الذكاء الاصطناعي يهدد سوق العمل أم يتكامل معه؟
شبكة النبأ
2023-08-30 04:20
خلصت دراسة أعدتها منظمة العمل الدولية مؤخرا إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لن يكون سببا في القضاء على الوظائف، بل سيكون أداة مكملة للكثير منها.
وأشارت الدراسة إلى أن التغيير سيكون على صعيد جودة الأعمال والوظائف حيث سيكون هناك تركيز واستقلالية أكبر أثناء أدائها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وقالت الدراسة إن الذكاء الاصطناعي التوليدي لن يستحوذ على الأرجح على وظائف معظم الأشخاص بالكامل لكنه سيجعل جزءا من واجباتهم آليا مما يتيح لهم القيام بمهام أخرى.
لكنها حذرت من أن العمل الكتابي سيكون الأكثر تضررا على الأرجح، ومن المحتمل أن يلحق ضررا أكبر بوظائف النساء نظرا للنسبة الكبيرة من النساء اللائي يعملن في هذا القطاع لا سيما في البلدان الأكثر ثراء.
وأثار تفجر الاهتمام بالذكاء الاصطناعي التوليدي وتطبيقات روبوتات الدردشة مخاوف من القضاء على وظائف، على غرار ما حدث حين ظهور خطوط التجميع المتحركة في أوائل القرن العشرين وبعد ظهور أجهزة الكمبيوتر المركزية في الخمسينيات من القرن الماضي.
وخلصت الدراسة التي أعدتها منظمة العمل الدولية إلى أن "معظم الوظائف والصناعات معرضة جزئيا فحسب للأتمتة (العمل آليا) وبالتالي فمن المرجح أن يتم استكمالها بدلا من استبدالها بالذكاء الاصطناعي".
وهذا يعني أن "أهم تأثير للتكنولوجيا من المرجح أن يكون زيادة العمل".
وقالت الدراسة إن العمل الكتابي سيكون المهنة الأكثر تضررا من الذكاء الاصطناعي التوليدي القادر على إنتاج نصوص وصور وأصوات ورسوم متحركة ونماذج ثلاثية الأبعاد وبيانات أخرى ويتوقع أن تصبح ربع مهام العمل معرضة بشدة للأتمتة المحتملة.
وجاء في الدراسة أن معظم المهن الأخرى، مثل المديرين وعمال المبيعات، معرضة هامشيا فحسب.
لكن تقرير الوكالة التابعة الأمم المتحدة حذر من أن تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على العمال المتضررين سيظل "قاسيا".
وقالت منظمة العمل الدولية "بالنسبة لواضعي السياسات، يجب ألا تُقرأ دراستنا على أنها صوت مهدئ، بل دعوة لتسخير السياسة لمعالجة التغيرات التكنولوجية التي نواجهها".
ووفقاً للدراسة فإنَّ 24٪ من المهام المكتبية (Clerical Tasks) تعدُّ معرَّضة للأتمتة بمستوى مرتفع، في حين تعدُّ 58٪ منها معرَّضة للأتمتة بمستوى متوسِّط.
تُظهر الأرقام أنَّ الطابعين ومستشاري السفر وصرافي البنوك وكَتبة مراكز الاتصال وكتبة ضبط الحسابات وإدخال البيانات، إلى جانب موظفي الاستقبال في الفنادق وأمناء السر، من الأدوار الإدارية الأكثر عرضة للخطر.
وفقاً لمنظمة العمل الدولية، يمكن أن يشير ذلك إلى أنَّ المرأة يمكن أن تكون أكثر عرضةً للخطر، نظراً لتمثيلها العالي في الأدوار الإدارية.
"3.7٪ من جميع عمالة الإناث في العالم في وظائف يحتمل أن تكون قابلة للتشغيل الآلي باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي، مقارنة بـ 1.4٪ فقط من عمالة الذكور".
في الوقت نفسه، وجد التقرير أنَّ العمل الآليَّ للذكاء الاصطناعي من المرجَّح أن يؤثر على الموظفين في البُلدان ذات الدخل المرتفع (5.5٪) مقارنةً بالبلدان ذات الدخل المنخفض (0.4٪).
وركَّزت دراسةُ منظَّمة العمل الدولية حول الذكاء الاصطناعي التوليدي في الغالب على تأثير تطبيقات روبوتات الدردشة، مثل (ChatGPT) من (OpenAI) و(Bard) من (Google).
ويُظهر التقرير أيضاً أنَّ أدوار خدمة العملاء والمهام المتعلقة بالتنسيق معرَّضة لإمكانات أتمتة مرتفعة، إلى جانب إدوار إدارة البيانات وحفظ السجلات ومعالجة المعلومات والخدمات اللغوية والمهام المتعلقة بالرد على الاستفسارات.
وفُقدت العديد من أدوار خدمة العملاء في أحدث شتاء للعملات المشفرة لعام 2022، والذي شهد قيام بعض الشركات الكبرى في الصناعة في "بينانس" و"كوين بيس" و"كراكن" بتخفيض أعداد الموظفين بشكل كبير، بمن فيهم موظفو خدمة العملاء.
ومع ذلك، خلُصَت منظمة العمل الدولية إلى أنَّ القوى العاملة ككل لن تتأثر كثيراً بالذكاء الاصطناعي، وأنَّ التأثير العام للذكاء الاصطناعي لم يكن إيجابياً أو سلبياً بشكل خاص في الوقت الحالي، بل سيعتمد تأثيرُه على كيفية إدارة وتنظيم المحولات التوليدية مسبقة التدريب (GPTs).
"من دون وجود سياسات مناسبة، ثمَّة خطر من أنَّ بعض البلدان ذات الوضع الجيد والمشاركين في السوق فقط سيكونون قادرين على تسخير فوائد الانتقال، في حين أنَّ التكاليف التي يتحمَّلها العمال المتضررون يمكن أن تكون وحشية".
تعدُّ نتائج منظمة العمل الدولية أكثر تفاؤلاً من نتائج الأمريكيين العاديين، حيث كشفت دراسة استقصائية حديثة أنَّ 62٪ من سكان الولايات المتحدة يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير كبير في مكان العمل على مدى العقدين المقبلين، ما يترك العديد من الأمريكيين "حذرين" و "قلقين" بشأن ما يخبئه مستقبلهم.
الذكاء الاصطناعي التوليدي
الحديث عن مزاحمة الذكاء الاصطناعي للبشر واستبدالهم في مجالات مختلفة، زاد بصورة كبيرة في الفترة الماضية مع اتساع رقعة استخدام أدواته وخصوصا الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي بدأ يبزغ نجمه منذ عام 2020 كما يقول أستاذ علوم الكمبيوتر في كلية العلوم بجامعة حلوان في مصر والخبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي، الدكتور أشرف درويش.
أوضح درويش لأخبار الأمم المتحدة أن هناك فارقا بين الذكاء الاصطناعي ومثيله التوليدي، فالأول يعتمد على "مجموعة من الخوارزميات لعمل عدد من المهام مثل التصنيف أو التوقع وبناء مصفوفات من البيانات".
أما الذكاء الاصطناعي التوليدي بحسب وصف الدكتور درويش، فيعتمد على "معالجة اللغات الطبيعية" حيث يتم تخزين مجموعة ضخمة من البيانات من مصادر كثيرة بما فيها مقالات وصفحات إنترنت ورسائل دكتوراة، ثم يتم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على الإجابة على أسئلة من المستخدم من خلال البيانات أو المعلومات المتوافرة لديه.
وقال درويش إن "هذا النوع من الذكاء الاصطناعي يتطور مع الوقت. فخوارزمياته قادرة على تطوير نفسها وتحسين أدائها".
وأصبح موضوع الذكاء الاصطناعي حاضرا بقوة في العديد من الفعاليات الدولية. ففي صيف 2023، خصص مجلس الأمن الدولي جلسة لبحث مسألة الذكاء الاصطناعي، شهدت مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش حيث أكد في رسالته للمجتمعين أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير على جميع مناحي الحياة، مضيفا أن هذه التقنية قادرة على تسريع التنمية العالمية بما في ذلك مراقبة أزمة المناخ وتحقيق طفرات في مجال الأبحاث الطبية.
أدوات الذكاء الاصطناعي وخصوصا التوليدي بدأت تعرف طريقها للجميع، فهناك أكثر من 102 أداة متاحة حاليا أشهرها "تشات جي بي تي ChatGPT" حسبما أكد أستاذ علوم الكمبيوتر، الدكتور أشرف درويش.
وقال درويش إن هناك العديد من الاستخدامات لهذه الأدوات الآن وخصوصا في مجال البحث العلمي وغيرها من المجالات.
"مشاكل كثيرة"
وكان استخدام الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية حاضرا أيضا في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام، التي نظمها الاتحاد الدولي للاتصالات في تموز/يوليو الماضي.
وفي افتتاح تلك القمة، شدد الأمين العام للأمم المتحدة على أن التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي التوليدي، يجب ألا يغيّب الضرر الذي سببته التقنيات الرقمية قائلا "إن نشر الكراهية والأكاذيب عبر الفضاء الرقمي يسبب خطرا جسيما الآن، ويؤجج الصراع والموت والدمار الآن، ويهدد الديمقراطية وحقوق الإنسان الآن، ويضر بالصحة العامة والجهود المناخية الآن".
هذه المخاطر تظل قائمة كما أفاد أستاذ علوم الكمبيوتر، الدكتور أشرف درويش قائلا "ماذا يمكن أن يحدث إذا اندمج الذكاء الاصطناعي العادي أو التوليدي مع العالم الافتراضي لميتافيرس؟ ستحدث مشاكل كثيرة بالفعل".
وأشار درويش إلى استخدام هذه التقنيات الآن لصناعة محتوى لفنانين أو أشخاص راحلين أو للتزييف العميق للبيانات والمعلومات.
وانطلاقا من هذه الحقائق، يتعاون الدكتور درويش مع خبراء آخرين ضمن مشروع تشارك فيه منظمة اليونسكو ووزارة التعليم العالي في مصر لوضع ميثاق لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي والذي يراعي المبادئ والمواثيق التي أعدتها منظمة اليونسكو.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد حذر من أن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامها من قبل أصحاب النوايا الخبيثة. كما شدد على الحاجة الماسة للتوصل إلى إجماع بشأن ما يجب أن تكون عليه القواعد الإرشادية لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
وقال الدكتور درويش إنه لا يمكن الاستغناء عن الذكاء الاصطناعي أو منع استخدامه، مؤكدا أن "الذكاء الاصطناعي جاء لتطوير الشعوب والبشرية".
لكنه نبه إلى "أهمية الاستخدام المسؤول" لأدواته لتحقيق أقصى استفادة ممكنة. واقترح وضع ميثاق دولي للتصدي لمخاطره واستخداماته الضارة.
وخلصت دراسة منظمة العمل الدولية إلى أن التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للذكاء الاصطناعي التوليدي ستعتمد إلى حد كبير على كيفية إدارة انتشاره، داعية إلى ضرورة صياغة سياسات تدعم عملية انتقالية منظمة ونزيهة وتشاورية.
كما شددت على أهمية التدريب على المهارات، والحماية الاجتماعية الكافية، وإسماع صوت العمال لإدارة عملية التحول نحو استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وإلا فإن عددا قليلا من البلدان المستعدة جيدا والمشاركين في السوق سيحصدون ثمار تلك التقنيات الجديدة.
الذكاء الاصطناعي وأهداف التنمية
ومن أجل تنظيم عمل الذكاء الاصطناعي، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بدعوات بعض الدول الأعضاء لتأسيس كيان دولي لمراقبة عمل تلك التقنية الجديدة.
وأكد أن الهدف الرئيسي لهذا الكيان هو "دعم الدول لتحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي من أجل المنفعة العامة، والتقليل من المخاطر الحالية والمحتملة، وتأسيس وإدارة آليات متفق عليها دوليا للرقابة والحوكمة".
وأثنى الدكتور أشرف درويش على مبادرة الأمين العام متمنيا أن تلتزم دول العالم كافة بمثل هذه المبادرات والإجراءات.
وأضاف أنه يمكن أن يكون هناك دور للتقنيات الجديدة في متابعة مدى تنفيذ الدول للقرارات والمواثيق المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وأعرب درويش عن أمله في أن تكون قمة أهداف التنمية المستدامة في أيلول/سبتمبر والاجتماعات التحضيرية لقمة المستقبل التي ستنعقد العام القادم، فرصة لوضع أطر أكثر وضوحا للتحكم في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أنه شارك في عدد من النقاشات مؤخرا بشأن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17.
وقال درويش "الذكاء الاصطناعي له دور في التعليم والقضاء على الأمية والوصول إلى المناطق النائية. ويمكن أيضا ربطه بتقنية الميتافيرس في مجال التعليم. كما أن للذكاء الاصطناعي دورا في الصحة واكتشاف الأمراض وتطوير الأدوية".
وأشار أيضا إلى أهمية الذكاء الاصطناعي في قطاع الزراعة، ومواجهة التغيرات المناخية، مضيفا أن قمة التنمية يجب أن تكون فرصة لإلقاء الضوء على الدور الإيجابي للذكاء الاصطناعي في تحقيق تلك الأهداف.
إعادة صياغة المشهد المهني
ويشهدُ المشهد المهنيّ العالميّ سباقاً بين العاملين والخبراء، باختلاف فئاتهم، نحو تحصيل أكبر قدرٍ ممكن من خبرات ومهارات الذكاء الاصطناعي. فقد أصبح من الواضح للجميع أن الذكاء الاصطناعي سيعيدُ صياغةَ المُستقبل بشكلٍ عام، والوظائف على وجه الخصوص، بما يتماشى مع القطاع سريع التطور.
فوفقاً لتقرير "لينكد إن" الأخير، شهدت إعلانات الوظائف العالمية، المنشورة باللغة الإنجليزية، والتي تتطلب مهاراتٍ تتعلق بتقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل "ChatGPT"، زيادةً قدرها 21 ضعفاً، منذ نوفمبر 2022.
وقد سجل يونيو عام 2023، ارتفاعاً بنسبة 9 أضعاف في عدد أعضاء "لينكد إن" على مستوى العالم، الذين يعرضون مهاراتهم المُتعلقة بالذكاء الاصطناعي على ملفاتهم الشخصية، مقارنة بشهر يناير 2016.
كما صرح (47٪) من المدراء التنفيذيين الأمريكيين بأنهم متفائلون بقدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي (GAI)، ويعتقدون أنه يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز الإنتاجية.
وبالرغم من ذلك، أكد (92٪) من الذين شملهم الاستطلاع على أن المهارات الشخصية لا تزال ذات أهمية قصوى.
تُشير الأرقام السابقة إلى أنه بالرغم من التأثير الهائل للذكاء الاصطناعي على القطاع المهني، فإنه لن يُشكل خطراً على الوظائف، بل سيعززها ويزيد من إنتاجيتها.
وأشار التقرير بشكلٍ واضحٍ إلى أن الخبراء في جميع أنحاء العالم بدأوا يعرضون بشكلٍ متزايدٍ مهاراتهم المتعلقة بـ"الذكاء الاصطناعي التوليدي" وروبوت المحادثة "ChatGPT" و"الهندسة من خلال الذكاء الاصطناعي" على ملفاتهم الشخصية.
ففي يونيو وحده، تمت إضافة هذه المهارات 15 مرة أكثر مما كانت عليه في يناير.
في السابق، وتحديداً في عام 2016، كان هنالك 3 أشخاصٍ فقط من بين كل 1000 شخص يُمكن اعتبارهم مُبدعين في قطاع الذكاء الاصطناعي. أما الآن، فقد ارتفع هذه الرقم ليصل إلى 17 شخصاً من بين كلّ 1000 شخص.
وعلاوةً على ذلك، بحلول يونيو عام 2023، تضاعفت قاعدة الخبراء في الذكاء الاصطناعي ثمانية مرات، مقارنةً بيناير 2016.
تقود دولٌ، مثل سنغافورة وفنلندا وأيرلندا والهند وكندا، ثورة الذكاء الاصطناعي هذه، مع انضمامِ صناعاتٍ تتجاوز التكنولوجيا، مثل البيع بالتجزئة والتمويل، إلى المشهد.
فقد أشار التقرير أيضا إلى أن عدد المستخدمين الذين يضيفون مهارات الذكاء الاصطناعي في سنغافورة قد ازداد 20 ضعفاً منذ يناير 2016، بينما تقترب فنلندا وأيرلندا والهند وكندا من الأرقام المذكورة.
أما في الولايات المتحدة، ففي حين أن قطاع التكنولوجيا يضم أعلى نسبة من الخبراء الأمريكيين مجال الذكاء الاصطناعي، فإن قطاعاتٍ أخرى، مثل الخدمات المالية وتجارة التجزئة، تتوسع أكثر فأكثر في القطاع الناشئ.
ومن المثير للاهتمام أن (51 ٪) من المُدراء التنفيذيين الأمريكيين قد صرحوا بأنهم مُتحمسين لإمكانات الذكاء الاصطناعي، إلا أنهم غيرَ مُتأكدين من وجوب تطبيقه داخل مُؤسساتهم.
وفي حين أن (76٪) من الأفراد أقروا بأنهم منفتحين على فكرة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التعامل مع المهام الإدارية، فإن (79٪) من اللذين شملهم الاستطلاع يرغبون في اختبار قدراته في المهام التحليلية، و(73٪) في المهام الإبداعية.
مع تزايد دمج الشركات لهذه التقنيات بوظائفها وأعمالها، ستتطور الأدوار الوظيفية، وسينصب كامل التركيز على المهارات الإبداعية والشخصية.
فقد أشار التقرير إلى أن (84٪) من المهنيين الأمريكيين يُمكنهم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لأتمتة ربع مهامهم اليومية المُتكررة على الأقل، مما يعزز الإنتاجية بشكلٍ كبير.
ولن يقلل هذا التحول من العمل الروتيني المُمل فحسب، بل سيزيد أيضاً من الطلب على المهارات المتخصصة.
فعلى سبيل المثال، قد ينتقل المترجمون من الترجمة المباشرة إلى الإشراف على الترجمات التي يتم إنشاؤها آلياً، أو التركيز على المجالات المتخصصة، مثل المحتوى القانوني.
وأعلن (4٪) فقط من المدراء التنفيذيين انخفاضاً في القوى العاملة لديهم بسبب الذكاء الاصطناعي التوليدي.
كما كشف التقرير أيضاً عن تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على مهنٍ محددة:
التعليم: يُمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تعزيز (45٪) من مهام التدريس، من خلال تخطيط الدروس باستخدام (GAI) على سبيل المثال. ومع ذلك، ستبقى التفاعلات المباشرة مع الطلاب جانباً أساسياً من جوانب التدريس التي لا يمكن الاستغناء عنها.
هندسة البرمجيات: يُمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي المُساعدة في (96٪) من مهام المهندس، مثل الترميز وكتابة الأكواد البرمجية. ويُمكن أن يسمح هذا التحول للمهندسين بالتركيز على الجوانب الحاسمة الأخرى في أدوارهم، مثل التواصل الفعال ووضع الخطط المُحكمة.
البناء: قد يستفيد (11٪) فقط من مهندسي ومختصي البناء من الذكاء الاصطناعي التوليدي في أداء مهامهم، وتشمل المهام المُحتملة بشكلٍ أساسي، الرسم والمخططات المتعلقة بالبناء.
تؤكد الأرقام المذكورة على أهمية الخبرات البشرية بالرغم من المُساعدة الكبيرة التي يُمكن أن يقدمها الذكاء الاصطناعي التوليدي في أداء المهام.
إن دمج الذكاء الاصطناعي بالمهام اليومية للقوى العاملة هو أمرٌ لا مفر منه، وفي حين أنه هذه التكنولوجيا المُستقبلية تعد بالكفاءة والابتكار، لا تزال اللمسة الإنسانية لا غنى عنها في العديد من القطاعات، أي أنّ التوازن بين الذكاء الآلي والمهارات البشرية سيكون التوجه الجديد للمشهد المهني في المستقبل.