أين هو عجز الطاقة؟
بروجيكت سنديكيت
2015-07-05 05:46
جوستاين ايكيلاند
مارتيني، سويسرا ــ إذا تمكنا من استجماع واستخدام الطاقة الناتجة عن دقيقتين فقط من أشعة الشمس الساقطة على الأرض، فإن هذا سيكون كافياً لتزويد سياراتنا بالوقود، وإنارة وتدفئة مبانينا، وتغطية كل احتياجاتنا الأخرى من الكهرباء لمدة عام كامل. المسألة ببساطة أن البشر لا يواجهون نقصاً في الطاقة. بل نحن نواجه تحدياً فنياً يتمثل في استجماع الطاقة وتسليمها للمستهلكين؛ وتتلخص واحدة من أكثر الطرق كفاءة لمواجهة هذا التحدي في الاستثمار في سبل أفضل لتخزينها.
الواقع أن العديد من المشاكل التي يواجهها العالم اليوم يمكن تتبعها إلى استخدام الطاقة، من الصراعات حول إمدادات النفط والمخاوف بشأن الانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحراري العالمي إلى خسارة الإنتاجية والناتج بسبب نقص وانقطاع التيار الكهربائي. ففي العديد من أجزاء العالم الأكثر فقرا، يعمل نقص الطاقة على خنق التنمية الاقتصادية. وعلى مستوى العالم، يعجز أكثر من 1.3 مليار شخص عن الوصول إلى التيار الكهربائي؛ ونحو 2.6 مليون شخص لا يستطيعون الوصول إلى أجهزة وأدوات الطهي الحديثة. وأكثر من 95% من هؤلاء الأشخاص يعيشون في بلدان منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا أو بلدان آسيا النامية، ونحو 84% منهم يعيشون في مناطق ريفية.
خلال الفترة السابقة للانتخابات الرئاسية الأخيرة في نيجيريا، على سبيل المثال، سُئِلَت مواطنة نيجيرية عن الذي تريده من المرشحين، فردت بإجابة من كلمة واحدة "الإنارة". ذلك أن الكهرباء، وهي سلعة أساسية، من شأنها أن تسمح لها بالاستمرار في العمل ولأطفالها بالاستمرار في الدراسة.
وتمثل الطاقة التي لا يمكن الاعتماد عليها أو غير المتاحة مشكلة في قسم كبير من أفريقيا وشبه القارة الهندية، فضلاً عن بعض أجزاء أخرى من آسيا. ووفقاً لتقرير صادر عن هيئة الطاقة الدولية، فإن تحسين قطاع الطاقة من الممكن أن يقدم ما يعادل عشر سنوات من النمو في بعض الأجزاء الأكثر فقراً من العالم.
لقد تفاقمت أزمة الطاقة العالمية بسبب افتقارنا إلى الإبداع. فوفقاً لدراسة أجراها مختبر لورانس ليفرمور الوطني التابع لحكومة الولايات المتحدة، فإننا نهدر أكثر من 60% من الطاقة التي نستخدمها بين وقت توليدها واستهلاكها. ويتضمن هذا عدم كفاءة تحويل الوقود الأحفوري إلى تيار كهربائي، والخسائر أثناء النقل، والسلوك المسرف من جانب المستهلك، والحاجة إلى الاحتفاظ باحتياطي لمنع انقطاع التيار الكهربائي.
الواقع أننا في احتياج إلى موجة جديدة من الإبداع قادرة على القضاء على الهدر، والحد من التلوث، وتوسيع القدرة على الوصول إلى الطاقة في مختلف أنحاء العالم. وهذا يعني التركيز على التكنولوجيات المعززة للكفاءة مثل الاتصالات اللاسلكية، والاتصالات من آلة إلى آلة، والعدادات الذكية، وتحسين إدارة الإنتاج.
إن مصادر الطاقة المتجددة، بما في ذلك طاقة الشمس والرياح، في وضع جيد يسمح لها بالمساهمة في تلبية الاحتياجات من الطاقة في كل من الاقتصادات الناضجة والناشئة. ولكن لأن الشمس لا تشرق دائما، ولأن الرياح لا تهب دائما، فإن الطاقة المستمدة من هذين المصدرين غير مستقرة ومتقطعة. وسوف تستمر هذه الحال في فرض مشكلة كبرى ما لم نتمكن، وإلى أن نتمكن، من تخزين الطاقة من المصادر المتجددة بكفاءة.
وقد توصلت دراسات أجرها مجلس تنسيق الكهرباء في غرب الولايات المتحدة إلى أن إيجاد طرق أفضل لتخزين الطاقة كفيل بخفض إجمالي هدر الطاقة بنحو 18% وتعزيز كفاءة استخدام التيار الكهربائي بنسبة قد تصل إلى 11%. وتحسين أساليب تخزين الطاقة من شأنه أيضاً أن يسهل عملية تسليم التيار الكهربائي إلى مناطق يصعب الوصول إليها والتي تعاني من نقص الخدمة حاليا، فضلاً عن المساعدة في تحقيق أفضل قدر من استخدام مصادر الطاقة النادرة غالبا.
وتتلخص واحدة من الطرق المجربة لتخزين الطاقة في استخدام الطاقة الفائضة لضخ المياه إلى خزانات، حتى يصبح من الممكن استخدامها في وقت لاحق لتشغيل توربينات عندما يرتفع الطلب. ولكن هذا النهج لا يكون عملياً إلا في المناطق الجبلية، الأمر الذي يجعله غير صالح كحل يغطي سوقاً ضخمة. وتتضمن المناطق الواعدة في البحوث البطاريات الضخمة التي يمكن شحنها وتفريغها عشرات الآلاف من المرات، وتحليل البيانات لتحقيق الاستخدام الأمثل للبطاريات وجعل الشبكة فعّالة قدر الإمكان.
الواقع أنها ليست كافية لتوليد الطاقة. لذا يتعين علينا أيضاً أن نستخدمها بكفاءة، وسوف يشكل تبني أحدث تكنولوجيات التخزين على نطاق واسع جزءاً أساسياً من الحل. لا شك أن ضمان استقرار وكفاءة إمدادات الطاقة العالمية وسهولة الحصول عليها بأسعار معقولة سوف يستغرق بعض الوقت. ولكن الاختراقات التكنولوجية تلوح في الأفق. وتتلخص مهمتنا في الإصرار على تحقيق هذه الغاية.