الشيخ اليوسف: مرحلة المراهقة أخطر وأصعب مرحلة في حياة الإنسان
الشيخ عبدالله اليوسف
2015-02-21 02:58
ألقى سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في مجلس الشيخ العمري في محافظة القطيف مساء الجمعة ليلة السبت غرة شهر جمادى الأولى 1436هـ الموافق 20 فبراير 2015م محاضرة بعنوان: كيفية تعامل الوالدين مع المراهقين بدأها بالقول:
تعتبر المراهقة من أخطر المراحل في حياة الإنسان ففي هذه المرحلة يمر بانعطافات مهمة وخطيرة جداً تؤثر على مسيرة حياته؛ بالإضافة إلى أنها مرحلة حساسة أيضاً هي مرحلة يرتسم فيها مستقبله وقدرته على التعامل مع الحياة.
وأضاف سماحته قائلاً: يعاني كثير من الآباء والأمهات من صعوبة التعامل مع أولادهم المراهقين والمراهقات في هذه المرحلة الحرجة من حياتهم، ومن المهم أن يعرفوا كيفية التصرف معهم، فإذا ما أحسنا التعامل معهم في هذه المرحلة أخذنا بهم إلى بر الأمان وإذا ما أخفقنا في التعامل معهم كانت هناك فجوة كبيرة بين الآباء والأمهات مع أولادهم مما يترتب على ذلك من آثار سلبية تمس بكيان العائلة وتماسكها.
وبعد هذه المقدمة قال سماحة الشيخ اليوسف إن هناك عدة محاور سوف نذكرها في هذه المحاضرة وهي:
المحور الأول- مفهوم المراهقة: المراهقة لغة: راهق الغلامُ، فهو مراهِق إِذا قارب الاحتلام. والمُراهِق: الغلام الذي قد قارب الحُلُم.
أما المراهقة في علم النفس فتعني: «الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي»، ولكنه ليس النضج نفسه؛ لأن الفرد في هذه المرحلة يبدأ بالنضج العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي، ولكنه لا يصل إلى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة قد تصل إلى عشر سنوات وربما أكثر من ذلك.
ويعرف معجم (وبستر) المراهقة بأنها: الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضوج (الكمال) خلال دورة من النمو التدريجي في الحياة؛ توصف بالمراهقة التي ترافقها تغيرات عميقة في الجسم والنفس وفي القدرة على التخيل.
وفي الروايات الإسلامية، وكذلك في بعض الكتابات، يلاحظ أنه قد تم التعبير عن الإنسان في هذه المرحلة السنيّة بلفظة الحدث. مثل قول الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «وإنّما قلب الحدث كالأرض الخالية...» وغيره من الروايات والأحاديث، التي تخاطب هذه الفئة، في الموروث الإسلامي.
ثم تحدث سماحة الشيخ اليوسف حول المحور الثاني والذي تناول فيه سنوات المراهقة قائلاً: لا يمكن حصر مرحلة المراهقة بسنوات معينة، لأنها تختلف باختلاف الأشخاص والمجتمعات، ولكن يمكن تحديد بدايتها بشكل شبه مؤكد باعتبارها تتزامن مع البلوغ الجنسي، كما أن للبيئة الجغرافية وهرمونات الجسم والتأثيرات الأخرى دوراً في سرعة أو بطء الدخول لمرحلة المراهقة.
ويشير بعض علماء النفس إلى أنها عادة ما تكون بين 10 إلى 14 عند البنات و13 إلى 18 عند الأولاد. وقسم آخرون (المراهقة) إلى فترتين هما:
جانب من الحضور في ندوة كيفية تعامل الوالدين مع أولادهم المراهقين
1 ـ المراهقة المبكرة: من (13) إلى (16)
2 ـ المراهقة المتأخرة: من (17) إلى (21).
وللخروج من الاختلاف في تحديد سنوات المراهقة بالعمر والذي قد يكون ناشئاً من الاختلاف بحسب الأشخاص والمجتمعات والأماكن يمكن القول بأن المراهقة هي المرحلة الفاصلة ما بين الطفولة والشباب.
ثم تطرق الشيخ اليوسف إلى المحور الثالث وهو ما يرتبط بعلامات مرحلة المراهقة حيث تصحب هذه المرحلة ظهور مجموعة من العلامات الدالة على دخول الإنسان في هذه المرحلة الحرجة والحساسة، ومن أبرزها: النمو الجسمي، التغير النفسي، التكوين العقلي، النضوج الجنسي.
بعد ذلك تناول الشيخ اليوسف في بحثه عن المراهقة المحور الرابع حيث ركز فيه على سلوكيات المراهق، إذ أن لكل مرحلة من مراحل عمر الإنسان سلوكيات وتصرفات وخصائص معينة، فلمرحلة الطفولة سلوكياتها، وكذلك لمرحلة الشباب، ومن ثم مرحلة الشيخوخة، كما أن لمرحلة المراهقة سلوكياتها المتميزة عن غيرها من المراحل؛ ويمكن الإشارة إلى أبرز سلوكيات المراهق في النقاط التالية وهي: العواطف الحساسة، حب المغامرة، العناد والتمرد، المزاجية المتقلبة، التصرفات المزعجة...وغيرها من السلوكيات الدالة على دخول الأولاد لمرحلة المراهقة.
وختم سماحة الشيخ عبدالله اليوسف بحثه بالمحور الأخير الذي تناول فيه كيفية تعامل الوالدين الصحيحة مع المراهق وما هي القواعد التي يجب مراعاتها معهم وهي:
1- زرع بذور الإيمان والتدين في نفوس أولادهم وتحصينهم من المؤثرات الخارجية وخصوصاً الانترنت كمواقع التواصل الاجتماعي وتوجيههم للاستفادة من ذلك في الأمور الإيجابية واجتناب الأمور السلبية.
2- التوازن في تربية المراهق(حزما بلين) ونقصد بذلك التربية على قاعدة (حزم بلين) إذ أن التربية المتوازنة يجب أن تقوم على الموازنة بين الحزم في المواقف التي تتطلب الحزم، واللين عندما يقتضي الأمر ذلك.
3- الاهتمام الشامل بالمراهق ونقصد به أن يهتم الآباء بكل الحاجات التي تهم المراهقين، كالحاجات النفسية، والحاجات العقلية، والحاجات المادية، والحاجات المعنوية... وجميع ما يحتاجه المراهقون من حاجات وأشياء.
ويجب الاهتمام بتوفير الحاجات العاطفية من إضفاء أجواء المحبة والمودة والعطف والحنان للمراهقين من قبل آبائهم، إذ كثيراً ما نجد أن بعض المشاكل ناتجة من نقص في الزاد العاطفي الذي يحتاجه الأبناء من قبل الأسرة؛ مما يؤدي بالمراهقين للبحث عن هذه الحاجة الضرورية في مكان آخر، وبطرق غير مشروعة في كثير من الأحيان!
4- التربية بالقدوة وهي تربية الأولاد من خلال سلوك والديه، فللوالدين دور مهم ورئيس في شخصية المراهق، فكلما كان الوالدان بمثابة (القدوة الحسنة) للأولاد فإن ذلك يؤثر إيجابياً في مسيرة وحياة المراهقين، أما إذا كان الوالدان يقدمان لأولادهم المراهقين (القدوة السيئة) فالنتائج ستكون وخيمة وسلبية للغاية في تكوين الكيان الشخصي لهم.
5- احترام شخصية المراهق واستخدام العبارات الإيجابية والابتعاد عن الكلمات الجارحة أو تقليل شأنه أمام الآخرين القريب منهم والبعيد مما يحطم شخصية المراهق. فمن القواعد الهامة جداً في التعامل مع المراهق هو احترام شخصيته، وإشعاره بأنه قد أصبح إنساناً له كامل الحق في التعبير عن ذاته وكيانه، وفي تلبية مطالبه المشروعة، بل واستشارته في بعض الأمور التي تخصه مباشرة. ومثل هذا التعامل الإنساني يخلق لديه الثقة بالنفس، ويدفعه لتفجير مواهبه وطاقاته الكامنة، ويشجعه نحو التعبير عن آرائه بدون خوف أو وجل.
6- التثقيف الجنسي للمراهقين: إن من أهم المتغيرات في شخصية المراهق استيقاظ الغريزة الجنسية، والشعور بالحاجة لإشباعها، والرغبة في التعرف على مسائلها وما يرتبط بها، ولذلك تبدو الحاجة ماسة في مرحلة المراهقة لتثقيف المراهقين بمسائل الجنس، ونظرة الإسلام لذلك، كي يعرف المراهقون التصرف بصورة صحيحة، بعيداً عن ارتكاب الحرام.
7- المراقبة من بعد: ونقصد بذلك أن يراقب الوالدان أولادهم من دون أن يشعروا بذلك، فالمراهق -كما المراهقة- بحاجة للمراقبة والمتابعة، ومعرفة تفاصيل حياتهم كي يضمن الوالدان أن أولادهم يسيرون في طريق الخير والصلاح، وفي حالة ملاحظة أي تصرفات أو سلوكيات خاطئة ينبهون عليها. فالأولاد في مرحلة المراهقة على مفترق طرق، فإما أن يسيروا على نهج الحق والصلاح والرشاد، أو يتجهوا نحو طريق الفساد والانحراف.
وبعد الانتهاء من المحاضرة تم طرح عدة أسئلة من الحضور رجالاً ونساء مما أثرى الموضوع وسلّط الأضواء على جوانب أخرى لهذا الموضوع التربوي الهام. وختم المجلس بهدية تذكارية قدمها الشيخ شاكر الوتيشي لسماحة الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف.