2020 عام تحديات كبيرة لـ أوبك وحلفائها
دلال العكيلي
2019-11-27 07:13
منافسة محتدمة في 2020 بين منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاءها حسب وكالة الطاقة الدولية، مما يزيد من أهمية اجتماع سياسة إنتاج النفط الذي تعقده المجموعة، التي تواجه تحديا كبيرا في العام المقبل إذ من المتوقع تراجع الطلب على خامها تراجعا حادا.
تشير تقديرات الوكالة إلى أن نمو المعروض من خارج أوبك سيقفز إلى 2.3 مليون برميل يوميا العام المقبل مقارنة مع 1.8 مليون برميل يوميا في 2019، عازية ذلك إلى إنتاج الولايات المتحدة والبرازيل والنرويج وجيانا، وأضافت "ضخامة المعروض الذي من المرجح أن يتراكم في النصف الأول من العام المقبل لن تكون مبعث ارتياح لوزراء أوبك+ الذين يجتمعون في فيينا"، وقالت وكالة إنه في حين ارتفعت إمدادات الولايات المتحدة 145 ألف برميل يوميا في أكتوبر تشرين الأول، فإن تباطؤا في النشاط بدأ في وقت سابق هذا العام يبدو أنه سيستمر في ظل مواصلة الشركات إعطاء الأولوية للانضباط المالي.
وتوقعت وكالة أن يبلغ الطلب على نفط أوبك 28.9 مليون برميل يوميا في 2020، مما يقل مليون برميل يوميا عن الإنتاج الحالي للمنظمة، ومن إجمالي الزيادة البالغة 1.5 مليون برميل يوميا في المعروض العالمي من النفط، ساهم تعافي السعودية، أكبر منتجي أوبك، من هجمات على البنية التحتية للنفط بالبلاد بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا.
وقالت وكالة الطاقة "في ضوء المضي في خطط الطرح العام الأولي لأرامكو والحاجة المستمرة لإيرادات لتمويل ميزانية الحكومة، فإن لدى الرياض ما يكفي من عوامل الحفز للإبقاء على دعم أسعار النفط"، تبدأ شركة النفط الوطنية أرامكو السعودية، الأعلى ربحية في العالم، بيع أسهم من خلال طرح عام أولي ربما يجمع بين 20 و40 مليار دولار.
وأبقت الوكالة على تقييماتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2019 و2020 عند مليون و1.2 مليون برميل يوميا على الترتيب، لكنها قالت إن توقعاتها ربما تقدر أثر الرسوم الجمركية في حرب التجارة الدائرة بين الولايات المتحدة والصين بأقل مما ينبغي قليلا، وقالت إنه في حالة إلغاء بعض الرسوم الجمركية أو كلها المقبلة، فإن "النمو الاقتصادي العالمي ونمو الطلب على النفط سيرتفعان كلاهما بشكل كبير"، لكن التعافي لن يكون فوريا.
وقالت الوكالة إن تباطؤ نشاط شركات التكرير في الأرباع الثلاثة الأولى من العام تسبب في هبوط الطلب على النفط الخام في 2019 للمرة الأولى منذ 2009، لكن من المنتظر أن يتعافى التكرير بشكل كبير في الربع الرابع وفي 2020.
أصغر فائضا نفطيا في 2020
قالت أوبك إنها تتوقع تراجع الطلب على نفطها في 2020 في ظل ضخ المنافسين لكميات أكبر من الخام على الرغم من تكون فائض أصغر من الخام في السوق العالمية، مما يعطي مبررا للمنظمة للإبقاء على قيود الإمدادات حين تجتمع لبحث سياسة الإنتاج.
وقالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في أحدث تقرير شهري لها قبل المحادثات التي تُجري في الخامس والسادس من ديسمبر كانون الأول إن الطلب على خامها سيبلغ في المتوسط 29.58 مليون برميل يوميا العام المقبل، بتراجع 1.12 مليون برميل يوميا عن 2019.
ويشير ذلك إلى فائض بنحو 70 ألف برميل يوميا وهو ما يقل عن المُشار إليه في تقارير سابقة، والتراجع في الطلب قد يشجع أوبك وحلفاؤها على الإبقاء على قيود الإنتاج حين يجتمعون في فيينا لكن التقرير أبقى على التوقعات الاقتصادية وتوقعات نمو الطلب على النفط في 2020 مستقرة وجاء أكثر تفاؤلا فيما يتعلق بالنظرة المستقبلية.
وقالت أوبك في التقرير "في ملاحظة إيجابية، قد يستقر النمو عند مستوى التوقعات الحالي بفضل علامات على تحسن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين واتفاق محتمل بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد الانتخابات العامة في بريطانيا والتحفيز النقدي في اليابان واستقرار المنحنى النزولي في الاقتصادات الناشئة الرئيسية".
وستقوض نظرة مستقبلية أكثر إشراقا مبرر المنتجين، المعروفين باسم أوبك، لتعميق تخفيضاتهم للإمدادات، وقال باركيندو إن الخيارات، بما في ذلك تعميق التخفيضات، مفتوحة على الرغم من أنه قلل في تصريحات أدلى بها في الآونة الأخيرة الحاجة لخفض أكبر في الإنتاج، واستقرت أسعار النفط بعد نشر التقرير، لتُتداول قرب 63 دولارا للبرميل، دون المستوى الذي يقول بعض مسؤولي أوبك إنه مواتيا.
تكبح أوبك وشركاؤها الإمدادات منذ 2017، للمساهمة في تعزيز الأسعار والتخلص من تخمة تكونت في الفترة بين 2014 و2016 حين كان المنتجون يضخون كيفما يشاؤون، لكن ارتفاع الأسعار قدم دعما لإمدادات النفط الصخري الأمريكي وبقية المنافسين، وتتوقع أوبك انخفاض حصتها السوقية في السنوات القليلة القادمة قبل أن تتعافى.
وفي التقرير، خفضت المنظمة توقعاتها لنمو الإمدادات من خارجها في 2020 إلى 2.17 مليون برميل يوميا، بما يقل أربعين ألف برميل يوميا عن التوقعات السابقة، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.08 مليون برميل يوميا أي ما يعادل واحدا بالمئة دون تغيير.
ومن شأن تباطؤ الإمدادات من خارج المنظمة دعم مساعي أوبك في إدارة السوق لكن ما زال من المتوقع أن ينمو الإنتاج من خارج أوبك بمقدار مثلي معدل الطلب على النفط العالمي تقريبا في 2020، مما يمثل تحديا مستمرا لأوبك وحلفائها في تحقيق التوازن بالسوق، وقفز إنتاج أوبك من النفط 943 ألف برميل يوميا إلى 29.65 مليون برميل يوميا، وذلك بحسب أرقام تجمعها المنظمة من مصادر ثانوية، ويشير التقرير إلى فائض 70 ألف برميل يوميا في 2020 إذا أبقت أوبك الإنتاج عند معدلات وظلت العوامل الأخرى كما هي، وذلك بانخفاض عن فائض 340 ألف برميل يوميا تضمنه تقرير.
تحقيق استقرار مستدام لأسواق النفط
قال محمد باركيندو أمين عام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن المنظمة وحلفاءها ملتزمون بتحقيق استقرار مستدام لأسواق النفط لما بعد 2020، وذلك في ظل شح نسبي في الإمدادات العالمية الحاضرة في الوقت الحالي.
وأضاف أن معدل امتثال أوبك وحلفائها لحصص الإنتاج بلغ 136 بالمئة، مما يكبح الإمدادات العالمية، بينما يتباطأ نمو الإنتاج في أمريكا الشمالية بما في ذلك أحواض النفط الصخرين وتتعهد أوبك وروسيا وحلفاء آخرون من منتجي النفط، المجموعة المعروفة باسم أوبك، بخفض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يوميا حتى مارس آذار 2020 لدعم أسعار النفط، ومن المقرر أن يلتقي المنتجون مجددا.
وقال باركيندو خلال منتدى للطاقة بالهند "أسمع عبارات مدوية من جميع الأطراف عن عزمهم على عدم السماح بانتكاسة إلى التراجع الذي خرجنا منه" مشيرا إلى فترة تراجع أسعار النفط في 2014 و2015 التي دفعت أوبك لخفض الإنتاج، وقال باركيندو "سيفعلون كل ما بوسعهم لضمان استدامة استقرار نسبي لما بعد 2020".
وفي أحدث تقاريرها الشهرية، خفضت أوبك توقعاتها للنمو الاقتصادي العالمي في 2020 إلى ثلاثة بالمئة من 3.1 بالمئة قائلة "يبدو أن من المرجح على نحو متزايد امتداد زخم تباطؤ النمو في الولايات المتحدة إلى 2020"، ويكبح ضعف الآفاق الاقتصادية أسعار النفط، إذ نزل برنت حوالي 22 بالمئة عن ذروته في 2019 عند 75.60 دولار للبرميل التي بلغها في 25 أبريل.
وقال باركيندو إن الحرب التجارية الأمريكية الصينية تؤثر على الاقتصاد العالمي والطلب على النفط، وتتزايد النظرة المتشائمة في الأسواق المالية حيال النمو العالمي، لكنه قال إن الهند لا تزال من أكبر محركات الطلب العالمي على النفط بنمو 127 ألف برميل يوميا.
خفض إنتاج النفط
اتفقت أوبك على خفض إنتاج النفط عبر مطالبة العراق ونيجيريا، عضوي المنظمة اللذين يزيد إنتاجهما عن المتفق عليه، بكبح الإنتاج ليتماشى مع الأهداف المحددة لهما مع سعي المنظمة جاهدة لمنع تكون تخمة في ظل ارتفاع الإنتاج الأمريكي وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وانخفضت أسعار النفط دون 60 دولارا للبرميل في الأسابيع الأخيرة من ذروة 2019 البالغة 75 دولارا، إذ طغت المخاوف من ركود عالمي على القلق من تراجع إمدادات إيران وفنزويلا اللتين تخضعان لعقوبات.
واجتمعت اللجنة المعنية بمراقبة السوق التي شكلتها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، فيما يعرف باسم مجموعة أوبك، في أبوظبي قبل بحثهم سياسة الإنتاج في فينا، وتجاوزت أوبك في المتوسط مستوى الالتزام بالتخفيضات البالغة 1.2 مليون برميل يوميا، في ظل انهيار صادرات إيران وفنزويلا بفعل العقوبات لكن بعض الأعضاء مثل نيجيريا والعراق يتجاوزون حصصهم المقررة في الاتفاق.
وتعهد العراق، ثاني أكبر منتج في أوبك، بخفض الإنتاج بمقدار 175 ألف برميل يوميا، بينما تعتزم نيجيريا تقليص الإمدادات 57 ألف برميل يوميا، وقال مصدران في أوبك إن تحسن الامتثال سيؤدي إلى خفض الإنتاج بما يزيد على 400 ألف برميل يوميا.
الإكوادور تنسحب من أوبك في 2020
قالت وزارة الطاقة الإكوادورية إن الإكوادور ستنسحب من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) اعتبارا من أول يناير كانون الثاني بسبب مشكلات مالية تحاول الإكوادور زيادة إنتاجها من النفط الخام في مسعى لتحقيق مزيد من الإيرادات ولم يلتزم البلد في مناسبات عديدة بحصة الإنتاج التي تحددها أوبك، وقالت الوزارة في بيان "يرجع القرار إلى قضايا وتحديات داخلية يجب على البلد أن تتعامل معها فيما يتعلق بالاستدامة المالية" لكنها لم تذكر تفاصيل أكثر.
وأضاف البيان "الإجراء ينسجم مع خطة الحكومة الوطنية لخفض الإنفاق العام وتوليد دخل جديد" تواجه الإكوادور، التي تقول إنها تنتج نحو 545 ألف برميل يوميا من النفط الخام، صعوبات جراء شح السيولة نظرا لاتساع العجز المالي والدين الخارجي الضخم.
وتوصلت الإكوادور إلى اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي بقيمة 4.2 مليار دولار مما أتاح لها تلقي شريحة فورية حجمها 652 مليون دولار، وفتح الباب أمامها للحصول على قروض أخرى بنحو ستة مليارات دولار من مؤسسات دولية أخرى، كانت الإكوادور انضمت لمنظمة أوبك، المؤلفة من 14 عضوا حاليا، في 2007، بعد أن انسحبت منها للمرة الأولى في 1992 وكان انضمامها الأول للمنظمة في 1973.
البرازيل: إنتاج يرتفع
يزيد إنتاج النفط سريعا في البرازيل من حقول بحرية وقد ارتفع 220 ألف برميل يوميا في إلى مستوى قياسي بلغ 3.1 مليون برميل يوميا، بحسب وكالة الطاقة الدولية، يجعل هذا من البرازيل ثالث أكبر منتج في أوبك بعد السعودية والعراق، إذ تضخ أكثر من عشرة بالمئة من الإنتاج الحالي للمنظمة، ووافقت السلطات البرازيلية على مشاركة 14 شركة في جولة عطاءات نفطية، من المتوقع أن يكون إجمالي مكافآت التوقيع فيها هو الأكبر حتى الآن، متجاوزا 25 مليار دولار، وفقا للهيئة المنظمة لقطاع النفط في البرازيل.
ومن المقرر إجراء ما يسمى بعطاء نقل الحقوق، ويتعلق بمنطقة من الساحل الشمالي الشرقي للبرازيل. ومن بين الشركات المشاركة عمالقة نفط عالميون إلى جانب شركة النفط الوطنية بتروبراس، والبرازيل منتج أكبر من الدول العدة التي غادرت أوبك أو انضمت إليها في السنوات الأخيرة. ونيجيريا، التي تضخ نحو مليوني برميل يوميا، هي أكبر منتج ينضم إلى المنظمة التي مقرها فيينا ويظل عضوا منذ ذلك الحين في 1971.