سوء ادارة الايرادات النفطية في العراق بعد 2003
حامد عبد الحسين الجبوري
2023-03-04 05:09
رغم امتلاك العراق ثروة نفطية كبيرة إلا إنه وبسبب سوء ادارة هذه الثروة، خصوصاً بعد عام 2003؛ لازال يعاني من التعثر في مسيرته التنموية.
كيف يمكن قياس سوء ادارة الثروة النفطية في العراق خصوصاً بعد عام 2003؟
يُمكن ذلك من خلال البيانات المتعلقة بحجم الايرادات النفطية من جانب وعدد السكان من جانب ثانٍ ونصيب الفرد من تلك الايرادات من جانب ثالث والنسبة والتناسب من جانب رابع.
اولاً: حجم الايرادات النفطية قبل وبعد 2003
حيث بلغ حجم الايرادات النفطية 1.332 تريليون دولار أمريكي حصل عليها العراق منذُ تأسيس منظمة أوبك عام 1960 وحتى عام 2021.
وعند تقسيم هذا المبلغ حسب ما قبل وما بعد 2003 سنجد الفرق واضح من حيث ضخامة الايرادات مع مفارقة المدة الزمنية.
في الوقت الذي بلغ حجم الايرادات النفطية قبل عام 2003 (278.250) مليار دولار منُ عام 1960 وحتى عام 2003 أي خلال 43 سنة.
بلغ حجم الايرادات النفطية ما بعد 2003(1.054) تريليون دولار من عام 2004 وحتى عام 2021 أي خلال 18 سنة فقط.
على الرغم من صغر المدة الزمنية بعد عام 2003 (18 سنة) إلا إن العراق حقق خلالها ايرادات ضخمة جداً تعادل ما يُقارب أربعة اضعاف الايرادات النفطية التي تحققت ما قبل عام 2003 التي تطول مدتها 43 سنة (ما يُقارب ضعفين ونصف المدة الزمنية لما بعد 2003).
ثانياً: متوسط عدد السكان للمدتين قبل وبعد 2003
بصرف النظر عن الاسباب التي كانت وراء ارتفاع الايرادات النفطية، قد تُطرح إشكالية النسبة والتناسب بين الايرادات النفطية وعدد السكان وبالتالي لا يمكن القول ان ادارة الايرادات النفطية كانت سيئة!
بمعنى ان زيادة الايرادات النفطية رافقها زيادة في عدد السكان وبالتالي فالزيادة في الايرادات النفطية ذهبت للزيادة في عدد السكان ولا يُمكن الحكم بسوء ادارة الايرادات النفطية!
هذه الاشكاليّة إشكالية منطقية بحكم ان عدد السكان ارتفع بشكل كبير من 15 مليون نسمة في المتوسط للمدة الزمنية لما قبل 2003 (43 سنة) إلى 34 مليون نسمة في المتوسط للمدة الزمنية لما بعد 2003 (18 سنة) ولكنها غير واقعية بحكم ان الايرادات النفطية زادت بشكل أكبر من زيادة عدد السكان كما موضح في النفطة رابعاً أدناه.
ثالثاً: متوسط نصيب الفرد من الايرادات النفطية للمدتين قبل وبعد 2003
كما ان نصيب الفرد من الايرادات النفطية بعد 2003 بلغ 1772 دولار في المتوسط لمدة 18 سنة وهو أكبر من نصيب الفرد من الايرادات النفطية قبل 2003 والذي بلغ 431 دولار في المتوسط لمدة 43 سنة.
وهنا تجب الإشارة إلى ان الايرادات النفطية لم يتم توزيعها بشكل مباشر على المواطنين في العراق بل يتم توزيعها بشكل غير مباشر من خلال الموازنة العامة التي تعتمد على النفط بحدود 90% عبر الانفاق العام بشقيه الجاري الذي يشكل 70% والاستثماري الذي يشكل 30% من الانفاق العام.
رابعاً: النسبة والتناسب بين الايرادات النفطية وعدد السكان
ففي الوقت الذي ازداد عدد السكان بنسبة 1.26% ما بعد 2003 ازدادت الايرادات النفطية بنسبة 2.8% ما بعد 2003.
بمعنى ان الايرادات النفطية ما بعد عام 2003 ازدادت تقريباً ثلاثة أضعاف الايرادات النفطية التي تحققت ما قبل عام 2003، وان عدد السكان ازداد أقل من مرة ونصف بعد عام 2003 عن قبله، وهذا ما يُنفد الاشكالية السابقة الموضحة في النقطة ثانياً.
بعد العرض أعلاه، اتضح الاتي:
1- ان حجم الايرادات النفطية لمدة 18 سنة بعد 2003 هي أكبر من الايرادات النفطية لمدة 43 سنة قبل عام 2003.
2- كما ان متوسط نصيب الفرد من الايرادات النفطية لمدة 18 سنة بعد عام 2003 هي 1772 دولار وهو أكبر من متوسط نصيب الفرد من الايرادات النفطية لمدة 43 سنة قبل عام 2003 البالغ 431 دولار.
3- ان نسبة الايرادات النفطية تزداد بشكل أكبر من زيادة عدد السكان ما بعد 2003 حسب المتوسطات لكل من الايرادات النفطية وعدد السكان.
وإلى جانب زيادة حجم الايرادات النفطية وزيادة نصيب الفرد منها وزيادة الايرادات النفطية بشكل أكبر من الزيادة في عدد السكان، نلاحظ تردي الخدمات كماً ونوعاً وفشل الاقتصاد في توفير فرص العمل وزيادة البطالة والفقر وغيرها من المؤشرات السلبية، لذلك لم يبقى مجالاً للشك في ان ادارة الثروة النفطية ادارة سيئة بامتياز يجب إعادة النظر فيها لأجل الخلاص من آثارها السيئة، ويمكن القول ان الخطوات الاولى تبدأ بالآتي:
اولاً: ربط الثروة النفطية بالمواطنين لأنهم هم الملاك الحقيقين لها لا الدولة.
ثانياً: اقتصار دور الدولة على الاشراف والتنظيم لعملية ايصال الثروة النفطية لمالكيها الحقيقين وفق الطريقة المناسبة.
ثالثاً: خلق مناخ محفز لقيام المواطنين باستثمار أموالهم المتأتية من النفط في الاقتصاد العراقي بدلاً من هروبها للخارج.