الامن الغذائي العالمي في خطر: الأفواه الجائعة تتضاعف بسبب كورونا

مروة الاسدي

2020-05-02 04:00

عاد الحديث عن الأمن الغذائي بقوة على ضوء جائحة كورونا وصعوبة توفير الأغذية من خلال التجارة العالمية، ويتركز الحديث على ضرورة قيام الدول بتوفير حاجة مواطنيها من الأغذية بشكل مستمر بالاعتماد على نفسها بالدرجة الأولى.

وزاد القلق في اغلب دول العالم على الامن الغذائي العالمي بعد أن عطل فيروس كورونا حركة الانتاج العالمي بكافة القطاعات لا سيما الزراعية، وفيما أدت جائحة “كوفيد – 19” لخسائر كبيرة في الأرواح بالعالم أجمع، انطوت مخاطرها أيضا على تأثيرات اجتماعية واقتصادية بالغة من ضمنها المساس بالأمن الغذائي والتغذية، بحسب تحذيرات مشتركة صدرت عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) والبنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي.

وبحسب بيانات برنامج الغذاء العالمي، فإن هناك 821 مليون إنسان يعانون من الجوع على مستوى العالم، منهم 135 مليونا يعانون من الجوع الشديد أو الفقر المدقع، ويعمل برنامج الغذاء العالمي على ايصال مساعداته لنحو 100 مليون شخص فقط، منهم 30 مليونا يرتبط بقاؤهم على قيد الحياة بما يحصلون عليه من مساعدات البرنامج.

ومن مآسي حضارة القرن الحادي والعشرين، أن يذكّر برنامج الغذاء بأن هناك نحو 300 ألف فرد معرضون للموت جوعا خلال الشهور الثلاثة القادمة، وأن شبح المجاعة قد يهدد ما يصل إلى نحو 30 دولة في ظل جائحة كورونا.

وغالبا ما تثير مشكلة نقص الغذاء اضطراب المجتمعات، وهذا ما قسم دول العالم من حيث إنتاجها للغذاء إلى ثلاث فئات اقسام: دول تكفي نفسها بنفسها، ولكن ليس لها نصيب في التجارة العالمية، ودول أخرى لديها فائض في الإنتاج الزراعي عن حاجة سكانها، ودول يعجز إنتاجها الزراعي عن الإيفاء بحاجة سكانها، حيث كلاهما يتحكمان في تجارة المواد الغذائية الدولية، وتتأثر هذه الدول دون غيرها إذا تعرض الاستقرار العالمي للخطر.

ولا شك أن تموضع جائحة كورونا كوفيد19 على خريطة دول العالم جعل من قطاعي الصحة والغذاء تحت مجهر الاختبار. وقد نتج عن الجائحة اختلال في موازين القوى، ولم يعد هناك مركز قوة قادراً على لعب دور محوري في احتواء الأزمة، وألقت التأثيرات بظلالها على انقسام مواقف الدول العظمى والاتحاد الأوروبي، باتجاه استيلاء بعض الحكومات على شحنات طبية، وربما شحنات غذائية يوماً ما.

الجوع يجتاح العالم بسبب كوفيد-19

قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن عدد المعرضين للنقص الحاد في الغذاء قد يتضاعف هذا العام ليصل إلى 265 مليونا بسبب التداعيات الاقتصادية لمرض كوفيد-19.

ومن المتوقع أن يتسبب انخفاض عائدات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج وقيود أخرى ترتبط بتفشي فيروس كورونا المستجد في دفع قرابة 130 مليونا نحو الجوع الشديد هذا العام لينضموا إلى نحو 135 مليونا ضمن هذه الفئة.

وقال كبير الخبراء الاقتصاديين ومدير البحث والتقييم والمراقبة في برنامج الأغذية العالمي عارف حسين ”كوفيد-19 قد يمثل كارثة لملايين معلقون بشعرة بالفعل“، وأضاف في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت في جنيف ”إننا جميعا بحاجة لتضافر الجهود في التصدي لهذا، وإذا لم نفعل سيكون الثمن باهظا.. ستكون التكلفة العالمية باهظة جدا: كثيرون فقدوا أرواحا وكثيرون أكثر بكثير جدا فقدوا سبل العيش“.

وقال حسين إن من المهم للغاية التحرك بسرعة كي لا يضطر من يكسبون قوتهم يوما بيوم لبيع أصولهم لأنه قد تمر سنوات قبل أن يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم مرة أخرى، وأضاف أنه في بعض الحالات، على سبيل المثال عندما يبيع المزارعون المحاريث أو الثيران، قد يترتب على ذلك تبعات تؤثر على إنتاج الغذاء لسنوات قادمة.

