مدن العالم وسباق جودة الحياة

زينب شاكر السماك

2017-03-04 04:50

لكل دولة من دول العالم ميزة خاصة بها وجمالية مميزة وكل منها تسعى جاهدة لأظهار سماتها ومميزاتها للدول الاخرى حيث تتنافس الدول فيمابينها لكي تحصل على الشهرة وايضا للحصول على مراكز متقدمة في قوائم أفضل دول العالم من حيث الجمال والتطور وقوة الاقتصاد. وخير مثال المنافسة الدائرة مابين نيويورك ولندن حيث انتزعت الاخيرة من لندن عرش أكبر المدن العالمية جذبا للاستثمارات الأجنبية في العقارات التجارية بسبب المخاوف من أن يقوض تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي صورة الدولة كمركز مالي عالمي.

بالرغم من احتمالية خروج بريطانيا لكن مدنها تتنافس على لقب عاصمة الثقافة، وقد منح الاتحاد الأوروبي لقب "عاصمة الثقافة" الى مدينة هال البريطانية التي يمكن أن يجلب لها مزيدا من الاستثمارات ويخلق فرص عمل ويعزز الاقتصاد المحلي.

ان التنافس ليس فقط مابين دولة واخرى لا بل وصل حد التنافس بين مدينة واخرى كل مدينة تسعى ان تكون مميزة مقابل مدينة اخرى في نفس الدولة ففي ايطاليا تزداد مدينة ميلانو جمالا واهمية من حيث استقطابها للمشاريع المتعددة والاسثمارات المتنوعة وجذب السواح بينما تغرق روما العاصمة الايطالية بالمشاكل والتلوث وسوء الاوضاع حتى اقترح بعض المسؤولين ان تكون ميلانو عاصمة لايطاليا.

اكد اكثر الخبراء ان التقارير والدراسات المرتبطة بتقييم الدول او المدن تعتمد على امور متعددة منها مدى استقرار الدولة اجتماعيا وهدوءها السياسي وتوفر الخدمات الصحية والثقافية والاجتماعية واهمها الاهتمام بالبنية التحتية وفي مبادرة الى احياء الابنية المهلمة قامت بها جمعية "بلاتو اوربان" في قلب باريس حيث اجتمع على هذا الفكرة وتشجيعها فنانون ومقاولون شباب ومشردون سابقون الى جانب سياح حيث نفذ حوالى عشرة مشاريع اهمها "الجيران الكبار" الذي جمع اكثر من الف شخص في موقع كان يضم مستشفى سان فانسان دو بول (3,2 هكتارات في الدائرة الرابعة عشرة في جنوب باريس).

من جانب اخر وفي الشأن العربي مرورا بأهم المدن العربية التي تتصدر مؤشر جودة الحياة وعلى رأسها مدينة مراكش في المغرب التي احتلت المركز الأول في قائمة المدن الأفضل للعيش، تبعتها جوهانسبورغ (جنوب أفريقيا) والإسكندرية (مصر) على التوالي بحسب دراسة نشرتها مجلة "أفريك مديتيرانيه بزنيس" لتصنيف نوعية الحياة في المدن المئة الرئيسية في أفريقيا.

المغرب العربي في الصدارة

في نفس الشأن، كان حضور المغرب العربي قويا جدا في تصنيفات الدراسة المجتمعية الاقتصادية التي أجرتها مجلة "أفريك مديتيرانيه بزنيس" حيث حلت ثلاث مدن مغربية في المراكز الثمانية الأولى وهي مراكش والدار البيضاء والرباط فضلا عن تونس التي كان لها المرتبة السادسة والعاصمة الجزائرية التي حظيت بالمرتبة الحادية عشرة.

وتأتي هذه الدراسة كسابقة في القارة الأفريقية فيما يخص التصنيفات والدراسات التي تتابع آراء الناس، حيث أوضح جيروم شينال مدير وحدة البحث في معهد البوليتكنيك الفدرالي في لوزان والذي أشرف على هذه الدراسة "في أفريقيا كانت التصنيفات موجهة حتى الآن للمستثمرين والمقيمين الأجانب. ولم يطرح يوما السؤال بشأن الناس الذين يعيشون في هذه المدن من شباب ومسنين، أغنياء وفقراء". بحسب فرانس برس.

وشملت الدراسة مئة مدينة أفريقية كبيرة بينها كل العواصم فضلا عن تلك التي تضم أكبر عدد من السكان، حيث اعتمد الباحثون خلال عام من البحث على سلسلة من المعايير والمؤشرات التي توضح أداء المدن في مجالات مختلفة مثل السكن والبنية التحتية والنقل العام والتنمية الاقتصادية.

وفشلت مدن تعتبر محركات لاقتصاد القارة الأفريقية مثل نيروبي (كينيا) وأديس أبابا (إثيوبيا) ولاغوس (نيجيريا) وكيغالي (رواندا) في احتلال مراكز متقدمة في الترتيب. كما احتلت أسفل التصنيف مدن تعاني من نزاعات وتوترات اجتماعية وأمنية مثل باماكو وكينشاسا وبوانت نوار وبانغي. وأكد الباحثون أن هذا التصنيف سيتم إصداره سنويا بهدف الحصول على "بيانات حقيقية عن المدن" تكون أفضل من تلك المتوفرة حاليا عن المدن الأفريقية.

باريس: مسعى لاحياء مبان مهجورة

من جانب اخر في قلب باريس داخل مستشفى مهجور يجتمع فنانون ومقاولون شباب ومشردون سابقون الى جانب سياح بمبادرة من جمعية "بلاتو اوربان" التي تضم مخططي مدن وتسعى الى احياء ابنية مهملة. وفكرة اقامة تواصل بين اصحاب الابنية والمقيمين المعدمين طرأت قبل سنوات قليلة على ذهن سيمون ليني الذي كان يعمل كمحلل عقاري في مجموعة كبيرة.

واوضح ليني الثلاثيني "تبين لي ان ثمة 2,9 مليون متر مربع غير مشغولة من بينها 800 الف متر مربع لم تؤجر منذ اكثر من خمس سنوات. والفكرة تقوم على ايجاد استخدام لهذه المساحات". وسمح المشروع الاول في العام 2013 لفنانة باستخدام متجر خال في حي ماريه في وسط باريس بايجار قدره 150 يورو في الشهر.

ومنذ ذلك الحين انجزت حوالى عشرة مشاريع اهمها "الجيران الكبار" الذي جمع اكثر من الف شخص في موقع كان يضم مستشفى سان فانسان دو بول (3,2 هكتارات في الدائرة الرابعة عشرة في جنوب باريس) مع اقامة عمال اجانب ومهاجرين شباب معزولين ومشردين سابقين في المبنى الذي يعمل فيه ايضا مقاولون ومصممون وجمعيات.

في قسم الطب النسائي سابقا تعمل مارغو (26 عاما) الفنانة التشكيلية منذ عام مع فريق من الرسامين ومصممي الغرافيك. والقاسم المشترك بينهم جميعا انهم كانوا يفتقرون الى محترف قبل ذلك. وتقول الشابة "يوفر لنا ذلك مكانا مستقرا" وهي تدفع 17 يورو في الشهر لكل متر مربع تشغله وهو "سعر معقول جدا" على ما تؤكد. بحسب فرانس برس.

في الاماكن التي تديرها جمعية "بلاتو اوربان" لا يدفع شاغلو المكان ايجارا بل مبلغا مخصصا لتغطية كلفة الخدمات. وهو اتفاق يصب في مصلحة الجميع وقد جذب هذا المفهوم لوران فويديل رئيس شركة "لوريشومون" لايجار المساكن الشعبية. ففي نيسان/ابريل الماضي قام بتسليم تجمع فنانين مفاتيح مبنى خال تبلغ مساحته 530 مترا مربعا في الدائرة الثالثة عشرة في جنوب باريس.

ميلانو: اوربا المنفتحة على العالم

في نفس السياق تنظم في ميلانو أسابيع الموضة أربع مرات في السنة، بما في ذلك أسبوع الالبسة الجاهزة للنساء، فضلا عن معرض التصاميم ومعرض الكتاب الذي تتشارك في تنظيمه مع تورينو وأسبوع مخصص للاغذية. تكثف ميلانو المبادرات والفعاليات لتتخلص من صورة المدينة الصناعية التعيسة الغارقة في سحب الضباب الملوث التي تلازمها.

فقد عرفت عاصمة منطقة لومبارديا "كيف تستفيد من نجاح المعرض الدولي" الذي استضافته سنة 2015 وجذب اليها 21,5 مليون زائر، من بينهم 6,5 ملايين أجنبي، بحسب نوتشي. ونجحت المدينة سنة 2016 في استقطاب عدد قياسي من السياح يفوق ذاك المسجل سنة 2015 بفضل هذه الفعاليات، محققة ارتفاعا نسبته 2,07 % في هذا المجال.

وتعد ميلانو المشهورة بكاتدرائيتها ودار الأوبرا "مدخل الشركات إلى إيطاليا ومن أهم مناطق التنمية الاقتصادية في أوروبا"، بحسب نوتشي. وتسجل البطالة فيها نسبة 8 %، في حين أن المعدل يناهز 12 % على الصعيد الوطني و10,7 % في روما. وتدر المدينة وضواحيها 10% من إجمالي الناتج المحلي في البلاد وفيها مقار ربع المصارف الإيطالية، كما فضل عدد كبير من الشركات فتح فروعه فيها، على حساب روما، مثل مجموعة "سكاي تي جي 24" الإعلامية التي قررت في تشرين الثاني/نوفمبر نقل جزء كبير من موظفيها من روما إلى ميلانو. بحسب فرانس برس.

ويقول نوتشي "قررت شركات كبيرة متعددة الجنسيات، بما فيها تلك الصينية أن تفتح فيها مراكز أبحاث، مثل هواوي"، مشيرا إلى الانتشار الواسع أيضا للمجموعات الإيطالية التقليدية في مجالات شتى، من الموضة إلى التكنولوجيا مرورا بالصناعات الغذائية. وفيما تتخبط روما في مشكلة نفايات، تعتبر ميلانو من بين ثلاث افضل مدن اوروبية في مجال الفرز. اما النقل العام المشترك فيها معروف بفاعليته بعيدا عن الفوضى الشهيرة في روما.

ويبدو ان الفارق بين المدينتين يزداد اتساعا يوما بعد يوم الى حد كتب فيه رافايللي سيمونه الفيلسوف الايطالي من روما مقالا في مجلة "ليسبريسو "الاسبوعية يقترح فيه نقل العاصمة الى...ميلانو. وكتب يقول "هذا الموضوع قديم للغاية (..) لكن بات الان من المستحيل تفاديه. فالاهمال غير المقبول الذي تغرق فيه العاصمة منذ سنوات تجعل لا مفر من هذا الطلب". وأكد "ميلانو اوروبية بامتياز، اوروبا المنفتحة على العالم".

هال البريطانية: عاصمة الثقافة

هذا وقد تجمع حوالي 60 ألف شخص في مدينة هال البريطانية لمشاهدة عرض للألعاب النارية وعروض ضوئية أخرى احتفالا ببداية العام الذي اختيرت فيه المدينة كعاصمة ثقافية للبلاد.

وقال منظمو هذا الحدث العام أن عشرات الآلاف شاهدوا تلك العروض عبر شاشات التلفزيون في شمال وجنوب البلاد يوم الأحد الماضي.

وتجمعت حشود المشاهدين في ميدان الملكة فيكتوريا لمشاهدة عروض فيديو ضوئية على جدران مبنى الحكومة في مدينة هال من جميع الاتجاهات. وتناولت العروض تاريخ المدينة تفصيلا؛ من الحروب وحتى الانتصارات الرياضية التي شهدتها هال.

وتأخر بدء إطلاق عروض الألعاب النارية حوالي خمس دقائق، إذ كان من المقرر أن يبدأ الساعة 08:17 مساء بتوقيت المدينة. وقال الفريق المنظم للحدث، الذي انطلق تحت عنوان "هال مدينة الثقافة، إن التأخير جاء لإتاحة المزيد من الفرص لحاملي التذاكر للانضمام إلى الباقين إلى المرسى لمشاهدة الألعاب النارية.

استخدم منظمو الحدث الكبير في هال أكثر من 15 ألف مقذوف من الألعاب النارية ورأى البعض أن عرض الألعاب النارية في هال فاق في حجمه وتنظيمه عرض الألعاب النارية الذي شهدته العاصمة لندن عشية السنة الجديدة. وهال هي المدينة الثانية في بريطانيا التي تحصل على لقب العاصمة الثقافية بعد حصول مدينة لوندنيري الأيرلندية الشمالية على اللقب في 2013.

وقال بعض من حضروا العروض لبي بي سي إن جميع الحضور كانون مستمتعون بهذه الأمسية.وقال مارتن غرين، الرئيس التنفيذي لمبادرة مدينة الثقافة إنه "إحساس رائع أن تكون جزء من اللعبة، خاصة وقت التخطيط، لكنك تحب أكثر تلك اللحظة التي يبدأ فيها العرض."

نيويورك: أكثر مدن العالم جذبا للاستثمار العقاري

من جهتها انتزعت نيويورك من لندن عرش أكبر المدن العالمية جذبا للاستثمارات الأجنبية في العقارات التجارية بسبب المخاوف من أن يقوض تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي صورة الدولة كمركز مالي عالمي. وتشير بيانات بشأن المعاملات العقارية عبر الحدود إلى تزايد قلق المستثمرين قبل الاستفتاء الذي أجري في 23 من يونيو حزيران.

انخفضت التدفقات الرأسمالية الأجنبية على عقارات لندن 44 بالمئة في الشهور الستة الأولى من عام 2016 مقارنة مع الفترة نفسها في 2015 وفقا لبيانات لشركة الوساطة جونز لانج لاسال. وقال صندوق الثروة السيادي النرويجي- أحد أكبر المستثمرين الأجانب في بريطانيا- إنه خفض قيمة محفظة عقاراته في المملكة المتحدة خمسة بالمئة بسبب الاستفتاء.

وقال ديفيد جرين مورجان مدير أسواق رأس المال العالمية لدى جونز لانج لاسال في شيكاجو "من الإنصاف القول إن لندن تحملت وطأة مخاوف خروج بريطانيا... مبعثق القلق الرئيسي أن تفقد لندن الكثير من وظائف الخدمات المالية التي جعلت منها هذا المركز المالي العالمي." وأظهرت بيانات جونز لانج لاسال أن نيويورك جذبت استثمارات أجنبية بقيمة 10.3 مليار دولار في الشهور الستة الأولى من العام مقارنة مع 6.9 مليار اتجهت إلى لندن. بحسب رويترز.

أضافت أنه خلال الفترة نفسها قبل عام استحوذت لندن على 12.4 مليار دولار من الاستثمارات مقارنة مع 11.3 مليار تدفقت على نيويورك. وينسسجم الانخفاض في الاستثمارات المتدفقة على نيويورك التي بلغت نسبته 8.9 بالمئة مع التراجع البالغ نحو عشرة بالمئة الذي شهدته المدن الكبرى هذا العام مقارنة مع 2015 الذي كان عاما استثنائيا للاستثمار العقاري في أرجاء العالم.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا