بوينغ وايرباص: من يكسب حرب الطائرات في باريس؟
إيهاب علي النواب
2017-07-12 05:00
فتح الاتحاد الأوروبي، فصلاً جديدًا من النزاع التجاري المستمر مع الولايات المتحدة بشأن دعم صناعة الطائرات لدى الجانبين، حيث تقدم باستئناف على قرار منظمة التجارة العالمية برفض أغلب الشكاوى الجديدة التي قدمها الاتحاد الأوروبي ضد الدعم الذي تحصل عليه شركة صناعة الطائرات الأمريكية "بوينج" من الحكومة الأمريكية، ويشكو الاتحاد الأوروبي من عدم قيام الولايات المتحدة بإلغاء العديد من أشكال الدعم غير المشروع لشركة بوينج، وفقا لحكم صادر عن منظمة التجارة العالمية عام 2012، وذلك على حساب شركة صناعة الطائرات الأوروبية "أيرباص".
وفي حكمها الصادر في وقت سابق من الشهر الحالي في مدينة جنيف السويسرية، ذكرت منظمة التجارة العالمية إنها اكتشفت أن شكلا واحدا فقط من أشكال الدعم المشكو منها، وهي الخفض الضريبي الذي تقدمه ولاية واشنطن الأمريكية لشركة "بوينج" هو الذي مازال قائما وتذكر "إيرباص" أنها خسرت عقودا محتملة بقيمة 100 مليار دولار تقريبا لصالح منافستها "بوينج" بسبب الدعم الحكومي متعدد الأشكال، يذكر أن النزاع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن دعم شركتي صناعة الطائرات "بوينج " و"أيرباص" يعود إلى 2004، ومن المتوقع استمراره في المستقبل، وأسفر النزاع عن العديد من أحكام منظمة التجارة العالمية التي اعتبرت العديد من أشكال الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لأيرباص والولايات المتحدة لبوينج، ينتهك قواعد التجارة الحرة، وبحسب المنظمة فإن شركة "أيرباص" الأوروبية لصناعة الطائرات التي تنافس "بوينج" فشلت في إثبات أن أشكال الدعم الحكومي الأخرى التي تحصل عليها بوينج مثل عقود الأبحاث والتطوير مع وزارة الدفاع الأمريكية، أضرت بنشاط الشركة الأوروبية.
بوينج ترفع توقعاتها للطلب على الطائرات في 20 عاما إلى 6 تريليونات دولار
رفعت بوينج توقعاتها للعشرين عاما القادمة لتسليمات طائرات الركاب والشحن الجوي بنسبة 4 بالمئة رغم أن المسؤولين التنفيذيين في أكبر معرض للطيران في العالم في باريس يتوقعون هدوء الطلب هذا العام عن مستوياته المرتفعة جدا مؤخرا، واستمرت شركة صناعة الطائرات الأمريكية في تلقي طلبات في معرض باريس لشراء النسخة الجديدة من طائرتها الأفضل مبيعا 737 التي أطلقتها يوم الاثنين وسط سيل من الصفقات، وعلى سبيل المثال، ذكرت أفييشن كابيتال جروب (إيه.سي.جي)، وهي شركة لتأجير الطائرات، إنها تقدمت بطلب لشراء 20 طائرة من النسخة الجديدة 737 ماكس 10 بقيمة إجمالية 2.5 مليار دولار بالأسعار المعلنة، لكن محللين يتوقعون أن ينخفض الطلب على الطائرات في معرض باريس للطيران، ويستمر حتى 25 يونيو حزيران، عن السنوات الماضية وقلصت بعض شركات الطيران الموظفين والضيافة في المعرض.
ورغم ذلك، وعلى المدى الطويل، ترى بوينج أن القطاع سيكون في وضع قوي متوقعة تسليم 41 ألفا و30 طائرة تزيد قيمتها عن ستة تريليونات دولار على مدى العشرين عاما القادمة، ارتفاعا من 39 ألفا و620 طائرة في توقعاتها قبل عام، وتتضمن توقعات بوينج زيادة 5 بالمئة في العشرين عاما القادمة في تسليمات الطائرات ذات الممشى الواحد مثل عائلتي بوينج 737 وإيرباص A320 التي تدر أعلى الإيرادات لأكبر شركتين لصناعة الطائرات في العالموتتوقع بوينج الآن تسليم 29 ألفا و530 طائرة من فئة الطائرات المتوسطة المدى ذات الممشى الواحد وهي شائعة الاستخدام لدى شركات الطيران منخفض التكلفة.
وأعلنت أفولون لتأجير الطائرات عن اتفاق مبدئي لشراء 75 طائرة بوينج 737 ماكس 10 بقيمة 8.4 مليار دولار بالأسعار المعلنة وقالت إنها ستلقي "نظرة فاحصة" على طلبيات محتملة لتلك الطائرات، وفي تلك الأثناء، اتفقت إيرباص على صفقة مبدئية بقيمة خمسة مليارات دولار مع شركة الطيران المنخفض التكلفة فيفا إير بيرو لبيع 50 طائرة A320، ويشهد السفر بالطائرات صعودا حادا بقيادة الاقتصادات الناشئة حيث يبدو أن الصين ستحل محل أمريكا الشمالية كأكبر سوق للنقل في العالم في الأعوام القادمة، لكن النمو الاقتصادي للصين يتباطأ، رغم أنه يبقى فوق 6 بالمئة سنويا. وخفضت بوينج توقعاتها للعشرين عاما القادمة لمتوسط نمو عدد المسافرين جوا حول العالم إلى 4.7 بالمئة من 4.8 بالمئة، واتخذت إيرباص خطوة مماثلة في توقعاتها للعشرين عاما القادمة التي نشرتها في وقت سابق هذا الشهر رغم أنها رفعت توقعاتها لإجمالي التسليمات 6 بالمئة عن العام الماضي إلى 34 ألفا و899 طائرة.
وحسابات بوينج أعلى بشكل عام لأسباب من بينها أنها تحسب الطائرات ذات 90 مقعدا أو أكثر بينما تبدأ حسابات إيرباص عند الطائرات ذات المئة مقعد، ومع هدوء الطلب على الطائرات الجديدة، تتوقع شركات صناعة الطائرات فرصا أكبر في مجال خدمات الطيران، وتتوقع بوينج أن تلك السوق قد تبلغ قيمتها 8.5 تريليون دولار على مدى عشرين عاما وتشهد نموا قدره 4 بالمئة في المتوسط سنويا، وأطلقت إيرباص منصة خدمات رقمية ذكرت إنها تتضمن بيانات لمساعدة شركات الطيران على تحسين الصيانة وخفض استهلاك الوقود وزيادة كفاءة المسارات، كما تتوقع بوينج أن يبلغ الطلب على طائرات الشحن الجوي 920 طائرة بانخفاض قدره 1 بالمئة عن توقعاتها السابقة. وفي الوقت الحاضر، فإن جزءا كبيرا من البضائع المنقولة جوا ينقل داخل مخازن البضائع في طائرات الركاب عريضة البدن وليس في طائرات مخصصة بالكامل للشحن.
أيرباص تتوقع نمو سوق طائرات الركاب في الاعوام العشرين المقبلة
علنت شركة ايرباص انها تتوقع ان ينمو سوق طائرات الركاب الكبيرة بأكثر من الضعف في الاعوام العشرين المقبلة، مدفوعا بنمو الاسواق الآسيوية، ورفعت الشركة الأوروبية من توقعاتها للعقدين المقبلين، معتبرة ان التباطؤ في الطلبات في الأشهر القليلة السابقة لم يؤشر الى هبوط في السوق، ورفعت الشركة من توقعاتها مقارنة بالعام الماضي، اذ انها تتوقع ان تصل حاجة السوق الى 35,000 طائرة جديدة بقيمة 5,3 تريليون دولار في العقدين المقبلين، وتظهر الأرقام مع استعداد أقطاب صناعة الطيران لمعرض باريس الجوي هذا الشهر، زيادة 6% بعدد الطائرات مقارنة بتوقعات العام الماضي وزيادة 2% في القيمة، وبحسب توقعات ايرباص التي نشرت الجمعة فان عدد الطائرات ما فوق المئة راكب يجب ان يصل الى 40,000 طائرة، بينما ستزيد الحركة الجوية بنسبة 4,4% في العام خلال هذه الفترة، وهذا يعني خلق مئات آلاف الوظائف الجديدة، كما تقول الشركة التي تقدر الحاجة الى 530,0000 طيار جديد و 550,000 مهندس صيانة.
وسيبلغ نمو الأسواق الناشئة في الصين والهند وأماكن أخرى في آسيا وأميركا اللاتينية ضعفي ما هو عليه في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية، وتشمل توقعات ايرباص لتسليمات الطائرات في عشرين سنة 733 طائرة شحن وتزيد عن التوقعات قبل عام البالغة 33 ألفا و70 طائرة، وستقود الطلب الطائرات الضيقة البدن مثل ايرباص A320 نيو أو بوينج 737 ماكس التي تتوقع ايرباص تسليم 24 ألفا و807 طائرات منها بقيمة 2.4 تريليون دولار بدعم من شركات الطيران المنخفض التكلفة، وجدد مسؤولو ايرباص التأكيد على استهداف تسليم أكثر من 700 طائرة في 2017 لكنهم بينوا إن هدفا أعلى يتجاوز 720 طائرة تحدث عنه المدير المالي قابل للتحقيق أيضا.
تنافس حاد بين بوينغ وإيرباص
يشهد أكبر معرض للطيران في العالم في باريس منافسة حادة على عقود البيع بين بوينغ وإيرباص ومناسبة للقادمين الجدد لاقتناص الفرص التي يؤمنها هذا الحدث في لوبورجيه، وطائرات الرحلات القصيرة والمتوسطة ذات الممر الواحد هي الأكثر مبيعا في قطاع صناعة الطيران المدني حيث الطلب على إيرباص ايه320 يسمح للشركة الاوروبية بالتفوق حتى الان على منافستها الاميركية التي تسعى الى العودة بقوة الى هذه الفئة من القطاع، ويبدو ان الاحتكار الثنائي للسوق لن يدوم طويلا، حيث تلوح اجواء المنافسة في الافق ولا سيما من روسيا والصين اللتين اجرتا اختبارات على طرازات من صنعهما لطائرات الرحلات المتوسطة، وستعرض شركة بوييغ طائراتها "737 ماكس 9" لاستخدامها "سلاحا مضادا لشركة إيرباص في شريحة من السوق تشكل أحد العوامل الرئيسية فيه، القدرة على "حشر" مقاعد إضافية في مقصورة ضيقة والاقتصاد في الاستهلاك المتزايد للوقود لمسافات أكبر.
وتعتبر طائرات إيرباص ايه 321 نيو الأكبر في فئة الرحلات العائلية المتوسطة، وهو يتسع الى 236 مقعدا في نسخة مخصصة للرحلات الاقتصادية، وتعول شركات الطيران المنخفضة الكلفة على هذا الطراز "لاقتحام" أجواء خطوط الطيران العابرة للاطلسي، وتأتي طائرات "737 ماكس 10" في المرتبة التالية على جدول بوينغ لمنافسة هذه القدرات، بطائرة أقل وزنا وسعرا، بحسب الصانع الأميركي، واكتملت اختبارات الطيران الخاصة بهذا الطراز وبوينغ الآن في خضم التفاوض مع زبائنها بشأن طلب شراء "ماكس 10"، وستعرض إيرباص نماذجها الجديدة لفئة الممر الطويل "ايه 350-1000". كما ستعرض بوينغ طائراتها "787-10 دريملاينر" فيما ستعرض انطونوف الأوكرانية "132 دي".
ورغم انه من غير المتوقع ان تناهز طلبات الشراء عتبة 130 مليار دولار التي سجلت في المعرض الأخير - غالبيتها بفضل ارتفاع طلبات الشراء لدى بوينغ وإيرباص - الا ان القطاع يبدي تفاؤلا بتسجيل نمو مستدام على المدى الطويل، ومن المتوقع أن يستقطب معرض باريس للطيران في لوبورجيه حيث يقام مرة كل سنتين 150 ألف زائر من خبراء القطاع من أكثر من 2370 شركة. وسيستمر حتى 25 حزيران/يونيو، كذلك من المتوقع ان يستقطب المعرض حوالى 200 ألف زائر غالبيتهم سيأتون لمشاهدة العروض المذهلة للمعدات الحربية والطائرات المقاتلة الأسرع من الصوت.
من جهة أخرى بدأت "ايرباص" ببناء أول مصنع لتجميع الطائرات المروحية في الصين حيث تخطط الشركة الاوروبية العملاقة لانتاج 18 طائرة عمودية كل عام بانتظار ان تفتح الصين قريبا مجالها الجوي للطائرات المنخفضة الارتفاع، وتعاني الصين حاليا من نقص في المروحيات المدنية للاستخدامات الطبية العاجلة وغيرها بسبب سيطرة الجيش القوية على المجال الجوي، وستكون أول مروحية جاهزة للتسليم في منتصف عام 2019، بحسب ما أفاد رئيس شركة "ايرباص هليكوبترز" المتفرعة عن شركة "ايرباص" الاوروبية، غيوم فور، خلال مراسم وضع الحجر الأساس للمصنع، والمصنع سيكون الأول لصانع طائرات مروحية أجنبي على الأراضي الصينية وسيتم تشغيله بشكل مشترك من قبل "ايرباص هليكوبترز" و"شركة تشينغدوا المتحدة العامة للطيران"، ولدى "ايرباص" كذلك مصنع آخر لتجميع قطع الطائرات في مدينة تينجين في شمال شرق البلاد، افتتح عام 2008.