العنوسة المنسية في العراق!

دلال العكيلي

2018-09-18 05:16

العنوسة هي عبارة عن صفة يتم إطلاقها على الأشخاص الذين تخطوا السن التقليدي للزواج في البلد التي يعيشون بها، ومن المفترض أن يتم إطلاق هذه الصفة على الجنسين ولكن أصبح الكثيرون يحصرون كلمة عانس على الفتاة فقط، أما الشاب فأطلقوا عليه أسم أعزب أو عازب تختلف العنوسة في فكرتها بين الدول العربية وبعضها وبين البيئات المختلفة وذلك حسب الافكار والتقاليد التي يسيرون وفقاً لها، فمثلاً عند النظر للمجتمعات الريفية سنجد أن الفتاة إذا تجاوزت سن العشرين بدون زواج فإنها تصبح عانس، أما في المدن فمن الممكن أن لا يتم إطلاق هذه الصفة عليها حتى تبلغ سن الثلاثين من عمرها، ويرجع السبب في هذا الاختلاف إلى أن المجتمعات الريفية تهتم بزواج الفتاة في المقام الأول أما في المدن يحق للفتيات العمل والدراسة في اكثر الاحيان.

احتل العراق المرتبة الثالثة في الوطن العربي بنسبة العنوسة بعد لبنان والامارات إذ بلغ عدد العانسات 70%، ويبلغ عدد الاناث في المجتمع العراقي 17.685 مليون وتقدر المنظمات الدولية أن العانس المرأة التي تجاوز عمرها 35 عاما وتعود اسباب العنوسة إلى الوضع الاقتصادي وتفشي البطالة والهجرة والحرب والصراعات الداخلية والفارق التعليمي.

يشهد المجتمع العراقي درجة عالية من العنوسة وتأخر سن الزواج بين اعمار 18 الى 45 سنة ان نسبة الفتيات العوانس في العراق تزيد على 70%, واصبحت فئة كبيرة من الفتيات العراقيات يشعرن انه لم يعد مقبولا ان ينتظرن حتى ياتي اليهن شخص يتقدم للخطوبة او الزواج لانهن قد ينتظرن طويلا جدا لذلك نجد ارتفاع نسبة العلاقات غير الشرعية والتي عادة ما تنتهي بالفشل لانها غير مبنية على اساس صحيح فتقع الفتاة ضحية او قبول الزواج من اي شخص يتقدم دون التفكير والسؤال عنه والنتيحة يكون زواج فاشل اما تتحمل الفتاة العذاب الى النهاية او ينتهي بطلاق وضياع الاطفال ان وجدو وكل ذلك نتيجة الخوف من العنوسة.

جشع الاهل في المهور يحول الزواج بالعراق إلى حلم

تحول حلم الزواج في العراق إلى عبء كبير يؤرق الشباب والعائلة العراقية، مع ارتفاع مهور الزواج التي أدت إلى عزوف معظم الشباب عن الزواج، وزيادة العنوسة بين النساء كل ذلك سببه التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، والذي أدى إلى انتشار البطالة التي جعلت الشاب العراقي عاجزاً عن التوفير والادخار والتهيئة للزواج، حسب ما يرى مراقبون مختصون.

والمهر هو رسم شرعي وقانوني يفرض على العريس لضمان حقوق العروس المادية، فيكون المقدم وسيلة لتجهيز كامل للعروس ولبيت الزوجية، والمؤخر هو ضمان مادي تعتبره العوائل العراقية رفعاً أو تقليلاً من قيمة الفتاة وشأنها.

في اغلب الاحيان حتى وان توفر الشاب المناسب يضع ولي امر الفتاة شروطا تعجيزية على العريس القادم ومنها أنه يطالبه بمهر عالي جدا والحجج كثيرة يظلم الاب او اهل البنت الفتاة نفسها لانها لم تعط َ اية فرصة لتقرير مصيرها فهي التي ستتزوج وهي التي ستعيش مع هذا الرجل وهي التي ستنجب اطفالا من هذا الرجل وتربيهم واخيرا هي التي ستبني العائلة الجديدة وليس والدها ، او اي ولي امر يتحكم بمصيرها وهي احيانا كثيرة تشعر بالغبن لكن لاحول ولا قوة لها انسانة مغلوبة على امرها واذا كان لها رأي ايضا لا تتلقى التشجيع الكافي من العائلة وكأن العائلة كلها ستتزوج هذا الرجل الغالبية من الشابات لا يملكن الشخصية القوية التقرير مصيرهن وان ملكنها نعتن بالوقاحة.

تكاليف الزواج في العراق

بحسب التقرير الذي ذكره موقع "الخليج أونلاين"، فان تكلفة الزواج في العراق تصل إلى أكثر من 15 ألف دولار أميريكي، مبيناً أن المغالاة في المهور رفعت مستويات العنوسة في العراق، حيث تتراوح المهور بين 5 إلى 15 ألف دولار فيما تصل تكاليف الزفاف إلى 10 آلاف دولار.

جدير بالذكر ان بعض الدول العربية تشهد منذ سنوات، أحداثاً سياسية أمنية انعكست تلقائياً على الأوضاع الاقتصادية التي أفرزت نسباً خيالية من البطالة والفقر، وهي بدورها تقف حائلاً أمام الشبان في الزواج.

العنوسة الاختيارية ظاهرة تهدد النسيج الأسري في العراق

شهدت السنوات الأخيرة تغييرات كبيرة في بنى المجتمع العراقي بعد الانتعاش المادي لطبقة الموظفين، مما حرى ببعض الموظفات من النساء إلى اختيار العنوسة بدلا من الزواج لما توفره لهن من حياة خالية من المسؤولية ومن سطوة الرجل.

تقول أزهار جابر، "لست بحاجة للزواج لأنه في مجتمعنا يستهلك المرأة ماديا ومعنويا، فمع واجباتها الزوجية والأسرية تكون ملزمة بمساعدة الزوج ماديا، وهذا ما ألمسه من خلال مشاهداتي لزميلاتي المتزوجات.

وترى زينة حسن مدرّسة، لم يعد الزوج هو الحماية والسند والوتد وباقي المسميات التي كنا نسمعها من أمهاتنا، بل ان أغلب الزيجات التي تكون الزوجة فيها موظفة تعاني من تحكم الزوج في حياتها ماديا ومعنويا، فأصبحت المرأة تبحث عن الاستقرار بعيدا عن الرجل

لم يكن المجتمع ليسمح للمرأة العراقية عموما والكربلائية على وجه التحديد باختيار العنوسة إلا لو تأخر زواجها لأسباب خارجة عن إرادتها كأن تكون محدودة الجمال، أو لأسباب أخرى، بينما صار المجتمع العراقي اليوم يسمح للمرأة باختيار حياتها الخاصة في ظل وجود وظائف تحتاج الى تفرغ المرأة.

في المجتمع نماذج كثر لنساء اضطررن لطلب الطلاق لأسباب تخص الجانب الوظيفي أو الجانب المادي لأن الرجل العراقي لم يتقبل بعد فكرة المرأة القائدة، ومعنى القائدة ان تحتل منصبا إداريا مهما أو تعمل في مجال يتطلب منها الغياب عن المنزل لساعات طويلة، ولأجل هذا فضلت الكثير من النساء الاستغناء عن الزوج للظفر بحياة مستقرة ماديا ووظيفيا واجتماعيا.

ان ما تشاهده اغلب النساء بشكل يومي تقريبا في العمل او عند الاقارب جعلهن يعزفن عن الزواج ويجدنه امر غير هام بل ويسبب الكثير من المتاعب ودائما ما يدعون الى "حياة خالية من الرجال خالية من الهم والنكد وشباب دائم وضحكة مستمرة" هذه مقولتهن المشهورة.

كل ما ذكر يتشارك كل من لدولة والشباب والنساء في تحمل تبعاته لان كل منهم يرمي بالائمة على الاخر دون ان ينظر لنفسة فالدولة تتحمل العبء الاكبر من هذه المشكلة لا السبب الاول والاهم هو عدم الحصول على فرصة عمل توفر عيشة كريمة للعائلة فتترتب كل المشاكل الاخرى على هذا الاساس وتشارك المرأة بالسبب كون بعض النساء تحمل الرجل فوق طاقتة ولا تقنع بما هو موجود بل تبع تصرفاتها بدوافع الغيرة من اقرانها من النسوة وللرجال نصيب ايضا كونهم لا يهتمون ببيوتهم ويوفرون الوقت الكافي للعائله فتجد اغلبهم هائم اما بمواقع التواصل او بالخروج مع الاصدقاء لاوقات متاخرة من الليل فتجد ان العائلة مفككة وغير مترابطة ولا يربطها غير الاسم وهذا ايضا يجعل بعض النساء تعزف عن الزواج.

تأثيرات العنوسة

• تؤدي للشعور بالحرمان نتيجة عدم الالتقاء بشريك الحياة أسوة ببقية النساء؛ ما يجعلها تنظر للمجتمع من خلال نظرة حسد وحقد وتعبر عن رأيها بسلوك عصبي وعدواني.

• العزلة والانطوائية، حيث تهرب الفتاة من نظرات الناس ومحاولة البعض تمني الزواج لها بصفة مستمرة تتردد على مسامعها، بما يدفعها لتفضيل الانعزال.

• حرمان الإشباع الفطري عن الفتاة، لاسيما حاجتها للشعور بالأمومة والسعادة الزوجية.

• انهيار التوازن النفسي، بسبب السلوك المتناقض في التعاملات مع الآخر، نتيجة الضغوط النفسية المتتالية.

• كما تؤدي العنوسة إلى آثار اجتماعية سلبية، وأبرزها التسرع في الزواج والقبول بأي شخص دون معرفته، والتعرض للزواج العرفي والزواج غير المكتمل أو المنقوص.

• وتؤدي ظاهرة العنوسة أيضًا إلى تداعيات أخلاقية سلبية، منها الانسلاخ من الأخلاق في بعض الأحيان مع غياب الوازع الديني، والتفكير في التبرج، وتصل في حالات أخرى إلى التورط في بعض أمور العنف.

• أما من الناحية الصحية، قد تتسبب العنوسة في آلام نفسية وتوترات عصبية، تؤدي إلى أمراض ضغط الدم والقولون والمعدة وثوران المزاج وغيرها.

علاج هذه الظاهرة

• ينبغي على أهل الفتاة البحث عن الرجل المناسب الذي يستطيع أن يسعد ابنتهم وعدم النظر إلى غلاء المهر، وإنما البحث عن رجل دين وأخلاق طيبة يحفظ على ابنتهم دينها ويصونها ويسعدها.

• على الفتاة ألا تعتذر عن الزواج بحجة مواصلة التعليم، فيضيع عمرها وتصل إلى مرحلة العنوسة، فلا تجد من يتزوجها، لكن يمكن أن تتفق مع الزوج على مواصلة التعليم وهي متزوجة.

• بعضهم يتعلق بحجة إكمال الدراسة أو الخوف من المصاريف، زاعمين أن الزواج يحول بينهم وبين ما يرومون من مواصلة التحصيل، فمتى كان الزواج عائقاً عن التحصيل العلمي؟ بل لقد ثبت بالتجربة والواقع أن الزواج الموفق يعين على تفرغ الذهن وصفاء النفس وراحة الفكر وأنس الضمير والخاطر، فالله عزَّ وجلَّ يقول: (وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم).

• تيسير سبل الزواج وتزويج الأكفاء وترسيخ المعايير الشرعية لاختيار الزوجين ومجانبة الأعراف والعادات والتقاليد الدخيلة التي لا تتناسب مع ديننا الحنيف.

مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال annabaa010@gmail.com
او عبر صفحتنا في الفيسبوك (مركز النبأ لوثائقي)

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي