كيف أدى ارتفاع أسعار الفائدة الى انهيار بنك سيليكون فالي؟

وكالات

2023-03-15 05:09

أدت توابع انهيار بنك سيليكون فالي لاستمرار خسائر أسهم البنوك العالمية يوم الثلاثاء إذ لم تفلح تأكيدات الرئيس الأمريكي جو بايدن وصناع السياسات الآخرين في تهدئة الأسواق ودفعت لإعادة التفكير بشأن مستقبل أسعار الفائدة.

وجاءت محاولات بايدن لطمأنة الأسواق والمودعين بعدما فشلت إجراءات طارئة في الولايات المتحدة لدعم البنوك بمنحها القدرة على الوصول لتمويل إضافي في تبديد مخاوف المستثمرين بشأن احتمال انتقال العدوى لبنوك أخرى في أنحاء العالم.

وساهمت الارتفاعات الحادة في أسعار الفائدة خلال العام الماضي لكبح التضخم في إضعاف البنوك وتباطؤ النشاط الاقتصادي.

وقد شجعت الزيادات في أسعار الفائدة الزبائن على استثمار أموالهم في المنتجات المالية التي تحصل على فائدة أفضل من الحسابات الجارية، وأحدثت هزّة في قطاع التكنولوجيا الجديدة المتعطشة للتمويل.

وأدى سباق محموم لإعادة تقدير زيادات أسعار الفائدة المتوقعة لاهتزاز الأسواق إذ يراهن المستثمرون على أن يحجم مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) عن رفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل.

ويتوقع المتعاملون حاليا فرصة بنسبة 50% ألا يرفع المركزي الأمريكي الفائدة في الاجتماع المقبل مع استيعابهم لخفض الفائدة في النصف الثاني من العام. وفي مطلع الأسبوع الماضي كانت السوق قد استوعبت تماما رفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مع توقعات بنسبة 70 بالمئة أن تبلغ الزيادة 50 نقطة أساس.

ووسط مخاوف المستثمرين من حدوث انهيارات إضافية، خسرت البنوك الأمريكية حوالي 90 مليار دولار من قيمتها بسوق الأسهم يوم الاثنين لترتفع خسائرها خلال جلسات التداول الثلاثة الماضية إلى نحو 190 مليار دولار.

وواصلت أسهم البنوك في آسيا خسائرها حيث خسرت أسهم البنوك الأسترالية الكبيرة إيه.إن.زد ووستباك وإن.إيه.بي أكثر من اثنين بالمئة وهوى المؤشر الفرعي للقطاع المصرفي في بورصة طوكيو 6.7 بالمئة في مستهل التعاملات مسجلا أدنى مستوياته منذ ديسمبر كانون الأول.

وقال دامين بوي كبير محللي استراتيجيات الأسهم في بنك بارينجوي الاستثماري في سيدني "بدأ التدافع على البنوك وسوق ما بين البنوك واقعة تحت ضغط".

وتكبدت البنوك الإقليمية الأمريكية أكبر الخسائر. وهبطت أسهم فرست ريبابلك بنك أكثر من 60 بالمئة إذ لم تفلح أنباء عن تمويل جديد في طمأنة المستثمرين وراجعت وكالة موديز تصنيفها للبنك بالخفض.

وأغلق مؤشر القطاع المصرفي الأوروبي منخفضا 5.7 بالمئة بينما هوى سهم كومرتس بنك الألماني 12.7 بالمئة وكريدي سويس 9.6 بالمئة مسجلا مستوى قياسيا منخفضا.

وأصبح من الممكن لعملاء بنك سيليكون فالي الوصول لودائعهم بالكامل اعتبارا من يوم الاثنين واستحدثت الجهات التنظيمية أداة جديدة تتيح للبنوك الوصول لتمويلات طارئة. وسهل مجلس الاحتياطي الاتحادي للبنوك الاقتراض من أموال الطوارئ التابعة له.

وفي رسالة إلى العملاء، قال تيم مايوبولوس الرئيس التنفيذي الجديد لبنك سيليكون فالي إن البنك مفتوح ويزاول أنشطته كالمعتاد في الولايات المتحدة وتوقع أن يستأنف معاملاته العابرة للحدود خلال الأيام المقبلة.

وقال مايوبولوس، الرئيس التنفيذي السابق لمؤسسة فاني ماي لتمويل الرهون العقارية التي عينتها المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع لإدارة بنك سيليكون فالي "أدرك أن الأيام القليلة الماضية انطوت على تحديات كبيرة للغاية لعملائنا وموظفينا، ونشعر بالامتنان لدعم المجتمع الرائع الذي نخدمه".

وفي أسواق النقد، ارتفعت مؤشرات مخاطر الائتمان في النظم المصرفية بالولايات المتحدة ومنطقة اليورو.

واستقر سعر الذهب، وهو ملاذ آمن يحظى بالشعبية، فوق مستوى 1900 دولار المهم وسط رهانات بأن يبطئ المركزي الأمريكي وتيرة رفع أسعار الفائدة.

وسارعت الشركات التي لها حسابات في بنك سيليكون فالي حول العالم إلى تقييم تداعيات انهياره على أوضاعها المالية. وفي ألمانيا جمع البنك المركزي فريقه لإدارة الأزمات لتقييم التأثير المحتمل.

وبعد محادثات ماراثونية مطلع الأسبوع، قال إتش.إس.بي.سي إنه سيشتري الذراع البريطانية لبنك سيليكون فالي مقابل جنيه إسترليني واحد (1.21 دولار).

ورغم صغر حجم الوحدة البريطانية للبنك فإن انهياره المفاجئ أثار دعوات للحكومة البريطانية لمساعدة قطاع الشركات الناشئة البريطاني ولا سيما قطاع التكنولوجيا الحيوية صاحب التعرض الكبير للبنك.

وقال رئيس الوزراء ريشي سوناك إنه لا توجد مخاطر على النظام.

وأضاف في حديث مع قناة آي.تي.في أثناء زيارة إلى الولايات المتحدة "بنوكنا لديها رسملة جيدة والسيولة قوية".

وفي الصين، حيث كان بنك سيليكون فالي هو البنك الأجنبي الأساسي الذي تلجأ له غالبية الشركات الناشئة، يأخذ رواد الأعمال وصناديق رأس المال المغامر في البحث عن مصدر تمويل بديل.

الثقة مهتزّة في البنوك المحلية

سمحت الإجراءات الأميركية الهادفة إلى الطمأنة حول استقرار النظام المصرفي، بعد إفلاس ثلاثة بنوك أميركية، لبورصة وول ستريت بالانتعاش الاثنين، فيما عانت الأسواق الأوروبية.

ويبدو أن الثقة مهتزّة في البنوك المحلية الأميركية بعد ثلاث حالات إفلاس في الأيام الأخيرة لبنك سيليكون فالي وبنك سيغنتشر وبنك سليفرغايت.

وكشفت السلطات الأميركية الأحد عن سلسلة إجراءات لطمأنة الأفراد والشركات بشأن متانة النظام المصرفي الأميركي، وستضمن خصوصا سحب جميع ودائع البنك المفلس ومقره ولاية كاليفورنيا.

يوضح المحلل في منصة "آي جي" ألكسندر باراديز "إنها ليست خطة إنقاذ فدرالية لكنها توفر ضمانات" من أجل "إيجاد مشترين بسرعة".

وأكد باراديز وجود "مرحلة توتر" في الأسواق وإن كان الوضع في رأيه بعيدا عما حصل عام 2007.

وقال ليونيل ميلكا من شركة "سوان كابيتل" لوكالة فرانس برس "لقد نسينا مدى اعتماد النظام المصرفي على الثقة".

وتابع الخبير قائلا "تبدو البنوك الكبرى فقط في وضع متين".

وتهاوى سعر سهم بنك فيرست ريبابليك الأميركي بنسبة 70% فيما تراجع سعر سهم بنك ويسترن ألاينس بنسبة 62%.

واعتبر الخبير جيل جيبو من شركة "أكسا إيم" أن هذه الاضطرابات "تسلط الضوء على تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على البنوك".

كما كانت الحال الجمعة، واصلت المصارف الأوروبية تراجعها الإثنين ولا سيما المصارف التي تعتبر أقل متانة من غيرها، فخسر مصرف كريدي سويس 9,46% فيما خسر كومرتسبنك 12,52% وبي إن بي باريبا 5,81% وسوسييتي جنرال 5,19% والمصرف الإيطالي أونيكريديتو 8,28%.

أما بنك اتش إس بي سي الذي تراجعت أسهمه بنسية 4,05%، فقد أعلن صباح الاثنين شراء الفرع البريطاني لبنك سيليكون فالي في مقابل جنيه استرليني واحد، ما يسمح للزبائن "بالوصول إلى ودائعهم وخدماتهم المصرفية بشكل طبيعي".

هذه الأزمة في القطاع المصرفي "تغير المعطيات بشأن توقعات الاحتياطي الفدرالي"، كما يؤكد إيبيك أوزكاردسكايا من بنك سويسكوت.

ساهمت الارتفاعات الحادة في أسعار الفائدة خلال العام الماضي لكبح التضخم في إضعاف البنوك وتباطؤ النشاط الاقتصادي.

قد تقنع الأحداث الأخيرة مسؤولي الاحتياطي الفدرالي الأميركي بإبطاء الإيقاع في اجتماعهم المقبل في 21 و22 آذار/مارس.

في أوروبا، "من الصعب معرفة سبب عدم قيام البنك المركزي الأوروبي بزيادة 50 نقطة أساس"، لكن المؤيدين لفرض سياسة نقدية ملائمة أصبح لديهم الآن "حجج أكثر" للمرحلة المقبلة، بحسب كبير الاقتصاديين في "آي إن جي" في ألمانيا كارستن برزيسكي.

انخفضت أسعار الفائدة للسندات السيادية في السوق الاثنين. وبلغت نسبة الفائدة على القرض الأميركي لمدة 10 سنوات 3,46% في مقابل 3,70% الجمعة عند الإغلاق، بينما بلغت فائدة السندات الألمانية في نفس تاريخ الاستحقاق 2,23% في مقابل 2,50% عند الإغلاق الجمعة.

وتراجع الدولار في مقابل العملات الأخرى: ارتفع اليورو 0,84% إلى 1,0732 دولار والجنيه 1,24% إلى 1,2179 دولار.

وانتعشت عملة بيتكوين بنسبة 14% إلى 24,480 دولار للوحدة، ما أدى إلى محو الكثير من الخسائر التي أعقبت الإعلان عن صعوبات بنك سيليكون فالي.

ارتفاع مبادلة مخاطر الائتمان

بلغ مؤشر مبادلة مخاطر الائتمان على الشركات الأمريكية ذات التصنيف الاستثماري اليوم الاثنين أعلى مستوى خلال اليوم عند 89.6 نقطة أساس، وهو أيضا أعلى مستوى منذ نوفمبر تشرين الثاني بعد أن شعر المستثمرون بالقلق من مخاطر انتشار عدوى انهيار بنك سيليكون فالي وبنك سيجنيتشر في نيويورك في غضون 72 ساعة.

وتراجعت أسهم البنوك العالمية بعد أن عجزت الإجراءات الأمريكية لضمان ودائع بنك سيليكون فالي الذي يركز على التكنولوجيا في طمأنة المستثمرين بأن البنوك الأخرى ما زالت صحيحة ماليا.

ويشير ارتفاع هوامش مبادلة مخاطر الائتمان إلى أن المستثمرين يتحوطون لاحتمالات تدهور جودة الائتمان. وانخفض المؤشر المكافئ لمبادلة مخاطر الائتمان في الشركات عالية المخاطر إلى 98.9 اليوم الاثنين في أدنى مستوى منذ نوفمبر تشرين الثاني، وفقا لبيانات من شركة آي.إتش.إس ماركت.

واتسعت هوامش الائتمان الاستثماري التي تشير إلى العلاوة التي يطلبها المستثمر للاحتفاظ بسندات الشركات مفضلا إياها على سندات الدين الحكومية الأكثر أمانا، وهو مؤشر على أن فشل بنك سيليكون فالي الأسبوع الماضي وهو ثاني أكبر فشل مصرفي في تاريخ الولايات المتحدة، أثار مخاوف أوسع حول مدى قدرة الشركات على تمويل نفسها في بيئة ذات معدل فائدة أعلى.

وفي أسواق المال، ارتفع اليوم الاثنين مؤشر مخاطر الائتمان الذي يحظى بمراقبة عن كثب في النظام المصرفي الأمريكي.

ومع قلق المستثمرين بشأن الهلع المحتمل لسحب الودائع من البنوك، كشف الاحتياطي الاتحادي أمس الأحد عن برنامج جديد لضمان قدرة البنوك على تلبية احتياجات جميع المودعين.

وبيعت بعض سندات بنك سيليكون فالي مقابل 40 سنتا اليوم الاثنين، انخفاضا من نحو 90 سنتا في أوائل الأسبوع الماضي.

ضمان سلامة النظام المصرفي

تراجعت أسهم البنوك في جميع أنحاء العالم يوم الاثنين حتى مع تعهد الرئيس جو بايدن باتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان سلامة النظام المصرفي الأمريكي إثر الانهيار المفاجئ لبنكي سيليكون فالي وسيجنتشر.

وجاءت جهود بايدن التي تهدف إلى طمأنة الأسواق والمودعين على ودائعهم في البنكين بعد أن فشلت الإجراءات الطارئة التي اتخذتها الولايات المتحدة في تبديد مخاوف المستثمرين بشأن توالي الأزمات في البنوك الأخرى حول العالم.

وخسرت البنوك الأمريكية الكبرى أكثر من 70 مليار دولار من قيمتها في سوق الأسهم يوم الاثنين ليرتفع إجمالي خسائرها خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى نحو 170 مليار دولار.

وتراجعت أسهم بنك فيرست ريبابليك بنحو 76.6 بالمئة على الرغم من التقارير التي أفادت بحصوله على تمويل جديد، في حين انخفض سهما ويسترن أليانس بانكورب 82.5 بالمئة وباك ويست بانكورب 53 بالمئة. وتوقف التداول في الأسهم عدة مرات بسبب التقلبات.

وقال الرئيس التنفيذي لبنك فيرست ريبابليك جيم هيربرت لشبكة سي.إن.بي.سي إن بنكه تمكن من تلبية مطالب سحب الودائع يوم الاثنين بعد حصوله على تمويل إضافي من جيه.بي مورجان تشيس، مضيفا أنه لا يرى سحبا هائلا للودائع.

أصداء الأزمة تصل أوروبا

وامتد صدى هذه الأزمة إلى أوروبا حيث أغلقت أسهم البنوك في المؤشر ستوكس 600 على انخفاض قدره 5.7 بالمئة. وانخفض سهم كوميرتس بنك الألماني 12.7 بالمئة، بينما تراجع سهم كريدي سويس 9.6 بالمئة في انخفاض لم يحدث من قبل.

وقالت هيئة الرقابة على المؤسسات المالية السويسرية إنها تراقب أداء البنوك وشركات التأمين عن كثب، في حين قال مسؤول كبير في البنك المركزي الأوروبي إن مجلس الإدارة الذي يشرف على أكبر البنوك في منطقة اليورو لا يرى أي حاجة لعقد اجتماع طارئ.

السباق ضد الزمن في نهاية الأسبوع الماضي يذكّر بيومي 13 و14 أيلول/سبتمبر 2008، عندما فشلت السلطات الأميركية في العثور على مشتر لبنك ليمان براذرز ورفضت التدخل، ما دفع المصرف إلى اشهار إفلاسه مع عواقب وخيمة على القطاع المالي والعالمي والاقتصاد ككل.

وأكد مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي باولو جينتيلوني الاثنين أن انهيار بنك سيليكون فالي في الولايات المتحدة لا يمثّل تهديدا خطرا لأوروبا، في ظل مخاوف المستثمرين من إمكانية انتقال العدوى.

وقال جينتيلوني للصحافيين في بروكسل مع تراجع الأسهم الأوروبية بشكل كبير في تداولات فترة بعد الظهر إن "احتمال التأثير غير المباشر هو أمر علينا مراقبته، لكنني لا أرى حاليا في الأمر خطرا كبيرا".

في ألمانيا، أكدت سلطة الرقابة المالية الفدرالية الاثنين أن إفلاس "إس في بي" لا يشكل "تهديدًا للاستقرار المالي" في البلاد. كما أكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أن البنوك الفرنسية ليست في خطر، وقال "لا أرى أي خطر عدوى".

وشدد لومير على أن البنوك الفرنسية "ليست نشطة في قطاع واحد" مثل بنك سيليكون فالي الذي كان يعمل بشكل حصري تقريبا مع قطاع التقنيات الجديدة.

تدخل حكومي

وقال بايدن إن الإجراءات التي اتخذتها حكومته مطلع هذا الأسبوع تهدف إلى دفع "الأمريكيين أن يثقوا في أن النظام المصرفي آمن" في الوقت الذي وعد فيه أيضا بتشديد اللوائح التنظيمية بعد أكبر انهيار مصرفي في أمريكا منذ الأزمة المالية التي حدثت عام 2008.

وأضاف "ودائعكم ستكون موجودة عندما تحتاجون إليها".

وعلى الرغم من رسائل بايدن، تراجعت أسهم جي بي مورجان تشيس ومورجان ستانلي وبنك أوف أمريكا.

وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية إنه لا يوجد جدول زمني لبايدن لتقديم أي طلبات للكونجرس في الوقت الذي لا يزال فيه مساعدوه يعملون على إدارة الوضع في الوقت الحالي وفهم سبب حدوث هذه الأزمة بصورة أفضل وما الذي يمكن أن يُطلب من المشرعين تحديدا.

وقال ريك ميكلر الشريك لدى (شيري لين انفستمنتس) "عندما تُتخذ خطوة بهذا الحجم وبهذه السرعة، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنك هو تفادي الأزمة. لكن ما يأتي لذهنك بعد ذلك هو مدى حجم تلك الأزمة وما حجم المخاطر التي يجب أن تنشأ بسبب هذه الخطوة؟".

وقال مارك داودينج، كبير مسؤولي الاستثمار لدى بلوباي أسيت مانجمنت في لندن "هناك شعور بتوالي الأزمات. وكما نرى فإن إعادة تسعير الأدوات المالية تؤدي إلى إعادة تسعير الأسواق".

وتدخلت الهيئات التنظيمية الأمريكية يوم الأحد بعد انهيار بنك سيليكون فالي الذي شهد تخارجا للودائع المصرفية بعد تضرر محفظته من السندات بشدة.

ورفع المستثمرون دعوى قضائية بحق مجموعة "إس.في.بي فايننشال جروب"، المالكة لبنك سيليكون فالي، واثنين من كبار المديرين التنفيذيين يوم الاثنين واتهموهم بإخفاء كيف أن أسعار الفائدة المتزايدة ستترك البنك "معرضا بشدة" لتخارج الودائع المصرفية.

ووُجهت الدعوى القضائية ضد بنك سيليكون فالي والرئيس التنفيذي جريج بيكر والمدير المالي دانيال بيك في المحكمة الاتحادية في سان هوسيه في كاليفورنيا.

وقال مارك سوبيل، وهو مسؤول كبير سابق بوزارة الخزانة ورئيس مركز أبحاث "أو.إم.إف.آي.إف" الأمريكي "يجب إجراء تحقيق جاد في سبب عدم وجود إشارات تحذيرية من قبل الجهات التنظيمية وما الذي يحتاج إلى إصلاح".

وسارعت الشركات من جميع أنحاء العالم التي تمتلك حسابات في بنك سيليكون فالي لتقييم تأثير انهيار البنك على مواردها المالية. وفي ألمانيا، دعا البنك المركزي فريق الأزمات لتقييم التداعيات التي قد تنجم عن ذلك.

تجنّب العدوى

تحرص السلطات على تجنب حدوث ذعر في الأسواق الاثنين وسحوبات جماعية لزبائن البنوك، وهو ما يمكن أن يكون له تأثير عدوى مدمر على القطاع.

وتعكس الإجراءات القوية التي اتخذتها السلطات الأميركية الاضطرابات التي تهدد النظام المصرفي الأميركي المتخوف أصلا من التشدد النقدي للاحتياطي الفدرالي.

وقد شجعت الزيادات في أسعار الفائدة الزبائن على استثمار أموالهم في المنتجات المالية التي تحصل على فائدة أفضل من الحسابات الجارية، وأحدثت هزّة في قطاع التكنولوجيا الجديدة المتعطشة للتمويل.

وقال مسؤول في وزارة الخزانة إن "النظام المصرفي أكثر قدرة على المقاومة ولديه أساس أفضل بكثير مما كان عليه قبل الأزمة المالية لعام 2008"، مضيفا أن جميع الإجراءات التي تم الكشف عنها الأحد "ضرورية لمعالجة المخاطر الشاملة التي لاحظناها في الأسواق المالية".

وقال مسؤول في الاحتياطي الفدرالي إن الحل الذي أُعلن عنه الأحد يحمي المودعين، لكن المساهمين في بنك سيليكون فالي وسيغنتشر "سيخسرون كل شيء".

في الوقت نفسه، طرحت السلطات الأميركية "إس في بي" للمزاد بهدف إيجاد مشترٍ في أقرب وقت.

أعرب كثيرون عن قلقهم بشأن تداعيات إفلاس "إس في بي" على قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة ولكن أيضًا خارجها.

شراء فرع بنك سيليكون فالي البريطاني لقاء جنيه إسترليني واحد

من جانبها، قالت رابطة القطاع التكنولوجيا البريطاني إن بيع فرع بنك سيليكون فالي إلى إتش إس بي سي سوف "يخفف" من الوضع في "محيط قطاع التكنولوجيا".

فقد اشترى مصرف "إتش إس بي سي" الفرع البريطاني لبنك سيليكون فالي الأميركي لقاء مبلغ رمزي قدره جنيه إسترليني واحد (1,2 دولار) في إطار اتفاق لإنقاذه، بحسب ما أعلنت الحكومة و"إتش إس بي سي" الاثنين.

وتأتي عملية البيع التي تمّت بإشراف بنك انكلترا ووزارة الخزانة بعدما انهار بنك سيليكون فالي الجمعة، متسببا بحالة ذعر في بريطانيا حيال زبائنه الرئيسيين في قطاعي التكنولوجيا وعلوم الحياة.

وقالت الحكومة في بيان "تم اليوم بيع بنك سيليكون فالي المتحد إلى إتش إس بي سي"، بعد محادثات ذكرت تقارير بأنها تمّت بقيادة رئيس الوزراء ريشي سوناك.

وأضافت "سهّل بنك انكلترا هذه العملية المالية بالتشاور مع وزارة الخزانة".

وأشار وزير المال البريطاني جيريمي هانت إلى أن أي أموال حكومية لم تستخدم في العملية، فيما تمّت حماية جميع ودائع الزبائن.

وأكد أن هذا الاتفاق "يضمن حماية ودائع الزبائن وبأن بإمكانهم إجراء تعاملاتهم المصرفية كالمعتاد، من دون دعم دافعي الضرائب".

وتابع "أشعر بالرضا لتوصلنا إلى حل في هذه المدة القصيرة".

وحذر هانت الأحد من خطر "جدي" على شركات التكنولوجيا وعلوم الحياة التي تتعامل مع بنك سيليكون فالي.

ووافق "إتش إس بي سي" على دفع جنيه إسترليني واحد مقابل عملية الشراء، بحسب ما أفاد المصرف في بيان منفصل الاثنين.

وذكر المقرض الذي يركّز على قارة آسيا بأن قروض بنك سيليكون فالي فرع المملكة المتحدة تبلغ حوالى 5,5 مليار جنيه إسترليني وودائعه حوالى 6,7 مليار جنيه إسترليني.

وقال الرئيس التنفيذي لـ"إتش إس بي سي" نويل كوين بأن "عملية الاستحواذ هذه منطقية استراتيجيا بشكل مثالي بالنسبة لأعمالنا في المملكة المتحدة".

واستثنى الاتفاق أصول والتزامات الشركات الأم لسيليكون فالي بنك فرع المملكة المتحدة بينما يتوقع "إتش إس بي سي" تحقيق مكاسب من عملية الاستحواذ.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا