إيران تشحن كميات نفط قياسية للصين سرا وتجس نبض مشترين في آسيا

وكالات

2021-03-21 03:37

أفادت ستة مصادر بقطاع النفط وبيانات رفينيتيف أن إيران شحنت سرا كميات قياسية من النفط الخام إلى الصين أكبر المشترين لنفطها في الشهور الأخيرة، وفي الوقت نفسه، أضافت شركات تكرير حكومية هندية كميات من النفط الإيراني إلى خططها السنوية للاستيراد، مفترضة أن الولايات المتحدة ستخفف قريبا العقوبات المفروضة على المنتج العضو بأوبك.

يسعى الرئيس الأمريكي جو بايدن لإحياء المحادثات مع إيران حول الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب في 2018 رغم أن العقوبات الاقتصادية القاسية لا تزال سارية وتصر طهران على رفعها قبل استئناف المفاوضات. بحسب رويترز.

وقالت المصادر إن شركة النفط الوطنية الإيرانية بدأت التواصل مع زبائن في مختلف أنحاء آسيا منذ تولي بايدن منصبه، وذلك لتقييم الطلب المحتمل على نفطها. وطلبت المصادر عدم الكشف عن هوياتها بسبب حساسية الأمر.

أدت العقوبات إلى هبوط سريع في الصادرات الإيرانية إلى الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية منذ أواخر 2018. وأدت العقوبات والتخفيضات الإنتاجية التي قررها المنتجون من أعضاء مجموعة أوبك+ إلى تقلص المعروض من نفط الشرق الأوسط عالي الكبريت في آسيا أكبر أسواقه العالمية، وتستورد آسيا أكثر من نصف احتياجاتها من النفط الخام من الشرق الأوسط، وقال مصدر بشركة تكرير هندية "خاطبونا وقالوا إنهم يأملون في القريب العاجل استئناف إمدادات النفط فقلنا ’إن شاء الله’".

ومن المحتمل أن تؤدي عودة الإمدادات الإيرانية إلى الهند، ثالث أكبر دول العالم استيرادا للخام، إلى تقليل الطلب على الشحنات الفورية التي ازدادت في الآونة الأخيرة بعد أن خفض العراق الإمدادات وقلصت الكويت آجال بعض التعاقدات.

وقال مسؤول حكومي إن الهند التي تضررت من الارتفاع العالمي الأخير في أسعار النفط الخام تتوقع عودة الإمدادات الإيرانية إلى السوق خلال ثلاثة أو أربعة أشهر، وقال مسؤول آخر بشركة تكرير إن شركته تلقت من مسؤولي شركة النفط الوطنية الإيرانية ما يفيد أن اتفاقا رسميا بشأن إمدادات النفط الخام سيوقع بعد الانتخابات الإيرانية في يونيو حزيران المقبل. وقد تواصلت الشركة الإيرانية بالفعل مع زبائن آخرين في آسيا.

وقال متعامل بشركة تكرير في شرق آسيا "في الآونة الأخيرة تواصلت معنا شركة النفط الوطنية الإيرانية لتسألنا عن الطلب. يبدو أن إيران تتأهب للعودة إلى السوق"، وقال مصدر آخر بقطاع التكرير إن المحادثات في مرحلة "أولية للغاية" وأن المؤسسة الإيرانية تريد معرفة ما إذا كانت الشركة ستستأنف شراء النفط الإيراني.

الصين

على النقيض من الهند، لم تتوقف الصين بالكامل عن استيراد النفط من إيران، فقد أفدت خدمة أويل ريسيرش من ريفينيتيف أن إيران شحنت حوالي 17.8 مليون طن (306 آلاف برميل يوميا) من الخام إلى الصين خلال الأربعة عشر شهرا الماضية وأن الشحنات بلغت مستويات قياسية في يناير كانون الثاني وفبراير شباط.

ومن هذه الكميات كان حوالي 75 بالمئة من الواردات "غير مباشرة" توصف بأنها نفط من سلطنة عمان أو الإمارات العربية المتحدة أو ماليزيا دخلت الصين في الأساس من موانئ في إقليم شاندونغ الشرقي الذي يوجد فيه أغلب شركات التكرير المستقلة في الصين أو من ميناء إينجكو في إقليم لياونينغ في الشمال الشرقي.

أما نسبة الخمسة وعشرين في المئة الباقية من الواردات، فقد قالت ريفينيتيف إنه وُصفت بأنها مشتريات رسمية للاحتياطي البترولي الاستراتيجي في الصين، إذ تحتفظ بكين بمشتريات صغيرة الحجم رغم العقوبات الأمريكية.

وقالت إيما لي محللة تدفقات النفط الخام في ريفينيتيف "الكميات بدأت ترتفع من الربع الأخير في 2020، إذ كان إقليم شاندونغ على رأس المناطق التي استقبلت الخام، وهو ما يشير إلى أن المستهلك الأساسي له معامل تكرير مستقلة".

وعادة ما تغلق الناقلات التي تحمل النفط الإيراني أجهزة تحديد مواقعها عند التحميل لتجنب رصدها ثم يصبح من الممكن متابعتها مرة أخرى عن طريق الأقمار الصناعية قرب موانئ في سلطنة عمان والإمارات والعراق. وقالت لي إن بعض الناقلات تنقل جانبا من شحناتها إلى سفن أخرى قرب سنغافورة وماليزيا قبل أن تبحر إلى الصين.

ولم تتمكن رويترز من التعرف على المشترين النهائيين لهذه الشحنات، ودون التعليق مباشرة على الصفقات النفطية، قال مكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "إيران دولة صديقة للصين وبين البلدين اتصالات عادية وتعاون. والتعاون بين الصين وإيران في إطار القوانين الدولية صائب ومشروع ويستحق الاحترام والحماية".

وامتنعت شركة النفط الوطنية الإيرانية عن التعقيب. وقال مسؤول بوزارة النفط "عندما تُرفع العقوبات الأمريكية الظالمة ستتمكن إيران من بيع نفطها لأي بلد وأؤكد لكم أنه سيتم توقيع تعاقدات كثيرة".

وقالت شركة بترولوجيستكس لتتبع الناقلات في جنيف إن حجم تحميلات النفط الإيراني في يناير كانون الثاني تجاوزت 600 ألف برميل في اليوم للمرة الأولى منذ مايو أيار 2019، وذلك في مؤشر على أن نهاية ولاية دونالد ترامب ربما تغير سلوك المشترين.

وأظهرت بيانات من ريفينيتيف ومن الجمارك الصينية أن الشحنات غير المباشرة التي وصلت في فبراير شباط، بما فيها الشحنات التي تنتظر تفريغها في موانئ صينية، بلغت قرابة 850 ألف برميل في اليوم، متجاوزة المستوى القياسي اليومي المسجل في أبريل نيسان 2019 وهو 790 ألف برميل في اليوم.

وأظهرت بيانات الجمارك الصينية يوم الأحد أن واردات النفط الخام ارتفعت بمعدل سنوي أربعة بالمئة في أول شهرين من العام الجاري. وستنشر هيئة الجمارك الصينية تفاصيل الواردات من كل دولة هذا الشهر، وقال متعامل صيني مستقل مطلع على بعض الصفقات "الخام الإيراني بدأ يدخل شاندونغ من أواخر 2019... بدءا ببعض شركات التكرير التي لا تملك سيولة نقدية وكانت تكرر النفط أولا قبل دفع ثمن الشحنة".

وأوضح المتعامل إن أغلب هذه الصفقات جرت تسويتها بالعملة الصينية أو اليورو للالتفاف على العقوبات الأمريكية، وقال متعاملون إن الواردات القياسية أثرت على أسعار الخامات المتوسطة والثقيلة المنافسة من منتجين آخرين في الشرق الأوسط، وقال مصدر آخر "إيران طفت على السطح من جديد رغم أنه لا يبدو أن العقوبات سترفع قريبا".

من جهتها قالت بترو-لوجيستيكس لتتبع الناقلات لرويترز إن صادرات النفط الخام الإيرانية انخفضت في فبراير شباط بنحو 250 ألف برميل يوميا، مما يشير إلى أن القفزة التي شهدتها الشحنات تفقد قوة الدفع.

وارتفعت صادرات إيران، العضو في أوبك، من النفط في يناير كانون الثاني بعد دفعة في الربع الأخير من العام الماضي على الرغم من العقوبات الأمريكية، في إشارة إلى أن انتهاء ولاية دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة ربما يغير سلوك المشترين.

لكن شركة بترو-لوجيستيكس، ومقرها جنيف، والتي تقدم تقييمات للصادرات عبر تتبع شحنات الناقلات أبلغت رويترز أن الشحنات تراجعت إلى المستويات مسجلة في نوفمبر تشرين الثاني وديسمبر كانون الأول “قبل الزيادة في يناير كانون الثاني”.

وقالت بترو-لوجيستيكس في 26 يناير كانون الثاني إن الصادرات الإيرانية من المنتظر أن تتجاوز 600 ألف برميل يوميا في يناير كانون الثاني للمرة الأولى منذ أبريل نيسان 2019 بعد ارتفاعها 100 ألف برميل يوميا في الربع الأخير من العام الماضي، ولم تذكر الشركة يوم الثلاثاء رقما محدثا لشحنات يناير كانون الثاني.

سفن ايرانية

قالت وزارة الأمن الإندونيسية في بيان يوم الجمعة إن السفينتين اللتين ترفعان علمي إيران وبنما والتي احتجزتها إندونيسيا الشهر الماضي متورطتان في جريمة، وإنها تجري المزيد من التحقيقات. بحسب رويترز.

وتم احتجاز الناقلتين العملاقتين، اللتين يعمل عليهما أفراد طواقم من إيران والصين، الشهر الماضي في المياه الإقليمية الإندونيسية قرب جزيرة بورنيو للاشتباه في قيامها بعمليات نقل نفط بصورة غير قانونية.

وبعد تحقيق أولي، خلصت السلطات الإندونيسية إلى أن السفينتين كانتا متورطتين في “نشاط غير قانوني في المياه الإقليمية الإندونيسية”، حسبما ذكرت وزارة تنسيق الشؤون السياسية والقانونية والأمنية في البيان.

وذكر البيان أن السلطات الإندونيسية تعمل في الوقت الحالي على صياغة التهم بهدف الإعلان قريبا عن أسماء المشتبه بهم.

وأضاف البيان أن السلطات الإندونيسية تحقق في قيام السفينتين بنقل الوقود بطريقة غير قانونية، وبدخولهما المياه الإقليمية بصورة غير مشروعة، والتخلص من مواد خطيرة في المياه الإقليمية الإندونيسية.

وقالت السلطات إن السفينتين اللتين رصدتا أول مرة في 23 من يناير كانون الثاني عمدتا إلى إخفاء هويتهما بعدم إظهار علميهما، وقامتا بإغلاق أنظمة التعرف الإلكترونية على متنهما ولم تستجيبا للتواصل معهما عبر الراديو.

تجار الهند يوقفون تقريبا الصادرات لإيران

على صعيد مختلف، قال ستة مسؤولين في قطاع الصادرات لرويترز إن التجار في الهند أوقفوا بالكامل تقريبا توقيع أي عقود تصدير جديدة مع مشترين من إيران لسلع مثل الأرز والسكر والشاي بسبب القلق من أن احتياطات الروبية التي تملكها طهران لدى البنوك الهندية تتضاءل، وقال تاجر في مومباي يعمل مع شركة تجارة عالمية “المصدرون يتجنبون التعامل مع إيران لأن الدفعات تتأجل لأشهر”.

وأضاف أن احتياطات إيران بالروبية لدى بنكي يو.سي.أو وآي.دي.بي.آي، المصرح لهما بتسهيل عمليات التجارة بالروبية، قلت بشكل ملحوظ وبالتالي يخشى المصدرون من أنهم لن يتلقوا مالهم في الموعد إذا جرى الاتفاق على شحنات جديدة، وبسبب العقوبات الأمريكية لم يعد بمقدور إيران استخدام الدولار لإتمام صفقات بيع النفط.

كانت إيران تبيع النفط إلى الهند بعملتها المحلية التي تستورد بها سلعا حيوية، لكن نيودلهي توقفت عن شراء النفط الإيراني في مايو أيار 2019 عندما انتهت مدة إعفاءات أمريكية، وقالت المصادر، التي طلبت عدم ذكر أسمائها بداعي الأسرار التجارية، إن إيران واصلت شراء السلع باستخدام أرصدتها بالروبية الهندية لكن بعد مرور 22 شهرا دون مبيعات للخام، تراجعت تلك الاحتياطات بشدة، ويقدر متعاملون أن إيران تفي بأكثر من ثلث الطلب على السكر والأرز عبر الاستيراد، وأحجمت وزارة التجارة الإيرانية والبنك المركزي عن التعليق.

وقال مسؤول إيراني بارز طلب أيضا عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الأمر “نجري محادثات مع الحكومة الهندية والتجار في الهند لحل مشكلات السداد وأتوقع أن تحل قريبا”، وأضاف “يحدث التأخر في الدفع بسبب العقوبات الأمريكية على النظام المالي الإيراني التي صعبت كثيرا من تنفيذ مثل هذه المدفوعات”.

وقال مسؤول في وزارة التجارة والصناعة الهندية إن الصادرات الإجمالية من بلاده إلى طهران انخفضت 42 بالمئة في 2020 على أساس سنوي مسجلة 2.2 مليار دولار وهو أقل مستوى فيما يزيد على عشر سنوات، وأضاف أن التراجع مستمر هذا العام، وشهد يناير كانون الثاني تراجعا بأكثر من النصف على أساس سنوي إلى 100.20 مليون دولار، ولم ترد وزارة التجارة والصناعة الهندية بعد على طلب للتعليق.

التشغيل الكامل لميناء جابهار الإيراني

الى ذلك قال الوزير الهندي المعني بالملاحة إن بلاده تتوقع البدء في تشغيل كامل لميناء جابهار الإيراني للشحن الذي شيدته بنهاية مايو أيار، وهو ما سيشكل دفعة للتجارة في المنطقة، تطور الهند جزءا من الميناء الذي يقع على الساحل الجنوبي الشرقي لإيران على خليج عمان كوسيلة لنقل البضائع لإيران وأيضا إلى أفغانستان ودول في وسط آسيا بتجنب منافستها باكستان.

لكن العقوبات الأمريكية على إيران أبطأت تطوير الميناء ويعتمد المسؤولون الهنود حاليا على توقعات بتحسن في العلاقات بين واشنطن وطهران في عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بما سيفتح الطريق أمام المضي قدما في المشروع الذي تبلغ الاستثمارات فيه ما يقرب من 500 مليون دولار.

وقال مانسوكه ماندفيا وزير الموانئ والشحن الهندي لرويترز “أتوقع أن أزور إيران في أبريل أو مايو من أجل البدء الكامل للعمليات”، وتطور الهند رصيفين في الميناء بما يشمل مجمع شهيد بهشتي وبموجب اتفاق وقع مع إيران فستدير المرفأ لعشر سنوات.

وقال ماندفيا إن الميناء بدأ بالفعل العمليات على نطاق محدود وأن آفاق النمو فيه جلية، وأضاف أن ميناء جابهار شهد مناولة 123 سفينة و1.8 مليون طن من الشحنات في الفترة ما بين فبراير شباط 2019 ويناير كانون الثاني 2021، وتابع قائلا “هذا أعلى بكثير من توقعاتنا. تخيل نطاق العمليات والتوفير في الشحن بمجرد عمله بالكامل”.

واستخدمت الهند العام الماضي ميناء جابهار، أثناء جائحة كوفيد-19، لإرسال 75 ألف طن من القمح كمساعدات إنسانية لأفغانستان ولإرسال 25 طنا من المبيدات الحشرية لإيران لمكافحة غزو من الجراد. ووصلت الشحنة الثانية من تلك المبيدات لجابهار مؤخرا.

وستزود الهند الميناء، بموجب الاتفاق مع إيران، بست رافعات ومعدات أخرى قيمتها 85 مليون دولار لتهيئة رصيف شهيد بهشتي في ميناء جابهار، وأرسلت الهند حتى الآن رافعتين على أن ترسل الأربع الباقية على مدى الأسابيع القليلة المقبلة، وقال ماندفيا “يبدو ميناء جابهار كنقطة اتصال للمنطقة لإيصال المساعدات الإنسانية خلال الجائحة”.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا