حذارِ من دوّامة الحياة

فهيمة رضا

2016-12-03 06:46

أحيانا أشعر كأننا روبوتات ولكن مع فارق واحد هو العقل، من كثرة انشغالنا بالروتين اليومي، نسينا أشياء كثيرة وتعلمنا أن نعيش في عالم بائس مكتسٍ بالسواد، يا ترى الى أين سوف يكون مصيرنا؟.

ما هو الحل للخروج من هذه المتاهة الموحشة؟

الحب .. يا له من لص محترف يعبر عبر الزمان والمكان كي يدخل دون استئذان إلى القلوب!.

أجمل كلمة وُجدت في قاموس البشرية حيث يتلاءم البياض والعنفوان والصدق مع بعضهم البعض في بوتقة الحب كي يهدي للعالم المعجزة الكبرى.

الحب الكلمة التي يفوق مفعولها السحري ألف قارورة طبية، أو من الأجدر أن أقول أنها (إكسير الروح)، يضع بلسما على الجروح ويبعث الأمل لمن يتجول في دهاليز الألم.

الحب أقحوان الحياة لمن أوشك على الذبول.. هو يد النجاة الممدودة لمن أوشك على السقوط في هاوية اليأس.. ولكن بشرط أن يستخدمها الناس قبل فوات الأوان.

ما الفائدة من تلك القبلة على جبين الموتى في اللحظات الأخيرة؟

ما الفائدة من جلب الزهور للقبور بعد أن فقد أحبتنا الروح، وأصبحت أيديهم بلا إحساس حيث ليس باستطاعتهم استلام الزهور أو قول كلمة شكرا.

وهل بإمكان ضميرنا أن يرتاح بعد ذلك؟.

نضيع في دوامة الحياة بأبشع صورة، وننسى أننا تركنا أحبتنا حيارى في هذا العالم المظلم، ننسى أن نشعل شموع المحبة في حياتهم كي لا يتجمدوا من قسوة الحياة، نهتم بالجانب المادي وننسى المشاعر! .

أوشك عالمنا اليوم أن يذهب الى التيه في محيط المادة والجماليات الهشة المزيفة، حيث لا مكان للحب والأمل، ولكم لا زال البعض يتشبث به بقوة كي لا تُمحى أثار وجوده في هذا الكون.

نقوم بواجباتنا كزوج وزوجة، وتجاه الوالدين، الأطفال، الدراسة، الثقافة، العمل، ومعاملة الآخرين، ولكن كم مرة في اليوم أو في الأسبوع أو في الشهر نخبر أحبتنا عن مدى حبنا لهم؟

كم مرة نشكرهم على وجودهم في حياتنا واهتمامهم بنا؟ كم مرة نجلب لهم الهدايا لنذكرهم لا زلنا نفكر بهم؟ أصبح الجميع يعاني من الجفاف العاطفي لكثرة أشغالنا الجانبية.

أيها الأب لا تستهين بهذه الكلمة، أتعرف عندما تخبر ابنك عن مدى حبك له كيف يسعى ليكون أفضل من قبل؟ سوف يجعل كلمتك سندا له ويمضي بقوة نحو الأمام ...

عندما تخبر ابنتك عن مدى حبك لها ستسقيها بماء الحب وتروي ظمأها كي لا تحتاج من خارج البيت أن يسدوا لها هذا الفراغ العاطفي ويسقوها بماء الحب والاهتمام.

بادر أنت قبل أن يبادر غيرك !عندما تخبر زوجتك عن مدى حبك لها سوف تعطيها طاقة إيجابية باستطاعتها أن تصمد أمام العالم ومن فيه لأجلك أنت وأطفالك.

لماذا نبخل بها رغم علمنا بتأثيرها الواسع والقوي على الآخرين؟ وهل يوجد أحد يستطيع أن يقاوم تأثير الحب وسطوته على القلوب والمشاعر الجميلة؟.

أياً كان الإنسان، فإنه سوف يخضع وسوف ينحني أمام هذه الشجرة الطيبة، ونعني بها شجرة الحب الإنساني الصادق.

لو أننا نبحث في دفتر ذكرياتنا لابد وأن يكون هناك لبعض الناس لوناً مختلفاً عن الآخرين، إنه لون جميل ممزوج بحب وحنان لابد وأن يطرق قلوبنا بصورة أقوى عند ذكر أسماءهم، ربما تركوا هذه الدنيا ولكن كلماتهم تبقى كبذرة خير نبتت في داخلنا وأصبحت كشجرة عملاقة تعطينا ثمارها في كل حين ومنها:

- لابد وأن نكون قد تعلمنا درس الإنسانية والوفاء والدين منهم وهل الدين إلا الحب؟.

- أياً كنت ينبغي أن لا تضيع في دوامة الحياة، ولابد أن تشعر بالمسؤولية وتملأ أحبتك بغذاء الروح.

- من الأفضل أن نفهم بأن الصغير والكبير، المرأة والرجل، سوف يكونوا في جميع مراحل حياتهم جياعا أمام الحب.

- كلمة الحب إذا استعملت في مكانها ولم يبالغ في استعمالها، تعطي أفضل مفعول على الإطلاق.

- الحب شيء مقدس في جميع الأديان وبه قوام العالم والحياة وربما يكون من أفضل حالات التقرّب الى الله تعالى، عندما تحب الله ورسوله وأهل بيته وعباد الله الطيبين سيكون مصيرك الجنة بلا شك.

"قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم"

فقد ذُكرت كلمة الحب في 76 آية في القرآن الكريم، حيث يُبين كلام الله جميع أنواع الحب، منها الحب الممدوح كحب الله والرسول وأهل العلم وحب الله للتوابين والمتطهرين ووو....

وفي المقابل يُبين الحب المذموم كحب الشهوات والمال وحب رؤوس الضلالة، حب النفس.. إذا كان الحب في إطار شرعي كحب الزوجين والأولاد والمحارم سيكون أصله في القلوب وفرعه في السماء.

قال النبي صلى الله عليه وآله: إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره.

وعن الإمام الصادق عليه السلام: إذا أحببت رجلاً فأخبره بذلك فإنه أثبت للمودة بينكما.

لذلك نجد أن الحب يعدّ من أقوى المعاني التي تفوقت مكانتها العظيمة كل الأشياء، ولا تزال رائحته العطرة تسكر الأرواح الطيبة حتى وإن أكل الدهر عليها وشرب.

وفِي الأخير أقول كما قال وليم شكسبير: ( تكلم هامساً عندما تتكلم عن الحب).

ربما يبدو كلامي بسيطا بعض الشيء ولكن لماذا نستخف بما لم يقع في ضمن دائرة اهتمامنا، لماذا أصبح (البيت والعمل والسيارة والدراسة ووو) أهم الأشياء في حياتنا، وأخذت مكان الحب!؟ ربما غدا يكون باستطاعتنا شراء البيت والسيارة، ولكن ربما أحبتنا لم يكونوا على قيد الحياة كي نخبرهم عن مدى حبنا لهم ونأسف طوال حياتنا على إهمالنا هذا، وهو إهمال غير مقصود.

ربما غدا يكون باستطاعتنا السفر الى أي مكان شئنا، ولَم يكن لأبوينا أثر كي نخبرهما عن مدى عظمتهما في حياتنا، ربما وألف ربما... لذلك من يضمن وجوده إلى الغد كي يؤخر هذا القول ولا يخبر به من يحب؟. لسنا في الدنيا سوى عابري سبيل، فلنترك وراءنا كلمة جميلة تزرع الجمال في أرواح سامعيها، إذا ليس عليك سوى أن تحمل هاتفك وتخبرهم عن مدى حبك لهم.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي