الشباب ومستنقع الادمان

مروة حسن الجبوري

2016-07-14 08:57

خلال السنوات الماضية انتشرت ظاهرة الادمان في المجتمع العراقي، وبالرغم من ان الدولة في اشد الحاجة الى التكاتف، من اجل القضاء على عصابات داعش الاجرامية، وحماية مستقبل الشباب جميعا، الا ان هنالك من يقتل ابناء شعبه ويساعدهم على الانحراف، عن طريق المتاجرة بالمواد المخدرة (الكوكايين، والهيروين، المورفين، القات) والتي تفوق قدرتها عن اي نوع اخر من الادمان، فهي تفسد الانسان والمجتمع وتغرقه في مستنقع من الانحرافات والمشكلات الاجتماعية والاخلاقية.

تاريخ المخدرات:

مادة المورفين: هي احدى مشتقات الافيون حيث استطاع العالم الالماني سير تبرز عام 1806 من فصلها عن الافيون واطلق عليها هذا الاسم نسبة الى الاله "مور فيوس "اله الاحلام عند الاغريق، وقد ساعد الاستخدام الطبي في العمليات الجراحية خاصة ايام الحرب التي اندلعت في الولايات الامريكية (186 _1861) منذ اختراع الابرة الطبيبة بطريقة الحقن في اليد.

الهيروين: هو ايضا من مشتقات المورفين الاشد خطورة اكتشف عام (1898) وانتجته شركة باير للأدوية ثم أسيء استخدامه وأدرج ضمن المواد المخدرة فائقة الخطورة.

الكوكايين: عرف نبات الكوكا الذي يستخرج منه الكوكايين في امريكا الجنوبية منذ اكثر من الفي عام، ويشتهر استعماله لدى الهنود الا نكا، في عام (1860)، وتمكن العالم الفرد "نيمان" من عزل المادة الفعالة في نبات الكوكا، ومنذ ذلك الحين زاد انتشاره على نطاق العالم، وبدا استعماله في صناعة الادوية نظرا لتأثيره المنشط على جهاز العصبي المركزي، ولذا استخدم بكثرة في المشروبات الترويحية وبخاصة الكوكاكولا، لكنه استبعد من تركيبها عام (1903) وروجت له بقوة شركات صناعة الأدوية وكثرت الدعايات التي كانت تؤكد على ان تأثيره لا يزيد عن القهوة والشاي، من اشهر الاطباء الذين روجوا لهذا النبات الطبيب الصيدلي الفرنسي "انجلو ماريان" واستخدمته تلك الشركات في اكثر من 15 منتجا من منتجاتها، وتمثل السوق الامريكية اكبر مستهلك لهذا المخدر في العالم.

القات: شجرة معمرة يراوح ارتفاعها بين المتر الى مترين، تكثر زراعتها في اليمن وافغانستان، تركستان، وهي لا تثمر فواكهه ولها اوراق خضراء صغيرة تنشط الذاكرة وكما تضعف الشهية والنوم، مما جعل مكافحتها مهمة صعبة جدا، وكان اول وصف علمي للقات جاء على يد العالم السويدي "بير فورسكال عام (1763).

ما هو الادمان؟

هو عبارة عن مرض انتكاسي يجعل داخل المدمن قوة قوية اتجاه هذه المادة المخدرة، رغم علمه بكل أثارها السلبية والمدمرة، فيقد السيطرة على نفسه والتحكم فيها، من خلال غياب العقل واضطراب والادراك الحسي، وهو سلوك فردي يتم اكتسابه بالتدريج وان الوقوع فيه لا يأتي فجأة.

علامات المدمن

احتقان العينين، دوران الراس وعدم التوازن، الضعف والخمول، الاكتئاب والعزلة، السلوك العدواني العنيف، اثار جروح نتيجة حقن المخدرات، الهلوسة، اضطرابات القلب، الصراخ، والتكسير، تقلب المزاج من العصبية الى المرح او العكس، النوم، رغبة في الانتحار، بالإضافة الى هذه الاعراض توجد أثار اخرى تظهر على المدمن، بغض النظر عن هذه الاعراض وهي سرقة الاموال من اجل شراء الجرعة، وقد يقتل من اجلها، وفي دراسة ان المخدرات تسبب 45% من حالات الانتحار في العالم.

هنالك عوامل تحفز على الادمان منها

اصدقاء السوء: هذه واحدة من اهم العوامل التي تحفز الى الادمان، نتيجة تتداول المخدرات بين الاصدقاء، وقضاء الاوقات معهم اوقات الفراغ وعدم الانشغال بما هو مفيد، تفك الاسرة، ترك العبادات ووقوعه في المحرمات، قلة التثقيف ومعرفة اخطارها، عدم مراقبة الاهل، تعاطي أحد الاقرباء من هذه الانواع، فقدان السعادة، فيشعر بان المخدر هو من يعوضه عن تلك السعادة المفقودة.

المخدرات مرض نفسي ام عضوي؟

اختلف الاطباء منهم من قال انه مرض عضوي في الدماغ، وهذا الراي تؤيده الجمعية الامريكية لطب الادمان التي تضم أكبر مجموعة مهنية، للأطباء المختصين في علاج الادمان، حيث اتفقت على انه مرض دماغي مزمن يؤثر على دوائر المخ العصبية المسؤولة عن مشاعر المكافاة والتحفيز والهدوء، وان مصطلح "امراض الدماغ" هو عدم السيطرة على السلوك والتحكم فيصبح ضعيف امام المواد ويفقد الارادة، وهذا يخالف قانون الدماغ السليم كقولهم "ان ادمنت مرة ستدمن طيلة عمرك" وبعض الاطباء قالوا لا يعتبر الادمان "مرض دماغي" لأنه لا يؤدي بالفعل الى خلل في دوائر المخ الاساسية، وانما هو اضطرابات، او متلازمة "لان امراض العقل ليست مفهومة جيدا حتى يومنا هذا، والتفسير الدارج هو اضطراب سواء كان عقليا او نفسيا، لطالما يتعاطى المخدرات الذي تفقده عقلة، يؤيد هذا الراي ان التغيرات التي تحدث في الدماغ نتيجة الادمان تختفي عندما يتوقف المدمن عن المخدرات.

القانون يكافح المخدرات

المخدرات اصبحت عنكبوت اسود يكثر الحديث عن انتشارها بين الفئات العمرية المختلفة هذه الأيام، لما لها أثر تدميري على البلد من ناحية الاجتماعية والامنية، والاقتصادية، والصحية، وقد كافحت الدول الاخر وبذلت الكثير من الجهد والمال لمحاربة انتشارها بين الشباب، الا ان ضعاف النفوس من التجار والمرتزقة يتاجرون بها، ويتصيدون الاماكن التي تكثر فيها تواجد الشباب كالمقاهي، والحدائق، مما جعلهم يتاجرون به بطرق متعددة ومبتكرة، للوصول الى غاية الربح المادي والتأثير في عدد اكبر من الشباب، الذين اصبحوا ضحايا انيابهم المفترسة، وجبة سريعة لهؤلاء التجار، القانون عالج الثغرات والنواقص، ولقى القبض على الكثير من التجار، وتمت محاسبتهم، وقد اوضح القانون العام من تجارة المخدرات او الترويج لها، او الزراعة او التعاطي والتهريب، شدد العقاب عليهم، رغم ما نعيشه من ظروف صعبة لا انه لم يغفل لحظة على قبضهم ومحاسبتهم.

اثار المخدرات على الانسان

أخطر تلك الاثار هي غياب العقل واضطراب، وحدوث التهابات في خلايا المخ وتأكلها، فيفقد الذاكرة والهلوسة السمعية، اضطرابات شديدة في القلب ينتج عنها ذبحة صدرية، وتليف الكبد، وكما يسبب التهاب في غدة البنكرياس وتوقفها عن العمل بعد مدة من الادمان، وكثيرا ما يؤدي الى فقدان الحياة بأثر جرعة زائدة.

خمسة طرق تقدمها شبكة النبأ المعلوماتية في عملية العلاج:

• القرار: وهو ان يدرك المدمن حقا ان لدية مرض وعليه ان يعالج.

• الذهاب الى مراكز اعادة التأهيل: هنا تبدأ المرحلة الثانية بعد الاعتراف بالمرض، يأتي دور المتابعة الصحية تحت اشراف مركز متخصص فمن المستحيل ان يعالج نفسه بنفسه.

• سحب السموم من الجسد: وهي عملية تتم في المركز وينظف الجسم من السموم الموجودة فيه وذلك عن طريق العقاقير المتوفرة عندهم، ولا يسمح للمدمن المغادرة من بعدها، فهو بمرحلة مهمة جدا.

• تقييم المدمن: تبدأ مرحلة التأهيل النفسي والتعرف على حياته وفهم ابعاد المشكلة التي جعلته مدمنا، لوضع خطه مناسبة لإعادة تأهيله.

• بعد الانتهاء من الخطوات يسمح بالزيارة الاقرباء او من يرغب رويتهم لتشجعيه على اكمال اتبقى من العلاج.

ان الوقاية من مرض المخدرات من أهم القضايا التي يجب ان تعمل عليها مؤسسات المجتمع المدني، من خلال التوعية ونشر اضرارها، وتثقيف الشباب على هذه الاعراض مبكرا، لمجتمع صحي وسليم كلنا نقول لا مخدرات بعد اليوم.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا