مصر بين سندان التضخم ومطرقة صندوق النقد الدولي

وكالات

2022-09-19 06:37

يسود ترقب في مصر لحدوث انخفاض جديد في سعر صرف الجنيه أمام الدولار، في ظل فجوة النقد الأجنبي التي تواجهها مصر منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، التي أدت إلى خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة من الأسواق الناشئة، منها مصر، وارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميًا.

وفي مواجهة تراجع احتياطيها من العملات الصعبة، وجدت مصر حلا يتمثل بخفض إضاءة الساحات العامة في البلاد في إطار إجراءات لترشيد الطاقة محليا وتصديرها، بينما يصر خبراء اقتصاد على أنه لا مفر من قرض من صندوق النقد الدولي لتجاوز الأزمة.

فقد واصل معدل التضخم في مصر مساره التصاعدي خلال شهر أغسطس/ آب، ليسجل التضخم السنوي في المدن 14.6% - وهو أعلى مستوى في 4 سنوات - نتيجة زيادة أسعار السلع الغذائية. وتوقع خبراء أن يواصل التضخم تصاعده خلال الشهور المتبقية من عام 2022، متأثرًا بانخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتداعيات التضخم العالمي، كما توقعوا أن يؤثر على قرار لجنة السياسات بالبنك المركزي هذا الشهر، وقد تتخذ قرارًا بزيادة سعر الفائدة 100 نقطة أساس على الأقل.

وبلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 131.7 نقطة خلال الشهر الماضي، مُسجلًا زيادة قدرها 0.5% عن يوليو/ تموز. وسجّل معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية 15.3% لشهر أغسطس/ آب 2022 مقابل 6.4% خلال الشهر المماثل من العام الماضي، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

أرجع منصف مرسي، الرئيس المشارك لإدارة البحوث ببنك الاستثمار سي آي كابيتال، أسباب ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى عدة أسباب أبرزها حركة سعر صرف الجنيه أمام الدولار التي أدت إلى زيادة التضخم. ثانيًا، تحريك أسعار المواد البترولية ومنها السولار للمرة الأولى منذ شهور. وثالثًا تأثيرات التضخم العالمي وأثره على الاقتصاد المحلي وتداعياته على التضخم، حيث مازالت مصر تواجه صدى هذا التأثير حتى الآن.

في يوليو/ تموز، رفعت الحكومة المصرية أسعار المنتجات البترولية بقيمة تتراوح بين 50 قرشًا (0.02 دولار) إلى جنيه (0.05 دولار)، وتضمنت الأسعار الجديدة زيادة سعر السولار بقيمة 50 قرشًا للمرة الأولى منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

وتوقع "منصف"، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، استمرار معدل التضخم في مساره التصاعدي خلال الشهور المتبقية من العام الجاري، على أن يسجل متوسط يتراوح بين 15 إلى 16% خلال الربع الأخير من العام، استنادًا إلى الأسباب السابقة، إضافة إلى توقعات تحرك سعر صرف الجنيه أمام الدولار.

كما توقع الرئيس المشارك لإدارة بحوث بنك الاستثمار سي آي كابيتال، أن تؤثر زيادة معدل التضخم على اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي خلال الشهر الجاري، وأن يتخذ قرارًا بزيادة سعر الفائدة، مضيفًا: "أعتقد أن يراعي البنك المركزي بشكل كبير مستوى التضخم في اجتماعه المقبل لتحديد الفائدة، خاصة أن معدل التضخم أعلى من مستهدف المركزي، ولذا فإن الأقرب زيادة سعر الفائدة بنسبة 1-1.5% حال استمرار التضخم عند نفس المستويات".

وتعقد لجنة السياسات بالبنك المركزي المصري، سادس اجتماع لها خلال عام 2022 في 22 سبتمبر/ أيلول الجاري، بعد قرارها بتثبيت الفائدة خلال آخر اجتماعين.

وقالت منى بدير، الخبيرة الاقتصادية، إن قراءة معدل التضخم السنوي في مصر جاءت متسقة مع التوقعات، حيث يعكس التغيرات في سعر صرف الجنيه، وأسعار السلع العالمية، بالإضافة على تغيرات مرتبطة بسنة الأساس. أما التضخم الشهري، فقد جاء مرتفعًا بنسبة طفيفة نتيجة حالة استقرار الأسواق، وترقبها للزيادات في سعر الصرف، بحسب بدير.

وانخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بنسبة تجاوزت 20% منذ مارس/ آذار الماضي، وسجّل 19.28 جنيهًا للشراء، و19.38 جنيهًا للبيع، في البنك المركزي المصري.

وتوقعت "بدير" أن يسجل معدل التضخم خلال أكتوبر/ تشرين الأول المقبل أعلى مستوى له خلال 2022، ليعكس موسم دخول المدارس، الذي قد يؤثر على زيادة التضخم، مؤكدة أن ديناميكية التضخم في اتجاه تصاعدي طالما ظلت الضغوط على سعر الصرف، مُرجحة أن يتراوح متوسط معدل التضخم بين 15-16% خلال الربع الأخير من العام الجاري.

وقالت إنه على الرغم من انخفاض أسعار السلع الغذائية عالميًا، إلا أن تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار والتغيرات المرتقبة في سعر الصرف مازالت تؤثر على ارتفاع الأسعار.

واتفقت منى بدير مع "منصف" بشأن توقع اتجاه لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي لزيادة سعر الفائدة بنسبة 1% على الأقل في اجتماع الشهر الجاري، في ظل القراءة المرتفعة لتضخم شهر أغسطس، وتثبيت "المركزي" لسعر الفائدة في آخر اجتماع رغم زيادة الفيدرالي الأمريكي للفائدة.

وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية إن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه بزيادة الدعم الاستثنائي على بطاقات التموين إلى 300 جنيه (15.62 دولار) بدلا من 100 جنيه.

كما أمر السيسي بضخ 32 مليار جنيه لمنظومة دعم الخبز.

مصر تخفض إنارة شوارعها وميادينها

وتشهد مصر حاليا مرحلة حرجة في ما يتعلق بالسياسات المالية، إذ إنها تحاول من جهة ضبط ارتفاع الأسعار بعد أن وصل معدل التضخم السنوي إلى نحو 15 بالمئة، وتسعى من جهة أخرى إلى توفير النقد الأجنبي للخروج من نفق تبعات الحرب الروسية الأوكرانية.

في الوقت نفسه، تتفاوض مصر حاليا مع صندوق النقد الدولي من أجل قرض جديد لدعم البلد الذي تصل فيه نسبة الفقر إلى نحو 30% من مجمل السكان الذي يتجاوز عددهم ال103 ملايين نسمة.

وفي مواجهة تراجع احتياطيها من العملات الصعبة، وجدت مصر حلا يتمثل بخفض إضاءة الساحات العامة في البلاد في إطار إجراءات لترشيد الطاقة محليا وتصديرها، بينما يصر خبراء اقتصاد على أنه لا مفر من قرض من صندوق النقد الدولي لتجاوز الأزمة.

واتخذت مصر في الواقع إجراءات عدة تتوقع أن يسمح تطبيقها بتوفير القطع، بدءا بتخفيض قيمة الجنيه في آذار/مارس الماضي بنحو 17% أمام الورقة الخضراء ليتجاوز سعر بيع العملة الأميركية 18 جنيها آنذاك.

كما وافقت الحكومة، بحسب بيان رسمي مؤخرا على مشروع قرار لترشيد استهلاك الكهرباء بما في ذلك "تخفيض إنارة الشوارع والميادين العمومية"، من أجل توفير كميات من الغاز الطبيعي "لتصديرها".

وقال شاب مصري ثلاثيني لوكالة فرانس برس طالبا عم كشف هويته "أرى أعمدة الانارة في الشوارع تعمل نهارا (...) ونحن نعاني ارتفاع أسعار الكهرباء، أولى أن يبحثوا (الحكومة) عن من يسرق الكهرباء ونسدد نحن بدلا منه".

يرى المحاضر في الجامعة الأميركية في القاهرة والاقتصادي المصري هاني جنينة أن الحكومة المصرية تحتاج خلال الشهر المقبل ونصف الشهر إلى القيام بـ"اجراءات اصلاحية قاسية نتجرع منها جرعة سريعة في الأمد القصير حتى نتمكن من توفير الدولار"، على رأسها تحرير سعر الصرف بشكل كامل.

وبعد أشار إلى أن "المشكلة تكمن في السياسة (النقدية) نفسها"، قال جنينة لفرانس برس إنه "من الأسباب الكلاسيكية لتعرض بعض الدول الناشئة لأزمات اقتصادية تثبيت سعر الصرف بشكل وهمي".

وأوضح أن ذلك "يشجع (المقترض الحكومي) على الاقتراض من الخارج ما يعرض البلد إلى مأزق حال طلب السداد".

وتابع جنينة " منذ الاسبوع الماضي وهناك نقص حاد في توفير الدولار للمستوردين من قبل البنوك في مختلف القطاعات"، معتبرا أن الحل يكمن في "تسريع وتيرة التفاوض مع صندوق النقد".

وكانت مصر حصلت سابقا على قرض قيمته 12 مليار دولار من الصندوق بموجب اتفاق تم توقيعه نهاية 2016، وقرضين آخرين في 2020 بقيمة 5,4 مليارات دولار لتطبيق برنامج اقتصادي و2,8 مليار دولار لمواجهة وباء كوفيد-19.

وكتبت شركة "كابيتال ايكونوميكس" للأبحاث في لندن في تقرير أن "طول أمد المحادثات مع صندوق النقد يدل على أن بعض المسؤولين يترددون في متابعة مطالبه ويفضلون الاعتماد على الدعم المقدم من اقتصادات الخليج الغنية بالنفط".

تصدير الغاز

وأعلنت مصر أعلنت في 2018 تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي خصوصا بعد دخول حقل ظهر العملاق على خريطة الانتاج، ليصل معدل الانتاج إلى قرابة سبعة مليارات قدم مكعب يوميا.

لذلك يبدو هذا القطاع واعدا في إطار الجهود لتجاوز الأزمة.

وأوضحت الحكومة في بيانها حول ترشيد استهلاك الكهرباء أن الهدف هو "تحقيق فائض إضافي متوسطه نحو 15 بالمئة من حجم الغاز الطبيعي الذي يضخ لمحطات الكهرباء، على مدار العام (...) بغرض تصديره والاستفادة من العملة الصعبة".

وشددت على "تخفيض إنارة الشوارع والميادين العمومية" وعلى رأسها ميدان التحرير والذي بلغت كلفة اضاءته أثناء تطويره حوالى ستين مليون جنيه (حوالى أربعة ملايين دولار).

وتفيد بيانات البنك المركزي المصري بأن قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي ارتفعت إلى 5,6 مليارات دولار في الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر 2021 وآذار/مارس الماضي.

ووقعت مصر في حزيران/يونيو مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم تهدف الى تصدير الغاز إلى أوروبا، في محاولة لإيجاد بدائل للطاقة الروسية.

ومقابل التدابير الحكومية للاصلاح، قد يدفع ضريبة ذلك محدودو الدخل في البلاد.

لذلك وجّه السيسي في 26 تموز/يوليو بتطبيق حزمة اجراءات للدعم الاجتماعي بينها "مساعدات استثنائية لتسعة ملايين أسرة لمدة ستة شهور قادمة، بتكلفة إجمالية حوالى مليار جنيه شهريا (نحو 52 مليون دولار)"، كما ورد في بيان للرئاسة المصرية.

وفي هذا السياق، تساءل محمود الصعيدي بائع الفاكهة المتجول في شوارع محافظة الجيزة عن كيفية التعايش مع ظروف والغلاء في ظل كسبه البسيط.

وقال البائع الأربعيني الأب لأربعة أطفال، لفرانس برس "أعود إلى قريتي وعائلتي في الصعيد كل أربعين أو خمسين من العمل في الجيزة ومعي فقط حوالى 600 جنيه (31,3 دولار) متبقية من الربح (...) ماذا يفعلون؟".

خلف جديد للبنك المركزي

من جهة اخرى قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي تعيين المصرفي المعروف حسن عبد الله والذي كان عضوا بأمانة سياسات الحزب الوطني المنحل في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، قائما بأعمال محافظ البنك المركزي خلفا لطارق عامر الذي عين مستشارا للرئيس.

لم تعرف أسباب رحيل عامر رسميا لكن بعض وسائل الإعلام المحلية ذكرت أن أحد الأسباب هو "عدم التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي".

ويرى جنينة أن "خلاف وجهات النظر داخل الحكومة مبني على سرعة تنفيذ الاجراءات، ولكن هناك اتفاق على المستهدفات"، مشيرا إلى أن صندوق النقد قد يطلب تطبيقا عاجلا في بعض الملفات مثل الدعم وسعر الصرف، بينما تفضل الحكومة القيام بذلك تدريجيا.

ويرى الاقتصادي في "كابيتال إيكونوميكس" جيمس سوانستون أن قيمة "العملة المصرية بحاجة إلى أن تخفض مرة أخرى ليبلغ سعر الدولار 25 جنيها بنهاية 2024 (...) لتجنب التعرض لاختلالات خارجية" أي نقص النقد الأجنبي.

وأضاف في حديث لفرانس برس أن ذلك "يتطلب من صانعي السياسة التمسك بهذا التغيير".

ويتوقع سوانستون أن يمهل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مصر "فترة راحة من بعض الضغوط الخارجية وسيسمح خصوصا بطمأنة المستثمرين، ويفترض أن يساهم في جذب الاستثمار مرة أخرى".

وتفيد بيانات المصرف المركزي بأن مصر شهدت خروج 14,6 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في الأشهر الثلاثة الأولى من العام "ما يعكس قلق المستثمرين على أثر اندلاع الصراع الروسي الأوكراني"، كما يقول.

مع ذلك، أعلنت وزارة التخطيط المصرية الاسبوع الماضي تحقيق معدل نمو اقتصادي للعام المالي 2021/22 نسبته 6,6 بالمئة "مدفوعا بطفرة نمو محققة في التسعة شهور الأولى"، قبل أن يبدأ ظهور انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية. وكان نسبة النمو بلغت في العام المالي الذي سبقه 3,3 بالمئة.

ويواجه القائم بأعمال محافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله مهمة شاقة في الوقت الذي يحاول فيه إصلاح اقتصاد تضرر بفعل تقييم العملة بأعلى من قيمتها الحقيقية وارتفاع التضخم واستنزاف غالبية ما لدى النظام المصرفي من نقد أجنبي.

واختار الرئيس عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي عبد الله للمنصب بعد استقالة المحافظ السابق طارق عامر المفاجئة قبل ما يزيد قليلا عن عام على انتهاء فترة ولايته التي مدتها أربع سنوات.

وشغل عبد الله منصب العضو المنتدب للبنك العربي الأفريقي الدولي في القاهرة من 2002 إلى 2018. وكان عضوا في مجلس إدارة البنك المركزي وترأس اللجنة الاقتصادية للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك.

وفي 2004، ساعد عبد الله في تمهيد الطريق لسوق العملات بين البنوك في إطار إصلاحات تضمنت أيضا خفض ضريبة الدخل إلى 20 بالمئة وخفض معظم الرسوم الجمركية إلى 20 بالمئة.

تراجع العملة

سيتعين على عبد الله الآن البت في مسألة خفض قيمة العملة، والجدول الزمني لتنفيذ ذلك إذا كان هناك خفض بالفعل.

وقال رجال أعمال إن مساعي عامر لدعم الجنيه المصري تضمنت فرض قيود على رأس المال قوضت الواردات التي يُنظر إليها على أنها غير أساسية، وقيدت مدخلات الإنتاج للمصانع وأعاقت تحويل الشركات والمسافرين للعملات الأجنبية إلى الخارج.

ويقول مصرفيون إن العملات الأجنبية اختفت إلى حد كبير في الأشهر القليلة الماضية من سوق المعاملات بين البنوك.

وقال هشام عز العرب رئيس مجلس الإدارة السابق للبنك التجاري الدولي، أكبر بنك خاص في مصر، والذي تم الإعلان عن تعيينه مستشارا للقائم بأعمال المحافظ إنه يتوقع أن تكون خطوات عبد الله تجاه ضبط قيمة العملة أسرع بكثير، مضيفا أنه لا يتوقع خفضا مفاجئا كالذي تبناه عامر، وإنما وتيرة أسرع.

وستكون الأدوات المتاحة أمام البنك المركزي محدودة. فالحرب في أوكرانيا، التي أحدثت هزات عالميا، أضعفت الاستثمارات في محفظة الأوراق المالية والسياحة كما رفعت تكاليف استيراد السلع.

وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن العام المنتهي في 30 يونيو حزيران شهد خروج نقد أجنبي بأكثر من 35 مليار دولار من البنك المركزي والنظام المصرفي، مع تحول صافي الأصول الأجنبية لتسجيل سالب 370.1 مليار جنيه مصري من 251.7 مليار جنيه.

واستنزف عجز ميزان المعاملات الجارية 5.79 مليار دولار من الاقتصاد في الربع الأول فقط من 2022.

وتضرر الكثير من سكان مصر البالغ عددهم 103 ملايين نسمة من إجراءات تقشف منذ اتفاق بقيمة 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي في 2016. ويبلغ معدل التضخم السنوي الآن 13.6 بالمئة، وهي أسرع وتيرة له منذ مارس آذار 2019.

وبدأت مصر محادثات في مارس آذار للحصول على قرض جديد من صندوق النقد، لكن الصندوق قال الشهر الماضي إنه لا يزال ينبغي للقاهرة إحراز "تقدم حاسم" على صعيد الإصلاحات المالية والهيكلية.

وقدمت دول خليجية استثمارات وودائع بعشرات المليارات من الدولارات لدعم مصر منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير شباط الذي أجج موجة تضخم في الاقتصاد العالمي. ومن المتوقع أن تقدم تلك الدول المزيد لمساعدة القاهرة في التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وفي الشهر الجاري، قامت الحكومة المصرية بإطفاء الأنوار في ميدان التحرير بالقاهرة وأمرت المتاجر والمراكز التجارية بإيقاف أجهزة التكييف لتوفير الغاز الذي يمكن تصديره بالعملة الأجنبية.

وتراجع سعر الجنيه الرسمي إلى نحو 19.15 للدولار من 15.80 في مارس آذار. وعلى الرغم من الحملة على السوق السوداء، يقول مصرفيون إن العملة الأمريكية تباع بنحو 20 جنيها فيها، وتتراوح بين 21 و25 جنيها بين العملاء الأكبر.

وقال جيمس سوانستون من كابيتال إيكونوميكس إنه ينبغي خفض قيمة الجنيه بنسبة 24 بالمئة أخرى.

وقال "نعتقد أن العملة بحاجة إلى مزيد من الانخفاض، وأنها ينبغي أن تنخفض إلى مستوى 25 مقابل الدولار بحلول نهاية 2024. السيناريو المثالي أن يكون هذا خفضا تدريجيا محكوما للجنيه لتجنب التخفيضات الحادة في قيمة العملة التي يمكن أن تكون أكثر ضررا".

ويبدو أن خفض قيمة العملة وبيع أصول حكومية من الشروط الأساسية للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي. وتعهدت مصر هذا العام ببيع أصول مملوكة للدولة بعشرة مليارات دولار سنويا على مدى السنوات الأربع المقبلة.

وقال وزير المالية محمد معيط في نهاية الشهر الماضي إن المحادثات أحرزت "تقدما جيدا جدا".

وبعد الخروج من أسوأ ركود نجم عن فيروس كورونا، تعرض الاقتصاد المصري لضربة جديدة نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث سحب المستثمرون مليارات الدولارات من سوق سندات الخزانة وارتفعت أسعار السلع الأساسية.

وقال جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي، يوم السبت إنه تم تضييق الفجوة في النقد الأجنبي في مصر بسبب قرارات البنك المركزي بشأن لوائح الاستيراد. واستبعد أي تخفيض كبير في قيمة العملة في القريب العاجل.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي