النبأ تحتفي بكتاب الإمام الحسين (ع) تحرير العقول وهداية القلوب

شبكة النبأ

2024-08-05 05:35

تحرير: حسين علي حسين

عقدت مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام حلقة نقاشية خاصة احتفاءً بالإصدار الجديد للشيخ مرتضى معاش يحمل عنوان (الإمام الحسين عليه السلام تحرير العقول وهداية القلوب)، جرت وقائع هذا الاحتفاء ضمن الأنشطة الفكرية لملتقى النبأ الأسبوعي، وتم عقد الحلقة يوم السبت الموافق 29/ 7/ 2024، حيث حضرها كادر المؤسسة مع نخبة من الباحثين والأكاديميين ورؤساء المراكز البحثية، قدّم هذه الحلقة الكاتب والاديب علي حسين عبيد قائلا: 

هذه الحلقة هي بمثابة احتفاء من قبل كادر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام بالإصدار الجديد والمهم لسماحة الشيخ مرتضى معاش، والذي حمل عنوانا جميلا ومهمًّا ومعبّرًا وهو (الإمام الحسين عليه السلام.. تحرير العقول وهداية القلوب).

يبدأ هذا الكتاب بالآية القرآنية الكريمة: (ومن يعظّم شعائر الله فذلك من تقوى القلوب)، سورة الحج، الآية 32.

يقول الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام (إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلّ عزيزنا بأرض كرب وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء، إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام)، 

ثم ننتقل في هذا الكتاب إلى مقدمة المؤلّف الشيخ مرتضى معاش ونقتطع منها هذا المقطع الذي يقول فيه: في البدء كانت كلمة الحسين وفي المنتهى تبقى كلمته لأنها كلمة الحق وتجسيد الحقيقة والانكشاف المطلق للواقع، فكلمته عليه السلام النور الذي يبدد ظلامية التضليل والزيف، لينير درب الباحثين عن الحقيقة. ومن لا يركب سفينة الحسين فانه سيغرق حتما في ظلمات العدم.

ثم يتناول المؤلف الشيخ مرتضى معاش في كتابه هذا عدة فصول، حيث يبدأ بالفصل الأول الذي يحمل عنوان نهضة الحرية، ويحتوي هذا الفصل على عدة مواضيع تبدأ بالثورة الفكرية في النهضة الحسينية، فيرى سماحة الشيخ بأنها ثورة التفكير لتحريك المجتمع الجامد أو الراكد، وإخراجه من الشلل الفكري وانتشاله من العجز، ونبذ ثقافة السيف والعنف.

كذلك نقرأ مظاهر المجتمعات المتخلفة وهي الركود والجمود، العبودية للطاغوت، الفوضى واللامبالاة، وعدم الالتزام والانضباط، وعدم احترام المجتمع، الانغماس المادي، التفكير الانعزالي، التفكير العدمي، التفكير الجبري وعدم التحلي بإرادة الاختيار والخضوع المطلق للمجتمع والحاكم.

وهذه أيها الحضور الكرام ملاحظات نجدها ونلاحظها في مجتمعنا، أو قسم منها، وهذا يعني أننا بحاجة ماسة جدا لمثل هذه المؤلَّفات ولمثل هذه الأفكار والمضامين لكي يتم تحريك كما يقول سماحة الشيخ المجتمع الراكد، وهذه الجملة طبعا مهمة جدا، وجميلة أيضا وعميقة ومن الممكن استثمارها بطريقة صحيحة لإنعاش المجتمع العراقي والمجتمع الإسلامي بشكل عام، وقد ركز عليها المؤلِّف كثيرا. 

ويتضمن الفصل الاول ايضا موضوع: مسؤولية التبليغ في قضية الامام الحسين عليه السلام، وهذه القضية يركز عليها سماحة الشيخ دائما، فعندما نعرف مبادئ الإمام الحسين وسيرة الإمام الحسين كما هي، وعندما يفهمها الجميع وخصوصا الناس البسطاء، فهذا يعني استثمارها لتصحيح مسيرة المجتمع.

ثم نصل إلى موضوع آخر هو الدين والحرية في النهضة الحسينية، حيث يؤكد المؤلِّف على أن النهضة الحسينية حررت الإنسان من أية قيود جبرية، يليه موضوع:

- الحرية من أجل الحياة، حيث قدم الإمام الحسين أعظم تضحية من أجل أن يكون الإنسان حرا... حتى لو كان الثمن حياته وهي أغلى ما يملك. ثم موضوع:

- دور النهضة الحسينية في حماية الكرامة الإنسانية. حيث يرى المؤلف بأن الإمام الحسين عليه السلام سعى بكل ما قام به إلى حماية كرامة الإنسان من انتهاك السلطات الظالمة الفاسدة.

لينتهي الفصل الأول عند موضوع: حركة النهضة الحسينية في مواجهة الاستعباد.

وفي هذا الفصل يوضح المؤلف تحريك النهضة الحسينية للنفوس والعقول لكي تكون مستعدة لمواجهة أنواع الاستعباد كافة من دون تردد أو مساومة.

ثم ننتقل إلى الفصل الثاني الذي يحمل عنوان: ويحمل عنوان أخلاق عاشوراء

ويضم هذا الفصل مواضيع في غاية الأهمية تبدأ بـ:

- مفهوم الشجاعة في نهضة الامام الحسين عليه السلام

- كيف يؤثر مفهوم التضحية الحسينية على تحسين حياتنا

- كيف تؤثر قيم النهضة الحسينية في بناء الشباب. 

- عاشوراء يوم الصبر العظيم.

أما الفصل الثالث فهو مخصص لـ أبي الفضل العباس والسيدة زينب عليهما السلام ويتضمن:

- العباس عليه السلام ومعنى الحياة بالبصيرة

ونموذج التضحية الذي يقدمه كدرس للإنسان حتى يكون وفيا متمسكا بهذه القيمة العظيمة. 

- السيدة زينب عليها السلام أسوة الصبر الجميل. وهي جبل الصبر، وهي تقدم الدرس الإيثاري العظيم، وهي جبل الصبر الذي سدّ فراغ رحيل الأب والأخ والزوج، لحماية النساء والأطفال في رحلة السبي الظالمة.

وأخيرا الفصل الرابع وهو يحمل عنوان زيارة الأربعين:

وهو الفصل الذي يهدف إلى استثمار هذه الزيارة الكبيرة في تطوير حياة المسلمين وعامة البشر.. ويتضمن هذا الفصل المحاور التالية:

- زيارة الأربعين وآفاق تحقيق النهضة الشاملة. 

- زيارة الاربعين والفرص الكامنة في التغيير والاصلاح، بحيث يمكن استثمار هذه الزيارة في إصلاح المجتمع.

- الابعاد الاجتماعية في زيارة الاربعين. وكلنا نعرف ماذا يحدث اجتماعيا في أيام زيارة الأربعين وقضية استقبال الزوار والعلاقات الاجتماعية بين المسلمين وهي قضية يمكن استثمارها بشكل كبير جدا.

- البعد السياسي في زيارة الاربعين. 

- الاستثمار الاعلامي في زيارة الاربعين.

الأخوة الأحبة الأعزاء، حاولت في هذه الورقة السريعة أن أقدم مضمون هذا الكتاب بشكل ربما كان سريعا لأنني محكوم بوقت محدد، ولكن بشكل عام أقول أن هذا المؤلَّف الذي يعد الأول لسماحة الشيخ مرتضى معاش هو بمثابة الطفل الأول والفرحة يه كما يفرح الإنسان بوليده الأول. 

ونحن كمحبين لسماحة الشيخ وعشنا معه عقدين من الزمن تقريبا، نشعر الحقيقة أنه هذا المنجز يعود لنا كأشخاص مفكرين وكتّاب ولهذه المؤسسة أيضا. لما يحتويه هذا الإصدار من أفكار قيمة وكبيرة، وخصوصا أن محور هذا الكتاب هو إمامنا العظيم الإمام الحسين عليه السلام.

كلمة الشيخ مرتضى معاش حول إصداره:

اقدم شكري الى الأخ الاديب علي حسين عبيد وهو كان رفيقا لنا في رحلة الكتابة بمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، وأيضا نشكر جميع الأخوة على حضورهم لهذا البرنامج، ونشكرهم على المساندة الدائمة لنا، فهذا الكتاب هو إنجاز للجميع، وهدية كما قلت في المقدمة للإمام الحسين عليه السلام، باعتبارنا نعيش في هذه المدينة العظيمة الجميلة الكبيرة الخالدة. ونحن ننهل من هذه النِعم الكبيرة، نعمة الإمام الحسين، نعمة الاستقرار والهداية، والسير في الطريق الصالح والطريق المستقيم.

هذا الكتاب يتكون من مجموعة من المقالات، والأوراق والدراسات والمحاضرات، جمعتها في هذا الكتاب منذ فترة، وكنت أحب أن يكون أول إصدار لي حول الإمام الحسين، ويوجد عندي كتب أخرى أيضا، لم تكتمل بعد، ولكن عملت على هذا الكتاب، الذي لابد أن يكون الانطلاق فيه من خلال الإمام الحسين، فأنا منذ صغري أحب الإمام الحسين وأثر عليَّ تأثيرا كبيرا في حياتي. 

النقطة الأساسية التي شعرت بها في رحلتي مع الإمام الحسين عليه السلام هي القيم التي أعطيت لنا في بناء حياتنا وتشكيل ثقافتنا وأفكارنا، وأنا حاولت أن أكتشف كيف يمكن أن نستفيد ونغتنم هذا الفكر العظيم ونجعله في عمق حياتنا، وتكون في جوهر سلوكياتنا واخلاقياتنا.

وقد كنت أعتقد بأن المشكلة الأساسية عند الإنسان، -وعنوان الكتاب وصورة الكتاب تلخص هذا المعنى-، الإمام الحسين كان يهدف إلى شيء أساسي سار عليه الأنبياء، وهو أكمل الرحلة بتلك الملحمة العظيمة، وهي أن مشكلة الإنسان عندما يصبح عبدا للدنيا، وعندما يصبح عبدا للدنيا يُستعبَد من الطاغوت، أو من الاشياء التي تكبل هذا الإنسان.

الحاكم المستبد، المجتمع المادي، مجموعة الأشياء التي تجعل الإنسان يصبح عبدا ومستعبدا، فتبدأ المشكلة من قلب الإنسان حيث يبدأ يعبّئ فيه مجموعة السلوكيات السيئة مثل الخوف، النفاق، التعايش مع الظلم، العمل مع الظالم، القبول بالظلم، عدم التعاون، الأنانية، كل هذه الأمور يحتويها القلب فيصبح هذا القلب مظلما.

الإنسان يصبح قلبه مظلما دائما لأن أفكاره سيئة، يبدأ بعملية الأفكار التي يستقبلها، فيقول أنا إذا لم أكن مع الظالم، ولا أعيش مع الباطل، في هذه الحالة سوف أفقد راتبي، وأفقد معيشتي وسوف أفقد حياتي، وبالنتيجة يقبل بكل الذل والخنوع والاستكانة من أجل أن يعيش حياة مادية قصيرة تسير به إلى فترة من الزمن.

الحرية هي التي تصنع الأخلاق

الإمام الحسين عليه السلام قال: (الناس عبيد الدنيا)، والشيء الأول الذي أراد الإمام الحسين عليه السلام أن يفعله، أن يحرر القلب، ومن خلال تحرير القلب تهتدي القلوب، وتنفتح القلوب على الحقيقة، هذه كما أتصور هي النقطة الأساسية التي كانت موجودة في عنوان الكتاب، وقد استخلصتها من خلال مجموع المسيرة الحسينية والأحاديث الشريفة. 

لذلك فإن الحرية هي البنية التحتية لكل القيم الأخرى، ولكل المثل والأخلاقيات الأخرى، فأي قيمة، وسلوك وأي مثل أخلاقي ليس له قيمة من دون الحرية، فالحرية هي التي تصنع الأخلاق، هي التي تصنع الصدق والأمانة والحقيقة، فمن دون الحرية لا يوجد أي شيء، لذلك قام الإمام الحسين عليه السلام بعملية تحرير هذا الإنسان من ذلك الجو الذي كان يؤدي به إلى الخنوع.

فالحرية حتى عندنا في البعد الديني، الحرية هي أصل عقائدي، حيث لا دين بلا حرية، إذا جاءك أحد وقال لك أن تكون تابعا ومستعبَد لهذا الدين، فهذا ليس بدين، لأن الدين هو أساسه وجوهره أن يكون الإنسان مختارا حرا، لأنه هناك ثواب وعقاب، هل يعقل لهذا الإنسان الذي عليه مواجهة العقاب والثواب في الآخرة يكون مجبرا؟

هذا يعد قمة الظلم، والله سبحانه وتعالى هو العادل، لذلك تحرير الإنسان هو رفع الأغلال (ويضع عنهم والأغلال التي كانت عليهم) الأعراف 157، وبالنتيجة فإن عاقبة الإكراه الذي يستعمله البعض، الإكراه الديني خصوصا، الإكراه السياسي، الإكراه الاجتماعي، الإكراه التربوي، عاقبته تعزيز النفاق، والفساد هو نتيجة لخوف الإنسان من أن يعبر عن نفسه وعن رأيه. 

الحسين نموذج أبدي لتعرية الأنظمة اللاشرعية

كذلك واجه الإمام الحسين عليه السلام عملية تسييس العقيدة وتسييس الدين، لأن المستبد دائما يسيس العقيدة ويسيس الدين من أجل أن يبرر لنفسه ما يقوم به من أفعال، وهذا الأمر واجهه الإمام الحسين بقوة من أجل أن يسلب الشرعية من هكذا أنظمة وهكذا حكام إلى الأبد، وليس في ذلك الوقت فقط، بل هو نموذج أبدي. نحن نستذكره دائما حتى نسلب الشرعية ونرفض تسييس العقيدة لصالح الحاكم المستبد.

أيضا في مواجهة الحراك الديني، كانت حركة الإمام الحسين عليه السلام استنقاذية، انتشال الناس من العبودية والجهل، (ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة). هذا الاستنقاذ عظيم، لكن المشكلة أن الإنسان توجد في قلبه مشكلة خوف من الحياة، خوف على الرزق، خوف من المستقبل، فهذا الخوف يجعل الإنسان دائما تائه ضائع يشعر بالعدمية، ويشعر بعدم الوجود.

لهذا أراد الإمام الحسين عليه السلام أن ينقذ الناس، وأن ينير قلوبهم، ويضع السكينة والطمأنينة في قلوبهم، بالنتيجة يستنقذهم من حالة الانحراف، لذلك هي حركة استنقاذية، وتحرير الإنسان أولا من طموحاته المادية الخاصة، هذه الطموحات المادية الخاصة دائما تبحث عن الحاضر الآن ولا تنظر إلى المستقبل.

الإنسان عندما يضع استثماره في طموحاته الآنية يضيع العواقب المستقبلية، كما يفعل أصحاب السلطة، إنهم يضيعون المستقبل، لذلك نلاحظ دائما إن ذوي السلطة في التاريخ تقوم على استرجاع الأخطاء أو تكرار الأخطاء، وتكرار نفس المشاكل والأزمات التي نقع فيها.

إنها ثورة التفكير كما ذكر مقدّم الورقة، وقد حثت الثورة الحسينية على التفكير، من أجل أن يفكر الإنسان وأن يختار الطريق الصحيح، وأن لا يتعايش مع الظلم، مشكلة الإنسان حين يتعايش مع الظلم فإنه يتطبع مع الفساد، ويتطبع مع الواقع الفاسد، يتطبع مع المعاصي والذنوب.

المسألة الأخرى هي التي تبدأ من خلالها عملية اقتلاع الذات وتحرير الذات من هذه الأغلال، ومن ثم الحصول على الحرية الحقيقية في الحياة، فالإنسان الذي يكون حرا في قلبه، وفي نفسه، لا يصبح عبدا لأي أحد، فقط لله سبحانه تعالى دائما، فالحاكم لا يستطيع أن يسلب الحرية من الناس، الإنسان هو الذي يخنع ويمكّن الحاكم من نفسه.

لذلك فإن الدرس الذي أراد أن يعلمنا عليه الحسين عليه السلام هو الصبر، والتضحية التي تدفع بالإنسان كي يتخلى عن أنانيته، ويعطي من نفسه ويضحي، وهذا الشيء الذي ركز عليه الإمام الحسين عليه السلام أن التضحية هي انتصار وليست هزيمة، الأناني هو الذي ينهزم، لكن الإنسان المضحي والمعطاء هو الذي ينتصر دائما، وهو الرابح الحقيقي.

وأنتم تلاحظون أن سيرة الأنبياء والمصلحين والمفكرين الذين قدموا تضحيات كبيرة، هم الذين بقوا خالدين، وبقيت أفكارهم، وبقيت إنتاجاتهم وثمارهم خالدة.

أيضا نجد التربية مهمة في النهضة الحسينية، وقد أكدتُ على هذا المطلب في الكتاب كثيرا، حول قضية التربية، وتربية الأطفال منذ الصغر على الحرية، وهذه التربية تبدأ من الحوار المتوازن الصحيح بين الأبناء والآباء، على الطاعة الاختيارية، وعلى استنفاذ مفهوم الحرية، وغرس معرفة الحرية عند هذا الطفل فيكبر حرا كريما.

فالتربية مهمة ومن هنا تأتي المسؤولية، فالإنسان المسؤول الذي يحترم المجتمع، ويحترم النظام، ولا يدخل في الرياء، فهذا إنسان حر، وقد أكدتُ على هذا المطلب كثيرا وإذا اردنا ان نعلم الناس على المسؤولية واحترام النظام والالتزام بالسلوكيات الصالحة والتعاون الاجتماعي، فإن ذلك يبدأ من عملية تعليمهم على أن يكونوا احرارا في حياتهم.

في النهاية لقد ذكرت في المقدمة قضية اغتنام الفرص، فهو مهم جدا، نحن الان بانتظار أن تقدم علينا ذكرى عاشوراء قريبا، وفي شهري محرم وصفر سوف تكون بلادنا ومجتمعاتنا مشغولة باستذكار النهضة الحسينية، ولكن كم نغتنم هذه المناسبة في تربية أبنائنا على السلوكيات الصالحة؟، وفي تغيير مجتمعنا، وفي بناء مشروع صحيح ومفيد لمجتمعاتنا، بناء الحرية والمسؤولية في مجتمعاتنا، ونستفيد من النهضة الحسينية ونغتنم منها تحقيق المجتمع الصالح والمسؤول.

المداخلات

ثم تم فتح باب التعقيبات والتعليقات للحاضرين:

مساندة مواقف الحق

- الأستاذ أوس الغانمي، كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية:

نتمنى دوام التوفيق لسماحة الشيخ مرتضى معاش في مسيرته الحسينية المستمرة، وقد قرأنا لمؤلف هذا الكتاب القيّم مقالات في شبكة النبأ المعلوماتية أو الموقع الأخرى أو في منصة الفيس بوك، وقد لمسنا أفكارا مهمة في تلك المنشورات التي تتعلق بثقافة عاشوراء، وقضية الإمام الحسين عليه السلام التي تعلمنا على الكثير من القيم وهي الشجاعة والإيمان والاستمرار في مساندة مواقف الحق.

وكذلك مساندة كلام الحق، وتعميق وتطوير أساليب العدالة التي تعد من قيم عاشوراء المهمة، نحن نلاحظ في واقع اليوم هناك شجاعة لكن في نفس الوقت لا توجد عدالة، في بعض المواقف، نعم نحن نلاحظ وجود الحق ولكن في نفس الوقت يوجد ظلم.

فالإمام الحسين وقف في وجه الظلم، ورافع لواء الحق عاليا، ولم يتنازل عن هذا الحق على الرغم من المصاعب الجمة، ولم يتنازل الإمام عليه السلام عن مبادئه، ولا عن القيم التي آمن بها وبشر بها ودعا لنشرها، وهذا ما تحدث عنه سماحة الشيخ في كتابه، حيث كان الإمام الحسين عليه السلام مدافعا عن حقه وعن حقوق الآخرين.

حاليا نحن نعيش واقع ليس كما كان يتمناه ويريد الإمام الحسين عليه السلام، نحن نعيش في ظل الفساد السياسي والإداري فيما دعانا الإمام الحسين عليه السلام إلى رفض الظلم من الأنظمة الفاسدة كما فعل ضد يزيد، وأخيرا أتمنى كل التوفيق لسماحة الشيخ مرتضى معاش، ونأمل أن يكون هذا الكتاب بداية خير لمشاريع أخرى في الأيام القادمة.

ركائز تحرير العقول

- الدكتور خالد الاسدي، أستاذ في كلية العلوم الإسلامية بجامعة كربلاء:

لاحظت في هذا الكتاب أنه يقوم على ثلاث ركائز:

الركيزة الأولى: لماذا قام الإمام الحسين بهذه الثورة؟

الركيزة الثانية: تقوم على محورين، محور سيدنا العباس عليه السلام، ومحور السيدة الحوراء زينب، لأن مجابهة الظلم من جهة سيدنا العباس عليه السلام، والدور الإعلامي الذي قامت به السيدة زينب عليها السلام.

الركيزة الثالثة: زيارة الأربعين، وهي أربعينية الإمام الحسين عليه السلام.

في هذه الركائز الثلاث حاول سماحة الشيخ مرتضى معاش بأن يوجه بوصلة المجتمع من خلال الوعظ والعبرة وترك العبرة، لأن العبرة لا تجدي نفعا وحدها، وإنما تحتاج إلى ثقافة، ومعرفة ماهية ثورة الإمام الحسين عليه السلام وفهمها، لأن الإمام الحسين أراد في كل موقف أن يضع للإنسان حرية الاختيار، فإن اختار حريته فلا يستعبده أحد.

وجدت أن الكتاب هو حقيقة تحرير للعقول، وهداية للقلوب، ونحتاج من اصحاب المنابر أن يتخذوا من هذا الكتاب سبيلا لأدائهم في هذه العشرة أيام الأولى من شهر محرم، ونحتاج إلى جزء ثان يتكلم عن العَبرة، لأن هذا الكتاب تطرق للعِبرة، فنحتاج إلى كتاب ثان يتكلم عن العَبرة.

الكتابة بطريقة واعية

- السيد علي الطالقاني، مدير مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام:

نبارك لسماحة الشيخ هذا الكتاب الجديد، ونحن نفتخر برئيس مؤسسة ينتج هكذا فكر، لأننا بالنتيجة في عالمنا هذا الذي تتزاحم فيه الأفكار، وتتزاحم فيه المبادئ المتضاربة، فعنما يكتب رجل دين كتابا بهذا المستوى، بطريقة علمية منهجية، والأفكار.

نحن نلاحظ اليوم التداعيات، والهجمات على قضايا الإسلام وما يتعلق بالإسلام، وأيضا ما يتعلق بالشبهات التي تدور حول ثورة وقضية الإمام الحسين عليه السلام، فعندما يكتب رجل دين بهذه الطريقة المثقفة والواعية، وخصوصا عندما يتوجه الكتاب إلى المثقفين وإلى رجال الدين الآخرين على المنبر، أكيد سوف يكون هذا الكتاب رافدا مهما للأفكار.

إن فكرة العنوان التي يتضمنها عنوان الكتاب وهي تحرير العقول وهداية القلوب، فعندما تمر أمامنا سيرة الإمام الحسين عليه السلام، نرى الشعارات التي أطلقها الإمام الحسين وهي السيف، القتال، الدفاع عن المذهب، الدفاع عن الدين وإلى آخره، ولكن أيضا هو يمثل صورتين، صورة الليل والنهار. 

فعندما نقرأ في الروايات حول أصحاب الحسين وأهل بيته في ليلة الاستشهاد يسمع لهم دويّ كدوي النحل، وهذا رمز للعبادة وليس رمزا لمن كان ينشغل بالحرب عادة لا يعبأ أمام الموت، وما تعطيه من صورة مغايرة، تماما مثلما كانت صورة أبيه الإمام علي عليه السلام عندما كان في الليل يتعبد وفي النهار يعمل ثم يخدم ويقاتل.

هنا صورة الإمام الحسن حررت العقول من لاستبداد والدكتاتورية والظلم، والخروج على الحاكم الظالم والجائر، وعندما نتحدث عن هداية القلوب نتحدث عن الرحمة عن الليل وعن سيرة الإمام الحسين عليه السلام.

نحن عندما نطلع على تراثنا الشيعي خصوصا في هذا الزمن الذي انتشرت فيه وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح كل شيء سطحيا، لا يوجد هناك من يغوص في هذا الفكر، بعض الكتابات الإسلامية التي خرجت نهاية التسعينات في سوريا وفي لبنان، وفي إيران. 

بعد 2003 في العراق ساحتنا الفكرية والثقافية والكتبية ينقصها كتابات رجال دين مثقفين يخاطبون العالم، بأن العالم اليوم ينفتح على هذه التحديات التي تواجه المؤسسة الدينية ونحن ندرك المخاطر التي تواجه المؤسسة الدينية، لذلك فإن هذا الكتاب ربما يسهم كجزء من الدفاع عن الدين، وأيضا للدفاع أفكارنا وعن معتقداتنا ونحن نفتقر لهكذا كتابات نوصلها للآخرين. 

الحسين (ع) يقود ثورة فكرية

- الأستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات والبحوث الاستراتيجية:

في البدء ليس بالشيء الجديد على سماحة الشيخ مرتضى معاش أن يقدم هذه المضامين الفكرية والثقافية، وهو أهل لها، فعلى مدى ثمانية عشر عاما من الرفقة والعمل المشترك، كان لديه أفكار متجددة، وآراء خاصة في ثورة الإمام الحسين سلام الله عليه. ولربما أو ما يميز هذا الكتاب ويجذ الأنظار إليه هو التحدث عن العقل، قبل التحدث عن العاطفة.

تحرير العقول تعني إن الإمام الحسين عليه الاسلام يقود ثورة فكرية، ثورة إنسانية، ثورة علمية، فالإمام الحسين نظام اجتماعي متكامل، لم يترك الإمام الحسين مبدأ أو مجال من مجالات الحياة ولا فئة من فئات الناس إلا وتعامل معها، المرأة، والطفل، والكهل، والشباب وكل المراحل العمرية، وتعامل مع كل الأصناف، وتعامل حتى مع حقوق الإنسان والحيوان.

إذًا نحتاج إلى كشف مدارات كبيرة، بتوجيه البوصلة من خلال ثورة الإمام الحسين ثم نعطف على الاتجاه الثاني، وهي الثورة العاطفية التي هي في الحقيقة الأساس الذي يبنى عليه كل مرتكزات ثورة عاشوراء.

إن القرآن وُجد فيه كل شيء ونستطيع أن نأخذ منه كل شيء، كذلك الإمام الحسين هو القرآن الناطق ونستطيع أن نأخذ منه كل شيء وفي كل شيء.

الكتابة وخبرات المؤلِّف

- الأستاذ الدكتور خالد العرداوي، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:

بداية نبارك لسماحة الشيخ مرتضى معاش إصدار هذا الكتاب، وكما قال أخونا العزيز الأديب علي حسين عبيد بأن هذا الكتاب ليس صادرا باسم الشيخ وحده، وإنما هو اليوم يمثلنا جميعا، وبالنتيجة نحن نفرح لسماحة الشيخ بهذا الإصدار، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله في ميزان حسناته.

الجانب الثاني يتعلق بالقيمة الفكرية والقيمة الدينية لهذا الإصدار، تتجلى في أمرين:

الأمر الأول: هو أن المؤلِّف لم يكتب كتابه هذا وهو في مقتبل عمره، ومعنى ذلك إن الإنسان عندما يكتب في مقتبل العمر دائما يكون مشحونا بالعاطفة، ويكون مشحونا أيضا ربما بقلة الخبرة والتجربة في الحياة، وإنما كتبه في هذا العمر، وأنجزه في هذا العمر، بعد أن عمل طويلا في مراكز الأبحاث، وعمل طويلا في مجال الأفكار، وبعدما اطلع على واقع الحياة، وواقع المجتمع الذي نعيش فيه.

بالنتيجة يُقال إن الإنسان يمر بخصوص أدوار نضوجه في ثلاث مراحل، المرحلة الأولى يُقال عنه أنه مرحل الطفل، حيث يكون الإنسان فيها طفلا، والمرحلة الثانية هي الإنسان الأب، وبالتالي هو في أواسط العمر، أما المرحلة الثالثة فيُقال له الإنسان الناضج.

لذا أنا في اعتقادي أن الشيخ (المؤلِّف) عندما كتب هذا الكتاب، كتبه وهو في مرحلة النضوج التام، النضوج الفكري، والنضوج العقلي، وأيضا الإدراك لحاجات العصر، ولذلك تتجلى فيه القيمة الدينية والفكرية الكبيرة للغاية.

هذا من جانب، ومن جانب آخر هو يقوم بتكليفه الشرعي، فيما يتعلق بمقولة زكاة العلم نشره، وهو من خلال هذه المسيرة العلمية جمع معرفة كبيرة بالنهضة الحسينية، بتفاصيلها، بحاجات المجتمع، وحاجات العصر، واليوم خرجت إلى الوجود بهذه الحلّة، وهذا هو اليوم زكاة العلم، القيمة هنا هو أنه رغم مرور أكثر من ألف سنة بين النهضة الحسينية وبين الوقت الحاضر، لا زلنا نجد هنالك فجوة بين الحسين وبين واقع المسلمين.

لا زالت أهداف النهضة الحسينية لم تتحقق عند أقرب المقربين للحسين عليه السلام، حتى عند المحبين له عليه السلام، ولذلك قال عنهم علي الوردي في كثير من الأحيان (بعضهم) أنهم تراهم نُساك في النهار ولكنهم في الليل شيء آخر، ولذلك اصبحنا نحن اليوم فيما يخص السياسة العراقية بعدما ذهب الهدام في 2003 وأصبح من يُحسبون على الحسين يقودون هذا البلد نسمع بإدارة الدولة في الغرف المظلمة.

أو إدارة الدولة خلف الكواليس، هذه الغرف المظلمة وخلف الكواليس هي تمثل النهار والليل، بين أن يُظهر الإنسان للعلن بشكل، وإنسان يكون في الليل بشكل آخر، ولذلك هذه الفجوة أعتقد أن هذا الإصدار يُسهم في ردمها، وبالنتيجة نحن نحتاجه بشكل كبير وهذه قيمة كبيرة أن يكون هناك إصدار لرجل دين في مرحلة النضوج، في مرحلة إدراك لحاجة المجتمع، وفي مرحلة شعور بالتكليف بالواجب الشرعي يخرج الإصدار بهذا الشكل.

ما أتمناه عليكم شيخنا أن الله سبحانه وتعالى أن يطيل في عمرك، ويعطيك القدرة والاستطاعة أن تضيف لهذا الإصدار، إصدارات أخرى في المستقبل، والذي أرجوه أيضا هو أن تصعد المنبر لتحوّل ما ذكرته بين دفتيّ هذا الكتاب إلى كلمة مسموعة تصل إلى الناس، وتنطق بكلمة الحق دفاعا عن ابن بنت رسول الله (ص).

تجسيد النهضة الحسينية

- الأستاذ محمد علي جواد تقي، كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية:

نهنّئ سماحة الشيخ مرتضى معاش على هذا الإصدار المهم والجميل وكذلك عنوانه الجميل الذي يحمل جنبة إعلامية واضحة وقوية، حيث يجمع أو يجسد القضية الحسينية، ونحن دائما عندما نقترب من موسم إحياء المراسيم الحسينية في محرم وصفر، تثير شجوننا وما جرى على الإمام الحسين عليه السلام، وأيضا في نفس الوقت شجون الواقع الذي نعيشه.

هذا الواقع الذي هو بعيد عن أهداف النهضة الحسينية وأهداف الإمام الحسين عليه السلام والتي ضحّى من أجلها.

توجد لدي ملاحظ بغض النظر عن كون العنوان جميل، لكني عندي تعقيب مختصر، تحرير العقول أكثر ما يستهدف مسألة القيادة، قيادة الأمة، يعني الإمام الحسين سلام الله عليه خرج من المدينة ودعا إلى قضية تحرير الناس، وأن يختاروا القائد الصحيح، نحن نناقش ان هناك عاطفة وهناك بكاء ويفترض أن تكون القضية عقلانية وإلى آخره، لكن لو أننا نرجع إلى زمن الإمام الحسين عليه السلام لكي نفهم كيف حرر الإمام العقول؟

وكيف هو هداية للقلوب كمحبين للإمام، وقد سار أكثر من ألف شخص في قافلة الإمام الحسين عندما خرجوا من مكة، كلهم كانوا يحبون الإمام قلبا وقد قالها الفرزدق، (قلوبهم معك وسيوفهم عليك)، قبل أن تحدث المعركة، فهذا الموضوع يؤخذ بالنظر مستقبلا وهذه هي العبرة من نهضة الإمام الحسين، ومنها هذه القافلة، التي سارت شهرا أو شهرين.

فكيف ننتشل أو ننقذ الأمة والناس من حيرة الجهالة والتيه والضياع الموجود، وعلينا فعلا أن نعطي الحرية للمجتمع لكي يختاروا القيادة الصحيحة.

لا بأس أن تكون هناك واجهات متعددة لقيادة المجتمع، فيمكن للدينيين أن يقودوا المجتمع وكل شخص حر في اختياره لهذه الواجهة أو تلك، ويمكن لكل إنسان أن يختار هذه الجهة أو ذلك الشخص ولا توجد أية مشكلة في ذلك، لكن المهم أن يكون هناك قدوة في المجتمع، وهذه القدوة مفقودة للأسف، وكلٌ يقود نفسه.

منطلقات البحث المنهجي

- الأستاذ أحمد جويد، مدير مركز آدام للدفاع عن الحقوق والحريات:

من الناحية الشكلية ومن الناحية الموضوعية، من الناحية الشكلية هل ارتكز سماحة الشيخ (المؤلف) على منطلقات البحث العلمي والمنهجية في تأليف هذا الكتاب، هذا أولا، ثانيا، هل المؤلف أرسل هذا الكتاب قبل أن يُطبع إلى مصحح لغوي وإلى مقوّم علمي، استعان به على بعض المفردات أو أنه أرسله مباشرة إلى الطبع بدون هذه الخطوات.

البحث العلمي قضية مهمة جدا، فهل تم تأليف الكتاب على طريقة البحث الحوزوية، أو منهجية البحث العلمية، المعتمدة الآن أكاديميا، زائدا من الضروري أن يكون هناك مقوم لغوي ومقوم علمي حتى يخرج الكتاب بشكله المطلوب.

إذا رجعنا إلى العنوان فإنه جميل جدا وانتقاء المؤلف له كان موفقا، ونحن نعلم أن النخبة الحسينية صدر فيها العشرات بل المئات من الكتب، وقليل من الكتب صدر على طريقة البحث العلمي والمنهجية العلمية، باقي الكتب كُتبت أما بطريقة الجمع أو بحسب الطرق المتبعة في داخل الحوزات العلمية.

من حيث المضمون فإن مفردة تحرير العقول مفردة ضرورية جدا، وهذه المفردة لو كانت هذه القضية موجودة في زمن المواجهة مع السلطة الأموية لكان كثير من الأمور تغيرت، الآن نلاحظ بعض المناظرات التي تجري مع من عقله مقفل، لا يقبل أبدا أي فكر ولا يقبل أي حوار، ولو قبل الحوار وكان منصفا في حواره، لكان كثير من الأمور في هداية القلوب قد حصلت. 

الإمام الحسين عليه السلام في اثناء حصارهم له وقطع الماء عنه، وقبل بداية خوض المعركة، حاول كثيرا ان يتحاور مع الطرف الآخر، حاول أن يخاطب عقولهم في البداية، لكن للأسف الشديد نجد أشخاصا مثل الشمر، وكان ابن زياد وهو عبد للسلطة، وكان متجبر ومتسلط، وأشخاص مثل عمر بن سعد كانوا غارقين في حب الدنيا كما ذكر المؤلف.

وبالتالي لو كانت هذه العقول حرة، والإمام الحسين عليه السلام أكد كثيرا في ذلك الوقت على قضية أو مسألة الحرية، (كونوا أحرارا) يقول لهم، فلو كانت العقول فعلا والذهنية حرة ومتحررة، لكانت هناك هداية للقلوب. وقد لمسنا شخصية مثل شخصية الحر الرياحي حيث كان عقله متحررا فعلا، وكان فعلا يبحث عن الهداية، وبالتالي الله سبحانه وتعالى هداه إلى هذا التوفيق الكبير العظيم، أنه يتحول من معسكر إلى معسكر، يتحول من جهنم إلى الجنة والخلود والفردوس الأعلى.

لذا لو كانت هذه العقول في وقتها أو حينها متحررة لكانت كثير من القضايا تغيرت، ولكان كثيرا منهم اهتدى، والقرآن يصفهم (بل ران على قلوبهم) وهذه مشكلة القلب، وقال لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

لو كان هؤلاء الأشخاص أحرارا لكانت قلوبهم أقرب إلى الهداية من الضلال، الحقيقة العنوان كان موفقا فيه المؤلف.

الابتعاد عن الكتابة التقليدية

- الأستاذ باسم حسين الزيدي، مدير مركز الإمام الشيرازي للبحوث والدراسات:

تهنئة من القلب لسماحة الشيخ مرتضى معاش، وإن شاء الله بداية موفقة، وإن شاء الله يكون هذا الكتاب شفيعا له لدى الإمام الحسين، وأخيه أبي الفضل العباس، والسيدة زينب عليهم السلام.

مداخلتي تتمحور حول ثلاث جوانب لفرحتنا اليوم، السبب الأول هذا الطرح يعبر عن شعور العاملين في المؤسسة، فهذا الإصدار مصدر فخر لنا، السبب الثاني سماحة الشيخ مرتضى معاش فيما سبق كان يعيش صراع داخلي ودائما كان يشكو من عدم الكتابة بشبب الانشغالات الإدارية التي منعته عن الكتابة. 

إلى أن عاد إلى الكتابة بقوة من خلال تأليف هذا الكتاب الأول له، أما السبب الثالث وهو أيضا مصدر فرحتي وسعادتي أن هذا الكتاب ابتعد عن الكتابات التقليدية، حيث تناول سيرة الإمام الحسين عليه السلام.

هذا الكتاب حاول مخاطبة العقل، حاول التعويل على البناء الفكري، برصده للعقل والقلب، وذلك بتحرير العقل وصولا إلى هداية القلب، وعادة ما تكون هذه الكتب، تكون الكتابة فيها نوعا من المغامرة، أو تكون صعبة، لأنه البناء الفكري عادة ما يخاطب العقول وعادة ما تكون الكتابة فيه صعبة جدا وحذرة. 

السير فيه كالسير في حقل ألغام، لكن سماحة الشيخ وأهليته وقدرته فنحن متأكدون من أنه وصل إلى الهدف المطلوب، فالتوفيق يأتي بل كل التوفيق عندما يكون الإنسان على دراية من أمره، ويحاول أن يقرأ، وديننا وإسلامنا بُنيَ على كلمة اقرأ وأول آية نزلت من آيات القرآن الكريم هي اقرأ.

والأفضل ممن يقرأ، هو الإنسان الذي يصل إلى مرحلة التأليف، يعني الإنسان الذي يعبر مرحلة القراءة ويبدأ في مرحلة الكتابة، فهذا هو أفضل ممن يكتفي بالقراءة، يعني تكون هدايته ليست لنفسه فقط وإنما تنتشر إلى الآخرين، والأفضل منهما من يبدأ بالكتابة عن الإمام الحسين عليه السلام، يعني يصل إلى النور أو إلى نور النور.

كل التوفيق لسماحة الشيخ مرتضى معاش بهذه البداية، وإن شاء الله نتمنى أن يكون كتابه اللاحق عن الإمام علي عليه السلام، الذي سيكون خلاصة الخلاصة.

القرآن يخاطب العقول والقلوب

- الدكتور علاء الحسيني، باحث في مركز آدم للدفاع عن الحريات والحقوق:

نبارك لسماحة الشيخ مرتضى معاش هذا الإصدار العلمي وجعله الله في ميزان حسناته، الحقيقة إن العنوان ملفت كثيرا، لأنه العقل والقلب كلاهما لهما مدلول في الاصطلاح لاسيما الاصطلاح الديني، القرآن الكريم كثيرا ما يخاطب العقل، وكثيرا ما يخاطب القلب، لأنه القلوب هي أوعية. 

ولعله ينصرف العقل إلى معان مهمة جدا ومؤثرة في حياة الإنسان ولكن القلب بما أنه يمثل الحالة ما بين الضمير وما بين العقل نفسه، فبالتالي مخاطبة القلب كما ركز عليها القرآن الكريم، وتم ذكر مصطلح القلب برقم كبير جدا.

الإمام الحسين عليه السلام، بالفعل حاول أن يحرر العقول من آفات كثيرة كانت ولا زالت تهيمن على عقول كثير من الناس، وهي آفات الدنيا وحب الشهوات، وكان يود أن يهدي قلوب الناس باتجاه الهداية الإلهية الحقة والدين الحق لكي يخلصهم من نير العبودية.

عادة الأنظمة السياسية لاسيما الأنظمة الدكتاتورية ومنها النظام الأموي الذي كان حاكما في عهد الإمام الحسين عليه السلام، وكذلك الأنظمة الدكتاتورية اللاحقة، نجد أنها كثيرا ما تؤكد على مسألة التلقين ومسألة التركيز على التنشئة على قيم معينة بعيد عن قيم الدين وقيم تحكيم العفل وبصرت القلوب.

ولذلك حاول الإمام الحسين عليه السلام أن يخلص المجتمع ويخلص الأفراد من هذه الآفة الخطيرة جدا، لو نتذكر إن النظام الأموي بآلته الإعلامية، استطاع أن يصور للناس على أن الإمام علي عليه السلام لا يصلي، حتى أن بعض الشاميين تفاجأوا أن الإمام ضُرب في محراب الصلاة، هذا لم يأتي من فراغ، وإنما جاء من عمل إعلامي كبير جدا قادته الدولة بكل إمكانياتها الإعلامية والبشرية والمؤسساتية.

لذلك كانت حركة الإمام الحسين عليه السلام وما أكملته من بعده السيدة زينب عليها السلام، كنت حركة تهدف إلى توعية المجتمع، وتحرير عقولهم من هذه الخرافات التي كان يحاول النظام بثها، وكذلك يحاول من خلالها الانحراف بدين الله عن مقاصده الحقيقية، وكان يحاول أن يهدي قلوبهم لأن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة كانت دائما تركز على مسألة الهداية القلبية، والمحبة، والعاطفة باعتبار إن القلب هو مركز للعاطفة والحب.

في النهاية أتمنى لكم كل التوفيق شيخنا الفاضل، وإن شاء الله سوف يعقب هذا العمل أعمال أخرى إن شاء الله.

كيف نجعل أخلاقنا الحسينية دائمية؟

- الأستاذ حسين علي حسين، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:

لا يوم كيومك يا أبا عبد الله الحسين، بداية مباركات كثيرة لكم شيخنا الكريم، ولي ولجميع الحضور هذا المنجز الديني والعلمي لأنه كعمل يعد جزء من المؤسسة.

في أيام شهريّ محرم وصفر أقضي تقريبا عشرين يوما، أو الشهرين بأكملهما في عملية خدمة الإمام الحسين عليه السلام، هذا الشيء تعلمتُ عليه من أبي نفسه ومن أخواني، ونقلته أيضا إلى أبني رغم أنه لا يزال طفلا، (عمره أربع سنوات)، لكنه حين أستعد للذهاب إلى الموكب لا يقبل البقاء في البيت، ولابد أن يرافقني إلى الموكب الحسيني الذي نخدم فيه زوار أبي عبد الله الحسين عليه السلام.

هذا الشيء حرّك وخلق في ذهني فكرة، وهي أن الأسباب التي تدفعني خلال هذين الشهرين أن أقوم بتقديم هذه الخدمة الحسينية أو خدمة الناس، والتعامل بصورة إنسانية عالية وتقديم المساعدة بكل أشكالها، خلال هذين الشهرين أقوم بهذه الأعمال، فما هي المحفزات أو المشجعات التي يمكن أن يقدمها سماحة الشيخ مرتضى معاش ورجال الدين وكل المعنيين أن يجعلوا من هذه السلوكيات لا تقتصر على شهري محرم وصفر فقط.

وإنما تكون أعمالنا هكذا على مدى سنة كاملة (12 شهرا وليس فقط شهري محرم وصفر)، فما هي الأفكار التي من الممكن أن تُطرح لتحقيق هذا الهدف، وحتى لو تم طرح هذه الأفكار كيف يمكن أن تتحول إلى مرحلة التطبيق، بمعنى أن أساس الإنسان هي العاطفة التي تتحول إلى فكر والفكر يتحول إلى سلوك.

فكيف يمكن أن نحول هذه الفكرة إلى أعمال وخدمات وسلوكيات لا تقتصر على هذين الشهرين بل تمتد إلى كل شهور السنة الأخرى، واتباع لمنهج الإمام الحسين عليه السلام بشكل كامل، وليس الخدمة فقط وإنما جميع السلوكيات، ولا شك أن مضامين الإصدار الذي يحتفي به اليوم كادر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام طرح هذا النوع من الأفكار المهمة في مضامينه الحسينية الكبيرة، متمنيا أن أبقى على نهج الحسيني عليه السلام وفي خدمته دائما وأبدًا. 

عبودية السلطة

- الأستاذ محمد علاء الصافي، باحث في مركز الإمام الشيرازي للبحوث والدراسات:

إن اكثر ما جذب اهتمامي في هذا الكتاب هو جملة (تحرير العقول)، فبالفعل نحن الذي نحتاجه اليوم هو تحرير العقول، خاصة نلاحظ أن المجتمع غارق بنسبة كبيرة جدا بالعبودية، وأقصد العبودية الفكرية، عبودية الأشخاص، العبودية السياسية، وعبودية العشيرة، والكثير من المسميات الأخرى.

وبالنتيجة الإمام الحسين حينما خرج هذا الخروج ووصل للعراق ونقل فكره وثورته للعراق، كان همه الأول هو تحرير العقول، وهذا الشيء الذي لا زلنا نفتقده بعد مرور 1400 سنة على استشهاد الحسين عليه السلام، حتى الشخصيات التي كانت موجودة في زمان الإمام الحسين، الشخصيات الظالمة، مثل يزيد وبني أمية والشمر وعبيد الله بن زياد وغيرهم، هذه الشخصيات هي متجسدة في واقعنا اليوم.

وهي موجودة في زماننا هذا ومجسدة في شخصيات وأنظمة ظالمة وجائرة، لذلك فإن موضوع نشر فكر الإمام الحسين وكل مبادئ وأفكار أهل البيت عليهم السلام، في الدين الإسلامي هو لهداية القلوب، وصراحة إن قضية التأثّر بالإسلام وبفكر أهل البيت نراه حتى في الغرب وربما أكثر من الدول التي نعيش فيها.

الدول الغربية اليوم تعيش في صدمة، وبدأت تتحرر عقولها بسبب ما يلاحظونه من فشل الأنظمة، أو الازدواجية الموجودة في الأنظمة وقضية انتشار الظلم بشكل كبير، لذلك أنا أعتقد بأن كثرة هذه المؤلَّفات، واستمرار كتاب وباحثي المراكز والكتابة في هذا المنهج مهم جدا، وفتح الآفاق والتعاون والشراكات مع مؤسسات أخرى.

أعتقد أن العالم يحتاج إلى هذا الشيء، وأظن أننا بسبب كتابتنا قد نشعر باننا متشبعون بهذا الموضوع، لكن العالم فعلا يفتقد للكثير من هذه المؤلّفات.

تضليل وأسر العقول

- الأستاذ كمال علي، مدير تحرير شبكة النبأ المعلوماتية:

لنا الشرف بحضور هذه الحلقة النقاشية المهمة، وأنا سعيد جدا لكثير من الأسباب، أولها فرحتنا الكبيرة بهذا الإصدار المهم، وشكر لمقدم هذه الحلقة، بالنسبة لسماحة الشيخ مرتضى معاش فهو منذ 14 سنة قضيناها مع شخصه الكريم فهو يمثل الأب الروحي بالنسبة لي لأنني على يديه تعلمتُ الكثير في الشأن الصحفي والكتابة بشكل عام.

هنالك عبارة لطيفة تقول إن الكتاب أو القراءة تعني السماح للضوء بالدخول إلى العقل، وفعلا فإن عنوان هذا الكتاب المهم الذي نختفي به اليوم (الإمام الحسين عليه السلام.. تحرير العقول وهداية القلوب)، هو حل مهم لجزء من المشاكل التي يعاني منها المجتمع، وانتشال المجتمع من حالة التأخر التي تهيمن عليه. لذا فإن المجتمع يعيش التوحش المادي والفقر المعنوي أدى إلى تضليل وأسر العقول وتضليل القلوب أيضا.

هذا الكتاب قرأته من خلال المقالات والمحاضرات المنشورة، وسوف نقرأها بتمعن أكثر في الكتاب، الذي يناقش ويدعو إلى التحرك الفكري وهداية القلوب، ومن يقرأ هذا الكتاب سوف يجد الآفاق مفتوحة والفرص قائمة حيث يمكن استثمرها عن طريق النهضة الحسينية، لاسيما وأننا نعيش ايام عاشوراء وهي فعلا استمرار للرسالة الإسلامية.

أقدم هنا مجموعة من المقترحات حول هذا الكتاب من الاستفادة والاستثمار الأكبر لهذا الكتاب، من خلال الاهتمام والعناية المركزة بتسويق الكتاب، في ظل عصرنا الرقمي، هناك مجموعة من الأفكار والطريق لتسويقه بشكل جيد ومناسب، كذلك من الممكن عقد حلقة نقاشية أو ورشة لمناقشة الكتاب بدقة أكثر وبتفاصيل أكثر بعد قراءة هذا المؤلَّف.

ومن الممكن أيضا أن يُعطى هذا الكتاب إلى مفكرين وكتّاب لهم توجهات أخرى، لكي يقرأوا الكتاب للاستفادة ومعرفة مكامن الإضاءات الفكرية والأخلاقية التي يضمها هذا الكتاب، لم أرَ أحدا من الحضور الكرام يوجه سؤالا للمؤلِّف للاستفادة منه، لأننا لدينا طموح أن نسير في مثل مسيرة سماحة الشيخ مرتضى معاش في قضية التأليف.

أعتقد أن الكتابة هي نوع من التحدي للذات، فما هي أبرز التحديات التي واجهتها خلال مسيرة تأليف هذا الكتاب الديني والعلمي والمعرفي، مع تكرار التهنئة والشكر والتقدير.

وفي الختام شكر مقدم الحلقة النقاشية الأستاذ علي حسين عبيد الأخوة المشاركين الكرام في هذه الحلقة النقاشية المتميزة، على المساهمات التي قدمت إضاءات وآراء راقية حول هذا الكتاب المهم.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي