احْـظُـروا العملات الرقمية المشفرة الآن
بروجيكت سنديكيت
2022-02-13 06:37
بقلم: ويليم بويتر
نيويورك ــ طرأ على سعر البتيكوين تحولا جامحا آخر، حيث ارتفع من 41 ألف دولار تقريبا في التاسع والعشرين من سبتمبر/أيلول 2021 إلى 69 ألف دولار في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قبل أن يهبط إلى 35 ألف دولار تقريبا في الثالث والعشرين من يناير/كانون الثاني. هذا هو ثاني أكبر انخفاض في قيمته المطلقة، وإن كان عانى من انخفاضات أكبر بالنسبة المئوية، كما حدث خلال الفترة من الخامس عشر من ديسمبر/كانون الأول 2017 إلى الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول 2018، عندما هبطت قيمته بنسبة 83.8%. على نطاق أوسع، قُـدِّرَت قيمة سوق العملات الرقمية المشفرة (التي تضم نحو 12278 عُـملة معدنية) بنحو 3.3 تريليون دولار في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قبل أن تنخفض بشدة إلى 1.75 تريليون دولار اعتبارا من الثلاثين من يناير/كانون الثاني.
عُـملة البيتكوين عبارة عن أصل رقمي خاص يقوم على تكنولوجيا دفتر الأستاذ الموزع المعروفة باسم "سلسلة الكتلة"، وهي تستخدم كعملة رقمية لا مركزية ــ نظام نقدي إلكتروني من نظير إلى نظير. ولأنها بلا قيمة جوهرية، فإن تقييمها السوقي (بالدولار الأميركي) ليس أكثر من فقاعة.
إذا كنت ممن دخلوا هذه السوق في مرحلة مبكرة و"تمسكت بها وكأن حياتك تعتمد عليها" ــ كان سعر البيتكوين 327 دولارا في العشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 2015 ــ فهذا يعني أنك حققت مكسبا رأسماليا قدره 11521.5 دولارا في الثلاثين من يناير/كانون الثاني. ولكن برغم أن قيمة البيتكوين قد ترتفع إلى 200 ألف دولار بحلول نهاية هذا الشهر، فإنها قد لا تساوي شيئا. فهي بلا مرساة.
إذا حققت عملة البيتكوين، من خلال تقارب عشوائي لعوامل عشوائية، تقييما إيجابيا عند نقطة ما من الزمن، فمن المفترض أن تكون تقييمات الأصول مدفوعة بشرط المراجحة الذي يتطلب أن تكون العوائد المعدلة حسب المخاطر على الأصول المختلفة متساوية. ولأن الصِـفر تقييم محتمل دائما لعملة البيتكوين، فيمكننا أن نتوقع تقلبات جائحة في أسعارها.
صحيح أن ذات الأمر ينطبق على تقييم النقود الورقية التي تصدرها البنوك المركزية. ورغم أن استخدامها في سداد الضرائب ووضعها كعملة قانونية يمنحها ميزة فوق العملات الرقمية المشفرة، فإن علم الاقتصاد يعجز عن تحديد القيمة السوقية لهذه المسؤولية التي تقع على عاتق البنوك المركزية. إن افتقار هذه العملة إلى قيمة جوهرية يجعلها قابلة للتحويل بحرية إلى نفسها فقط. ورغم أن المرء قد يفترض وجود دالة طلب حسنة لأرصدة الأموال الحقيقية، فإن هذا يرقى إلى افتراض عدم وجود مشكلة في الأساس.
وليس من المفيد أن نفترض بدلا من ذلك أن المخزون الحقيقي من النقود الورقية لدى البنوك المركزية يقدم خدمات إنتاجية غير محددة أو استخدامات غامضة للأسر. كان أفضل ما أتت به الاجتهادات في علم الاقتصاد هو افتراض مفاده أن المقايضة الفعالة مستحيلة، وبالتالي فإن النقود الورقية ضرورية لتنفيذ المعاملات الأساسية، مثل مشتريات المستهلكين.
ولكن حتى لو تمكنا من الدفع بطلب حقيقي على أرصدة نقود حقيقية إلى خارج عالم النقود الورقية التي تفتقر إلى قيمة جوهرية، فإن تحديد سعر النقود (عكس مستوى السعر العام للسلع والخدمات) سيظل أمرا مُـعضِـلا، لأن عالم الأسعار المرنة سيشتمل دوما على توازنات متعددة.
لنفترض على سبيل المثال أن مخزون النقود الاسمي (إجمالي المعروض من العملة في الاقتصاد) وكل العوامل الأخرى ذات الصلة ظلت ثابتة. حتى في ظل هذه الظروف المبسطة، لا يوجد ما قد يفيد في تحديد القيمة الأولية لمستوى السعر. هناك دوما توازن بسعر الصفر للنقود (مما يعني مستوى أسعار عام غير محدود). علاوة على ذلك، في الظروف الأولية المختلفة، قد تنشأ فقاعات تضخمية عقلانية أو فقاعات انكماشية، أو دورات للحدود، أو سلوك فوضوي. هناك أيضا توازن "أساسي" فريد حيث يكون سعر النقود موجبا وثابتا. أخيرا، من الممكن أيضا أن تكون التحولات العشوائية بين التوازنات المختلفة بمثابة توازن في حد ذاتها. ومع السلوك غير العقلاني والأسواق غير الفعالة، يزداد مجال الاضطرابات في السوق.
يؤكد علم الاقتصاد النيوكلاسيكي أن الـغَـلَبة تكون للتوازن "الأساسي"، في حين يتجنب علم الاقتصاد الكينزي معضلة التوازن المتعدد بالإصرار على أن مستوى السعر العام ليس سعرا مرنا للأصول مدفوعا بالمراجحة. بل هو بدلا من ذلك مستوى لزج أو جامد. يعين التاريخ قيمة أولية لمستوى الأسعار العام، والذي يجري تحديثه بعد ذلك بمعادلة تضخم ديناميكية مثل منحنى فيليبس (الذي يؤكد وجود علاقة عكسية مستقرة بين التضخم والبطالة). هذا النهج ليس رائعا، ولكن يمكنني التعايش معه.
عندما يكون للعملة الورقية التي يصدرها بنك مركزي قيمة، فإن هذا ينطبق أيضا على الأصول الخاصة التي يُـتوقع بقدر كبير من الثقة أن تكون قابلة للتحويل إلى نقود يصدرها بنك مركزي عند الطلب وبسعر ثابت (مثل ودائع البنوك التجارية). ويعمل التأمين على الودائع الحكومية على تعزيز هذه الثقة حتى عندما تكون معظم الأصول التي تحتفظ بها البنوك غير سائلة.
على النقيض من ذلك، تُـعَـد العملات الرقمية المستقرة ــ عملات رقمية يفترض أنها قابلة للتحويل إلى دولارات عند الطلب بسعر ثابت ــ فعليا ودائع بدون تأمين. وعندما ــ وحيثما ــ تُـقـبَـل، فيمكنها أن تعمل على تسهيل المدفوعات الرقمية. لكنها تنطوي على مخاطر حتى لو كانت الأصول المحتفظ بها مقابلها ذات قيمة جوهرية. وإذا استُـثــمِـرَت العائدات من إصدار عملة مستقرة في أصول رقمية مشفرة عديمة القيمة جوهريا، فمن المحتم أن تتحدى الأسواق استقرار هذه العملة المستقرة.
من الصعب فهم الشعبية التي تتمتع بها عملات رقمية مشفرة محفوفة بالمخاطر بدرجة مذهلة ولا قيمة لها جوهريا، وقريبا قد تخضع ثقة المشترين في قدرة سلسلة الكتل على الحفاظ على سجل غير قبل للتغيير للمعاملات للاختبار بوصول الحوسبة الكمية، مما يخلق المزيد من المخاطر. علاوة على ذلك، تصبح كمية الطاقة المستهلكة من خلال دفاتر الأستاذ الموزعة لإثبات العمل ــ مثل سلسلة كتل البيتكوين ــ أكثر ضخامة مع كل معاملة، مما يؤكد على رجاحة الحجة لصالح تسعير الكربون المناسب، أو في حال فشل ذلك، فرض ضريبة على تعدين العملات الرقمية المشفرة.
أخيرا، يثير عدم الكشف عن الهوية والمتاح لحاملي العملات الرقمية المشفرة مخاوف جدية بشأن الاستخدامات غير القانونية للأموال، بما في ذلك التهرب الضريبي، وغسل الأموال، وإخفاء العائدات من هجمات برامج الفدية وغير ذلك من الجرائم السيبرانية، وتمويل الإرهاب. لقد أصبحت القضية شديدة الإلحاح ــ وقد لا يكون التنظيم كافيا.