ومضى قائلا ”هؤلاء هم من نشعر بالقلق عليهم.. الذين كانوا على ما يرام قبل كوفيد ولم يعودوا كذلك“. وأضاف أنه ”يشعر بقلق حقيقي“ إزاء من يعيشون في بلدان ذات شبكات ضمان اجتماعي ضعيفة أو بلا شبكات ضمان، وقال ”الأزمة الحادة في الغذاء وفي سبل العيش“ هي الفئة الثالثة من خمس مراحل بحسب الأمم المتحدة وتعني ”الافتقار الشديد للقدرة على الحصول على الغذاء وسوء تغذية فوق المعتاد“.

والفئة الخامسة تعني المجاعة الجماعية. ولم يقدم مسؤولو الأمم المتحدة توزيعا جغرافيا لمناطق الاحتياجات المتزايدة، غير أنهم قالوا إن من المحتمل أن تكون أفريقيا الأشد تضررا، وأضاف حسين أن البرنامج يتوقع احتياجه إلى مبلغ يتراوح بين 10 و12 مليار دولار لتمويل برامج المساعدة هذا العام مقارنة بالرقم القياسي الذي تم جمعه العام الماضي وقدره 8.3 مليار دولا، ويخطط البرنامج لجمع مخزونات أغذية مسبقا خلال الأشهر المقبلة تحسبا لتزايد الاحتياجات، ومن بين من يوصفون بأنهم يعانون من الجوع الشديد، يعيش كثيرون في مناطق صراع مثل سوريا أو في بلدان تضررت بشدة من تأثيرات تغير المناخ، حسبما ورد في تقرير للأمم المتحدة، وحتى قبل جائحة كورونا، كان الجراد الصحراوي في شرق أفريقيا يدمر المحاصيل ويزيد عدد من يعتمدون على المعونات الغذائية.

50 مليون شخص مهدّدون بالمجاعة في غرب أفريقيا

حذّرت منظمة أوكسفام غير الحكومية من أنّ حوالى 50 مليون شخص في غرب أفريقيا معرّضون لخطر المجاعة بسبب تداعيات وباء "كوفيد 19" التي فاقمت مشاكل الجفاف وانعدام الأمن في المنطقة، وقالت المنظمة الإنسانية العالمية استناداً إلى تقديرات للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" إنّ عدد الأشخاص الذين يعانون من أزمة غذائية في المنطقة يمكن أن يرتفع بنسبة 200% خلال ثلاثة أشهر، ليصل إلى 50 مليون في آب/أغسطس مقابل 17 مليوناً في حزيران/يونيو.

وأضافت أنّه على الرّغم من الجهود التي تبذلها الدول المعنية فإنّ السكّان المعرّضين لخطر المجاعة، سواء أكانوا يقطنون في المدن أم في المناطق الريفية، يعانون من صعوبات متزايدة في الوصول إلى أسواق المواد الغذائية ويواجهون ارتفاعاً مطّرداً في الأسعار وانخفاضاً في وفرة بعض المواد الغذائية الأساسية، وذلك بسبب تدابير الإغلاق العام المفروضة للحدّ من تفشّي الوباء وإغلاق الحدود وانعدام الأمن في بعض المناطق.

وقال حمادو حمدون ديكو، رئيس جمعية النهوض بالثروة الحيوانية في منطقة الساحل والسافانا (أبيس)، إنّ بوركينا فاسو شهدت في غضون أيام قليلة "ارتفاعاً في سعر كيس الدّخن زنة 100 كلغ من 16 ألفاً إلى 19 ألف فرنك أفريقي، في حين ارتفع سعر ليتر زيت الطهي بنسبة 100% تقريباً. أنا أتساءل كيف سنمضي شهر رمضان هذا العام في ظلّ وجود الفيروس بالإضافة إلى انعدام الأمن".

ولفتت أوكسفام إلى أنّه في البلدان التي تواجه أزمات إنسانية أصبح الحصول على الغذاء أكثر صعوبة: في بوركينا فاسو والنيجر لا يمكن للمساعدات الإنسانية أن تصل إلى آلاف النازحين أو أن تغطي احتياجاتهم الغذائية، مما يجعل برامج المساعدات الطارئة أكثر أهمية من أيّ وقت مضى، وأضافت أنّه مع بدء الموسم الزراعي، يواجه المنتجون والمزارعون أيضاً صعوبات في الحصول على البذور والأسمدة العالية الجودة.

وتساهم الزراعة بنسبة 30.5% من اقتصاد غرب إفريقيا وهي أكبر مصدر للدخل والمعيشة لما بين 70% إلى 80% من السكان، وبخاصة للنساء، بدورهم يعاني الرعاة والمجتمعات التي تعتاش على رعي الماشية من صعوبات متزايدة في تأمين الرزق: أولاً بسبب تداعيات التغيّر المناخي وثانياً بسبب إغلاق الحدود بين الدول أو حتّى المناطق وما لذلك من تأثير سلبي على إيجاد مراعٍ، الأمر الذي يهدّد بزيادة الصراعات بين الرعاة والمزارعين.

وزراء الزراعة ومجموعة العشرين

اتفق وزراء الزراعة والغذاء لدول مجموعة العشرين في اجتماع عن بعد يوم الثلاثاء على أن تدابير الطوارئ لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد يجب ألا تعوق سلاسل الإمدادات الغذائية العالمية، جاء اجتماعهم الاستثنائي في الوقت الذي تبطئ فيه إجراءات العزل العام بسبب فيروس كورونا حول العالم سلاسل إمداد الغذاء العالمية، وهو ما يجعل بعض المزارعين غير قادرين على توصيل منتجاتهم إلى المستهلكين بينما تقيد دول منتجة كبرى الصادرات، وقال بيان ختامي أرسلته المجموعة بالبريد الإلكتروني ”نتفق على أن تدابير الطوارئ في سياق جائحة كوفيد-19 يجب أن تكون مستهدفة ومتناسبة وشفافة ومؤقتة وألا تخلق حواجز غير ضرورية أمام التجارة أو تعيق سلاسل الإمدادات الغذائية العالمية وأن تكون متسقة مع قوانين منظمة التجارة العالمية“.

كما حذرت المسؤولة الكبيرة بالبنك الدولي ماري بانجستو في اجتماع من عوائق الاستيراد وقيود التصدير، داعية إلى تعاون عالمي لتفادي أزمة غذاء، وقال وزراء مجموعة العشرين إنهم سيتجنبون أي تدابير يمكن أن تؤدي إلى تقلبات مفرطة في أسعار الغذاء في الأسواق العالمية من شأنها تهديد إمدادات الغذاء.

وإمدادات الحبوب الرئيسية وفيرة عالميا لكن بعض الدول المنتجة تشير إلى أنها ستضع قيودا على مبيعاتها الخارجية لإعطاء الأولوية للإمداد المحلي، وتأتي هذه القيود في الوقت الذي تسعى فيه كبرى الدول المستوردة للغذاء إلى تعزيز احتياطياتها من خلال زيادة المشتريات من الخارج، وقالت روسيا، أكبر مصدّر للقمح في العالم، الأسبوع الماضي إنها ستوقف صادرات الحبوب حتى أول يوليو تموز فور استنفاد حصة للتصدير حددتها عند سبعة ملايين طن، وهو شيء من المرجح الآن أن يحدث في منتصف مايو أيار.

وإذا استنفدت حصة روسيا بحلول ذلك الموعد، فإن ذلك قد يعوق مشتريات قامت بها مصر الأسبوع الماضي لزيادة مخزوناتها، وحجزت مصر، أكبر مشتر للقمح في العالم، 180 ألف طن من القمح الروسي في مناقصتي شراء في ظل سعيها لزيادة احتياطياتها.

وحذر وزراء مجموعة العشرين يوم الثلاثاء أيضا من هدر الأغذية، قائلين إنه يمكن أن ”يفاقم انعدام الأمن الغذائي ومخاطر التغذية وخسائر اقتصادية“.

وأثرت إجراءات العزل العام بشدة على بعض المزارعين، إذ توقف الطلب من المطاعم ومشترين آخرين، وأصبح التخلص من المحاصيل أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية من دفع أموال للعمال والنقل لبيعها، وأثناء الاجتماع، قالت وزيرة الدولة الإماراتية للأمن الغذائي مريم بنت محمد المهيري ”أزمة فيروس كورونا نداء إيقاظ للعالم بأسره - العمل المشترك والتضامن هما ما يلزم في هذا الوقت“، مضيفة أن سلاسل إمداد الغذاء العالمية تواجه ”اضطرابات خطيرة“.

منظمات دولية تحذّر من خطر أزمة غذاء عالمية

حذر مدراء وكالتين تابعتين للأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية من خطر حصول "نقص في المواد الغذائية" في السوق العالمية بسبب الاضطرابات في التجارة الدولية وسلاسل الإمدادات الغذائية جراء تفشي فيروس كورونا المستجدّ.

وقال مدير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الصيني كو دونغيو ومدير منظمة الصحة العالمية الإثيوبي تيدروس أدهانوم غيبرييسوس ومدير منظمة التجارة العالمية البرازيلي روبيرتو أزيفيدو، في بيان مشترك نادر، إن "الغموض حول توفر الغذاء يمكن أن يتسبب بموجة قيود على التصدير" التي قد تتسبب بدورها ب"نقص في السوق العالمية".

وجاء في النص المشترك أنه بالنسبة إلى المنظمات الثلاث التي تعنى بشؤون الصحة والتغذية والتجارة الدولية، "من المهمّ" تأمين المبادلات التجارية "بهدف تفادي حصول نقص في المواد الغذائية على وجه خاص".

وأعربت المنظمات الثلاث عن خشيتها خصوصاً إزاء "تباطؤ حركة العاملين في قطاعي الزراعة والغذاء"، ما يتسبب بعرقلة الكثير من الزراعات الغربية وبحصول "تأخر على الحدود لحاويات" البضائع، ما يؤدي إلى "هدر المنتجات القابلة للتلف وزيادة التبذير الغذائي".

وأشارت المنظمات إلى الحاجة إلى "حماية" الموظفين في قطاع الانتاج الغذائي والعاملين في الصناعة التحويلية للأغذية الزراعية وأيضاً العاملين في التوزيع بهدف "التقليل من تفشي الفيروس في القطاع" و"الحفاظ على سلاسل الإمدادات الغذائية".

وأضاف مدراء المنظمات الثلاث "عندما تكون المسألة مسألة حماية الصحة ورفاهية المواطنين، ينبغي على الدول ضمان ألا تتسبب مجمل التدابير التجارية باضطرابات في سلاسل الإمدادات الغذائية"، وأكدوا أن "في فترات كهذه، يصبح التعاون الدولي ضرورياً"، وختموا بالقول "علينا ضمان ألا يؤدي تصدينا لوباء كوفيد-19، بطريقة لا إرادية، إلى نقص غير مبرر للمنتجات الأساسية ويفاقم الجوع وسوء التغذية".

نقص الغذاء يتهدد الدول التي تعتمد على الاستيراد

حذرت الأمم المتحدة الجمعة من أن وباء كوفيد-19 يهدد بالتسبب بنقص الغذاء لدى مئات الملايين من الناس حول العالم، ومعظمهم في إفريقيا، ممن يعتمدون على استيراد المواد الغذائية والتصدير لدفع تكاليفها.

وقال عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي خلال مؤتمر صحافي عبر الفيديو من روما، "بوجه عام، نواجه صدمة في الإمدادات عندما نكون أمام أزمة جفاف أو صدمة في الطلب مثلما يحدث في ظل الركود، ولكننا اليوم نواجه كليهما".

وأضاف "أن نشهد هاتين الأزمتين في الوقت نفسه وعلى نطاق عالمي؛ هذا ما يجعله حقا وضعاً غير مسبوق"، ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، تغذي تجارة الأرز وفول الصويا والذرة والقمح 2,8 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 212 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي المزمن و95 مليوناً يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وحذرت الوكالة التابعة للأمم المتحدة في تقرير نشر الجمعة من أن "العواقب الاقتصادية ستكون مدمرة بالنسبة للعديد من الدول الفقيرة أكثر من المرض نفسه"، والقارة الأكثر تعرضاً للتهديد هي إفريقيا، ولا سيما إفريقيا جنوب الصحراء، التي استوردت أكثر من 40 مليون طن من الحبوب في عام 2018، ويعد الصومال وجنوب السودان الأكثر تعرضاً لتعطيل إمدادات الحبوب، بينما تعتمد دول أخرى، مثل أنغولا ونيجيريا وتشاد، على صادراتها لدفع ثمن الواردات الغذائية، والدول المصدرة للنفط مثل إيران والعراق، وكذلك اليمن وسوريا اللتان مزقتهما الحرب، هي أيضا من بين أكثر الدول المهددة بنقص الغذاء.

وقال برنامج الأغذية العالمي "إذا تم تزويد الأسواق العالمية للحبوب الأساسية بشكل جيد بالسلع وكانت الأسعار منخفضة بشكل عام، فيجب أن تنتقل المواد الغذائية من مخازن الحبوب في العالم إلى أماكن استهلاكها. ولكن تدابير الاحتواء المطبقة لمكافحة كوفيد-19 بدأت تطرح معوقات"، وتواجه موانئ التصدير مشكلات لوجستية هنا وهناك، بسبب الحركات الاحتجاجية في الأرجنتين والبرازيل على سبيل المثال.

ويحدد هذا التقرير من جهة ثانية أن قطاع الحبوب في فرنسا "يواجه نقصاً في اليد العاملة والشاحنات نظراً إلى تزايد الطلب على الصادرات والإقبال على الشراء من جراء الهلع"، ويُخشى من ارتفاع الأسعار من جراء المشتريات الهائلة الضخمة من قبل تجار رئيسيين أو حكومات خوفاً من انقطاع سلسلة التوريد.

في الوقت الحالي، تميل أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الزيوت والحبوب واللحوم ومنتجات الألبان إلى الانخفاض بشكل حاد، بسبب احتمالات الركود الاقتصادي، وفقًا للمؤشر الشهري لأسعار المواد الغذائية الذي نشرته الخميس منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).

المصدرون يقيدون البيع والمستوردون يشترون أكثر

تتزايد المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي العالمي مع خضوع نحو خمس سكان العالم لحالة عزل أو قيود على الحركة والتنقل مع اتساع انتشار فيروس كورونا الذي أصاب أكثر من 470 ألف شخص في 200 دولة وأودى بحياة 21 ألفا.

وشهدت كل الدول التي أصابها الفيروس تقريبا تهافتا على الشراء بدافع الفزع لاحتياجات منزلية أساسية مثل مستحضرات التنظيف وورق التواليت، وشاع مشهد أرفف المتاجر الخالية من البضائع، يضاف إلى ذلك قلق من أن تتحرك بعض الحكومات لتقييد تدفق المواد الغذائية الأساسية لتضمن لشعوبها كفايتهم في وقت أربك فيه الوباء العالمي سلاسل الإمداد، وقال فين زيبيل خبير الاقتصاد الزراعي في بنك أستراليا الوطني ”بدأ الناس يشعرون بالقلق“، وأضاف ”إذا بدأ كبار المصدرين يبقون على الحبوب في بلادهم، فسيقلق ذلك المشترين حقا. إنه أمر مفزع وغير رشيد لأن العالم بالأساس به وفرة من الغذاء“.

واتخذت فيتنام، ثالث أكبر مصدر للأرز، وقازاخستان، تاسع أكبر مصدر للقمح، بالفعل خطوات لتقييد بيع هاتين السلعتين الأساسيتين وسط مخاوف بشأن مدى توافرها محليا، ودخلت الهند، أكبر مصدر للأرز في العالم، لتوها فترة حظر تجول ستستمر ثلاثة أسابيع مما أوقف عدة قنوات للخدمات اللوجيستية.

وفي روسيا، دعا اتحاد منتجي الزيوت النباتية إلى تقييد بيع بذور دوار الشمس. وتباطأ إنتاج زيت النخيل في ماليزيا، ثاني أكبر منتج له، وعلى صعيد الاستيراد، أعلن العراق احتياجه إلى مليون طن من القمح و250 ألف طن من الأرز بعد أن نصحت ”لجنة أزمة“ بزيادة المخزون الاستراتيجي من الغذاء، وأثارت هذه الخطوات مجتمعة قلق تجار المنتجات الزراعية من تعطل إمدادات الغذاء بلا ضرورة.

حمى الشراء والإغلاقات قد تؤدي لتضخم أسعار الغذاء عالميا

قال خبير اقتصادي كبير في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) ومحللون زراعيون إن عمليات الإغلاق وحمى شراء الأغذية تخوفا من تفشي وباء كورونا يمكن أن تتسبب في تضخم أسعار الغذاء عالميا على الرغم من وجود إمدادات وفيرة من الحبوب الأساسية والبذور الزيتية في الدول المصدرة الرئيسية.

وضخت أغنى دول العالم مساعدات غير مسبوقة في الاقتصاد العالمي مع زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة وتجاوز عدد الوفيات في إيطاليا مثيله في بر الصين الرئيسي حيث نشأ الفيروس.

وفوجئ العالم بالوباء الذي أصاب ما يزيد على 270 ألفا وأودى بحياة ما يربو على 11 ألفا، ودفع كثيرين لعقد مقارنات بين تداعياته وآثار فترات مثل الحرب العالمية الثانية وتفشي وباء الإنفلونزا الإسبانية في 1918.

قال عبد الرضا عباسيان كبير الاقتصاديين في الفاو ”كل ما تحتاجه لخلق أزمة هو أن يتجه مستوردون كبار، مثل المطاحن أو الحكومات، للشراء بدافع الذعر“، وأضاف لرويترز هاتفيا من روما حيث مقر المنظمة ”ليست قضية توريد بقدر ما هو تغير في السلوك المتعلق بالأمن الغذائي... ماذا لو ظن المشترون بالجملة أنهم قد لا يستطيعون الحصول على شحنات القمح أو الأرز في مايو أيار أو يونيو حزيران؟ هذا هو ما يمكن أن يؤدي إلى أزمة إمدادات غذائية عالمية“، واصطف المستهلكون في أنحاء العالم، من سنغافورة إلى الولايات المتحدة، في الأسواق الكبرى في الأسابيع الماضية لتخزين سلع مثل الأرز ومعقم اليدين والمناشف الورقية، وقال المحللون إن العوامل اللوجستية ستتحول على الأرجح إلى قضية عالمية رئيسية، وقال أولي هوي مدير الاستشارات في مؤسسة أيكون كوموديتيز لخدمات السمسرة ”هناك حوالي 140 مليون طن من الذرة المستخدمة في صناعة الإيثانول بالولايات المتحدة، وبعضها يمكن استخدامه في الغذاء إذ لن تكون هناك حاجة لاستخدامه للوقود نظرا لانخفاض أسعار النفط“، وأضاف ”المهم هو توفير الغذاء في الوقت والمكان المناسبين“.

مصر: توفير السلع الأساسية وتعزيز الاحتياطي الغذائي

قال متحدث باسم الرئاسة المصرية إن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه الأجهزة المعنية إلى توفير السلع الأساسية وتعزيز الاحتياطي الإستراتيجي منها، بينما تتزايد المخاوف العالمية بشأن الأمن الغذائي في خضم أزمة فيروس كورونا.

ومن المنتظر أن تبدأ مصر حصاد محصول القمح المحلي في أبريل نيسان والذي تتوقع الحكومة أن تحصل منه على حوالي 3.6 مليون طن، حسبما قال وزير التموين علي مصيلحي في وقت سابق هذا الشهر عندما سعى إلى التأكيد مجددا على أن البلاد لديها مخزون كاف، ومصر هى أكبر مشتر للقمح في العالم، وقالت بالفعل إنها لديها مخزونات من القمح تكفي الاستهلاك لمدة 3.5 شهر واحتياطيات من الأرز تكفيها 4.6 شهر، ومخزون من الزيوت النباتية كاف حتى أكتوبر تشرين الأول.

واشترت الهيئة العامة للسلع التموينية، المشتري الحكومي للسلع الأساسية، 120 ألف طن من الزيوت النباتية في أحدث مناقصة لها في التاسع عشر من مارس آذار، و360 ألف طن من القمح الروسي والروماني في مناقصتها السابقة في الحادي عشر من فبراير شباط، ولم تشهد مصر موجات الشراء المذعورة التي انتشرت في دول أوروبية كثيرة، لكن مسؤولين سعوا رغم ذلك إلى طمأنة المواطنين إلى أن هذا السلوك غير ضروري وأن البلاد لديها مخزونات كافية، ويعتمد ملايين المصريين على برنامج البطاقات التموينية الحكومي للحصول على سلع أساسية بأسعار مخفضة مثل الخبز والمعكرونة وزيت الطهي.

وشدًد السيسي على دور أجهزة حماية المستهلك لضمان توفر مختلف السلع للمواطنين، خصوصا مع اقتراب شهر رمضان الذي من المنتظر أن يبدأ في أواخر أبريل نيسان والذي عادة ما يتزايد فيه الاستهلاك، وأعلنت وزارة الصحة في بيان عن اكتشاف 47 اصابة جديدة بفيروس كورونا في مصر وحالة وفاة واحدة، ليصل اجمالي عدد الاصابات المؤكدة إلى 656 والوفيات إلى 41.

مشاكل الاستيراد في لبنان

يواجه مستوردو الغذاء في لبنان، الذين يعانون بالفعل من أزمة الدولار، صعوبات في حجز شحنات جديدة إذ تهدد جائحة فيروس كورونا الإمدادات وتثير مخاوف من طفرة أخرى مؤلمة في الأسعار.

ويعطل بعض البائعين الشحنات ويرفضون الطلبيات الجديدة للبنان - الذي يعتمد بكثافة على الواردات- في حين يبطئ تفشي الفيروس سلاسل إمدادات الغذاء العالمية، ويأتي ذلك في وقت صعب بالنسبة للبنان، فالأزمة المالية أطاحت بنصف قيمة العملة المحلية ودفعت الأسعار إلى صعود حاد على مدار شهور.

ويهدد تعطل الإمدادات مع نقص العملة الصعبة بزيادة التضخم بدرجة أكبر مع ارتفاع معدلات الفقر. وزادت أسعار السلع الاستهلاكية إلى مثليها تقريبا في الأشهر الستة الماضية، ويقول مستوردون للمواد الغذائية، مثل هاني بحصلي، إن الضغط يتزايد على المخزونات التي انخفضت بالفعل بسبب قيود تفرضها البنوك تجعل المشترين يلجأون إلى السوق غير الرسمية بحثا عن الدولار الشحيح.

وعلم بحصلي الأسبوع الماضي أن السردين المغربي لم يعد متاحا بعد توقف الصيادين عن الخروج - وحتى إذا خرجوا للصيد فإن العلب الصفيح التي تأتي من إسبانيا توشك على النفاد. وقبل ذلك تأجل شحنة من زيت الطعام من أوكرانيا وشحنة عدس من أستراليا لمدة شهر بسبب نقص في العمالة، وقال ”كل شيء يتراجع وأخشى أن الأسوأ لم يأت بعد على مستوى العالم“.

صعوبات تصدير المواد الغذائية الأرجنتينية

في ظل تفشي وباء كوفيد-19، لا يسجل الطلب على الحبوب والخضار واللحوم والفاكهة تراجعا. لكن في عالم يخضع نصف سكانه للعزل، تواجه الأرجنتين التي تعد من أكبر الدول المصدرة للأغذية في العالم تعقيدات متزايدة في تصدير سلعها.

وفي 2019 احتل هذا البلد الواقع في أميركا الجنوبية، المرتبة الأولى عالميا في صادرات الطحين وزيت الصويا، والثالثة في صادرات الذرة، لكن منذ كانون الثاني/يناير وانتشار وباء كوفيد-19 في الصين، شهدت الصادرات تباطؤا فعليا.

وتقول غرفة التجارة في الأرجنتين "في ما يتعلق بالصادرات الغذائية، ظهرت أول انعكاسات كوفيد-19 على التجارة مع الصين، خصوصا في قطاعي اللحوم والبقول"، مشيرة إلى "تراجع الكميات (المصدرة) وانخفاض الأسعار".

وأكد راول فيكتوريس مربي الماشية في منطقة سان بيدرو في منطقة بوينوس آيرس أنه في بداية العام "كانت ترسل كميات كبيرة من اللحوم (إلى الصين) وطلبوا (الشارون) خفض الأسعار". واضاف أن مسؤولين أرجنتينيين في القطاع "قاموا بزيارة وخفضوا الأسعار"، وأشار المعهد الوطني للإحصاءات إلى أن الصادرات الأرجنتينية إلى الصين التي بلغت قيمتها في شباط/فبراير 188 مليون دولار، تراجعت بنسبة 35,6 بالمئة، وبعد ذلك أدى انتشار المرض إلى إغلاق السوق الأوروبية، وأوضح ارول فيكتوريس "مع أوروبا (...) تم تعليق الصادرات لأن القارة لم تعد تشتري سلعا. لم تعد تتلقى لحوما". وأضاف "إنها الفوضى في العالم وهذا ينعكس على المبيعات"، ولا يبدو هوراسيو فراغولا الذي يرأس شركة "فارم بروداكتس" لتصدير الحمص والبازلاء ودوار الشمس وغيرها، متفائلا. فمنذ فرض العزل على سكان الأرجنتين البالغ عددهم 44 مليون نسمة في 20 آذار/مارس، توقف شحن المنتجات.

وفي الأوقات العادية، تصدر الشركة أربعة آلاف طن كل شهر إلى حوالى ثمانين بلدا في كل القارات. وفي آذار/مارس انخفضت المبيعات بمقدار النصف، وقال فراغولا لوكالة فرانس برس "هناك الكثير من الطلبيات التي لم نتمكن من احترامها وتلك المقررة في آذار/مارس تأجلت إلى نيسان/ابريل".

سنغافورة تكثف الزراعة على الأسطح

أعلنت سنغافورة إجراءات جديدة لتسريع إنتاج الغذاء محليا بعدما تسبب تفشي فيروس كورونا في اضطراب سلاسل الإمداد العالمية، وتشمل هذه الإجراءات خطة لتحويل أسطح ساحات انتظار السيارات في المجمعات السكنية العامة إلى مزارع حضرية.

ولا تنتج سنغافورة ذات الكثافة السكانية المرتفعة سوى نحو عشرة بالمئة من احتياجاتها الغذائية لكنها تخطط لزيادة هذه النسبة بسبب التهديد الذي يشكله التغير المناخي ونمو السكان على إمدادات الغذاء العالمية.

وفي أنحاء العالم تسببت القيود على حركة السكان بفعل تفشي فيروس كورونا في اضطراب سلاسل إمداد الغذاء والمنتجات الزراعية وعززت مخاوف من عجز واسع النطاق في المعروض وزيادة الأسعار.

وقالت السلطات في بيان ”الوضع الراهن المتعلق بكوفيد-19 يلقي الضوء على أهمية إنتاج الغذاء محليا في إطار استراتيجيات سنغافورة لضمان الأمن الغذائي. يخفف إنتاج الغذاء محليا اعتمادنا على الواردات ويوفر دعما في حال تعطل إمدادات الغذاء“.

ويدرس المزارعون والحكومة سبل حل مشكلة قلة الأراضي في سنغافورة حيث يتم تخصيص واحد بالمئة فحسب من مساحتها البالغة 724 كيلومترا مربعا للزراعة كما أن تكاليف الإنتاج بها مرتفعة عن بقية أنحاء جنوب شرق آسيا، ولمواجهة تفشي الفيروس تسعى السلطات لزيادة الإنتاج المحلي خلال مدة تتراوح بين ستة أشهر وعامين، وقالت السلطات إن هذه الخطة تشمل طرح وكالة الغذاء السنغافورية مناقصة لزراعة أسطح ساحات انتظار السيارات العامة اعتبارا من الشهر المقبل، كما تشمل تقديم منحة 30 مليون دولار سنغافوري (21 مليون دولار) لدعم إنتاج البيض والخضروات والأسماك في أقصر فترة ممكنة، وتحديد مساحات بديلة للزراعة مثل المناطق الصناعية والمواقع الشاغرة.

لماذا ارتفعت أسعار عصير البرتقال في الأسواق العالمية؟

ارتفعت الأسعار الآجلة لعصير البرتقال في الأسواق العالمية هذا الشهر بنسبة تتجاوز الـ 20 في المئة بينما يبحث المستهلكون عن منتجات صحية خلال انتشار وباء فيروس كورونا، وفيما يزداد الطلب على عصير البرتقال، انخفض المعروض منه في الأسواق نظرا للصعوبات التي يواجهها المنتجون في إيصال العصير إلى الأسواق نتيجة القيود المفروضة على حركة النقل والمواصلات، وأدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار الآجلة لعصير البرتقال، وهي الأسعار التي سيباع بها هذا المنتج في الأشهر القادمة.

وتعد الأسعار الآجلة لعصير البرتقال أفضل الأصول أداء إلى الآن هذه السنة، ويقول ستيفن إينس، خبير استراتيجيات الأسواق العالمية لدى دار أكسيكورب للصيرفة "ضرب انتشار وباء كوفيد-19 جانبي العرض والطلب على عصير البرتقال. فخصائص البرتقال في تعزيز جهاز المناعة تدفع المستهلكين إلى زيادة الطلب عليه، ولكن قلة القدرة الاستيعابية لخطوط النقل، نظرا لخفوت حركة الطيران، تعني أن الأسواق لا تستطيع الحصول على ما يكفي منها".

كما برزت صعوبات في عرض السلعة، إذ لم يعد هناك عدد كاف من العمال لجني محصول البرتقال نظرا لالتزام المزارع بقيود الوقاية من الوباء مثل الاحتفاظ بمسافة معينة بين العاملين. ويقول جاك سكوفيل من مجموعة Price Futures التجارية الأمريكية "يتساءل التجار إن كانت هناك أعداد كافية من العمال لتشغيل المزارع هنا في فلوريدا وفي البرازيل".

وتشهد الأسعار الآجلة لعصير البرتقال أكبر ارتفاع لها منذ تشرين الأول/أكتوبر 2015، وذلك في وقت تتلقى فيه البورصات العالمية ضربات متلاحقة. ففي لندن، انخفض مؤشر FTSI100 بأكثر من 13 في المئة في الشهر الأخير، بينما انخفض مؤشر داو جونز في نيويورك بأكثر من 16 في المئة.

أما فيما يخص احتمالات ارتفاع اسعار عصير البرتقال بالنسبة للمستهلكين، قال إينس "سترتفع الأسعار بسرعة، إذ يعمد المنتجون إلى نقل الأسعار المرتفعة إلى مراكز التسوق وغيرها"، يذكر أن الأسعار الآجلة لمعظم السلع تستخدم للبيع والشراء في أسواق التعامل مثل سوق انتركونتيننتال (ICE). وتساعد هذه الأسعار الشركات على حماية نفسها من أي ارتفاع مفاجئ للأسعار، ويعد استخدام العقود الآجلة أمرا مألوفا بالنسبة للسلع "الهشة" مثل عصير البرتقال والحنطة، المعرضة بشكل خاص للارتفاعات المفاجئة في أسعارها نتيجة تضرر مواسم الحصاد والكوارث الطبيعية.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي