احترم الخاتم في اليد اليسرى!

فهيمة رضا

2016-12-14 07:44

بعد سنوات غياب طويلة بينهما، لم تكن تعرف أن رؤيتها له مجددا سوف تهز أركان عرشها هكذا! هل سبق وشعرت أنك لست سوى خانة للأحاسيس ولا يمكنك كبتها؟ هل سبق وشعرت بأنك لست سوى قلب مملوء بالمشاعر الجياشة، ولا تعرف ما هو الأفضل، هل تفتح أبواب قلبك كي يفيض الحب منه، أم تقفل أبوابه كي تبقى المشاعر الصادقة حبيسة فيه الى الأبد؟.

هل سبق أن أصبت بالحيرة؟ ماذا فعلت بعدها أو ماذا عليك أن تفعل؟.

زواجها كان بمثابة صدمة للجميع، فهي كلؤلؤة يتمنى الجميع أن يحظى بحفظها في صَدَفة حياتهم، يتمنى الجميع أن ينال شرف الزواج منها، فأية بنت كهذه تكون محط اهتمام الجميع، تجذب القلوب قبل العيون، تسحرهم ببراءتها، جمالها كنبع عذب لم تدنسه أية يد ملوثة، كان الجميع يحلمون بها كل ليلة، يكتبون ألف قصة عن كيفية مراسيم الزواج وشكلها، ولم يعرفوا أن زواجها المفاجئ سيقضي عليهم وسيغير أحلامهم الذهبية الى رماد أسود، وسوف تخيّم نكبة زواجها المفاجئ على رؤوسهم طيلة حياتهم وتسرق منهم الراحة!.

تزوجت وتركت وراءها ألعاب الطفولة وذكريات العمر، وبدأت حياتها بعيدا عن الأقارب، جاء دورها لتؤسس وتبني عائلة سعيدة، وتحظى بطفل يملأ البيت روحا وريحانا كما تحلم كل بنت.

بدأت حياتها ولأن الأيام ليس كلها ربيع دائم، لابد أن يأتي الخريف ليهزّ الأشجار بعنف.. ولابد وأن يقضي على أحلام كانت متشبثة بأغصان الأشجار بقوة.. لابد وأن تكون هناك نهاية لأي شيء في هذا الكون.

حوار بعد فوات الأوان

(كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).. لو كانت الحياة كلها راحة وسعادة لشعرنا بالملل، ولكن هناك أمواج تضطرب في بحر حياة كل شخص كي لا تبقى حياته راكدة كماء ساكن يصيبه الأسن، الأمواج ربما تأخذه يميناً وشمالا ولكن في النهاية سوف يصل الى مكان ما، لو حافظ الشخص على هدوئه وفكر جيدا في إيجاد حل مناسب لمشكلته، فهذا أفضل حتما من اليأس والعجز.

بعد أن مضى عشرون عاما، شاءت الأقدار أن تجمع بينها وبين أقربائها بصورة متفاوتة، لا زالت تملك تلك الجاذبية التي كانت تلهب أحاسيس الجميع وتخلخل عقولهم، رغم حجابها الكامل وإيمانها الرصين! ولكن كما يقول الله في كتابه (من كان يريد العزة فإن العزة لله جميعا)، كلما كان ارتباط العبد مع الله أقوى سيكون حبه أكثر اتساعا في قلوب الناس، ربما كان إيمانها سبب مكانتها في قلوب الآخرين.

ولأن التكنولوجيا في بعض الأحيان تصبح كالعبء الثقيل على كاهل المجتمع رغم أنها تقرب البعيد، ولأن الحب سلطان كما قال بعضهم، لذلك فهو فوق القانون، أذن قريبها لنفسه (ذلك الذي جمعتها به مشاعر إعجاب منذ سنوات بعيدة) أن يفتح أبواب قلبه كي يخفف من ألم الحب، فتمرد على القوانين وكتب لها:

- لا زلت كلؤلؤة براقة تضيئين المكان بنورك لماذا تزوجت بهذه السرعة؟.

- القسمة والنصيب.

- أنت لماذا لم تتزوج الى الآن؟.

- كنت أحب إحداهن وطارت صورتها، أعمت نظري عن كل فتاة سواها!.

- ماذا تقصد؟.

- تزوجت قبل أن أستطيع أن أتقدم لخطبتها، ومنذ ذلك الحين أعيش مع ذكراها وكلما يريد أهلي أن يقدموا لخطبة إحداهن، أتصورنها أمام عيني ولم تعجبني أية بنت !.

من تملك مثل إيمانها؟ براءتها؟ جمالها؟ قناعتها؟ وفاءها؟ من؟ لازلت أبحث عمن تشبهها!.

في بعض الأحيان تنزلق الأرجل نحو بعض الذنوب، ويزين الشيطان الأعمال السيئة في عين الإنسان، فقد أهملا الحلال والحرام وأخذ الكلام يطول بينهما، سألته عن اسمها وبين الإصرار والإلحاح عرفت بأنها هي ! هي وراء كل شيء كيف؟.

لم تفعل شيئا كي يشعر هو بهذا الإحساس، كي يعشقها الى هذه الدرجة، وكيف يصبر خلال هذه السنوات؟

اقترب موعد الرحيل ولكن الوداع هذه المرة كان بطعم أكثر مرارة من السابق، قلبها تلوث بحب رجل آخر دون استئذان، أصبحت تعاني من دوار شديد، كرهت حياتها وأصبحت تهمل الجميع، تفكر بكلمات الحب التي صدرت من ذلك الرجل القريب لها.

مازالت عالقة عند منعطف الألم ولكن لا تبقى الشمس خلف السحاب الى الأبد، لابد وأن يشع النور على القلوب وتنير الدروب، بعد مدة أخذ ضميرها يؤنبها على كلامها وخطوتها القاتلة!.. ماذا لو كان كل شخص يحترم الخاتم في اليد اليسرى(1) ويبتعد عن الخطأ احتراما لهذا الأمر المقدس (الزواج) ولكن ليس باستطاعة الجميع كبت المشاعر والحفاظ على الهدوء.

لذلك ارحموا من تحبون !

ربما تعاني (من تحب) من الأوجاع في حياتها، ربما تتجرع كأس الألم المر كل يوم في الخفاء كي لا يشعر بها أحد، ربما تعيش لأجل أطفالها كي لا يقعوا بين أيدٍ غير آمنة وتلوث طفولتهم البريئة، ارحموا من تحبون ربما تعاني (من تحب) ألف مشكلة مع زوجها وكلمة حب منك سوف تحرق بقايا الخلايا السليمة في جسدها وعقلها.

ارحموا من تحبون وحافظوا على حبكم في قلوبكم عندما يفوت الأوان بعد الزواج سيصبح قلبها لشريك حياتها! ارحموا الأطفال فهناك من ينتظر أمه كي تقوم بواجباتها إزاءه كأم ولكن بسبب تشويش الأفكار ليس باستطاعتها! ارحموا الأزواج فهناك من يعمل ليل ونهار كي يحافظ على بيته وينير سراج بيته، هناك من ينتظر زوجته!.. ارحموا من تحبون وأغلقوا أبواب قلوبكم كي لا تفيض منها المشاعر وتدمر حياة الآخرين.

------------------
هامش:
1- من تقاليد الزواج في المجتمع العراقي أن لبس خاتم الزواج يكون في اليد اليسرى، ولبس خاتم الخطوبة في اليد اليمنى.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي