الاقتصاد الأمريكي: نهاية الديون أم بدايتها
ندى علي
2016-08-09 09:09
لا يزال الاقتصاد الأمريكي يتأرجح بين مؤشرات القوة والضعف، وينعكس ذلك على الاقتصاد العالمي قوة وضعفا، وهناك تساؤلات تُثار بين حين وآخر عن إمكانية الاقتصاد الأمريكي على إنقاذ الاقتصاد العالمي من مخاطر تحيق به، أهمها حالة التباطؤ التي تضرب اقتصاد الصين منذ حزيران 2014 والى أمد قد يطول او يقصر بحسب المساعي العالمية لتفادي ذلك.
وقد أبدى الاقتصاد الأميركي مؤشرات ضعف جديدة يمكن أن تحيي الجدل بين المرشحين للرئاسة الأميركية حول الوضع الاقتصادي للولايات المتحدة، ومع ذلك لا يزال السوق الأمريكي يسجل ارتفاعا في إقبال العائلات على شراء المواد الاستهلاكية، اعتمادا على ثقة الناس بتصاعد الدخل وزيادة نسبة الوظائف في القطاعات الحكومية في عموم الولايات المتحدة بحسب ظنهم.
وعلى صعيد الاقتصاد الأمريكي وعوامل القوة الداخلية ومنها القوة الشرائية للداخل الأمريكي، فقد كان لإقبال المواطنين على شراء السلع الاستهلاكية باندفاع وبلا تردد أو حذر إعطاء زخم جيد لهذا الاقتصاد، حيث تضاعفت الموارد وانتعشت الآمال مجددا بمواصلة النمو واستقراره.
وقد تمكن الاقتصاد الأول عالميا في الفصل الثاني من الاعتماد على محركه التقليدي أي استهلاك العائلات الذي شهد ارتفاعا كبيرا (+4,2%) وتسارعا كبيرا بالمقارنة مع الفصل الأول (+1,6%). فالأميركيون تهافتوا خصوصا على سلع الاستهلاك التي ارتفع شراؤها بنسبة 6,8%، وهي الأعلى المسجلة منذ ست سنوات تقريبا، وكذلك على الخدمات التي ارتفع استهلاكها مقارنة بالفصل السابق (+3,0%). وقال الخبراء في مركز "باركليز ريسيرش" ان "العائلات ما زالت تثق في آفاق مداخلها والوظائف".
وهناك نموذج اقتصادي أمريكي داخلي مثير للإعجاب، يمثل نموذجا ناجحا لدول العالم الأخرى
حيث تُعتبر كاليفورنيا الآن سادس أكبر اقتصاد في العالم متفوقة على فرنسا وذلك بفضل اقتصاد الولاية القوي وارتفاع الدولار الأمريكي. وقالت إيرينا أسموندسون كبير اقتصاديي إدارة المالية بكاليفورنيا عبر الهاتف إن كاليفورنيا كانت ثامن أكبر اقتصاد في العالم في 2014 أصبحت في المركز السادس وبعده فرنسا في السابع، أما الهندي فتأتي في المركز الثامن. وأضافت "حققت كاليفورنيا أداء طيبا على نحو استثنائي في 2015" وقالت إدارة المالية بولاية كاليفورنيا في نشرتها لشهر يونيو حزيران إن الولاية وهي أكثر الولايات الأمريكية سكانا تفوقت على بقية الولايات المتحدة في نمو الوظائف.
ولم يقدم البنك المركزي الأمريكي على أي تغيير في معدل الفائدة، تحاشيا للمخاطر التي قد تطول الاقتصاد العالمي حيث أبقى الاحتياطي الفدرالي الذي يقوم بمهام المصرف المركزي الأميركي، على معدلات الفائدة بلا تغيير مشيرا الى "المخاطر" التي ينطوي عليها الوضع الاقتصادي العالمي. ويعكس هذا الموقف الحذر القلق المستمر على الاقتصاد العالمي وخصوصا التباطؤ الصيني. وقالت لجنة السياسة النقدية في بيان ان "الوضع الاقتصادي والمالي العالمي ما زال ينطوي على مخاطر".
في سياق آخر هناك مخاوف تتصاعد بين الشركات الامريكية، من احتمال صعود دونالد ترامب الملياردير الأمريكي الى البيت الأبيض، حتى وإن ابد وول ستريت مؤشرات عن الوقوف الى جانبه، فاذا كان الملياردير دونالد ترامب يملك كل الميزات المطلوبة للحصول على مباركة وول ستريت التي ساعدته على بناء إمبراطوريته العقارية، فان احتمال فوزه بترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية يثير مخاوف أقطاب الرأسمالية الأميركية.
وهناك قائمة طويلة من المخاوف تقف وراء احتمال وصول ترام بالى الرئاسة تخشاها أسواق المال، تبدأ بحرب تجارية مع كل من الصين والمكسيك، ولا تنتهي عند زيادة الضرائب على الأكثر ثراء. وفي كل الأحوال هناك تساؤلات تثار بصوت عال عن إمكانية الاقتصاد الأمريكي بمنح الاقتصاد العالمي سمة الثبات والنمو والاستقرار، على الرغم من مؤشرات الضعف.
خيبة امل جديدة في النمو الاميركي
في هذا السياق ابدى الاقتصاد الاميركي مؤشرات ضعف جديدة يمكن ان تحيي الجدل بين المرشحين للرئاسة الاميركية حول الوضع الاقتصادي للولايات المتحدة. وبين ايار/مايو وحزيران/يونيو، ارتفع اجمالي الناتج الداخلي الاميركي بنسبة 1,2% بوتيرة سنوية، في تسارع طفيف بالمقارنة مع الفصل الاول الذي كان بطيئا اصلا (0,8 بالمئة)، حسب البيانات التي نشرتها وزارة التجارة.
وهذا الاداء السئ الذي خيب امل المحللين، يمكن ان يعطي ذرائع للمرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي لا يكف عن انتقاد الوضع الاقتصادي بعد ثماني سنوات من حكم الديموقراطي باراك اوباما. وقال جيسون فورمان كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس الاميركي ان "التقرير الذي نشر اليوم يدل على انه ما زال هناك عمل يجب القيام به"، محاولا التقليل من اهمية خيبة الامل الاقتصادية هذه.
وتمكن الاقتصاد الاول عالميا في الفصل الثاني من الاعتماد على محركه التقليدي اي استهلاك العائلات الذي شهد ارتفاعا كبيرا (+4,2%) وتسارعا كبيرا بالمقارنة مع الفصل الاول (+1,6%). فالاميركيون تهافتوا خصوصا على سلع الاستهلاك التي ارتفع شراؤها بنسبة 6,8%، وهي الاعلى المسجلة منذ حوالى ست سنوات، وكذلك على الخدمات التي ارتفع استهلاكها مقارنة بالفصل السابق (+3,0%).
وقال الخبراء في مركز "باركليز ريسيرش" ان "العائلات ما زالت تثق في آفاق مداخلها والوظائف". وفي نبأ سار اخر، سجلت التجارة الخارجية نتائج ايجابية في الفصل الثاني، بعد ان كانت تثقل النمو في الاشهر الاخيرة بسبب ارتفاع سعر الدولار. وسجلت الصادرات ارتفاعا (+1,4% مقابل -0,7% في الفصل الاول)، فيما واصلت الواردات تراجعها (-0,4%) بحسب الوزارة.
هذه الارقام الايجابية على المستوى الدولي تشير الى ان البلبلة التي اثارها تصويت بريطانيا في 23 حزيران/يونيو لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي لم تصل الى السواحل الاميركية حتى الان. وسعى البنك المركزي الاميركي (الاحتياطي الفدرالي) الى الطمانة بشأن تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي مؤكدا ان المخاطر الاقتصادية المحدقة بالولايات المتحدة على المدى القصير "تراجعت".
ورغم ذلك اصطدمت هذه الديناميكية جزئيا بانهيار نفقات استثمار القطاع الخاص التي سجلت اكبر هبوط لها منذ سبع سنوات (-9,7%). وفي التفاصيل واصل استثمار الشركات التراجع (-2,2%) للفصل الثالث على التوالي فيما هبط استثمار الافراد في قطاع العقارات بنسبة 6,1% بعد ارتفاع 7,8% في الفصل الاول من العام.
كذلك ساهمت الدولة والادارات المحلية في ابطاء النمو الاميركي بتخفيض نفقاتها بنسبة 0,9% مقارنة بالفصل الاول في تراجع غير مسبوق منذ عامين. وغذى هذا الاداء المخيب توقعات المحللين الاكثر تشاؤما الذين يتوقعون انكماش الاقتصاد الاميركي بحسب فرانس برس.
في هذا الاتجاه، قال جيسون شينكر من "برستيج ايكونومكس" "ما زلنا نرى ان الاقتصاد الاميركي سيبدأ التراجع في اواخر 2016، وارقام اجمالي الناتج الداخلي اليوم تعزز توقعاتنا". وفي جميع الاحوال يؤدي هذا النمو المرهق الى تعقيد المعادلة بالنسبة الى الاحتياطي الفدرالي الذي رسم صورة متفائلة الى حد ما للاقتصاد الاميركي متوقعا احتمال زيادة الفوائد.
عودة الميزانية الأمريكية لذروة ما قبل الأزمة المالية
وقد أظهر مسح قريب أن ميزانية الولايات الأمريكية عادت في السنة المالية 2016 إلى مستويات ذروة ما قبل الركود وذلك بعد ثمانية أعوام مع تعديل الأرقام لاحتساب التضخم. وقالت الجمعية الوطنية لمسؤولي ميزانية الدولة في المسح المالي الذي يجرى مرتين سنويا للولايات الأمريكية منذ عام 1979 إن إجمالي الإنفاق العام والإيرادات تجاوز الآن أعلى مستويات بلغها في السنة المالية 2008.
وفي الميزانية غير المعدلة تجاوز الإنفاق الذروة التي بلغها في فترة ما قبل الركود في 2013. لكن بعد التعديل لإضافة معدل التضخم يعد العام الحالي هو أول عام يعود فيه الإنفاق لهذا المستوى مسجلا 797.7 مليار دولار بزيادة 1.2 بالمئة عن الذروة التي بلغها عام 2008.
وقال التقرير إن الولايات حصلت إيرادات بلغت نحو 787.1 مليار دولار في 2016. وبرغم ارتفاع النمو بشكل إجمالي ما زال الإنفاق في 29 ولاية وكذلك إيرادات الأموال العامة في 23 ولاية أدنى من مستويات 2008. ويرجع التقدم المتفاوت إلى عوامل من بينها تنقلات السكان واختلافات بين المناطق خلال فترة الركود بين عامي 2007 و2009 بحسب رويترز. كما يرجع أيضا لانخفاض أسعار الطاقة في الولايات المنتجة للنفط والغاز والفحم وفي الوقت نفسه استقرار نمو الإيرادات على مدار العامين الماضيين في الدولة ككل.
كاليفورنيا أكبر سادس اقتصاد في العالم
من جهتها تُعتبر كاليفورنيا الآن سادس أكبر اقتصاد في العالم متفوقة على فرنسا وذلك بفضل اقتصاد الولاية القوي وارتفاع الدولار الأمريكي. وقالت إيرينا أسموندسون كبير اقتصاديي إدارة المالية بكاليفورنيا عبر الهاتف إن كاليفورنيا كانت ثامن أكبر اقتصاد في العالم في 2014 اصبحت في المركز السادس وبعده فرنسا في السابع، اما الهندي فتأتي في المركز الثامن. وأضافت "حققت كاليفورنيا أداء طيبا على نحو استثنائي في 2015."
وتشير أحدث بيانات لصندوق النقد الدولي إلى أن فرنسا هي سابع أكبر اقتصاد في العالم حيث بلغ نمو الناتج المحلي 2.42 تريليون دولار وتحتل الهند المركز الثامن بنمو بلغ 2.09 تريليون دولار. وكاليفورنيا مركز اقتصادات قوية متنوعة من بينها وادي السيلكون وهوليود . وقالت أسموندسون أن قطاعي التصنيع والزراعة حققا أداء طيبا على الرغم من جفاف شديد شهدته الولاية.
وقالت إدارة المالية بولاية كاليفورنيا في نشرتها لشهر يونيو حزيران الأسبوع الماضي إن الولاية وهي أكثر الولايات الأمريكية سكانا تفوقت على بقية الولايات المتحدة في نمو الوظائف. وأضافت أن إجمالي ناتج الولاية بلغ 2.46 تريليون دولار في 2015 مع 4.1 في المئة بالقيمة الحقيقية بحسب رويترز. ونما إجمالي الناتج المحلي الأمريكي 2.4 في المئة في 2015 وتباطأ النمو إلى 0.8 في المئة في الربع الأول من 2016.
لا تغيير في معدل الفائدة
في سياق مقارب ابقى الاحتياطي الفدرالي الذي يقوم بمهام المصرف المركزي الاميركي، على معدلات الفائدة بلا تغيير مشيرا الى "المخاطر" التي ينطوي عليها الوضع الاقتصادي العالمي.
وبعد اجتماع دام يومين في واشنطن، قررت لجنة السياسة النقدية في الاحتياطي الفدرالي ابقاء معدلات الفائدة بين 0,25 و0,50 بالمئة كما كانت تتوقع الاسواق. وكانت هذه الهيئة قررت في اجتماعها السابق في نهاية كانون الثاني/يناير وقف تطبيع الوضع في سياستها النقدية بعدما رفع معدلات الفائدة ربع نقطة في كانون الاول/ديسمبر، وذلك للمرة الاولى منذ نحو عشر سنوات.
ويعكس هذا الموقف الحذر القلق المستمر على الاقتصاد العالمي وخصوصا التباطؤ الصيني. وقالت لجنة السياسة النقدية في بيان ان "الوضع الاقتصادي والمالي العالمي ما زال ينطوي على مخاطر".
من جهتها، صرحت رئيسة الاحتياطي الفدرالي جانيت يلين إن "الظروف المالية تحسنت بشكل كبير مؤخرا لكن النمو الاقتصادي في الخارج يبدو اضعف مما كان متوقعا". وجاء قرار الاحتياطي الفدرالي بينما تعزز سلطات المال اليابانية والاوروبية سياساتها النقدية المريحة لدعم النشاط البطيء.
وقالت يلين "من الطبيعي ان يكون هناك اختلاف بين سياساتنا النقدية" نظرا للنمو الذي يعد افضل في الولايات المتحدة و"النجاح الاكبر" في سوق العمل. وفي مراجعة لتوقعاته في كانون الأول/ديسمبر، قال الاحتياطي الفدرالي انه يتوقع نموا في الاقتصاد الأميركي بنسبة 2,2 في المئة العام الحالي، مقارنة مع 2,4 في المئة سابقا.
ورجحت أيضا أن تبقى معدلات التضخم عند نسبة 1,2 في المئة بحلول نهاية العام، وهي بعيدة جدا عن هدف الاحتياطي الفدرالي لسياسة 2 في المئة. وصرحت يلين ان "التضخم باستثناء اسعار الطاقة والمواد الغذائية، تسارع لكن يجب ان نرى ما اذا كان ذلك سيستمر".
فوز ترامب يثير المخاوف في وول ستريت
واذا كان الملياردير دونالد ترامب يملك كل الميزات المطلوبة للحصول على مباركة وول ستريت التي ساعدته على بناء امبراطوريته العقارية، فان احتمال فوزه بترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية يثير مخاوف اقطاب الراسمالية الاميركية. وقائمة مخاوف اسواق المال طويلة، بدءا بحرب تجارية مع كل من الصين والمكسيك، وصولا الى زيادة الضرائب على الاكثر ثراء، مرورا بنزاع مفتوح مع الاحتياطي الفدرالي الاميركي والعرقلة في الكونغرس، وغيرها من المواضيع المقلقة.
ولخص مسؤول الاستراتيجية في صندوق "هورايزون انفستمنتس" الاستثماري غريغ فاليار الوضع قائلا لوكالة فرانس برس ان "دونالد ترامب يخيف وول ستريت. انه غير ملتزم باي قيود. يحمل الغموض، والاسواق تكره الغموض". والتصريحات العشوائية والمدوية التي يدلي بها رجل الاعمال منذ دخوله حملة الانتخابات التمهيدية تثير حيرة الشركات.
فهو يندد بالاجور الطائلة التي يتقاضاها كبار رؤساء الشركات، وبجشع المصرفيين والوسطاء الماليين، كما يحمل على سياسات الهجرة الاميركية في حين ترى اوساط الاعمال مكاسب في توافد اليد العاملة المتدنية الاجر القادمة من المكسيك. ومن بواعث القلق ايضا هجمات ترامب المتكررة ضد الصين واليابان لاتهامهما بالتلاعب بعملتيهما، وعلى التبادل الحر، في وقت تسعى الولايات المتحدة لعقد اتفاقيات تجارية مع منطقة اسيا والمحيط الهادئ، كما مع اوروبا.
وتثير الحمائية التي يدعو اليها ترامب استياء الشركات المتعددة الجنسيات، ولا سيما حين يهاجم فورد وآبل اللتين تصنعان قسما من انتاجهما في الخارج. كما ان دعوته الى مقاطعة منتجات آبل على خلفية اختبار القوة الذي تخوضه المجموعة مع مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي) بشان حماية البيانات الشخصية، اثارت البلبلة في وادي السيليكون.
وما ارسى القطيعة بينه وبين اقطاب القطاع المالي هجومه على الامتيازات الضريبية التي تستفيد منها صناديق الاستثمار. غير ان دونالد ترامب يحسن القيام بمبادرات ترضي اوساط الاعمال، فيعد بخفض العجز وبتخفيضات ضريبية للشركات. ويثني على الملياردير كارل ايكان، احد المستثمرين الذين يثيرون اكبر قدر من الرهبة في وول ستريت، مؤكدا انه يعتزم في حال فوزه بالرئاسة تعيينه وزيرا للخزانة.
وقال مارك بيري الخبير في معهد "اميريكان انتربرايز انستيتيوت" المحافظ للدراسات "انه لا يدخل في اي قالب اقتصادي. ليس محافظا تقليديا مثل رونالد ريغن الذي كان سيتمسك بسياسة تقوم على العرض، مبنية على تخفيضات ضريبية وانفتاح على المبادلات الدولية والحد من التنظيمات". واضاف ان "برنامجه مزيج فعلي من الشعبوية والانعزالية".
وقال كريس لو وهو مدير استثمارات في شركة "اف تي ان فاينانشل" مبديا اسفه ان "بعض زبائني يبدون ارتياحهم لعزم (ترامب) على خفض الضرائب على الشركات، لكنهم يتخوفون كثيرا ايضا من رد الصين في حال قيام حرب تجارية". ولم تشأ اوساط ترامب التعليق ردا على اسئلة وكالة فرانس برس.
ويسود العداء لترامب الاوساط المصرفية ايضا وقال رئيس مجلس ادارة "غولدمان ساكس" لويد بلانكفين في ايلول/سبتمبر الماضي ان "صورة ترامب واصبعه على الزر النووي تثير ذهولي". وتساءل مصرفي طلب عدم كشف هويته "انه عاجز عن ادارة شركة، فكيف له ان يدير بلدا؟" مشيرا الى اربع عمليات افلاس منيت بها كازينوهات يملكها ترامب بين 1991 و2009.
وانضم المرشح الجمهوري السابق للبيت الابيض ميت رومني الخميس الى الاصوات المنتقدة، مؤكدا ان ترامب "بعيد كل البعد عن العبقرية في الاعمال" وانه "لا يصلح للرئاسة". وقال رومني الذي كان في الماضي مديرا لشركة "باينز كابيتال" للاستثمارات ان "عمليات الافلاس (التي لحقت بترامب) قضت على شركات صغيرة وعلى النساء والرجال الذين كانوا يعملون فيها".
غير ان دونالد ترامب جنى ثروة شخصية تقدر بـ4,5 مليارات دولار، فيما يقدرها هو بضعف هذه القيمة، وبنى امبراطورية اقتصادية تتراوح من المباني الفخمة الى ملاعب الغولف. وقالت غويندا بلير التي كتبت سيرة عائلة ترامب بعنوان "ذي ترامبس" (آل ترامب) لوكالة فرانس برس "ننسى احيانا ان خلف خطابه برمته، وشعره وبرامج تلفزيون الواقع، هو يحسن فعلا تشييد مبان بطريقة في غاية الفاعلية والادخار".
ومنذ انسحاب جيب بوش الذي كان يحظى بتاييد اوساط الاعمال من السباق لنيل ترشيح الحزب الجمهوري، تشعر وول ستريت انها لم يعد لها مرشح، وباتت على وشك الاذعان والموافقة على انتخاب الديموقراطية هيلاري كلينتون. وقال غريغ فاليار "هيلاري كلينتون هي +شيطان نعرفه+، وهذا افضل من +شيطان لا نعرفه+".
وحذر ديفيد لافرتي الخبير الاستراتيجي لدى شركة "ناتيكسيس غلوبال آسيت ماناجمنت" بان "البورصة قد تسجل بلبلة هذا الصيف ان تبين ان ترامب يحظى بفرص في الفوز في تشرين الثاني/نوفمبر. في هذه الاثناء، اذا ما استمر في تحقيق النجاح في الانتخابات التمهيدية، فان التقلبات سوف تزداد".
تفاقم الخسائر في أسواق المال
وعادت جانيت يلين رئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بوجه شجاع إلى مقر الكونجرس وسط انهيار متفاقم في أسواق الأسهم العالمية وشكوك متنامية في قدرة مجلس الاحتياطي على المضي في تحوله الذي طال التخطيط له صوب سياسة نقدية "عادية".
وشددت يلين في شهادتها أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ على النقاط المضيئة في تعافي الاقتصاد الأمريكي مع الإقرار بأن ضعف الاقتصاد العالمي والتراجع الحاد في أسواق الأسهم يفرضان ضغوطا مالية بخطى أسرع مما يريده البنك المركزي. وحذرت يلين من القفز إلى الاستنتاجات فيما يتعلق بالتهديدات المالية القادمة من الخارج لكنها واجهت مشهدا ماليا مختلفا قبل يوم فقط عندما أدلت بشهادتها أمام لجنة لمجلس النواب.
فقد ارتفعت أسعار سندات الخزانة الأمريكية التي تعتبر ملاذا آمنا في المعاملات المبكرة في حين تراجع عائد السندات القياسية لأجل عشر سنوات إلى أدنى مستوياته في أكثر من ثلاث سنوات وهوت الأسهم في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة. وأبلغت يلين اللجنة المؤلفة من أعضاء بمجلس الشيوخ "نراقب التطورات بعناية بالغة.. أود أن أقول إن الركود يظل احتمالا قائما في أي عام. لكن الأدلة تشير إلى أن النمو لا يموت بالشيخوخة."
وأشارت إلى بواعث القلق من ضعف الاقتصادات في الخارج وضغوط تراجع أسعار النفط على التضخم في الولايات المتحدة الذي مازال دون مستوى 2 بالمئة الذي يستهدفه مجلس الاحتياطي.
وقالت يلين "هذه العوامل قد تؤثر على ميزان المخاطر أو مسار الاقتصاد ومن ثم فقد تؤثر على السياسة الواجب اتباعها.. لكن من السابق لأوانه إصدار حكم في هذا الصدد."
وتتنامى شكوك المستثمرين في أن يستطيع مجلس الاحتياطي -الذي رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى في نحو عشر سنوات في ديسمبر كانون الأول- مواصلة تشديد السياسة النقدية في ظل أجراس الإنذار العالمية التي تعالت دقاتها منذ مطلع العام. وعولت يلين في شهادتها كثيرا على إمكانية استمرار خلق فرص العمل في الولايات المتحدة وارتفاع الأجور والتوقعات بأن يواصل الإنفاق الاستهلاكي دعم الاقتصاد. لكنها أقرت أيضا بأن أوضاع الأسواق العالمية والأمريكية قد تخرج هذه التقديرات عن مسارها بحسب رويترز.
وقالت دياني سونك الخبيرة الاقتصادية ومؤسسة شركة دياني سونك في شيكاجو "عندما تهدد سوق المال الاقتصاد الحقيقي يصبح واقع الحال أنه رغم عدم رغبة مجلس الاحتياطي بالاعتراف بأنه البنك المركزي لبقية العالم أيضا فإنه كذلك.. ما يحدث في الخارج أمر مهم."
لا يوجد إطار زمني لاستقرار النفط والدولار
وقد قالت جانيت يلين رئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) إن الغموض لا يزال يحيط بموعد استقرار أسعار الطاقة والدولار. وأبلغت يلين لجنة من المشرعين في الكونجرس الأمريكي "من الصعب التنبؤ على وجه التحديد بالموعد الذي سيحدث فيه ذلك.. هناك مفاجأت حدثت ويمكن أن تحدث" بحسب رويترز. ويضع هبوط أسعار النفط وقوة الدولار ضغوطا نزولية على التضخم في الولايات المتحدة الذي لا يزال أقل كثيرا من المستوى الذي يستهدفه المركزي الأمريكي والبالغ 2 بالمئة.
البنك المركزي الاميركي يحذر من مخاطر
وحذرت رئيسة البنك المركزي الاميركي من الخطر الذي يهدد اقتصاد بلادها بسبب تفاقم الصعوبات الناتجة من الظروف المالية المحلية والاضطرابات الاقتصادية الدولية. وعبرت جانيت ييلن عن مخاوف لم تبد بهذا الحجم في كلمتها الاخيرة في كانون الاول/ديسمبر، مشيرة في شهادة مسبقة الاعداد امام الكونغرس الى ان افاق الاقتصاد الاميركي ساءت.
وفي وقت لم تتحدث عن امكان استمرار البنك (الاحتياطي الفدرالي) في زيادة الفوائد هذا العام، بدا ان مخاوفها ستخفض احتمالات هذه الزيادة في اجتماع السياسات المقبل في اذار/مارس. وقالت ييلن ان "الظروف الاقتصادية في الولايات المتحدة اصبحت مؤخرا اقل تحفيزا للنمو، وشهدت تراجعا في التقييم العام لاسعار الاسهم وارتفاعا في فوائد الاقراض وارتفاعا لسعر الدولار".
واضافت ان "هذه التطورات، اذا اصبحت دائمة، قد تلقي بظلالها على المشهد العام للنشاط الاقتصادي وسوق العمل". واوضحت ان البنك ما زال يتوقع نمو الاقتصاد الاميركي بوتيرة منتظمة هذا العام لافتة الى ان ارتفاع التوظيف والتحسن الاولي في الرواتب مؤخرا "يفترض ان يدعما نمو المداخيل الفعلية وبالتالي انفاق المستهلك".
غير انها اشارت الى ان اضطرابات الاسواق في الخارج ساهمت في ابطاء زخم الاقتصاد الاميركي وقد تثقل نموه. فالهبوط الحاد في اسعار السلع، الذي ربطته جزئيا بـ"الوضع الملتبس" للاقتصاد الصيني وسياساته، يهدد "باثارة توتر مالي" في الدول والشركات المصدرة للسلع.
واوردت ييلن في شهادتها ان العاملين الاساسيين المحددين لسياسات البنك، اي التضخم والبطالة، ما زالا يصدران مؤشرات متفاوتة بخصوص قوة الاقتصاد اميركي على المدى القصير.
فالبطالة مثلا تراجعت الى ادنى مستوياتها في ثماني سنوات لتبلغ 4,9% الى جانب مؤشرات ايجابية كزيادة الرواتب وتراجع عدد الافراد الراغبين في العمل بدوام كامل والذين لا يجدون وظيفة كهذه بحسب رويترز. ورغم ذلك برزت مؤشرات الى وجود "بعض التقاعس" في سوق العمل و"ما زال هناك مكان لمزيد من التحسن المستدام".
وفي الوقت نفسه ما زالت نسبة التضخم ادنى من 2,0% التي يستهدفها البنك، لسبب رئيسي يتمثل في التبعات المستمرة لتدهور اسعار النفط ومواد اخرى. كما قالت ييلن ان التراجع الاخير في سعر اليوان الصيني "ضاعف الالتباس ازاء سياسة اسعار الصرف الصينية وافاق اقتصاد البلاد"، ما ضاعف "سرعة تقلب الاسواق المالية العالمية واجج المخاوف بازاء توقعات النمو العالمي".
وفي السياق نفسه قالت يلين في شهادة تمزج سياسة تحاشي التغيير المفاجئ التي ينتهجها مجلس الاحتياطي مع الإقرار باحتدام المخاطر إن هناك أسبابا وجيهة للاعتقاد بأن الولايات المتحدة لن تخرج عن مسار النمو المتوسط الذي سيسمح لمجلس الاحتياطي بتعديل السياسة النقدية "تدريجيا".
وأضافت أن مستويات دخل الأسر وثرواتها تزيد وإن الإنفاق المحلي "واصل تقدمه" وإن استثمارات الشركات خارج القطاع النفطي تسارعت في النصف الثاني من العام. وأضافت أنها تتوقع استمرار تحسن سوق العمل وأن يرتفع التضخم في نهاية المطاف صوب هدف مجلس الاحتياطي رغم تراجع توقعات التضخم في الفترة الأخيرة الذي قال بعض صناع السياسات إنه يبعث على القلق.
لكن يلين أقرت بأن بعض الضعف الذي يعاني منه الاقتصاد العالمي قد اكتسب قوة دفع ذاتية في ظل معاناة مصدري النفط والمعادن من جراء تداعيات النمو الضعيف لكبار المصنعين مثل الصين وتخمة المعروض بأسواق السلع الأولية. وبدوره يؤدي الشعور العام بتباطؤ عالمي وعدم التيقن بشأن عمق المشاكل الصينية إلى ضغوط مالية على الشركات الأمريكية.
وقالت يلين في التصريحات المعدة لإلقائها أثناء ظهورها نصف السنوي أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب "إذا ترسخت هذه التطورات فقد تلقي بظلالها على آفاق النشاط الاقتصادي وسوق العمل." وتبدأ جلسة الاستماع في الساعة 1500 بتوقيت جرينتش.
تسجيل 55 مليار دولار فائض في الميزانية الامريكية
في حين قالت وزارة الخزانة الامريكية إن الحكومة الاتحادية سجلت فائضا قدره 55 مليار دولار في الميزانية في يناير كانون الثاني مقارنة مع عجز بلغ 18 مليار دولار في الشهر نفسه من العام الماضي. وكان محللون استطلعت رويترز آراءهم قد توقعوا فائضا قدره 45 مليار دولار للشهر الماضي. وقال مسؤولون بوزارة الخزانة إن الفائض عززته أعلى إيرادات مسجلة لشهر يناير كانون الثاني.
وبلغ إجمالي الايرادات الشهر الماضي 314 مليار دولار في حين بلغت النفقات 258 مليار دولار. وبلغ العجز حتى الان في ميزانية السنة المالية الحالية -التي بدأت في ِأول اكتوبر تشرين الاول- 160 مليار دولار مقارنة مع عجز بلغ 194 مليار دولار في الفترة نفسها من السنة المالية السابقة.