بول كروغمان: العالم بحاجة لقيادة قادرة على منع ركود اقتصادي جديد

وكالات

2019-02-14 05:51

دبي، 10 فبراير 2019: أكد بول كروغمان الخبير الاقتصادي الأمريكي الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد، عدم جدوى التكهنات بما يحمله المستقبل من أزمات وتحديات، مؤكداً أن الأجدر بالدول والمؤسسات وضع أسس رصينة لمنظومة اقتصادية تشكل شبكة أمان للمواطنين في حال حدوث الأسوء، مشيراً إلى أن شبكة الأمان هذه غير موجودة اليوم في مجمل الاقتصاد العالمي.

جاء ذلك، خلال جلسة حوارية بعنوان "ما هي الآفاق المستقبلية للتجارة الحرة" أدارها الإعلامي ريتشارد كويست من قناة سي إن إن، خلال أعمال اليوم الأول من القمة العالمية للحكومات.

وقال كروغمان: "يتغير منظور الإنسان مع مرور الزمن، والمعرفة التي نتحلى بها في مرحلة ما قد تتغير الحاجة إليها لاحقاً، ما يستدعي التزود بمعرفة جديدة والنظر إلى الأمور من منظار مختلف. ففي 2017، وجدنا أنفسنا أمام العديد من التحديات الجيوسياسية والتوعد بحروب تجارية لا نهاية لها، واليوم في عام 2019 اكتشفنا أن المخاوف التي ساورتنا حقيقية، لكنها ليست بالحجم الذي كنا نتخوف منه، فالعلاقة بين الولايات والمتحدة والصين لن تصل إلى ذلك السوء الذي كنا نتوقعه، كما أن التوجهات ضد المهاجرين ورفض اتفاقيات التجارة الحرة لم تصل إلى تلك المرحلة التي كنا نتخوف منها أن ينهار نموذج مجتمعنا معها".

وتطرق كروغمان إلى تصاعد النزعات الشعوبية لدى مختلف الدول كظاهرة اجتماعية جديدة نسبياً، وعزى هذا التوجه إلى الشعور العام لدى المجتمعات بالإحباط من جدوى القرارات الاقتصادية والسياسية التي يقوم بإصدارها مجموعة من المسؤولين والأكاديميين والخبراء الذين لا يشعر الناس نحوهم بأي صلة.

فالناس يتابعون اجتماعات التجارة العالمية ولكنهم لم يروا كيفية انعكاس تلك الاجتماعات على تحسين مستوى حياتهم، ولذلك انجر الكثير خلف الشعارات التي سادت في الفترة الماضية ولا تزال موجودة. وبطبيعتها، تتسم الخطابات الشعوبية بطرحها لحقائق معينة تداعب بها عقول وقلوب المواطنين، وتغلفها بطبقات من المعلومات المغلوطة والمضللة.

وقال كروغمان أن لذلك آثار كبيرة على سير التجارة العالمية وعلى وضع الاقتصاد العالمي، حيث قادت إلى إبطال أو إيقاف عدد من اتفاقيات التجارة الحرة العالمية، وحفزت شعور الانعزالية لدى الشعوب ما قاد إلى حدوث تباطؤ كبير في تطور مسيرة العولمة في العالم.

وأضاف أن وضع التجارة العالمية اليوم هو أقوى من المراحل السابقة لما اكتسبته من نضوج وقوة ومكنها من تجاوز الأزمات التي تعرضت لها خلال الفترة الماضية، ولذلك فإنه متفائل بأن انعكاس الإجراءات الحمائية على الشعوب ستقود الدول التي تتبناها من التوقف والعودة إلى اتباع قوانين التجارة الحرة. فعلى الرغم من أن ترمب مناهض للتجارة، ويريد سيادة التجارة المنصفة وليس التجارة الحرة، مع وجود مسؤولين من حوله يؤيدون هذا التوجه، إلا أنه لا يجوز له استخدام سلطاته في تغيير قوانين التجارة التي التزمت بها الولايات المتحدة منذ زمن بحجج تتعلق بالأمن القومي.

التكنولوجيا ليست تهديدا للوظائف

وحول دور التكنولوجيا الحديثة وأثرها على الاقتصاد العالمي قال كروغمان أنه يشك في قدرة التكنولوجيا على إلغاء العديد من الوظائف على نطاق واسع مثلما يدور الخطاب العام اليوم، مؤكدا أهمية التركيز على تقنية البلوكتشين ودورها في تغيير أنماط التجارة العالمية.

وأضاف: "لدي رسالة اقتصادية واحدة أود أن تصل إلى الجميع، إننا لا يمكننا معرفة ما الذي سيحدث مستقبلاً، وعلينا الاستعداد من اليوم في حال حصول أي شيء غير مقدر، إلا أن من يقود الاقتصاد العالمي اليوم ليسوا متخصصين وقد يتسببون بركود عالمي جديد مثلما حصل في 2008".

البلوك تشين محور اقتصاد المستقبل

وخلال جلسة حملت عنوان "تأثير التكنولوجيا والتعاملات الرقمية على مستقبل التجارة" قالت بيتينا واربيرغ، خبيرة البلوك تشين ومدير مؤسس في "أنيمال فينتشرز"، أن البلوك تشين من شأنه أن يشكل محور لاقتصاد المستقبل، فالتغييرات التي تحدثها هذه التكنولوجيا على سرعة التعاملات وزيادة مستوى الثقة بين طرفي العلاقة التجارية تسهم بإحداث طفرة في نطاق التجارة العالمية وسرعة وتيرتها، كما يتيح البلوك تشين للمتعاملين إمكانية إجراء عملية بيع وشراء من دون الاستعانة بوسيط.

وقالت: "بدأنا اليوم باستخدام التكنولوجيا الحديثة والمتمثلة بالتطبيقات الرقمية في إجراء تعاملاتنا التجارية مباشرة، وهذا هو الحال مع البلوك تشين، حيث سنبدأ بالاستعانة بهذه التقنية لتسهيل التجارة والتبادل التجاري. إلا أنه يجب إجراء تغييرات على ثقافة التجارة وقوانينها وإجراءاتها".

وأضافت: "من المزايا التي تتيحها تقنية البلوك تشين توفير سجل كامل لتعاملات الشخص الماضية، تختزلها شيفرة معينة تمثل هوية المتعامل، وما أن يضعها في العملية التجارية حتى يظهر للعيان سجله ومدى موثوقيتها. ولذا، علينا اليوم الاستثمار في العلوم التي تقود إلى إنشاء البنية التحتية اللازمة لتفعيل دور البلوكتشين في حياتنا".

وأشارت إلى أن البنية التحتية تنقسم إلى ثلاثة أنواع: البنية التحتية الجوهرية وهي القنوات والطاقات التخزينية للتعاملات، وهناك البنية التحتية الوسطى، وهي البروتوكلات والبرمجيات التي تقود العمليات عبر تقنية البلوكتشين، وأعلى الهرم لدينا التطبيقات الرقمية المعتمدة على البلوكتشين.

وحددت واربيرغ المجالات التي يمكن أن تشهد تطوراً غير مسبوق مع استخدام البلوك تشين وهي أتمتة التصنيع وقطاع اللوجستيات وأثرها على سلاسل التوريد والتصنيع ثلاثي الأبعاد والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، ولفتت إلى أن الخبراء والمتعاملين عليهم اليوم التفكير في طبيعة العلاقات الجديدة والناشئة بين المستهلك والمنتج والمزود، والتغيرات عليها مع دخول البلوك تشين.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا