احترمي الخاتم في اليد اليسرى
فهيمة رضا
2016-12-26 07:30
أصعب إحساس في الحياة أن تظن المرأة بأنها تشكل وجودا متميزا وقويا في حياة الرجل، وتظن أنها تعني له الكثير، ومن ثم تدرك فجأة، فيما يُشبه الصدمة، بأنها كانت لعبة جميلة له، يقضي بها وقت فراغه في وقت محدد، ثم تنقضي صلاحيتها بالنسبة له، ولم يعد لها أي وجود في حياته.
ماذا سيكون إحساسكِ لو أنك أمضيتِ وقتا طويلا وشاقا ومتعبا في تحضير شيء ما، وبعد الانتهاء منه، أُخِذَ منك خلال ثوانٍ قليلة؟.. كيف سيكون إحساسك ومدى ألمك لو قضيتِ عمرك وبذلتِ جهدكِ، وقدمتِ حياتك لشخص، ثم ارتدَّ بصره فجأة عنك لعدم قدرته على احترام الخاتم في اليد اليسرى!؟، وهو يمثل أيقونة العقد العاطفي بينكِ وبينهُ؟.
من الجميل أن يدرك الناس بأنه لا يوجد في الدنيا صاحب الحظ الجميل أو السيّئ، بل كل شخص يصل الى مستوى راقٍ، لابد أنه تحمل الإحباط والضغوطات والمتاعب، وبعد الفشل لمرات عديدة وصل الى ما وصل إليه وفاز به أو حصل عليه.. ولا شك أن كل شخص حظه سيّئ في الظاهر، لابد أنه تكاسل وألهم نفسه بالكلمات السلبية، وتيقن بأنه لن يصل الى أي مكان ومن ثم وصل الى لا شيء.
من الجميل أن يعرف الناس.. ربما وراء ضحكاتنا تكمن أطنان من الهموم والأوجاع، وربما يعاني البعض من آلام عميقة بسبب خدوش مخالب الحياة القاسية على صدرهم، كم هو جميل ومقبول لو كان كل إنسان عندما يعجبه شيئا ما يدعو لبقائه معه، ولكن للأسف هناك من يدعو لإزالته.
من الأمور اللطيفة أن ندعو الى نشر السعادة بين العائلات السعيدة كي يدوم الحب فيما بينها، ونتعلم منها قوانين السعادة كي نُسعد ونتعلم احترام بعضنا وصيانة الحقوق المتبادّلة بين أفراد العائلة والمجتمع ككل، ومن الجميل أن نحترم حقوق أفراد تلك العائلات السعيدة، ولا نقترب من حرماتهم الخاصة!.
ولكن ليس الجميع لديهم هذه الثقافة، وليس الجميع من له القدرة على صيانة حقوق الآخرين، ولو فكّر كل إنسان أنه قد تُنتَهك حقوقه إذا انتهك حقوق وحرمات الآخر لما تجرّأ وفعل ذلك، لأنه سوف يتحسس ألم وأوجاع الإنسان الذي يتجاوز على حرماته.. إذاً على الزوجة أن تحترم الخاتم في اليد اليسرى، وهو احترام واجب على الزوج طبعا، إنه احترام مزدوج متبادَل في وقت واحد، ولا منّة للزوجة على زوجها إذا التزمت بهذا العقد، وكذا الحال بالنسبة للزوج.
كانت هناك امرأة شابة طالما كانت والدتها توصيها بالصبر في جميع الأمور، ولكنها كانت تقول قلبي كقلب العصفور لا أستطيع الانتظار طويلا لما أريده.. ولأن الحياة مدرسة تعلم الإنسان كل شيء رغما عنه، علمتها إنها لن تنال أي شيء بسرعة كما تريد وعليها أن تتمتع بحيازة الصبر كي تنال مبتغاها.
في إحدى المرات كانت تعاني من إحباط شديد لعدم قدرتها على تكملة المسير، كانت تعاني من ألم في ظهرها، وقد بينت لي بعد شهور بأنها كانت تتحمل الضرب والشتائم التي تتعرض لها من زوجها، ولكنها بصبرها عبرت مرحلة الإحباط، وبحلمها وذكائها ولطفها وإنسانيتها، استبدل زوجها سلوكه السيئ بآخر جميل وإنساني، فبعد مدة طويلة من تحمل الوجع والانتهاكات الزوجية، أصبح زوجها رجلا جديدا ذا أخلاق حسنة، ولأن البيوت أسرار، لم يعرف الناس ما جرى أو ماذا كان يجري في بيتها لأنها لم تتكلم لأحد عن أي شيء .
ولكن أصبح الجميع يتكلم عنها بإعجاب، وعن حياتها السعيدة المملوءة بالحب والمداراة، ولأن الناس يحسدون الإنسان حتى على ابتسامة خفيفة، أصبح الجميع يتكلم عنهما بإعجاب، وهو أيضا صدّق نفسه وأخذ يهنّئ زوجته بزوجها المثالي ونسي أفعاله التي ارتكبها ذد زوجته في الماضي!.
قالت إحداهن ذات مرة يا لحسن حظكِ، فقد حظيتِ برجل تتمنى كل النساء أن يتزوجن بمن هو مثله، تبسمت وتركت المكان بلطف ولكن لم تتكلم عن أي شيء جرى في حياتها الزوجية.
ختاما.. في بعض الأحيان ربما يتوجَّب علينا أن نخبر أولئك الذين ليس لديهم مهام في حياتهم غير التجسس على حياة الآخرين، عن بعض المصاعب التي جرت علينا كي يرحلوا بعيدا ويتركوننا وشأننا !ولكن لم تفعل لأخلاقها الرفيعة.. اقتربت تلك الحسناء كي تحظى بنصيبها من الحياة.. ولكنها اختارت الشخص غير المناسب! كيف باستطاعتها أن تهنأ وهي تدمر حياة عائلة كاملة، هل يجب أن تدمر عائلة حتى تحظى بحياة سعيدة؟ كيف باستطاعتها أن تبني أركان بيتها على أركان بيت كانت سببا في دماره؟ هل مات جميع العزاب كي تتزوج من رجل تنتظره عائلته حتى تكتمل سعادتهم بوجوده؟.
احترمي الخاتم في اليد اليسرى، هناك من تعبت وأفنت روحها وجمالها وشبابها كي تقوّم أركان بيتها وتحظى براحة البال والسعادة في بيتها، احترمي الخاتم في اليد اليسرى واحترمي أختك في الحياة، لا تعذبي روحها الهزيلة !ابحثي عن مكان مناسب وصحيح لك، لا تأخذي مكان قريناتك! احترمي نفسك واحترمي الخاتم في اليد اليسرى، ولا تقبلي بأن تكوني ضيفة في وليمة أقيمَتْ على شرفك من جثث أهل الدار.
(أن يطعنك أحدهم في ظهرك قد يكون أمرا طبيعيا، لكن أن تلتفت وتجد أنه أقرب النّاس إليك فهذه هي الكارثة!!).