ملامح أكبر خطّ لأنابيب النفط في إفريقيا ترتسم في جنوب النيجر

وكالات

2022-10-18 02:49

في غايا بجنوب غرب النيجر وقرب بنين، بدأت ترتسم ملامح أكبر خطّ لأنابيب النفط في إفريقيا سيربط آبار النفط في حقل أغاديم في أقصى الشرق حيث تزداد الهجمات الجهادية الدامية، بميناء سيمي في بنين الذي سيخرج منه للمرة الأولى النفط الخام النيجري، ويرفع عمال صينيون ونيجريون يرتدون أقنعة وخوذا أنابيب فولاذية عملاقة فوق أكوام من التراب. وفي مكان أبعد قليلًا، يتصاعد دخان من مشاعل. بحسب فرانس برس.

والنيجر من أفقر دول العالم. وأصبحت في العام 2011 منتجًا للنفط مع إنتاج يومي متواضع يبلغ 20 ألف برميل، ويُنقل النفط الذي تستخرجه شركة البترول الوطنية الصينية حتى الآن عن طريق أنابيب تصل إلى زيندر (وسط جنوب النيجر) حيث يتمّ تكريره، وكانت النيجر خططت في البداية لإرسال نفطها الخام من ميناء كريبي الكاميروني عبر تشاد المجاورة، قبل أن تختار ممر بنين، وأُطلق المشروع في العام 2019، وكان من يفترض أن يكتمل في العام 2022، لكن إنجازه تأخر بسبب تفشي كوفيد-19 حسبما قال لوكالة فرانس برس نافيو إيساكا نائب مدير عام "شركة أنبوب النفط لغرب إفريقيا" التي تشرف على المشروع.

وتعمل حاليًا شركة أنابيب النفط في غرب افريقيا، التابعة شركة البترول الوطنية الصينية، بسرعة أكبر. فقد تمّ تركيب أنابيب بطول 600 كيلومتر حتى الآن، أي ما نسبته "51,5% من إجمالي المشروع"، على أن تتمكن النيجر من بيع نفطها الخام في السوق الدولية اعتبارًا من "تشرين الأول/أكتوبر أو تشرين الثاني/نوفمبر 2023"، وفق إيساكا.

ويعمل أكثر من 700 جندي على ضمان "الأمن باستمرار" للمشروع وإن كان جزء كبير من المناطق التي يمرّ بها المشروع بعيدا حتى الآن عن العنف الجهادي، حسبما أكّد مصدر أمني لوكالة فرانس برس.

مع استمرار انهيار عائدات اليورانيوم الذي تعتبر النيجر منتجًا رئيسيًا له، تعتمد البلاد على النفط لتعزيز ميزانيتها التي يستنزف جزء كبير منها القتال ضد الجماعات الجهادية في الجنوب الشرقي والغرب، وقال مدير قسم المحروقات في وزارة النفط في النيجر كبيرو زكاري إن "حجم الاستثمارفي بناء خط الأنابيب هذا سيبلغ ستة مليارات دولار". وأضاف "انه أكبر استثمار للنيجر (مستعمرة فرنسية سابقة) منذ استقلالها" في العام 1960.

تهريب وقود من نيجيريا

واعتبارًا من العام 2023، سيبلغ الإنتاج النفطي اليومي 110 آلاف برميل وسيتمّ تصدير 90 ألف برميل منها، وفق زكاري، وأوضح أن النفط "سيولّد بذلك ربع إجمالي الناتج المحلي للبلاد" الذي بلغ أكثر من 13,6 مليار دولار في العام 2020 بحسب البنك الدولي و"نحو 50% من عائدات الضرائب للنيجر" مقابل 4% من إجمالي الناتج المحلي و19% من عائدات الضرائب حاليًا، ولفت إلى أن احتياطيات النيجر "تبلغ نحو ملياري برميل". ووفقًا للتوقعات الرسمية، ستنتج النيجر 200 ألف برميل يوميًا في العام 2026 و500 ألف برميل في العام 2030، أعلنت مجموعة النفط العامة الجزائرية سوناطراك أنها قامت "باكتشاف مشجع" للنفط في كفرا (شمال)، وهي مساحة شاسعة تبلغ 23737 كيلومترا مربعا بالقرب من الحدود مع الجزائر والتي تجاور حوض النفط الجزائري تفاساست الذي تديره سوناطراك، وتقول شركة "سافانا بتروليوم"البريطانية من جهتها إنها اكتشفت حقولا في أغاديم حيث بدأ الصينيون بالعمل.

ورغم الصناعة المحلية، تزدهر السوق السوداء للمحروقات في العاصمة النيجرية نيامي وفي المدن الكبرى، وبحسب الجمارك النيجرية، فإن هذا السوق "يتم تزويده بانتظام من قبل شبكات من نيجيريا المجاورة" ومنتج نفط عملاق.

في السوق السوداء، يبلغ سعر لتر الوقود 300 فرنك إفريقي (0,4 يورو) مقابل 540 فرنك إفريقي (0,8 يورو) في محطة الوقود، وهو سعر تعتبره النقابات "باهظًا"، وندد رئيس النيجر محمد بازوم الثلاثاء بحجم "تهريب الوقود" من نيجيريا المجاورة التي أصبحت مصدرًا "لإمداد الإرهابيين" عبر "نهر النيجر (في قوارب) وعلى دراجات نارية" وصولًا إلى مالي، وقال بازوم أمام قوات الأمن في مدينة دوسو القريبة من نيجيريا، "علينا ايجاد ردّ مناسب" لقطع "الإرهابيين" عن مصدر "إمدادات الوقود" هذا.

تنامي التهديد الارهابي على الحدود بين النيجر وبنين

يثير التهديد الارهابي الخوف بين سكان المنطقة الحدودية بين النيجر وبنين التي كانت حتى الآن بمنأى من أعمال العنف، منذ أن شن مسلحون الشهر الماضي أول هجوم دام في مدينة مالانفيل الحدودية، شمال شرق بنين، يقول النيجيري ماماني ساني هارونا، وهو يرمي شبكة صيد ضخمة في مياه نهر النيجر الحدودي مع بنين "نحن نعيش مع الخوف!"، كانت هذه المنطقة بمنأى عن العنف الجهادي الذي تشهده النيجر منذ سنوات. لكن في أيلول/سبتمبر، شن مسلحون أول هجوم على نقطة جمركية في مالانفيل، أقرب مدينة في بنين من النيجر، مما أسفر عن مقتل شخصين. بحسب فرانس برس.

واضاف ماماني ساني هارونا الذي يعيش على ضفاف النهر "الإرهابيون موجودون على حدود البلدين وإذا تم تعقبهم في بنين، فسوف يتراجعون إلى النيجر"، على الضفة المقابلة، تنعكس اشعة الشمس على أسطح المنازل في بنين، واوضح الصياد الذي يكده العرق "هذه هي المياه التي يجب مراقبتها، إنها تساعد على تسلل الإرهابيين، وهناك يوجد الكثير من المناطق المشجرة" التي من المحتمل أن تؤمن مخابئ لهم.

ويقر أسيمو أبارشي، حاكم كايا، وهي دائرة في منطقة دوسو النيجرية الحدودية مع بنين بأن "التحدي الأمني موجود، والتهديد حقيقي"، وقال لوكالة فرانس برس "لكن، والحمد لله، حتى الآن ننام ونستيقظ بشكل جيد".

تقول مارياما التي تعبر سيراً جسر نهر النيجر لبيع الحليب في بنين "في الوقت الحالي، يسود الهدوء، هناك فقط قطاع طرق يسرقون حيواناتنا لبيعها للجزارين"، بقيت دوسو حتى الآن بمنأى عن أعمال العنف المنسوبة إلى الجماعات المسلحة التابعة للقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية والتي خلفت مئات القتلى في المنطقتين المجاورتين تيلابيري وتاهوا في الغرب، بالقرب من مالي وبوركينا فاسو.

دفعت الهجمات الجهادية المشغلين النيجريين إلى تجنب الطرق المؤدية إلى ميناء أبيدجان أو لومي عبر بوركينا فاسو، وعبور ممر دوسو لتحميل البضائع من ميناء كوتونو في بنين، وفقًا للنقابات، أكد وزير مالية النيجر أحمد جدود أنه "بسبب الأزمة الأمنية، أصبح أحد الممرات الواصلة بين لومي وبوركينا ونيامي شبه خال من الشاحنات، وهذا يشكل عقبة أمام جمع الإيرادات"، في زيارة إلى كايا في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعرب رئيس النيجر محمد بازوم عن قلقه من احتمال تدهور الأمن في هذه المنطقة، وكإجراء وقائي، وعد بإنشاء كتيبة عسكرية في كايا "مجهزة بكل الوسائل" لمراقبة 266 كلم من الحدود بين النيجر وبنين.

منطقة إمداد الجهاديين

وأكد أن "بنين شريك استراتيجي للنيجر"ن وأضاف الرئيس أمام قادة قوات الدفاع والأمن في دوسو "عندما نعرف أفعال هذه القوات (الجهاديين) ورغبتهم في فتح جبهات على الجانب الآخر (بنين)، فإننا مدعوون للتأهب" وبالتالي "الانتشار" على هذه الحدود.

يأتي ذلك فيما تقوم نيامي، بالشراكة مع الصين، ببناء خط أنابيب عملاق، هو الأكبر في إفريقيا، لتصدير نفطها الخام اعتبارًا من تموز/يوليو 2023 عبر بنين، من أجل تعويض خسارة الإيرادات الناجمة عن انخفاض أسعار اليورانيوم التي تعد من أهم منتجيه.

وقعت نيامي وكوتونو، العاصمة الاقتصادية في بنين، "اتفاقية" منتصف تموز/يوليو لمحاربة "الإرهاب" تنص بشكل خاص على تبادل المعلومات الاستخبارية وتنفيذ عمليات عسكرية مشتركة.

أعرب محمد بازوم عن أسفه لاستخدام منطقة دوسو كممر "للإمداد اللوجيستي وبالوقود للارهابيين" المتمركزين في مالي باستخدام الدراجات النارية والزوارق، وحث القوات النظامية على "إيجاد استجابة فعالة" ممن أجل "قطع" هذا المصدر.

وصرح مسؤول في كايا لوكالة فرانس برس ان "راكبي الدراجات النارية يتسللون من نيجيريا الى شمال مالي والقوارب المنخرطة في التهريب مجهزة بمحركات قوية"، وتملك دوسو كتيبة تدخل خاصة تضم أكثر من 500 عنصر تم تدريبهم من قبل القوات الفرنسية كما قامت باريس بتجهيزها بمركبات صغيرة وأسلحة ثقيلة.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا