ملامح أولية عن انهيار الاقتصاد السعودي تلوح في الأفق

ندى علي

2016-03-14 07:34

يعاني الاقتصاد السعودي من تراجع كبير في قطاع الصناعة وفي حركة الاموال، وتعاني العملة السعودية من الانخفاض، فيما يتزاد العجز في الميزانية المالية على نحو متصاعد، مع الانخفاض الكبير الذي طرأ على أسعار النفط، لاسيما أن السعودية تصدر ما يقارب عشرة ملايين برميل يوميا، وهبوط سعر البرميل الى 70 بالمائة انعكس بصورة مؤثرة على الاقتصاد السعودي الذي يشهد بحسب الخبراء أزمة حادة في السنوات الأخيرة، ويرى مراقبون أنه مهدد بالانهيار في غضون خمس سنوات، على غرار دول الخليج المصدرة للنفط ما يقلص إلى حد كبير ميزانيتها بسبب تراجع أسعار البترول. وحسب توقعات صندوق النقد الدولي فإن السعودية ستشهد عجزا في ميزانيتها قدره 19.4 ٪ في العام 2016.

هذه النسبة العالية من العجز دليل على تدهور الاقتصاد السعودي بصورة لافتة، لاسيما أن العجز المتوقغ في الميزانية يتصاعد على نحو مستمر، حيث تشير الارقام الدقيقة الى أن الرياض سجلت عجزا قياسيا في الميزانية بلغ نحو 100 مليار دولار العام الماضي. وقبل بدء تهاوي أسعار النفط في منتصف 2014 سددت المملكة الديون الحكومية. ورغم قيام شركات مرتبطة بالدولة بإصدار سندات دولية فإن الحكومة لم تفعل ذلك.

لذلك وكما يعلن الخبراء والمعنيون بالاقتصاد وحركة المال عالميا، أن الحكومة الحكومة السعودية تضطر حاليا للعودة إلى أسواق رأس المال الدولية لتمويل جزء من العجز الذي تعاني منه منذ الازمة المالية التي ضربت اسواق النفط قبل عامين تقريبا، وبدأ اقتراضها الداخلي يضغط على السيولة في النظام المصرفي المحلي وهو ما دفع أسعار الفائدة في السوق للصعود.

ومع ان المواطن السعودي لم يواجه حتى الآن تداعيات هذه الازمة بصورة مباشرة، لكن جميع الأدلة تشير الى ان هذا الامر قريب الحدوث، نعم ما زال معظم المواطنين السعوديين حتى الآن بمعزل عن تداعيات هبوط أسعار النفط إذ يظل سعر الوقود رخيصا حتى بعد رفع أسعار البنزين بنسبة 50 في المائة كما لم يظهر بعد أثر لخفض الإنفاق على التوظيف. لكن التغيير آت إذ وعدت الرياض في بيان موازنة 2016 بخفض زيادة أجور موظفي الدولة مما يعني عددا أقل من الوظائف الحكومية الجديدة. وحيث أن نمو القطاع الخاص السعودي يقتفي أثر الإنفاق الحكومي عن قرب فإن هذا يعني قلة الوظائف في القطاع الخاص أيضا

لم تتوقف الصعوبات في المجال النفطي، او نقص الاموال لدى الحكومة، بل هناك معاناة مستمرة للقطاع الخاص، بسبب عدم القدرة على دفع الاجور لاسيما في الشركات الكبرى للقطاع الخاص التي باتت تعاني من شحة الاموال ما يهدد انتاجها بالانخفاض ومن ثم التوقف، هذا ما أكده عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس الغرف السعودية عندما قال إن الشركات والمؤسسات العاملة بقطاع المقاولات تعاني من تأخر صرف مستحقاتها لفترة تجاوزت الستة أشهر، وقال "نضع بين يدي مقامكم الكريم ما تعانيه شركات ومؤسسات القطاع المنفذة للمشاريع الحكومية من تأخير في صرف مستحقاتها المالية خلال الفترة الماضية." وأضاف أن ذلك أثر على سير أعمال شركات القطاع وأحدث عجزا لدى الكثير منها حال دون الوفاء بالتزاماتها التعاقدية التي تقدر بمليارات الريالات، وأكد الزامل إنه إذا استمر تأخر صرف المستحقات "ستكون هذه الشركات والمؤسسات عرضة للتعثر أو التوقف الكلي.

السعودية تطلب قرضا كبيرا

في هذا السياق قالت مصادر مطلعة إن الحكومة السعودية طلبت من بنوك دراسة إمدادها بقرض دولي كبير قد تصل قيمته الإجمالية إلى نحو عشرة مليارات دولار في أول اقتراض كبير من الخارج تقدم عليه الحكومة فيما يزيد عن عشر سنوات. وأضافت المصادر- التي طلبت عدم الكشف عن أسمائها نظرا لأن المسألة غير معلنة- أن الحكومة أرسلت الدعوة إلى بنوك لبحث القرض الدولاري. ولم تحدد الدعوة قيمة القرض لكن المصادر قالت إنها تعتقد أنها قد تبلغ نحو عشرة مليارات دولار أو أكثر.

ولم يتم الرد على اتصالات بوزارة المالية والبنك المركزي في السعودية للتعليق. وتعكس الدعوة الضغوط المتزايدة على المالية العامة في أكبر بلد مصدر للنفط في العالم في أعقاب انهيار أسعار الخام العالمية. وسجلت الرياض عجزا قياسيا في الميزانية بلغ نحو 100 مليار دولار العام الماضي. وقبل بدء تهاوي أسعار النفط في منتصف 2014 سددت المملكة الديون الحكومية. ورغم قيام شركات مرتبطة بالدولة بإصدار سندات دولية فإن الحكومة لم تفعل ذلك.

لكن الحكومة تضطر حاليا للعودة إلى أسواق رأس المال الدولية لتمويل جزء من العجز. وبدأ اقتراضها الداخلي يضغط على السيولة في النظام المصرفي المحلي وهو ما دفع أسعار الفائدة في السوق للصعود. ويعتقد مصرفيون أن كثيرا من المؤسسات ستكون مستعدة لإقراض السعودية نظرا لانخفاض دينها واحتياطياتها النفطية الضخمة. لكن المملكة ربما تدفع فائدة أعلى كثيرا مما كان يمكن أن تدفعه قبل نحو 18 شهرا فقط.

وفي وقت سابق هذا الشهر خفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الإئتماني تصنيفها للدين السيادي للمملكة على الأجل الطويل نقطتين إلى ‭‭‭‭A-‬‬‬‬. لكن الوكالتين العالميتين الأخريين للتصنيف الإئتماني لا يزال لديهما تصنيفات للرياض أعلى كثيرا. وقالت المصادر إن من المتوقع أن تكون للبنوك المشاركة في القرض فرصة أفضل للاختيار لترتيب إصدار سندات دولية ربما تطرحها السعودية هذا العام على أقرب تقدير. ومن المتوقع أن تزيد الحكومات والشركات في الدول العربية الخليجية المصدرة للنفط اقتراضها الدولي بشكل حاد هذا العام بعدما وصل اقتراضها الداخلي إلى مداه. وحصلت قطر في يناير كانون الثاني على قرض دولي لأجل خمس سنوات بقيمة 5.5 مليار دولار. وفي الوقت نفسه تقريبا اقترضت سلطنة عمان مليار دولار من السوق الدولية بحسب رويترز.

عجز الشركات عن دفع اجور عمالها

في السياق نفسه تواجه "سعودي أوجيه"، ثاني أكبر شركة في السعودية أزمة مالية حادة جعلتها عاجزة منذ خمسة أشهر عن صرف رواتب 56 ألف موظف لديها، بينهم مئات الفرنسيين، رغم تدخل سفير فرنسا لدى المملكة. العديد من العمال يتهمون الإدارة التي يترأسها رئيس الحكومة اللبناني السابق وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري، بسوء تسيير الشركة ما قد يؤدي بها للإفلاس. وتمر شركة "سعودي أوجيه"، ثاني أكبر شركة بناء في المملكة العربية السعودية، بأزمة مالية حادة تتواصل منذ 2013 حيث عجزت عن دفع رواتب 56 ألف موظف يعملون لديها منذ نحو خمسة أشهر، بينهم مئات الفرنسيين.

ويتهم عمال الشركة العملاقة الإدارة التي يترأسها سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، رجل الأعمال السابق ورئيس الوزراء اللبناني الذي اغتيل في 14 فبراير/شباط 2005، بسوء التسيير الذي أدى إلى إفلاسها المرجح، حسب ما كشف عنه موقع إذاعة فرنسا الدولية "إر إف إي". وحسب شهادات فرنسيين يعملون بالشركة منذ سنوات، نقلت عنهم الإذاعة الفرنسية "إر إف إي"، فإن المشكلة بدأت في العام 2013، إلا أن الأمور لم تخرج إلى العلن بسبب تخوفات الموظفين من فقدان وظائفهم وطردهم.

ويعاني الموظفون خاصة الأجانب منهم، من مشاكل كثيرة، فالإضافة إلى عدم حصولهم على رواتبهم طيلة أشهر، أغلقت حساباتهم المصرفية ولم يعد باستطاعتهم دفع المصاريف المدرسية لأبنائهم، كما لم تجدد بطاقات إقامة الكثير منهم ما يجعلهم عالقين بالمملكة. وقالت فاليري، وهي أم لأربعة أطفال وزوجها يعمل بالشركة منذ 12 عاما لإذاعة "إر إف إي" إن "بطاقتهم المصرفية جمدت" ولم يعد بإمكانهم سحب المال، وديونهم تراكمت".

ولتسوية وضعية العمال الفرنسيين، تدخل السفير الفرنسي بالرياض، برتران بيزنسينو، في شهر سبتمبر/أيلول الماضي عبر توجيه رسالة إلى سعد الحريري، يومان بعد ذلك تلقى الموظفون أجورهم لشهر سبتمبر فقط. وفي رسالة بعثتها إدارة الشركة للعمال في 16 شباط/فبراير الجاري، شكرت "سعودي أوجيه" موظفيها على "صبرهم"، واعدة إياهم بدفع رواتبهم بانتظام بحسب فراتس برس.

ويشار إلى أن الاقتصاد السعودي يشهد أزمة حادة في السنوات الأخيرة، ويرى مراقبون أنه مهدد بالانهيار في غضون خمس سنوات، على غرار دول الخليج المصدرة للنفط ما يقلص إلى حد كبير ميزانيتها بسبب تراجع أسعار البترول. وحسب توقعات صندوق النقد الدولي فإن السعودية ستشهد عجزا في ميزانيتها قدره 19.4 ٪ في العام 2016.

معدلات التضخم السعودية تسجل أعلى مستوياتها

من ناحية اخرى سجلت معدلات التضخم في السعودية خلال كانون الثاني/يناير اعلى مستوياتها منذ خمسة اعوام، في اعقاب اجراءات لخفض الدعم على مواد اساسية جراء انخفاض اسعار النفط، بحسب تقرير نشر مؤخرا. وسجل مؤشر اسعار الاستهلاك الذي يعكس المتغيرات في كلفة المعيشة 4,3 بالمئة خلال كانون الثاني/يناير، في مقابل 2,3 بالمئة في الشهر الذي سبقه، بحسب ما افاد تقرير لمؤسسة "جدوى للاستثمار". واوضح التقرير ان اسعار قطاع النقل ازدادت بعشرة اضعاف ليسجل مؤشرها 12,6 بالمئة، اعلى مستوى له منذ 21 عاما.

وكان مجلس الوزراء السعودي اقر في كانون الاول/ديسمبر اجراءات لخفض الدعم عن مواد اساسية منها الوقود والمياه والكهرباء. وناهزت نسب الزيادة على بعض المواد 80 بالمئة. واتت هذه الخطوات بعد اعلان المملكة، اكبر مصدري النفط الخام في العالم، تسجيل عجز قياسي في ميزانية 2015 بلغ 98 مليار دولار، مع توقع عجز اضافي في موازنة 2016 يصل الى 87 مليارا. وفقد برميل النفط ما يناهز 70 بالمئة من سعره منذ منتصف العام 2014، وبات يتداول حاليا ما دون 35 دولارا، بعدما كان سعره يتجاوز المئة. وفي حين كانت الايرادات النفطية تشكل زهاء تسعين بالمئة من مجمل الايرادات السعودية، قالت وزارة المال في كانون الاول/ديسمبر ان هذه النسبة تراجعت الى 73 بالمئة خلال 2015.

الى ذلك، قالت "جدوى" ان التضخم في قطاع السكن والمياه والكهرباء والغاز تضاعف مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي، ليبلغ 8,3 بالمئة. واوضحت المؤسسة "جاء ذلك الارتفاع نتيجة للزيادات الاخيرة في اسعار الطاقة التي اثرت على تعرفة خدمات الكهرباء والمياه". وأبقت المؤسسة على توقعها ان يبلغ مستوى التضخم السنوي 3,9 بالمئة في 2016، مقارنة بـ 2,3 بالمئة العام الماضي بحسب فرانس برس.

مخاطر سياسية كبيرة لخفض قيمة عملة السعودية

من جهة اخرى قد يتسبب خفض قيمة العملة السعودية في حالة من عدم الاستقرار السياسي وهو ما لا يترك أمام الرياض من خيارات تذكر سوى الالتزام بوعدها باستخدام احتياطيات النقد الأجنبي الضخمة للدفاع عن نظام ربط الريال بالدولار القائم منذ 30 عاما. وراهن تجار العملات على إلغاء ربط الريال السعودي وعملات منتجين آخرين للنفط في المنطقة بالدولار في أعقاب انهيار أسعار الخام. وقال بنك سوسيتيه جنرال يوم الخميس إنه يرى فرصة نسبتها 25 في المئة على الأقل لخفض سعر العملة في المدى القريب أو 40 في المئة إذا ظلت أسعار النفط عند المستويات الحالية في 2016. لكن إلغاء نظام الربط في الاقتصاد السعودي الذي يغلب على تعاملاته الدولار سيؤدي على الفور إلى ارتفاع أسعار السلع بما سيؤثر على مستويات المعيشة.

وإلى جانب الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة الأخرى الوشيكة قد يؤدي هذا أيضا إلى اضطرابات في بلد يفرض فيه العقد الاجتماعي غير المكتوب طاعة المواطنين وولاءهم للملك مقابل خدمات حكومية جيدة ونصيب من الثروة النفطية.

يقول جون سفاكياناكيس وهو خبير اقتصادي مقيم في الرياض "تخفيض قيمة العملة أو إلغاء الربط سيصيب الاقتصاد بآلام قاتلة. سيكون أمرا كارثيا." ويقول بعض الدبلوماسيين الذين يعيشون في المملكة العربية السعودية في أحاديث خاصة إن إلغاء نظام الربط هو الخطر السياسي الأكبر الذي يواجهه بلد منخرط بالفعل في حرب في اليمن ويعاني من هجمات دموية يشنها متشددون بين الحين والآخر. ولدى أكبر اقتصاد عربي قاعدة صغيرة في قطاع الصناعات التحويلية وتأتي جميع السلع تقريبا من الخارج بالدولار ومن ثم فإن انخفاض سعر الريال سيجعل المواطنين العاديين يشعرون بانخفاض قيمة الدخل من دون تقديم أي مزايا للاقتصاد الأوسع من خلال خفض قيمة الصادرات.

وما زال معظم المواطنين السعوديين حتى الآن بمعزل عن تداعيات هبوط أسعار النفط إذ يظل سعر الوقود رخيصا حتى بعد رفع أسعار البنزين بنسبة 50 في المئة كما لم يظهر بعد أثر لخفض الإنفاق على التوظيف. لكن التغيير آت إذ وعدت الرياض في بيان موازنة 2016 بخفض زيادة أجور موظفي الدولة مما يعني عددا أقل من الوظائف الحكومية الجديدة. وحيث أن نمو القطاع الخاص السعودي يقتفي أثر الإنفاق الحكومي عن قرب فإن هذا يعني قلة الوظائف في القطاع الخاص أيضا. وربما يأتي التهديد للأسس الاقتصادية لشرعية أسرة آل سعود الحاكمة في أسوأ توقيت ممكن إذ تمر حاليا بفترة انتقال طويلة وحساسة إلى جيل جديد من الحكام بعد ستة عقود من حكم عدد من الأخوة.

ودفعت حالة العداء الشديد بين الرياض وطهران المملكة العربية السعودية إلى دخول حرب في اليمن كلفتها حياة 375 مواطنا في حين لقي العشرات حتفهم في هجمات شنها متشددون داخل المملكة. وقد يكون لحدوث ارتفاع مفاجئ في تكاليف المعيشة وانهيار القوة الشرائية بسبب خفض سعر العملة في ظل مثل تلك الظروف أثر مدمر. وقال جمال خاشقجي مدير قناة العرب الإخبارية إنه سيكون من الصعب جدا إقناع عامة الشعب بتقبل ذلك خاصة في هذا الوقت بسبب الإصلاحات الصعبة الآتية.

وتعهدت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) بالحفاظ على سعر ربط الريال عند 3.75 ريال للدولار مهما يحدث. ومع امتلاكها احتياطيات نقد أجنبي بقيمة 609 مليارات دولار كونتها المملكة خلال سنوات ارتفاع أسعار النفط تستطيع المؤسسة الصمود لبعض الوقت قبل أن تستنزف تلك الاحتياطيات. حيث يقول بحث أجراه بنك يو.بي.إس "نعتقد أن مستوى الاحتياطيات المرتفع يسمح لمؤسسة النقد العربي السعودي بالحفاظ على نظام سعر الصرف الحالي في الوقت الراهن "غير أن التحديات كبيرة إذ قد تستنزف الاحتياطيات المالية خلال خمس إلى ست سنوات من دون إجراء إصلاحات." وبلغت العقود الآجلة للدولار مقابل الريال استحقاق عام نحو 550 نقطة يوم الخميس بانخفاض كبير عن المستوى القياسي الذي بلغ ألف نقطة في وقت سابق هذا العام حيث تحوطت بعض البنوك والصناديق من مخاطر إقدام الرياض على إلغاء ربط عملتها بالدولار. ويستخدم هذا النوع من العقود لتثبيت سعر الصرف المستقبلي.

وكان المستوى القياسي السابق 850 نقطة وجرى تسجيله خلال موجة مضاربة على هبوط الريال في 1999. لكن بعض السعوديين يقولون إن أصدقاء أو زملاء لهم بدأوا يحولون أموالا للخارج وهي إشارة على المخاوف بشأن قدرة الريال على الصمود.. وقال البنك الفرنسي في مذكرة "السوق تختبر استعداد السلطات وهي محقة في ذلك." بحسب فرانس برس.

السعودية تحتاج إلى مشاريع كهرباء ضخمة

في سياق آخر قال وزير المياه والكهرباء السعودي عبد الله الحصين إن بلاده تحتاج إلى تنفيذ مشاريع كهرباء بقيمة 500 مليار ريال (133.3 مليار دولار) خلال السنوات العشر المقبلة لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة. وقال في مؤتمر إن من المتوقع أن يبلغ اجمالي أحمال الذروة إلى 90 ألف ميجاوات في 2022. وتبلغ القدرة المركبة حاليا نحو 70 ألف ميجاوات.

وفي سبتمبر أيلول قالت الشركة السعودية للكهرباء وهي أكبر منتج للطاقة في المملكة إن أعلى ذروة للأحمال حتى الآن كانت في أغسطس آب وهو الشهر الذي يشهد طلبا عاليا على الكهرباء لمواجهة حرارة الصيف. وارتفعت أحمال الشركة السعودية للكهرباء بنسبة 10.2 في المئة إلى 62.260 ميجاوات من 56.547 ميجاوات قبل عام.

وقال الحصين إن عقود بناء شبكة توزيع للربط الكهربائي مع مصر ستُوقع قبل منتصف 2016 وإن مشروع الربط سيعمل بكامل سعته التي تصل إلى 3000 ميجاوات قبل منتصف عام 2019. وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان نائب وزير البترول والثروة المعدنية في المؤتمر إن استهلاك الطاقة السعودي يُتوقع أن ينمو بنسبة بين أربعة وخمسة في المئة سنويا في السنوات القليلة المقبلة ليصل إلى ضعف مستواه الحالي بحلول 2030 إذا لم تطبق إجراءات لكفاءة الاستخدام. وأضاف أن الاستهلاك الداخلي للطاقة يبلغ نحو 38 في المئة من إجمالي موارد البترول والغاز المنتج في المملكة مؤكدا أن المملكة ستوفر ما يعادل 1.5 مليون برميل يوميا بحلول 2030 من خلال برنامج لكفاءة الاستخدام يشرف عليه بحسب رويترز.

رجل أعمال سعودي يستغيث بالحكومة

في سياق مقارب ناشد رجل أعمال سعودي كبير العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز التدخل لحل مشاكل قطاع المقاولات في البلاد في ظل تأخر سداد مستحقات الشركات وسط تنامي الضغوط على الاقتصاد مع استمرار هبوط أسعار النفط. وفي خطاب موجه للملك سلمان قال عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس الغرف السعودية إن الشركات والمؤسسات العاملة بقطاع المقاولات تعاني من تأخر صرف مستحقاتها لفترة تجاوزت الستة أشهر. وقال "نضع بين يدي مقامكم الكريم ما تعانيه شركات ومؤسسات القطاع المنفذة للمشاريع الحكومية من تأخير في صرف مستحقاتها المالية خلال الفترة الماضية." وأضاف أن ذلك أثر على سير أعمال شركات القطاع وأحدث عجزا لدى الكثير منها حال دون الوفاء بالتزاماتها التعاقدية التي تقدر بمليارات الريالات.

وقال الزامل إنه إذا استمر تأخر صرف المستحقات "ستكون هذه الشركات والمؤسسات عرضة للتعثر أو التوقف الكلي... استنفد المقاولون خلال الأشهر الماضية كافة قدراتهم التمويلية الذاتية وأصبح الأمر ملحا لتعزيز وضعهم المالي من خلال صرف كافة مستحقاتهم المتأخرة."

ومناشدة العاهل السعودي التدخل المباشر لمعالجة مشكلة ما ليس جديدا في المملكة لكن الخطاب يوضح مدى الضغوط التي يواجهها قطاع المقاولات الذي تعرض لمصاعب منذ النصف الثاني من العام الماضي جراء تقليص الإنفاق الحكومي لمواجهة هبوط أسعار النفط.

وكانت وزارة المالية خفضت الدفعة المقدمة التي تصرفها للشركات في عقود المشاريع المبرمة لصالح الجهات الحكومية. وقلصت الحكومة عدد المشروعات التي تنفذها ويقول مسؤولون بالقطاع إن هناك تباطؤا في صرف مستحقات الشركات التي نفذت مشروعات بالفعل.

ولا يعني تراجع إيرادات النفط أن المملكة تواجه أزمة مالية إذ تبلغ قيمة الأصول الأجنبية للحكومة نحو 600 مليار دولار لكن يبدو أن توجه السلطات لخفض الإنفاق أدى لتباطؤ عمليات الموافقة على المستحقات وصرفها. ولجأت بعض الشركات في الآونة الأخيرة - لأسباب منها تأخر صرف المستحقات - إلى تأخير صرف رواتب العاملين وتسريح آلاف العمال وبدأ عدد من الشركات مفاوضات لإعادة جدولة الديون. وفي الشهر الماضي قالت شركة جبل عمر للمقاولات التي تتولى تطوير المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام في مكة إنها تتفاوض مع الجهات المقرضة بعدما لم تتمكن من سداد 650 مليون ريال (173.3 مليون دولار) هي القسط الأول من قرض بثلاثة مليارات ريال حل موعد استحقاقه في أول يناير كانون الثاني بحسب رويترز.

عمال أجانب لا يحصلون على رواتبهم في السعودية

من جهتها تدخلت بعض الحكومات الأجنبية على مدى الأسابيع القليلة المنصرمة للضغط على الرياض من أجل ضمان سداد بعض شركات الإنشاءات في المملكة المستحقات المتأخرة لعشرات الآلاف من العاملين في علامة على تنامي الضغوط على الاقتصاد السعودي جراء هبوط أسعار النفط. ومنذ أواخر العام الماضي بدأت الحكومة السعودية في اتخاذ عدد من التدابير للتكيف مع انخفاض الإيرادات نتيجة هبوط أسعار النفط كان أبرزها خفض الإنفاق الحكومي بهدف السيطرة على عجز الموازنة البالغ نحو 100 مليار دولار سنويا.

وأحدث ذلك ضغوطا على شركات الإنشاءات في المملكة مع تلقيها أموالا أقل من الحكومة ما أدى في بعض الحالات إلى تأخر دفع أجور آلاف العاملين الأجانب لبضعة أشهر. وقالت وزيرة العمل الفلبينية روزاليندا بالدوز لرويترز يوم الاثنين إن السفارة الفلبينية في الرياض تتواصل مع سلطات سعودية لحل المشكلة. وأضافت "سأرسل اليوم بعثة لتقصي الحقائق يرأسها وكيل الوزارة سيرياكو لاجونزاد لمقابلة العمال والموظفين والجهات المعنية."

وقال دبلوماسي إن السفير الفرنسي في الرياض أرسل خلال الأسابيع المنصرمة خطابا للرئيس التنفيذي لشركة سعودي اوجيه وهي من كبرى شركات الإنشاءات في المملكة طالبا منه التدخل لحل مشاكل فرنسيين لم يتسلموا رواتبهم لأربعة أشهر. وقال دبلوماسيون من بنجلادش إنهم تواصلوا مع شركات إنشاءات كبرى لمناقشة تأخر سداد أجور عمال من بلادهم لفترة تجاوزت شهرين. ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من وزارة الخارجية.

وقال خالد أبا الخيل المتحدث باسم وزارة العمال لرويترز "وزارة العمل تعمل على اتباع الإجراءات النظامية بحق المنشآت العاملة في السوق السعودية والتي تتأخر في صرف أجور العاملين لديها سواء سعوديين أو وافدين حيث تطبق الوزارة برنامج حماية الأجور الذي يلزم جميع منشآت القطاع الخاص بصرف مستحقات العمالة في وقتها." وأضاف "الوزارة لن تتهاون في تطبيق العقوبات تجاه المنشآت المتأخرة في صرف أجور عامليها."

وقال مسؤول لدى سعودي أوجيه إن شركته مثلها مثل شركات أخرى تأثرت لعدة أشهر "بالظروف الراهنة التي أدت لتأخر الوفاء بالتزاماتنا للموظفين." وأضاف أن الشركة تبنت خطة ستمكنها من استئناف سداد مستحقات العاملين اعتبارا من مارس آذار لكنه لم يخض في تفاصيل وطالب بعدم الكشف عن هويته نظرا لحساسية الأمر. وباتت المشاكل التي يتعرض لها قطاع الإنشاءات والمقاولات أحد أبرز القضايا داخل مجتمع الأعمال في المملكة.

وتدفق هؤلاء العمال إلى المملكة خلال سنوات طفرة النفط وازدهار الاقتصاد لكن الآفاق أصبحت قاتمة بعض الشيء منذ أواخر العام الماضي بفعل هبوط أسعار النفط ولجوء بعض الشركات لاسيما في قطاع الإنشاءات إلى خفض أعداد العمالة. وقالت مصادر مطلعة لرويترز في نوفمبر تشرين الثاني إن مجموعة بن لادن السعودية وهي شركة أخرى من أكبر شركات البناء والمقاولات في المملكة تعتزم خفض 15 ألف وظيفة دفعة واحدة. ولم تستجب بن لادن لطلبات من أجل التعليق على الأمر. وطالما كان تأخر سداد رواتب العمال الأجانب نتيجة تعقيدات روتينية ونقص السيولة أمرا عرضيا في قطاع المقاولات والإنشاءات في دول الخليج. لكن تراجع الإنفاق الحكومي منذ هبوط أسعار النفط أدى إلى تفاقم الوضع.

وكانت وزارة المالية خفضت الدفعة المقدمة التي تصرفها للشركات في عقود المشاريع المبرمة لصالح الجهات الحكومية. وقلصت الحكومة عدد المشروعات التي تنفذها ويقول مسؤولون بالقطاع إن هناك تباطؤا في صرف مستحقات الشركات التي نفذت مشروعات بالفعل. ولا يعني تراجع إيرادات النفط أن المملكة تواجه أزمة مالية إذ تبلغ قيمة الأصول الأجنبية للحكومة نحو 600 مليار دولار لكن يبدو أن توجه السلطات لخفض الإنفاق أدى لتباطؤ عمليات الموافقة على المستحقات وصرفها. ولم تعلن الحكومة عن قيمة المستحقات المتأخرة التي تدين بها للشركات لكن مسؤولين بالقطاع يقدرون أن تصل في مجملها إلى مئات الملايين من الدولارات فيما يتوقع مسؤول أن تقدر ببضعة مليارات من الدولارات بحسب رويترز.

وقال مسؤولون إن السلطات أبلغتهم بأن الحكومة تعتزم سداد المستحقات المتأخرة بنهاية الشهر الجاري. إلا أن آخرين أبدوا تشككا بشان تلك الوعود التي تكررت دون تنفيذ فعلي خلال الشهور الماضية. وقال دبلوماسي تدخل في محاولة لسداد الأجور المتأخرة لعمال بلاده إنه التقى بمسؤولين في شركتي أوجيه وبن لادن. وأضاف "قالت سعودي أوجيه إنها دفعت رواتب العمال في فبراير لكن اتضح أن ذلك كان عن شهر اكتوبر 2015 وقالوا إنهم سيدفعون للموظفين مرة أخرى في مارس." وبحسب وثيقة اطلعت عليها رويترز توصل ممثلون عن العمال الذين لم يتقاضوا رواتبهم ومسؤولون من وزارة العمل وآخرون من شركة بن لادن لاتفاق يقضي بحل مشكلة تأخر الرواتب وذلك بعدما احتشد العمال في تظاهرة في مشروع للشركة بمكة في وقت سابق من هذا العام.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي