اثرياء العالم: التفاوت في الثروات جوهر النزاعات

دلال العكيلي

2020-02-03 06:02

"حتى الأغنياء ليسوا محصنين من الأزمات الاقتصادية" هذه ما أكدته قائمة " الفوربس" هذا العام للبليونيرات حول العالم، والذى أثبتت آخر إحصائية لهم، أن عدد البليونيرات حول العالم أصبح 2153، بنسبة أقل عن العام الذى قبله بـ55 شخص، وخرج من قائمة العام الماضى 11% بنحو 247 شخصًا، قد خرجوا من الترتيب، وهي النسبة الأضخم منذ عام 2009 فى ذروة الأزمة المالية العالمية، وكانت منطقة آسيا والمحيط الهادئ هي الأكثر تضررا، حيث انخفض عدد البليونيرات 49 شخصا أقل من العام الماضي، وكذلك تراجعت أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، بينما بقيت الأمريكيتين مدفوعة بعدد المليارديرات فى البرازيل والولايات المتحدة، هما المنطقتان الوحيدتان اللتان لديهما المزيد من المليارديرات عما كانا عليه قبل عام، حيث تسجل وجود 607 مليارديرات فى الولايات المتحدة، فيهم 14 من أغنى 20 فى العالم، أولهم جيف بيزوس، يليه بيل غيتس فى المرتبة الثانية.

في الوقت الذي تواظب فيه وسائل الإعلام على التحذير من ارتفاع نسبة الفقر، لا نعرف كثيرا عن عالم الأغنياء الذين يفضلون البقاء وراء الأنظار بل إنهم يتخفون فعليا حتى لا، معظم ثروات الأغنياء صُنعت عبر العمل على أموال الآخرين، أي قطاع التمويل.

هل تعرف حجم ثروة مليارديرات العالم مجتمعين؟

بعد نمو لـ5 سنوات متواصلة، انخفض مجموع ثروة أصحاب المليارات حول العالم بنسبة 4.3٪، أي ما يعادل خسارة 388 مليار دولار، وفقاً لتقرير جديد صادر عن البنك السويسري UBS وشركة مراجعة الحسابات PwC، وفي نهاية العام 2018، قلّ عدد مليارديرات العالم بـ57 مليارديراً، ليصبح مجموعهم 2101 مليارديراً في جميع أنحاء العالم، وقد ساهمت مجموعة من الأحداث الاقتصادية والمالية في التأثير على ثروات أغنياء العالم، بما في ذلك التوترات التجارية وتقلبات السوق.

وقد تأثر مليارديرات آسيا بشكل كبير، إذ شهدت ثرواتهم أكبر نسب تراجع في العالم، لتنخفض قيمة المليارديرات الصينيين الصافية بنسبة 12.3٪ عند قياسها بالدولار الأمريكي وأن حوالي نصف هذا الانخفاض يعود إلى انخفاض قيمة اليوان الصيني مقابل الدولار الأمريكي، كما خسرت المنطقة أيضاً أكبر عدد مليارديرات في العالم هذا العام، حيث شهدت الصين والهند أكبر انخفاض، إذ فقدت الصين وحدها 48 مليارديراً، ليبلغ بعد ذلك عدد المليارديرات بها 325 مليارديراً.

رغم ذلك، لا تزال تحتفظ آسيا بأكبر عدد من أصحاب المليارات في جميع أنحاء العالم، لا سيما في الصين حيث ارتفع تصنيف المليارديرات بسرعة كبيرة على مدى السنوات الـ5 الماضية، ليصبحوا ثاني أكبر مجموعة من المليارديرات بعد أمريكا الشمالية، ورغم الخسائر العالمية، حقق المليارديرات في الأمريكتين أفضل أداء في العام الماضي، إذ ارتفع عدد المليارديرات في الولايات المتحدة بفضل النجاحات التي حققتها صناعة التكنولوجيا وقد بلغ عدد المليارديرات في مجال التكنولوجيا في الولايات المتحدة 89 مليارديراً مقارنة بـ70 مليارديراً في العام 2017.

وبينما ثبت مقدار الثروة التي يمتلكها أصحاب المليارات عبر الأمريكتين في العام 2018، ارتفع إجمالي عدد المليارديرات بنسبة 4.8٪ في العام 2018 ليصبح مجموعهم 749 مليارديراً في المنطقة، ولا يزال يشارك مليارديرات العالم في الأعمال الخيرية، حيث قدم 400 مليارديراً من الـ500 الأوائل التبرعات علناً وتلقى التعليم أكثر تبرعات المليارديرات في العام 2018 على الصعيد العالمي، لتليه الرعاية الصحية والثقافة والفنون، بينما تلقى الفقر والبيئة أقل قدر من العطاء الخيري.

ثروة أغنى 22 رجلاً في العالم تتخطى ثروة جميع نساء أفريقيا

تقول منظمة أوكسفام الدولية إن مستويات عدم المساواة العالمية "خرجت عن السيطرة" بسبب النظم الاقتصادية المنحازة التي تستبعد الكثير من النساء، بينما تسمح للمليارديرات بتجميع ثروات هائلة لا تفيد المجتمع، ودعت مؤسسة أوكسفام الخيرية الحكومات إلى فرض سياسات تخفف العبء عن النساء اللواتي يقدمن الرعاية للأطفال وكبار السن – وغالباً ما يكون ذلك مقابل أجر ضئيل أو حتى بدون أجر – من خلال فرض ضرائب أعلى على الأثرياء، وزيادة الإنفاق من جانب الحكومات الوطنية على رعاية الأطفال والرعاية الصحية.

وصدر تقرير أوكسفام السنوي حول عدم المساواة قبل المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، والذي يجتمع فيه كل عام العديد من أغنياء العالم وأكثرهم نفوذاً، وهذايملك مليارديرات العالم البالغ عددهم 2153 شخصاً، ثروات تفوق ثروات 4.6 مليار شخص حول بعض ما جاء بالتقرير "ثروة أغنى 22 رجلاً في العالم تتخطى ثروة جميع نساء أفريقيا وفقاً للأمم المتحدة، هناك 326 مليون امرأة ممن تتخطى أعمارهن الـ20 عاما، يمتلك أغنى سكّان العالم، الذين تبلغ نسبتهم 1%، أكثر من ضعف ثروة 6.9 مليار شخص، تبلغ قيمة أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر التي تقوم بها النساء ممن هن فوق الـ15 من العمر، 10.8 ترليون دولار سنويا، تضاعف عدد مليارديرات العالم خلال العقد الماضي، ويقول التقرير إن قادة العالم لا يقومون بأعمال كافية لمعالجة الفجوة المتسعة بين الفقراء والأغنياء كما يركز التقرير هذا العام على السياسات التي تسمح للرجال بالسيطرة على المراكز العليا في قطاع الأعمال والحكومة، مشيراً إلى أن اللامساواة الاقتصادية مبنية على عدم المساواة بين الجنسين، وينص التقرير على أن النساء "يدعمن اقتصاد الأسواق من خلال العمالة الرخيصة والمجانية، كما أنهن يدعمن الدولة من خلال توفير الرعاية التي يجب أن يوفرها القطاع العام هذا العمل غير مدفوع الأجر يؤجج نظاماً اقتصادياً متحيز جنسياً يأخذ من الكثيرين، ويضع الأموال في جيوب قلة".

ويعتقد بعض الناس أن فاحشي الثراء هم نتيجة ثانوية لنظام رأسمالي ناجح، استطاع خلق طبقة وسطى، بينما يقول آخرون إن فرض ضرائب على أصحاب المليارات بشكل أكبر قد يؤدي إلى عالم أكثر عدلاً ومساواة، أما أوكسفام، فتعتقد أن النظام الرأسمالي فاسد لأنه يسمح للاحتكارات بالازدهار ويركز الثروات بأيدي قلة من الناس، حيث يقول التقرير إن "دراسة أصول ثروات فاحشي الثراء وكيفية توزيع هذه الثروات، يلقي ظلالاً من الشك الشديد على قيمتهم بالنسبة لاقتصاداتنا ومجتمعاتنا".

ترتيب أثرياء الشرق الأوسط

يبدو أن العام 2019 لم يكن عاماً سيئاً اقتصادياً لعامة الناس فقط، بل أيضاً لأثرى المليارديرات أيضاً.. إذ وفقاً لمجلة فوربز الاقتصادية، تقلص عدد المليارديرات ومجموع ثروتهم خلال هذا العام، وتقول فوربز إن "الأزمة الاقتصادية" هذه طالت أثرياء الشرق الأوسط المليارديرات أيضاً، إذ تقلص مجموع ثروتهم بحوالي 5% ليبلغ 191.3 مليار دولار، مقارنة بـ201.4 مليار دولار في العام 2018.

وقد حاز رجل الأعمال المكسيكي من أصل لبناني، كارلوس سليم الحلو، والذي يعمل في مجال الاتصالات، على لقب أغنى رجل في الشرق الأوسط لعام 2019، بثروة بلغت قيمتها 64 مليار دولار، أي أقل أيضاً من العام الماضي، حين بلغت ثروته 67.1 مليار دولار، وتبع الحلو البرازيلي من أصل سوري جوزيف صفرا، والذي يعمل في مجال الخدمات المصرفية، ليأتي في المركز الثاني على قائمة أثرياء الشرق الأوسط، بثروة بلغت قيمتها 25.2 مليار دولار.

إليكم قائمة أغنى مليارديرين في الشرق الأوسط، بحسب مجلة فوربز:

(كارلوس سليم حلو الثروة الصافية: 64 مليار دولار، يوسف صفرا الثروة الصافية: 25.2 مليار دولار، باتريك دراحي الثروة الصافية: 7.7 مليار دولار، ناصف ساويرس الثروة الصافية: 6.4 مليار دولار، ماجد الفطيم الثروة الصافية: 5.1 مليار دولار، يوسف علي الثروة الصافية: 4.7 مليار دولار، عبدالله بن أحمد الغرير الثروة الصافية: 4.6 مليار دولار، ميكي جاغتياني الثروة الصافية: 4.1 مليار دولار، رافي بيلاي الثروة الصافية: 3.9 مليار دولار، يسعد ربراب الثروة الصافية: 3.7 مليار دولار).

الغضب المتصاعد حيال التفاوتات الاجتماعية يستدعي تغيير الوجهة

رأى المدير العام بالوكالة لصندوق النقد الدولي ديفيد ليبتون أن الغضب المتصاعد حيال تزايد التفاوتات الاجتماعية المنسوبة إلى العولمة، يستدعي تغيير الوجهة، وقال في خطاب ألقاه في باريس بمناسبة الذكرى الـ75 لإنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إن هذا لا يعني أن هناك "ثغرة ملازمة للرأسمالية" ولفت إلى أن "الرأسمالية تكافئ المخاطرة كانت المحرك للعديد من الإنجازات التي شهدناها"، مقرا في الوقت نفسه بأنه "نظام غير كامل يتعين تصحيح مساره".

ونسب الغضب السائد بصورة خاصة إلى "تزايد التفاوتات الاجتماعية الكبيرة" مشيرا إلى أنه "بالرغم من تراجع نسبة الفقر في العالم بأسره منذ 1980، فإن الـ10% الأكثر ثراء في العالم استفادوا من الاقتصاد أكثر من الـ50% الأكثر تواضعا" وأوصى الحكومات بزيادة إنفاقها لمكافحة الفوارق ومكافحة حركة الأموال غير القانونية مثل تبييض الأموال، والتصدي للتهرب الضريبي الذي تمارسه الشركات.

وقال "عالمنا يشهد عددا كبيرا من التغييرات التي تساهم في فقدان الثقة واللحمة الاجتماعية، وخصوصا في الاقتصادات المتطورة"، وأوضح أن "التجارة والعولمة، فضلا عن التكنولوجيا، أعادت ترتيب الخارطة الاقتصادية وتظهر عواقب ذلك في أوروبا كما في الولايات المتحدة، مع غضب متصاعد واستقطاب سياسي وشعبوية"، واختتم كلامه بمقارنة الظروف الراهنة بالوضع عند انتهاء الحرب العالمية الثانية حين اجتمع الحلفاء في مؤتمر بريتون وودز لإنشاء المؤسسات التي استخدمت التعاون الاقتصادي لتدارك النزاعات، فقال "قد نشهد ما يمكن وصفه ببريتون وودز معكوس".

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا