التباطؤ العالمي يحفز العمل في القطاع غير الرسمي

إيهاب علي النواب

2019-03-17 07:08

ان الدراسات الحالية التي تقوم بها المنظمات العالمية كمنظمة التعاون الاقتصادي (OCDE) ومكتب العمل الدولي (BIT) والبنك العالمي، اذ تعرضت هذه الأخيرة إلى البحث عن أسباب انتشار هذه الظاهرة و درجة خطورتها وكيفية معالجتها، ومن الملاحظ أن ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي ازداد انتشارها في جميع دول العالم سيما البلدان النامية بشكل كبير مما دعا إلى تدارك خطورة الوضع إذ تتراوح نسبها ما بين 40% الى 60% من الناتج المحلي، وبعد موجة التباطؤات الحاصلة في اغلب الاقتصادات العالمية، والتي من شأنها ان تدفع مزيد من الموظفين والعمال العمل في انشطة القطاع غير الرسمي وبالتالي ازدهار القطاع غير الرسمي كرد فعل سلبي للنمو السلبي او الضعيف عالمياً.

القبول بالقطاع غير الرسمي

قد يكمن سبيل آخر نحو تحقيق أداء اقتصادي أكثر قوة في مواجهة التحديات المرتبطة بوجود قطاع ضخم غير رسمي. ففي هذا السياق، ينتشر التوظيف وأنشطة الأعمال خارج الهياكل التنظيمية والقانونية والمالية على نطاق واسع في العديد من الأسواق الناشئة والبلدان النامية. ويشكل القطاع غير الرسمي نحو ثلث إجمالي الناتج المحلي في الأسواق الناشئة والبلدان النامية، بالإضافة إلى أن نحو 70% من العمالة في هذه البلدان يعملون بصفة غير رسمية. وفي بعض البلدان بأفريقيا جنوب الصحراء، تمثل العمالة غير الرسمية ما يربو على 90% من إجمالي العمالة، وينتج القطاع غير الرسمي ما يصل إلى 62% من إجمالي الناتج المحلي. وتعتمد سبل عيش الفقراء في معظم الأحيان على النشاط غير الرسمي.

وتجدر الإشارة إلى أن القطاع غير الرسمي يزدهر في بيئات معينة، إذ يرتبط بانخفاض التنمية الاقتصادية، وارتفاع الضرائب، واللوائح التنظيمية المتشددة، والفساد، وعدم الكفاءة البيروقراطية. ومع ذلك، ففي حين يوفر القطاع غير الرسمي الضخم في بعض الأحيان مزايا من حيث المرونة والتوظيف، فإنه غالبًا ما يرتبط بقلة الإنتاجية، وانخفاض العائدات الضريبية، وزيادة الفقر، وعدم المساواة.

وتظهر أبحاث جديدة أجراها البنك الدولي أن الشركات غير الرسمية تحقق ربع الإنتاجية التي تحققها شركات القطاع الرسمي. وفي الواقع، لا تتجاوز إنتاجية الشركات العاملة في القطاع الرسمي التي تواجه منافسة غير رسمية ثلاثة أرباع إنتاجية الشركات التي لا تواجه هذه المنافسة. ويزيد أجر العمال في الاقتصاد الرسمي 19% في المتوسط عما يكسبه من يعملون في الاقتصاد غير الرسمي. وتحقق البلدان التي لديها أكبر القطاعات غير الرسمية إيرادات حكومية أقل مما تحققه البلدان التي لديها أقل مستويات من القطاعات غير الرسمية بنسبة تتراوح من 5 إلى 10 نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي.

والحقيقة أنه يمكن لصناع السياسات أن يضعوا استراتيجيات تنمية شاملة من شأنها، كفائدة غير مباشرة، أن تحد من الطابع غير الرسمي لأنشطة الأعمال. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليهم الانتباه إلى تجنب دفع العمال، عن غير قصد، إلى الانتقال إلى العمل في القطاع غير الرسمي، ومن شأن وجود مزيج صحيح من السياسات أن يحقق التوازن بين الإصلاحات مثل تحسين الإدارة الضريبية، وزيادة مرونة سوق العمل، وتعزيز تنفيذ اللوائح التنظيمية من خلال تحسين توفّر سلع وخدمات النفع العام إلى جانب توفير أنظمة ضمان اجتماعي أكثر قوة.

خلاصة ذلك فإن التعامل مع القطاع غير الرسمي يجب أن يكون إيجابيا بحيث ينطلق من فرضية مفادها دعم أصحاب الأعمال من أجل تطوير أعمالهم مما ينعكس إيجابيا على النمو الاقتصادي، وأحوال العاملين، وجودة المنتجات والخدمات. وكأي قضية إصلاح فإن إستراتيجية التعامل مع القطاع غير الرسمي تحتاج إلى تطوير مؤسسي يشمل بناء الثقة بين المستثمر والحكومة بالإضافة إلى تغيير في سلوكيات المستثمر والتي من ضمنها التحول إلى الاقتصاد غير النقدي (الاقتصاد الحقيقي).

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي