النهوض من تحت الرماد
فهيمة رضا
2016-08-11 09:05
تتعدد الحكايات في حياتنا، منها ما تنتهي بنهاية سعيدة، ومنها تنتهي بنهاية حزينة، والأكثر حزنا وتأثيرا على القلب، تلكم التي تنتهي نهاية مؤلمة، ولكن الأهم من ذلك كيف نرفع رأسنا ثانيةً من تحت الرماد؟، رماد الخيبة، وكيف نبدأ من جديد بعد انتهاء حكاياتنا؟.
وهل نبدأ بممارسة حياتنا مرة أخرى، أم نندثر تحت الرماد؟
كل شخص يتحرك فوق هذه المعمورة، يترك بصمة في حياة بني جلدته، لن أنسى من كان بجانبي عندما احتجتُ إليه وخذلني، ومن كان بجانبي عند احتياجي وقلل من معاناتي.
في حياة كل شخص لؤلؤة ..ربما تكون ثمينة جدا، أو أنه قد لا تحمل سوى الشكل الخارجي البرّاق، أما جوهرها فيكاد ينعدم تماما، القلوب كذلك كاللؤلؤ الأصيل والمزيَّف، فهناك من يحمل بين أضلاعه قلبا ناصع البياض، له بصمته النقية، كبياض الملائكة، وهناك من يحمل قلبا اخضر، بصمته كاخضرار الأشجار، تهدي الروح من جديد لمن حولها.
وهناك من يضم بين أضلاعه قلبا اسود، بصمته كالرماد الذي يخطف الأرواح الى الأبد.
كبصمتكَ أنت، أتعرف؟.
إنك أحرقت أوراق دفتر حكاياتي بالنار التي أشعلتها فيها، كتبت عن كل شيء ليرسخ ذكراك في مخيلتي، ولكن أشعلت نار الخيبة في حياتي وأحرقت جميع سطوري.
لطالما أحببت الليالي لما تحملهُ من هدوء وسكينة، حيث تقترب القلوب أكثر فأكثر من بعضها البعض، ولكنك أجبرتني أن أكره كل شيء من بعدك حتى تلك الليالي التي امتلأت بحكاياتنا.
في تلك الليلة عندما غادرتَ البيت، تحطمت أحلامي وتبخرت في السماء كما لو أنها لم يكن لها وجود أصلا، أصعب إحساس في الحياة عندما تعتقد أن لك أهمية كبيرة في قلب أحدهم، وفي النهاية تصطدم بواقع آخر وباحتمال خارج التوقّع، لان الأيام تكشف لك انك كنت لعبةً في يديه وكان يتسلى بك!.
لقد كنت شيئا مثاليا في البداية، كنت شيئا جميلا في حياته، وانتهت صلاحيتك فجأة .......
ترهقني هذه الأحاسيس، وتدفعني صوب غياهب اليأس والألم؟.
لازلت اسأل نفسي، كيف للقلب الذي كان ينبض لي أن يكرهني ويمضي بعيدا عني...
ألم تقل لي عدة مرات، لا أستطيع العيش من دونك، فأنت الحب والأمان؟ كيف أنسى كلماتك التي حفرتها في قلبي؟ لا زلت اشعر بحضورك المضيء الباذخ الى جانبي، لازلت أشعر بصوتك كأنه جزء مني، عندما كنت تهمس في أذني وتقول لي أنت دنياي كلها !.
كم كنت غارقة في الأحلام عندما صدقت أكاذيبك، فأنا لم أكن دنياك، بل كنت دمية بالنسبة لك، فرميتني بسهولة جانبا، كي تلهو وتعلو مع الأخريات.
لا زلت أتنفس بصعوبة، هل تعرف مع كل زفير تؤلمني جميع عروق جسدي وحنايا قلبي؟ ليت باستطاعتي انتشالك من ذاكرتي، وأرمي بك بعيدا مثلما رميتني، ولكنك ملكت قلبي، فكنت أنا الضحية التي أصبحت كخاتم في إصبعك، تحركني كيفما شئت، تضمني في يدك متى شئت، وتنزعني من يدك متى رغبت...
وهكذا اكتسح عالمي السواد مذ غربت شمس وجودك ومضت بعيدا عن دنياي، فبات الجليد يكسو عالمي، وأصبحت من مواطني ارض الجليد رغم حرارة الطقس المجنونة.
غيابك دفعني الى الجنون، بينما كنت أندب أحلامي في كل دقيقة، وأستنجد بآمالي، لكنني رأيتك في منتهى السعادة، مسحت دموعي التي كانت تنهمر من أجلك.. ثم وبخت نفسي!.. وقلتُ لها:
لو كان ثمينا الى هذه الدرجة، لم يكن باستطاعته أن يرخص الآخرين بهذه السهولة، إذن هو رخيص! هذا هو الاستنتاج الذي توصلتُ إليه، فنزعت رداء الحزن لأبدأ من جديد، رميت الماضي في خانة النسيان، هذه المرة لأجلي أنا فقط.
فقد تعلمتُ أن اعمل كل شيء لأجلك، لم يهمني أي شيءٍ سواك، ولكن الآن أدركت أن اهتمامي البالغ بك هو الذي تسبَّبَ بخسارتي لك ...
لست ناقصة لأظلم حياتي من أجلك، بل الآن اكتملت، وعرفت أنني كنت ناقصة وأنا معك، وعندما ارتضيت برجل مثلك.
بعد الطلاق تحمّلت عدم وجودك، وكم كان صعبا عليَّ ذلك، ولكنني تحمّلت عتاب الجميع، لان المرأة هي المُلامة الوحيدة في مجتمعي.
ولكن لم يعرفوا أنك أنت من تبحث عما تشتهي نفسك ...لست (عبدةً أو جارية لديك) لكي أُذل وأهان، وبعد ذلك أقبِّل يديك.
بل أنا ملكة، امرأة متكاملة، وعندما تذهب بإرادتك، لا أتوسل إليك لكي تعود وتبقى معي، لان هذه العلاقة تهدّم بنيانها وأنت السبب.. وها أنني ارفع رأسي مرة أخرى من تحت أكداس الرماد، لكي أبيّن للعالم أن الدنيا لا زالت متبسّمة لي، وسوف أحقق أحلامي وأهدافي وأمنياتي واحدة تلو أخرى، أردتَ أن تكسرني لكنك انكسرت، وها أنا أمحو خسائري كلها، وأعيد ترتيب حياتي من جديد، فقد أصبحت أقوى بكثير لأحارب ظلمك، والظلم لا يليق إلا بأشباه الرجال !
سأبيّن لمجتمعي أنني لست معاقة عندما أصبحت مطّلقة، بل سأكون معاقة طوال الحياة إذا جلست انتظر رجوعك.
وجود كل شخص في حياتنا ليس مجرد صدفة.. بل كلّ شخص يعطينا درسا في الحياة، أما يكون درسا في الوفاء أو درسا في الخيانة، ولكن شتان بين الاثنين، فبينما ندعو للأول بالخير، سوف ندعو للثاني عكس ذلك!.
تُرى هل فكرت ما هو نوع ولون بصْمَتِك؟.