البيئة الخضراء.. اضمحلال في مواجهة الاقتلاع البشري والاحتباس الحراري

عبد الامير رويح

2015-03-08 09:25

مع تصاعد الاخطار والمشكلات البيئية المختلفة وعلى رأسها مشكلة التغيرات المناخية والاحتباس الحراري المرتبطة بقضايا التلوث المتفاقمة، يزداد الاهتمام العالمي بقضايا البيئة وتنامي المطالب بضرورة التصدي بفعالية لهذه المشكلات التي تهدد الحياة بشكل عام كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا على ضرورة الاهتمام بمعالجة هذه المخاطر من خلال الاهتمام بالبيئة الخضراء والاستفادة من الموارد الطبيعية، التي تلعب دوراً كبيرا في تنقية الهواء من الملوثات السامة الموجود في الهواء وامتصاص ثاني اكسيد الكربون وبتالي تقلل من ظاهرة الاحتباس الحراري هذا بالإضافة الى الفوائد الاخرى ومنها الحفاظ على التنوع الحيوي.

وحسب الدراسات والاحصائيات المعمولة في الاعوام الاخير وكما تشير بعض المصادر، فقد تقلصت نسبة المساحة الخضراء كثير في العقود الثلاثة الاخير ولأسباب كثيرة. وخصوصا فيما يتعلق بالغابات التي تعد من المصانع الطبيعية الضخمة والمهمة والتي تغطي أكثر من 28% من مساحة الكرة الأرضية وتتميز بخصائص هامة تجعلها ترتبط بحياة الإنسان خاصة و بنمط الحياة الأرضية عامة. لذلك فإن لتدهورها ولزوالها انعكاسات خطيرة على خطيرة على البيئة والمناخ وحياة الإنسان.

الغابات والأمطار الموسمية

وفي هذا الشأن فقد قال علماء إن إزالة الغابات على نطاق واسع في الهند قد يؤدي الى تحول الأمطار الموسمية الى جهة الجنوب وتراجع سقوط الامطار بواقع الخمس تقريبا. ومن المعروف منذ وقت طويل ان إزالة الغابات تتسبب في زيادة درجات الحرارة في المناطق المحلية لكن البحث الجديد يشير الى احتمال تأثيرها بدرجة أكبر على الامطار الموسمية.

وتؤدي إزالة الغابات الى انطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو فضلا عن تغير انعكاس الضوء على سطح الارض مع تغير كمية الرطوبة في الجو الناتجة عن عملية النتح بالنباتات أي ما يزيد عن حاجة النبات من الماء. واستعان الباحثون في معهد العلوم ببنجالور بنموذج يحاكي دورات الغلاف الجوي وعملية التمثيل الضوئي والنتح وتزايد درجة حرارة سطح المحيط وذوبان الجليد.

وكتب الباحثون يقولون "نريد فهما أساسيا لآثار إزالة الغابات على نطاق واسع في عدة مواقع على سقوط الامطار الموسمية". وأجرى الباحثون ثلاث تجارب لإزالة الغابات تماما من مناطق مدارية واخرى معتدلة وثالثة في المرتفعات ورصدوا الآثار التي ترتبت على ذلك. وأدت ازالة الغابات في المناطق المعتدلة والمرتفعة الى احداث تغيرات في دورات الغلاف الجوي ما نجم عنه تحول الامطار الموسمية الى اتجاه الجنوب.

وترجم ذلك الى انخفاض ملحوظ في تساقط الأمطار بالمناطق الموسمية من نصف الكرة الارضية الشمالي في شرق آسيا وأمريكا الشمالية وشمال افريقيا وجنوب آسيا وزيادات معتدلة في تساقط الامطار بالمناطق الموسمية من نصف الكرة الجنوبي في جنوب القارة الافريقية وامريكا الجنوبية واستراليا. وكتب العلماء يقولون في الدراسة التي أوردتها دورية الاكاديمية الوطنية للعلوم إن المنطقة الموسمية بجنوب آسيا كانت الأكثر تأثرا إذ شهدت انخفاضا في تساقط الامطار بنسبة 18 في المئة فوق الهند. بحسب رويترز.

وأشارت الدراسة الى ان الاراضي المخصصة للمزارع والمراعي زادت عالميا من 620 مليون هكتار في القرن الثامن عشر -أي نحو سبعة في المئة من مساحات الاراضي بالعالم- الى 4690 مليون هكتار عام 2000 إي ما يمثل نحو ثلث مساحة الاراضي بالعالم.

غابات المانغروف

من جانب اخر فلطالما حمت أشجار المانغروف الكثيفة مدينة كراتشي المترامية الأطراف في جنوب باكستان من بحر العرب، الا ان التلوث وانظمة الري السيئة وقطع الأشجار بطريقة غير قانونية، تعرض هذا الحاجز الطبيعي للخطر. ويخشى الخبراء من أن تضع خسارة الحاجز الطبيعي الذي تشكله غابات المانغروف المدينة التي تعد نحو 20 مليون نسمة امام خطر كبير للتعرض لعواصف عنيفة وحتى لموجات تسونامي عاتية. وبالقرب من كراتشي، ينهي نهر السند مسيرته الطويلة من جبال الهملايا في البحر.

وتعد دلتا نهر السند موئلا لغابات المانغروف الشاسعة، وهي منظومة بيئية تنمو في المياه المالحة والعذبة. ويستذكر طالب كاتشي وهو صياد في الخمسين من العمر، اختباءه من الرياح الموسمية في غابات المانغروف عندما كان في ريعان شبابه. ويقول كاتشي "في اوقات العواصف، كنا نربط ما يصل الى اربع سفن باشجار المانغروف، وعندها كنا نجلس ونتبادل الاحاديث ونغني".

الا ان الوضع الحالي لاشجار المانغروف سيء للغاية بالمقارنة مع ما كانت عليه في السابق اذ ان مساحاتها تراجعت من 600 الف هكتار في مطلع القرن العشرين الى ما لا يزيد عن 130 الف هكتار متبقية حاليا بحسب الاخصائي في علم الاحياء البحرية محمد معظم خان. فقد ذهبت مساحات كبيرة من غابات المانغروف ضحية لأنشطة قطع غير قانونية وللتلوث من المصانع القريبة ولتغييرات في تدفق النهر بسبب انظمة ري سيئة في السهول الشاسعة الموجودة في ولايتي السند والبنجاب.

وقد اطلق الصيادون الذين يعتاشون من الاسماك والمحار التي تعيش في المانغروف، نداءات استغاثة بسبب تراجع انشطتهم خلال السنوات الماضية كنتيجة لتراجع مساحات اشجار المانغروف. الا ان رحلة قصيرة بالمركب من ميناء ابراهيم حيدري للصيادين في كراتشي تظهر قيام عدد كبير من السكان المحليين بقطع اشجار غابات المانغروف ونقل اخشابها معهم. اذ ان البعض يستعين بأوراق الشجر كعلف للماشية في حين أن آخرين يحصلون لقمة عيشهم من خلال بيع الحطب المستخدم للتدفئة.

ويقول حاجي ابراهيم وهو رجل مسن بعدما ارسى مركبه الصغير في الميناء "ابيع الرزمة الواحدة بعشرة الى عشرين روبية (10 الى 20 سنتا من الدولار)". ويعتبر قطع اشجار المانغروف مخالفا للقوانين الا ان العقوبة القصوى لقطع اشجار هذه الغابات هي دفع غرامة قدرها 36 الف روبية (360 دولارا) وتضاعف الغرامة في حال تكرار المخالفة. وفي كل الحالات فإن الملاحقات القضائية نادرة جدا.

نبتة الكوكا في كولومبيا

الى جانب ذلك تسببت الزراعات غير القانونية لنبتة الكوكا التي تستخدم في تصنيع الكوكايين، بقطع حوالى 250 الف هكتار من الاشجار في غابات كولومبيا بين 2001 و2012، بحسب تقرير حديث نشرته في بوغوتا مؤسسة المانية. وأوضح الكسندر رينكون رويز الباحث في "مؤسسة هومبولت" الالمانية ان هذه الظاهرة بدأت مع اقامة خطة في العقد الاول من القرن الحالي لمكافحة المخدرات ترغم المزارعين على "حرق اراضيهم لاستئصال هذه الزراعات الممنوعة". وردا على ذلك، نقل المزارعون محاصيلهم من نبتة الكوكا الى المنطقة الفقيرة جدا المطلة على المحيط الهادئ والتي لم تكن يوما منتجة في السابق، على ما أكد رويز خلال تقديم التقرير بشأن التنوع الحيوي الذي انجزه المركز الساعي الى الترويج للتعاون العلمي الدولي.

وفي خلال عام واحد، تم القضاء على اكثر من 15 الف هكتار من اشجار الغابات، اي اكثر من 60% من غابات منطقة المحيط الهادئ، بحسب مؤسسة هومبولت التي تضم شبكتها قرابة 23 الف باحث في 130 بلدا. واضاف رينكون رويز "التداعيات البيئية جدية: فقد تراجع التنوع الحيوي المحلي. التبعات الاجتماعية خطيرة: اعمال عنف وخصوصا عمليات التهجير القسري". بحسب فرانس برس.

وتم القضاء على اكثر من 50% من الـ147 مليون هكتار من الغابات التي تعدها كولومبيا، اي ما يزيد عن مساحة هندوراس او السلفادور، بحسب نظام المعلومات امبيانتال في كولومبيا الذي يضم عددا من معاهد البحوث بينها مؤسسة هومبولت. وتعتبر كولومبيا احدى اكبر الدول المنتجة للكوكايين في العالم مع حوالى 290 طنا زرعت في 2013 بحسب الامم المتحدة.

الاشجار العملاقة

في السياق ذاته يأمل مبتكر في بيرو في التصدي لتلوث الهواء في ليما العاصمة عبر أجهزة عملاقة للتنقية تقوم بشفط ثاني اكسيد الكربون وتجديد الهواء الخانق. وأطلق خورخي جوتيريس المهندس البحري المتقاعد على منقيات الهواء المصنوعة من الصلب بارتفاع خمسة أمتار والتي ساعد في تصميمها اسم "أشجار عملاقة". ويقول إن بمقدور كل جهاز تحويل ثاني اكسيد الكربون إلى أكسجين بطاقة ما يعادل 1200 شجرة. وتولد غالبية امدادات الكهرباء في بيرو من الطاقة الكهرومائية والغاز الطبيعي وكلاهما مصدر نظيف للطاقة لكن الحافلات والسيارات تملأ الهواء بالعادم. وقال جوتيريس "يكمن السر في اعادة انتاج ما تقوم به الطبيعة مجانا لتنقية الهواء."

وتعمل أجهزة التنقية -التي يتكلف الواحد منها مئة الف دولار لكنه يحتاج إلى ستة دولارات يوميا ليعمل- على شفط ملوثات الهواء وعزلها في الماء. ويجري في نهاية المطاف تعبئة المواد الناتجة عن عملية التنقية في حاويات. ورغم ان المنقيات تدار بالكهرباء قال جوتيريس إن الانبعاثات الناجمة عنها لا تمثل سوى مقدار ضئيل مما تقوم بالتخلص منه. وأضاف انها ستدر دخلا سريعا للانفاق على تشغيلها من خلال عائدات لوحات الدعاية التي تثب عليها.

كما ان هذه المنقيات توفر فرصة نادر للمارة لاستنشاق "هواء نقي" تقوم بضخه مباشرة إلى اكشاك متصلة بها. وأثار جهاز نصب أمام مستشفى في ليما وعليه اعلان يقول "هنا هواء نظيف بالمجان" اندهاش المارة. ولا يعمل سوى جهازين حتى الان بتمويل من شركات ومؤسسات خيرية محلية. وقال جوتيريس إن ليما بحاجة إلى 400 جهاز للحد من مستويات التلوث بالمدينة التي يقطنها عشرة ملايين شخص.

من جانب اخر قال خبراء في محادثات تجريها الأمم المتحدة عن المناخ في ليما إن توفير حماية أفضل لأشجار المانجروف التي تتقلص أعدادها بسرعة قد يعود بفوائد اقتصادية واجتماعية وبيئية. وأضافوا أنه إلى جانب حماية الشواطئ من الأحوال المناخية المتطرفة وتوفير مكان أمن لتربية الأسماك يمكن أن تلعب أشجار المانجروف دورا كبيرا في الحد من انبعاثاث الكربون المسببة لظاهرة تغير المناخ وهو أمر لم يحظ بأي اهتمام حتى الآن.

وقال أكيم شتاينر المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إن العالم بحاجة إلى إدراج المانجروف -على المستويين الوطني والدولي- في "استراتيجيات خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها وغيرها من استراتيجيات خفض انبعاثات الكربون." وذكر الخبراء أن عدم وجود آليات لتمويل خفض انبعاثات الكربون أو سياسات لتعزيز الأنظمة البيئية للمانجروف فضلا عن فقدان هذه الأشجار على نطاق واسع يعني خسائر محتملة بمليارات الدولارات.

ووفقا لتقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة تجري إزالة غابات المانجروف بوتيرة أسرع ثلاث إلى خمس مرات عن الغابات الأخرى ومن ثم فإن هذه الخسائر تكون ملموسة بشكل خاص في الدول النامية التي توجد بها معظم أشجار المانجروف بما في ذلك بنجلادش والهند وباكستان وسريلانكا وكينيا والسنغال وغرب البنغال وفيتنام وجزيرة سومطرة الإندونيسية. وذكر تقرير مشترك لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومركز بحوث الغابات الدولية أطلق في ليما أن التكلفة الاقتصادية لتدمير أشجار المانجروف على مستوى العالم تقدر بنحو 42 مليار دولار سنويا. بحسب رويترز.

وقال تيم كريستوفرسن خبير الغابات وتغير المناخ لدي برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن حماية المانجروف والمحافظة عليها أمر حاسم لحماية المناخ في شواطيء العالم التي تواجه تهديدات مثل ارتفاع منسوب مياه البحار وتعاقب العواصف القوية وتسرب المياه المالحة إلى مياه الشرب.

المدن العربية

الى جانب ذلك قال خبراء إنه يتعين مراعاة معايير بيئية أكثر صرامة للبناء في مدن المنطقة العربية مع النهوض بالمجتمعات المستدامة إن كانت هذه المنطقة جادة في اغتنام الفرصة لمعالجة مشكلة تغير المناخ. وتشير تقديرات برنامج الامم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) إلى ان 56 في المئة من سكان العالم العربي يعيشون في مدن ومراكز عمرانية وهي نسبة زادت بواقع أكثر من أربعة أمثال بين عامي 1990 و2010. ومن المتوقع ان تقفز هذه النسبة إلى 75 في المئة بحلول عام 2050.

وأضافت سرعة عملية التحضر أعباء اضافية إلى الخدمات الاجتماعية والبنية الأساسية في المنطقة المعرضة بصورة أكبر للتغير المناخي. وقال مصطفى مدبولي وزير الاسكان والمرافق والتنمية العمرانية المصري في المنتدى العربي الاول للمجتمعات المستدامة والأبنية الخضراء الذي عقد بالقاهرة ما بين 8-10 كانون الاول ديسمبر الجاري إن التغير المناخي يجبر دول المنطقة جميعا على اجراء مناقشة جادة بشأن الابنية الخضراء والنهوض بالمجتمعات المستدامة.

وتتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أنماطا مناخية أشد حرارة وجفافا ولا يمكن التنبوء بها في المنطقة مما يعني تراجع ايرادات المياه السطحية بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة في معظم دول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بحلول عام 2050. ومن المتوقع أن تصبح ندرة المياه والغذاء -لاسيما في المناطق العمرانية- من أكبر التحديات التي تواجه المنطقة.

وقال جون كلوس المدير التنفيذي لبرنامج الامم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) في كلمة امام المنتدى "نحتاج الى تغيير منهجنا بالنسبة الى التحضر. بدلا من الحديث عن المشكلات يتعين ان ننظر الى التحضر باعتباره أداة". ومن بين جوانب الاستجابة لهذه الدعوة تحسين البنية الاساسية الخاصة بالابنية الخضراء فيما بذلت عدة مدن بالعالم العربي منها بيروت والرياض محاولات لمراعاة معايير البناء الاخضر.

انقاذ الغابات في الصين

من جهة اخرى تعتبر الدعوى القضائية المرفوعة ضد أربع شركات تعدين صينية متهمة بتدمير شريط من الغابات اختبارا لقانون البيئة الذي شددته بكين مؤخرا وأيضا لقدرة جماعات الحفاظ على البيئة على اخضاع الشركات للمساءلة على أفعالها. ويأمل المدافعون عن البيئة ان تفجر هذه القضية سلسلة من الدعاوى القضائية في شتى انحاء الصين حيث يتنامى السخط من النموذج الاقتصادي للنمو مهما كان الثمن الذي أتلف الكثير من الموارد البيئية سواء في الماء او السماء او الارض.

واستأجرت شركات التعدين العمال لإزالة نحو خمسة أفدنة من الغابات في جبل هولو باقليم فوجيان عام 2008 لاستخراج الجرانيت من قمة الجبل. وتقول وسائل اعلام رسمية وجماعتان مدافعتان عن البيئة رفعتا الدعوى القضائية ان شركات التعدين فعلت ذلك دون تصريح. ورفع المدعون الدعوى ضد المديرين التنفيذيين لشركات التعدين الاربعة بموجب تعديلات أدخلت على قانون حماية البيئة التي أصبحت سارية المفعول في الأول من يناير كانون الثاني وطالبوا في الدعوى بأن يتحمل مديرو الشركات تكلفة اعادة الغابة الى حالتها الطبيعية.

وسجن ثلاثة من المديرين التنفيذيين الاربعة لما يتراوح بين 14 و18 شهرا العام الماضي لادانتهم باحتلال أرض زراعية دون حق. ولم توجه للمدير الرابع تهمة في هذه القضية. وتعتبر هذه الدعوى البيئية التي رفعت امام احدى محاكم فوجيان في اوائل يناير كانون الثاني أول دعوى تقبلها المحاكم بموجب القانون الجديد المعدل. ومنذ ذلك الحين قبلت محكمة في اقليم شاندونغ الشرقي قضيتين مماثلتين.

الاشجار ترد على رسائل محبيها

على صعيد متصل ترد الأشجار في مدينة ملبورن الاسترالية على رسائل البريد الإلكتروني للمواطنين في إطار سعي السلطات تسليط الضوء على آثار تغير المناخ في بلد من المتوقع أن ترتفع فيه درجات الحرارة بشكل أكبر من جميع أنحاء العالم. وتدعو المبادرة التي يتبناها مجلس المدينة -وتضع 77 ألف شجرة في ملبورن ضمن خريطة تفاعلية- الزائرين لتوجيه رسائل بريد إلكتروني يبلغون فيها عن مشكلات مثل ميل أفرع الشجر أو نقص الري.

جاءت النتائج غير متوقعة بعد أن كتب العشرات من سكان ملبورن للتعبير عن تعلقهم بأشجارهم المفضلة. وجاء في احدى المراسلات التي حملت توقيعا بحرف (إن) فقط "عزيزتي الشجرة. اذا كنت تلك الشجرة الكبيرة المستديرة الجميلة ذات الأفرع المائلة فاعتقد انك شجرتي الأثيرة.. واصلي عملك الطيب." وتساهم رسائل البريد الإلكتروني -التي يتولى موظفون الرد عليها نيابة عن الأشجار- في بناء الوعي بالتغير المناخي في ملبورن التي تعتبر أكثر مدن استراليا قربا من الطراز الأوروبي بفضل هندستها المعمارية والجادات المزينة بالأشجار ذات الجذوع الكبيرة.

لكن نحو ربع هذه الأشجار تقريبا ومن بينها أشجار السنديان والدردار ستهلك بنهاية هذا العقد. وسترتفع هذه النسبة الى نحو 40 بالمئة تقريبا بحلول 2030 وتسبب في التعجيل بهلاكها موجات جفاف استمرت 13 عاما وانتهت في 2012 . وقال عضو مجلس المدينة ارون وود "مع اتجاه مناخنا لأن يصبح أكثر تطرفا علينا أن نهتم بالأشجار التي تلبى احتياجاتنا." وأضاف "نهدف الآن ألا يكون لدينا أكثر من خمسة بالمئة من أي نوع من الأشجار بالمدينة." بحسب رويترز.

وتقول وكالة العلوم الوطنية إن استراليا تواجه ارتفاعا محتملا في درجات الحرارة بأكثر من خمس درجات مئوية بحلول نهاية هذا القرن. جاء في رسالة أخرى موقعة بحرف (إي) فقط "عزيزتي شجرة الدلب الجميلة. أمر بجوارك في كل مرة أكون فيها في ملبورن. انت رائعة. ويحزنني ان نهايتك ستكون قبل نهايتي. اتوق لرؤيتك في المرة القادمة. أحبك."

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي