الفقر المطلق والحاجات الاساسية

حاتم حميد محسن

2020-03-04 04:20

في عام 1971 حصل كوزنيت (Kuznets) على جائزة نوبل في الاقتصاد لبحوثه في التنمية الاقتصادية. واهم ما جاء في عمله هو استنتاجه حول حجم توزيع الدخل.

لقد خصص كوزنيت المزيد من الجهد نحو قياس وتوضيح الاختلاف في توزيع الدخل في مختلف الدول والاوقات، حيث توصل من دراسته للتجارب التاريخية للدول النامية حاليا الى ان النمو الاقتصادي يؤدي الى زيادة عدم المساواة في الدخل كلما انخفض الدخل الفردي، بينما تقل عدم المساواة في المستويات المتوسطة والعالية من الدخل. وهذا يقود الى ماسمي بفرضية شكل المقص (U) للتوزيع. وفي عام 1976 قام (Montek Ahluwalia) بدراسة اكدت استنتاجات كوزنيت. حصة الدخل لأفقر 40% من مستلمي الدخل كانت منخفضة ثم ارتفعت مع زيادة الناتج المحلي الاجمالي لكل فرد، بينما حصة الدخل لأغنى 20% من مستلمي الدخول ذهبت في الاتجاه المعاكس.

قام مونتيك بمناقشة اسباب العلاقات بين عدم المساواة والدخل القومي الاجمالي لكل فرد التي أظهرها شكل المقص للتوزيع، فقد بيّن ان اسباب تلك تعود لعدد من التغيرات الهيكلية. حيث حدثت تغيرات هيكلية كبيرة تمثلت بالتحول السكاني من القطاع التقليدي البطيء النمو والقليل الدخل، الى القطاع الحديث السريع النمو والعالي الدخل. وبمعنى آخر، لم يعد هناك تقاسما عادلا في الدخل. فالقليل حصلوا على أعلى الدخول. والقطاع الحديث يميل ليعرض المزيد من التفاوت ضمن القطاع ذاته قياسا بما يعرضه القطاع التقليدي، ومع نمو القطاع الحديث، تزداد حدة التفاوت مقارنة بالقطاع التقليدي. وطوال السبعينات ولاحقا كان الرأي التقليدي المقبول في اقتصاديات التنمية هي ان شكل المقص للتوزيع يلخص بدقة العلاقات المتوقعة بمرور الزمن بين التوزيع والتنمية في العالم النامي. في المراحل الاولى للنمو يزداد التفاوت ثم بعد ذلك يبقى بلا تغيير لفترة قبل ان يهبط في المراحل اللاحقة للنمو.

اما في فترة الثمانينات وما تلاها أوضحت التحليلات وجود اشارات ملتبسة واحيانا متناقضة. الاحصاءات الاخيرة اشارت الى وجود تباين كبير في توزيع الدخل بين الدول النامية، والقليل من هذا التباين كان يمكن فهمه عبر شكل المقص للتوزيع.

اما التوضيحات الهامة لزيادة اللامساواة (بصرف النظر عن منحنى U لمستوى الدخل الفردي) جرى عرضها من جانب كل من بابانك (papanek) و كن (Kyn) عام 1986. فقد حلّلا بيانات مستعرضة من 83 دولة. لقد اضيفت مجموعة من المتغيرات الى منحني كوزينت وتم التوصل الى الاستنتاجات التالية:

1- نسبة النمو: حيث لم يبدو لها اي تأثير على توزيع الدخل.

2- الصادرات الاولية: نتائج التحليل تدعم جزئيا فكرة ان الدولة التي تضع كل ثقلها في تصدير السلع الاولية سوف تخلق القليل من المساواة في توزيع الدخل.

3- الصادرات المصنعة: نسبة عالية من صادرات التصنيع لم يكن لها تأثير كبير على المساواة، رغم الفكرة الشائعة بان السلع المصنعة وبعمالة مكثفة تقود الى العدالة في توزيع الدخل.

4- تدخّل الحكومة: في الاقتصاديات الاشتراكية يقود تدخل الدولة الى تأثير قوي في توزيع الدخل. والدليل من اوربا الشرقية أشار الى وجود توزيع عادل للدخل نتيجة لتدخّل الدولة. اما في الاقتصاديات المختلطة لا يوجد هناك اي دليل بحصول اي تأثير من تدخل الدولة على توزيع الدخول بين الافراد.

5- التعليم: عندما تُقاس نسبة المسجلين في المدارس، فان التعليم يرتبط بقوة بتوزيع الدخل، التسجيل في المدارس الثانوية له علاقة متزامنة مع المزيد من العدالة في توزيع الدخل.

6- الهيكل السوسيوسياسي المزدوج: حينما يكون في الدولة تركيب ثنائي تسيطر فيه النخبة المحسوبة على فئة اثنية او جماعة عرقية معينة فان توزيع الدخل يصبح غير عادل.

ان الدراسات الحدّية مع انها تؤكد وبدرجة محدودة جدا على منحنى كوزينت، هي تبيّن ان فرضية المنحني U تعرض فقط جزءا صغيرا من التفاوت في الدخل الذي يُلاحظ في الدراسات المستعرضة. بالاضافة الى ذلك يوجد هناك مصدران آخران للشك بين الاقتصاديين حول استعمال بيانات المقطع المستعرض من الدول النامية كي تدعم العلاقات الطويلة الأجل المشتقة من قبل كوزينت عن التجربة التاريخية للدول المتطورة.

الاول: اعتقد كوزينت ان الدول النامية سوف لن تتمكن ببساطة من استنساخ التجربة التاريخية للدول المتطورة حاليا. فمثلا هو لاحظ النسبة العالية للنمو السكاني في الدول النامية اليوم عكس التجربة التاريخية للدول المتطورة حاليا. فالنمو السكاني هو عامل مؤثر جدا في نسبة التوفير وتوزيع الدخل.

ثانيا، يتفق كوزينت مع شكوك الاقتصاديين الحاليين حول استعمال البيانات للتوصل الى استنتاجات حول الميول التاريخية. المقارنات بين الدول تقترح ان الدول يمكن مقارنتها مباشرة من حيث الحجم والتركيب والمواصفات التاريخية وغيرها، وان تلك الدول سوف تمتد على طول منحني (U) بطريقة يمكن التنبؤ بها. الا اننا لا نستطيع افتراض ان بلدا ناميا سوف يتبع نفس مسار التنمية للبلد الآخر، أي ان تنزانيا الفقيرة تتحول الى مكسيكو الغنية.

الفقر المطلق

ان منحني (U) للتوزيع يتعامل مع التفاوت النسبي وليس مع الفقر المطلق. وهناك رأي قوي يرى ان الاهتمام الرئيسي في سياسة التنمية يجب ان يُوجّه نحو الفقراء، وهم الافراد الذين تهبط دخولهم الى ما دون خط الفقر. ان الفقر المطلق هو الحالة التي يكون فيها دخل رب الاسرة دون المستوى الضروري للحفاظ على متطلبات المعيشة الاساسية (طعام، وقاء، سكن). اما الشخص الفقير نسبيا فهو الذي يستلم دخل اقل بـ 50% من الدخل الوسطي median income. (الدخل الوسطي يشير الى المستوى الذي يقع في منتصف التوزيع وحيث نصف عدد ارباب الاسر في منطقة جغرافية يستلمون اكثر من ذلك المستوى بينما النصف الاخر يستلمون دخل اقل). ومن حيث مفهوم خط الفقر فقد اُستعمل كمرشد دقيق للفقر عبر الدول، وجرى بالأصل تحديده بدولار واحد باليوم. وفي عام 2015 أعاد البنك الدولي صياغة خط الفقر ورفعه الى 1.90 دولار يوميا (باعتماد اسعار صرف القوة الشرائية).هناك بعض المشاكل المتعلقة بمفهوم خط الفقر منها:

اولا: هل الدخل هو أحسن القياسات المتوفرة للفقر، حيث بالإمكان استعمال مؤشرات غير نقدية للفقر مثل عدد السعرات الحرارية او عدد المسجلين في المدارس او عدد سنوات الحياة المتوقعة او نسبة الوفيات. هذه المؤشرات الغير نقدية اُستعملت في القياسات المبكرة للفقر. فمثلا، مستوى التغذية اُستعمل في عدد من الدراسات لمعرفة نسبة قوة العمل التي تعيش في مستوى الفقر، واذا اُستعملت المؤشرات غير النقدية فمن الضروري ان يُعاد تقييم تلك المؤشرات بمرور الزمن، حيث لابد ان تعكس مستوى التغذية والصحة والتعليم العام في الدولة في فترة زمنية معينة. فاذا كان مستوى المعيشة يسير نحو الارتفاع فان القياسات المطلقة تتطلب ان تأخذ بالاعتبار هذه الحقيقة.

ثانيا، بصرف النظر عن المؤشرات المُستخدمة فان هذه المؤشرات لازالت تنظر الى الرفاهية الانسانية برؤية ترتكز على السلع good-centred view، ان التركيز على الدخل او السلع يقود الى سوء فهم حول نوعية الحياة. ان الشيء المهم هو الإمكانات capabilities وهذه الإمكانات تتفاوت بدءا من التغذية الكاملة الى وظائف اكثر تعقيدا مثل المشاركة بالحياة العامة او الخروج في الاماكن العامة دون خجل. في كتابه ثروة الامم يوضح آدم سمث العلاقة بين السلع والامكانيات في سياق تجنب الخجل، فهو يقول (ان العادات جعلت الحذاء الجلدي من ضرورات الحياة في بريطانيا، والفرد الاكثر فقرا سوف يخجل من الظهور امام العلن دون ارتداء الحذاء).

كونك قادر على الظهور في الاماكن العامة بدون خجل ذلك يعتبر امكانية، وهذه الامكانية تختلف من مجتمع الى آخر ومن زمان الى آخر.فالتركيز على القياسات المطلقة للدخل او السلع يؤدي الى سوء فهم حول اجمالي الرفاهية الانسانية في زمان ومكان معينين. ان الدليل على المشاكل المتعلقة بخط الفقر تكشفها الارقام التي وضعها البنك الدولي لخط الفقر عام 1985 والبالغة 370 دولار سنويا. احصاءات البنك الدولي لعام 1990 بيّنت ان ثلث سكان الدول النامية يعيشون في فقر ويقدر عددهم 1116 مليون شخص. ويتركز الفقر المطلق بكثافة في افريقيا السوداء وجنوب اسيا حيث يُقدّر نصف السكان هم في حالة فقر مطلق، والمناطق الريفية هي الأكثر عرضة للفقر المطلق.

اما تقديرات الفقر المطلق لعام 2000 فقد أشارت الى انخفاض الفقر المطلق في جميع الدول النامية عدا افريقيا السوداء، والفقر المطلق يُتوقع ان يختفي في شرق اسيا بسبب النسبة العالية للنمو الاقتصادي في تلك الدول. ان النمو الاقتصادي يترافق دائما مع خفض الفقر المطلق. الاّ ان النمو يحتاج الى عقود او اجيال لكي يتمكن من ازالة الفقر خاصة في الدول البطيئة النمو.

وفي بعض الدول الافريقية يكون النمو بطيئا جدا او ثابتا حيث ان الزيادة السكانية تؤدي الى زيادة أعداد الذين هم في فقر مطلق. وفي امريكا اللاتينية نجد ان النمو الاقتصادي زاد من عدم المساواة النسبية. ان التفاوت النسبي يعتبر هام جدا، لأن بعض القابليات والامكانات الهامة تأخذ ابعادا ذات اهمية نسبية، فمثلا الشعور بالثقة الذاتية او احترام الذات او المشاركة بفاعلية في المجتمع والتأثير بالنتائج السياسية، كل هذه العناصر يصعب تحقيقها بالنسبة لاولئك الفقراء نسبيا في اقتصاد نامي، حتى وان كانت حياتهم المادية تحسنت (اي ليسوا في فقر مطلق).

الفقر والحاجات الاساسية

ان الملايين من الناس في العالم النامي يجدون أنفسهم في فخ الفقر المطلق، وحياتهم اليومية تتميز بمستوى غير كاف من الحاجات الاساسية من صحة وتغذية كافية وتعليم ابجدي وماء صالح للشرب. ان السياسات التنموية التي رُسمت لإشباع الحاجات الاساسية اصطدمت بعدة معوقات منها:

1- اشكالية تحديد الحاجات الاساسية. فهي حاجات تعتمد كثيرا على ثقافة وقيم المجتمع. فعلى الرغم من الانفاق العام على التعليم والصحة كحاجات اساسية الاّ ان المستهلك عندما يُمنح الخيار بالإنفاق فهو قد يشتري السجائر والكحول بدلا من التعليم فهو بذلك يضحي بالصحة وبالتعليم معا وكلاهما حاجات اساسية.

2- كذلك بالنسبة للتباينات الثقافية، فالتعليم قد لا يكون حاجة ماسة في المجتمعات الزراعية حيث تنتقل المهارات والثقافات عبر الكلام والتقاليد.

لقد وضع كل من هكس و ستركتر (Hicks and Stricter) في تحقيقات ميدانية لهما عن الحاجات الاساسية عدد من المؤشرات تبيّن السرعة التي تستجيب بها الدول في توفير الحاجات الاساسية وفعالية السياسات في هذا المجال. فقد اشار هذان الخبيران الى ان الحاجات الاساسية ورغم ارتباطها بمستوى الدخل الاّ ان العلاقة بينهما ليست خطية، والسبب ان تلك الحاجات مثل عدد سنوات الحياة المتوقعة والتعليم له حدود معينة، تعكس الخصائص الفيزيائية والبيولوجية.

فمثلا يستحيل الوصول الى اكثر من مائة بالمائة في التعليم الأبجدي. حالما يتم بلوغ هذا المستوى فان أي زيادة في الدخل لن يرافقها اي زيادة في التعليم الأبجدي. وكذلك بالنسبة لدورة الحياة المتوقعة والبالغة 75 سنة يصعب تحقيق زيادة بعدها لأسباب بيولوجية، والعلاقة المباشرة بين الدخل الفردي الاجمالي وتوقعات الحياة ستختفي بعد ذلك.

ان الدراسات التي أعقبت هكس و ستركتر دعمت فكرة وجود علاقات هيكلية محددة بين مستوى الحاجات الأساسية لبلد معين والدخل الفردي. مع زيادة الدخل الفردي يزداد اشباع الحاجات الاساسية بدرجة اقل ثم اقل باستمرار. في بعض الدول مثل الهند واثيوبيا يرتفع منحنى الحاجات الاساسية بشكل حاد. فالقليل من التحسن في الدخل يرافقه انخفاض كبير في نسبة الوفيات للبالغين. بينما في دول اخرى مثل مكسيكو وايران لديها منحنى مستوي، حيث التحسن الكبير في الدخل الفردي يقابله القليل من المردود في الحاجات الاساسية. ان العامل الرئيسي الذي يقرر نجاح البلد في اشباع حاجاته الاساسية هو هيكله الداخلي للتوزيع ومستوى التعليم لدى السكان.

البنك الدولي والفقر

والبنك الدولي هو من أكبر المؤسسات الدولية التي تهتم بمكافحة الفقر كهدف اساسي. ان السياسات التي اعتمدها البنك الدولي في الحد من الفقر تغيرت بمرور الزمن. ففي الستينات اعتقد البنك الدولي ان أحسن طريقة لخفض الفقر في الدول النامية هي عبر التصنيع السريع والاستثمار في البنية التحتية. وفي السبعينات أصبح التركيز منصبا على التنمية الريفية بعد ان اتضح فشل سياسات النمو الاقتصادي المعتمد على تراكم راس المال في القطاع الصناعي في تحسين الحياة المادية لغالبية السكان في مناطق الارياف.

وفي الثمانينات تغير السيناريو جذريا حينما بدأت معظم الدول النامية تعاني من مشاكل اقتصادية كلية حادة ترافقت مع تزايد الديون وهبوط ايرادات الصرف الاجنبي. ذلك دفع البنك الدولي للتحوّل من مكافحة الفقر الى إعتماد تسويات اقتصادية عملية صارمة. وهذه السياسات ترافقت مع تشجيع للاصلاحات الاقتصادية والتأكيد على دور قوى السوق في تطوير اقتصاديات الدول النامية.

ان التأثيرات الطويلة الأجل لإصلاحات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على الفقر وتوزيع الدخل في العالم النامي لازالت عرضة للنقاش. وبالرغم من استمرار البنك الدولي بتبنّي الاصلاحات والتسويات الهيكلية في الدول النامية الاّ انه أعاد الاهتمام في التسعينات من جديد بوسائل مكافحة الفقر كهدف اساسي له كما اتضح في تقرير التنمية العالمية الصادر عن البنك الدولي عام 1990. لقد حدد البنك الدولي استراتيجية في احتواء مشكلة الفقر والتي تمثلت بالنقاط التالية:

1- النمو الاقتصادي: يرى البنك الدولي ان لا دولة بإمكانها مكافحة الفقر بدون نمو اقتصادي غير ان اسلوب النمو يعتبر هاما. فقد لاحظ البنك ان سياسات التنمية المعتمدة على الزراعة والصناعة ذات العمالة المكثفة توفر النمو القادر على خفض الفقر. وهذه السياسة مفيدة جدا لأفريقيا بالخصوص حيث 90% من السكان يعيشون على الزراعة. كذلك اقترح البنك ازالة القيود على اسعار المنتجات الزراعية وخفض الإعانات للصناعات ذات رأس المال المكثف واصلاح سعر الصرف ورفع القيود عن الاستيرادات. وجميع هذه السياسات ترافقها تسويات هيكلية كوسائل لتعزيز النمو الاقتصادي وخفض الفقر.

2- الاستثمار في العنصر البشري: حيث وضع البنك أولوية للتعليم والصحة والتخطيط العائلي كضرورة للفقراء كي يستفيدوا من النمو. وكان التركيز بشكل خاص على تعليم المرأة. ان ارسال المزيد من البنات الى المدارس هو من أهم الوسائل الفعالة المضادة للفقر في عالم اليوم. فالعوائل المتعلمة يصبح لديها أقل عدد من الاطفال وأفضل صحة بما يجعلهم أكثر انتاجية وبالتالي اكثر تاثيرا في عملية صنع القرار اليومية.

3- المشاركة: لكي يُعالج الفقر لابد للفقراء ان يشاركوا في تصميم وتنفيذ الخطط، وهذا يتحقق جزئيا بمساهمة المنظمات غير الحكومية. كذلك من الضروري ان يمتلك الفقراء المزيد من القوة السياسية وذلك عبر الوسائل الديمقراطية والحكم الجيد ومشاركة المنظمات الشعبية مثل التشاركيات الفلاحية والمنظمات النسوية والبيئية.

4- سياسة الإقراض: وهي من أهم السياسات الموجهة نحو مكافحة الفقر، وتتضمن إعادة ترشيد الانفاق العام نحو القطاعات الاجتماعية وزيادة الاقراض لأغراض تنمية المصادر البشرية، والتأكيد على الاستثمارات في الطرق والبنية التحتية الاساسية في مناطق الارياف ومعالجة القضايا البيئية خاصة الماء والوقاية الصحية.

ان معظم الانتقادات التي وُجّهت الى البنك الدولي في معالجة الفقر تركزت على تأثير سياسات التسوية الهيكلية على الفقراء. وهذه قضية شائكة، فالرؤية التقليدية هي ان الفقراء عانوا كثيرا في ظل برامج التسوية الهيكلية وخاصة فيما يتعلق بإعادة تنظيم سوق العمل واسعار الفائدة المرتفعة.

ان التحدي الرئيسي لسياسات البنك الدولي في مجال الحد من الفقر ينصب على مدى امكانية البنك في تحديد من هو الفقير وكذلك على الاستراتيجيات المستنسخة التي يتبناها البنك. ان خطوط الفقر المحددة عشوائيا لا تقول لنا الكثير عن الفقر، فهي لا تشير الى درجة الفقر او كيف يؤثر على نوعية الحياة لدى الفقراء، وبناءاً على ذلك فان حلولاً معينة يجب ان توضع لظروف معينة. فمثلا هناك ميل لدى البنك الدولي للاعتقاد بان الفقراء يحتاجون الى المزيد من الائتمان لكي يتمكنوا من زيادة انتاجية ما لديهم من اصول (ارض واشكال اخرى للاصول).

ولكن العديد من الناس الذين يعيشون في فقر ليست لديهم اصول وربما عليهم ديون سابقة. سياسات الاقراض ربما غير ملائمة تماما لهم. اما الناس الذين هم في فقر مدقع فهم ليس فقط لا ينتفعون من النمو الاقتصادي وانما سوف لن يحصلوا على اي مكاسب من اجراءات تحسين الموارد البشرية. فلابد من البحث عن وسائل اخرى. الانتقادات عموما هي ان البنك الدولي انحاز كثيرا نحو السياسات على المستوى الكلي، وهو يحتاج الى بذل المزيد من الوقت في تحديد وتشخيص الفقراء والاستماع لهم.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا