الموارد المائية في العراق التحديات والحلول
المحور الرابع: قطاع الزراعة والري والمياه
الهيئة الاستشارية العراقية للإعمار والتطوير
2018-07-01 06:03
ورقة دراسة موجزة: د. عبد المطلب محمد عبد الرضا
مدخل
يكتسب موضوع الأمن المائي وتوفير الموارد المائية اللازمة لتلبية الإحتياجات البلدية والصحية والزراعية والصناعية والبيئية أهمية كبيرة في العراق في الوقت الحاضر نظراً للتغيرات الكبيرة التي حدثت في كميات المياه الواصلة الى العراق ما بين الأمس القريب والحاضر الذي نعيشه. إن مسألة الأمن المائي الوطني لا بد من ان توضع في المكان الذي تستحقه أي في قمة أولويات المصالح الوطنية التي يجب الذود عنها خاصة في ضوء التطورات السياسية الاقليمية والدولية لارتباطها المباشر والوثيق بموضوع السيادة والأمن الوطني وان غياب الادارة المتكاملة الكفوءة والاستراتيجية الفاعلة لتوفير الامن المائي سوف ينعكس بشكل سلبي على جميع مناحي الحياة.
التحديات التي تواجه الأمن المائي العراقي
يعاني الأمن المائي العراقي من:
أـــ تأثيرات العوامل الجغرافية وكون أغلب مصادر مياهه تقع خارج حدوده الجغرافية والوطنية.
بـــ السلوك السياسي لمحيطه الاقليمي ومحاولته جعل المياه من أهم وسائل الضغط وتحقيق الاهداف السياسية.
تـــ تحديات حالية ومستقبلية متمثلة بالظروف المناخية الطبيعية من ارتفاع درجات الحرارة وشدة التبخر وقلة الساقط المطري على أغلب أراضيه إضافة الى التغيرات المناخية المتوقعة مستقبلا.
ثـــ زيادة عدد السكان وزيادة متطلباتهم الغذائية والبلدية والصحية اضافة الى تلوث الموارد المائية المتاحة والهدر فيها وضعف ادارة قطاع المياه.
جـــ ان الوضع المائي الحالي في العراق يبين بوضوح وجود عجز في الموازنة المائية في العراق وان التوقعات تدل على زيادة هذا العجز مستقبلا.
الحلول المتاحة
لغرض تضييق الفجوة ما بين الموارد المائية المتوفرة والحاجات المائية المستقبلية للعراق وضمان الاكتفاء الذاتي وتوفير الأمن المائي ينبغي اتباع منهج الادارة المتكاملة للموارد المائية والعمل بشكل متوازي ومتناغم على خمسة محاور هي:
ـــ المحور الاول: التحرك السياسي للتمسك بحقوق العراق القانونية والتاريخية في المصادر المائية المشتركة والسعي للحصول على حصص ثابتة بجميع الوسائل المتاحة وبالاستناد على القانون الدولي مع تفعيل وتحشيد الدعم العربي والاسلامي والدولي لتحقيق ذلك.
ـــ المحور الثاني: ترشيد استهلاك الموارد المائية المتاحة وخاصة في المجال الزراعي بإستخدام وسائل الري الحديثة وتبطين القنوات واختيار وتطوير الاصناف النباتية التي تستهلك كميات أقل من المياه وتقليل الفقد الناتج عن نقل وتوزيع المياه البلدية وتقليل التبخر من الأسطح المائية والتربة اضافة الى منع تلوث المياه.
ـــ المحور الثالث: تنمية الموارد المائية المتاحة وحسن ادارتها واستغلالها عن طريق بناء سدود حصاد المياه والاهتمام وتشجيع الخزن الجوفي الاصطناعي للمياه خاصة في بعض مناطق وسط وجنوب العراق اضافة الى الخزن السطحي.
ـــ المحور الرابع: اضافة موارد مائية جديدة عن طريق الاستمطار الصناعي والاستفادة من موردين مهمين هما مياه البزل ومياه الصرف الصحي حيث يمكن معالجتهما للحصول على مياه ذات مواصفات مطابقة للتشريعات الوطنية والبيئية واستخدام هذه المياه في مختلف الاغراض وخاصة الزراعية والصناعية والبيئية.
ـــ المحور الخامس: تطبيق مفهوم الادارة المتكاملة للموارد المائية وتطبيق القوانين والتشريعات الخاصة بالحفاظ عليها ومنع تلوثها وتطبيق مفهوم الوعي المائي والقيام بالتوعية البيئية والمائية وذلك عن طريق ادخال مفهوم الوعي المائي ضمن المناهج الدراسية ونشر ثقافته عبر وسائل الاعلام المختلفة.
الخاتمة
ان العراق لايمكنه تغيير خارطته الجغرافية ولا اختيار محيطه الاقليمي ولكنه يستطيع التكيف مع الواقع واستغلال نقاط القوة التي يتمتع بها من أجل تطويع الموقف الاقليمي للحصول على حقوقه التأريخية في المياه مستنداً على القوانين والاتفاقيات الدولية والدعم الذي تقدمه له الدول الصديقة. كما يمكن للعراق الحصول على المياه من مصادر أخرى تقليدية وغير تقليدية وتجاوز ظروفه المناخية عن طريق ادارة فعالة وكفوءة لموارده المائية واتباع اساليب الري الحديثة والأخذ بنظر الاعتبار التقنيات الحديثة وتطبيق عدد من الوسائل والاجراءات الفنية. ولا يمكن القيام بهذه الخطوات من دون تعاون جميع العاملين والمنتفعين من المياه ومن دون توفر وعي مائي ونشر ثقافة مائية وترجمة ذلك بصورة مستمرة الى عمل متواصل من أجل تنمية وترشيد استخدام المياه والمحافظة عليها من الهدر والتلوث.
ونتيجة لوجود العديد من الجهات والاطراف في العراق التي تعمل في مجال الموارد المائية وادارتها وتوزيعها ومعالجتها واستعمالها واجراء المفاوضات بشأنها (وزارة الموارد المائية، وزارة الصحة والبيئة، وزارة البلديات، وزارة الزراعة، وزارة الخارجية،....)، اضافة الى ضعف التنسيق وتبادل المعلومات فيما بينها وتداخل صلاحياتها وتبعثر الجهود المبذولة وغياب السياسات المائية السليمة والاستراتيجية المتكاملة لإدارة جميع الموارد المائية المتوفرة تبرز الحاجة الى انشاء جهة او مؤسسة عليا مستقلة ذات صلاحيات واسعة تقوم بمسك الملف المائي الوطني وتقوم بإدارته والاشراف عليه بالتنسيق مع جميع الاطراف ذات العلاقة اضافة الى القيام بإجراء الدراسات والبحوث والتطوير في مجالات المياه المختلفة ووضع السياسات المائية الوطنية واعداد استراتيجية متكاملة لإدارة الموارد المائية المتاحة السطحية والجوفية والمياه غير التقليدية.