شركات التكنولوجيا الكبرى تصدم مرافق توليد الطاقة الكهربائية
بروجيكت سنديكيت
2024-03-28 07:22
بقلم: تود جي بوخهولز، مايكل ميندلين
سان دييغو- لو كان جون د. روكفلر موجوداً معنا اليوم، لثبَّت في جدار منزله مُنظم درجة الحرارة الذكي الرائد من "غوغل نيست"، واغتنم بارون النفط هذا المعروف بكونه مدخرا الفرصة ليقتصد في فاتورة الطاقة الكهربائية الشهرية.
وقد بدأت شركات الطاقة التقليدية، بما فيها "إكسون موبيل" (السليل المباشر لشركة "ستاندرد أويل" التابعة لـ"روكفلر") والمرافق المحلية، تدعم شركات التكنولوجيا الكبرى بكثير من الأمل والخوف. فهل ستلغي شركات مثل "غوغل"، و"أمازون"، و"ميتا" دور قارئ العدادات ورؤسائه؟ ومن المستفيد من ذلك؟
لقد أظهرت شركات التكنولوجيا الكبرى بالفعل رغبتها في عرقلة الصناعات. فقبل 25 عاما فقط، كان مصطلح "googol"، الذي استُلهم منه اسم محرك البحث "غوغل"ـ يشير إلى رقم لا حصر له، وكانت السحابة تعني كتلة من الهواء تتطاير في السماء، وكان الجيل الخامس هو الصف الذي تركن فيه سيارتك في المرآب. وخلال العقود التي انصرمت منذ ذلك الوقت، قلبت شركات التكنولوجيا الصناعات رأساً على عقب على مستوى الشركات وتجار التجزئة على حد السواء.
لنأخذ على سبيل المثال الصيدليات التي كانت تعتمد على تحلي المتسوقين بالصبر وهم ينتظرون لأيام للحصول على وصفة طبية، ويقفون في طوابير من أجل ذلك. الآن، سوف تقدم لك شركات مثل (Hims &Hers هيمز أند هيرز) أدوية سريعة المفعول بسرية لتهدئة أعصابك، أو لتساعد في نمو شعرك، أو تعديل مزاجك. وفي الوقت نفسه، تقدم شركة (One Medical وان ميديكال) التي اشترتها أمازون العام الماضي، رعاية افتراضية عند الطلب على مدار 24 ساعة، وتحجز لك مواعيد في نفس اليوم وفي اليوم التالي- وهو إنجاز كبير بالنظر إلى متوسط وقت الانتظار لرؤية طبيب في المدن الأمريكية الكبرى التي تستغرق أكثر من ثلاثة أسابيع. وليس من المستغرب أن تنخفض هوامش ربح الصيدليات التقليدية، مما أدى إلى إفلاس شركة (Rite-Aid رايت إيد).
وكما يحتاج العالم إلى وصول أفضل إلى الرعاية الطبية، يحتاج أيضاً إلى طاقة كهربائية أكثر كفاءة وموثوقية. إذ في كثير من الاحيان، يمكث العديد من الناس في الظلام. وحتى في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة، تضاعف متوسط مدة انقطاع التيار الكهربائي بين عامي 2013 و2021، من 3.5 ساعة إلى أكثر من سبع ساعات، في حين قفزت وتيرة انقطاع التيار الكهربائي بنحو 20 في المئة. ومن غير المستغرب أن ينظر الأميركيون نظرة متشائمة لمرافقهم المحلية، حيث يقول 71 في المئة منهم أنهم سيستبدلون شركات الإمداد بأخرى، في حين تشكو الشركات من أن انقطاع التيار الكهربائي يكلفها 150 مليار دولار سنويا.
إن هذا لا يعني أن اللوم كله يقع على المرافق. إذ في الولايات المتحدة، يحدد الساسة والجهات التنظيمية المحلية وعلى مستوى الولايات الأرباح والأسعار، في حين يؤخرون تحسينات رأس المال. وتستغرق وزارة الطاقة الأميركية خمس سنوات تقريبا في تقييم أي مشروع جديد قبل الموافقة عليه، لذا فلازالت مشاريع بقدرة 2000 جيغاواط سنويا تنتظر الحصول على الموافقة.
ولا تستطيع شركات التكنولوجيا السريعة النمو والتي تبلغ قيمتها تريليون دولار أن تتحمل تكلفة انقطاع الكهرباء عنها، لذا فإنها تتولى زمام أمورها. إن محفظة أمازون فيما يتعلق بالطاقة النظيفة، التي تشمل مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في أكثر من 20 ولاية أمريكية و27 دولة، اتسع نطاقها الآن إلى درجة تكفي لتزويد 7.2 مليون منزل أمريكي بالطاقة كل عام. وفي مجال الطاقة الحرارية الأرضية في الجبل الأزرق في نيفادا، عقدت "غوغل" شراكة مع شركة "فيرفو" الناشئة للطاقة النظيفة لتزويد مراكز البيانات التابعة لشركة التكنولوجيا العملاقة هذه بالطاقة، عن طريق استغلال الحرارة المحبوسة تحت الصخور الجوراسية.
وعلى عكس المرافق التي تُثقل محطات الطاقة القديمة الطراز كاهلها والتي يجب إغلاقها، يمكن لشركات التكنولوجيا أن تبدأ من الصفر. إن متوسط عمر محطة التوربينات البخارية التي تستخدم النفط لتوليد الطاقة في الغرب الأوسط يصل إلى 70 عاماً. وفي الواقع، تتولى "وايتنغ" بولاية ويسكونسن إدارة منشأة للطاقة الكهرومائية بنيت في عام 1891- أي قبل 40 عامًا من وصل الممثل بوريس كارلوف بأقطاب كهربائية موصلة للصواعق في فيلم فرانكشتاين في نسخته الأصلية.
ومع أن المصلحة الذاتية حفزت شركات التكنولوجيا على إنشاء مصادر طاقة جديدة، إلا أنها تركز على الاستهلاكات السكنية. ولحسن الحظ، فإن شركات التكنولوجيا الكبرى موضع ترحيب بالفعل في المنازل. فقد تطورت أمازون من تسليم الكتب في صناديق بنية إلى الإجابة على الأسئلة باستخدام (Alexa أليكسا)، وتسجيل كل ما يحدث قرب جرس الباب باستخدام كاميرات (Ring رينغ).
ودمجت "غوغل" في الآونة الأخيرة خدمة (Nest Renew نيست رينيو) التي تساعد بها مستخدميها على تحسين استخدامهم للكهرباء، مع شركة البرمجيات (OhmConnect أوهمكونيكت) لتنسيق الجهود فيما يتعلق باستهلاك الطاقة في المنازل في جميع أنحاء البلاد.
وستدفع الشركة الجديدة، (Renew Home رينيو هوم) للناس مقابل تقليلها من استخدام أجهزة تنظيم الحرارة وإطفاء الأضواء خلال ساعات الذروة، أو حتى قبل أن تضرب العواصف الرعدية، عندما تكون هذه الشركة مزودة بتكنولوجيا توقعات الأحوال الجوية المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وينبغي للمسؤولين التنفيذيين في مرافق الطاقة الكهربائية التقليدية أن يستجيبوا لهؤلاء التقنيين الذين ينفقون بحرية، عن طريق إعادة مشاهدة الجزء الثاني من فيلم The Godfather، واتباع نصيحة زعيم المافيا مايكل كورليوني: "أبقِ أصدقاءك قريبين، ولكن أبق أعدائك أقرب". وفي الوقت نفسه، يجب عليهم التركيز على التواصل بصورة أفضل مع عملائهم. هل أرسل لك مزودك رسالة إخبارية أو رابط فيلم أو عشرات الورود من قبل؟ أم أنه لا يفكر في ذلك إلا عندما تشتكي من انقطاع التيار الكهربائي أو تسلل قارئ العدادات إلى الفناء الخلفي؟
وأخيرًا، يجب أن تعمل المرافق مع شركات التكنولوجيا الكبرى لتعزيز الفعالية. فقبل بضعة أسابيع، أعلنت شركة (Southern Company ساوثرن كامبني) عن صفقة مع (Samsung SmartThings سامسونغ سمارت ثينغز) لإنشاء مختبر ابتكار يهدف إلى تحفيز التواصل بين الثلاجات الذكية، وغسالات الأطباق، وفاتحات أبواب المرآب في محاولة لتوفير الطاقة. وفي سان دييغو، تتعاون شركة المرافق (Sempra سيمبرا مع شركة Fermata Energy فيرماتا إينيرجي) حتى تتمكن السيارات الكهربائية من بيع طاقة بطارياتها مرة أخرى إلى الشبكة عندما يصل الطلب إلى الذروة.
ومنذ عصر روكفلر وتوماس إديسون، كانت المرافق كيانات موثوق بها في مجال الاستثمارات، وكانت الخيار المفضل النمطي للأرامل اللواتي يسعين للحصول على أرباح من الاستثمارات وغيرهن من المستثمرين الذين يتجنبون المخاطرة. وسواء زادت سخونة المناخ أم لا، فإن هذه المرافق تحظى باهتمام كبير. ومع ظهور شركات التكنولوجيا الكبرى، بدأت التوترات في التصاعد.