زيادة عدد الأشجار وخفض الإجهاد المائي
وكالات
2023-10-18 07:03
إصلاح النظم الإيكولوجية يجدد المصادر الحيوية للمياه في الممر الجاف في أمريكا الوسطى، والسلفادور هو أحد البلدان الستة التي تشكل الممر الجاف في أمريكا الوسطى الذي يعرف بأنه مساحة شاسعة من الأراضي المعرضة بشكل خاص لتغير المناخ وندرة المياه. ولا بدّ من استعادة النظم الإيكولوجية المتدهورة هنا من أجل إنعاش الأراضي وتجديد مصادر المياه التي يحتاج إليها الناس بشدة في حياتهم اليومية.
تخيلوا أجزاءً متفرقة من الغابات الاستوائية الجافة تفصل بينها أراضٍ زراعية تمتد على ستة بلدان واقعة في قلب القارة الأمريكية. هذا هو الممر الجاف في أمريكا الوسطى وهي أرض بطول 1600 كيلومتر تَعبر غواتيمالا والسلفادور وهندوراس ونيكاراغوا وكوستاريكا وبنما – وهي موطن 11.5 ملايين شخص من سكان الريف الذين يعتمدون بصورة كبيرة على الزراعة من أجل تأمين سبل عيشهم.
ويعتبر الممر الجاف، المعروف بعدم انتظام هطول الأمطار فيه، أحد أكثر المناطق تأثرًا بتغير المناخ في العالم وأشدها ضعفًا في مواجهته. حيث أدى ارتفاع درجات الحرارة وموجات الجفاف الحادة – بالإضافة إلى إزالة الأشجار وتدهور الأراضي – إلى تعطيش قطاع الزراعة وتهديد سكانه بانعدام أمنهم الغذائي.
وفي وسط هذا الممر الجاف يقع السلفادور، أحد أكثر بلدان العالم ضعفًا أمام المخاطر المناخية. ويعاني السلفادور حاليًا من انخفاض نسبة توفر المياه العذبة للفرد الواحد إلى مستوى خطير للغاية، ومن المتوقع ازدياد التفاوت في معدلات هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وحدوث الظواهر المناخية القصوى.
ولا بدّ من استعادة النظم الإيكولوجية المتدهورة في السلفادور والممر الجاف بوجه عام من أجل إنعاش الأراضي وتجديد مصادر المياه التي يعتمد عليها السكان من أجل تأمين أغذيتهم ودخلهم ورفاههم. وهذا هو محور تركيز مشروع "الارتقاء بتدابير القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ في النظم الإيكولوجية الزراعية في الممر الجاف في السلفادور" (RECLIMA) – وهو مبادرة بقيمة 127.7 ملايين دولار أمريكي تقودها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، بدعم من حكومة السلفادور وبتمويل من الصندوق الأخضر للمناخ.
وإليكم ثلاث طرق يساعد من خلالها مشروع المنظمة المجتمعات الريفية في السلفادور على استعادة النظم الإيكولوجية وتحسين قدرتهم على الصمود في وجه تغير المناخ:
1- إعادة زراعة الأشجار المحلية من أجل مكافحة الإجهاد المائي
كان هطول الأمطار بمعدلات دون المتوسط والاستخدام المفرط للموارد المائية قد أفضى إلى انخفاض منسوب النهر وازدياد ندرة المياه مما شكّل تهديدًا كبيرًا على سبل عيش المزارعين الأسريين في السلفادور وأمنهم الغذائي. ويمثل هؤلاء المزارعون نسبة 80 في المائة من إجمالي منتجي الأغذية في البلاد، وهم يعتمدون بصورة رئيسية على الزراعة التقليدية المروية. إذ يزرعون محاصيل الذرة والفاصولياء والذرة الرفيعة على التلال بالدرجة الأولى، حيث تكون التربة معرّضة لفقدان رطوبتها وتآكلها.
وقد شرعت المجتمعات الريفية بإنشاء مشاتل الأشجار في إطار المشروع من أجل استعادة النظم الإيكولوجية المتدهورة من خلال إعادة التشجير وتقنيات أخرى تحسن تغلغل المياه في التربة والحد من تآكلها.
وتتلقى المجتمعات المشاركة في المشروع شتلات أشجار يعود أصلها إلى أمريكا الوسطى بغية زراعتها في أراضيهم. ومن هذه الأشجار المحلية شجرة الكوناكاست، المشهورة بثمارها الشبيهة بالأذن؛ وشجرة مادري كاكاو، وهي شجرة تستخدم كعلف وترسي التوازن في الأرض وتمنع تآكل التربة؛ وشجرة ليوكاينا، المعروفة بتحسين خصوبة التربة.
وقد أشرفت المبادرة على إنشاء 33 مشتلًا حتى الآن. وجرت استعادة 13000 هكتار من النظم الإيكولوجية الهامة باستخدام أنواع أشجار أصلية.
2- تحسين قدرة المزارعين على الصمود عن طريق الحراجة الزراعية
من شأن دمج زراعة الأشجار مع زراعة المحاصيل ورعي الماشية أن يحسن تغلغل المياه في التربة وأن يعيد الرطوبة إليها، لما فيه صالح المزارعين في السلفادور والممر الجاف بشكل عام. وتعرّف هذه التوليفات بنظم الحراجة الزراعية وهي تحسن الإنتاج وتحد من تآكل التربة وتمتص الكربون.
وتحمل الحراجة الزراعية في جعبتها منافع اجتماعية واقتصادية وبيئية. فبالإضافة إلى تحسين الأمن الغذائي والتغذية، تقوم الأنواع الخشبية المعمرة (مثل الأشجار والشجيرات) بتخصيب التربة عن طريق إضافة مواد عضوية، ما يساعد في الحفاظ على رطوبة التربة وملء خزانات المياه الجوفية المحلية. ويساعد ذلك بدوره في الاحتفاظ بإمدادات مائية ضرورية في الينابيع المحلية.
وقامت المنظمة والمركز الوطني لتكنولوجيا الزراعة والحراجة في السلفادور بإشراك قرابة 23000 مزارع في أنشطة حديثة وتشاركية في المدارس الحقلية للمزارعين، سعيًا إلى زيادة ممارسات الحراجة الزراعية. وتوفر هذه الاجتماعات غير الرسمية حيزًا يتقاسم فيه المزارعون تجاربهم ويكتسبون معارف جديدة بشأن تقنيات الحراجة الزراعية التي تعزز مهاراتهم في مجال صنع القرارات.
ومن المتوقع استعادة ما يقارب 000 17 هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول منتصف عام 2024 وسوف يعود ذلك بالفائدة المباشرة على نحو ربع مليون شخص يعملون في 000 50 مزرعة أسرية.
3- استعادة الغطاء النباتي من أجل أمن المياه والعمل المناخي
تتسم الإدارة المستدامة للأراضي بأنها حل ناجح يفيد الناس والبيئة. إذ إنّ زيادة عدد النباتات والأشجار على البر يعني إزالة كمية أكبر من غاز ثاني أوكسيد الكربون من الجو وحفظه في التربة. وفي المقابل، فإنّ التربة السليمة والأكثر خصوبة والغنية بالكربون تتيح تغلغل المياه بصورة أفضل وتحسين الإنتاج.
وقام المزارعون بتنفيذ الممارسات الزراعية المستدامة على ما يزيد عن 000 20 هكتار من الأراضي، ما يساعد في استعادة الترابط الإيكولوجي، حرصًا على زيادة تنقل أنواع النباتات وسلاسة أداء العمليات الطبيعية.
وحين تترافق استعادة النظام الإيكولوجي مع الإدارة المستدامة للأراضي، فإنهما تتمتعان بقدرات عظيمة لدعم العمل المناخي: إذ قام المشروع لوحده فعلًا بخفض قرابة 2.3 ملايين طن من مكافئ غاز ثاني أوكسيد الكربون، وسيجري تنحية مليوني (2) طن آخرين من الانبعاثات عند انتهاء المشروع.
مشروع RECLIMA هو واحد من المبادرات التعاونية العديدة التي تركز على إعادة تأهيل الممر الجاف في أمريكا الوسطى. وتعمل المنظمة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، بصفتهما شريكين في رئاسة عقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية، على دعم المبادرة الرئيسية للممر الجاف في أمريكا الوسطى المتعلقة بعكس مسار تدهور الأراضي ووقف فقدان التنوع البيولوجي.