تضخم الاقتصادات الكبرى

إيهاب علي النواب

2018-02-08 05:30

شهدت البورصات العالمية تراجع حاد في مؤشراتها، مدفوعة بالهبوط الكبير في الأسواق الأمريكية، وكانت البداية كانت من مؤشري داو جونز الصناعي، وستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا، في أمريكا، ثم انتقلت إلى الأسواق الآسيوية والأوربية، ولحقت بها الأسواق العربية والبورصة المصرية، وهوت الأسهم الأمريكية، في تعاملات متقلبة، لينهي مؤشر داو جونز جلسة التداول في بورصة وول ستريت منخفضا 1175.21 نقطة، بنسبة تراجع 4.6%، وهو أكبر تراجع له منذ عام 2008.

ثم هبط ستاندر آند بوردز، 113.19 نقطة، بنحو 4.10%، وهو أكبر هبوط يومي للمؤشر في 1ئأكثر من 6 سنوات منذ 2011، كما طالت صدمة التراجع الحاد في بورصة وول ستريت، أسواق المال الأوروبية بعدما عمت الأسواق الآسيوية في وقت سابق، وظهر توجه البورصات جليا منذ فتح الأسواق في أوروبا حيث بلغ التراجع -43,3% في بورصة باريس و-3,5% في لندن و-3,3% في مدريد و-3,6% في أمستردام.

ومن جهتها افتتحت الأسواق المالية الآسيوية على تراجع كبير، وفي طليعتها طوكيو التي تراجعت بنسبة 4,73% الخميس، وهي نسبة غير مسبوقة منذ انتخاب دونالد ترامب في البيت الأبيض، فيما أغلقت هونغ كونغ على خسارة تزيد عن 5% وتراجعت شنغهاي بأكثر من 3%.

مخاوف بشأن التضخم والفائدة البنكية

والمخاوف بشأن التضخم هي تحديدا ما أشعل وضع الأسواق بعدما بدأ العام 2018 بشكل إيجابي، مع تسجيل مؤشرات البورصات مستويات قياسية متتالية في نيويورك، لكن الوضع تبدل بشكل مفاجئ مع نشر التقرير الشهري حول الوظائف في الولايات المتحدة، فإن كان الإعلان عن زيادة كبيرة في الأجور في كانون الثاني/يناير شكل نبأ سارا للاقتصاد الأمريكي، إلا أنه انعكس بشكل مدمر على الأسواق حيث أحيا المخاوف من حصول تضخم، ما سيؤدي إلى تشديد السياسة النقدية الأمريكية بوتيرة أسرع مما هو متوقع، وفي أعقاب ذلك، ارتفعت معدلات عائدات سندات الخزينة، ما أدى إلى تعثر وول ستريت، ومن ثم تزايدت الخسائر وانخفض مؤشر داو جونز بحوالى 1600 نقطة خلال الجلسة، قبل أن يغلق على تراجع بنسبة 4,60%.

وحذر الاقتصاديون والمحللون من أن مستويات التضخم في الاقتصادات الكبرى يمكن أن تزيد هذا العام إلى المستويات المستهدفة عند 2%، وربما تتخطى ذلك إلى 3% في بعض البلدان الكبرى، وتعتقد البنوك المركزية أن هذه الزيادة جيدة للبلدان المتقدمة اقتصاديا، وتحولت الأرقام الرسمية الأميركية التي تشير إلى قوة الاقتصاد إلى مخاوف حقيقية ظهرت في عمليات بيع مكثفة بعد أن ظهر ارتفاع متوسط الأجور في الولايات المتحدة بنحو 2.9%، وزادت البيانات من احتمالية ارتفاع أسعار السلع في المتاجر قريبا، مما يزيد الضغوط على صناع السياسات لضرورة خفض أسعار الفائدة لتهدئة الاقتصاد، إلا أن الأنباء المتواترة حاليا تشير إلى توجهات عكسية بزيادة معدلات رفع الفائدة، وهو أمر يضر بأسواق الأسهم على مستوى العالم، رغم أنه قد يصب في مصلحة الاقتصاد العام.

واعتبر المستثمرون بداية العام الحالي نهاية حقبة الأموال الرخيصة، التي كانت تشجع المستهلكين والشركات على الإنفاق. وذكر كثير من أعضاء الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) إن ثلاثة ارتفاعات مقدرة في سعر الفائدة بمقدار 0.25% هذا العام، يمكن أن تصبح أربعة أو خمسة مرات وفقا للبيانات والمؤشرات الأميركية على مدار العام. ولا تزال التوقعات متفائلة بالبيانات الاقتصادية الأميركية، التي ستستمر في التعزيز على مدار العام، خاصة بعد قانون الإصلاح الضريبي لإدارة الرئيس دونالد ترمب الذي حصل على موافقة الكونغرس ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ولكن المستثمرين يراهنون - مع تحسن الوضع الاقتصادي - على ارتفاع أسعار الفائدة ونتيجة لذلك يمكن أن تستمر اضطرابات سوق الأسهم. ومع الازدهار المتوقع للاقتصاد الأميركي ستعاني دول العالم النامي بسبب الاقتراضات الكبيرة وارتفاع تكلفة خدمة الديون، فيما يتمثل الجانب الإيجابي في زيادة صادرات تلك الدول خاصة إلى الولايات المتحدة نتيجة انخفاض أسعارها، الأمر الذي سيعزز من دخل العالم النامي.

وعلى العكس، فإنه من المحتمل أن تتمهل منطقة اليورو في زيادة أسعار الفائدة إلى أن يتم انتعاشها بشكل أقوى، الأمر الذي يعني أن اليورو سيستمر في الارتفاع مقابل الدولار، مما يجعل من الصعب على الدول الأوروبية التصدير إلى الولايات المتحدة، وسيؤثر تقلب الأسواق العالمية على صحة الاقتصاد البريطاني على المدى الطويل، لكن انخفاض الثروة (محافظ الأسهم على سبيل المثال) وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي سيحفظ توازن التأثير، ويقيس المتسوقون رفاهتهم المالية من حيث ثرواتهم القائمة على الأصول بقدر دخلهم، ونتيجة لذلك فإن الانخفاض الكبير في أسعار الأسهم قد يضر بالاقتصاد البريطاني.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا