ايران والسعودية.. خلاف اقتصادي مغلّف بخلاف سياسي
ندى علي
2016-06-06 01:13
لا تزال قضية تجميد انتاج النفط بؤرة لخلافات متشعبة ومركزة في وقت واحد، فهي متشعبة عندما تتم مناقشة الأمر بين عديد اعضاء منظمة اوبك، وتكون الخلافات مركزة عندما يتعلق الامر بالصراع بين ايران والسعودية، لاسيما أن ايران عادت الى السوق بعد حضر دام ما يقرب من 13 سنة بسبب عقبات الملف النووي، لكن عادت ايران اليوم بقوة انتاجية متنامية.
حيث تقود إيران نمو الإنتاج منذ بداية العام ورفضت طهران الانضمام إلى مبادرة تثبيت الإنتاج وفشل كبار المنتجين في التوصل لاتفاق خلال اجتماع الدوحة في 17 أبريل نيسان بعدما أصرت السعودية على مشاركة الجمهورية الإسلامية فيه. وأبقت أوبك على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2016 دون تغيير عند 1.20 مليون برميل يوميا كما تتوقع وصول الطلب على نفطها إلى 31.49 مليون برميل يوميا في المتوسط هذا العام دون تغيير كبير عن توقعات الشهر الماضي.
وترى ايران أن من حقها التعويض عما فتها من تسويق في سنوات الحضر الطوال، فيما تسعى دول اوبك ودول اخرى من خارج المنظمة منتجة للنفط الى بذل محاولات لايقاف تدهور اسعار النفط من خلال بعض الاجراءات من ضمنها تجميد سقف الانتاج عند مستوى معين لكن ايران ترفض ذلك، وتشير أرقام وكالة الطاقة الدولية إلى أن إنتاج إيران بلغ مستويات ما قبل فرض العقوبات بسبب برنامجها النووي. وتقول طهران إنها لم تصل إلى تلك المستويات بعد. لكن مندوبين في أوبك يقولون إنه في حين أن إيران ربما ترغب أكثر في الحوار الآن فإن صعود أسعار النفط قللت الحاجة الملحة لتعزيز السوق
علما أن الخلاف الاقتصادي الايراني السعودي المغلف بخلاف سعودي يفاقم من هذه المشكلة ويجعلها اكثر تعقيدا، ففي واقع الأمر جعلت الخلافات بين السعودية وإيران بشأن سياسة أوبك التعاون أصعب ناهيك عن الخلافات الأكثر جوهرية بين البلدين. وقبل 56 عاما أسهمت الرياض وطهران في تأسيس أوبك. ولأكثر من عشر سنوات بعد انهيار أسعار النفط إلى عشرة دولارات في 1997 نحى الجانبان الخلافات بهدف إدارة السوق وتعزيز الأسعار على الرغم من أنهما باتا في معسكرين مختلفين في أوبك إذ تريد إيران زيادة الأسعار بينما تريد السعودية أسعارا أكثر اعتدالا.
وترى اوبك أن فائض المعروض النفي في الاسواق العالمية لتداول النفط، سبب رئيس في عدم عودة الاسعار الى التوازن، فيما قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن سوق النفط العالمية مازالت متخمة بالإمدادات وأشارت إلى أن التخمة بالسوق قد تزيد هذا العام حيث أدى ارتفاع إنتاج المنظمة إلى تبديد أثر تراجع الإنتاج خارجها بسبب هبوط الأسعار. وتزيد إمدادات أوبك بعد رفع العقوبات عن طهران وفشل مبادرة من روسيا ومنتجين آخرين خارج المنظمة الشهر الماضي تهدف إلى الحد من التخمة في معروض الخام من خلال تثبيت الإنتاج.
وعلى الرغم من أن دول اوبك ودول منتجة للنفط تتحدث عن استراتيجية بعيدة المدى لسياسة نفطية تحفظ استقرار الاسعار، إلا ان ذلك لم يعد متاحا في ظل الخلافات الراهنة، فقد قالت مصادر إن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لم تتفق بعد على استراتيجية طويلة المدى في الوقت الذي تعارض فيه السعودية اقتراحا من خصمها اللدود إيران بأن تهدف المنظمة لتعزيز السيطرة على سوق النفط بما يشير إلى اشتداد الخلافات على النهج الذي تتبعه أوبك في المستقبل. واجتمع مجلس محافظي أوبك في فيينا لبحث المسودة الجديدة لاستراتيجيتها الطويلة الأمد.
خلاف إيران والسعودية يهدد أي اتفاق
في هذا السياق توشك معضلة العام المنصرم الشائكة التي واجهت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على الزوال ولو من وجهة النظر النفطية المحضة. فبعد أقل من ستة أشهر على رفع العقوبات الغربية المفروضة على إيران تقترب طهران من استعادة مستويات تصدير النفط الطبيعية مما يضخ مزيدا من النفط في السوق بطريقة سلسة على نحو غير متوقع وساعد في ذلك تعطل الإمدادات في دول مثل كندا ونيجيريا.
لكن مصادر ومندوبين في أوبك يقولون إن هذا التطور لم يفعل شيئا يذكر لإصلاح الحوار ناهيك عن المساعدة في التوصل إلى اتفاق بشأن الإنتاج عندما تعقد أوبك اجتماعها الأسبوع المقبل وسط توترات سياسية متزايدة بين إيران الغريمة التقليدية للسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم. وفي وقت سابق هذا العام رفضت طهران الانضمام إلى مبادرة لزيادة الأسعار من خلال تجميد الإنتاج لكنها أشارت إلى أنها ستنضم للجهود المستقبلية فور أن يتعافى إنتاجها بشكل كاف. ولم تعد أوبك تفرض قيودا على الإمدادات إذ أنها ألغت في اجتماعها الأخير في ديسمبر كانون الأول سقف الإنتاج.
وتشير أرقام وكالة الطاقة الدولية إلى أن إنتاج إيران بلغ مستويات ما قبل فرض العقوبات بسبب برنامجها النووي. وتقول طهران إنها لم تصل إلى تلك المستويات بعد. لكن مندوبين في أوبك يقولون إنه في حين أن إيران ربما ترغب أكثر في الحوار الآن فإن صعود أسعار النفط قللت الحاجة الملحة لتعزيز السوق. وارتفعت أسعار النفط صوب 50 دولارا للبرميل وهو سعر أعلى ربحية للمنتجين بعد أن بلغت أدنى مستوى في 12 عاما قرب 27 دولارا للبرميل في يناير كانون الثاني. وقال مندوب من منتج رئيسي بالشرق الأوسط "لا أعتقد أن أوبك ستقرر أي شيء... السوق يتعافى بسبب تعطل الإمدادات وانتعاش الطلب" بحسب رويترز.
وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت المنظمة ستقوم بأي تغيرات على سياسة الإنتاج في اجتماع الثاني من يونيو حزيران قال مندوب كبير في أوبك "لا شيء... التجميد انتهى." وفي داخل أوبك دأبت إيران طويلا على السعي لاتخاذ إجراءات لدعم أسعار النفط. ويضعها هذا الموقف في خلاف مع السعودية التي قادت رفض أوبك خفض الإنتاج من أجل تعزيز السوق في نوفمبر تشرين الثاني 2014. ولا ترى مصادر مطلعة على سياسة النفط الإيرانية أي مؤشر على أي تغيير في نهج الرياض بقيادة وزير الطاقة الجديد خالد الفالح الذي ينظر إليه على أنه مؤمن بالإصلاح وأسعار النفط المنخفضة. وقال أحد المصادر "الأمر يعتمد حقا على تلك الدول التي لديها مستوى إنتاج مرتفع داخل أوبك... لا يبدو أن السعودية ستكون مستعدة للتعاون مع الأعضاء الآخرين."
واستطاعت إيران زيادة صادراتها من النفط في 2016 بعد رفع العقوبات في يناير كانون الثاني. وقالت وكالة الطاقة الدولية إن إيران رفعت إنتاجها إلى 3.56 مليون برميل يوميا في أبريل نيسان وهو المستوى الذي حققته آخر مرة في نوفمبر تشرين الثاني 2011 قبل تشديد العقوبات. وتظهر البيانات التي تقدمها السعودية لأوبك أن إنتاجها اقترب من مستوى قياسي مرتفع عند 10.26 مليون برميل يوميا في أبريل نيسان وأن المملكة حافظت على إنتاجها مستقرا نسبيا خلال العام المنصرم. وقال مندوبون من أعضاء آخرين في أوبك إن إيران لن تكبح الإمدادات على الأرجح لأنها تعتقد أن السعودية ينبغي أن تخفض إنتاجها لتفسح المجال للنفط الإيراني.
وقال مندوب غير إيراني في أوبك "إيران لن تؤيد أي تجميد أو خفض (للإنتاج)... لكن إيران قد تضغط على السعودية لأنهم يتحملون المسؤولية." لكن أيام تفكير السعودية في خفض أو زيادة الإنتاج من جانب واحد قد ولت. وفشلت محادثات استضافتها الدوحة بشأن تجميد إنتاج أوبك أو تجميد إنتاج المنتجين الآخرين خارج المنظمة بعد أن أصرت السعودية على مشاركة إيران.
وفي واقع الأمر جعلت الخلافات بين السعودية وإيران بشأن سياسة أوبك التعاون أصعب ناهيك عن الخلافات الأكثر جوهرية بين البلدين. وقبل 56 عاما أسهمت الرياض وطهران في تأسيس أوبك. ولأكثر من عشر سنوات بعد انهيار أسعار النفط إلى عشرة دولارات في 1997 نحى الجانبان الخلافات بهدف إدارة السوق وتعزيز الأسعار على الرغم من أنهما باتا في معسكرين مختلفين في أوبك إذ تريد إيران زيادة الأسعار بينما تريد السعودية أسعارا أكثر اعتدالا.
أوبك تركز على الحصة السوقية
من جهته قال مندوب العراق لدى أوبك فلاح العامري إن المنظمة تركز على الحصة السوقية وليس دعم أسعار النفط وذلك في تصريحات من شأنها أن تحد من التوقعات بأن أوبك قد تتفق على خطوات لدعم الأسعار خلال اجتماع الأسبوع المقبل. وأضاف العامري وهو المدير العام لشركة تسويق النفط العراقية (سومو) خلال مؤتمر عن النفط العراقي في لندن أن السوق تبدأ في التوازن بعد عامين ولكن بعد أن دمرت تقريبا دولا عديدة بحسب رويترز.
وكلمة عامين إشارة إلى اجتماع عقدته أوبك في نوفمبر تشرين الثاني 2014 ولم تتفق خلاله على خفض الإنتاج لدعم الأسعار. وقال العامري إن أوبك تركز الآن على الحصة السوقية مما يعني أنها لا تريد التدخل في السعر. وينعقد اجتماع أوبك في الثاني من يونيو حزيران.
زيادة تخمة معروض النفط
وقد قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن سوق النفط العالمية مازالت متخمة بالإمدادات وأشارت إلى أن التخمة بالسوق قد تزيد هذا العام حيث أدى ارتفاع إنتاج المنظمة إلى تبديد أثر تراجع الإنتاج خارجها بسبب هبوط الأسعار. وتزيد إمدادات أوبك بعد رفع العقوبات عن طهران وفشل مبادرة من روسيا ومنتجين آخرين خارج المنظمة الشهر الماضي تهدف إلى الحد من التخمة في معروض الخام من خلال تثبيت الإنتاج.
وقالت أوبك في تقرير شهري نقلا عن مصادر ثانوية إنها أنتجت 32.44 مليون برميل يوميا في أبريل نيسان بارتفاع قدره 188 ألف برميل يوميا عن مارس آذار وهو أعلى مستوى للإنتاج منذ 2008 على الأقل بحسب مراجعة أجرتها رويترز لتقارير أوبك السابقة. وقالت المنظمة في التقرير "الإمدادات الزائدة مستمرة بشكل أساسي... إنتاج النفط ما زال مرتفعا." وقد يؤدي استمرار الفائض في الإنتاج إلى الضغط على الأسعار التي ما زالت تقل عن نصف مستواها في منتصف 2014 على الرغم من ارتفاعها إلى 47 دولارا للبرميل من أدنى مستوى لها في 12 عاما الذي بلغته في يناير كانون الثاني حين سجلت 27.10 دولار للبرميل. وساعد تغيير أوبك لاستراتيجيتها في 2014 - إلى الدفاع عن الحصة السوقية في مواجهة المنافسين ذوي التكلفة المرتفعة- على المزيد من الانخفاض في الأسعار بحسب رويترز.
ويتضرر إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك من هبوط الأسعار حيث أرجأت شركات أو ألغت بعض مشروعاتها في أنحاء العالم. وتتوقع أوبك انخفاض الإمدادات من خارجها بواقع 740 ألف برميل يوميا في 2016 بقيادة الولايات المتحدة بفارق بسيط عن الشهر الماضي. وأشارت أوبك إلى عوامل قد تؤدي إلى انخفاض أكبر في الإمدادات مثل الأثر الناتج عن حرائق الغابات في كندا والتي أدت إلى تقلص الإنتاج وتأجيل مشروعات في أماكن أخرى.
وقالت المنظمة إن الدلائل على هبوط الإنتاج من خارجها من المتوقع أن تقود إلى صعود السوق العام المقبل. وأضافت "خارج الولايات المتحدة توجد إشارات متسقة على هبوط الإنتاج من خارج أوبك وهو ما يتوقع أن يحول سوق النفط العالمية على الأرجح إلى عجز صاف في 2017." لكن إنتاج أوبك يرتفع منذ تغيير الاستراتيجية في 2014 بقيادة أكبر منتجين - السعودية والعراق. كما أدت عودة اندونيسيا لعضوية المنظمة في ديسمبر كانون الأول 2015 إلى زيادة الانتاج الإجمالي.
وتقود إيران نمو الإنتاج منذ بداية العام. ورفضت طهران الانضمام إلى مبادرة تثبيت الإنتاج وفشل كبار المنتجين في التوصل لاتفاق خلال اجتماع الدوحة في 17 أبريل نيسان بعدما أصرت السعودية على مشاركة الجمهورية الإسلامية فيه. وأبقت أوبك على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2016 دون تغيير عند 1.20 مليون برميل يوميا كما تتوقع وصول الطلب على نفطها إلى 31.49 مليون برميل يوميا في المتوسط هذا العام دون تغيير كبير عن توقعات الشهر الماضي.
عرقلة استراتيجية الأمد الطويل لأوبك
من جهتها قالت مصادر إن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لم تتفق بعد على استراتيجية طويلة المدى في الوقت الذي تعارض فيه السعودية اقتراحا من خصمها اللدود إيران بأن تهدف المنظمة لتعزيز السيطرة على سوق النفط بما يشير إلى اشتداد الخلافات على النهج الذي تتبعه أوبك في المستقبل. واجتمع مجلس محافظي أوبك في فيينا لبحث المسودة الجديدة لاستراتيجيتها الطويلة الأمد. وقال مصدران في أوبك إنه بينما أحرز أعضاء المنظمة تقدما في بعض القضايا لم توافق السعودية أكبر منتج في أوبك على اقتراح طهران بوضع "الإدارة الفعالة للإنتاج" ضمن التحديات التي تواجه المنظمة. وقال مصدر طلب عدم ذكر اسمه "إيران والسعودية لم تتفقا."
وكانت إيران اقترحت تعديل أول التحديات العشرة التي وضعتها أوبك لنفسها وهي "الحفاظ على استقرار سوق النفط" ليشير إلى إدارة الإمدادات بدلا من ذلك وفقا لمسودة سابقة لاستراتيجية الأمد الطويل اطلعت عليها رويترز في نوفمبر تشرين الثاني. وكتبت إيران في تلك المسودة "التحدي الأول يمكن التعبير عنه بطريقة أكثر وضوحا كالتالي ‘استدامة أسعار النفط عند المستويات الأمثل والحفاظ على الإدارة الفعالة للإنتاج في ضوء الظروف الديناميكية للسوق‘."
وما يثير التساؤلات في الأساس هو ما إذا كانت أوبك ستضع دورها التقليدي المتمثل في كبح الإمدادات لتعزيز الأسعار - وهو دور تفضله إيران وأعضاء آخرون مثل الجزائر - على رأس جدول أعمالها. أو أن المنظمة ستتراجع عن محاولة إدارة السوق في ضوء تزايد إمدادات المعروض من خارج المنظمة وهي رؤية تتماشى مع طريقة تفكير السعودية التي قادت التحول في استراتيجية أوبك في نوفمبر تشرين الثاني 2014 حين أحجمت المنظمة عن خفض الإنتاج.
هذا التحول في السياسة ما زال يثير شقاقا في المنظمة حيث يختلف الأعضاء بشأن الحاجة لدعم سعر عادل للنفط وتعزيز الإيرادات.
فكر سعودي يعمق الانقسام في أوبك
وعندما اجتمع مسؤولون من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لصياغة استراتيجة طويلة المدى توقع عدد قليل من الحضور أن تنتهي المناقشات دون صدام. لكن حتى أكثر المندوبين تشاؤما حصلوا على أكثر مما راهنوا عليه. ونقل مصدران حضرا الاجتماع الذي عقد في فيينا أو اطلعا على ما جرى فيه عن أحد المسؤولين المحبطين قوله "أوبك ماتت." وهذا بعيد عن أن يكون المرة الأولى التي يعلن فيها زوال أوبك في تاريخها الذي مضى عليه 56 عاما كما أن المنظمة نفسها قد تنعم بعمر مديد في عهد النفط الرخيص.
ولا تزال السعودية- أقوى أعضاء أوبك نفوذا- متمسكة بموقفها بأن التحرك الجماعي لكل المنتجين هو الحل الأمثل لسوق النفط التي هوت منذ منتصف 2014. غير أن ما حدث في اجتماع محافظي أوبك يوم الاثنين يشير إلى أنه إذا مضت المملكة في نهجها فسيؤدي هذا إلى كتابة شهادة وفاة لإحدى الاستراتيجيات الرئيسية للمنظمة والمتمثلة في إدارة أسعار النفط العالمية من خلال تنظيم المعروض. وفي تحول كبير في الفكر تعتقد الرياض حاليا أن استهداف مستوى محدد للأسعار بات بلا فائدة لأن ضعف السوق العالمية يعكس تغيرات هيكلية أكثر من كونه إتجاها مؤقتا وذلك وفق ما ذكرته مصادر مطلعة على وجهات النظر السعودية.
وأوبك منقسمة بالفعل بشأن كيفية التعامل مع انخفاض أسعار النفط. وتسبب التوتر بين السعودية ومنافسها اللدود إيران في انهيار أول اتفاق في 15 عاما لتجميد انتاج الخام للمساعدة في تعزيز الأسعار العالمية. وطفت تلك التوترات على السطح مجددا في اجتماع مجلس محافظي أوبك الذي يضع الاستراتيجة الطويلة المدى ويشارك فيه مندوبو الدول الاعضاء الذين يرفعون تقاريرهم إلى وزراء النفط في بلدانهم. وقالت المصادر إن المندوب الذي أعلن موت أوبك كان من بلد غير دول الخليج العربية وكانت تصريحاته موجهة إلى ممثل السعودية بينما كانا يتجادلان بشأن ما إذا كان ينبغي للمنظمة مواصلة سياسة استهداف مستويات سعرية.
وتقول إيران- التي مثلها محافظها حسين كاظم بور أردبيلي- إن هذا بالتحديد هو ما تأسست المنظمة من أجله وبالتالي فإن "الإدارة الفعالة للانتاج" ينبغي أن تكون أحد أهدافها الطويلة الأمد. لكن المصادر تقول إن محافظ السعودية محمد الماضي قال إنه يعتقد أن العالم تغير كثيرا في السنوات القليلة الماضية لدرجة أن محاولة فعل هذا أصبحت أمرا لا طائل من ورائه. ونقلت مصادر مطلعة على المناقشات عن الماضي قوله لنظرائه اثناء الاجتماع "ينبغي لأوبك أن تدرك حقيقة أن السوق شهدت تغيرات هيكلية .. وهو ما يتضح في أن السوق تصبح تنافسية أكثر من أن تكون احتكارية" بحسب رويترز.
وذكرت المصادر أيضا أن الماضي قال "تطورت السوق منذ فترة الأسعار المرتفعة في 2010-2014 والتحدي أمام أوبك الآن وأيضا أمام (المنتجين) خارج أوبك هو استيعاب التطورات التي شهدتها السوق في الآونة الأخيرة." وعلى مدى عقود كانت السعودية تتبنى مستوى مستهدفا لسعر النفط وإذا لم يكن المستوى السائد بالسوق يروق لها فإنها كانت تحاول تنسيق خفض أو زيادة في انتاج أوبك. وكانت المملكة تساهم بنصيب الأسد في الزيادة أو النقصان وتتسامح مع الاعضاء الأصغر والأفقر إذا تقاعسوا عن الالتزام باتفاق المنظمة.
وفي 2008 حدد العاهل السعودي الراحل السعر "العادل" للنفط من وجهة نظر المملكة عند 75 دولارا للبرميل وكان ذلك على الأرجح عقب مشاورات مع وزير البترول علي النعيمي. وعندما رتب السعوديون آخر خفض للانتاج في 2008 -لدعم الأسعار اثناء الأزمة الاقتصادية العالمية- قفز سعر الخام بسرعة كبيرة ليتجاوز 100 دولار للبرميل من أقل من 40 دولارا. وأعلنت الرياض مجددا السعر الذي تفضله في بضع مناسبات لكنها توقفت فعليا في السنوات القليلة الماضية عن إرسال أي إشارات بشأن هذا.
تخفيض توقعات نمو الطلب على النفط
من جهتها خفضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2016 وحذرت من مزيد من الخفض فيما أرجعته إلى المخاوف بشأن أمريكا اللاتينية والصين وهو ما يشير إلى زيادة فائض المعروض العالمي هذا العام. وقالت المنظمة أيضا إن السعودية أكبر مصدر للخام في العالم أبقت إنتاجها دون تغيير في مارس آذار - في علامة على جدية الرياض بشأن خطة من المنتظر مناقشتها الأسبوع القادم لتجميد الإنتاج بهدف دعم الأسعار - بينما ارتفع إجمالي إمدادات أوبك قليلا.
وخفضت المنظمة في تقريرها الشهري توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط بواقع 50 ألف برميل يوميا إلى 1.20 مليون برميل يوميا. وعزت المنظمة ذلك أيضا إلى تأثير الطقس الأدفأ وإلغاء دعم الوقود في بعض البلدان. وقالت أوبك "التطورات الاقتصادية في الصين وأمريكا اللاتينية تبعث على القلق. ويبدو أن تأثير العوامل السلبية الحالية يطغى على العوامل الإيجابية وربما يشير ضمنا إلى مراجعات بالخفض في تقديرات نمو الطلب على النفط إذا استمرت المؤشرات الحالية في الفترة القادمة."
وتتعارض رؤية أوبك مع رؤية إدارة معلومات الطاقة الأمريكية التي رفعت يوم الثلاثاء توقعاتها للطلب قليلا. ومن المقرر أن تصدر وكالة الطاقة الدولية تقريرا آخر يحظى بمتابعة وثيقة يوم الخميس. وقد يعرقل التباطؤ الكبير في الطلب جهود المنتجين لتعزيز الأسعار من خلال تثبيت الانتاج. وساعدت تلك الخطة - التي من المقرر مناقشتها في الدوحة يوم الأحد - أسعار الخام على تجاوز 41 دولارا للبرميل بعدما هوت لأدنى مستوى لها في 12 عاما قرب 27 دولارا للبرميل في يناير كانون الثاني.
وتوقعت المنظمة انخفاض الإمدادات من خارجها بواقع 730 ألف برميل يوميا في 2016 مقابل انخفاض بواقع 700 ألف برميل يوميا في التقديرات السابقة. وخفضت أوبك توقعاتها للطلب على خامها في 2016 إلى 31.46 مليون برميل يوميا بانخفاض قدره 60 ألف برميل يوميا عن تقديرات الشهر الماضي. وقالت المنظمة نقلا عن مصادر ثانوية إن أوبك ضخت 32.25 مليون برميل يوميا في مارس آذار بزيادة قدرها 15 ألف برميل يوميا عن فبراير شباط. كما أشارت أوبك إلى أن المملكة العربية السعودية أبلغتها بأنها ضخت 10.22 مليون برميل يوميا في مارس آذار دون تغير يذكر عن فبراير شباط بحسب رويترز.
وأبلغت إيران - التي ترغب في استعادة حصتها السوقية بعد رفع العقوبات الغربية عنها - أوبك بأنها رفعت إنتاجها بواقع 15 ألف برميل يوميا إلى 3.4 مليون برميل يوميا. ويشير التقرير إلى فائض في الإمدادات قدره 790 ألف برميل يوميا في 2016 إذا ظلت المنظمة تضخ بمعدلات مارس آذار ارتفاعا من 760 ألف برميل يوميا في تقرير الشهر الماضي.
زيادة إنتاج إيران والعراق
وقد أظهر مسح أجرته رويترز أن إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ارتفع في مارس آذار بعد أن زادت إيران امداداتها بعد رفع العقوبات عنها في حين قاربت صادرات جنوب العراق من تسجيل مستوى قياسي وهو ما عوض أثر أعمال صيانة وتوقف الانتاج من حقول لدى منتجين أصغر. ولم يسجل المسح أي تغييرات كبيرة في إنتاج السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم في إشارة جديدة على أن الرياض جادة بشأن فكرة تجميد الانتاج لدعم الأسعار التي وصلت إلى أدنى مستوى لها في 12 عاما قرب 27 دولارا للبرميل في يناير كانون الثاني لكنها منذ ذلك الحين ارتفعت لتصل إلى 40 دولارا.
وتلتقي الدول المنتجة للنفط في 17 أبريل نيسان في قطر لمناقشة خطة تجميد الانتاج. وقال كارستن فريتش المحلل في كومرتس بنك "تجميد الإنتاج وضع قاعا للأسعار. نتوقع احتمال حدوث انتكاسة قصيرة الأمد إذا جاء الاجتماع مخيبا للآمال." وتوصل الاستطلاع- الذي استند إلى بيانات ملاحية ومعلومات من مصادر في شركات النفط وأوبك ومستشارين- إلى أن امدادات أوبك ارتفعت في مارس آذار إلى 32.47 مليون برميل يوميا من 32.37 مليون برميل يوميا في فبراير شباط .
وجاءت أكبر زيادة في الانتاج من إيران على أثر رفع العقوبات الغربية عنها في يناير كانون الثاني. كانت طهران- التي تسعى لاستعادة حصتها في سوق النفط بعد أن خسرتها جراء العقوبات- أعلنت في وقت سابق أنها لن تشارك في خطة لتجميد الانتاج. وزادت إيران انتاجها 230 ألف برميل يوميا منذ ديسمبر كانون الاول وفقا لمسوح أجرتها رويترز. وقال مسؤولون إيرانيون إن الزيادة في الإمدادات أكبر بكثير.
وتمكن العراق أكبر مصدر لنمو الامدادات في أوبك عام 2015 من رفع صادراته. وزادت الصادرات من جنوب البلاد ووصلت إلى ما قد يكون مستوى قياسيا جديدا لها في مارس اذار لتعوض تعطل الإمدادات عبر خط أنابيب ينقل الخام من المنطقة الكردية. كما ارتفعت الصادرات من أنجولا. وفي الدول التي تراجع فيها الانتاج كان الهبوط نتيجة انقطاع التيار الكهربائي وأعمال صيانة وليس نتيجة قيود طوعية على الانتاج.
وانخفض انتاج الإمارات العربية المتحدة بفعل أعمال الصيانة الجارية في حقول النفط التي تنتج خام مربان. ولن تنتهي أعمال الصيانة حتى ابريل نيسان. كما حدث مزيد من الانخفاض في نيجيريا بسبب توقف دام شهرا كاملا لإمدادات خام فوركادوس التي يديرها المشروع المحلي لرويال داتش شل. لكن هذا عوضه جزئيا انتاج كميات أكبر من خامات أخرى.
كما انخفض الانتاج الليبي -الذي ما زال يشكل جزءا صغيرا فقط من المعدلات التي كان يسجلها قبل الحرب الأهلية- جراء انقطاع التيار الكهربائي. وتراجعت امدادات فنزويلا قليلا أيضا. وحافظت السعودية على ثبات انتاجها مقارنة بفبراير شباط حيث أشارت مصادر في المسح إلى استقرار صادراتها أو تراجعها قليلا في مارس آذار. وقدر الانتاج السعودي بنحو 10.18 مليون برميل يوميا مقارنة مع 10.20 مليون برميل في اليوم في فبراير شباط. وارتفع إنتاج أوبك منذ أن تخلت المنظمة في نوفمبر تشرين الثاني 2014 عن دورها التاريخي بخفض الانتاج منفردة لرفع الأسعار على أمل أن تؤدي الأسعار المتدنية إلى كبح الإنتاج المكلف لإمدادات منافسة.