده بحث جديد.

وحتّى لو حقّق العالم أهدافًا طموحة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، ستشهد غرب القارة القطبية الجنوبية ارتفاعًا كبيرًا في درجة حرارة المحيطات، وذوبان الجروف الجليدية، وفقًا لدراسة جديدة نُشرت الإثنين في مجلة "Nature Climate Change".

والأرفف الجليدية عبارة عن ألسنة جليدية تبرز في المحيط عند نهاية الأنهار الجليدية.

وتعمل كدعامات، وتساعد على إبقاء الجليد على اليابسة، وإبطاء تدفقه إلى البحر، ويشكّل ذلك آلية دفاع مهمة ضد ارتفاع مستوى سطح البحر.

وعندما تذوب الأرفف الجليدية، فهي تصبح رقيقة، وتفقد قدرتها على الدعم.

ورُغم وجود أدلة متزايدة على أنّ فقدان الجليد غرب القارة القطبية الجنوبية قد يشكل أمرًا لا يمكن إصلاحه، كانت هناك حالة من عدم اليقين بشأن مقدار ما يمكن منعه عبر سياسات المناخ.

ونظر الباحثون إلى "الذوبان القاعدي"، أي عندما تقوم تيارات المحيط الدافئة بإذابة الجليد من الأسفل، وحللوا معدل ارتفاع درجة حرارة المحيطات، وذوبان الجروف الجليدية بظل سيناريوهات مختلفة لتغير المناخ.

وتراوحت السيناريوهات بدءًا من الأفضل، أي عند تمكن العالم من إبقاء الاحتباس الحراري العالمي عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، وصولًا إلى الأسوأ، حيث يحرق البشر كميات كبيرة من الوقود الأحفوري الذي يسخن الكوكب.

ووجد الباحثون أنّه في حال مَنَع العالم درجة الحرارة العالمية من تجاوز 1.5 درجة مئوية، لا يزال بإمكان تغير المناخ التسبب بارتفاع درجة حرارة المحيطات بمعدل 3 أضعاف المعدل التاريخي.

وحتّى عند خفض التلوث الناجم عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب بشكلٍ كبير الآن، فسيكون لذلك "قوة محدودة" لمنع المحيطات الأكثر دفئًا من التسبب بانهيار الغطاء الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية، وفقًا لما ذكره التقرير.

وقالت مصممة نماذج المحيطات في هيئة المسح البريطانية لأنتاركتيكا، والمؤلفة الرئيسية للدراسة، كايتلين نوتن: "يبدو أنّنا ربما فقدنا السيطرة على ذوبان الجليد في غرب القطب الجنوبي خلال القرن الـ21".

وتُعد منطقة غرب أنتاركتيكا بالفعل أكبر مُساهِمة في القارة عندما يأتي الأمر لارتفاع مستوى سطح البحر العالمي، ولديها ما يكفي من الجليد لرفع مستوى سطح البحر بمتوسط قدره 5.3 متر.

وتحتضن المنطقة نهر "ثويتس" الجليدي، المعروف أيضًا باسم "نهر يوم القيامة"، لأنّ انهياره قد يؤدي إلى رفع مستويات سطح البحر بعدة أقدام.

وسيجبر ذلك المجتمعات الساحلية والدول الجزرية المنخفضة على التعامل مع الوضع، أو التخلي عن هذه الأماكن، بحسب ما أوضحته نوتن. .

وبينما ركزت الدراسة على ذوبان الجروف الجليدية من دون تحديد التأثيرات على ارتفاع مستوى سطح البحر بشكلٍ مباشر، إلا أنّ لدى الباحثين كل الأسباب لتوقع أنّ ارتفاع مستوى سطح البحر سيزداد نتيجةً لذلك، مع تسريع غرب القارة القطبية الجنوبية من فقدان الجليد في المحيط.

وقال عالم الجليد في جامعة "كولورادو بولدر"، والذي لم يشارك في الدراسة، تيد سكامبوس، إنّ النتائج "مُقلِقة".

وشرح سكامبوس لـCNN أنّ النتائج تضيف إلى الأبحاث الحالية التي ترسم صورة مثيرة للقلق لما يحدث في القارة الواقعة في أقصى جنوب الكوكب.

وأشار سكامبوس إلى أنّ الطريقة الوحيدة لوقف ذوبان الجليد السريع لا تقتصر فقط على خفض مستويات التلوث الذي يؤدي إلى ارتفاع حرارة الكوكب، بل "إزالة بعض ما تراكم بالفعل"، ما سيشكل "تحديًا حقيقيًا".

ولكن أبدى بعض العلماء ملاحظة تحذيرية بشأن الدراسة، وقال كبير علماء الأبحاث في المركز الوطني لعلوم المحيطات في المملكة المتحدة، تياجو سيجابينازي دوتو، إنّه يجب "التعامل معها بعناية" لاعتمادها على نموذج واحد.

وتتفق النتائج التي توصلت إليها الدراسة مع الأبحاث السابقة في المنطقة، بحسب ما قاله دوتو لمركز الإعلام العلمي، ما يعطي "الثقة بأنّ هذه الدراسة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار من قِبَل صنّاع السياسات".

واعترفت نوتن وزملاؤها أنّ لدراستهم حدود، فالتنبؤ بمعدلات الذوبان المستقبلية في غرب القارة القطبية الجنوبية هو أمرٌ معقد للغاية، ويستحيل تفسير كل النتائج المستقبلية المحتملة.

ولكن عند النظر إلى نطاق السيناريوهات، أكّد مؤلفو التقرير أنّ لديهم ثقة من أنّ ذوبان الجروف الجليدية أصبح أمرًا لا مفر منه الآن.

أثر الكوارث على الزراعة

من جهة أخرى أفاد تقرير جديد صدر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) أنّ الخسائر في المحاصيل والثروة الحيوانية بلغت خلال السنوات الثلاثين الماضية ما تُقدر قيمته بنحو 3.8 تريليونات دولار أمريكي بسبب الأحداث الكارثية، وهو ما يعادل في المتوسط خسائر بقيمة 123 مليار دولار أمريكي سنويًا، أو 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي العالمي السنوي.

ويقول المدير العام للمنظمة السيد شو دونيو في تمهيد التقرير: "تعدّ الزراعة أحد القطاعات الأكثر تأثرًا وعرضة لمخاطر الكوارث نظرًا إلى اعتمادها الكبير على الموارد الطبيعية والظروف المناخية. ومن شأن الكوارث المتكررة أن تلغي المكاسب المحققة على صعيد الأمن الغذائي وأن تقوّض استدامة النظم الزراعية والغذائية.

ويكشف التقرير أنّه على مدى السنوات الثلاثين الماضية، تكبّدت البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا أعلى الخسائر النسبية التي وصلت إلى 15 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي الزراعي نتيجة الكوارث المعرّفة بأنّها اختلال خطير في الأداء الوظيفي للمجتمع المحلي أو المجتمع. وكان للكوارث أيضًا أثر كبير على الدول الجزرية الصغيرة النامية التي مُنيت بخسائر تقارب 7 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي الزراعي.

ويشير التقرير أيضًا إلى أنّ الخسائر المتعلقّة بمجموعات المنتجات الزراعية الرئيسية تواصل اتجاهها التصاعدي. فبلغت بالتالي الخسائر في الحبوب ما متوسطه 69 مليون طنّ سنويًا في العقود الثلاثة الماضية، أي ما يعادل إنتاج الحبوب بأكمله في فرنسا في عام 2021؛ وتليها الفواكه والخضروات ومحاصيل السكّر التي اقترب متوسط خسائر كل منها من 40 مليون طنّ سنويًا. وفي ما يتعلق بالفواكه والخضروات، تتوافق الخسائر مع إجمالي إنتاج الفواكه والخضروات في اليابان وفييت نام في عام 2021.

وتُظهر اللحوم ومنتجات الألبان والبيض ما متوسطه 16 مليون طنّ من الخسائر سنويًا، أي ما يعادل مجموع إنتاج اللحوم ومنتجات الألبان والبيض في المكسيك والهند في عام 2021.

وبلغت الخسائر، من حيث القيمة المطلقة، مستويات أعلى في البلدان المرتفعة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا، ولكنّ معدل انتشار الخسائر بلغ أعلى مستوى له من حيث القيمة الزراعية المضافة في البلدان المنخفضة الدخل، ولا سيما الدول الجزرية الصغيرة النامية.

وازداد تواتر الأحداث الكارثية من 100 حدث سنويًا في سبعينات القرن الماضي إلى نحو 400 حدث سنويًا في جميع أنحاء العالم خلال السنوات العشرين الماضية. وإنّ الأحداث الكارثية لا تزداد من حيث وتيرتها وشدّتها وتعقيدها فحسب، بل من المتوقع أيضًا أن تتفاقم آثارها في ظل تسبب الكوارث الناجمة عن المناخ بتفاقم أوجه الضعف الاجتماعية والإيكولوجية القائمة.

* المصادر: (WMO)+الفاو+سي ان ان

ذات صلة

أزمة البرود الجنسي: أسبابها وحلولهاالخطاب السياسي الإسلامي في العراق.. اضاءات في طريق التجديددفاع عن المثقفكيف أصبحت جامعة كولومبيا بؤرة للاحتجاجات في الجامعات العالمية؟الدولة من الريع الاستهلاكي الى الاستثمار الانتاجي