مركز الفرات يناقش موازنة العام 2018 ومستقبل الاستدامة المالية

عصام حاكم

2017-12-10 03:59

 ناقش مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية يوم السبت الموافق الثاني من شهر كانون الاول-ديسمبر الجاري موضوعا، تحت عنوان (موازنة العام 2018 ومستقبل الاستدامة المالية)، في ملتقى النبأ الأسبوعي والذي ينعقد كل سبت صباحا في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، وذلك بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية.

وقد بين مدير الجلسة الباحث الأستاذ المساعد الدكتور حيدر ال طعمة "إن موازنة العام 2018 لا تختلف كثيرا عن الموازنات السابقة سوى في الارقام، لذلك اردنا أن نضيف بعداً مهماً وخطيراً لهذا الموضوع وهو بعد الاستدامة المالية، خاصة وأن الاستدامة المالية تعني (إن تكون الحكومة قادرة في المستقبل على تسديد ديونها وأن لا تبتعد النفقات كثيرا عن الايرادات)، وأن سبب مناقشتنا لهذا الموضوع يعود إلى أن مطلع العام (2017) تجاوز الدين العام بشقيه الداخلي والخارجي حاجز(110) مليار دولار، وهذا واقعاً مبلغ خطير جداً ونخشى على الاقتصاد العراقي من الانزلاق مجدداً في فخ المديونية، بعدما تخلصنا من جزء كبير من الدين بعد العام (2004) و(2005)، وتراكم هذه الديون هو نتيجة لعجز الايرادات النفطية عن تغطية النفقات الحكومية العالية".

"لذلك النفقات الحكومية تضخمت حين كانت الوفرة النفطية تتدفق بغزارة، لكن حين انحسرت الايرادات النفطية نلاحظ بأن الحكومة توجهت إلى الديون في تمويل الموازنة، وذلك نظراً لعدم قدرة الحكومة على رفع وتحفيز الايرادات غير النفطية، هذا يؤشر أن المستقبل المالي للدولة في خطر، لذلك هنالك مجموعة من الاجراءات يجب البدء بها لتدارك هذه المخاطر واهمها اقرار الموازنات العامة في اطار الاستدامة المالية، لأجل عدم الوقوع في فخ المديونية وما له من اثار اقتصادية خطيرة، وعلى هذا الاساس تم نشر نسخة جديدة من موازنة (2018) وبالتالي تم تحديد ارقام الموازنة بسبب انتعاش اسعار النفط، لذلك فالموازنة الجديدة بنيت على سعر (46) بدلاً عن (43) دولار، وبهذا ارتفعت الايرادات قليلاً وتم تقليص العجوزات".

"ومن ابرز الارقام في موازنة العام (2018) هو أن اجمالي النفقات كانت بمقدار(104) ترليون دينار، اما بالنسبة للنفقات التشغيلية الجارية كانت بمقدار(80) ترليون دينار، اما النفقات الاستثمارية كانت (24) ترليون دينار، وهذا يعني بأن (24%) من النفقات هي للشق الاستثماري، والمتبقي (76%) هو للشق التشغيلي أو الموازنة التشغيلية، اما فيما يخص الايرادات فكانت ايرادات النفط تمثل قرابة (77) ترليون دينار أي بنسبة (84%) من الموازنة، في حين في السنوات السابقة حينما كانت ايرادات النفط غزيرة كانت تمثل قرابة (90%) أو(95%)، ايضا بالنسبة للإيرادات غير النفطية كانت تمثل قرابة (14) ترليون دينار أي ما نسبته (16%) من الايرادات و(12%) من الموازنة، وهذا يعني باننا امام عجز قرابة (13) ترليون دينار، وبالتالي هذه المؤشرات تفصح عن عدت مؤشرات".

المؤشر الاول: لا زال الاعتماد على النفط ولا زالت الواردات النفطية تهيمن على الموازنة العامة بقرابة (85،4%).

المؤشر الثاني: العجز الواضح للحكومة في تحفيز الايرادات غير النفطية رغم اتخاذ مجموعة من السياسات.

المؤشر الثالث: لا زال التعويل على الديون الحكومية في تسديد العجز المخطط

 " وهذه الموازنة التي تم الاطلاع عليها بشكل كامل هي موازنة ليس كالسابق، ففي السنوات السابقة كانت الموازنة قرابة (150) صفحة وفيها تفاصيل كثيرة، لكن الموازنات في الوقت الحالي لا تتجاوز (25) صفحة، وذلك لان الحكومة غامضة في اجراءاتها وهي لا تريد أن تفصح عن كافة السياسات لكي يتم تمويل العجز الحكومي، أبرز ما تم رصده من خلال القراءة الاولية للموازنة العامة لعام (2018) هو وجود مجموعة من الافكار".

الفكرة الاولى: هو انه لا تختلف موازنة العام (2018) عن الموازنات السابقة سواء كان بالأرقام أو النسب.

 الفكرة الثانية: تفتقر الموازنة إلى وجود مقدمة وهذه مهمة جداً في كافة الموازنات في دول المنطقة على اقل تقدير، لتناقش من خلال ذلك اهداف وبرامج الموازنة وما هي السياسات التي ترغب فيها الحكومة، وهذا يعني هناك ضعف في تصميم الموازنة في إطار اقتصادي شامل.

الفكرة الثالثة: لم يتم ذكر كيفية التعامل مع حصة الشركات النفطية، وهذا ايضا امر خطير خصوصا وان مشكلة تكاليف الشركات النفطية برزت إلى الواجهة من جديد، وهذا الامر لم يتم تحديده الا في المادة (23)، وان لوزير المالية الصلاحية لإصدار سندات لصالح وزارة النفط قوامها (12) مليار دولار، لتغطية نفقات وزارة النفط وهو رقم صعب وضخم خصوصا في موازنة(2018) ونسبة لها.

"ايضا لم تبين الموازنة ما هي الايرادات غير النفطية المستحدثة، فقط كانت هناك اشارة للإيرادات غير النفطية، ولكن ما هي الايرادات غير النفطية وما هي الابواب لم يتم تحديدها بشكل مركز، امر اخر انه لا توجد روابط بين الموازنة العامة وبين السياسات العامة للدولة، فعلى سبيل المثال السياسة التجارية فيما يتعلق بالمنافذ والموانئ وغيرها، وايضا فيما يخص السياسة النقدية وسياسة البنك المركزي في انعاش الوضع الاقتصادي وفي تمويل الشركات وفي تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ايضا لا زالت مشكلة الانفاق العام قائمة من خلال ارتباط الانفاق العام بالإيرادات النفطية".

"ونحن نلاحظ في هذه الموازنة أن الايرادات النفطية مخصصة للنفقات التشغيلية، اما فيما يخص النفقات الاستثمارية فبالعادة يتم التضحية بها حين تخفق توقعات الحكومة فيما يخص الايرادات عن التحقق، لذلك كلما انخفضت الايرادات الحكومية عن ما هو مرصود يتم التضحية بالنفقات الاستثمارية، وعندها نلاحظ وجود الكثير من المشاريع العاطلة والتي هي بحاجة إلى القليل من المبالغ للاستمرار ولكن الحكومة لا تستطيع تمويل هذه المشاريع، ايضا لا يزال الغموض يكتنف اساليب تمويل العجز الحكومي، فليس هناك اليات محددة ويخشى ان يتم تمويل العجز كالسابق من خلال الاستعانة بالبنك المركزي وشراء حوالات الخزانة الحكومية".

"وهذا بطبيعة الحال يمس استقلالية البنك المركزي على اعتبار أن المادة (56) للعام (2004)، نصت على أن يكون البنك المركزي مستقلا وان لا يتدخل في موضوعة تمويل العجز الحكومي لما له ما اثار تضخميه مستقبلية، لكن يبدو ان الوضع الحالي والازمة المالية حتمت على الحكومة إلى توثيق روابط التنسيق والعلاقة مع البنك المركزي، ايضا هنالك نقص واضح في ركائز الحكم الرشيد في اعداد الموازنة، فعلى سبيل المثال (الشفافية/ المصداقية/ المشاركة) وهذا يؤدي الى ضعف المسؤولية واتخاذ قرار اعداد وتنفيذ الموازنة".

 "أي كان مطلوب من الحكومة القيام بندوات واستشارة العديد من الاقتصاديين، لأجل عرض مشروع الموازنة على جهات متعددة واستشارتها، كالأساتذة والمختصين والاعلام والاهتمام بالتقارير المختلفة قبل اقرار الموازنة، اهمها تقارير اعداد الموازنة للسنوات السابقة لرصد اوجه القوة واوجه الضعف، ايضا تقارير السنة المالية السابقة وايضا تقارير ما قبل الانتخابات في حالة اخر دورة انتخابية، وهذا التقرير معمول به في كل البلدان ولكن غيب في العراق، ايضا نلاحظ غياب اية مؤشرات اقتصادية كلية واهداف تسعى الحكومة لتحقيقها، كالمساهمة في الناتج المحلي أو تقليص نسب البطالة، بل بالعكس هناك اشارة إلى ايقاف التعيينات وعدم تجديد العقود الا في الحالات القصوى".

"ايضا هناك عدم اهتمام في جوانب مهمة تخص التنمية البشرية كالصحة والتعليم ولم ترصد لها المبالغ المطلوبة، بما يتلاءم مع حجم الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه البلد في الوقت الحالي، لذلك فان موازنة العام الحالي هي أكثر غموضا من موازنة العام السابق، واعتقد ان السبب في هذا الموضوع انه نحن في موسم انتخابات لذلك هناك تعتيم على هذا الموضوع".

{img_1}

ولمحاولة ربط هذه القواعد والأفكار والنظريات بما يجري على الواقع الاقتصادي العراقي اليوم نطرح السؤالين التاليين:

السؤال الاول: ما هي فرص اصلاح المالية العامة في العراق مع قرب الموسم الانتخابي؟

الدكتور حسين أحمد السرحان: ازمة الانفاق العام

- الدكتور حسين أحمد السرحان رئيس قسم الدراسات الدولية في مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية "ان موازنة (2018) هي الموازنة الاولى التي لن تسمح للأحزاب أن تستثمرها للدعاية الانتخابية، خاصة وأن اصلاح المالية العامة هو جزء من اصلاح السياسات العامة، وبالتالي لابد أن تتوفر رؤية اقتصادية في موضوعة السياسات الاقتصادية في الحكومة العراقية، والغريب في الامر أن هذه النظرة لا زالت غائبة لولا تدخل صندوق البنك الدولي من اجل اجراء بعض الاصلاحات الاقتصادية، علما أن الانفاق العام بعد (2003) كان هدفه سياسي وتم توسيع حركة التوظيف بشكل لافت، وبالتالي لم يتم وضع الاطر التشريعية المناسبة من اجل اصلاح السياسات الاقتصادية بفروعها الرئيسة، لذا فان واحدة من مفاصل اصلاح السياسات العامة هو يجب التركيز على الانفاق العام.

نعم هناك ترهل كبير فيما يخص الانفاق العام وهناك خطئ مستمر وهو موضوعة الايرادات غير النفطية، وبالتالي فان جزء كبيرا من الايرادات غير النفطية ترتبط بسيطرة الحكومة الاتحادية على كامل اقليمها، اليوم واحدة من هذه الارقام هي المنافذ الحدودية التي تقدر وارادتها(6) مليار دولار، لذا بالإمكان أن تفرض الدولة سيطرتها على جميع المنافذ الحكومية، ايضا الجانب الاخر هناك فوضى وتخبط في موضوعة ترشيد الانفاق العام، خصوصا وأن الانفاق العام يعتمد على الشق التشغيلي من الموازنة، لذلك فان بقاء الانفاق العام بهذه القناة الوحيدة هذه مشكلة اساسية، ايضا جاءت الموازنة بهذه الصفحات الصغيرة الامر مرهون بعدم وجود الشفافية".

حيدر الاجودي: الاصلاح الاقتصادي

- حيدر الاجودي باحث في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية "ان موضوع الاقتصاد العراقي ومنذ ثمانينات القرن الماضي وإلى يومنا هذا، نلاحظ هناك تفاوت كبير فيما بين ارتفاع وانخفاض في مسالة الاقتصاد العراقي، خاصة وأن هذا الاقتصاد شهد ارتفاع ملحوظ من جراء ارتفاع اسعار النفط، اما ما يخص الاصلاح الاقتصادي فهو منحصر بموضوعة النفط فقط وما عداها تواجه الحكومة العراقية صعوبة جمة على هذا الصعيد، خصوصا وأن القطاع الخاص يواجه العديد من المشاكل من مثل قوانين الاستثمار والفساد، ايضا الجانب الزراعي يواجه الكثير من المصاعب، وبالتالي فان الحكومة يصعب عليها مواجهة السياسات الاقتصادية بشيء من الاريحية، الشيء الاخر الاعتماد على النفط والغاز اكيد سياسة خاطئة ويجب تجاوزها إلى موارد اقتصادية اخرى".

حميد الهلالي: آفة الفساد

- حميد الهلالي باحث دكتوراة قانون دولي "يضع اشكاله الاول على اصدار القوانين في العراق الجديد، خاصة وان القوانين تصدر هنا في العراق بصورة فوقية وهذا العمل المقلوب غير جائز، فلابد أن يصدر القانون من القاعدة ثم يصل إلى مصدر القرار (مجلس النواب) حتى يأخذ بآراء السلطة التشريعية واراء الشعب، ايضا تشريعاتنا في العراق الجديد عادة ما تلاقي اعتراضاً وفي اغلب الاحيان هذه التشريعات ترد. الشيء الاخر أن الميزانية التشغيلية مبنية على اساس اعطاء الرواتب، ايضا احدى المعالجات المهمة هي الغاء الوزارات المترهلة او احالتها إلى التمويل الذاتي كالصحة والزراعة والصناعة. ايضا هناك قضية الرواتب التي يجب معالجتها خصوصا وان هناك موظفين يستلمون اكثر من راتب، الشيء الاخر هناك قوانين صدرت لدوافع سياسية كقانون رفحة وما شاكل، ايضا لدينا الكثير من الموظفين الفضائيين وايضا هناك اعداد كبيرة من منتسبي قوى الامن الداخلي الدولة ليست بحاجة لوجودهم، وبالتالي نحن لدينا خلل كبير ولا توجد لدينا فلسفة اقتصادية وهل نحن دولة اشتراكية ام رأسمالية ام نعمل بالمزاوجة بين القطاع العام والخاص، اخيرا نحن اذا لم نخلص من آفة الفساد لا يمكن ان نصنع موازنة ناجحة، إلى جانب ذلك نحن نعتمد على موارد واحد فقط وهو النفط".

قيصر حمد: ازمة الصحة

- قيصر حمد مهندس مشاور قانوني في دائرة صحة كربلاء، يرى في جانب تخصصه الصحي على اعتباره احد منتسبي وزارة الصحة العراقية "ان تلك الوزارة التي يخصص لها مبلغ معين من الموازنة العراقية حالها حال أي وزارة اخرى، وهذا الامر غير دقيق قياسا مع ما تقدمه تلك الوزارة من خدمات مهمة تمس الجانب الصحي للمواطن العراقي، إلى جانب ذلك فان تلك الوزارة عانت الكثير من المشاكل على صعيد تقديم الخدمات العلاجية للمواطنين بسبب عدم توفر الاموال اللازمة، الا ان القائمين على هذه الوزارة استوعبوا هذا الامر من خلال تشريع قانون التمويل الصحي، لكن هذا المشروع لا يسهم في تسديد ما تصرفه وزارة الصحة من ميزانيتها وانما يغطي نصف ما تقدمه من الخدمة، خاصة وان العائدات المالية التي تستحصلها وزارة الصحة من رسوم تذهب لوزارة المالية وليست إلى وزارة الصحة، رغم ان هذا القانون تم التعديل عليها مؤخرا. ايضا رواتب وزارة الصحة تم تقليص تحت حجة تسديد الرواتب من المستحقات المالية التي يتم استيفاءها من المرضى، بالتالي لابد أن تعمل وزارة الصحة على اذكاء قانون التمويل الذاتي، ناهيك عن ذلك أن التشريعات البرلمانية تعاني من الركاكة وهذا ما لمسناه من خلال حزمة التعديلات والاجراءات القانونية التي تطال أي تشريع وخلال فترة بسيطة".

عدنان الصالحي: الجانب الانتخابي

- الباحث عدنان الصالحي، مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية يرى "أن قانون الموازنة كالقوانين الاخرى لا يخلو من الجانب السياسي وهو لا يخلو ايضا من التجاذبات السياسية، اما بالنسبة للجانب العلمي والاقتصادي فهو يقع في المقام الثاني وليس الاول، بالتالي كل الاشكاليات التي تثار الان هي تصب في مجال حصة الاقليم لهذه السنة، وثانيا قضية اعمار المدن المحررة، خصوصا وأن التدخلات الخارجية تحث على عودة النازحين على امل مشاركتهم بالانتخابات القادمة وكي لا تكون تلك مسالة عنوان خلل في البرلمان القادم. وبالتالي ان الجانب الانتخابي سيطغى على الجانب الاقتصادي كون سيصبح عنوانا رئيسيا في الانتخابات وفي الحملات الدعائية، إلى جانب ذلك فان الاقتصاد العراقي تعرض إلى ضربات موجة، خاصة على مستوى الديون الخارجية فضلا عن حالة الاعتماد على النفط كمصدر اول ورئيسي، ايضا عدم وجود القطاع الزراعي والصناعي بالتالي هناك مثالب كبيرة، ولكن يمكن ان تكون الموازنتين القادمتين هي درء للمخاطر الاقتصادي التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، لذا فان الموازنة القادمة ستكون قريبة جدا من الخطاب الانتخاب دون تتلامس الجوانب الفنية والاقتصادية للواقع الاقتصادي".

الدكتور علاء الحسيني: التخلص من البيروقراطية

- الدكتور علاء ابراهيم الحسيني الباحث في مركز ادم يعتقد "ان فرص الاصلاح المالي في العراق تبدأ من اصلاح المنظومة المؤسساتية في العراق، فالقوانين سواء منها قانون الموازنة او غيرها تمر عبر هذه المؤسسات الرسمية وهي المؤسسة التنفيذية ثمة السلطة التشريعية، وان كان المشرع الدستوري افرد لمشروع الموازنة حكماً في المادة (68)، ووضع بعض القيود على سلطة البرلمان خصوصا فيما يتعلق بزيادة مجمل النفقات او تخفيض هذه النفقات او المناقلة بين الابواب، لكن ما نشير اليه أن فرص الاصلاح لابد أن تبدأ من الموازنة نفسها، خاصة وأن الموازنة هي عبارة عن خطة مستقبلية لإدارة المالية العامة لسنة قادمة، وهذه السنة سوف تمر فيها الدولة بمختلف الظروف. فهنا لابد أن يوكل موضوع وضع الخطة إلى اناس مختصين، ولكن المناكفات السياسية والتدخلات والمصالح الحزبية وغيرها، هي التي تعلب دوراً في وضع بعض الفقرات التي تنحو بالموازنة بعيدا عن مسار الاصلاح المالي، وبالتالي إذا ما أردنا اصلاح الوضع المالي في العراق فلابد أن نبدأ بإصلاح المؤسسات العامة، وبالتالي هذا الاجراء يحتم علينها تخليص المالية العامة من البيروقراطية ومن آفة الفساد، ايضا نحن في العراق لدينا الكثير من المشاكل التنظيمية في مسالة التشريع".

الشيخ مرتضى معاش: ارتجال اقتصادي

- الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام يعلق على سياسة الغموض وهل "هي تكتيكية ام استراتيجية ام تعني عدم العلم، كما ان مشكلتنا اليوم هي القطاع العام المترهل، وهذا هو المرض السرطاني المتأصل واذا لم نجد له حل فلن تحل مشاكل الاقتصاد العراقي، ايضا وجود البيروقراطية والتضخم الوظيفي فضلا عن ضعف القطاع الخاص، وبالتالي كل تلك الاشكاليات جعلت من المجتمع العراقي مجتمعا استهلاكيا وليس انتاجيا، فضلا عن ذلك الاقتصاد العراقي اليوم مشلول وهو غير قادر على تنمية القطاعات الصناعية والزراعية وحتى السياحية. لذا نحن اليوم نمر بحالة ارتجال اقتصادي وعدم الفهم، إلى جانب ذلك نحن لدينا ايضا ازمة تشريعات ونحن تطبعنا على الاقتصاد الريعي الاشتراكي".

الدكتور قحطان الحسيني: مسؤولية المواطن العراقي

- الدكتور قحطان الحسيني الباحث في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية يجد "ان الاقتصاد العراقي يمر بمشكلة حقيقية ومتأصلة وليس هناك في الافق القريب حل لتلك الازمة، والمواطن العراقي هو جزء من المشكلة باعتبار أنه يساهم في ايجاد مشاكل اضافية الى مشاكل الاقتصاد العراقي، فرفضه لكل القرارات التي تصدر من الحكومة بالتالي يضع تلك الحكومة في اوضاع صعبة، فهي من باب تكون مضطرة لتلك القرارات، فضلا عن ذلك المواطن ذاته هو من يخلق الذوق الاستهلاكي، ايضا لابد أن نبث روح جديد من اجل أن يتفاعل المواطن مع الحكومة، ويجب أن يعرف المواطن ايضا أن الحكومة عندما تصدر قرار ليس الهدف منه الانتقام منه، إلى جانب ذلك العراق لديه اوجه الصرف عديدة خاصة وأنه يخوض حرب وهي تحتاج إلى مبالغ طائلة للتمويل، ايضا هو يواجه الانخفاض الحاد في اسعار النفط، فضلا عن ذلك وجود آفة الفساد التي يعاني منها الواقع العراقي، وبالتالي على المواطن أن يتنازل عن بعض حقوقه خصوصا وأن الحكومة تواجه مشكلة حقيقية".

احمد جويد: مشكلة الفساد

- الحقوقي احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات يجد "ان الحكومة هي المسؤولة عن رسم السياسات الاقتصادية، ناهيك عن ذلك العراق دولة غنية ويمتلك اموال ضخمة ولا يحتاج إلى القروض لكنه مشكلته الوحيد هو الفساد، وبالتالي اغلب الاموال لا تدار داخل العراق بل تهرب إلى الخارج، وهذه مشكلة أن تستنزف اموالك على ابسط السلع الاستهلاكية او لغسيل الاموال او لتهريب الاموال، بالتالي هذا يضع الدولة امام وضع مالي حرج جدا، فضلا عن ذلك الموازنة العامة وفي ظل تلك الظروف من الطبيعي انها تبتعد عن الجانب المهني وتكون قريبة من الجانب الدعائي للانتخابات. ايضا هناك ثمة سؤال يدور في فلك القروض التي تؤخذ من صندوق النقد الدولي او البنك الدولي رغم أن تلك المبالغ قليلة جدا قياسا وميزانية العراق".

{img_2}

 السؤال الثاني: ما هي الخيارات المتاحة لتقليص العجز المالي الحكومي والحد من تراكم الدين العام في العراق؟

- الدكتور حسين احمد السرحان "ان جوانب تمويل العجز تميل نحو تنويع الموارد غير النفطية، ايضا المشكلة الاكبر انه لا يوجد سعي بهذا الاتجاه الى حد الان، لكننا قد نستبشر خيرا في الموازنات القادمة وفيما لو حصل تحول نحو الموارد غير النفطية، إلى جانب ذلك الكثير من الموارد غير النفطية ترتبط بقوة الدولة وسيطرتها على الاداء المؤسساتي، لذلك فالأداء المؤسساتي إذا بقي بهذه الفوضى وهذا التخبط حقيقة ستبقى الحكومات القادمة بنفس المأزق".

- عدنان الصالحي "ان اصلاح الموازنة لا يتم فقط عن طريق تقليص الانفاق العام، بل ما يمكن ضبطه من جباية اجور وصرف النفقات، وبالتالي أن جزء كبير من تخريب القوانين الاقتصادية يجري على ايد المجالس المحلية، ففي كربلاء مثلا هناك وفرة سكانية تفوق العدد المسجل وبالتالي تلك الزيادة السكانية تحتاج لمجموعة من الخدمات التي تفوق قدرة المحافظة كالكهرباء والماء والخدمات الصحية والبلدية والتعليمية، ولابد من انضاج حالة الجباية الرسمية لأجور الماء والكهرباء وهي غير متحققة الان فعلا، وأن نطبق القوانين على الجميع بالتساوي وان ندرس القوانين دراسة علمية وبعيدا عن تدخل الدعاية الانتخابية".

- حميد الهلالي "الشعب العراق تعود على ثقافة الرفض وان هناك ثقافة سلبية بين الحكومة والمواطن، والمشكلة أن غالبية قوانين الدولة العراقية هي تمر من خلال ثقافة الصدمة، وبالتالي لابد على الدولة أن تعيد حساباتها من خلال تهيئة الوضع العامة ومحاولة افهام الرأي العام الشعبي مسار الخطوات التي تقدم عليها الدولة، وللخلاص من العجز الحكومي لابد من التخلص اولا من الترهل الحكومي الموجود، ايضا هناك الكثير من المؤسسات من الممكن ان تمول نفسها ذاتياً، وبالتالي لابد على الدولة ان تعيد حساباتها في مجال التضخم الوظيفي الموجود في الدولة العراقية، ناهيك عن كمية ومقدار الرواتب التي تعطي للعاملين في القطاع الحكومي".

- قيصر حمد "أدعو إلى التخلص من الفلسفة الاقتصادية المعمول بها في العراق وهي احادية الجانب، ومحاولة الاتجاه نحو الاستثمار في القطاع الصحي والتعليمي والزراعي شريطة ان تكون هناك دراسة موضوعية، ايضا على الدولة ان تنتج جهازا رقابيا فعالا فضلا عن سن العديد من التشريعات التي تخدم القطاع الخاص".

- الدكتور علاء ابراهيم الحسيني "الرؤية في العراق لا تزال غير واضحة حتى عند طبقة النخبة، اما ما يخص الخصخصة والمعارضة الشعبية التي تواجهها اليوم، خاصة وان الحكومة اليوم تحمل الشعب العراقي تبعات الفشل في الاداء الحكومي، فأية خصخصة هذه التي اعتمدت عليها الحكومة خاصة وان المسالة متعلقة فقط بجباية اجور الكهرباء وليست في الانتاج، ايضا لابد التخلص من الهيئات الزائدة. اخيرا ان اصلاح الوضع المالي والاقتصادي في العراق يبدأ من الاخذ بثلاث ركائز وهي لا مركزية سياسية لا مركزية ادارية لا مركزية مالية، بالتالي نحن نحتاج إلى خطة انقاذ وطني".

- الشيخ مرتضى معاش "مكافحة الفساد تتم من خلال اصلاح القطاع العام، لذا فاللامركزية وايضا الاستثمار هما الحل المثالي والانسب، ايضا العجز يتم السيطرة عليه من خلال الاستثمار وهو يحتاج ايضا الى تشريع قوي داعم للاستثمار، وبالتالي هذه الخطوة ستشجع القريب والبعيد على الاستثمار في العراق وتشجع كذلك على تحريك الاموال المكتنزة".

- قحطان الحسيني "الواقع العراقي فوضى عارمة في كل المجالات، وهذه الفوضى بحاجة إلى الاصلاح الذي يبدأ من القضاء، ايضا الاصلاح الاخر لابد ان يطال المؤسسات الامنية التنفيذية، وبالتالي بدون اصلاح تلك القطاعات لا يمكن اصلاح للواقع العراقي، الشيء الاخر لابد ان تجاوز حالة الركوب المجاني التي يعيشها المواطن العراقي".

- احمد جويد "الاصلاح لابد ان يبدأ تدريجيا خاصة وان المواطن اليوم يحتاج الى الكثير من الاساسيات الحياتية، بالتالي على الطبقة الحاكمة ان تراعي هذا الجانب وان تعي مسؤوليتها الحقيقية في خدمة المواطن بالدرجة الاساس".

{img_3}

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا