ايران: نمو اقتصادي يخفي التراجع لمكافحة الفساد

إيهاب علي النواب

2016-11-07 09:39

يبدو أن ايران وبعد رفع العقوبات الاقتصادية وان كان الرفع جزئياً، تشهدت انتعاشاً واضحاً في اقتصادها، تترجم ذلك في رفع طاقتها الانتاجية من النفط الخام، وفتح المجال امام الشركات العالمية للاستثمار في حقول النفط، وانشاء عقود وصفقات تجارية مع العديد من الدول، وفتح روابط جديدة بينها وبين العالم، وعلى الرغم من التخوفات بهذا الشـأن نتيجة للأجواء الايرانية السياسية المشحونة بالتوترات، بالاضافة الى مشكلة نقص المعلومات وغيرها، الا ان ايران تحاول ان تظهر بصورة اخرى من اجل جذب الانظار اليها، وفي هذا الصدد صرح وزير التجارة البريطاني ليام فوكس إن التبادل التجاري يزداد بين بريطانيا وإيران وإن الحكومة تعمل على تبديد مخاوف القطاع المصرفي التي تعرقل اتساع نطاق التجارة بين البلدين.

وعلى الرغم من إزالة القيود المصرفية الدولية على إيران في يناير كانون الثاني لم تنجح طهران في إقامة روابط سوى مع عدد محدود فقط من البنوك الصغيرة حيث ما زالت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليها سارية في حين ما زالت المؤسسات الأجنبية الكبيرة تخشى من تكبدها غرامات محتملة.

وأضاف فوكس خلال مؤتمر عالمي للتمويل ببطء ولكن بحماس متزايد بدأت الشركات البريطانية العمل مع إيران مجددا.. نحن نرى المؤشرات الأولى على نمو التبادل التجاري بين بريطانيا وإيران، وأضاف استمرار مخاوف القطاع المصرفي من تسهيل السداد أو تقديم خدمات مالية تعني أن الاستفادة من رفع العقوبات لم تتحقق بالكامل بعد وحل هذه المشكلات ما زال أولوية لدى الحكومة.

وأشار فوكس الى إن الحكومة تتعاون مع القطاع المصرفي لإيجاد قناة مالية لحل أزمة المدفوعات الإيرانية وإن بريطانيا في وضع ملائم للمساعدة في تحديث البنوك الإيرانية الخاصة.

وأضاف أن الحكومة البريطانية تعطي أولوية للفرص المتاحة للمصدرين في قطاعات مثل التجزئة والرعاية الصحية والصناعات التحويلية المتقدمة والتعدين والمطارات والطيران وأنها سترسل وفدا من قطاع التعدين إلى طهران في ديسمبر كانون الأول، وان إيران مازالت على الرغم من ذلك مكانا محفوفا بالتحديات للقيام بالاستثمار وتحتاج إلى المزيد لتلبية المعايير المصرفية العالمية وتحفيز الإصلاح إذا أرادت جني ثمار ما بعد رفع العقوبات.

وتابع ينبغي أن تكون الشركات البريطانية التي تسعى للتجارة أو الاستثمار في إيران على دراية بالعقوبات التي مازالت سارية وكذلك القواعد التجارية وقيود التصدير وأن تحرص على أن تكون كل الأنشطة التجارية صحيحة تماما.

دعت ايران الشركات الاسيوية الاربعاء الى الاستثمار فيها وقالت ان رفع العقوبات عنها فتح الابواب امام فرص اعمال واسعة، الا ان مجموعة مناهضة لايران حذرت من ان تلك الشركات قد تدعم "الارهاب" بطريقة غير مباشرة.

في المقابل وصرح محافظ البنك المركزي الايراني ولي الله سيف خلال قمة مخصصة للاعمال في سنغافورة ان الاصلاحات التي نفذت منذ تولي الرئيس حسن روحاني منصبه في 2013 ساعدت على استعادة الاستقرار الاقتصادي، بينما ساعد رفع العقوبات في احياء التجارة مع باقي العالم.

ويتوقع ان يسجل اجمالي الناتج المحلي الايراني نموا بنسبة 5% هذا العام والذي يليه، مقارنة مع 3% في العامين الماضيين، بحسب ما صرح سيف لرجال اعمال من سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية واستراليا.

حيث وقعت طهران اتفاقا تاريخيا مع القوى الغربية لانهاء سنوات من العقوبات مقابل خفض نشاطاتها النووية التي تقول ايران انها لاغراض سلمية، الا انه لاتزال الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي يفرضان عقوبات على ايران بسبب اتهامها بدعم حركات مسلحة وبرنامجها للصواريخ البالستية وسجلها في حقوق الانسان.

وحذرت مجموعة "متحدون ضد ايران نووية" الشركات الاجنبية من التعامل مع ايران ونشرت اعلانا على صفحة كاملة في النسخة الاسيوية من صحيفة "فاينانشال تايمز" ينتقد القمة.

الا ان سيف ذكر ان رفع العقوبات المرتبطة بملف ايران النووي خلق فرصا غير مسبوقة للمستثمرين في ايران.

والى جانب قطاعي النفط والغاز، يستطيع المستثمرون الاستثمار في قطاعات البتروكيماويات والفولاذ وتعدين النحاس والادوية والاتصالات والملاحة والمعدات والسياحة والبنى التحتية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما اشار سيف الى المزايا العديدة التي توفرها ايران بدءا باقتصاد قيمته 450 مليار دولار ووجود قوة عاملة ماهرة ومتعلمة، كما ان عدد سكان البلاد يبلغ 80 مليون نسمة، ويمكن للشركات الحصول على مصادر الطاقة الرخيصة، وفي شباط/فبراير استطاعت ايران من توقيع اتفا مع سنغافورة لحماية الاستثمارات بعد اقل من شهرين من رفع العقوبات عن ايران في 16 كانون الثاني/يناير.

مطالب بعدم سيطرة الشركات الاجنبية على قطاع النفط

اعتبر قيادي بارز في الحرس الثوري الايراني ان التعاون مع شركات اجنبية في مشاريع النفط ضروري ولكن منح هذه المشاريع للشركات هو "عار" وطني، وفيما تسعى وزارة النفط الى استقطاب الاستثمارات والتكنولوجيا الاجنبية الى قطاع النفط الايراني، تواجه معارضة من اجهزة اخرى في النظام.

وصرح الجنرال عبد الله عبد اللهي رئيس شركة "خاتم الانبياء" الصناعية العملاقة "لا احد يعارض مجيء الاجانب الى البلاد. نستطيع ان نتعاون معهم .. ولكن من العار ان نكون تحت ايدي اجانب ولدينا هذا العدد الكبير من الشباب المتعلمين"، وتعد "خاتم الانبياء" اكبر مقاول في قطاع الصناعة الايراني وعارض مدراؤها خطط وزارة النفط الاخيرة بمنح شركات دولية مسؤولية مشاريع كبيرة.

واضاف عبد اللهي "لا نقول اننا يجب ان لا نستخدم المعرفة الحديثة والمتطورة، ولكننا نؤكد ان المعرفة الضرورية موجودة في بلادنا"، بحسب ما نقلت عنه وكالة اسنا الطلابية للانباء.

جاءت هذه التصريحات بعد ان اعلن نائب رئيس شركة النفط الوطنية الايرانية غلام رضا منوشهري اطلاق عروض "خلال شهرين" لتطوير حقل ازدغان الجنوبي، موضحا ان الشركات الاجنبية ستتولى المشاريع النفطية الكبيرة.

وفيما بدا انه تراجع عن ذلك اعلن وزير النفط الايراني بيجان نمدار زنقنة الاحد انه بات بامكان الشركات الايرانية تقديم عروض لتطوير حقل ازدغان الجنوبي النفطي (غرب) والذي تهتم ايضا بتطويره شركات اجنبية كبيرة.

وكانت وسائل اعلام عدة وعدد من المسؤولين المحافظين انتقدوا قرار وزارة النفط حصر تطوير المشاريع الكبيرة بشركات دولية.

قلق من الاستثمار في الحقول النفطية الايرانية

بعد عامين من تعهد إيران بفتح قطاعها النفطي ترقبا لرفع العقوبات عنها تقول شركات أجنبية إنها لا تزال تعاني من شح المعلومات عن حقول النفط الإيرانية وشروط العقود وهو ما يعرقل قرارات الاستثمار.

وزار رؤساء شركات نفطية كبرى من بينها بي.بي وتوتال وإيني ورويال داتش شل ولوك أويل طهران هذا العام مع رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي عن إيران في يناير كانون الثاني، وأمضت وفود تلك الشركات أسابيع في اجتماعات مع المسؤولين الإيرانيين قبيل بدء الطرح المزمع لعطاءات الاستثمار الشهر القادم.

الا ان عدة مسؤولين تنفيذيين كبار وأعضاء من وفود المفاوضات أبلغوا بأنهم لم يحصلوا بعد على معلومات كافية حول الطبيعة الجيولوجية للحقول الإيرانية أو شروط العقود، وبينما تتطلع الشركات الأجنبية بشغف إلى العمل في إيران التي تحوز عشر الاحتياطيات العالمية من النفط إلا أنها أيضا تتوخى الحذر من أي شروط تعاقدية ربما تقودها إلى الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية المتبقية.

وإذا أدى هذا الغموض إلى إحجام الشركات عن المشاركة في العطاءات أو الاستثمار في أماكن أخرى فربما يقوض ذلك خطط الرئيس الإيراني الإصلاحي حسن روحاني لجذب استثمارات بما يصل إلى 185 مليار دولار من شركات النفط الكبرى إلى 50 مشروعا وزيادة إنتاج بلاده إلى 5-6 ملايين برميل يوميا من الخام من أقل من أربعة ملايين برميل حاليا.

وربما يحرم ذلك الجمهورية الإسلامية من دخل تحتاجه بشدة وهي تسعى للتعافي من عقوبات استمرت لأعوام وأضرت اقتصادها، وتزايدت حدة المنافسة بين الدول المنتجة للنفط على جذب استثمارات أجنبية على مدى السنوات الخمس الماضية نظرا لاكتشافات كثيرة لاحتياطيات جديدة من الطاقة في دول مثل البرازيل والولايات المتحدة.

ويخيم التناحر السياسي في طهران على آفاق قطاع الطاقة في البلاد. فخصوم روحاني المتشددون يعارضون بقوة تمكين شركات أجنبية من السيطرة على حقول النفط قائلين أن هذا يتعارض مع الدستور الذين ينص على عدم تملك الأجانب للموارد الطبيعية بينما تقول الحكومة إن معارضيها يعرقلون التعافي الاقتصادي.

ويذكر بعض المسؤولين التنفيذيين في قطاع النفط الذين يتطلعون للاستثمار في إيران إن هناك غموضا أيضا حول ما إذا كانت الصفقات ستتطلب موافقة البرلمان أم لا وهو مبعث قلق في بلد ذي نظام حكم معقد يفتقر إلى الشفافية يمسك بزمام السلطة فيه مسؤولون منتخبون وغير منتخبين.

ومع الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو أيار تتنامى المعارضة لروحاني وحلفائه هذا العام من جانب المتشددين المقربين من الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي ومن الحرس الثوري وهو قوات النخبة العسكرية ذات التأثير السياسي القوي.

وشهد هذا العام تغييرات في إدارة شركة النفط الوطنية الإيرانية التي يوجد مقرها في أحد أقدم المباني في العاصمة طهران، وتسبب التغييرات في تأخر الموافقة لعدة أشهر على النموذج الجديد للعقود مع الشركات الأجنبية والمسماة بعقود البترول الإيراني.

ويرى مسؤولون إيرانيون إن العقود الجديدة ستكون أكثر ربحية للمستثمرين عن عقود إعادة الشراء التي كانت مستخدمة في التسعينات - آخر فترة زمنية سمح فيها للشركات الأجنبية بالاستثمار في الحقول الإيرانية- حيث ستستعيد الشركات أموال الاستثمارات من خلال تصدير النفط والمنتجات البترولية.

في حين ان شركات مثل توتال وإيني ذكرت إنها خسرت أموالا في الماضي بسبب عقود إعادة الشراء ودعت طهران إلى العمل بالعقود الجديدة على مدى العامين الماضيين. وفي أغسطس آب وافقت حكومة روحاني أخيرا على النموذج الجديد للعقود قائلة إنه يدشن حقبة جديدة من الاستثمارات في في حقولها النفطية التي تحوز احتياطيات تقدر بنحو 157 مليار برميل.

ورغم مرور شهرين على تلك الموافقة لا تزال الأمور غامضة أمام الشركات النفطية التي تتفاوض مع إيران فيما يتعلق بالشروط المحددة في العقود الجديدة وما إذا كانت تلك العقود تحتاج إلى موافقة البرلمان أم لا، من جهة اخرى أفاد مستثمرون غربيون محتملون إنهم لم يروا بعد وثائق لحقل جنوب أزاديجان أو أي حقل آخر تتعلق باحتياطياته أو العمل المطلوب منهم القيام به، اذ ذكر مسؤول من شركة نفطية كبيرة ان ما رأيناه فقط حتى الآن هو إطار عمل للعقود الجديدة لكن الرسوم والشروط ليست واضحة. يقول المسؤولون الإيرانيون إن تلك الموضوعات ستناقش بين الشركات الأجنبية وشركة النفط الوطنية، اذ تزال مسألة الشراكة مع أطراف محلية أيضا غير واضحة.

معدلات قياسية في انتاج وتصدير النفط

أفاد مصدر مطلع ان صادرات البلاد من الخام والمكثفات في أكتوبر تشرين الأول تقترب من أعلى مستوى في خمس سنوات الذي سجلته في سبتمبر أيلول مما يعكس نجاح طهران في زيادة شحناتها بعدما جرى رفع العقوبات الغربية التي كانت مفروضة عليها.

وتضخ ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) نحو 4.5 مليون برميل يوميا من الخام والمكثفات النفطية الخفيفة الفائقة الجودة بحسب مسؤولي قطاع النفط المحليين. وزادت طهران إجمالي صادراتها إلى نحو المثلين منذ رفع العقوبات التي كانت تستهدف برنامجها النووي في يناير كانون الثاني.

وتسعى إيران لزيادة إنتاجها من النفط والمكثفات إلى أكثر من خمسة ملايين برميل يوميا بحلول 2020 وقال نائب وزير النفط يوم الاثنين إن إنتاج إيران يكفي حاليا تقريبا للموافقة على سقف الإنتاج الذي وضعته أوبك في خطتها الشهر الماضي.

وبحسب برنامج الناقلات المبدئي تتجه صادرات إيران من النفط والمكثفات إلى بلوغ 2.56 مليون برميل يوميا في أكتوبر تشرين الأول انخفاضا من 2.60 مليون برميل يوميا في سبتمبر أيلول.

وكانت صادرات سبتمبر أيلول الأعلى منذ منتصف 2011 وتقدرها بعض المصادر بنحو 2.8 مليون برميل يوميا مقارنة مع مستوى دون 2.5 مليون برميل يوميا بقليل في أغسطس آب.

وتلقت صادرات سبتمبر أيلول دعما من الطلب القوي على المكثفات وأكبر مشتريات شهرية صينية خلال العام عند 744 ألف برميل يوميا وهو ما بدد أثر انخفاض نسبته 23 بالمئة في الحمولات المتجهة إلى أوروبا.

وتتجه شحنات الخام في أكتوبر تشرين الأول إلى تسجيل أدنى مستوى في ثلاثة أشهر عند مليوني برميل يوميا لكن صادرات المكثفات من المتوقع أن ترتفع بنسبة 22 بالمئة مقارنة مع سبتمبر أيلول إلى 559 ألف برميل يوميا مستثنى منها الكميات التي جرى تحميلها من المخزونات وهو أعلى مستوى منذ رفع العقوبات.

ومن المرجح أن يبلغ إجمالي حجم صادرات النفط والمكثفات من إيران إلى آسيا في أكتوبر تشرين الأول 1.83 مليون برميل يوميا انخفاضا من 1.96 مليون برميل يوميا في سبتمبر أيلول لكن هذاالمستوى ما زال أكثر من مثلي المستوى الذي جرى تسجيله قبل عام.

كما تذكر المصادر ان قدرة ايران الانتاجية من النفط ستصل الى اربعة ملايين برميل يوميا بحلول اذار/مارس بعد ان تم استثناؤها من اتفاق غير رسمي بين الدول الاعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) لخفض الانتاج بهدف تعزيز الاسعار.

اذ صرح وزير النفط الايراني بيجان نمدار زنقنة في مؤتمر للشركات المحلية والدولية ان انتاجنا بلغ 3,8 ملايين برميل يوميا بعد النصف الاول من العام. وسنرفعه الى 4,03 ملايين برميل بنهاية السنة" الايرانية في اذار/مارس 2017، واضاف ان ايران تهدف الى الوصول بانتاجها الى 4,6 ملايين برميل يوميا خلال خمس سنوات.

ووافقت دول اوبك في اجتماعها في الجزائر الشهر الماضي على خفض انتاجها من النفط لاول مرة منذ ثماني سنوات، رغم انها سمحت لايران وليبيا ونيجيريا بمواصلة انتاجها عند المستوى الاقصى المنطقي، وايران مصممة الى العودة الى مستوى انتاجها قبل العقوبات، وعرقلت في السابق جهود اوبك لخفض الانتاج.

وفي ذات السياق ذكر وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه خلال مؤتمر حول الطاقة إن بلاده تأمل بتعزيز إنتاجها من الغاز الطبيعي مطلع العام المقبل لتصل به إلى مستويات مماثلة لإنتاج قطر، وأضاف الوزير أن أولوية إيران هي تطوير حقل بارس الجنوبي للغاز الطبيعي الذي تتقاسمه مع قطر بالإضافة إلى حقول النفط المشتركة.

وأشار زنغنه إلى أن عقود النفط والغاز الجديدة للشركات العالمية والمحلية ستركز على زيادة معدلات استخراج النفط.

علاقات وتبادل تجاري واسع النطاق

حيث أفادت وزارة التجارة التايلاندية إن بلادها تهدف لاستئناف صادرات الأرز إلى إيران وذلك عقب اجتماع تجاري بين البلدين في العاصمة التايلاندية بانكوك، واجتمعت قيادات تجارية من البلدين على هامش منتدى حوار التعاون الآسيوي وهو اجتماع بقيادة تايلاند يهدف إلى تعزيز الحوار بين مختلف المنظمات الإقليمية، وإن بلادها اتفقت مع إيران على استئناف التجارة الثنائية وأنهما يستهدفان زيادة حجم التجارة المشتركة بين البلدين من 310 ملايين دولار إلي ثلاثة مليارات دولار بحلول 2021.

وأبلغت الوزيرة أن تايلاند ثاني أكبر مصدر للأرز عالميا تستهدف تصدير 700 ألف طن من الأرز إلى إيران سنويا وهو نفس مستوي الصادرات قبل تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران في 2012، وفي فبراير شباط وقعت تايلاند وإيران أربع مذكرات تفاهم بقيمة 4.3 مليار بات (123 مليون دولار) سيجري بموجبها شحن 300 ألف طن من الأرز الأبيض وأرز الياسمين إلي إيران.

من جهة أخرى تذكر مصادر إن رويال داتش شل وقعت مذكرة تفاهم مبدئية مع الشركة الوطنية للبتروكيماويات الإيرانية بهدف التعاون في مجال البتروكيماويات، وصرح هانز نيجكامب مدير الإدارة المختصة بشؤون إيران لدى شل إن توقيع المذكرة جاء بعد أشهر من المفاوضات بين الشركتين ، وتابع نعتقد أننا يمكننا إطلاق مشروعات مشتركة في مجال البتروكيماويات مع الشركة الوطنية للبتروكيماويات.

كما ذكر المتحدث باسم وزير النقل الألماني ألكسندر دوبرينت إن الوزير سيسافر إلى إيران مع وفد تجاري للقاء وزير النقل والصناعة في حين صرح مصدر بالقطاع إن سيمنس ستكون حاضرة، وتتفاوض سيمنس منذ فترة طويلة مع إيران بخصوص عقد لتكنولوجيا السكك الحديدية والقطارات. وتقول مصادر بالصناعة إن الصفقة قد تزيد قيمتها على ملياري يورو (2.25 مليار دولار)، وقد كان وزير الاقتصاد الألماني زيجمار جابرييل زار إيران في بداية الشهر وتلقت سيمنس خلال الزيارة طلبية لبناء أجزاء من 50 عربة قطار، وترتبط ألمانيا بعلاقات اقتصادية وثيقة مع إيران وتسعى الشركات الألمانية للعمل هناك مجددا بعد رفع العقوبات.

وفي عالم الاتصالات وشبكة الانترنت ذكرت فودافون البريطانية إنها ستدخل في شراكة مع شركة الانترنت الإيرانية هاي ويب للمساعدة في تحديث شبكتها والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لتصبح مجموعة الهاتف المحمول البريطانية أحدث شركة غربية تعمل في إيران بعد رفع العقوبات.

وأفادت فودافوان ثاني أكبر شركة هاتف محمول في العالم والتي تعمل في أوروبا وأفريقيا وأستراليا ومصر إن التعاون مع هاي ويب -في إطار اتفاق شراكة لا يتضمن أسهم- سيفيد عملاء الشركة في العديد من الدول عند السفر لإيران، وتسعى كثير من الشركات الأوروبية للاستفادة من فتح ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة بعد رفع العقوبات الأمريكية في 16 يناير كانون الثاني إثر موافقة إيران على تقييد برنامجها النووي، وتتيح إيران فرصا لشركات الاتصالات التي تسعى للتوسع في الأسواق الناشئة نظرا لصغر متوسط عمر السكان وارتفاع نسبة امتلاك الهواتف المحمولة.

وهذا مادفع أورانج الفرنسية وهي منافس رئيسي لفودافون الى ان تجري محادثات مع شركة الاتصالات المتنقلة الإيرانية أكبر مشغل لخدمات الهاتف المحمول في إيران، في الوقت ذاته تمت خصخصة شركة هاي ويب في 2009 ونالت ترخيصا لتقديم خدمات الانترنت المتنقلة على مستوى البلاد في 2014 وفازت بعقد حكومي لتقديم خدمة الانترنت فائق السرعة حصريا إلى 25 ألف قرية في أنحاء متفرقة من إيران في 2014 ومدته عشر سنوات.

ومن زاوية اخرى مختلفة، حيث ينأى صناع السجاد الإيراني بأنفسهم عن حكومتهم في الترويج لعملهم اليدوي في الوقت الذي يسعون فيه إلى استعادة المبيعات الأمريكية القيمة والحفاظ على الوظائف في أعقاب رفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد.

وصرح حميد كارجار رئيس المركز الوطني للسجاد الإيراني في بريد إلكتروني ردا على أسئلة في إطار قمة للاستثمار في الشرق الأوسط السجاد الإيراني ينتجه نساجون ونساجات يعملون للقطاع الخاص ومن ثم فليس للحكومة تأثير كبير، وساعدت سنوات العقوبات المنافسين الثلاثة الرئيسيين لإيران في صناعة السجاد اليدوي الهند وباكستان وتركيا على ترسيخ أقدامهم في العديد من المناطق بما في ذلك الولايات المتحدة.

وأضاف كارجار إن الولايات المتحدة أكبر مشتر في العالم للسجاد اقتنت ما قيمته 80 مليون دولار من السجاد الإيراني في 2010 قبل تشديد الحظر التجاري، ويبرز سعي إيران لاستعادة حصتها في السوق الأمريكية للسجاد جهودها لإصلاح علاقتها التجارية فيما يخص العديد من المنتجات.

والمغزى من ذلك هو رسالة تحمل في طياتها أن السجاد الإيراني مستقل عن الحكومة وأنها منتجات فنية تحمل رسالة سلام وصداقة إلى العالم، وتنتعش الصادرات الإيرانية من السجاد مجددا لكنها بعيدة عن استعادة كامل حصتها السوقية التي فقدتها ومازال العديد من البنوك والمشترين حذرين بشأن التعامل مع إيران بسبب التوترات السياسية المستمرة مع الغرب.

ومنذ يناير كانون الثاني حين استؤنفت مبيعات السجاد إلى الولايات المتحدة جرى شحن ما قيمته 49.3 مليون دولار من السجاد الإيراني إلى الولايات المتحدة، وفي الفترة بين مارس آذار وسبتمبر أيلول من هذا العام صدرت إيران ما قيمته 134 مليون دولار من السجاد اليدوي أو ما يعادل 2330 طنا إلى 80 دولة. وهذه زيادة بواقع 17.7 بالمئة من حيث القيمة وارتفاع عشرة بالمئة من حيث الوزن مقارنة مع نفس الفترة قبل عام.

يذكر إن هناك ما يقرب من مليون ناسج سجاد في إيران بينهم 700 ألف يعملون بدوام كامل، ويستهدف المركز الوطني للسجاد المساهمة في زيادة الطاقة الإنتاجية لإيران من خلال تقديم المساعدة في ترتيب القروض والتغطية التأمينية لتحديث وتطوير مراكز التصنيع وشراء المواد الخام، وخلال سنوات العقوبات عوضت إيران جزئيا خسارة حصتها السوقية في الولايات المتحدة وأوروبا من خلال إيجاد مشترين جدد في روسيا والصين وجنوب إفريقيا وبعض دول أمريكا اللاتينية، وإن إيران مازالت تسيطر على 30 بالمئة من حجم التجارة العالمية للسجاد اليدوي.

وبالرغم من كل هذا التفاؤل الذي قد حملته هذه السطور، الا ان جو التفاؤل هذه يشوبه كثير من علامات الاستفهام والغموض، من خلال اسئلة كثيرة قد تطرح وقد لاتجد اجابة في القريب العاجل؟! فمثلا هل ستبقى سياسة ايران على ذات المسار في الانفتاح على العالم؟ خاصة وان مسائل كثيرة مازالت معلقة وقد تستغلها دول كثيرة بما فيها الولايات المتحدة الاميركية وتضغط بها اسرائيل ودول اخرى اقليمية ومجاورة للنيل من النجاحات التي تحققها ايران، منها قضية الاتفاق النووي والحرب ضد داعش ودعم ايران لسوريا والعراق واليمن، وبهذا تبدو ان كل الطروحات ممكنة وكل التوقعات واردة، وهذا مايهدد اقتصاد ايران، فكما نعلم رأس المال جبان، وممكن ان تضيع الفرصة من يد ايران اذا لم تستغلها بصورة صحيحة، خصوصاً وان هناك انتخابات جديبدة في الولايات المتحدة الاميركية، والتي يبدو ان مصير كل شيء متعلق بها.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي