صندوق النقد الدولي.. في مرمى التسيس والفساد

عبد الامير رويح

2015-12-21 08:11

يعد صندوق النقد الدولي أهم المؤسسات الدولية التي تعنى بشؤون السياسات الاقتصادية الكلية (النقدية والمالية)، أي السياسات المتعلقة بميزان الحكومة، وإدارة النقد والائتمان وسعر الصرف وسياسات القطاع المالي بما في ذلك تنظيم البنوك والمؤسسات المالية الأخرى والرقابة عليها، وإضافة إلى ذلك يوجه صندوق النقد الدولي اهتماماً كافياً للسياسات الهيكلية التي تؤثر على أداء الاقتصاد الكلي بما في ذلك سياسات سوق العمل التي تؤثر على سلوك التوظيف والأجور، ويقدم الصندوق المشورة لكل بلد عضو حول كيفية تحسين سياسته في هذه المجالات، بما يتيح مزيداً من الفاعلية في السعي لبلوغ أهداف مثل ارتفاع معدل توظيف العمالة، وانخفاض التضخم، وتحقيق النمو الاقتصادي القابل للاستمرار أي النمو الذي يمكن أن يستمر بغير أن يؤدي إلى مصاعب كالتضخم ومشكلات ميزان المدفوعات. أنشئ بموجب معاهدة دولية في عام 1945 للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي ويديره أعضاؤه الذين يشملون جميع بلدان العالم تقريباً بعددهم البالغ 188 بلدا.

المصدر الرئيسي لموارد صندوق النقد الدولي هو اشتراكات الحصص (أو رأس المال) التي تسددها البلدان عند الانضمام إلى عضوية الصندوق أو في أعقاب المراجعات الدورية التي تزاد فيها الحصص. وتدفع البلدان 25% من اشتراكات حصصها بحقوق السحب الخاصة(الذهب الورقي) و 75% بعملته الوطنية، لأغراض الإقراض حسب الحاجة. وتحدد الحصص ليس فقط مدفوعات الاشتراك المطلوبة من البلد العضو، وإنما أيضاً عدد أصواته وحجم التمويل المتاح له من الصندوق ونصيبه من مخصصات حقوق السحب الخاصة. والهدف من الحصص عموماً هو أن تكون بمثابة مرآة لحجم البلد العضو النسبي في الاقتصاد العالمي، فكلما ازداد حجم اقتصاد العضو من حيث الناتج وازداد اتساع تجارته وتنوعها، ازدادت بالمثل حصته في الصندوق. والولايات المتحدة الأمريكية، أكبر اقتصاد في العالم، تسهم بالنصيب الأكبر في صندوق النقد الدولي.

وفي السنوات الاخيرة كما يرى بعض المراقبين، سعى صندوق النقد الدولي الى اعتماد سياسات وخطط جديدة في تعاملاته مع بعض الاعضاء، الامر الذي اثار موجة من الاتهامات والشكوك حول عمل هذا الصندوق الذي اصبح يخضع لضغوط وسياسات معينة تصب في مصلحة بعض الدول المهيمنة ذات الحصص الكبرى.

فقدان الثقة

في هذا الشأن يواجه صندوق النقد الدولي اتهامات بالرضوخ لضغوط سياسية لتفادي فشل خطته لمساعدة اوكرانيا، ما يعزز الشكوك المحيطة به بعد شبهات مماثلة وردت حول تعاطيه مع ملف اليونان أو مؤخرا الصين. وتصدر اتهامات التسييس هذه المرة عن روسيا التي تشن حملة بالغة العنف ضد صندوق النقد الدولي وقد حذرت بان ثقتها بالمؤسسة المالية "تقوضت بصورة جدية"، وما اثار سخط موسكو قرار صندوق النقد الدولي التخلي عن قاعدة داخلية كانت تحظر عليه تقديم مساعدة مالية لدولة تعثرت في سداد مستحقات لدولة اخرى. وهذا الاجراء الذي يبدو ظاهريا تغييرا فنيا بامتياز، سيسمح عمليا للصندوق بالإبقاء على خطة المساعدة التي منحها في اذار/مارس لاوكرانيا بعدما كانت مهددة برفض كييف تسديد ثلاثة مليارات دولار تستحق لموسكو بعد بضعة ايام.

واعلن رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف مبديا استياءه "ان صندوق النقد الدولي اتخذ للمرة الاولى في تاريخه قرارا يهدف الى دعم دولة مقترضة بما يتعارض مع الاتفاقات القائمة، لمجرد اسباب سياسية". وفي مقال نشر في صحيفة "فاينانشل تايمز" حذر وزير المال الروسي انتون سيلوانوف بان هذا القرار "قد يثير تساؤلات بشان حياد" المؤسسة مشيرا الى عدم وجوب تعديل اسس الصندوق "الا بعد دراسة مطولة".

ورد صندوق النقد الدولي على هذه الاتهامات بصورة غير مباشرة فاكد احد مسؤوليه هوغ بريدنكمب كاشفا تفاصيل القاعدة الجديدة ان "ضرورة هذا الاصلاح كانت جلية منذ بعض الوقت". وراى ان هذا التعديل كان ضروريا لمنع خطط الصندوق من ان تكون "مرهونة" برفض بلد ما اعادة التفاوض حول الديون المستحقة له. واكد ان صندوق النقد الدولي بحث هذه المسالة في تقرير يعود الى ايار/مايو 2013 "قبل حتى ان تمنح روسيا القرض لاوكرانيا".

غير ان الجدول الزمني لصدور القرار يثير التساؤلات وقال المندوب الايطالي السابق في مجلس ادارة صندوق النقد الدولي اندريا مونتانينو ان "التحرك حيال هذه المسالة كان امرا ايجابيا، لكن التوقيت ليس جيدا". واضاف "كان من الخطأ القيام بذلك بتسرع وهذا ما يعطي انطباعا بانه مجرد قرار ظرفي". وكان الغربيون الذين يهيمنون على هيئات القرار في صندوق النقد الدولي يسعون منذ عدة اشهر للالتفاف على الرفض الروسي لمعاودة التفاوض في هذا الدين وقال مسؤول اوروبي كبير "سوف نجد وسيلة".

فهل رضخ الصندوق لضغوط مساهميه الرئيسيين الاوروبيين والاميركيين؟ يرى بعض الخبراء ان المسالة ليست بهذه السهولة. وقال دومينيكو لومباردي العضو السابق في الصندوق ان "صندوق النقد الدولي اغتنم المناسبة السانحة لملء فراغ قانوني". واوضح ان المؤسسة المالية جعلت من الخلاف بين روسيا واوكرانيا "حافزا لتعزيز التوافق بين الدول الاعضاء" حول اصلاح ضروري في عمل الصندوق الذي يقدم مساعدات للدول التي تواجه ازمات لقاء فرض تدابير ادخار وتقشف.

غير ان هذه ليست المرة الاولى التي يجد فيها الصندوق نفسه في قفص الاتهام. وسبق ان اثارت المؤسسة الاستياء بتبديلها قواعد عملها عام 2010 من اجل تقديم المزيد من القروض لليونان تحت شعار تفادي "خطر يهدد بالانتقال الى النظام برمته" وتحت ضغط الاوروبيين. كما قرر الصندوق مؤخرا في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر ضم اليوان الصيني الى سلة عملاته الرئيسية معترفا به كعملة احتياط الى جانب الدولار الاميركي والجنيه الاسترليني والين الياباني واليورو. بحسب فرانس برس.

ولقي القرار ترجيبا عاما ولو ان بعض الخبراء راوا فيه بادرة حيال بكين. وقال مونتانينو "كان ذلك قرارا جيدا لكن من الواضح انه سياسي. كان ينبغي توجيه اشارة الى الصين التي لا تتمتع بوزن كبير في صندوق النقد الدولي". ونفى الصندوق ذلك نفيا قاطعا مؤكدا انه قرار "فني". غير ان الرد على السؤال عما اذا كان الصندوق مؤسسة محض فنية او اداة سياسية يبقى مسالة في غاية الصعوبة، ولا شك ان الحقيقة غير واضحة. وقال لومباردي ان "صندوق النقد الدولي مؤسسة سياسية تتخذ قراراتها على اساس فني" مضيفا "الامور ليست اما اسود او ابيض، هناك هامش من التاويل".

أزمة الايبولا

من جانب اخر أفادت دراسة جديدة أن صندوق النقد الدولي مسؤول جزئيا عن نطاق أزمة الايبولا في ثلاث دول في غرب افريقيا حيث عرقلت سياساته الانفاق الصحي في تلك الدول في مرحلة ما بعد الصراع. وقال بحث لأساتذة من ثلاث جامعات بريطانية بارزة إن الشروط على قروض صندوق النقد إلى غينيا وسيراليون وليبيريا على مدى العقدين المنصرمين أعطت الأولوية لاعادة سداد الديون وتكوين احتياطيات من النقد الأجنبي بالمقارنة مع الانفاق على الرعاية الصحية.

وتأتي الدراسة وسط انتقاد متزايد بشأن رد الفعل البطيء ازاء أسوأ تفش في العالم للايبولا والذي قتل حوالي ثمانية آلاف شخص وزاد التدقيق بشأن الطرق البديلة التي كان يمكن ان تستخدمها المنظمات لمنع ذلك. وقال الكسندر كنتيكلنيس استاذ الاجتماع في جامعة كمبريدج والذي شارك في كتابة الدراسة المنشورة في مطبوعة لانسيت جلوبال هيلث إن "السياسات التي يدافع عنها صندوق النقد ساهمت في أنظمة صحية تعاني من ضعف التمويل ونقص العاملين وسوء الاعداد في الدول التي تفشى فيها ايبولا."

وتعاني الدول الثلاث من ديون ثقيلة لمقرضين خارجيين بعد خروجها من الصراعات وتعتمد جزئيا على القروض لادارة الخدمات الحكومية ومنها المراكز الصحية. ويفرض صندوق النقد على الدول المدينة اعادة هيكلة القطاع العام كشرط للتمويل ويروج للخصخصة ولا مركزية الخدمات. وتنقل الدراسة عن رسالة كتبتها السلطات في غينيا في بداية التفشي إلى مديري صندوق النقد تقول "للأسف لم يتسن الالتزام بالأهداف الارشادية للإنفاق في قطاعات الأولوية بسبب خفض الإنفاق بما في ذلك على الاستثمار المحلي."

وكتب سانجيف جوبتا المسؤول في المؤسسة المالية ومقرها واشنطن إن "صندوق النقد الدولي يعمل بشأن آليات للسماح لنا بالتحرك سريعا لتوفير مزيد من الاعفاء من الديون لتلك الدول.. وهو ما سيحرر مزيدا من الموارد التي يمكن استخدامها للانفاق على الرعاية الصحية." وقال كنتيكلنيس إن الدول الأخرى في المنطقة ومنها نيجيريا والسنغال -التي توجد بها أيضا حالات ايبولا- لديها أنظمة أقوى للرعاية الصحية تمكنت من منع العدوى الواسعة بالمرض.

ونفى جوبتا أن تكون سياسات صندوق النقد سببت انخفاضا في الانفاق على الخدمات الصحية وقال إن تمويل الرعاية الصحية زاد بنسبة 1.6 في المئة في ليبيريا كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي وبنسبة 0.7 في المئة في غينيا و0.2 في سيراليون بين عامي 2010 و2013. وأضاف أن معدلات الوفيات وتغذية الاطفال وأنظمة الصحة العامة تحسنت كلها في الدول الثلاث المتضررة من ايبولا في العقد المنصرم. بحسب رويترز.

وقال كنتيكلنيس الذي أجرى البحث مع أكاديميين آخرين من جامعة كمبريدج ومدرسة لندن للصحة وطب المناطق الحارة وجامعة أوكسفورد إن تحسن الانفاق منذ 2010 جاء من عوامل خارج سيطرة صندوق النقد منها "زيادة في تدفق المساعدات". وقالت الدراسة إن الصندوق تعهد بتقديم 430 مليون دولار لمكافحة فيروس ايبولا في الدول الثلاث الأشد تضررا.

المثول امام القضاء

الى جانب ذلك احيلت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد على محكمة العدل الفرنسية لدورها حين كانت وزيرة للاقتصاد في قضية تحكيم مثيرة للجدل حصل فيها رجل الاعمال الفرنسي برنار تابي على اكثر من 400 مليون يورو عام 2008، على ما افاد مصدر قضائي. وردت لاغارد على الفور معلنة في بيان الطعن في "القرار الذي يصعب فهمه" الصادر عن لجنة التحقيق التابعة لمحكمة العدل الفرنسية بعد طلب النيابة العامة رد الدعوى.

وامرت لجنة التحقيق بمحاكمة لاغارد بتهمة "الاهمال" في ادارة الاموال العامة، بعدما فتح تحقيق بحقها في هذا الشان في نهاية صيف 2014. وتعود القضية الى عام 2008 حين قضت محكمة تحكيم خاصة صادقت عليها وزارة الاقتصاد التي كانت لاغارد على راسها انذاك، بدفع اكثر من 404 ملايين يورو لبرنار تابي. وكان تابي يتهم مصرف كريدي ليوني بالاحتيال عليه لدى اعادة بيع شركة اديداس للمعدات الرياضية عام 1994، عبر التقليل من قيمة الشركة اثناء الصفقة، وطالب الدولة على اعتبار انها المساهم الاكبر في المصرف، بدفع تعويضات له.

واثارت القضية فضيحة وحقق القضاة في ما اذا كانت عملية التحكيم "وهمية" نظمتها السلطات حينذاك بهدف مكافأة تابي على دعمه للرئيس الفرنسي السابق نيكولاس ساركوزي. ولطالما نفت لاغارد ان تكون تصرفت بتعليمات من ساركوزي. والغي الحكم في مطلع العام 2015 اذ اعتبر القضاء انه يتضمن شبهات بالاحتيال. وفي 3 كانون الثاني/ديسمبر حكمت محكمة الاستئناف في باريس على تابي باعادة تسديد الـ404 ملايين يورو. بحسب فرانس برس.

واكدت كريستين لاغارد في بيانها انها "لطالما تصرفت في هذه القضية لما هو في مصلحة الدولة وفي احترام القانون" مؤكدة انها "تعتبر .. انه لا يمكن توجيه اي تهمة اليها". واضافت انها "ستبلغ مجلس ادارة صندوق النقد الدولي بهذا التطور الاخير في الملف". غير ان مجلس ادارة صندوق النقد الدولي الذي يمثل دوله الاعضاء الـ188 اكد على الفور "ثقته في قدرات مديرته العامة على تولي مهامها بشكل فاعل"، بحسب ما اعلن المتحدث باسم المؤسسة المالية جيري رايس في بيان. وسبق ان فتح تحقيق بحق لاغارد التي تتولى ادارة صندوق النقد الدولي منذ تموز/يوليو 2011. وطلبت النيابة العامة رد الدعوى غير ان لجنة التحقيق لم تاخذ بهذا الطلب، بحسب ما افاد المصدر القضائي مؤكدا معلومات اوردتها شبكة اي تيلي التلفزيونية وموقع ميديابارت.

رئاسة صندوق

على صعيد متصل ومع اقتراب اجل ولاية كريستين لاغارد ما زالت الدول الناشئة الكبرى مترددة في تشكيل جبهة موحدة للسعي الى قيادة المؤسسة التي لطالما ترأسها اوروبي. وبدت دول مجموعة "بريكس" اي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا منقسمة فيما اعربت لاغارد انها "منفتحة" على فكرة تجديد ولايتها. وفيما ترفض موسكو وبرازيليا الادلاء باي تعليق تبدو بريتوريا مستعدة للطعن في القيادة الاوروبية لصندوق النقد الدولي الموروثة عن قاعدة ضمنية تخصص رئاسة البنك الدولي للاميركيين.

واكد متحدث باسم وزارة المالية الجنوب افريقية ان "الدول النامية اصرت على ضرورة اجراء عملية تستند الى الاهلية وليس على التدابير السارية حاليا التي تقضي بان يكون المدير العام لصندوق النقد اوروبيا". هذا المطلب ليس جديدا، لكن ترجمته الى عمل ملموس بدا صعبا في الماضي. ففيما ابدت دول "بريكس" اعتراضها الكبير منذ 2011، تعذر عليها الاتفاق في ما بينها على مرشح واحد يملك وزنا رمزيا طاغيا، ما ادى الى بقاء المكسيكي اوغوستين كارستنس وحده وسط معركة خاسرة مسبقا ضد لاغارد.

لكن هل الوضع مختلف اليوم؟ رد مسؤول في وزارة المالية الهندية "ما زال من السابق لاوانه الجزم. ينبغي ان يتوضح الوضع العام وان نرى اي من المرشحين مشارك"، من دون اغلاق اي باب. وتابع رافضا الكشف عن اسمه ان "الهند قد تسعى الى حوار مع دول اخرى كدول بريكس".

من جهتها اكتفت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا شونيينغ بالتاكيد ان بكين "لديها علاقة متينة وجيدة مع صندوق النقد الدولي". غير ان المعطيات تبدلت منذ 2011. فالدول الناشئة الخمس الاكبر عالميا عززت تعاونها للغرض الدائم نفسه وهو اعتراض السيطرة الغربية على مؤسسات بريتون وودز بإنشاء مصرف تنمية وصندوق مالي خاصين بها. وينبع احتجاجها المشترك من ضعف تمثيلها في صندوق النقد الدولي حيث تملك الصين مثلا، ثاني قوة اقتصادية عالمية، حقوق تصويت تقل باربعة اضعاف عما يحق للولايات المتحدة. وما زال اصلاح جار منذ ثلاث سنوات لتصحيح نقاط انعدام التوازن المماثلة لهذه يشهد عقبات كبيرة.

كما بدا شقاق بسيط يبرز في صفوف الصندوق. ففي تموز/يوليو اكد الرجل الثاني فيه ديفيد ليبتون ان سيناريو تولي شخصية غير اوروبية الادارة العامة للصندوق "لم يكن في اي وقت اكثر بروزا". ويرى الخبراء ان سيناريو اختيار دول بريكس مرشحا مشتركا ما زال يواجه صعوبات، واولها العثور على مرشح يتمتع بالمصداقية.

وفيما يبدو كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي والحاكم الحالي للمصرف المركزي الهندي راغورام راجان مرشحا مثاليا، قطع بنفسه الطريق على التكهنات. وكشف في مقابلة مع قناة ان دي تي في الهندية في ايلول/سبتمبر "هذه ليست وظيفة قدمت طلبا لنيلها، لا في السابق ولا حاليا". وبغض النظر عن خيار الاشخاص، من الصعب تشكيل جبهة موحدة في مواجهة لاغارد التي تتمتع بدعم واسع من الدول الاعضاء ومنها الدول الناشئة.

واكد المسؤول السابق في الصندوق اسوار براساد ان "لاغارد اتخذت اجراءات لتعزيز توعية صندوق النقد ازاء مخاوف الدول الناشئة وسعت الى زيادة تمثيلها في اطار الصندوق". واعتبر الاستاذ في جامعة رنمين الصينية شي يينهونغ ان المعركة تبدو محسومة النتيجة نظرا الى توازن القوى في مجلس ادارة الصندوق، وهي الهيئة التي تعين مديرا عاما ويهيمن عليها الاوروبيون والاميركيون. وقال "نظرا الى حقوق تصويت القوى الكبرى الغربية وقدرتها وتجربتها في ادارة منظمات دولية، اعتقد ان المدير العام سيعين من بلد متطور". بحسب فرانس برس.

لكن عنصرين قد يغيران المعطيات بحسب براساد. ويكمن الاول في امتناع صندوق النقد الدولي عن ادراج اليوان في سلتها للعملات المرجعية، والثاني في استمرار تعطيل اصلاح حاكمية الصندوق في الاشهر المقبلة. واكد الخبير ان "هذا قد يؤول بدول بريكس الى تحرك اكثر هجومية لتغيير بنية الصندوق".

تعديل الشروط

في السياق ذاته اعلن البنك الدولي عن حزمة شروط اجتماعية وبيئية جديدة يتعين على الدول الاعضاء ال188 تلبيتها اذا ما ارادت الحصول على قروض من هذه المؤسسة المالية الكبرى في مجال التنمية الاقتصادية. وقال البنك الدولي ان اعتماد هذه القواعد الجديدة بعد سنوات طويلة من المفاوضات يشكل "خطوة كبرى الى الامام" على طريق "حماية البيئة والسكان". غير ان منظمات غير حكومية سارعت الى التنديد بالإجراءات الجديدة، مؤكدة انها تمثل "عودة خطيرة الى الخلف".

وتتضمن حزمة القواعد الجديدة عشرة مبادئ رئيسية ستطبق لفترة تجريبية، ومن بينها شرط ان تحصل الدولة التي تطلب من البنك قرضا لتمويل مشروع ما على "موافقة" السكان المحليين على المشروع اذا ما كان يؤثر على ظروف حياتهم. وكان البنك الدولي اقر في مطلع آذار/مارس بأن بعض مشاريعه التنموية ادت الى تهجير سكان من ديارهم.

وبموجب القواعد الجديدة فان البنك الدولي سيشترط من الآن فصاعدا، للمرة الاولى، على الدول المقترضة ضمان حقوق العمال ولا سيما حقهم في تشكيل نقابات او الانضمام اليها وفي اجراء مفاوضات جماعية. كما عدل البنك اقتراحا سابقا بشأن المعايير البيئية التي سبق وان اثارت غضب العديد من منظمات المجتمع المدني في تموز/يوليو 2014. وبذلك بات البنك يطلب "تعويضات" عندما تتسبب المشاريع التي يمولها باضرار على البيئة، مع تشديده على ان هذه التعويضات لا يمكن ان تكون الا "آخر الدواء" وانه بالامكان رفضها "في بعض الحالات". بحسب فرانس برس.

ونددت 19 منظمة غير حكومية بينها اوكسفام بالشروط الجديدة، مؤكدة في بيان مشترك ان هذه التعديلات "تضعف" المعايير التي تحكم آليات التمويل المتبعة في البنك. وقالت المنظمات في بيانها ان هذه القواعد "ستضعف كثيرا حماية السكان المعنيين والبيئة في آن معا، في الوقت الذي يعتزم فيه البنك الدخول في مشاريع عالية المخاطر". ويعتبر البنك الدولي المؤسسة الشقيقة لصندوق النقد الدولي وهو يواجه منافسة متزايدة من مؤسسات تمويلية اخرى أنشأتها الدول الناشئة ولا سيما الصين.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي