أوبك وقيود تخفيض الإنتاج النفطي
إيهاب علي النواب
2016-12-20 06:29
ما زالت أوبك قلقة بخصوص التزام الدول بتخفيض الانتاج النفطي، فالمماطلات مازالت قائمة وتحكمها الظروف التي تمر بها الدول الاعضاء، لاسيما الرئيسية منها كالسعودية والعراق وبقية الدول وان كانت مساهتمها لاتقارن بمستويات انتاج السعودية والعراق، اذ أشارت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إلى تزايد فائض المعروض النفطي في العام المقبل ما لم ينفذ الأعضاء اتفاقا لخفض الإنتاج من مستويات قياسية مرتفعة وأيضا إذا لم يلتزم المنتجون خارج المنظمة بتعهداتهم لتقليص الإنتاج.
وذكرت أوبك في تقرير شهري إن الدول الأعضاء بالمنظمة ضخوا 33.87 مليون برميل يوميا الشهر الماضي بزيادة قدرها 150 ألف برميل يوميا عن شهر أكتوبر تشرين الأول وفقا لأرقام جمعتها أوبك من مصادر ثانوية، وتظهر أرقام أوبك أن إنتاج المنظمة واصل الارتفاع ليضيف إلى تخمة المعروض العالمي قبل بدء تنفيذ أول اتفاق لخفض الإمدادات منذ 2008 في يناير كانون الثاني، وقد يثير ذلك تساؤلات حول الالتزام بشكل كامل بتنفيذ الاتفاق.
لكن أوبك تأمل بأن يؤدي كبح الإنتاج الذي تعهدت به روسيا ومنتجون مستقلون آخرون بالإضافة إلى التخفيضات التي وافقت عليها المنظمة إلى امتصاص التخمة ودعم الأسعار التي لا تزال - عند 55 دولارا للبرميل - تشكل نصف مستوياتها في منتصف 2014.
وأضافت أوبك في التقرير إن خفض إنتاج الدول غير الأعضاء في المنظمة يساعد "على تسريع خفض المخزونات العالمية ويبكر موعد استعادة سوق النفط لتوازنها إلى النصف الثاني من 2017."
ولتسريع ذلك استكملت أوبك الشهر الماضي خطة لخفض إنتاجها بنحو 1.2 مليون برميل يوميا اعتبارا من الأول من يناير كانون الثاني 2017 ليصل إلى 32.50 مليون برميل يوميا. وتعهدت الدول المنتجة غير الأعضاء في المنظمة بخفض إنتاجها بنحو 560 ألف برميل يوميا في أول تحرك من نوعه منذ 2001.
وتقرير أوبك هو الأحدث الذي يظهر ارتفاع إنتاج المنظمة إلى مستويات قياسية جديدة. وبيانات إنتاج أوبك لشهر نوفمبر تشرين الثاني هي الأعلى منذ 2008 على الأقل وفقا لمراجعة أجرتها رويترز لتقارير سابقة للمنظمة، اذ أظهرت أرقام أوبك أن ما يزيد عن ثلثي الكميات الإضافية في نوفمبر تشرين الثاني جاءت من ليبيا ونيجيريا وكلتاهما مستثناة من خفض الإنتاج لأن إنتاجهما تقلص بفعل صراعات. وزاد إجمالي الإنتاج 1.37 مليون برميل يوميا عن المستوى الجديد المستهدف.
كما أظهر التقرير أيضا أن أوبك رفعت قليلا توقعاتها للإمدادات من المنتجين خارجها في 2017 رغم أنها قالت إن تلك التوقعات قيد المراجعة.
ومع توقعات بأن متوسط الطلب على نفط أوبك في 2017 سيبلغ 32.63 مليون برميل يوميا أشار التقرير إلى متوسط فائض قدره 1.24 مليون برميل يوميا إذا أبقت المنظمة على إنتاجها مستقرا. وأشار تقرير الشهر الماضي إلى فائض قدره 950 الأف برميل يوميا، ولم تقدم أوبك توقعات تفصيلية بشأن آفاق السوق إذا التزمت جميع الأطراف بخفض الإنتاج الذي تعهدت به. وصرحت وكالة الطاقة الدولية إن السوق قد تشهد نقصا قدره 600 ألف برميل يوميا في أوائل العام القادم إذا نفذ المنتجون التخفيضات الإنتاجية.
اوبك تقنع دولا نفطية اخرى بخفض الانتاج
اعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) في فيينا التوصل الى اتفاق جديد لخفض الانتاج ودفعت دولا اخرى منتجة للذهب الاسود الى المشاركة في الاتفاق الذي تم التوصل اليه مؤخرا بين اعضاء اوبك لدعم ارتفاع الاسعار، ووافقت 11 دولة منتجة للنفط غير عضو في اوبك السبت في فيينا على خفض انتاجها ب558 الف برميل يوميا.
وستكون روسيا ابرز الدول المساهمة وسبق ان اعلنت انها ستخفض انتاجها ب300 الف برميل يوميا. والدول الاخرى المشاركة في الجهد هي المكسيك وكازاخستان وماليزيا وسلطنة عمان واذربيجان والبحرين وغينيا الاستوائية وجنوب السودان والسودان وبروناي، بحسب السادة.
وسقف ال558 الف برميل ادنى قليلا من هدف ال600 الف برميل الذي كانت اعلنته اوبك في اجتماعها الاخير في 30 تشرين الثاني/نوفمبر.
وستواصل المنظمة العمل لاقناع منتجين اخرين ليسوا اعضاء في المنظمة بالمساهمة في هذا الاتفاق الذي سيكون صالحا "لستة اشهر" اعتبارا من مطلع 2017 الى ان تستعيد السوق استقرارها بحسب الدول المنتجة.
وكانت اوبك اعلنت في 30 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي انها ستخفض انتاجها بمقدار 1,2 مليون برميل اعتبارا من الاول من كانون الثاني/يناير 2017، مما سمح بارتفاع الاسعار بنسبة 15 بالمئة. وكان هذا الاتفاق سابقة منذ خطوة مماثلة العام 2008.
وارتفع سعر برميل النفط الخفيف (لايت سويت كرود) المرجع الاميركي للخام تسليم كانون الثاني/يناير 1,07 دولار ليبلغ 50,84 دولارا في سوق المبادلات في نيويورك، وفي لندن اقفل برميل البرنت نفط بحر الشمال المرجعي الاوروبي على تراجع طفيف وبلغ سعره 54,16 دولارا عند الاغلاق.
وتوصلت الدول الكبرى في اوبك الى اتفاق 30 تشرين الثاني/يناير (السعودية والعراق والامارات والكويت) باستثناء ايران، وحصلت اوبك على موافقة المكسيك وكذلك الامر بالنسبة الى كازاخستان، وجولة المحادثات الجديدة في فيينا كانت ايضا مناسبة لموسكو للطمأنة بشأن تعهدها خفض مستوى انتاج مرتفع جدا هذا الخريف ب11,2 مليون برميل يوميا.
وكانت وزارة الطاقة الروسية اعلنت ان الشركات الروسية المنتجة للنفط ايدت مبادرة خفض انتاج النفط الخام عقب اتفاق اوبك للحد من الانتاج، ومن مصلحة موسكو التي تضررت ماليتها بتراجع اسعار النفط تحقيق زيادة طويلة في الاسعار مما يؤمن للرئيس فلاديمير بوتين هوامش كبيرة للمناورة الميزانية قبل عام ونيف على الانتخابات الرئاسية.
اما الدول الكبرى المنتجة للنفط في اوبك وعلى رأسها السعودية، فقد تأثر قطاعها المالي في نهاية المطاف بتراجع الاسعار وقررت تغيير استراتيجيتها بعدما دعمت لفترة طويلة خفض الاسعار على امل استبعاد منافسيها وخصوصا منتجي النفط الصخري الاميركيين، واكتساب حصص في السوق من جديد، وتسعى الدول المنتجة لايجاد "السعر المناسب" لبرميل النفط ومن خلال اعلان خفض انتاجها قد تجد فرصة للمنتجين الاميركيين الذين تشجعوا لمواقف الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
اتفاق أوبك قد لا يرفع أسعار النفط كثيرا
أظهر استطلاع أن اتفاق منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بشأن إنتاج النفط قد يثبت فعاليته في خفض المخزونات العالمية لكن المحللين لا يعلقون آمالا كبيرة على ارتفاع كبير في الأسعار، وإذا التزمت جميع الدول الأعضاء في أوبك بالاتفاق المبرم في فيينا يوم 30 نوفمبر تشرين الثاني لخفض الإنتاج فإن أي زيادة في الأسعار وانخفاض في المخزونات قد تتلاشي بشكل سريع إذا زاد إنتاج المنتجين المستقلين.
وأفاد شاكيل بيج رئيس تومسون لبحوث وتوقعات النفط "في الأمد المتوسط.نتوقع تقلص الفارق بين العرض والطلب لكن تعافيا قويا في الأسعار يتطلب زيادة كبيرة في نمو الطلب لخفض المخزونات المرتفعة من النفط الخام والمنتجات النفطية."
ووفقا لتوقعات 29 من المحللين وخبراء الاقتصاد استطلعت آراءهم سيكون متوسط سعر خام برنت في العقود الآجلة 44.69 دولار للبرميل في عام 2016 و57.01 دولار في 2017 مقابل 44.78 و57.08 دولار في الاستطلاع السابق قبل شهر، وأشار بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس في مذكرة "هذا خفض قصير الأمد يستهدف فائض المخزونات وليس أسعارا مرتفعة وهو ما يطلق زيادة كبيرة في الإنتاج في الولايات المتحدة وبقية العالم."
وفي أول خفض من نوعه في الإنتاج منذ 2008 وافقت أوبك على خفض بنحو 1.2 مليون برميل يوميا ، وتأمل في أن يشارك المنتجون المستقلون بخفض إضافي قدره 600 ألف برميل يوميا، ويرى معظم المحللين إن اتفاق أوبك ينبغي تمديده إلى ما بعد فترة الستة الأشهر التي تمت الموافقة عليها حاليا حتى تتوازن سوق النفط العالمية في النصف الثاني من 2017.
ويذكر راهول بريثياني المدير لدى كريسيل للبحوث "مطلوب من أوبك تخفيضات خلال 2017 حتى تتوازن السوق حيث من المتوقع أن تصل إمدادات النفط الصخري الأمريكي إلى السوق في 2017."
وبلغ متوسط سعر خام برنت في العقود الآجلة 44.50 دولار للبرميل منذ بداية العام الحالي، وتوقع الاستطلاع أن يبلغ متوسط سعر الخام الأمريكي الخفيف 43.46 دولار للبرميل في 2016 و55.23 دولار في 2017. وبلغ المتوسط نحو 43 دولارا منذ بداية 2016، ومن بين 28 مستجيبا شاركوا في الاستطاعين الحالي والسابق أبقى 16 منهم على توقعاتهم بدون تغيير، وجاءت أعلى التوقعات لخام برنت لعام 2017 من ريموند جيمس عند 83 دولارا للبرميل بينما جاء أدنى التوقعات من بي.إن.بي باريبا عند 50 دولارا.
آلافاق المستقبلية لأوبك
يتفق الجميع انه وبعد السبات الطويل الذي كانت تمر من بعد العام 1973، فأن أوبك حققت نجاح لايمكن التنصل منه او اغفاله، اذ استطاعت وبعد مخاض طويل من اللقاءات والاجتماعات الدورية، من الوصول الى قرار يفضي بتخفيض حجم الانتاج النفطي لمنتجي النفط، وان كان الامر مازال رهن قدرة الدول على الاستمرار في الالتزام بالقرار ولأي مدى يمكنها ذلك.
وهذا يعد مؤشر ايجابي لها وان كانت الظروف الطارئة وتأزم الوضع هو من دفعها للتحرك، اي بصورة اخرى هل سنشهد اتفاقات واجتماعات لأوبك تخرج بقرارات هامة ومؤثرة على الصعيد العالمي، لاسيما في فترات الاستقرار السعري او الانتاجي للنفط.
وهل بمقدور أوبك الاستفادة من هذا العارض الذي اصاب اسعار النفط بالانمكاش في وضع آلية عمل بعيدة عن التنازع والتناحر السياسي مابين الدول من أجل ضمان الحفاظ على مواردها النفطية؟ وقد يكون الجواب مُسبقاً انه ممكن في ظل تواجد فهم الدول الاعضاء وغير الاعضاء لأهمية البعد الاقتصادي في التعامل مع هكذا قرارات قبل الابعاد الاخرى وان كان السياسي منها.