مصر: خطوة الى الامام وخطوتين الى الوراء
زينب شاكر السماك
2017-03-18 06:58
ثورة 25 يناير /2011 في مصر، انتفض فيها الشعب المصري على الأوضاع والاضطرابات السياسية والاقتصادية وتردي الخدمات التي كان يعيشها الشعب تحت حكم الرئيس السابق حسني مبارك وقامت الثورة بالإطاحة به واتهامه بالفساد. حيث شهد الشعب المصري في تلك الفترة سلسلة من الاحداث والثورات التي كان الهدف الأساسي لها هو تحسين الأوضاع المعاشية المتردية التي كان يعاني منها الشعب ذو الإرادة القوية.
السؤال الذي يطرحه المراقبون بعد خمس سنوات على الثورة المصرية: هل تحسّنت أحوال المصريين؟ هل عم الاستقرار الاقتصادي وتوفرت الخدمات التي طالب بها الشعب المصري؟ هل تحسنت الظروف المعاشية أم على العكس تراجعت؟ هل حققت الثورة أهدافها أم كجميع ثورات الربيع العربي فقط تتم الإطاحة بالرئيس ولايوجد تغيير؟
أسئلة كثيرة تتراود الى الاذهان عندما نرى تناقض مشهد الواقع المصري مع وعود الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي الذي عندما وصل الى منصة الحكم تفاءل الشعب المصري بوصوله وتأمل خير بوعوده التي أكد فيها اصلاح الاقتصاد المصري واعادة الاستقرار. لكن المشاكل قد تراكمت. وتواجه مصر الان عجزا في الميزانية بنسبة 12 في المئة. فقد سجل الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء في مصر ارتفاع نسبة الفقر الى إلى 5.3% من السكان في 2015، ارتفاعاً من 4.4% في 2012.
بينما يمثل الشعب المصري من الشعوب الأكبر زيادة سكانية بين دول العالم حيث يبلغ معدل النمو السكاني في مصر 4.3 في المئة في السنة المالية 2015 / 2016 ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ المعدل حوالي أربعة في المئة هذا العام. وهذا يعني كثرت سكانية باقتصاد ضعيف جدا حيث تعاني مصر من نقص في السكر والزيت وحليب الأطفال برزت في أزمات متتالية خصوصا مع حرمان الاقتصاد من الدولار الضروري للاستيراد، وإثر انهيار قطاع السياحة وتراجع عائدات الاستثمار الأجنبي.
في ظل الازمة الاقتصادية التي يعيشها الشعب المصري والناجمة عن اضطرابات سياسية وأمنية تشهدها البلاد منذ الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، جعلت من الشعب المصري يبحث عن بدائل لتوفير أي دخل مالي إضافي يحسن به حالته الاقتصادية اما شكل هذه البدائل وكيفيتها فلم يفكروا بها فقط فكروا ان يحسنوا مستواهم المعاشي بأي شكل من الاشكال.
تقوم بعض الاحياء الشعبية في مصر بمشروع "جمعيات الأفراح" يبدوا المصطلح غريب او يدل على ذلك فمختصر هذا المصطلح عبارة عن جمعيات يشارك فيها أشخاص كثر لا يعرفون بعضهم، والحفلات هي العنصر الرئيسي الذي يجمعهم. وتحيي الحفلات فرق موسيقية وراقصات ومطربون شعبيون لجذب أكبر عدد ممكن من المشاركين، وهي مرهونة بإدارة شخص يسجل بدقة كم يدفع كل شخص بالضبط وبالتالي يوجه زبائنه لحفلات مناسبة لما يدفعونه يبدوا ان ما نشاهده في الأفلام المصرية ليست قصص وشخصيات وهمية بل انها موجودة في واقع الشعب المصري.
من جانب اخر من ضمن المشاريع الاقتصادية التي وعد بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اقامت عاصمة إدارية جديدة على بعد 45 كيلومترا شرقي القاهرة وستكون مقرا للحكومة كما تضم مطارا وأحياء وجاء هذا المشروع خلال قمة اقتصادية عقدت في شرم الشيخ لجذب المستثمرين الأجانب بالرغم من ان المشروع منذ عام 2015 الى انه لم ينفذ لحد الان بسبب عدم توصل الى اتفاقات مع الشركات الأجنبية بخصوص السعر.
القاهرة تتجه لزيادة سكانية الأكبر بين دول العالم
يتجه سكان القاهرة لزيادة تبلغ نصف مليون نسمة العام الجاري تمثل الزيادة السكانية الأكبر بين مدن العالم الأمر الذي يزيد الضغط على اقتصاد مصر الذي يكابد لتحقيق الانتعاش بعد ست سنوات من الاضطراب السياسي. ويشير تقرير أصدرته (يورومونيتور إنترناشونال) -وهي شركة لأبحاث السوق إلى أن نحو 22.8 مليون نسمة يعيشون في القاهرة الكبرى التي تضم العاصمة القاهرة وأجزاء من محافظتي الجيزة والقليوبية المجاورتين. ويمثل سكان القاهرة الكبرى ربع سكان مصر الذين يبلغ عددهم نحو 92 مليون نسمة.
وقال محمد عبد الجليل مستشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن معدل الزيادة السكانية السنوية في مصر 2.4 في المئة أي ضعف متوسط معدلات الزيادة السكانية في الدول المتقدمة. وقالت مايسة شوقي نائبة وزير الصحة والسكان لشؤون السكان لرويترز في مقابلة "في المناطق الريفية، خاصة في الجنوب، الأسر لديها كثير من الأطفال لأنهم يرون في هؤلاء الأطفال عزوة."
الهجرة الداخلية أحد أهم أسباب ازدحام القاهرة بالسكان. وتقول مصر إن هناك 351 منطقة سكنية عشوائية "خطرة" في البلاد معظمها في القاهرة المترامية الأطراف أقامها فقراء وتضم بيوتا عشوائية ينقصها الصرف الصحي الملائم ومياه الشرب النقية. ويعتقد أن نحو 850 ألف مصري يقيمون في تلك المناطق السكنية الخطرة. وقال عبد الجليل إن من الضروري أن يكون معدل النمو الاقتصادي ضعف معدل الزيادة السكانية ليكون بإمكان المواطن العادي تجنب آثار زيادة أسعار السلع والخدمات.
30 مليون مصري تحت خطِّ الفقر
أظهرت معطيات تقرير رسمي الأحد 16 أكتوبر/تشرين الأول 2016، ارتفاع نسبة الفقر المدقع في مصر إلى 5.3% من السكان في 2015، ارتفاعاً من 4.4% في 2012. وأرجع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر (وهو جهة حكومية)، ارتفاع نسبة الفقر المدقع في البلاد خلال العام الماضي، إلى صعود أسعار السلع الغذائية.
ويعرف الإحصاء المصري في بيانه، الفقر المدقع، بأنه الوضع الذي لا يستطيع فيه الفرد أو الأسرة توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية. يأتي إصدار الإحصاء المصري للبيان، تزامناً مع اليوم العالمي لمكافحة الفقر، الذي يحييه العالم يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام.
وأشار أن نسبة الفقراء في البلاد صعدت من 25.2% في العام 2011، إلى 26.3% في 2013، وواصل الارتفاع إلى 27.8% في 2015. ويعرف البنك الدولي الفقر حول العالم، بأنه الوضعية التي يقل فيها دخل الفرد الواحد عن 600 دولار أميركي سنوياً. وارتفع عدد سكان مصر من 72.8 مليون نسمة في 2006 إلى 76.1 مليون نسمة مطلع 2009 إلى 90.1 مليون نسمة بداية 2016، وفق الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
وأوضح الجهاز أن متوسط قيمة خط الفقر المدفع للفرد شهرياً، يبلغ 322 جنيهاً (36.2 دولاراً) في 2015. وبدأت مصر تطبيق سياسات تقشفية، عبر تخفيض دعم المواد البترولية في يوليو/تموز 2014، ورفع أسعار الكهرباء والمياه، وقانون الضريبة على القيمة المضافة، وقانون الخدمة المدنية. ومطلع الشهر الجاري، أكدت دراسة للبنك الدولي، أن الفقر المدقع على مستوى العالم، يواصل التراجع على الرغم من حالة السبات العميق التي دخل فيها الاقتصاد العالمي.
أفراح الجمعيات امر شائع في مصر
تتمايل راقصات على إيقاع موسيقى مصرية شعبية صاخبة على مسرع خشبي في الهواء الطلق، فيما يعلن حسن العجمي عبر مكبر الصوت أن أحد المدعوين دفع خمسة آلاف جنيه كهدية في حفل عيد ميلاد طفلة صغيرة. ولا يعرف مقدم الهدية حتما صاحبة العيد أو اهلها، لكنه يدفع اليوم ما سيحصده غدا في مناسبة اجتماعية خاصة به.
ولا يتخلى العجمي عن الميكروفون. هو الوسيط الذي يجمع اشخاصا لا يعرفون بعضهم البعض يدفعون مبالغ مالية او"النقوط" في أفراح أو حفلات أعياد ميلاد صاخبة يشاركون بها. ويوضح العجمي "كل مشارك يدفع مبلغا معينا في أكثر من حفل حتى يأتي دوره ويقيم حفله فيجمع كل ما دفع مرة واحدة. هكذا تدور الجمعية".
وباتت أفراح الجمعيات أمرا شائعا في مصر بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد. وينشغل مساعدو العجمي بعد النقود وكتابة أسماء دافعيها عليها ثم التدوين في كراسة صفراء صغيرة. ويقول العجمي "نحن نحدد مواعيد أفراح للناس. لكل واحد موعد. عيد ميلاد او عرس او حفل اسبوع طفل، ويأتي الناس للتنقيط"، فيسترد دفعة واحدة ما سبق ان سدده على دفعات.
ويدير العجمي 70 جمعية في القاهرة وثلاث محافظات في دلتا النيل. وتراوح المبالغ التي يدفعها المشاركون غالبا بين 250 جنيها (قرابة 12,5 دولارا) و2500 جنيه (قرابة 125 دولارا). في بلدة أبو الغيط الصغيرة في محافظة القليوبية (قرابة 35 كيلومترا شمال القاهرة)، تستقدم الطفلة التي تحتفل بعيد ميلادها الى المسرح والدها وغيره من المدعوين لاطفاء شموع كعكة عيد ميلادها، في خطوة لم تكترث بها الغالبية العظمى من الحضور. بحسب فرانس برس.
ويتواجد في العيد مئات المدعوين الذين يرتدي معظمهم الجلابيب الشعبية. ويقام العيد في خيمة كبيرة وسط حقل زراعي، مضاءة بمئات المصابيح، بينما امتدت فوق الرؤوس سحابة بيضاء كبيرة ناتجة عن دخان السجائر والنرجيلة. بعد منتصف الليل، كانت الموسيقى الصاخبة لا تزال تصدح في المكان الريفي الذي استلزم الوصول اليه عبور أزقة وشوارع ضيقة غير ممهدة تنتشر فيها منازل صغيرة من طابقين أو ثلاثة على الاكثر.
وتنتشر في مصر جمعيات بين أشخاص يعرفون بعضهم يدفع كل منهم مبلغا محددا شهريا ويحصل على هذه المبالغ شخص واحد منهم كل شهر، وهو شكل من اشكال التضامن الاجتماعي المعروف والمنتشر في مصر منذ عقود. وغالبا ما يكون الهدف من الجمعية مساعدة الشخص الذي سيحصل على المال على الوفاء بالتزام هام او تمويل حاجة ملحة.
ويصف المحلل الاقتصادي وائل جمال هذه الجمعيات بانها احدى "آليات التمويل الشعبي التضامني". وهي تقوم في الواقع مقام المصارف في هذه الاوساط الشعبية. ويقول لوكالة فرانس برس "في كل الدول عندما لا تكون هناك ثقة في نظام المصارف او بسبب ارتفاع كلفة الاقتراض، يلجأ الناس الى وسائل تضامنية لمساعدة بعضهم البعض على العيش". وقد يكلف الحفل الواحد خمسين ألف جنيه (قرابة 2500 دولار)، لكن صاحب الحفل قد يجني أموالا تصل أحيانا إلى 200 ألف جنيه (10 آلاف دولار)، بحسب حسن العجمي الذي شدد على أن "كل شخص يجمع في حدود ما سبق دفعه".
مشروع العاصمة الإدارية بمصر
قالت وزارة الإسكان المصرية إن مشروعا مقترحا بقيمة ثلاثة مليارات دولار بين مصر وشركة صينية حكومية للإنشاءات في العاصمة الإدارية الجديدة المزمعة لن تنفذه الشركة الصينية بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بشأن السعر. وهذه هي المرة الثانية التي تخرج فيها شركة أجنبية من المنافسة على تنفيذ المشروع بعد خروج الشركة الإماراتية التي كانت من المقرر أن تنفذه في البداية.
وجرى الإعلان عن خطة مصر الطموحة لإنشاء عاصمة إدارية جديدة على بعد 45 كيلومترا شرقي القاهرة وستكون مقرا للحكومة كما تضم مطارا وأحياء في مارس آذار 2015 خلال قمة اقتصادية عقدت في شرم الشيخ لجذب المستثمرين الأجانب بعد عزوفهم عن البلاد في أعقاب انتفاضة عام 2011. وهذا المشروع هو واحد من عدة مشروعات أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتطوير اقتصاد البلاد وخلق فرص عمل للسكان البالغ تعدادهم 91 مليون نسمة. وبدا أن المشروع يواجه صعوبات مع خروج الشركة الإماراتية. بحسب رويترز.
وبعد خروج الشركة الإماراتية تقدمت شركتان صينيتان للمنافسة على تنفيذ المشروع وهما شركة سي.إس.سي.إي.سي وشركة سي.إف.إل.دي. ووفرت سي.إس.سي.إي.سي قرضا بقيمة ثلاثة مليارات دولار لبناء المنشآت الحكومية للعاصمة الإدارية الجديدة لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بحسب بيان لوزارة الإسكان المصرية.
وقال أيمن إسماعيل رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية المملوكة لوزارة الإسكان والهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية إن تنفيذ ألحى الحكومي بالعاصمة الإدارية الجديدة سيكون من خلال شركات المقاولات المصرية.
"شركة العاصمة الإدارية الجديدة للتنمية العمرانية، عقدت اجتماعاً مع مسئولى وزارة الإسكان، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، للتنسيق والتعاون المشترك، والاستفادة من خبراتهما فى التعامل مع شركات المقاولات المصرية، وذلك لبدء إعداد الموقع، تمهيدا لتنفيذ منطقة الوزارات بأياد مصرية."
وقال هشام شتا رئيس مجلس إدارة شركة إنكوم الشريكة في المشروع لرويترز إنه كان من المنتظر توقيع مذكرة تفاهم بقيمة 20 مليار دولار في ديسمبر كانون الأول مع سي.إف.إل.دي لكن ذلك لم يحدث إلى الآن وتوقع توقيع الاتفاق خلال ستة أشهر. ويهدف بناء العاصمة الإدارية الجديدة إلى الخروج من زحام القاهرة والتلوث وكان من المتوقع أن تصل تكلفتها إلى 300 مليار دولار وأن تضم مطارا أكبر من مطار هيثرو في لندن بالإضافة إلى مبنى أطول من برج إيفل في باريس.