أوبك واستمرار الصراع حول تخفيض الإنتاج

إيهاب علي النواب

2016-11-15 09:49

لايزال الوضع في أوبك كما هو عليه، اجتماعات ولقاءات مكثفة ومستمرة ولكن دون الوصول الى نتيجة يتفق عليها الجميع او قرار يمثل منطلق لأوبك في تحديد استراتيجيتها بعيدة المدى، التي تسعى من خلالها على الحفاظ أسعار النفط عالمياً، حتى تحولت هذه الاجتماعات الى أشبه بالصراع والخلاف بدل الاتفاق، وهذا ما يخدم المستوردين ويضر المصدرين، وعلى الرغم من محاولة أوبك الظهور بصورة إعلامية إيجابية موحدة، الا ان الصورة لاتزال ضبابية فالاتفاق حول سقف إنتاجي قد يصل الى طريق مسدود، لاسيما بعد مطالبة دول مثل العراق وايران إعفاءها من هذا الاتفاق، من جهة أخرى اكد محمد باركيندو الامين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) ان التنسيق بين الدول الاعضاء في المنظمة والدول غير الاعضاء "مهم للغاية" لإعادة التوازن الى السوق النفطية، وصرح باركيندو في الدورة التاسعة عشرة لمعرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول "أديبك 2016" "نعتقد ان من المهم للغاية ان تجتمع الدول الاعضاء وغير الاعضاء في اوبك وان تقوم بعمل منسق لإعادة التوازن الى هذه السوق لمصلحة الجميع".

وتعهدت اوبك بعد لقاء في الجزائر في 29 ايلول/سبتمبر خفض انتاجها لأول مرة منذ ثماني سنوات بسبب تراجع الاسعار في الاسواق العالمية، واضاف باركيندو ان "الاتفاق يؤكد التزام المنظمة باستدامة اسواق النفط".

واوضح على هامش المؤتمر ان روسيا، الدولة غير العضو في المنظمة والمصدرة الرئيسية للنفط، "موافقة" على اتفاق المنظمة في شان الحد من الانتاج، بحسب ما اوردت شبكة بلومبرغ، وأجرى مسؤولو اوبك محادثات مع روسيا وغيرها من الدول غير الاعضاء في المنظمة في فيينا لمناقشة كيفية تطبيق الخطة.

وسعى كل من العراق وإيران ونيجيريا وليبيا الى استثنائها من خطة المنظمة لخفض الانتاج، بحسب بلومبرغ، الا ان باركيندو اكد ان ايران "ستكون جزءا" من اتفاق الجزائر، ومنذ سريان الاتفاق النووي بين ايران والدول الكبرى في كانون الثاني/يناير، رفعت العقوبات الدولية عن طهران التي زادت صادرتها من النفط الى نحو مليون برميل يوميا، اذ تسعى ايران التي تملك رابع اكبر مخزون نفطي في العالم الى استعادة حصتها في السوق.

من ناحيته، صرح وزير النفط العراقي جبار لعيبي ان بغداد "مصممة" على التعاون مع جميع الدول الاعضاء وغير الاعضاء في اوبك من اجل استقرار الاسعار وانتاج النفط عند المستويات "المناسبة"، وطالب العراق باستثنائه من اتفاق خفض الانتاج لانه يخوض حربا ضد تنظيم داعش الارهابي، ويرى بعض المحللين ان موقف بغداد قد يعرقل تطبيق اتفاق اوبك.

السعودية تهدد برفع إنتاج النفط مجدداً مع عودة السجال مع إيران

أفادت قالت مصادر بأوبك إن خلافا بشأن النفط بين السعودية ومنافستها إيران طفا مجددا على السطح في اجتماع لخبراء أوبك الأسبوع الماضي مع تهديد الرياض بزيادة إنتاجها النفطي بقوة لخفض الأسعار إذا رفضت طهران فرض قيود على معروضها.

وأصبحت المواجهات بين القوتين المؤثرتين في أوبك اللتين تخوضان حروبا بالوكالة في سوريا واليمن أمرا متكررا في السنوات الأخيرة، الا ان التوترات هدأت في الآونة الأخيرة بعدما وافقت السعودية على اتفاق لكبح إمدادات النفط العالمية مما زاد من احتمال أن تتخذ أوبك خطوات لدعم أسعار الخام.

لكن اجتماعا لخبراء أوبك خصص للعمل على وضع التفاصيل الخاصة بالتخفيضات التي سيجرى مناقشتها خلال اجتماع وزاري لأوبك في 30 نوفمبر تشرين الثاني شهد صداما بين السعوديين والإيرانيين مرة أخرى وفقا لأربعة مصادر في أوبك حضروا الاجتماع، حيث صرح مصدر ان السعوديون هددوا بزيادة إنتاجهم إلى 11 مليون برميل يوميا وحتى 12 مليون برميل يوميا مما سيخفض أسعار النفط وهددوا بالانسحاب من الاجتماع."

وامتنعت قيادة منظمة أوبك عن التعليق على المناقشات التي جرت خلال الاجتماعات المغلقة الأسبوع الماضي. ورفض مندوبو أوبك السعوديون والإيرانيون التعليق بشكل رسمي، من جهتها زادت السعودية الإنتاج منذ 2014 ليصل إلى مستويات قياسية عند نحو ما بين 10.5 و10.7 مليون برميل يوميا وإضافة إمدادات جديدة لن تؤدي سوى لزيادة تخمة المعروض العالمي التي أدت بالفعل لانخفاض الأسعار أكثر من النصف من 115 دولارا للبرميل منذ منتصف 2014.

وذكرت المصادر نفسها بأوبك إن التهديد السعودي جاء عقب اعتراضات من إيران التي قالت إنها غير راغبة في تثبيت إنتاجها، وردت إيران إنها يجب أن تعفى من مثل هذه القيود في الوقت الذي يتعافى فيه إنتاجها بعد رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي التي كانت مفروضة عليها.

ويأتي التهديد السعودي تزامناً مع ذكريات حرب الإمدادات التي بدأتها الرياض في نهاية 2014 لاستعادة الحصة السوقية من المنتجين مرتفعي التكلفة، وانتقدت إيران وغيرها من أعضاء أوبك بشدة الإستراتيجية السعودية، وخففت الرياض موقفها منذ تعيين خالد الفالح وزيرا للطاقة في مايو أيار هذا العام.

واتفقت أوبك في اجتماع بالجزائر على خفض مبدئي متواضع لإنتاج النفط وذلك في أول اتفاق من نوعه منذ 2008 مع منح وضع خاص لليبيا ونيجريا وإيران الذين تضرر إنتاجهم بفعل الحروب والعقوبات، وتسلط إثارة توترات جديدة وهو ما لوحظ في اجتماع الخبراء الأسبوع الماضي الضوء على الطبيعة الهشة لاتفاقات أوبك، وأمام المنظمة طريق طويل قبل أن تحول اتفاقها الأولي في الجزائر إلى اتفاق حقيقي.

حرب مستمرة بين السعودية وإيران

أبلغ الوفد السعودي لدي أوبك نظيره الإيراني أن طهران يجب أن تثبت إنتاجها عند 3.66 مليون برميل يوميا وهو أحدث تقدير لإنتاج إيران من قبل خبراء أوبك المعروفين بالمصادر الثانوية، وأعلنت إيران أن إنتاجها بلغ 3.85 مليون برميل يوميا في سبتمبر أيلول وقالت إنها ستقيد إنتاجها عند ما يعادل 12.7 بالمئة من إجمالي سقف إنتاج أوبك أي 4.2 مليون برميل يوميا، وذكرت مصادر أوبك إن الحجة المضادة التي قدمتها إيران في الاجتماع أن السعودية رفعت إنتاجها نحو مليون برميل يوميا منذ 2014 وأنها تحاول في الوقت الحالي إقناع الآخرين بأنها ستخفض الإنتاج 400 ألف برميل يوميا للتوصل إلى اتفاق رغم أن الرياض ربحت بالفعل إنتاجا وإيرادات إضافية.

وصرح علي كاردور العضو المنتدب لشركة النفط الوطنية الإيرانية لموقع معلومات وزارة النفط "العمل في قطاع النفط مثل العمل في جبهات الحرب وعلينا أن نحافظ على مواقعنا بزيادة طاقتنا الإنتاجية قدر ما نستطيع، وأضاف ان اجتماع أوبك القادم يقترب ولن نتوقف عن استعادة حصتنا في المنظمة" مضيفا أن إنتاج إيران من النفط الخام يقترب من أربعة ملايين برميل يوميا.

وكانت مصادر بأوبك بينت إن المملكة عرضت خفض إنتاجها من ذروته في فصل الصيف البالغة 10.7 مليون برميل يوميا إلى 10.2 مليون برميل يوميا إذا وافقت إيران على تثبيت إنتاجها عند مستويات بين 3.6 و3.7 مليون برميل يوميا تقريبا.

ارتفاع أسعار النفط بعد إقرار أوبك إستراتيجية طويلة الأجل

ارتفعت أسعار النفط من أدني مستوياتها في شهر في التعاملات الآسيوية يوم الثلاثاء بعد أن أقرت أوبك إستراتيجية طويلة الأجل اعتبرت مؤشرا على أن المنظمة توصلت إلى توافق في الآراء بشأن إدارة الإنتاج، لكن تحقيق المزيد من المكاسب سيكون محدودا على الأرجح في الوقت الذي يتأثر فيه السوق سلبا بمزيد من المؤشرات على ارتفاع إنتاج أوبك إلى مستوي قياسي وذلك في إشارة على أن تخمة المعروض التي كبحت الأسعار لم تتقلص بالوتيرة السريعة التي يريدها المراهنون على ارتفاع الأسعار.

وارتفعت أسعار النفط بما يصل إلى 13 في المئة منذ أعلنت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في 27 سبتمبر أيلول عن خفض الإنتاج لدعم الأسعار التي تراجعت منذ منتصف 2014، واشارت المنظمة الى إن وضع التفاصيل النهائية لتخفيضات الدول الأعضاء لإنتاج النفط سيجري في اجتماع في وقت لاحق هذا الشهر.

الا ان المنظمة وافقت على وثيقة يوم الاثنين تحدد استراتيجيها طويلة الأجل مما يعنى عودتها إلى دورها لإدارة السوق وأن تصبح فاعلة أكثر في توقع التغيرات بالسوق، وارتفع إنتاج أوبك إلى مستوى قياسي على الأرجح في أكتوبر تشرين الأول ليصل إلى 33.82 مليون برميل يوميا مع استئناف نيجيريا وليبيا بشكل جزئي للإنتاج بعد تعطيلات فيما رفعت العراق مبيعاتها الخارجية للنفط.

وتأخر إقرار الوثيقة مرارا مع قول الأعضاء المؤيدين لأسعار مرتفعة مثل الجزائر وإيران إن أوبك ينبغي أن تستعد للدفاع عن أسعار الخام من خلال خفض الإنتاج، اما السعودية التي تعد أكبر عضو بالمنظمة صرحت منذ نهاية 2014 إن أسعار النفط ينبغي أن تتحدد على أساس العرض والطلب وإن على أوبك عدم تقليص الإنتاج كي لا تتيح مجالا للمنتجين مرتفعي التكلفة.

ومازال تنفيذ خفض فعلي في الإنتاج يشكل تحديا أمام أوبك حيث أخفق مسؤولوها يوم الجمعة في التوصل إلى حل وسط بعد محادثات استمرت ساعات واعتراضات من إيران، لكن مسؤولين آخرين في المنظمة من بينهم أمينها العام محمد باركيندو مازالوا متفائلين بالتوصل إلى اتفاق نهائي لخفض الإمدادات خلال الاجتماع القادم لوزراء النفط في 30 نوفمبر تشرين الثاني.

الشكوك حول اتفاق أوبك تبقي توقعات أسعار النفط دون تغيير

أظهر المسوحات حول اسعار النفط وتطوراتها أن هناك تحفظات حول قدرة كبار منتجي النفط في العالم على التوصل إلى اتفاق ملزم لتقييد إنتاج النفط دفعت المحللين للإبقاء على توقعات الأسعار بوجه عام دون تغيير، وتوقع 35 محللا واقتصاديا استطلعت رويترز آراءهم أن يبلغ متوسط سعر العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 44.78 دولار للبرميل في 2016 و57.08 دولار للبرميل في 2017 مقارنة مع 44.74 دولار و57.28 دولار في توقعات نفس الفترة.

ومن المتوقع أن تعمل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والتي اتفقت على خفض الإنتاج إلى نطاق يتراوح بين 32.5 و33 مليون برميل يوميا الشهر الماضي في الجزائر على وضع التفاصيل الخاصة بالتخفيضات الفردية لكل دولة في اجتماعها الرسمي في نوفمبر تشرين الثاني،

لكن مع انضمام العراق إلى إيران وليبيا ونيجريا في طلب الإعفاء من خفض الإنتاج يتشكك المحللون في قدرة أعضاء أوبك على التوصل إلى توافق في الآراء.

وطلب العراق إعفاءه من قيود أوبك لإنتاج النفط الخام بحجة إنه بحاجة إلى دخل النفط لمحاربة تنظيم داعش الارهابي، وتريد إيران وليبيا ونيجيريا الذين تضرر إنتاجهم بفعل العقوبات أو الصراعات إعفاءهم من الخفض، وأوضح جيفري كويجلي مدير أسواق الطاقة لدي ستراتاس أدفيزورز ان إعفاء دول كبرى وكذلك النظرة السلبية للاتفاق من جانب العراق كلاهما يدعم الفكرة القائلة بأن أي تحول حقيقي في السوق الحاضرة أمر غير مرجح.

ويتوقع المحللون موجة بيع واسعة يمكن أن تهبط بالأسعار تجاه 40 دولارا للبرميل حال فشل التوصل إلى اتفاق فضلا عن بقاء تخمة المعروض القائمة حتى منتصف 2017 على الأقل.

وأظهر الاستطلاع أن احتمال رفع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) وتباطؤ الاقتصاد الصيني وتراجع المخاوف الجيوسياسية في دول مثل ليبيا ونيجيريا قد يكبح التعافي في أسعار النفط، وتوقع المسح أن يبلغ متوسط سعر الخام الأمريكي الخفيف 43.46 دولار للبرميل في 2016 و55.22 دولار في 2017. وبلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 42.31 دولار في المتوسط منذ بداية 2016.

أوبك واجتماعات لخفض الإنتاج

اجتمع مسؤولون من منظمة أوبك مع منتجين من خارجها لدعم خطة المنظمة لخفض الإنتاج بعد يوم واحد من عجز الدول الأعضاء في المنظمة عن الاتفاق على كيفية تنفيذ الخطة، ومع وصول مسؤولين من خارج المنظمة للاجتماع مع اللجنة العليا في أوبك لم يدل سوى ممثل أذربيجان وهي غير عضو في أوبك بتصريحات مؤيدة للحاجة لتعاون الدول المنتجة لدعم الأسعار.

ويجري تداول النفط قرب 50 دولارا للبرميل أي أقل من نصف السعر في منتصف 2014 بفعل تخمة المعروض المستمرة ما يؤثر على إيرادات الدول المنتجة، ولم يتحدث أي من المسؤولين الآخرين من خارج أوبك عن تحرك مشترك للمنتجين، كما تشارك في الاجتماع روسيا وهي من أكبر الدول المنتجة في العالم وتدعم تحرك أوبك لدعم الأسعار ولكن لم يدل ممثلها بأي تصريحات في فيينا حتى الآن.

وذكرت مصادر بمنظمة أوبك إن مسؤولي المنظمة المجتمعين لبلورة تفاصيل خطتهم الرامية لخفض إنتاج النفط لم يتوصلوا لاتفاق بعد محادثات استمرت ساعات يوم الجمعة وسط معارضة من إيران التي ترفض حتى تثبيت إنتاجها، كما تشارك في الاجتماع من المنتجين من خارج أوبك المكسيك وسلطنة عمان وبوليفيا، ويتألف اجتماع اللجنة العالية المستوى من محافظي أوبك وممثلو الدول الذين يرفعون تقاريرهم إلى الوزراء المعنيين، وتبدو إيران حجر العثرة الرئيسي الذي قد يحول دون التوصل لاتفاق، ويواجه الاتفاق انتكاسات محتملة بسبب مطالبة العراق بإعفائه منه وكذلك مطالب دول مثل إيران وليبيا ونيجيريا الذين تضرر إنتاجهم من جراء العقوبات أو الحروب ويريدون زيادة المعروض.

ان الوضع الحالي قد يبدو انه مازال مربكاً وغير مستقر، وان طالت الاجتماعات فأنها قد لا تفضي الى نتيجة تخدم مصالح أعضاء أوبك، والخوف من أن تتحول الشقة والخلاف في هذه الاجتماعات واللقاءات، لاسيما مع إصرار العراق وإيران، الى خلاف دائم، ينهي مساعي أوبك في معالجة الوضع، ويطرح مختصون في الشأن النفطي، أنه على أوبك دراسة إستراتيجيات جديدة بعيدة عن تحديد السقف الانتاجي للتصدير او خفض الانتاج النفطي، وأن تفكر بضرورة وجود حلول جديدة ممكن ان يتفق حولها جميع أعضاء أوبك، مثل تحديد الاسعار الخاصة بالبيع او امكانية اتباع سياسة التخفيض التدريجي للإنتاج النفطي وغير ذلك من الحلول التي من الممكن أن ترى النور، في ظل بقاء قرار أوبك الخاص بالتخفيض النفطي في عتمة ودوامة لإفراغ منها ولا ضوء في أخر الطريق.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي