العالم يتنفس الموت: 90% من سكان الأرض يتنشقون هواء ملوثا
مروة الاسدي
2018-05-30 04:09
ماذا تريد ان تحرق، سؤال يثير بدواخلنا عدة أفكار إيجابية وسلبية، لكن هدف سؤال هو هل تعلم انك مشارك في ازمة التلوث البيئي، فعندما تحرق النفايات وتستخدم المصانع بإفراط وتجعل من الوقود الاحفوري العمود الفقري لكل احتياجاتك من الطاقة، ستحرق البيئة النظيفة وتحول بلدك الى مصدر للتلوث المميت، فمن الشرق الى الغرب تعاني اغلب دول العالم من نسبة تلوث كبيرة في الهواء تسببت فيها عوامل عدة منها ما هو راجع لعوامل طبيعية ومنها ما هو من صنع الإنسان في وقت السلم أو الحرب، وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن أكثر من سبعة ملايين وفاة مبكرة تحدث كل عام بسبب تلوث الهواء وإن ثلاثة ملايين منها سببها نوعية الهواء في الأماكن المكشوفة، وكان من بين مصادر التلوث المصانع ومحطات الكهرباء والمركبات التي تستخدم وقودا أحفوريا والغبار وحرق النفايات.
التلوث أو التلوث البيئيّ من اخطر المشكلات التي تواجه الإنسان في العصر الحديث وتهدد حياته بالخطر وإلحاق الضرر بكوكب الأرض وكلُّ من عليه؛ فالتلوث يُعرَّف بأنّه دخول مواد غريبة سواءً كانت حيويةً أم كيميائيّة أم غيرها إلى النظام البيئيّ بحيث تتسبب في إلحاق الضرر بالإنسان أو بالكائنات الحية الأخرى التي تتشارك معه هذا الكوكب أو إحداث خلل في التوازن البيئيّ في عنصرٍ واحدٍ أو أكثر من عناصرها كالماء والهواء والتراب والغذاء بحيث تفقد هذه العناصر القدرة على أداء وظيفتها الطبيعيّة وبالتالي يختلّ النظام الكونيّ.
وقد شهد العالم في السنوات القليلة الماضية تطوراً كبيراً على صعيد التكنولوجيا مما جعل حياة الإنسان أكثر راحة ورفاهية ولكن للأسف يبدو أن هذا الكوكب الذي يحتضن البشر منذ ملايين السنين ليس على وفاق تام مع التقدم التكنولوجي.
فمنذ الثورة الصناعية التي شهدها العالم منذ ما يقارب مائتي عام بدأ العالم يصاب بظاهرة التلوث، والتي أدت إلى كارثة الاحتباس الحراري، وهو ما تسبب في تغير جغرافية الأرض واختفاء الكثير من معالمها الطبيعية مثل الغابات والمناطق الجليدية التي كانت تغطي قطبي الأرض الجنوبي والشمالي، كما أدت تلك الظاهرة المزعجة إلى انقراض الكثير من الكائنات الحية التي لم تعد موجودة إلا في الكتب فقط، واضطرت، هذه الأضرار التي سببها التطور التكنولوجي الكبير والثورة الصناعية الهائلة، العديد من الدول الصناعية الكبرى إلى اتخاذ عدة إجراءات من أجل الحد من التلوث.
مؤخرا، أفاد تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 90 % من سكان العالم يستنشقون هواء ملوثا، مشيرا إلى أن أكثر من 90 % من الوفيات المرتبطة بالتلوث تسجل في البلدان ذات الدخل المتدني أو المتوسط، في آسيا وأفريقيا خصوصا. وقال مدير المنظمة إن "الأشخاص الأفقر والأكثر تهميشا هم الذين يتحملون الوزر الأكبر" من التلوث.
وتظهر أرقام أيضا أن المناطق التي تشهد أعلى مستويات تلوث في الهواء موجودة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا مع معدلات سنوية تتجاوز المستوى المحدد من قبل المنظمة بأكثر من خمس مرات، ولا يشكل النشاط البشري المصدر الوحيد لتلوث الجو. فالعواصف الرملية لا سيما تلك التي تهب بالقرب من الصحاري تؤثر كذلك على نوعية الهواء بحسب المنظمة.
الى ذلك أعلنت الوكالة الأوروبية للبيئة أن عدد حالات الوفيات المبكرة بسبب تلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة العالقة، يبلغ نحو 400 ألف حالة سنويا. وجاء ذلك في دراسة نشرت الأربعاء في بروكسل. ولكن الدراسة أشارت في الوقت نفسه إلى أن الهواء في أوروبا يتحسن ببطء، رغم أن التركيز العالي للمواد الضارة لا تزال له تأثيرات سلبية كبيرة بالنسبة لصحة الأوروبيين، لذا ولابد أن يكون الهواء نقيا صالحاً للتنفس ولا يحتوي على ملوثات من شأنها أن تسبب أضرارا بالصحة العامة وكافة أشكال الحياة والبيئة، لان جميع الكائنات لا تستطيع الاستغناء عن الهواء إلا لدقائق معدودة وليس فقط الإنسان، وتتواصل الدراسات من اجل تحسين البيئة، وقد رصدت (شبكة النبأ المعلوماتية) بعض الأخبار والدراسات نستعرض أبرزها في التقرير أدناه.
آسيا ساحة معركة حاسمة في الحرب على تلوث الهواء
قال مندوبون في مؤتمر للأمم المتحدة يوم الأربعاء إن آسيا تعد ساحة معركة حاسمة في الحرب العالمية على تلوث الهواء، حيث تسجل هناك نحو خمسة ملايين حالة وفاة مبكرة كل عام، وحث المندوبون على تطبيق القيود المفروضة للحد من التلوث على نحو أكثر صرامة.
وقالت ديتشين تسيرينج مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة في منطقة آسيا والمحيط الهادي خلال المؤتمر الذي يستمر يومين ”هناك شعور بأنه إذا كنت في مرحلة نمو من الناحية الاقتصادية فإن ذلك لا يعني أن عليك العيش في مدينة لا يمكنك تنفس هوائها“.
وتابعت قائلة ”كما أن هناك شعورا متناميا بوجود تقنيات وتمويل (للمساعدة)“، مضيفة أن المنطقة تعد ساحة معركة رئيسية في الحرب على تلوث الهواء، وذكرت منظمة الصحة العالمية في تقرير عام 2016 أن تلوث الهواء تفاقم بأكثر من خمسة في المئة بين 2008 و2013 في أكثر من ثلثي دول منطقة جنوب شرق آسيا. بحسب رويترز.
وقالت كارين هولشوف مديرة منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن الأطفال على الأخص معرضون للخطر، مضيفة أن حوالي 300 مليون طفل في العالم يعيشون في مناطق هواؤها سام.
وتابعت ”نشهد زيادة مستمرة في مدن مثل أولان باتور (عاصمة منغوليا) حيث المستشفيات مليئة بأطفال يعانون أمراضا مرتبطة بتلوث الهواء“. وكانت هولشوف تشير إلى أزمة تتعلق بالصحة العامة في المدينة ناجمة عن الضباب الدخاني السام، وقال أندرياس كوك، المدير في شركة شويش آسيا التي تطور وتنتج تقنيات للتطهير البيئي، إن الحدود المفروضة على الانبعاثات لا تطبق في آسيا، وأضاف ”إنهم بالأساس لا يستثمرون في الأمر لعدم وجود ضغوط عليهم ليفعلوا“، ودعا إلى بذل جهود لدفع الصناعات في آسيا لاستخدام تقنيات تحد من التلوث، وقالت تسيرينج إن مدنا كبيرة مثل بانكوك تحتاج لشبكات نقل عام شاملة ولدفع المواطنين لاستخدامها، إضافة إلى استخدام مركبات صديقة للبيئة مثل الدراجات.
التلوث يغير لون رخام تاج محل في الهند
يتحول اللون الأبيض الذي يشتهر به رخام تاج محل بالهند إلى اللونين الأصفر والأخضر بسبب تعرض الضريح الذي شيد في القرن السابع عشر إلى الهواء الملوث في المدينة التي تأتي في الترتيب الثامن في قائمة المدن الأكثر تلوثا في العالم.
ويحيط بالضريح، وهو أحد عجائب الدنيا السبع، نهر تتناثر فيه القمامة وكثيرا ما يغلفه الغبار والضباب الدخاني الذي ينبعث من المداخن والعربات في مدينة أجرا بشمال الهند، وقال محام معني بشؤون البيئة أمام المحكمة العليا في الهند إن حشرات متناهية الصغر تزحف من نهر جمنة، الآخذ في الجفاف والذي يصب فيه الصرف الصحي، إلى تاج محل وتزيد فضلات هذه الحشرات من تلوث الرخام.
ووجهت المحكمة انتقادا لاذعا للحكومة لأنها لم تفعل ما يكفي للحفاظ على الأثر الذي شيده الإمبراطور المغولي شاه جهان ضريحا لزوجته ممتاز محل، وقال المحامي م. ميهتا، الذي يبذل جهودا حثيثة منذ 30 عاما من أجل إنقاذ تاج محل من التلوث ”إذا لم يتمكن العلماء و(دعاة الحفاظ على البيئة) بالهند من عمل شيء، فلا أقل من أن يتصلوا بخبراء أو نشطاء أجانب يمكن أن يأتوا ويكونوا على استعداد لتقديم يد العون“.
ويشعر نشطاء بالقلق من أن يؤدي انخفاض منسوب المياه الجوفية في أجرا إلى إضعاف الأساس الخشبي للضريح. ومن بواعث القلق الأخرى الطرق المكتظة بمركبات تسبب التلوث وكذلك أعمال البناء حول الضريح، ولم يحدث التغير في لون الضريح بين عشية وضحاها، فقد سبق وحذر دعاة الحفاظ على البيئة ومؤرخون من خطر والأدخنة المنبعثة من المصانع على الضريح الرخامي، ولم يصدر تعقيب من السلطات الحكومية. وقال بوفان فيكرام، وهو عالم آثار في أجرا، إنه ليس مصرحا له بالحديث مع الصحفيين. وقال وزير الثقافة ماهيش شارما الذي تشرف وزارته على الآثار التاريخية إن وزارة البيئة هي أفضل من يتحدث عن الموضوع، لكن تعذر الاتصال بوزير البيئة للحصول على تعقيب. بحسب رويترز.
وعبر سياح يزورون الأثر عن أملهم في اتخاذ خطوات لإنقاذه، وقال فرانسيسكو، وهو سائح من الأرجنتين اكتفى بذكر اسمه الأول، ”أعتقد أن تاج محل واحد من أبرز معالم الهند، وأعتقد أن من الأفضل للمدينة أن تكون أحرص على النظافة وأن تفعل الحكومة شيئا حيال هذا“.
إجراءات قانونية من الاتحاد الأوروبي
ستحدد المفوضية الأوروبية الشهر القادم إن كانت ستتخذ إجراءات قانونية ضد تسع دول أعضاء بسبب انتهاك قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن تلوث الهواء وذلك بعد أن قدمت هذه الدول خططا للتعامل مع المسألة.
وأبلغ مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون البيئة كارمينو فيلا وزراء من الدول التسع وبينها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا صاحبة أكبر الاقتصادات في التكتل خلال اجتماع الشهر الماضي بأن صبر بروكسل أوشك على النفاد.
وقالت متحدثة باسم المفوضية إن الدول التي تشمل أيضا إيطاليا وإسبانيا ورومانيا والمجر والتشيك وسلوفاكيا أُمهلت عشرة أيام لتقديم ”إجراءات إضافية موثوقة وفعالة وفي الوقت المناسب“ للحد من الملوثات مثل أكسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة، وأضافت المتحدثة ”بوسع المفوضية أن تؤكد أن كل الدول الأعضاء المعنية قدمت معلومات إضافية سنعمل على تقييمها. سوف نناقش المسألة مرة أخرى في منتصف مارس“، وتقدر المفوضية أن 400 ألف شخص يلقون حتفهم سنويا نتيجة تلوث الهواء ولم تتحقق الأهداف التي طرحت لعامي 2005 و 2010 حتى الآن في 23 من 28 دولة. بحسب رويترز.
وقالت ألمانيا في رسالة للمفوضية بتاريخ 11 فبراير شباط اطلعت عليها رويترز إنها تدرس خططا لإتاحة النقل العام مجانا في المدن التي تعاني من مشاكل في جودة الهواء. وحددت إجراءات أخرى أكثر تقليدية مثل إقامة مناطق منخفضة الانبعاثات.
وقالت وزارة البيئة الفرنسية بدورها في بيان يوم الثلاثاء إنها تعتزم عقد اجتماع يوم الخميس مع مسؤولين محليين في مناطق تنتهك القيود على التلوث لوضع مسودة خطة بنهاية مارس آذار. وذكرت أن خطة وطنية قدمت في مايو أيار الماضي من شأنها أن تقلص الانبعاثات الضارة بالصحة.
خطة بريطانية للحد من تلوث الهواء
أعلنت الحكومة البريطانية عن إطلاق خطة جديدة تهدف إلى الحد من تلوث الهواء وتقليص تكلفته على المجتمع بنحو مليار جنيه استرليني (1.4 مليار دولار) بحلول عام 2020، وتأتي الخطة الجديدة بعد أيام فقط من قول المفوضية الأوروبية إنها ستشكو بريطانيا وخمس دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي أمام محكمة العدل الأوروبية لفشلها في احترام القيود المفروضة على جودة الهواء.
وبموجب توجيهات جودة الهواء بالاتحاد الأوروبي كان يفترض أن تلتزم الدول الأعضاء بقيود على انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين في عام 2010، أو حتى عام 2015 إذا قدمت خططا للتعامل مع المستويات المرتفعة من هذا الغاز الذي ينبعث بالأساس من استخدام المحركات التي تعمل بوقود الديزل.
وقالت المفوضية إن بريطانيا لم تحترم القيود على انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين المرتبطة بأمراض التنفس وغيرها من المشاكل الصحية، وقالت الحكومة إن خطتها تأتي إضافة إلى خطة بتكلفة 3.5 مليار جنيه استرليني لخفض تلوث الهواء من المواصلات والمركبات التي تعمل بوقود الديزل طرحتها في يوليو تموز من العام الماضي.
وتابعت الحكومة أن الخطة الجديدة تستهدف خفض عدد السكان الذين يقيمون في أماكن تتركز فيها مواد بعينها بنسبة تتجاوز الحدود التي تفرضها منظمة الصحة العالمية إلى النصف، وإضافة إلى ذلك ستطرح تشريعا يعطي السلطات المحلية سلطة تحسين جودة الهواء وضمان ألا تُطرح للبيع سوى أنواع الوقود النظيفة.
وستتخذ الحكومة إجراءات كذلك للتعامل مع الأمونيا الناتجة عن الزراعة بمطالبة المزارعين بالاستثمار في البنية الأساسية والمعدات التي تقلل الانبعاثات، وقالت إنها ستخفض تكلفة تلوث الهواء على المجتمع بما يقدر بنحو مليار جنيه استرليني سنويا بحلول 2020 تزيد إلى 2.5 مليار جنيه استرليني سنويا اعتبارا من 2030، وأثارت الاستراتيجية الجديدة انتقادات بعض المشرعين والمدافعين عن البيئة.
التسرب النفطي في ايران
امتد أسوأ تسرب نفطي منذ عقود عبر مئات الأميال من بحر الصين الشرقي بعد أن اصطدمت ناقلة نفط إيرانية تحمل أكثر من مئة ألف طن من النفط بسفينة شحن مما أدى لانفجارها ومقتل كل طاقمها وعددهم 32، وظلت الناقلة مشتعلة بينما تتسرب منها حمولتها لأكثر من أسبوع قبل أن تغرق في المياه بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية.
وكانت الناقلة سانتشي المسجلة في بنما تحمل ما يعادل نحو مليون برميل من المكثفات إلى كوريا الجنوبية. ووفقا للاتحاد الدولي لمالكي الناقلات المعني بالتلوث فإن الاصطدام سبب أسوأ تسرب نفطي منذ 35 عاما.
دخان يتصاعد من ناقلة نفط إيرانية اصطدمت بسفينة شحن واشتعلت فيها النيران في بحر الصين الشرقي في صورة التقطت يوم 9 يناير كانون الثاني 2018. صورة حصلت عليها رويترز تحظر إعادة بيعها أو الاحتفاظ بها في أرشيفات. قامت رويترز بمعالجة الصورة لتحسين جودتها.
وواجهت السلطات صعوبات في تحديد حجم التسرب لأنه يتغير يوما بعد يوم بسبب تيارات المياه القوية لكن المخاوف تتزايد بشأن التأثير المحتمل على مناطق صيد مهمة وأنظمة بيئية بحرية قبالة اليابان وكوريا الجنوبية اللتين تقعان على المسار المتوقع للتسرب النفطي حسبما أفاد المركز الوطني البريطاني لعلوم المحيطات. بحسب رويترز.
وقال المركز في تقرير نشر يوم 16 يناير كانون الثاني إن نموذج محاكاة لبحر الصين الشرقي ”وضع بشكل طارئ يظهر أن المياه التي تلوثت بسبب ناقلة النفط سانتشي الغارقة قد تصل اليابان خلال شهر“، وأضاف ”تشير أنماط المحاكاة المعدلة إلى أن التلوث بسبب التسرب النفطي ربما ينتشر لأبعد وأسرع مما كان متوقعا من قبل وأن مساحات أكبر من الساحل قد تتأثر“.