الاقتصاد العراقي: انتقلَ أم في مرحلة انتقالية؟
حامد عبد الحسين الجبوري
2018-08-30 08:23
الصدمة الشاملة التي تعرض لها العراق في عام 2003 وخصوصاً الصدمة المزدوجة المفاجئة السياسية والاقتصادية أسهمت بشكل واضح وجليّ في انتقال الاقتصاد العراقي انتقالا شكلياً لا انتقالا واقعياً.
هناك علاقة وثيقة بين السياسة والاقتصاد حيث تعمل السياسة من خلال ادارتها العامة للشأن الداخلي والشأن الخارجي، إلى المساهمة في تقوية الاقتصاد ورفع كفاءة أداءه، كما ويفضي الاقتصاد إلى المساهمة في تلبية احتياجات السياسة فيرتفع أداؤها في البحث عن كل ما يزيد من قوة الاقتصاد لان هذا الاخير هو عصب الحياة وقوامها، ومنها الحياة السياسية. فكل حديث عن السياسة يستبطنه حديث عن الاقتصاد ولا يمكن الاهتمام بالسياسة دون الاهتمام بالاقتصاد كونه قوام الاولى وبدون وجود اهداف اقتصادية للسياسة فهذه الاخيرة تكون فارغة المحتوى.
وفي ضوء هذه المقدمة وقبل توضح الاقتصاد العراقي من حيث مسألة الانتقال لابد من تحديد القاعدة الرئيسية اللازمة لتحقيق الانتقال الاقتصادي السليم حتى تتم محاكاة تجربة العراق على ضوئها، وتتمثل تلك القاعدة بالآتي:
"إن الانتقال لأي اقتصاد من نظام الدولة إلى نظام السوق لا يمكن أن يتحقق دون أن يسبقه تحول سياسي من نظام شمولي إلى نظام ديمقراطي، وكما لا يمكن تحقيق الانتقال الاقتصادي من نظام لآخر دون ان يسبقه تحول سياسي، كذلك لا يمكن تحقيق نفس الانتقال الاقتصادي بشكل مفاجئ دون أن يكون انتقالا تدريجياً، لان الانتقال المفاجئ في الاقتصاد هو بمثابة الصدمة للمجتمع وهذه الصدمة ستترك آثاراً سلبية كبيرة وكثيرة، فيرفضها المجتمع فتحول دون تحقق الانتقال الاقتصادي وربما مع استمرار الفوضى " وبهذا الصدد يذكر تيللي "بعد فترة طويلة كان يعتقد فيها كثير من القادة في العالم ان التنمية الاقتصادية يمكن ويجب أن تسبق أي تحرك نحو الديمقراطية، فإن الزعماء في أنحاء العالم اليوم بدأوا يدركون بأن الديمقراطية تقدم الميزة المكملة والمرغوبة، بل التي يجب ان تتوفر مسبقاً لإبقاء النمو الاقتصادي مدى الحياة" [i].
وحتى هذا التحول السياسي، لا يكفي أن يكون شكلياً بل لابد أن يكون تحولاً جذرياً يتصف برسوخ مؤسساته الانتخابية والتشريعية والتنفيذية والرقابية والإعلامية والقضائية وارتفاع فاعليتها وكفاءتها في الأداء وصولاً لحالة الاستقرار السياسي. وبعد تحقيق الاستقرار السياسي يأتي دور الانتقال الاقتصادي من نظام الدولة إلى نظام السوق، على أن يكون هذا الانتقال انتقالا تدريجياً حتى يتم استقباله واستيعابه من قبل المجتمع والتفاعل معه، لا أن يكون انتقالاً مفاجئاً ومفروض كرهاً؛ لان المجتمع سيُصدم بجسامة الآثار السلبية ولن يتفاعل معه بشكل حقيقي، وحتى وإن افترضنا سيتم إقناعه بفعل الإكراه والتطويع والآثار الإيجابية التي سيحققها الانتقال المفاجئ لاحقاً! فهي، أي عملية الإكراه والتطويع وتحقيق الاثار الايجابية للانتقال الاقتصادي المفاجئ؛ تبقى رحلة محفوفة بالمخاطر وحتى وإن حققت الأهداف المرسومة -وهذا التحقق صعب جداً وربما يكون أشبه بالمستحيل -فهي لم تحققها ضمن التوقيتات الزمنية والكلف المادية والمالية والبشرية المحددة.
المجتمع يستقبل الانتقال التدريجي ويستوعبه ويتفاعل معه أكثر من الانتقال المفاجئ لأنه يؤدي إلى تفتيت الآثار السلبية وتصغيرها وتوزيعها على حقب زمنية متلاحقة فتختفي صدمة الآثار السلبية على المجتمع فيستقبله ويستوعبه دون أن يرفضه كما هو الحال عند الانتقال المفاجئ لان هذا الأخير يعني عدم تفتيت الآثار السلبية وضخامة حجمها وزيادة عددها وسرعة ظهورها ولم يتم توزيعها بل يتم حقنها للمجتمع دفعة واحدة وخلال حقبة زمنية واحدة فلا يتحملها المجتمع وهذا ما يؤدي إلى طول مدة الانتقال الاقتصادي وربما رفضه والأسوأ هو استمرار الفوضى.
فالآثار السلبية تختفي أو تكاد تختفي في ظل الانتقال التدريجي وحتى وإن لم تختفي فهي صغيرة بحكم التفتيت الزمني ومسيطر عليها بفعل ظهورها ببطء ويمكن علاجها خلال كل حقبة زمنية من حقب الانتقال التدريجي وبشكل سريع لأنها مفتتة وصغيرة، خصوصاً مع سبق التحول السياسي ورسوخه واستقراره، في حين تكون هذه الآثار ذات ظهور بارز وكبير الحجم ومتجذرة ومتشابكة في ظل الانتقال المفاجئ فتكون عملية علاجها بالغة الصعوبة كونها تحتاج لمدة زمنية طويلة جداً فضلاً عن الجهود الكبيرة المادية والمعنوية والبشرية اللازمة لمعالجتها.
التحول السياسي في العراق
يعد عام 2003 نقطة فاصلة في الحياة السياسية عبر التحول من النظام الشمولي ذو الحزب الواحد الذي كان سائداً وقائماً على منهج "نفذ ثم ناقش" والصادر من أعلى لأسفل، إلى النظام الديمقراطي الذي يقوم على حكم الشعب بالشعب وللشعب، القائم على "ناقش ثم نفذ" والصادر من الأسفل لأعلى، وهو بلا شك أفضل من النظام الشمولي، لو تمت إدارته بالشكل السليم، بناءاً على الهوية الوطنية والحقوق مقابل الواجبات بعيداً عن الهويات الفرعية العديدة والمحسوبية والمنسوبية؛ كونه ينسجم مع الفطرة الإنسانية من حيث حرية الأفراد في القول والعمل كما يشاؤون دون الإضرار بالصالح العام في حين إن النظام الشمولي لا يسمح للأفراد العمل والقول بما يخالف ايديولوجية الحزب القابع على سدة الحكم.
إلا إن هذا التحول في النظام السياسي – سواء كان بطريقة مقصودة أو غير مقصودة - كان مفاجئاً وصادماً، ولم يقتصر على إسقاط النظام الدكتاتوري وحسب بل تم إسقاط أغلب مؤسسات الدولة -إن لم تكُن جميعها- وخصوصاً الجيش والامن والإعلام وتدمير البنى التحتية والمشاريع الصناعية وغيرها [ii]، ثم جاءت التشريعات والقوانين المنظمة للعملية السياسية بعد عام 2003 بالإضافة إلى بنية المجتمع العراقي والموروث التاريخي[iii]، لتؤدي بمجموعها إلى ترسيخ جذور التفرقة والتناحر ما بين ابناء الوطن الواحد وذلك بفعل تغليب الهويات الفرعية المتعددة على حساب الهوية الوطنية في المناصب السياسية والسيادية واعتماد معيار المحسوبية والمنسوبية كمعيار للمكافآت والحقوق بعيداً النزاهة والكفاءة، فأصبحت مؤسسات الدولة تعمل بشكل متقاطع فيما بينها فضلاً عن ضعفها من الداخل، فكان أداؤها ضعيف جداً إن لم يكُن سلبياً.
وأسهمت المحاصصة في تكريس الهويات الفرعية سياسياً واجتماعياً وتغليبها على الهوية الوطنية حيث أوضح الزيدي وآخرون مسألة المحاصصة " لقد ظهرت المحاصصة من قبل ادارة الاحتلال الامريكي عند تأسيس الحكم الانتقالي في عام 2003 تحت عناوين عامة منها غياب الاحصاء السكاني ووجود مؤشرات على إن المكونات العراقية غير متفاعلة مع الدولة العراقية وإنه يتوجب أن تكون هناك مرحلة انتقال يمنح الكل مقاعد في مؤسسات الدولة، إلا إن الأمر انتهى إلى التكرس خلال دورات الانتخابات المختلفة" [iv] وهذا خطأ فاضح لا يتوافق مع الديمقراطية التي تقوم على وجود جبهتين الاولى تتولى الجهاز التنفيذي والاخرى تأخذ موقع المعارضة.
بالإضافة إلى ذلك، إن سيطرة النظام الدكتاتوري الشمولي قبل عام 2003 لأكثر من عقدين من الزمن أدى الى نشوء ثقافة متصلبة وسارية المفعول لدى المجتمع، بشكل عام ولمن يعمل مع الدولة بشكل خاص، واتصافها بالصفات الدكتاتورية كالتسلط والتصلب والتحزب وغياب المرونة ورفض الآخر وتصفيته، بعبارة اخرى ما ذكره رياض غازي البدران -مدير قسم تسجيل الاحزاب في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات -" غياب التقاليد الديمقراطية أو الثقافة الديمقراطية، فالمعروف ان الاستبداد سمة أساسية للحكم في العراق وهو متجذر في التأريخ والثقافة والمجتمع" [v]، وكذلك تم اللجوء إلى توظيف الدين ما بعد 2003 لإسباغ الشرعية الدينية، المحلية والمستوردة، واستخدامها لتفسيق الآخر وتكفيره وتهميشه وتصفيته، دون توظيفه لتعزيز الهوية الوطنية وبناء دولة المواطن ومحاربة الفتن الطائفية ، فما عقّد المشكلة بصورة اكبر واعمق هو تزاوج الصفات الدكتاتورية المتجذرة والشرعية الدينية المحلية وخصوصاً المستوردة؛ فتسبب(التزاوج) في تصلب النظام الاجتماعي والاداري الذي لا يتوافق مع التحول السياسي نحو النظام الديمقراطي.
الانتقال الاقتصادي دستورياً في العراق
أعلن العراق في دستوره – دستور 2005-عن الانتقال في النظام الاقتصادي من نظام الدولة القائم على التخطيط المركزي لإدارة الاقتصاد نحو نظام السوق القائم على الحرية الاقتصادية وحيادية الدولة والملكية الخاصة، وقيام القطاع الخاص بالنشاط الاقتصادي في السوق بعيداً عن الدولة إلا في حالات استثنائية، وذلك في المواد الآتية:
المادة 25 " تكفل الدولة اصلاح الاقتصاد العراقي وفق اسس اقتصاديةٍ حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده، وتنويع مصادره، وتشجيع القطاع الخاص وتنميته"
وفي المادة 24 " تكفل الدولة حرية الانتقال للأيدي العاملة والبضائع ورؤوس الأموال العراقية بين الأقاليم والمحافظات، وينظم ذلك بقانون"
والمادة 112 ثانياً " تقوم الحكومة الاتحادية والاقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق اعلى منفعة للشعب العراقي، معتمدة أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار".
إن انتقال الاقتصاد العراقي نحو اقتصاد السوق بشكل مفاجئ وصادم لمجتمع اعتاد في اقتصاده على الدولة وهي من ترعى مأكله ومشربه ومأواه، دون ان يمارس ادارة نشاطه الاقتصادي، هذا ما لا يقبله المجتمع كونها جرعة كبيرة خصوصاً مع تزامن هذا الانتقال مع التحول السياسي المفاجئ أيضاً، إذ إن الانتقال المفاجئ في البلدان ذات الاستقرار السياسي ورسوخ مؤسساته الديمقراطية والمؤسساتية، ربما لا يُكتب له النجاح فكيف الحال إذا تزامن الانتقال الاقتصادي المفاجئ مع التحول السياسي المفاجئ أيضاً في نقطة زمنية واحدة مع غياب الثقافة الديمقراطية اجتماعياً ؟!
الانتقال الاقتصادي في العراق واقعياً
على الرغم من اقرار الدستور العراقي بالانتقال نحو اقتصاد السوق ومغادرة نظام الدولة في إدارتها للاقتصاد مركزياً إلا إن الكثير من المعطيات تشير إلى إن الاقتصاد العراقي لايزال يراوح مكانه ولم يفلت من شباك الدولة بعد، لكنه بشكل عام هو على سكة الانتقال الاقتصادي حتى ولو تطلب الامر وقتاً طويلاً، ويمكن القول إن هذا التأخر في الانتقال وربما التراجع في بعض الأحيان نحو اقتصاد السوق كان نتيجة طبيعية للانتقال المفاجئ الذي لم يستوعبه المجتمع العراقي بسبب ضخامة الجرعة المزدوجة سياسياً واقتصادياً من جانب ولم يتم الاستعداد والتحضير لهذه الجرعة مسبقاً فكانت النتيجة هي عدم العبور نحو منطقة الامان فظل الاقتصاد العراقي يتقهقر وعالقاً بشِباك الدولة ويسير نحو الانتقال بشكل بطيء جداً.
ومن ابرز تلك المعطيات هي احتكار الدولة لكثير من وسائل الانتاج وأهما الارض، فهي تملك ما يزيد على 80% من الاراضي في العراق وان المتبقي منها 20% والمملوك من قبل الاهالي يتكون في جزئه الاعظم من الاراضي السكنية[vi]، وكذلك تملك الدولة الثروة النفطية في باطن الارض، التي أصبحت عماد الاقتصاد العراقي انتاجا واستهلاكاً وتصديراً واستيراداً وايراداً وانفاقاً، وهذا ما يعني ان النفط اصبح وسيلة ربط الاقتصاد العراق بالدولة من جانب واعتياش القطاع الخاص على ما تقوم به الدولة بواسطة الثروة النفطية من جانب اخر فاصبح دوره دور هامشي وليس أساس في الاقتصاد، وهذا ما يتنافى مع عملية الانتقال.
وغياب الحرية الاقتصادية، حيث مفارقة الحرية الاقتصادية في العراق هي من المفارقات العجيبة ما قبل 2003 حين كان النظام المركزي هو المسيطر والقائد للإنتاج والتوزيع والاستهلاك والاستثمار... وما بعد 2003 حيث التحول نحو الانفتاح واعتماد الحرية الاقتصادية لأغلب العمليات الاقتصادية، ان العراق لم يندرج في مؤشر الحرية الاقتصادية للمدة من عام 2003 حتى عام 2017 في حين كان يندرج قبل عام 2003 من عام 1996 وحتى 2002 [vii]!!
كما إن تعقد بيئة ممارسة الأعمال أسهمت في صعوبة تحرك القطاع الخاص العراقي من حيث ممارسة نشاطه بحرية وانسيابية، وذلك لوجود الكثير من المعرقلات التي تقيد نشاطه، ابتداء من بدء النشاط التجاري واستخراج تراخيص البناء والحصول على الكهرباء ومروراً بتسجيل الملكية والحصول على الائتمان وحماية المستثمرين الأقلية ودفع الضرائب وانتهاء بالتجارة عبر الحدود وانفاذ العقود وتسوية حالات الإعسار، وبهذا الصدد أوضح البنك الدولي ان العراق احتل المرتبة 168 من بين 190اقتصادا في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال على المستوى العالمي[viii]، وهذا ما يكشف عن سوء بيئة الاعمال فيه واصبحت بيئة طاردة للأعمال.
أضف إلى ذلك، غياب القوانين التشريعية التي تدعم الانتقال الاقتصادي فالأجور المرتفعة والضمان الاجتماعي للموظف الذي يعمل في الجهات الرسمية، تسهم في عرقلة الانتقال الاقتصادي نحو القطاع الخاص، كون المواطن العراقي يفضل العمل في الجهات الرسمية على القطاع الخاص وذلك للحظوة التي يتمتع بها الموظف الرسمي كالأجور المرتفعة والتقاعد، بالإضافة الى ان الجهاز الإداري الرسمي يكون أكثر تساهلاً وتغاضياً عن الموظفين سواء من حيث الاداء او من حيث اوقات الدوام الرسمي ابتداء وانتهاء، عند مقارنته بالقطاع الخاص. فعندما تكون هناك قوانين موحدة تسري على القطاع الخاص كما تسري على الجهات الرسمية ستختفي الامتيازات التي تظهر في القطاع العام وبالتالي ستكون هناك رغبة لدى المواطنين للعمل في القطاع الخاص فتكون عملية الانتقال أسهل بكثير.
النتيجة هو الانتقال الشكلي للاقتصاد العراقي
فامتلاك الارض والنفط وايراداته التي لم توظف بالشكل الامثل الذي يسهم في تحسين اقتصاد المجتمع، وغياب الحرية الاقتصادية وتعقد بيئة الاعمال امام القطاع الخاص وغياب التشريعات الداعمة للانتقال، كانت نتائج للدولة العراقية بعد 2003 فلم تكُن صاحبة السهم الاكبر في الاقتصاد وحسب، بل اسهمت -بشكل وآخر- في إعاقة الانتقال الاقتصادي، كونها لم تؤدي دورها المطلوب المتمثل في حماية المنافسة ومنع الاحتكار ومساندة صغار المنتجين وبناء المؤسسات والبيئة الاستثمارية المشجعة للقطاع الخاص، دون أن تتدخل(الدولة) بشكل مباشر في العملية الانتاجية. ظهرت تلك النتائج لأسباب كثيرة مترابطة ومتشابكة ومتجذرة تاريخياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً[ix]، ولكن مع هذه الاسباب ينبغي ان تؤدي دورها والمسؤولية الملاقاة على عاتقها على أتم وجه لتفرغ مسؤوليتها على اقل تقدير.
إن الصدمة المزدوجة السريعة المفاجئة الشاملة التي لم يسبق لها مثيل، والتي تعرض لها المجتمع العراقي سياسياً واقتصادياً بعد الهجوم العسكري السريع بسلاح الجو والارض إلى جانب عمليات نفسية معقدة [x] ، جعلت عملية انتقال الاقتصاد العراقي انتقالاً شكلياً لا انتقالاً حقيقياً نحو اقتصاد السوق ولكن مع مرور الزمن سواء كرهاً او طوعاً، سيصبح الانتقال هو السمة البارزة والقطاع الخاص هو عنوان الاقتصاد العراقي مستقبلاً.
خطوات الانتقال الاقتصادي التي ينبغي مراعاتها
ومن أجل الإسراع بعملية الانتقال الاقتصادي وتجنب الآثار السلبية التي تحصل خلال مدة الانتقال الطويلة وسرعة تحقيق الآثار الإيجابية للانتقال الاقتصادي لابد من العمل على عدة خطوات وهي:
اولاً: ترسيخ مؤسسات النظام الديمقراطي بشكل حقيقي ورفع كفاءة اداءها لأنه كما ذكرنا سابقاً ان التحول السياسي واستقرار مؤسساته هو اساس الانتقال الاقتصادي.
ثانياً: العمل على وضع رؤية اقتصادية واضحة بحيث تنقل صورة الاقتصاد العراقي المراد بلوغها مستقبلاً حاضرة في الوقت الحاضر حتى يستطيع الجميع العمل على بلوغها بأسرع وقت واقل الكلف.
ثالثاً: إنهاء احتكار الدولة للأراضي وتفويضها للقطاع الخاص وفقاً للأهلية والكفاءة والنظام والعدالة، وهذا ما يعني انخفاض كلف انشاء المشاريع المراد انجازها لان الارض تحتل نسبة كبيرة من الكلف.
رابعاً: إطلاق الحرية الاقتصادية للقطاع الخاص في امتلاك وإقامة المشاريع التي يرغب إقامتها وهذا ما يشجع القطاع الخاص على الابداع في الانجاز والاداء ولكن بنفس الوقت ينبغي ضمان عدم انفلات القطاع الخاص على النحو الذي يفسد النظام.
خامساً: الارتقاء بالبيئة الاستثمارية التي تشجع القطاع الخاص على الاقدام لأنشاء المشاريع، إذ إن عدم الاهتمام بالبيئة الاستثمارية يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الانتاج فيحجم القطاع الخاص عن إنشاء المشاريع.
سادساً: توحيد الاجور والضمان الاجتماعي ما بين الجهات الرسمية والقطاع الخاص حتى لا يحجم العاملين عن العمل في القطاع الخاص والسعي للعمل لدى الجهات الرسمية رغبة بالأجور المرتفعة والضمان الاجتماعي.