لبنان على شفير الانهيار الاقتصادي: ماذا يعني إفلاس البلاد؟

دلال العكيلي

2020-04-30 04:00

ساهم انتشار فيروس كورونا في لبنان في تفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها لبنان منذ عدة أشهر والتي سلبت الفقراء في لبنان سبل التكيف مع الصعوبات، يذكر أن لبنان يعاني نقصاً في السيولة بالعملات الأجنبية وأزمة اقتصادية بالغة فاقمها منذ آذار/مارس الإغلاق جراء انتشار فيروس كورونا، قال رئيس جميعة مصارف لبنان إن مشروعات الخطط التي تضعها البلاد للتعامل مع أزمتها المالية تحمّل البنوك أغلب التكلفة، وتبعث بالرسالة الخطأ للمستثمرين الذين تحتاج إليهم البلاد بشدة، قائلا للحكومة "ارفعوا أيديكم عن المصارف"، تلقي تصريحات سليم صفير، التي نشرتها صحيفة، الضوء على المعارضة الشديدة داخل القطاع المصرفي لمشروع الخطة الذي ظهر في وقت سابق هذا الشهر للخروج بلبنان من أزمته المالية والاقتصادية.

وأعلن لبنان، وهو أحد أثقل دول العالم دينا، الشهر الماضي أنه ليس بمقدوره سداد ديون بالعملة الأجنبية، يدعو مشروع الخطة لحل الأزمة لإعادة هيكلة البنوك التجارية، متوقعا خسائر في القطاع المصرفي بقيمة 83 مليار دولار، ويدعو إلى "مساهمة استثنائية عابرة من كبار المودعين" من بين خطوات سياسية أخرى صعبة، وكتب صفير في صحيفة ديلي ستار "وضع الغالبية العظمى من العبء والتكلفة على القطاع المصرفي يثير تساؤلات بشأن التزام الحكومة بإصلاحات القطاع العام التي طال انتظارها، خاصة وأنه ليس سرا أن أم المشاكل هو الفساد وسوء الإدارة".

فقدت العملة اللبنانية نصف قيمتها منذ أكتوبر تشرين الثاني، إذ تصاعدت حدة الأزمة المالية وحيل بين المدخرين ومدخراتهم بالعملة الصعبة، وتتضمن إعادة الهيكلة المقترحة لميزانيات البنوك التجارية العمومية عملية إنقاذ كاملة من المساهمين الحاليين تتمثل في شطب رؤوس أموال بقيمة 20.8 مليار دولار، في حين تجري تغطية الباقي البالغ 62.4 مليار دولار من خلال "مساهمة استثنائية عابرة من كبار المودعين" ووجه صفير اللوم إلى الحكومات المتعاقبة التي قال إنها أهدرت موارد الدولة واقترضت المال من المصرف المركزي الذي لم يكن أمامه خيار سوى مساعدة الدولة وتزويدها بالسيولة اللازمة لاستمرار سير المرافق العامة.

"باللجوء لمثل هذا الاقتراض، فإن الحكومة في الواقع احتجزت أموال المودعين في المصارف، مما خلق بالتالي أزمة السيولة الحالية"، وقال "بدلا من المناداة بإعادة هيكلة القطاع المصرفي، على الحكومة أن تصلح ذاتها وتهتم بتأمين التوازن في موازنتها ... بيع موجودات الدولة أو رهنها هي من الطرق التي لجأت إليها حكومات عديدة حول العالم لاستعادة التوازن المالي" وقال رئيس الوزراء حسان دياب، الذي جرى تعيينه بدعم من جماعة حزب الله الشيعية القوية والتيار الوطني الحر المسيحي الذي أسسه الرئيس ميشال عون، إن الخطة لن تؤثر على 98 بالمئة من المودعين.

وانتقد الخطة أيضا رئيس الوزراء السابق سعد الحريري والسياسي الدرزي وليد جنبلاط، قائلين إنها تهدف إلى مصادرة أموال المودعين، وقال صفير إن دياب يبعث بالرسالة الخطأ إلى المستثمرين بتلميحه إلى أنه لا يمكنه ضمان سلامة ودائع اثنين بالمئة من المودعين، وبعد تسريب مسودة الخطة للإعلام، قال وزير المالية إنها لم تصل بعد إلى حد إعادة هيكلة القطاع المصرفي وإن الحكومة ما زالت تدرس خيارات في هذا الصدد.

انكماش ناتج لبنان 12% في 2020

قال صندوق النقد الدولي إنه يتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للبنان 12 بالمئة في 2020، وسط أزمة مالية استنزفت العملة الصعبة بالبلد ودفعته للتخلف عن سداد مدفوعات الدين، وفي إطار مراجعته الإقليمية لاقتصادات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى للعام 2020، قال تقرير أصدره الصندوق إن الناتج الإجمالي الحقيقي للبنان انكمش 6.5 بالمئة في 2019 وإن التضخم سيبلغ 17 بالمئة في 2020 مقارنة مع 2.9 بالمئة في العام السابق، يمر لبنان بأزمة مالية كاسحة شهدت عملته تتراجع نحو 50 بالمئة في سوق موازية والبطالة تقفز والبنوك تفرض قيودا صارمة على حركة رؤوس الأموال لصيانة الدولارات الشحيحة.

وفي تقديره السابق الصادر في أكتوبر تشرين الأول، توقع صندوق النقد نمو اقتصاد لبنان 0.9 بالمئة في 2020 كان ذلك قبل اندلاع احتجاجات عارمة ضد النخب الحاكمة بالبلاد في 17 أكتوبر تشرين الأول، مما سرع وتيرة أزمة اقتصادية ظلت كامنة لفترة، وقال الصندوق إن العجز المالي للحكومة سيصل إلى 15.3 بالمئة في 2020، من 10.7 بالمئة في 2019.

سداد التحويلات النقدية بالعملة المحلية

قال مصرف لبنان المركزي في تعميم إن أي تحويلات نقدية تجريها مؤسسات غير مصرفية يجب سداد قيمتها بالليرة اللبنانية على أساس "سعر السوق"، وقال التعميم إن العملة الصعبة الواردة من الخارج يجب أيضا بيعها إلى وحدة جديدة للنقد الأجنبي بالبنك المركزي أنشئت للتعامل في العملات الأجنبية، يأتي الإجراء في ظل جهود لكبح سوق النقد الأجنبي الموازية التي أصبحت المصدر الرئيسي للعملة الصعبة، والتي فقدت فيها الليرة حوالي نصف قيمتها منذ أكتوبر تشرين الأول بعد شح في تدفقات رؤوس الأموال واندلاع احتجاجات، ولم يحدد التعميم سعر السوق الذي يجب أن تتقيد به التحويلات النقدية.

دفعت أزمة لبنان المالية العميقة والعجز الشديد في العملة الصعبة البنوك إلى فرض قيود صارمة على السحب والتحويلات، مما أغضب اللبنانيين الذي حيل بينهم وبين الكثير من مدخراتهم، ويعتمد غالبية اللبنانيين في الخارج المنتشرين في شتى بقاع الأرض على خدمات تحويل الأموال مثل أو.إم.تي وويسترن يونيون لإرسال الأموال من الخارج، دون الحاجة إلى البنوك التجارية التي تمر بأزمة سيولة.

وقال نسيب غبريل، كبير الاقتصاديين لدى بنك بيبلوس، إن الإجراء الجديد قد يعيد بعضا من العملة الصعبة تلك إلى النظام المصرفي الرسمي، وقال "هناك تردد لدى المغتربين في إرسال التحويلات من خلال البنوك، لذا فإنها تتجه إلى خدمات تحويل الأموال"، تسمح البنوك التجارية للبنانيين بسحب النقد إذا كان حديث الإيداع من الخارج، لكن الكثير من اللبنانيين مازالوا متوجسين من التعامل عن طريق النظام المصرفي الرسمي في ظل تشديد القيود، وقال البنك المركزي في وقت سابق هذا الشهر إن وحدة النقد الأجنبي الجديدة ستدير التعاملات بالنسبة للصيارفة المعتمدين، وإنها ستساعد في تحديد سعر بيع الدولار بالسوق الموازية، لكنها لم تبدأ العمل بعد، جرى تداول الليرة اللبنانية هذا الأسبوع في السوق الموازية عند أكثر من ثلاثة آلاف ليرة للدولار للمرة الأولى، في حين أن سعر الربط الرسمي يبلغ 1507.5 ليرة.

حاجة إلى 10-15 مليار دولار

أظهرت مسودة خطة حكومية اطلعت عليها رويترز أن لبنان يحتاج تمويلا خارجيا من عشرة مليارات إلى 15 مليار دولار على مدار السنوات الخمس المقبلة لمساعدته على اجتياز أزمته المالية، ومسودة الخطة التي يعكف مجلس الوزراء على مناقشتها مؤرخة في السادس من أبريل نيسان، وهي أكثر الخطط شمولا فيما يتعلق بمواجهة الأزمة حتى الآن والخطة موصوفة في المسودة بأنها "أساس جيد" لمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والخطة، التي قال مصدر إن مستشار لبنان المالي لازارد هو الذي وضع مسودتها، لا تذكر صراحة أن البلاد ستلجأ إلى صندوق النقد الدولي، وهي تحرك يتطلب دعما سياسيا واسعا لكنها تشير إلى مستثمرين يتوقعون أن تسعي بيروت إلى دعم من صندوق النقد وهو ما سيتيح مزيدا من التمويل.

وبينما ترصد خسائر في الاقتصاد بقيمة 83.2 مليار دولار، أشارت الخطة إلى أن "صفقة إنقاذ كاملة للقطاع المالي ليست خيارا" وتتضمن تفاصيل إعادة هيكلة للمصرف المركزي والبنوك التجارية لتشمل "مساهمة استثنائية عابرة من كبار المودعين" وتحدد الخطوط العريضة لصندوق خاص لتعويض خسائر المودعين الناجمة عن إعادة الهيكلة، وقالت "كما ذكر رئيس الوزراء، ستتأكد الخطة من أن أصول تسعين بالمئة من المودعين محفوظة".

وقال رئيس البرلمان نبيه بري لمحافظ البنك المركزي رياض سلامة إن ودائع الناس في البنوك "من المقدسات" ويجب عدم المساس بها، وعقدت الحكومة جلسة لمواصلة المناقشات حول إصلاح القطاع المالي، ومنذ بداية الأزمة، تخلف لبنان لأول مرة عن سداد ديونه الضخمة بالعملة الأجنبية، وبدأ في مارس آذار خطوات نحو إعادة هيكلة الديون، وفاقمت إجراءات العزل العام بسبب فيروس كورونا المشكلات الاقتصادية التي تشمل تصاعد التضخم وهبوط قيمة العملة وقيود على رؤوس الأموال تحظر على المودعين سحب مدخراتهم بالعملة الصعبة.

تفاقم الضغوط على الليرة اللبنانية

تكبدت الليرة اللبنانية المنكوبة مزيدا من الهبوط في ظل إجراءات عزل عام بسبب فيروس كورونا، إذ تمنع البنوك الحصول على الدولارات الشحيحة بالفعل، مما يرفع أسعارها في السوق الموازية ويزيد تكلفة الواردات التي يعتمد عليها البلد المثقل بالديون، ففي ظل حالة الطوارئ الصحية التي أعلنتها الحكومة في 15 مارس آذار، تقصر بنوك لبنان التي تعاني أزمة سيولة خدماتها على الواردات الهامة ودفع الرواتب بالعملة المحلية مع فتح مجموعة صغيرة من الفروع فحسب.

وقال مستوردون ومتعاملون في العملة إن الليرة تراجعت منذ ذلك الحين 15 بالمئة، ليجري تداولها عند 2850 ليرة للدولار مقارنة مع حوالي 2500 قبل بدء الإغلاق العام، يقل ذلك بنسبة 47 بالمئة عن سعر الربط الرسمي البالغ 1507.5 ليرة للدولار، وهو السعر المتاح الآن لمستوردي القمح والأدوية والوقود فقط، وقال هاني بحصلي المدير العام لشركة بحصلي فودز، وهي مستورد كبير للأغذية، "السيولة المتاحة في السوق تقل باطراد، وهذا من أسباب زيادة السعر بالسوق السوداء".

صارت السوق الموازية المصدر الرئيسي للسيولة في خضم أزمة مالية ضارية يعيشها لبنان، شهدت تعثره في سداد ديونه الخارجية في 23 مارس آذار والشروع في محادثات رسمية لإعادة هيكلة الديون بعد أيام، كانت الحكومة سعت في الأسابيع الأخيرة إلى شن حملة على مكاتب الصرافة التي تبيع بسعر أعلى من ألفي ليرة للدولار، إذ أغلق بعضها أبوابه في حين تصرف مكاتب أخرى الزبائن الراغبين في أسعار أعلى، مما زاد صعوبة الحصول على الدولار، وتعلق البنوك الآن عمليات السحب المحدودة أصلا بمقدار منخفض يصل إلى 100 دولار أسبوعيا. واستحدثت قيودا أواخر العام الماضي عندما انزلق لبنان في الأزمة بعد تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال واندلاع مظاهرات ضد النخب الحاكمة.

ورغم عدم إعلان أي خطوة لحجب الدولارات ولا ما إذا كانت مثل تلك الإجراءات مؤقتة، فقد قالت مصادر من أربعة بنوك إنه منذ بدء العزل، لا يمكن إخراج سوى الدولارات المودعة حديثا أو تلك المحولة من الخارج، مددت الحكومة أجل إجراءات العزل العام بسبب فيروس كورونا حتى 12 أبريل نيسان، إذ أغلقت جميع الشركات والمطارات تقريبا مع فرضها حظر تجول ليليا وسجل لبنان 479 حالة إصابة بفيروس كورونا و14 وفاة، حسبما أعلنته وزارة الصحة يوم الأربعاء.

ويضطر المودعون إلى سحب دولاراتهم من أجهزة الصرف الآلي التي تحولها إلى ليرات لبنانية بسعر الربط الرسمي، مما يقلص قيمتها ويغضب اللبنانيين المتضررين بالفعل من تخفيضات كاسحة في الوظائف وتضخم آخذ في الارتفاع، وعزا مصرفيون تراجع تداول الدولارات في الأسابيع الأخيرة إلى إغلاق المطارات عالميا، مما يقوض تدفقات العملة الصعبة التي عادة ما تأتي بصحبة المسافرين وشحنات أوراق النقد، لكن ميشيل مكتف، وهو مساهم في شركة لبنانية تشحن أوراق النقد، شكك في ذلك، إذ نقلت وسائل إعلام محلية عنه القول إن عمليات شحن أوراق النقد مستمرة.

مواجه إعادة هيكلة ديون صعبة لكن السندات رخيصة

أشارت تقديرات من مورجان ستانلي إلى أن لبنان يواجه عملية إعادة هيكلة ديون معقدة وصعبة قد تستغرق ما يصل إلى عامين، رغم أن التراجع الأخير لسنداته جعلها تبدو رخيصة حتى في حالة تحقق أسوأ التصورات، علق لبنان، وهو أحد أثقل البلدان دينا في العالم، مدفوعات جميع سنداته الدولية البالغة قيمتها 31.3 مليار دولار هذا الشهر، معلنا أنه لم يعد باستطاعته سدادها، وفي تحليل نشر، قال مورجان ستانلي إنه ستكون هناك حاجة إلى تخفيف لأعباء الديون بما يوازي ما بين 100 بالمئة و125 بالمئة من الناتج الاقتصادي السنوي للبنان، رغم أن ذلك لن يكون سهلا بأي حال من الأحوال.

والبنود القانونية لسنداته تجعله عرضة لرفض من المستثمرين على طريقة الأرجنتين مما يقوض العملية، بينما تحويل العبء إلى البنوك المحلية ليس خيارا لأن البنوك نفسها ساهمت في امتصاص الديون وستحتاج إعادة رسملة، وسيكون الانقضاض على ودائع المدخرين والشركات بالبنوك كما فعلت قبرص في أوج أزمتها مثار مشكلات على الصعيد السياسي، وربما أيضا يكون الحصول على دعم من صندوق النقد الدولي أو أي مكان آخر في الشرق الأوسط صعبا في ظل الأوضاع الراهنة.

وقال مورجان ستانلي في تحليله "نرى شيئا من الفائدة في الاقتراب تدريجيا من إعادة هيكلة الديون، وذلك بالنظر إلى الروابط المتشابكة بين وزارة المالية والبنك المركزي والبنوك المحلية بالنظر إلى توقعات النمو الباهتة، من المنطقي تخفيف عبء الديون في مختلف أنحاء القطاع العام الواسع النطاق"، وطرح ثلاثة تصورات لإعادة الهيكلة، بسيط ومتوسط وقاس، حيث سيواجه حملة السندات الدولية شطبا إما بخمسين بالمئة أو ستين بالمئة أو سبعين بالمئة من قيمة سنداتهم مع تأجيل مواعيد سدادها لمدة خمسة أعوام أو إلى 2032 أو 2037 من خلال سندات جديدة.

وبجانب منغصات أخرى، سيعني ذلك أن الأموال التي سيستعيدها حملة السندات (معدل الاسترداد) ستكون أقل منها في الكثير من عمليات إعادة هيكلة الديون حول العالم، لكن نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان أعلى أيضا منها في أغلب تلك النماذج، ومال مورجان ستانلي بنسبة ستين بالمئة إلى احتمالية للجوء إلى تصور إعادة الهيكلة الأقسى، لكنه قال إنه مع نزول السندات إلى مستويات متدنية وصلت إلى 12 سنتا في الدولار هذا الأسبوع، فإنها تبدو الآن "جذابة" حتى في ظل هذا الخيار.

وقال "يجري تداول السندات دون حتى تصور إعادة الهيكلة القاسي لكن من المشكلات الأساسية أن إعادة الهيكلة قد تحل فقط تعقيدات معينة لعام قادم أو اثنين مما يؤثر سلبا على جاذبيتها بعض الشيء" لكن "أقل من 15 (سنتا للدولار) سيبدو جذابا بكل المقاييس".

بنوك لبنان تغلق صنبور الدولار عن المودعين

منذ إعلان لبنان إغلاقا عاما للحد من انتشار فيروس كورونا، تقلص البنوك التي تعاني أزمة سيولة إمكانية الحصول على الدولارات بالنسبة للمودعين المحال بالفعل بينهم وبين الكثير من مدخراتهم بفعل قيود مشددة مفروضة منذ شهور، رصدت وزارة الصحة 163 حالة إصابة بفيروس كورونا حتى الآن، ويحذر الخبراء من أن نظام الرعاية الصحية في لبنان ربما يكون غير مهيأ، إذ يجرده نقص الدولار منذ شهور من إمدادات هامة، وتتفاقم بسبب التفشي متاعب لبنان، إذ يأتي بعد إعلانه عدم قدرته على سداد التزامات ديون ضخمة وحاجته إلى احتياطيات النقد الأجنبي من أجل الواردات الأساسية.

ودفعت الأزمة المالية، التي رفعت الأسعار وأضعفت العملة المحلية، البنوك إلى وضع سقف للسحب النقدي، وبلغ الأمر ببعضها إلى تحديده بما لا يزيد على 100 دولار في الأسبوع، ولدى إعلانه عن الإغلاق العام، استثنى مجلس الوزراء اللبناني البنوك، قائلا إن بوسعها مواصلة النشاط اليومي "بأدنى مستوى" دون تحديد قواعد، وقالت البنوك فيما بعد إنها ستغلق حتى 29 مارس آذار لوقاية العاملين من تفشي الفيروس، لكنها ستبقي على عدد قليل من الفروع مفتوحا مع إدارة عمليات الواردات الأساسية وتوفير الرواتب بالليرة اللبنانية.

وقالت فيفيان خويري، وهي شريكة كبيرة في مكتب محاماة، "أحتاج الدولارات لدفع الرواتب... ليست هناك دولارات في الصرافات الآلية حاليا... العاملون أكثر احتياجا للمال ويعتمدون على النقد" وقال بعض العملاء إن بنوكهم أبلغتهم بسحب النقد من أجهزة الصرف الآلي بالليرة اللبنانية عند سعر ربط يقل نحو 40 بالمئة عن السوق الموازية، مما يقلص فعليا قيمة مدخراتهم الدولارية.

وقال آخرون إنهم جرى إبعادهم عن الفروع المفتوحة وأُبلغوا بأن تلك الفروع مفتوحة لخدمة العملاء من الشركات، وتقول جميعة المصارف إن القيود تستهدف الإبقاء على ثروة لبنان داخل البلاد ومع نفاد الصبر، تعهدت الحكومة بمسودة قانون يضع معايير للقيود المفروضة على حركة رؤوس الأموال، وهو ما من المتوقع اكتماله، ولجأ بعض اللبنانيين لتويتر للشكوى من أن السياسات تخفض عمليا قيمة مدخراتهم وإن الهدف منها منع الوصول إلى احتياطيات السيولة الآخذة في التناقص، وقالت تغريدة غاضبة "في لبنان، اتخذ المصرفيون كورونا ذريعة لإغلاق أبوابهم للسيطرة على الأزمة الحالية وقلة السيولة".

مشاكل الاستيراد في لبنان تتزايد

يواجه مستوردو الغذاء في لبنان، الذين يعانون بالفعل من أزمة الدولار، صعوبات في حجز شحنات جديدة إذ تهدد جائحة فيروس كورونا الإمدادات وتثير مخاوف من طفرة أخرى مؤلمة في الأسعار، ويعطل بعض البائعين الشحنات ويرفضون الطلبيات الجديدة للبنان - الذي يعتمد بكثافة على الواردات- في حين يبطئ تفشي الفيروس سلاسل إمدادات الغذاء العالمية، ويأتي ذلك في وقت صعب بالنسبة للبنان، فالأزمة المالية أطاحت بنصف قيمة العملة المحلية ودفعت الأسعار إلى صعود حاد على مدار شهور.

ويهدد تعطل الإمدادات مع نقص العملة الصعبة بزيادة التضخم بدرجة أكبر مع ارتفاع معدلات الفقر وزادت أسعار السلع الاستهلاكية إلى مثليها تقريبا في الأشهر الستة الماضية، ويقول مستوردون للمواد الغذائية، مثل هاني بحصلي، إن الضغط يتزايد على المخزونات التي انخفضت بالفعل بسبب قيود تفرضها البنوك تجعل المشترين يلجأون إلى السوق غير الرسمية بحثا عن الدولار الشحيح، وعلم بحصلي الأسبوع الماضي أن السردين المغربي لم يعد متاحا بعد توقف الصيادين عن الخروج - وحتى إذا خرجوا للصيد فإن العلب الصفيح التي تأتي من إسبانيا توشك على النفاد وقبل ذلك تأجل شحنة من زيت الطعام من أوكرانيا وشحنة عدس من أستراليا لمدة شهر بسبب نقص في العمالة، وقال "كل شيء يتراجع وأخشى أن الأسوأ لم يأت بعد على مستوى العالم".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي